التعليق على تفسير القرطبي - سورة الإسراء (02)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

"بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، قال الإمام القرطبي رحمه الله تعالى: قوله تعالى: {وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً} [الإسراء : 4]

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ} وَقَرَأَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَأَبُو الْعَالِيَةِ" فِي الْكُتُبِ" عَلَى لَفْظِ الْجَمْعِ.

السورة واحدة في الكتاب الأصلي واحدة الفرق بينهما هذه الألف الصغيرة التي تكتب بعد التاء لتفرق بين الجمع والمفرد, ما تجدون فرق بين الصلواة والصلوات إلا هذه الألف الصغيرة ومثل الكتاب والكتب كان المصحف الإمام ما أعجم, والاختلاف في مثل هذه الأمور داخل السبع, نعم.

وَقَدْ يَرِدُ لَفْظُ الْوَاحِدِ وَيَكُونُ مَعْنَاهُ الْجَمْعُ، فَتَكُونُ الْقِرَاءَتَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ.

إذا كانت ال للجنس صار معناه الجمع جنس الكتاب, نعم.

فَتَكُونُ الْقِرَاءَتَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَمَعْنَى" قَضَيْنا" أَعْلَمْنَا وَأَخْبَرْنَا، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَقَالَ قَتَادَةُ: حَكَمْنَا، وَأَصْلُ الْقَضَاءِ الْإِحْكَامُ لِلشَّيْءِ وَالْفَرَاغُ مِنْهُ، وَقِيلَ: قَضَيْنَا أَوْحَيْنَا، وَلِذَلِكَ قَالَ:" إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ".

لأن قضى, تتعدى بنفسها ولا بالحرف؟

طالب:.......

قضى, {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه} [الإسراء : 23] وأحكم الشئ, تتعدى بنفسها وأعلمنا وأخبرنا بني إسرائيل تتعدى أيضا بنفسها, فما معنى إلى هنا, في قوله: { وقضينا إلى بني إسرائيل} إذا ضمينا قضينا معنى أوحينا, صارت التعدية بإلى تصير قضينا إلى بني إسرائيل أوحينا إلى بني إسرائيل, ما في مشكلة, أما بقية الأفعال التي فسر بها قضى هنا هي متعدية بنفسها, ظاهر ولا ما ظاهر, نعم, يعني إذا أردنا أن نفسر فعلا يبين معنى فعل متعد بحرف هل نفسره بفعل يتعدى بنفسه؟ إذًا قضينا إلى بني إسرائيل, إذا فسرنا قضينا بأعلمنا وأخبرنا نحتاج إلى "إلى" هنا؟ لسنا بحاجة إلى " إلى" لأن أعلمنا وأخبرنا يتعدى بنفسه, وإذا فسرناه بحكمنا فالحكم يكون على بني إسرائيل, وليس إلى بني إسرائيل, وإذا فسرنا قضينا بأوحينا فأوحى يتعدى بإلى, ولذا قال: إلى بني إسرائيل, وعلى قول قتادة: حكمنا, يكون معنى إلى على قضينا إلى بني إسرائيل يعني قضينا على بني إسرائيل يعني حكمنا على بني إسرائيل, فهل الأولى أن نجعل معنى إلى على؟ ويكون معنى قضينا حكمنا, أو تكون إلى على معناها باقية على أصلها ونحتاج أن نفسر قضى بأوحى؟ قضينا أوحينا, وهنا نستحضر ما قاله شيخ الإسلام رحمه الله من أن تضمين الأفعال أولى من تضمين الحروف, نعم.

وَعَلَى قَوْلِ قَتَادَةَ يَكُونُ" إِلى " بِمَعْنَى عَلَى، أَيْ قَضَيْنَا عَلَيْهِمْ وَحَكَمْنَا. وَقَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا. وَالْمَعْنِيُّ بِالْكِتَابِ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ. {لَتُفْسِدُنَّ} وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ" لَتُفْسَدُنَّ". وقرأ عِيسَى الثَّقَفِيُّ" لَتُفْسِدَنَّ". وَالْمَعْنَى فِي الْقِرَاءَتَيْنِ قَرِيبٌ، لِأَنَّهُمْ إِذَا أَفْسَدُوا فَسَدُوا، وَالْمُرَادُ بِالْفَسَادِ مُخَالَفَةُ أَحْكَامِ التَّوْرَاةِ.

إذ أنهم قرأ ابن عباس إيش؟ لتُفسَدن

طالب:..........

إيش, على رأي شيخ الإسلام تضمين الفعل أولى من تضمين الحرف يكون معنى قضينا أوحينا عشان يبقى الحرف كما هو, أوحينا إلى بني إسرائيل, وإذا كان معنى قضينا حكمنا كما يقول قتادة وابن عباس احتجنا أن نفسر إلى بعلى حكمنا تتعدى بعلى, وقرأ ابن عباس لتفسدن أي ليفسدكم غيركم, وعيسى الثقفي, لتفسدن, أفسدوا لأنهم إذا أفسدوا فسدوا يعني قراءة ابن عباس يُفسَدون, يفسدهم غيرهم وقراءة عيسى يَفسُدون, وقراءة الجماعة يفسدون هذا الفرق بين القراءات, ومعنى القراءتين تفسدن وتُفسدن واحد, لأنهم إذا أفسدهم غيرهم فسدوا بأنفسهم, نعم.

{فِي الْأَرْضِ} يُرِيدُ أَرْضَ الشَّامِ وبيت المقدس وما والاها.

في الأرض ال هنا للعهد الأرض المعهودة وهي التي سبق ذكرها {سبحان الذي أسرى بعبده من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله} الأرض التي أشير لها بالبركة الأرض المباركة التي هي حول المسجد الأقصى, نعم.

{مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ} اللام في" لَتُفْسِدُنَّ ولَتَعْلُنَّ" لَامُ قَسَمٍ مُضْمَرٍ كَمَا تَقَدَّمَ. {عُلُوًّا كَبِيراً} أَرَادَ التَّكَبُّرَ وَالْبَغْيَ وَالطُّغْيَانَ وَالِاسْتِطَالَةَ وَالْغَلَبَةَ والعدوان. قوله تعالى: {فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً} [الإسراء : 5]

قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما} أَيْ أُولَى الْمَرَّتَيْنِ مِنْ فَسَادِهِمْ.

أولاهما يعني أولى المرتين اللتين يفسدون فيهما يبعث عليهم عبادا أشداء أولي بأس شديد يسومونهم ويعذبونهم, ويجوسون ديارهم وهذا أمر محتم مقضي لابد من وقوعه في المرتين الأولى والثانية, وأما الثالثة فهي وإن عدتم عدنا, هذا الأمر متروك إلى فعلهم إن فعلوا فعل بهم, وأما المرة الأولى والثانية فهي مقضية محتمة لابد من وقوعها, نعم.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما} أَيْ أُولَى الْمَرَّتَيْنِ مِنْ فَسَادِهِمْ. {بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ} هم أهل بابل، وكان عليهم بخت نصر في المرة الأولى حين كذبوا إرميا وَجَرَحُوهُ وَحَبَسُوهُ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ قَتَادَةُ: أَرْسَلَ عَلَيْهِمْ جَالُوتَ فَقَتَلَهُمْ، فَهُوَ وَقَوْمُهُ أُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: جَاءَهُمْ جُنْدٌ من فارس يتجسسون أخبارهم ومعهم بخت نصر فَوَعَى حَدِيثَهُمْ مِنْ بَيْنِ أَصْحَابِهِ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى فَارِسَ وَلَمْ يَكُنْ قِتَالٌ، وَهَذَا فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى، فَكَانَ مِنْهُمْ جَوْسٌ خِلَالَ الدِّيَارِ لَا قَتْلَ، ذَكَرَهُ الْقُشَيْرِيُّ أَبُو نَصْرٍ.

كأنه أراد معنى جوس التجسس واستطلاع الآراء والأخبار, نعم.

وَذَكَرَ المهدوي عن مجاهد أنه جاءهم بخت نصر فَهَزَمَهُ بَنُو إِسْرَائِيلَ، ثُمَّ جَاءَهُمْ ثَانِيَةً فَقَتَلَهُمْ وَدَمَّرَهُمْ تَدْمِيرًا.

لعل هذه المرة التي هزموا فيها لم يستحكم فسادهم ولا إفسادهم, لكن لما استحكم فسادهم وإفسادهم قضى عليهم تمكن منهم فقضى عليهم, وهذه سنة إلهية, {إن تتولوا يستبدل قوما غيركم} لا تتغير ولا تتبدل, وإن عدتم عدنا وهكذا, نعم.

وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، ذَكَرَهُ النَّحَّاسُ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي خَبَرٍ فِيهِ طُولٌ: إِنَّ الْمَهْزُومَ سَنْحَارِيبُ مَلِكُ بَابِلَ، جَاءَ وَمَعَهُ سِتُّمِائَةِ أَلْفَ رَايَةٍ تَحْتَ كُلِّ رَايَةٍ مِائَةُ أَلْفِ فَارِسٍ فَنَزَلَ حَوْلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَهَزَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَأَمَاتَ جَمِيعَهُمْ إِلَّا سَنْحَارِيبَ وَخَمْسَةَ نَفَرٍ مِنْ كُتَّابِهِ.

لكن كم عددهم؟ كم يا أشرف؟

طالب: ستمائة ألف

كم يصير المجموع؟

طالب:......

ما يبلغ هذا العدد مائة ألف خمسة أصفار وخمسة أصفار عشرة أصفار ستين مليار

طالب:...........

ضف على الستة ثلاثة أصفار ستين مليار, عدة أهل الأرض عشر مرات الموجودين الآن

طالب:.......

نعم.

وَبَعَثَ مَلِكُ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَاسْمُهُ صديقَةُ فِي طلب سنحاريب فأخذ مع الخمسة، أحدهم بخت نصر، فَطَرَحَ فِي رِقَابِهِمُ الْجَوَامِعَ وَطَافَ بِهِمْ سَبْعِينَ يَوْمًا حَوْلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَإِيلِيَاءَ.

الجوامع هي الأغلال التي تجمع اليدين مع الرجلين والرقبة والعنق, نعم.

وَيَرْزُقُهُمْ كُلَّ يَوْمٍ خُبْزَتَيْنِ مِنْ شَعِيرٍ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ، ثُمَّ أَطْلَقَهُمْ فَرَجَعُوا إِلَى بَابِلَ، ثُمَّ مَاتَ سنحاريب بعد سبع سنين، واستخلف بخت نصر وَعَظُمَتِ الْأَحْدَاثُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَاسْتَحَلُّوا الْمَحَارِمَ وقتلوا نبيهم شعيا، فجاءهم بخت نصر وَدَخَلَ هُوَ وَجُنُودُهُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَقَتَلَ بَنِي إِسْرَائِيلَ حَتَّى أَفْنَاهُمْ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ مَسْعُودٍ: أَوَّلُ الْفَسَادِ قَتْلُ زَكَرِيَّا. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَسَادُهُمْ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى قَتْلُ شَعْيَا نَبِيِّ اللَّهِ فِي الشَّجَرَةِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا مات صديقة ملكهم مرج  أمرهموَتَنَافَسُوا عَلَى الْمُلْكِ وَقَتَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ مِنْ نَبِيِّهِمْ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ قُمْ فِي قَوْمِكَ أُوحِ عَلَى لِسَانِكَ، فَلَمَّا فَرَغَ مِمَّا أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ عَدَوْا عَلَيْهِ لِيَقْتُلُوهُ فَهَرَبَ فَانْفَلَقَتْ لَهُ شَجَرَةٌ فَدَخَلَ فِيهَا، وَأَدْرَكَهُ الشَّيْطَانُ فَأَخَذَ هُدْبَةً مِنْ ثَوْبِهِ فَأَرَاهُمْ إِيَّاهَا، فَوَضَعُوا الْمِنْشَارَ فِي وَسَطِهَا فَنَشَرُوهَا حَتَّى قَطَعُوهَا وَقَطَعُوهُ فِي وَسَطِهَا. وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ أَخْبَرَهُ أَنَّ زَكَرِيَّا مَاتَ مَوْتًا وَلَمْ يُقْتَلْ وَإِنَّمَا الْمَقْتُولُ شَعْيَا. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:" بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ" هُوَ سَنْحَارِيبُ مِنْ أَهْلِ نِينَوَى بِالْمَوْصِلِ مَلِكُ بَابِلَ. وَهَذَا خِلَافُ مَا قال ابن إسحاق، فالله أعلم. وقيل: إِنَّهُمُ الْعَمَالِقَةُ وَكَانُوا كُفَّارًا، قَالَهُ الْحَسَنُ. وَمَعْنَى جَاسُوا: عَاثُوا وَقَتَلُوا، وَكَذَلِكَ جَاسُوا وَهَاسُوا وَدَاسُوا، قاله ابن عزيز، وهو قول القتبي. وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ:" حَاسُوا" بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ.

ابن عزيز إيش اسم كتابه؟ كتاب صغير مشهور في غريب القرآن السجستاني, نعم.

قَالَ أبو زيد: الحوس والجوس والعوس والهوس: لطواف بِاللَّيْلِ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْجَوْسُ مَصْدَرُ قَوْلِكَ جَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ، أَيْ تَخَلَّلُوهَا فَطَلَبُوا مَا فِيهَا كَمَا يَجُوسُ الرَّجُلُ الْأَخْبَارَ أَيْ يَطْلُبُهَا، وَكَذَلِكَ الِاجْتِيَاسُ. وَالْجَوَسَانُ {بِالتَّحْرِيكِ} الطَّوَفَانُ بِاللَّيْلِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ. وَقَالَ الطَّبَرِيُّ: طَافُوا بَيْنَ الدِّيَارِ يَطْلُبُونَهُمْ وَيَقْتُلُونَهُمْ ذَاهِبِينَ وَجَائِينَ، فَجَمَعَ بَيْنَ قَوْلِ أَهْلِ اللُّغَةِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَشَوْا وَتَرَدَّدُوا بَيْنَ الدُّورِ وَالْمَسَاكِنِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: قَتَلُوكُمْ بَيْنَ بُيُوتِكُمْ، وَأَنْشَدَ لِحَسَّانَ:

وَمِنَّا الَّذِي لَاقَى بِسَيْفِ مُحَمَّدٍ ... فَجَاسَ بِهِ الْأَعْدَاءَ عَرْضَ الْعَسَاكِرِ

وَقَالَ قُطْرُبٌ: نَزَلُوا، قَالَ:

فَجُسْنَا دِيَارَهُمْ عَنْوَةً ... وَأُبْنَا بِسَادَتِهِمْ مُوثَقِينَا

{وَكانَ وَعْداً مَفْعُولًا} أَيْ قَضَاءً كائنا لا خلف فيه.

هذه المرة الأولى التي أفسدوا فيها فسلط عليهم من يذلهم ويقضي عليهم, ثم المرة الثانية كذلك وكلاهما واقع في قول عامة المفسرين كلا المرتين وقع والثالثة التي يعيشونها الآن وإن عدتم عدنا عادوا إلى الفساد والإفساد في الأرض سيعود عليهم الوبال والنكال وعد لا يخلف لكنهم الآن يبتلى بهم حتى تراجع الأمة دينه, الابتلاء سنة إلهية من أعرض عن دين الله يبتلى, حتى يعود ويراجع دينه ثم تكون الغلبة والنصر والعاقبة للمتقين الله المستعان, نعم.

قوله تعالى: {ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً} [الإسراء : 6] قَوْلُهُ تَعَالَى: {ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ} أَيِ الدَّوْلَةَ وَالرَّجْعَةَ، وَذَلِكَ لَمَّا تُبْتُمْ وَأَطَعْتُمْ. ثُمَّ قِيلَ: ذَلِكَ بِقَتْلِ دَاوُدَ جَالُوتَ أَوْ بِقَتْلِ غَيْرِهِ، عَلَى الْخِلَافِ فِي مَنْ قَتَلَهُمْ. {وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ} حَتَّى عَادَ أَمْرُكُمْ كَمَا كَانَ. {وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً} أَيْ أَكْثَرَ عَدَدًا وَرِجَالًا مِنْ عَدُوِّكُمْ. وَالنَّفِيرُ مَنْ نَفَرَ مَعَ الرَّجُلِ مِنْ عَشِيرَتِهِ، يُقَالُ: نَفِيرٌ وَنَافِرٌ مِثْلُ قَدِيرٍ وَقَادِرٍ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّفِيرُ جَمْعَ نَفْرٍ كَالْكَلِيبِ وَالْمَعِيزِ وَالْعَبِيدِ، قَالَ الشَّاعِرَ:

فَأَكْرِمْ بِقَحْطَانَ مِنْ وَالِدٍ ... وَحِمْيَرَ أَكْرِمْ بِقَوْمٍ نَفِيرَا

وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ صَارُوا بَعْدَ هَذِهِ الْوَقْعَةِ الْأُولَى أَكْثَرَ انْضِمَامًا وَأَصْلَحَ أَحْوَالًا، جَزَاءً مِنَ اللَّهِ تعالى لهم على عودهم إلى الطاعة.

ولذا لا يجزم بأن المحن شر محض, قد يكون في هذه المحن منح إذا استمروا على وضعهم وإدبارهم وانصرافهم وأجلت عقوبتهم إلى الآخرة هذا ليس من مصلحتهم كونهم يردون بقارعة تردهم إلى دينهم في الدنيا عذاب الدنيا أهون والواقع شاهد بذلك, أمم طال فسادها وإفسادها, وأخر لها العذاب وأجل للقيامة وأمم جاءها شئ من عذاب الدنيا ففاقت ورجعت وهذا خير لها في الدنيا والآخرة لكن الإشكال فيمن ابتلوا وحلت بهم المثلات وعادوا أسوأ مما كانوا كما في قوله تعالى {وما تغن الآيات والنذر عن قوم لا يعقلون} كما قال عن أهل النار {ولو ردوا لعادوا} بعد ما يرون العذاب يعودون الله المستعان, نعم.

طالب:..........

نعم, في المرة الأولى

طالب:......

الوقعتين وقعت بلا شك وهل هذه ثالثة أو رابعة الله أعلم, لكن من خلال التاريخ يبدو أنها ثالثة ما عاد لهم كرة ببيت المقدس بعد الثانية إلا هذه, نعم.

قوله تعالى: {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً} [الإسراء : 7]

قوله تعالى: {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ} أَيْ نَفْعُ إِحْسَانِكُمْ عَائِدٌ عَلَيْكُمْ. {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها} أَيْ فَعَلَيْهَا.

قالوا: أن الثانية صارت بسبب قتل يحي بن زكريا, نعم.

 نَحْوَ سَلَامٌ لَكَ، أَيْ سَلَامٌ عَلَيْكَ. قَالَ: فَخَرَّ صَرِيعًا لِلْيَدَيْنِ وَلِلْفَمِ, أَيْ عَلَى الْيَدَيْنِ وَعَلَى الْفَمِ. وَقَالَ الطَّبَرِيُّ: اللَّامُ بِمَعْنَى إِلَى، يَعْنِي وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَإِلَيْهَا، أَيْ فَإِلَيْهَا تَرْجِعُ الإساءة، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:" بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها أَيْ إِلَيْهَا. وَقِيلَ: فَلَهَا الْجَزَاءُ وَالْعِقَابُ. وَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ: فَلَهَا رَبٌّ يَغْفِرُ الْإِسَاءَةَ. ثُمَّ يُحْتَمَلُ أن يكون هذاخِطَابًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ، أَيْ أَسَأْتُمْ فَحَلَّ بِكُمُ الْقَتْلُ وَالسَّبْيُ وَالتَّخْرِيبُ ثُمَّ أَحْسَنْتُمْ فَعَادَ إِلَيْكُمُ الْمُلْكُ وَالْعُلُوُّ وَانْتِظَامُ الْحَالِ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ خُوطِبَ بِهَذَا بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي زَمَنِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَيْ عَرَفْتُمُ اسْتِحْقَاقَ أَسْلَافِكُمْ لِلْعُقُوبَةِ عَلَى الْعِصْيَانِ فَارْتَقِبُوا مِثْلَهُ. أَوْ يَكُونُ خِطَابًا لِمُشْرِكِي قُرَيْشٍ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. {فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ} مِنْ إِفْسَادِكُمْ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ قَتَلُوا فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، قَتَلَهُ مَلِكٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ يُقَالُ لَهُ لَاخِتُ، قَالَهُ القتبي.

ذكر الله جل وعلا عنهم أنهم يقتلون, وجاء في التاريخ أنهم يقتلون قتلوا في يوم واحد سبعين نبيا شرهم مستطار, ضررهم تعدى مع ما أوتوا من نعم تترى مع تفضيلهم على العالمين لكنهم تمادوا في شرهم وإفسادهم فضربت عليهم الذلة والمسكنة ولن ترفع إلى يوم القيامة, والله المستعان, نعم. ولولا هذا الحبل من الناس ما قامت لهم قائمة لولا أن وراءهم ما وراءهم من قوى الكفر بنو إسرائيل مضروب عليهم الذلة والمسكنة إلى يوم القيامة ولا يستطيعون أن يستقلوا بأنفسهم لابد من حبل من الله أو من الناس والحبل الذي بينهم وبين الله مقطوع إذًا من الناس وهذا واضح ظاهر, نعم.

طالب:.............

لكن الحبل من الناس ظاهر هؤلاء لهم مدد من الكفر هم أضعف الناس وأجبن الناس لكن هناك من يقوم وراءهم, نعم.

طالب:..............

نعم, لكن هذا ما يستقلون بالقوة لابد أن يكون حبل ممدود مع الناس, لا تظن أن القوة كثرة المال أبدا, ناس عندهم أموال الدنيا وهم أجبن الناس, فلا يمكن أن يستقلوا بهذا الطغيان إطلاقا لو انقطع الإمداد والدعم المادي والمعنوي ما قامت لهم قائمة.

طالب:........

حتى أموالهم إيش تساوي لهم صار لهم الضعف والذلة والمسكنة سجية فيهم أجبن الناس لكن مدعومين فما فيه فائدة, مدعومين للابتلاء أيضا يعني لولا هذه الأمة مستحقة لهذه العقوبة ما قامت لهم قائمة وكون هذه الأمة تحتاج لمثل هذا التأديب وكونهم خير أمة أخرجت للناس لأنهم تركوا ما فيه عزهم ويوجب هوانهم على الناس وضعفهم لكنها أعرضت عن دين الله فاستحقت شيئا يردها إلى حظيرة الدين ما سلط عليها أمة قوية سلط عليها أهون الخلق وأذلهم مبالغة في النكاية, فرق أن يقال: فلان قتله الأسد, وفلان قتله خنفسة أو نقره عصفور فماتو كيف مات من نقرة عصفور؟ لكن إذا قيل فلان قتله أسد, علشان إيش مبالغة في النكاية بهم لبيان أنهم وصلوا لمستوى من الذل والهوان بحيث أهانهم وأذلهم أرذل الناس والعلاج معروف, ما فيه إلا مراجعة الدين, نعم.

طالب:......

لا, أبدا كلهم بهذا الشكل ذل لا يفارقهم, نعم.

وَقَالَ الطَّبَرِيُّ: اسْمُهُ هِرْدُوسُ، ذَكَرَهُ فِي التَّارِيخِ، حَمَلَهُ عَلَى قَتْلِهِ امْرَأَةٌ اسْمُهَا أَزْبِيلُ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: كَانَ مَلِكُ بَنِي إِسْرَائِيلَ يُكْرِمُ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا وَيَسْتَشِيرُهُ فِي الْأَمْرِ، فَاسْتَشَارَهُ الْمَلِكُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِنْتَ أَمْرَأَةٍ لَهُ فَنَهَاهُ عَنْهَا وَقَالَ: إِنَّهَا لَا تَحِلُّ لَكَ، فَحَقَدَتْ أُمُّهَا عَلَى يَحْيَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، ثُمَّ أَلْبَسَتِ ابْنَتَهَا ثِيَابًا حُمْرًا رِقَاقًا وَطَيَّبَتْهَا وَأَرْسَلَتْهَا إِلَى الْمَلِكِ وَهُوَ عَلَى شَرَابِهِ، وَأَمَرَتْهَا أَنْ تَتَعَرَّضَ لَهُ، وَإِنْ أَرَادَهَا أَبَتْ حَتَّى يُعْطِيَهَا مَا تَسْأَلُهُ، فَإِذَا أَجَابَ سَأَلَتْ أَنْ يُؤْتَى بِرَأْسِ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا فِي طَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ حَتَّى أُتِيَ بِرَأْسِ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا وَالرَّأْسُ تَتَكَلَّمُ حَتَّى وُضِعَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ: لَا تَحِلُّ لَكَ، لَا تَحِلُّ لَكَ،

نعم كل من أراد تمرير مشروع إفساد لابد أن يدخل فيه هذا العنصر حجج شيطانية حيل شيطانية الرجل يكرم نبي من الأنبياء, هذا جرت عادته بذلك وهو نبي من الأنبياء يعني لو من سائر الناس أمره ساهل, وشاية واشي فانقلب عليه, لكن نبي ما في إلا من هذا الطريق الخمر والنساء, نسأل الله العافية, نعم.  

فَلَمَّا أَصْبَحَ إِذَا دَمُهُ يَغْلِي، فَأَلْقَى عَلَيْهِ التُّرَابَ فَغَلَى فَوْقَهُ، فَلَمْ يَزَلْ يُلْقِي عَلَيْهِ التُّرَابَ حَتَّى بَلَغَ سُوَرَ الْمَدِينَةِ وَهُوَ فِي ذَلِكَ يَغْلِي، ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيُّ وَغَيْرُهُ.

نكره ظاهرة يتداول عن بني إسرائيل لكن نكرة ظاهره, نعم.

وَذَكَرَ ابْنُ عَسَاكِرَ الْحَافِظُ فِي تَارِيخِهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: كَانَ مَلِكٌ مِنْ هَذِهِ الْمُلُوكِ مَاتَ وَتَرَكَ امْرَأَتَهُ وَابْنَتَهُ فَوَرِثَ مُلْكَهُ أَخُوهُ، فَأَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةَ أَخِيهِ، فَاسْتَشَارَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا فِي ذَلِكَ، وَكَانَتِ الْمُلُوكُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ يَعْمَلُونَ بِأَمْرِ الْأَنْبِيَاءِ، فَقَالَ لَهُ: لَا تَتَزَوَّجُهَا فَإِنَّهَا بَغِيٌّ، فَعَرَفَتْ ذَلِكَ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَهَا وَصَرَفَهُ عَنْهَا، فَقَالَتْ: مِنْ أَيْنَ هَذَا! حَتَّى بَلَغَهَا أَنَّهُ مِنْ قِبَلِ يَحْيَى، فَقَالَتْ: لَيَقْتُلَنَّ يَحْيَى أَوْ لَيَخْرُجَنَّ مِنْ مُلْكِهِ، فَعَمَدَتْ إِلَى ابْنَتِهَا وَصَنَّعَتْهَا، ثُمَّ قَالَتْ: اذْهَبِي إِلَى عَمِّكِ عِنْدَ الْمَلَأِ فَإِنَّهُ إِذَا رَآكِ سَيَدْعُوكِ وَيُجْلِسُكِ فِي حِجْرِهِ، وَيَقُولُ سَلِينِي مَا شِئْتِ، فَإِنَّكِ لَنْ تَسْأَلِينِي شَيْئًا إِلَّا أَعْطَيْتُكِ، فَإِذَا قَالَ لَكِ ذَلِكَ فَقُولِي: لَا أَسْأَلُ إِلَّا رَأْسَ يَحْيَى. قَالَ: وَكَانَتِ الْمُلُوكُ إِذَا تَكَلَّمَ أَحَدُهُمْ بِشَيْءٍ عَلَى رُءُوسِ الْمَلَأِ ثُمَّ لَمْ يَمْضِ لَهُ نُزِعَ مِنْ مُلْكِهِ، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ. قَالَ: فَجَعَلَ يَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ قتله يحيى،وَجَعَلَ يَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ خُرُوجِهِ مِنْ مُلْكِهِ، فَاخْتَارَ مُلْكَهُ فَقَتَلَهُ. قَالَ: فَسَاخَتْ بِأُمِّهَا الْأَرْضُ. قَالَ ابْنُ جُدْعَانَ: فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ ابْنَ الْمُسَيَّبِ فَقَالَ أَفَمَا أَخْبَرُكَ كَيْفَ كَانَ قَتْلُ زكريا؟ قلت لا، إِنَّ زَكَرِيَّا حَيْثُ قُتِلَ ابْنُهُ انْطَلَقَ هَارِبًا مِنْهُمْ وَاتَّبَعُوهُ حَتَّى أَتَى عَلَى شَجَرَةٍ ذَاتِ سَاقٍ فَدَعَتْهُ إِلَيْهَا فَانْطَوَتْ عَلَيْهِ وَبَقِيَتْ مِنْ ثَوْبِهِ هُدْبَةٌ تَكْفِتُهَا الرِّيَاحُ، فَانْطَلَقُوا إِلَى الشَّجَرَةِ فَلَمْ يَجِدُوا أَثَرَهُ بَعْدَهَا، وَنَظَرُوا بِتِلْكَ الْهُدْبَةِ فَدَعَوْا بِالْمِنْشَارِ فَقَطَعُوا الشَّجَرَةَ فَقَطَعُوهُ مَعَهَا. قُلْتُ: وَقَعَ فِي التَّارِيخِ الْكَبِيرِ لِلطَّبَرِيِّ فَحَدَّثَنِي أَبُو السَّائِبِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ الْمِنْهَالِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: بعث عيسى بن مَرْيَمَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا فِي اثْنَيْ عَشَرَ مِنَ الْحَوَارِيِّينَ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ، قَالَ: كَانَ فِيمَا نَهَوْهُمْ عَنْهُ نِكَاحُ ابْنَةِ الْأَخِ، قَالَ: وَكَانَ لِمَلِكِهِمُ ابْنَةُ أَخٍ تُعْجِبُهُ ... وَذَكَرَ الْخَبَرَ بِمَعْنَاهُ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بُعِثَ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا فِي اثْنَيْ عَشَرَ مِنَ الْحَوَارِيِّينَ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ.

لكن مثل هذا إذا خيف ضرره وشره ينظر له إلى وجه ولو شاذ يعني في هذه السورة على وجه الخصوص نكاح بنت الأخ عندهم محرم, لكن في غيرها يوجد له وجه شاذ مثلا أو تأويل بعيد ليؤمن شره مثل ما حصل لتيمور, ورث زوجات أبيه الأربع يتزوجهن على طريقتهم, قال علماء المسلمين: هو قد ادعى الإسلام أسلم ظاهرا, قال له علماء المسلمين: زوجات أبيك حرام عليك كأنهم قالوا هذا فيما بينهم, لابد أن يصارحوه بهذا الأمر ما دام أسلم يترك زوجات أبيه, فقال واحد من العلماء: لو قلنا له هذا الكلام ارتد وانقض علينا, شره معروف مستطير على الأمة والتاريخ محفوظ, فقال واحد منهم: ألا يمكن أن يخرج فعله على وجه صحيح؟ فيقال: إن نكاح أبيه لهؤلاء النسوة بعقد باطل, لنأمن شره يمكن أن يخرج إذا خيف من الضرر البالغ, تيمور من عرف سيرته؟ شر مستطير على الأمة ثم ادعى الإسلام وكان تحته أربع من زوجات أبيه فقال واحد منهم: ألا يمكن أن يخرج فعله على وجه صحيح أضعف من الضعيف, يمكن هذا أو لا يمكن؟

طالب:..........

مجزوم بيرتد وينقلب عليهم فارتكاب أخف الضررين معروف في الشريعة, يعني لو أسلم مسلم جديد, إن قلت له: اغتسل, قال: لا, فارتد, ما تقول له صل على حسب حالك, ينظر به حتى يخالط الإيمان قلبه, ثم بعد ذلك يخبر بالشرائع بالتدريج.

طالب:...........

وين, الختان نص صريح, وصارت عليه خطر لو اختتن ما يمكن أن يختتن, الآن لو اسلم مسلم جديد يبادر بالاختتان؟ الأصل يبادر, ألق عنك شعر الكفر واختتن, هذا الأصل لكن غذا خيف من رجعته وردته, هذا ضرره على نفسه, لكن لو كان مثل تيمور ضرره على الأمة, أتدرون مثل ما فعل في دمشق وأهل دمشق؟ يعني ما تقرأون التاريخ,

طالب:........

نعم, ماذا صنع تيمور؟ بدمشق وغيرها من البلاد لكن فعل بدمشق ما لم يفعله أحد, ليست المشكلة فيه وزوجاته النار تحرقهم, لكن المشكلة في المسلمين, صحيح لا شك أن هذا مستحسن من قبل أهل العلم, هنا مهنى نبي يقتل أو يهدر دمه أو يتزوج إن شاء الله تدخل جهنم وياه, ضرره على نفسه, لكن يا إخوان بالنسبة لوضع النبي لابد من ارتكابه العزيمة ليس له أن يتأول, ولو ترتب على ذلك قتله, لأنه لا يمكن أن يبين الحق إلا بهذه الطريقة, ولابد في الأمة من يقوم في أمر الله ولو ترتب عليه ما ترتب ثم بعد ذلك إذا بان الحق من يتاول يتأول, خاف على نفسه يمكن وهذا حصل, {إلا أن تتقوا منهم تقاة} {إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان} لكن ما يمكن أن تطبق الأمة على الرخصة, لأنه كما حصل في فتنة خلق القرآن الإمام أحمد تحمل العزيمة والنتائج المترتبة عليها, وبذلك استحق الإمامة إمامة أهل السنة وبقية أهل العلم من اختفى ومن تأول, المفصود هنا بين أن يقتل هذا النبي وأن يتزوج بنت أخيه, لو سأل غير النبي له أن يتأول, لكن إذا سأل النبي وأجابه النبي صار شرعا, وليس لنبي أن يتأول, لأنه إذا نطبق صار نطقه شرعا لأنه مبلغ عن الله عز وجل, إنما غيره إذا قام غيره بالحجة له أن يتأول والله المستعان.

طالب:............

لا, العكس الأكثر يقول ما يجوز له, لكن هذه مبادرة من شخص رأى فيها المصلحة ووافقوا عليها, لكن الآن في حالة ضعف شديد حال الأمة في وقت تيمور أوائل القرن التاسع, ضعف ضعف لا نظير له, اللهم إلا نعيشه في ظروفنا الآن, لكن في حال ضعف شديد ليس لهم قائمة ولا راية ولا, مستضعفين أي بلد يسمع ما حدث في دمشق يستسلم قبل أن يحدث شئ.

طالب:.........

إعلان الجهاد قبل الاستعداد هذا لا شك فيه ما فيه قبل العتاد.

طالب:........

ضعف شديد لكن لعل الله يبعث لدينه من ينصره, الأمة لو راجعت أنفسها, لأن أكثر ما يوق الأمة من قوتها ما تعيشه من منكرات وجرائم في أنفسها هذا أشد ما يعين العدو على النفس, نحن بحاجة إلى إصلاح مجتمعاتنا قبل, فإذا صلحت الأمر سهل  ارتفع شأن الأمة ورفع عنها الذل والهوان والضعف, والله المستعان, نعم.

وَكَانَ فِيمَا يُعَلِّمُونَهُمْ يَنْهَوْنَهُمْ عَنْ نِكَاحِ بِنْتِ الْأُخْتِ، وَكَانَ لِمَلِكِهِمْ بِنْتُ أُخْتٍ تُعْجِبُهُ، وَكَانَ يُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، وَكَانَ لَهَا كُلَّ يَوْمٍ حَاجَةٌ يَقْضِيهَا، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ أُمَّهَا أَنَّهُمْ نُهُوا عَنْ نِكَاحِ بِنْتِ الْأُخْتِ قَالَتْ لها: إذا دخلت على الملك وقال أَلَكِ حَاجَةٌ فَقُولِي: حَاجَتِي أَنْ تَذْبَحَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا، فَقَالَ: سَلِينِي سِوَى هَذَا! قَالَتْ: مَا أَسْأَلُكَ إِلَّا هَذَا. فَلَمَّا أَبَتْ عَلَيْهِ دَعَا بِطَسْتٍ وَدَعَا بِهِ فَذَبَحَهُ، فَنَدَرَتْ قَطْرَةٌ مِنْ دَمِهِ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَلَمْ تَزَلْ تغلى حتى بعث الله عليهم بخت نصر فَأَلْقَى فِي نَفْسِهِ أَنْ يَقْتُلَ عَلَى ذَلِكَ الدَّمِ مِنْهُمْ حَتَّى يَسْكُنَ ذَلِكَ الدَّمُ، فَقَتَلَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ سَبْعِينَ أَلْفًا، فِي رِوَايَةٍ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ أَلْفًا. قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: هِيَ دِيَةُ كُلِّ نَبِيٍّ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَوْحَى اللَّهُ إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي قَتَلْتُ بِيَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا سَبْعِينَ أَلْفًا، وَإِنِّي قَاتِلٌ بِابْنِ ابْنَتِكَ سَبْعِينَ أَلْفًا وَسَبْعِينَ أَلْفًا. وَعَنْ سُمَيرِ بْنِ عَطِيَّةَ قَالَ: قُتِلَ عَلَى الصَّخْرَةِ الَّتِي فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ سَبْعُونَ نَبِيًّا مِنْهُمْ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا. وَعَنْ زَيْدِ بْنِ وَاقِدٍ قَالَ: رَأَيْتُ رَأْسَ يَحْيَى عَلَيْهِ السَّلَامُ

حَيْثُ أَرَادُوا بِنَاءَ مَسْجِدِ دِمَشْقَ أُخْرِجَ مِنْ تَحْتِ رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِ الْقُبَّةِ التي تلى المحراب مِمَّا يَلِي الشَّرْقَ، فَكَانَتِ الْبَشَرَةُ وَالشَّعْرُ عَلَى حَالِهِ لَمْ يَتَغَيَّرْ. وَعَنْ قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: مَا بَكَتِ السَّمَاءُ عَلَى أَحَدٍ إِلَّا عَلَى يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا وَالْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَحُمْرَتُهَا بُكَاؤُهَا. وَعَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ: أَوْحَشُ مَا يَكُونُ ابْنُ آدَمَ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاطِنَ: يَوْمَ وُلِدَ فَيَخْرُجُ إِلَى دَارِ هَمٍّ، وَلَيْلَةَ يَبِيتُ مَعَ الْمَوْتَى فَيُجَاوِرُ جِيرَانًا لَمْ يَرَ مِثْلَهُمْ، وَيَوْمَ يُبْعَثُ فَيَشْهَدُ مَشْهَدًا لَمْ يَرَ مِثْلَهُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِيَحْيَى فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ مَوَاطِنَ:" وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا كُلُّهُ مِنَ التَّارِيخِ الْمَذْكُورِ.

طالب:....

شو؟ مظبوط عندك يراجع. نعم

طالب:.......

شو؟ الكبير ولا الصغير الصغير ضعيف جدا مكثر التفسير مكثر الضعف الكبير من رواة السنن, نعم.

وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ كَانَ الْمَبْعُوثُ عَلَيْهِمْ في المرة الآخرة، فقيل: بخت نصر. وَقَالَهُ الْقُشَيْرِيُّ أَبُو نَصْرٍ، لَمْ يَذْكُرْ غَيْرَهُ. قَالَ السُّهَيْلِيُّ: وَهَذَا لَا يَصِحُّ، لِأَنَّ قَتْلَ يحيى كان بعد رفع عيسى، وبخت نصر كَانَ قَبْلَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ بِزَمَانٍ طَوِيلٍ.، وَقَبْلَ الْإِسْكَنْدَرِ، وَبَيْنَ الْإِسْكَنْدَرِ وَعِيسَى نَحْوٌ مِنْ ثَلَاثمِائَةِ سَنَةٍ، وَلَكِنَّهُ أُرِيدَ بِالْمَرَّةِ الأخرى حين قتلوا شعيا، فقد كان بخت نصر إِذْ ذَاكَ حَيًّا، فَهُوَ الَّذِي قَتَلَهُمْ وَخَرَّبَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَأَتْبَعَهُمْ إِلَى مِصْرَ. وَأَخْرَجَهُمْ مِنْهَا. وقال الثعلبي: ومن روى أن بخت نصر هُوَ الَّذِي غَزَا بَنِي إِسْرَائِيلَ عِنْدَ قَتْلِهِمْ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا فَغَلَطٌ عِنْدَ أَهْلِ السِّيَرِ والاخبار، لأنهم مجمعون على أن بخت نصر إِنَّمَا غَزَا بَنِي إِسْرَائِيلَ عِنْدَ قَتْلِهِمْ شَعْيَا وفى عهد إرميا. قالوا: ومن عهد إرميا وتخريب بخت نصر بَيْتَ الْمَقْدِسِ إِلَى مَوْلِدِ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا عَلَيْهِمَا السَّلَامُ أَرْبَعُمِائَةِ سَنَةٍ وَإِحْدَى وَسِتُّونَ سَنَةً، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ يَعُدُّونَ مِنْ عَهْدِ تَخْرِيبِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ إِلَى عِمَارَتِهِ فِي عَهْدِ كُوسَكَ سَبْعِينَ سَنَةً، ثُمَّ مِنْ بَعْدِ عِمَارَتِهِ إِلَى ظُهُورِ الإسكندر على بت الْمَقْدِسِ ثَمَانِيَةً وَثَمَانِينَ سَنَةً، ثُمَّ مِنْ بَعْدِ مَمْلَكَةِ الْإِسْكَنْدَرِ إِلَى مَوْلِدِ يَحْيَى ثَلَاثَمَائَةٍ وَثَلَاثًا وَسِتِّينَ سَنَةً. قُلْتُ: ذَكَرَ جَمِيعَهُ الطَّبَرِيُّ فِي التَّارِيخِ رَحِمَهُ اللَّهُ. قَالَ الثَّعْلَبِيُّ: وَالصَّحِيحُ مِنْ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: لَمَّا رَفَعَ اللَّهُ عِيسَى مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ وقتلوا يحيى- وبعض النَّاسِ يَقُولُ: لَمَّا قَتَلُوا زَكَرِيَّا- بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ مَلِكًا مِنْ مُلُوكِ بَابِلَ يُقَالُ لَهُ: خَردُوسُ، فَسَارَ إِلَيْهِمْ بِأَهْلِ بَابِلَ وَظَهَرَ عَلَيْهِمْ بِالشَّأْمِ، ثُمَّ قَالَ لِرَئِيسِ جُنُودِهِ: كُنْتُ حَلَفْتُ بِإِلَهِي لَئِنْ أَظْهَرَنِي اللَّهُ عَلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَأَقْتُلَنَّهُمْ حَتَّى تَسِيلَ دِمَاؤُهُمْ فِي وَسَطِ عَسْكَرِي، وَأَمَرَ أَنْ يَقْتُلَهُمْ حَتَّى يَبْلُغَ ذَلِكَ مِنْهُمْ، فَدَخَلَ الرَّئِيسُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَوَجَدَ فِيهَا دِمَاءً تَغْلِي، فَسَأَلَهُمْ فَقَالُوا: دَمُ قُرْبَانٍ قَرَّبْنَاهُ فَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَّا مُنْذُ ثَمَانِينَ سَنَةً. قَالَ مَا صَدَقْتُمُونِي، فَذَبَحَ عَلَى ذَلِكَ الدَّمِ سَبْعَمِائَةٍ وَسَبْعِينَ رَجُلًا مِنْ رُؤَسَائِهِمْ فَلَمْ يَهْدَأْ، فَأَتَى بِسَبْعِمِائَةِ غُلَامٍ مِنْ غِلْمَانِهِمْ فَذُبِحُوا عَلَى الدَّمِ فَلَمْ يَهْدَأْ، فَأَمَرَ بِسَبْعَةِ آلَافٍ مِنْ سَبْيِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ فَذَبَحَهُمْ عَلَى الدَّمِ فَلَمْ يَبْرُدْ، فَقَالَ: يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ، اصْدُقُونِي قَبْلَ أَلَّا أَتْرُكَ مِنْكُمْ نَافِخُ نَارٍ مِنْ أُنْثَى وَلَا مِنْ ذَكَرٍ إِلَّا قَتَلْتُهُ. فَلَمَّا رَأَوُا الْجَهْدَ قَالُوا: إِنَّ هَذَا دَمُ نَبِيٍّ مِنَّا كَانَ يَنْهَانَا عَنْ أُمُورٍ كَثِيرَةٍ مِنْ سُخْطِ اللَّهِ فَقَتَلْنَاهُ، فَهَذَا دَمُهُ، كَانَ اسْمُهُ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا، مَا عَصَى اللَّهَ قَطُّ طَرْفَةَ عَيْنٍ وَلَا هَمَّ بِمَعْصِيَةٍ. فَقَالَ: الْآنَ صَدَقْتُمُونِي، وَخَرَّ سَاجِدًا ثُمَّ قَالَ: لِمِثْلِ هَذَا يُنْتَقَمُ مِنْكُمْ، وَأَمَرَ بِغَلْقِ الْأَبْوَابِ وَقَالَ: أَخْرِجُوا مَنْ كَانَ هَاهُنَا مِنْ جَيْشِ خَردُوسَ، وَخَلَا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ وَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ يَا يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا قَدْ عَلِمَ رَبِّي وَرَبُّكَ مَا قَدْ أَصَابَ قَوْمَكَ مِنْ أَجْلِكَ، فَاهْدَأْ بِإِذْنِ اللَّهِ قَبْلَ أَلَّا أُبْقِيَ مِنْهُمْ أَحَدًا. فَهَدَأَ دَمُ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَرَفَعَ عَنْهُمُ الْقَتْلَ وَقَالَ: رَبِّ إِنِّي آمَنْتُ بِمَا آمَنَ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَصَدَّقْتُ بِهِ، فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى رَأْسٍ مِنْ رُءُوسِ الْأَنْبِيَاءِ: إِنَّ هَذَا الرَّئِيسَ مُؤْمِنٌ صَدُوقٌ. ثُمَّ قَالَ: إِنَّ عَدُوَّ اللَّهِ خَرْدُوسَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْتُلَ مِنْكُمْ حَتَّى تَسِيلَ دِمَاؤُكُمْ وَسَطَ عَسْكَرِهِ، وَإِنِّي لَا أَعْصِيهِ، فَأَمَرَهُمْ فَحَفَرُوا خَنْدَقًا وَأَمَرَ بِأَمْوَالِهِمْ مِنَ الْإِبِلِ وَالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ فَذَبَحُوهَا حَتَّى سَالَ الدَّمُ إِلَى الْعَسْكَرِ، وَأَمَرَ بِالْقَتْلَى الَّذِينَ كَانُوا قُتِلُوا قَبْلَ ذَلِكَ فَطُرِحُوا عَلَى مَا قُتِلَ مِنْ مَوَاشِيهِمْ، ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُمْ إِلَى بَابِلَ، وَقَدْ كَادَ أَنْ يُفْنِيَ بنى إسرائيل. قُلْتُ: قَدْ وَرَدَ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ فِيهِ طُولٌ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ، وَقَدْ كَتَبْنَاهُ فِي {كِتَابِ التَّذْكِرَةِ} مُقَطَّعًا فِي أَبْوَابٍ فِي أَخْبَارِ الْمَهْدِيِّ، نَذْكُرُ مِنْهَا هُنَا مَا يُبَيِّنُ مَعْنَى الْآيَةِ وَيُفَسِّرُهَا حَتَّى لَا يُحْتَاجَ مَعَهُ إِلَى بَيَانٍ، قَالَ حُذَيْفَةُ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ كَانَ بَيْتُ الْمَقْدِسِ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا جَسِيمَ الْخَطَرِ عَظِيمَ الْقَدْرِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" هُوَ مِنْ أَجَلِّ الْبُيُوتِ ابْتَنَاهُ اللَّهُ لِسُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَدُرٍّ وَيَاقُوتٍ وَزُمُرُّدٍ": وَذَلِكَ أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ لَمَّا بَنَاهُ سَخَّرَ اللَّهُ لَهُ الْجِنَّ فَأَتَوْهُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مِنَ الْمَعَادِنِ، وَأَتَوْهُ بِالْجَوَاهِرِ وَالْيَاقُوتِ وَالزُّمُرُّدِ، وَسَخَّرَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ الْجِنَّ حَتَّى بَنَوْهُ مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ. قَالَ حُذَيْفَةُ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ أُخِذَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمَّا عَصَوُا اللَّهَ وَقَتَلُوا الْأَنْبِيَاءَ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بخت نصر وَهُوَ مِنَ الْمَجُوسِ وَكَانَ مُلْكُهُ سَبْعَمِائَةِ سَنَةٍ، وَهُوَ قَوْلُهُ:" فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعْداً مَفْعُولًا" فَدَخَلُوا بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَقَتَلُوا الرِّجَالَ وَسَبَوُا النِّسَاءَ وَالْأَطْفَالَ وَأَخَذُوا الْأَمْوَالَ وَجَمِيعَ مَا كَانَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ فَاحْتَمَلُوهَا عَلَى سَبْعِينَ أَلْفًا وَمِائَةِ أَلْفِ عَجَلَةٍ حَتَّى أَوْدَعُوهَا أَرْضَ بَابِلَ، فَأَقَامُوا يَسْتَخْدِمُونَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ويَسْتَمْلِكُونَهُمْ بِالْخِزْيِ وَالْعِقَابِ وَالنَّكَالِ مِائَةَ عَامٍ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ رَحِمَهُمْ فَأَوْحَى إِلَى مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ فَارِسَ أَنْ يَسِيرَ إِلَى الْمَجُوسِ فِي أَرْضِ بَابِلَ، وَأَنْ يَسْتَنْقِذَ مَنْ فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَسَارَ إِلَيْهِمْ ذَلِكَ الْمَلِكُ حَتَّى دَخَلَ أَرْضَ بَابِلَ فَاسْتَنْقَذَ مَنْ بَقِيَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ أَيْدِي الْمَجُوسِ وَاسْتَنْقَذَ ذَلِكَ الْحُلِيَّ الَّذِي كَانَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَرَدَّهُ اللَّهُ إِلَيْهِ كَمَا كَانَ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَقَالَ لَهُمْ: يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنْ عُدْتُمْ إِلَى الْمَعَاصِي عُدْنَا عَلَيْكُمْ بِالسَّبْيِ وَالْقَتْلِ، وَهُوَ قَوْلُهُ:" عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا" فَلَمَّا رَجَعَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ عَادُوا إِلَى الْمَعَاصِي فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَلِكُ الرُّومِ قَيْصَرَ، وَهُوَ قَوْلُهُ:" فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً" فَغَزَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ فَسَبَاهُمْ وَقَتَلَهُمْ وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ، وَأَخَذَ حُلِيَّ جَمِيعِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَاحْتَمَلَهُ عَلَى سَبْعِينَ أَلْفًا وَمِائَةِ أَلْفِ عَجَلَةٍ حَتَّى أَوْدَعَهُ فِي كَنِيسَةِ الذَّهَبَ، فَهُوَ فِيهَا الْآنَ حَتَّى يَأْخُذَهُ الْمَهْدِيُّ فَيَرُدَّهُ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَهُوَ أَلْفُ سَفِينَةٍ وَسَبْعُمِائَةِ سَفِينَةٍ يُرْسَى بِهَا عَلَى يَافَا حَتَّى تُنْقَلَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَبِهَا يَجْمَعُ اللَّهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ ... " وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

خرج, خرج الحديث

طالب:........

واضح واضح

طالب:.........

وإن عدتم عدنا ظاهرة ما هو صحيح, نعم.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ} أَيْ مِنَ الْمَرَّتَيْنِ، وَجَوَابُ" إِذَا" مَحْذُوفٌ، تَقْدِيرُهُ بَعَثْنَاهُمْ، دَلَّ عليه" بَعَثْنا" الأول. {لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ} أَيْ بِالسَّبْيِ وَالْقَتْلِ فَيَظْهَرُ أَثَرُ الْحُزْنِ في وجوهكم، ف" لِيَسُوؤُا" مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ، أَيْ بَعَثْنَا عِبَادًا لِيَفْعَلُوا بِكُمْ مَا يَسُوءُ وُجُوهَكُمْ. قِيلَ: الْمُرَادُ بِالْوُجُوهِ السَّادَةُ، أَيْ لِيُذِلُّوهُمْ. وَقَرَأَ الْكِسَائِيُّ" لِنَسُوءَ" بِنُونٍ وَفَتْحِ الْهَمْزَةِ، فِعْلُ مُخْبِرٍ عَنْ نَفْسِهِ مُعَظَّمٍ، اعْتِبَارًا بِقَوْلِهِ: وَقَضَيْنَا وَبَعَثْنَا وَرَدَدْنَا". وَنَحْوُهُ عَنْ عَلِيٍّ.

العرب تؤكد فعل الواحد بضمير الجمع, يقول البخاري رحمه الله في تفسير إنا أنزلناه من صحيحه, العرب تؤكد فعل الواحد بضمير الجمع, نعم.

وتصديقها قراءة أبى" لنسوأن" بِالنُّونِ وَحَرْفِ التَّوْكِيدِ. وَقَرَأَ أَبُو بَكْرٍ وَالْأَعْمَشُ وَابْنُ وَثَّابٍ وَحَمْزَةُ وَابْنُ عَامِرٍ" لِيَسُوءَ" بِالْيَاءِ عَلَى التَّوْحِيدِ وَفَتْحِ الْهَمْزَةِ، وَلَهَا وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا- لِيَسُوءَ اللَّهُ وُجُوهَكُمْ. وَالثَّانِي- لِيَسُوءَ الْوَعْدُ وُجُوهَكُمْ. وقرا الباقون" لِيَسُوؤُا" بِالْيَاءِ وَضَمِّ الْهَمْزَةِ عَلَى الْجَمْعِ، أَيْ لِيَسُوءَ الْعِبَادُ الَّذِينَ هُمْ أُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وُجُوهَكُمْ. {وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا} أَيْ لِيُدَمِّرُوا وَيُهْلِكُوا. وَقَالَ قُطْرُبٌ: يَهْدِمُوا، قَالَ الشَّاعِرُ:

فَمَا النَّاسُ إِلَّا عَامِلَانِ فَعَامِلٌ ... يُتَبِّرُ مَا يَبْنِي وَآخَرُ رَافِعُ

{مَا عَلَوْا} أَيْ غلبوا عليه من بلادكم {تَتْبِيراً}.

قوله تعالى: {عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً} [الإسراء : 8]

قَوْلُهُ تَعَالَى: {عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ} وَهَذَا مِمَّا أُخْبِرُوا بِهِ في كتابهم. و" عَسى " وعد من الله أن يكشف عنهم. و" عَسى " مِنَ اللَّهِ وَاجِبَةٌ. {أَنْ يَرْحَمَكُمْ} بَعْدَ انْتِقَامِهِ مِنْكُمْ، وَكَذَلِكَ كَانَ، فَكَثُرَ عَدَدُهُمْ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الملوك. {وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا} قال قتادة: فَعَادُوا فَبَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَهُمْ يُعْطُونَ الْجِزْيَةَ بِالصَّغَارِ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَهَذَا خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ الْقُشَيْرِيُّ: وَقَدْ حَلَّ الْعِقَابُ بِبَنِي إِسْرَائِيلَ مَرَّتَيْنِ عَلَى أَيْدِي الْكُفَّارِ، وَمَرَّةً عَلَى أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ. وَهَذَا حِينَ عَادُوا فَعَادَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ. وَعَلَى هَذَا يَصِحُّ قَوْلُ قَتَادَةَ. {وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً} أَيْ مَحْبِسًا وَسِجْنًا، مِنَ الْحَصْرِ وَهُوَ الْحَبْسُ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ حَصَرَهُ يَحْصُرُهُ حَصْرًا ضَيَّقَ عَلَيْهِ وَأَحَاطَ بِهِ. وَالْحَصِيرُ: الضَّيِّقُ الْبَخِيلُ. وَالْحَصِيرُ: الْبَارِيَّةُ.

البارية: فراش الحصير ما يفترش وقد صلى النبي عليه الصلاة والسلام على الحصير, وقال أنس: وعمدت إلى حصير لنا قد اسود من طول ما لبس يعني ما استعمل فنضحه بالماء فصلى عليه النبي عليه الصلاة والسلام, وترجم الإمام البخاري باب الصلاة على الحصير, الفائدة من هذه الترجمة وإتيانهم بالحديث الرد على من أنكر الصلاة على الحصير يمكن أن ينكر الصلاة على الحصير أحد, أو كره بعض السلف الصلاة على الحصير لماذا؟ لأن الله جعل جهنم للكافرين حصيرا, إذًا كل ما يشاركها في الاسم يكره, بعض السلف يقوله والنبي عليه السلام صلى على الحصير, وترجم الإمام البخاري باب الصلاة على الحصير, نعم.

وَالْحَصِيرُ: الْجَنْبُ، قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: هُوَ مَا بَيْنَ الْعِرْقِ الَّذِي يَظْهَرُ فِي جَنْبِ الْبَعِيرِ وَالْفَرَسِ مُعْتَرِضًا فَمَا فَوْقَهُ إِلَى مُنْقَطِعِ الْجَنْبِ. وَالْحَصِيرُ: الْمِلْكُ، لِأَنَّهُ مَحْجُوبٌ.

فعيل بمعنى مفعول حصير بمعنى محصور, نعم.

 قَالَ لَبِيدٌ:

وَقُمَاقِمٍ غُلْبِ الرِّقَابِ كَأَنَّهُمْ ... جِنٌّ لَدَى بَابِ الْحَصِيرِ قِيَامُ

وَيُرْوَى: وَمَقَامَةٍ غُلْبِ الرِّقَابِ ...

عَلَى أَنْ يَكُونَ" غُلْبُ" بَدَلًا مِنْ" مَقَامَةٍ" كَأَنَّهُ قَالَ: وَرُبَّ غُلْبِ الرِّقَابِ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ: لَدَى طَرَفِ الْحَصِيرِ قِيَامُ أَيْ عِنْدَ طَرَفِ الْبِسَاطِ لِلنُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ.

كما يفعل الملوك ومن على رؤوسهم خدم يقومون على رؤوسهم هذا فعل فارس والروم والأمة اتبعتهم وجد من يقول: لتتبعن سنن من كان قبلكم والنبي عليه السلام أومآ للصحابة أن اجلسوا قد كدتم أن تفعلوا فعل فارس والروم, وهذا في الصلاة والقيام ركن من أركان الصلاة لكن إذا أشبه صنيع الكفار يترك والنبي عليه السلام أومآ للصحابة أن اجلسوا قد كدتم أن تفعلوا فعل فارس والروم, وهم في الصلاة وصلى بهم من قعود عليه الصلاة والسلام, إذا صلى قاعدا فصلوا قعودا أجمعين لعدم مشابهة الكفار نعم

وَالْحَصِيرُ: الْمَحْبِسُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً". قَالَ الْقُشَيْرِيُّ: وَيُقَالُ للذي يفرش حصير، لِحَصْرِ بَعْضِهِ عَلَى بَعْضٍ بِالنَّسْجِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: أَيْ فِرَاشًا وَمِهَادًا، ذَهَبَ إِلَى الْحَصِيرِ الَّذِي يُفْرَشُ، لِأَنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّي الْبِسَاطَ الصَّغِيرَ حَصِيرًا. قال الثعلبي: وهو وجه حسن.

قوله تعالى:{إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً {9} وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً {10}}

طالب:.......

نعم, كيف, فعل النبي صلى الله عليه وسلم بهم وما حصل لبني قريظة والنضير.

طالب:........

عدد ما له حد هو مربوط بالعودة كلما عادوا عيد عليهم بهذا, ويحتمل يكون الموجود الآن ثالثة رابعة خامسة, على حسب تحقيقهم للشرط يتحقق بهم الجزاء, إنما المقضي المؤكد المرتين الأولتين, وأما ما عداها فهو مربوط بشرطه إن عدتم عدنا, وهذا تهديد لهم ولغيرهم, هذه سنة إلهية لهم ولغيرهم

طالب:..........

واضح في الكتاب المرة الأولى ظلموا وافسدوا فعوقبوا وكذلك في المرة الثانيى لكن على يد من؟ تتم الفائدة بدون معرفة اسمه وكيفيته ما يترتب عليها فائدة شرعية, نعم النفوس تتشوف لتعرف بالتفصيل ماذا حصل لكن العبرة تحل بما جاء في الكتاب وهو واضح لا لبس فيه لأنهم بغوا تجبروا ظلموا عوقبوا في المرة الأولى والثانية ثم هددوا إن فعلوا ذلك عدنا ثالث ورابع ولا يعني هذا أنه خاص بهم كل من شاركهم في هذا الظلم والعدوان مآله مألهم مصيره مصيرهم, نعم.

طالب:..........

فإذا جاء وعد الآخرة والحديث ما زال مرتبط بالأولى فكأنه يعيش ظروف الأولى, نعم

طالب: والأولى أيضا عبر عنها بتعبير المستقبل فإذا جاء وعد  أولاهما.

الآن عندك إذا شرطية, وعندك إن شرطية فإذا كن الشرط محققا عبر بإذا, وإذا كان الشرط مشكوكا فيه عبر بإن, والشرط محقق يعبر بإذا,

طالب: أليس الشرط محقق ماضي يعني وقع؟

نعم, ليكون حكم المستقبل حكم الماضي, نعم.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً {9} وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً {10}

قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} لَمَّا ذَكَرَ الْمِعْرَاجَ ذَكَرَ مَا قَضَى إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَكَانَ ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ بَيَّنَ أن الكتاب الذي أَنْزَلَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ سَبَبُ اهْتِدَاءٍ. وَمَعْنَى {لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} أَيِ الطَّرِيقَةِ الَّتِي هِيَ أَسَدُّ وَأَعْدَلُ وَأَصْوَبُ، فَ" الَّتِي" نَعْتٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ، أَيِ الطَّرِيقَةِ إِلَى نَصٍّ أَقْوَمَ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: لِلْحَالِ الَّتِي هِيَ أَقْوَمُ الْحَالَاتِ، وَهِيَ تَوْحِيدُ اللَّهِ وَالْإِيمَانُ بِرُسُلِهِ. وَقَالَهُ الْكَلْبِيُّ وَالْفَرَّاءُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ} تَقَدَّمَ. {أَنَّ لَهُمْ} أَيْ بِأَنَّ لَهُمْ. {أَجْراً كَبِيراً} أَيِ الْجَنَّةَ. {وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ} أَيْ وَيُبَشِّرُهُمْ بِأَنَّ لِأَعْدَائِهِمُ الْعِقَابَ. وَالْقُرْآنُ مُعْظَمُهُ وَعْدٌ وَوَعِيدٌ. وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُ" وَيَبَشرُ" مُخَفَّفًا بِفَتْحِ الْيَاءِ وضم الشين، وقد ذكر.

التبشير البشارة تكون بالإخبار جملة سواء كان يسر أو ما يسر {فبشرهم بعذاب أليم} نعم, لكنه كثر استعمالها فيما يسر وهو ما يظهر أثره على البشرة, لأن الإنسان إذا بشر بشئ ظهر ذلك على بشرته, نعم.

طالب:...........

القرآن يهدي والنبي يهدي والله سبحانه هو الهادي, والهداية أنواع: هداية الدلالة والإرشاد يملكها كل من وفق لمعرفة الحق, ووفق لدلالة الناس عليه كالنبي عليه الصلاة والسلام {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم} أما هداية التوفيق والقبول ما يملكها إلا الله عز وجل القلوب بيدي الله عز وجل {إنك لا تهدي من أحببت} والقرآن لا شك أن فيه الدلالة واضحة في القرآن وغيره من كتب الله عز وجل, {وأما ثمود فهديناهم} هديناهم دللناهم على الطريق المستقيم, لكنهم استحبوا العمى على الهدى, نسأل الله العافية, فالدلالة تتأتى لكل أحد وفق لمعرفة الحق, ووفق لدلالة الناس عليه, وعلى رأسهم الأنبياء, الكتاب القرآن هل يهدي الناس هداية قبول, أو هداية دلالة؟ نعم القرآن يدل لكن ليس معنى هذا أن كل من قرأ القرآن يقبل ويذعن, إنما هذه ملك لله عز وجل, هذا القرآن يهدي, الأسفلت يهدي, صح ولا لا؟ إذا مسكت على الخط مثل يقولك هذا خط مكة لا تلف يمين ولا يسار, لولا هذا الإسفلت لا تدري وين يمين ولا يسار, لكن هذا الطريق دلك على ما تريده من هدف, فهذا القرآن يدلك إلى الطريق المستقيم أما كونه بمفرده بغض النظر عن قائله, يهديك هداية قبول فلا, كم من قارئ للقرآن وزائغ عن الصراط المستقيم, يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم, الله المستعانو نعم.

قوله تعالى: {وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً {11}}

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ: هُوَ دُعَاءُ الرَّجُلِ عَلَى نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ عِنْدَ الضَّجَرِ بِمَا لَا يُحِبُّ أَنْ يُسْتَجَابَ لَهُ: اللَّهُمَّ أَهْلِكْهُ، وَنَحْوُهُ.

كثيرا ما يدعوا الوالد على ولده والأم على ولدها, والزوج على الزوجة والعكس بالهلاك, بمجرد وقوع أدنى مخالفة وهو لا يريد حقيقة الدعاء, {وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ} بل بعض الناس أكثر يدعوا بالشر أكثر ما يدعوا بالخير, لأنه أحمق ما يدري ما سيدعوا عليه, وكان الإنسان عجولا, ما يتأخر ويتريث ويتأمل, لا يلتفت إلى العواقب فتجده عند أدنى مخالفة يدعوا على أحب الناس إليه بالهلاك, وكان الإنسان عجولا, نعم.

{دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ} أَيْ كَدُعَائِهِ رَبَّهُ أَنْ يَهَبَ لَهُ الْعَافِيَةَ، فَلَوِ اسْتَجَابَ اللَّهُ دُعَاءَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِالشَّرِّ هَلَكَ لَكِنْ بِفَضْلِهِ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ فِي ذَلِكَ. نَظِيرُهُ:" وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ" وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَقِيلَ: نَزَلَتْ فِي النَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ، كَانَ يَدْعُو وَيَقُولُ:" اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ. وَقِيلَ: هُوَ أَنْ يَدْعُوَ فِي طَلَبِ الْمَحْظُورِ كَمَا يَدْعُو فِي طَلَبِ الْمُبَاحِ، قَالَ الشَّاعِرُ وَهُوَ ابْنُ جَامِعٍ:

أَطُوفُ بِالْبَيْتِ فِيمَنْ يَطُوفُ ... وَأَرْفَعُ مِنْ مِئْزَرِي الْمُسْبَلِ

وَأَسْجُدُ بِاللَّيْلِ حَتَّى الصَّبَاحِ ... وَأَتْلُو مِنَ الْمُحْكَمِ الْمُنْزَلِ

عَسَى فَارِجَ الْهَمِّ عَنْ يوسف ... يسخر لي ربة المحمل

محرم, يدعوا الله أن يسخر له هذا الأمر وهو محرم وكم من شخص من هذا النوع ممن يضايق المسلمين ونسائهم في الأسواق وغيرها في الهواتف يدعوا الله أن يسخر له واحدة تخرج معه, مثل هذا, لكن لا شك أن مثل هذا عمى عن الحق, وإلا لو صرف هذه الدعوة في الخير سأل الله أن يهب له أفضل مما أمله بطريق حلال, نعم.

طالب:........

وإن كانت عبادة فإنه منهي عنها فالنهي عنها لذاتها, ما تصح ما تسمى عبادة, نعم.

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ مَا عَلَى فُلَانٍ مَحْمِلٌ مِثَالُ مَجْلِسٍ أَيْ مُعْتَمَدٍ. وَالْمَحْمِلُ أَيْضًا: وَاحِدُ مَحَامِلِ الْحَاجِّ. وَالْمِحْمَلُ مِثَالُ الْمِرْجَلُ: عِلَاقَةُ السَّيْفِ. وَحُذِفَتِ الْوَاوُ مِنْ" وَيَدْعُ الْإِنْسانُ" فِي اللَّفْظِ والخط وَلَمْ تُحْذَفْ فِي الْمَعْنَى لِأَنَّ مَوْضِعَهَا رَفْعٌ فَحُذِفَتْ لِاسْتِقْبَالِهَا اللَّامُ السَّاكِنَةُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:" سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ, وَيَمْحُ اللَّهُ الْباطِلَ, وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ, يُنادِ الْمُنادِ, فَما تُغْنِ النُّذُرُ.

كل هذه حذفت لموافقة الرسم واتباعه وإلا ما في مبرر لحذفها كالجزم وغيره, {ذلك ما كنا نبغ} بغير ياء, وليش دون ياء اتباع الرسم لا غير وإلا لا مبرر من حذف العربية لحذفها لكن.

طالب:........

تنطق كما رسمت لأنها وجدت في أفصح الكلام, فتنطق كما رسمت, لا تقل لماذا لا تنطق؟ قل لي لماذا لاتعدل القواعد على هذا؟ على ما جاء في أفصح الكلام.

طالب: هل رسم المصحف وحي يا شيخ؟

وحي, كتبوه كما سمعوه, نعم.

طالب:...........

لكنها مكتوبة, هنا ما كتبت أصلا, {يوم يدع الداع} فيه ياء ولا لا؟

طالب: .......

ويش حذف الياء, الكبير المتعال حذف الياء مراعاة لرؤوس لآيات لكن هنا؟ على كل حال عليك الاتباع في الرسم وفي النطق هذه أفصح الكلام,

طالب:...........

أنت تقول لماذا نتبع الرسم في الكتابة لكن لماذا لا ننطق تبع القواعد؟ أنا أقول: لماذا لا تعدل القواعد تبعا للرسم؟

طالب:........

هذا الأصل, نعم.

{وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولًا} " أَيْ طَبْعُهُ الْعَجَلَةُ،

قال عن آدم عليه السلام لما بلغت الروح الحلقوم نهض ليصير على رجليه.

طالب:.......

عجلة, خلق الإنسان من عجل, وكان الإنسان عجولا, نعم.

فَيُعَجِّلُ بِسُؤَالِ الشَّرِّ كَمَا يُعَجِّلُ بِسُؤَالِ الْخَيْرِ. وَقِيلَ: أَشَارَ بِهِ إِلَى آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ نَهَضَ قبل أن يركب فِيهِ الرُّوحُ عَلَى الْكَمَالِ. قَالَ سَلْمَانُ: أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ آدَمَ رَأْسَهُ فَجَعَلَ يَنْظُرُ وَهُوَ يَخْلُقُ جَسَدَهُ، فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ الْعَصْرِ بَقِيَتْ رِجْلَاهُ لَمْ يُنْفَخْ فِيهِمَا الرُّوحُ فَقَالَ: يَا رَبِّ عَجِّلْ قَبْلَ اللَّيْلِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ:" وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولًا". وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمَّا انْتَهَتِ النَّفْخَةُ إِلَى سُرَّتِهِ نَظَرَ إِلَى جَسَدِهِ فَذَهَبَ لِيَنْهَضَ فَلَمْ يَقْدِرْ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ:" وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولًا". وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: لَمَّا دَخَلَ الرُّوحُ فِي عَيْنَيْهِ نَظَرَ إِلَى ثِمَارِ الْجَنَّةِ، فَذَلِكَ حِينَ يَقُولُ:" خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَمَّا صَوَّرَ اللَّهُ تَعَالَى آدَمَ فِي الْجَنَّةِ تَرَكَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَتْرُكَهُ فَجَعَلَ إِبْلِيسُ يُطِيفُ بِهِ يَنْظُرُ مَا هُوَ فَلَمَّا رَآهُ أَجْوَفَ عَرَفَ أَنَّهُ خُلِقَ خَلْقًا لَا يَتَمَالَكُ» وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَقِيلَ: سَلَّمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَسِيرًا إِلَى سَوْدَةَ فَبَاتَ يَئِنُّ فَسَأَلَتْهُ فَقَالَ: أَنِينِي لِشِدَّةِ الْقِدِّ وَالْأَسْرِ، فَأَرْخَتْ مِنْ كِتَافِهِ فَلَمَّا نَامَتْ هَرَبَ، فَأَخْبَرَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:" قَطَعَ اللَّهُ يَدَيْكِ" فَلَمَّا أَصْبَحَتْ كَانَتْ تَتَوَقَّعُ الْآفَةَ، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ:" إِنِّي سَأَلْتُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَ دُعَائِي عَلَى مَنْ لا يستحق من أهلي رحمة لِأَنِّي بَشَرٌ أَغْضَبَ كَمَا يَغْضَبُ الْبَشَرُ" وَنَزَلَتِ الْآيَةُ، ذَكَرَهُ الْقُشَيْرِيُّ أَبُو نَصْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:" اللَّهُمَّ إِنَّمَا مُحَمَّدٌ بَشَرٌ يَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُ الْبَشَرُ وَإِنِّي قَدِ اتَّخَذْتُ عِنْدَكَ عَهْدًا لَنْ تَخْلُفِينَهُ فَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ آذَيْتُهُ أَوْ سَبَبْتُهُ أَوْ جَلَدْتُهُ فَاجْعَلْهَا لَهُ كَفَّارَةً وَقُرْبَةً تُقَرِّبُهُ بِهَا إِلَيْكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ". وَفِي الْبَابِ عَنْ عَائِشَةَ وَجَابِرٍ. وَقِيلَ: مَعْنَى" وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولًا" أَيْ يُؤْثِرُ الْعَاجِلَ وَإِنْ قَلَّ، عَلَى الْآجِلِ وَإِنْ جل.

قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِيلاً {12}

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ} أَيْ عَلَامَتَيْنِ عَلَى وَحْدَانِيَّتِنَا وَوُجُودِنَا وَكَمَالِ علمنا وقدرتنا. والآية فيهما: إقبال كل مِنْهُمَا مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُ، وَإِدْبَارُهُ إِلَى حَيْثُ لَا يَعْلَمُ. وَنُقْصَانُ أَحَدِهِمَا بِزِيَادَةِ الْآخَرِ وَبِالْعَكْسِ آيَةٌ أَيْضًا. وَكَذَلِكَ ضَوْءُ النَّهَارِ وَظُلْمَةُ اللَّيْلِ. وَقَدْ مَضَى هَذَا.. {فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ} وَلَمْ يَقُلْ: فَمَحَوْنَا اللَّيْلَ، فَلَمَّا أَضَافَ الْآيَةَ إِلَى اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْآيَتَيْنِ المذكورتين لهما لا هما. و" فَمَحَوْنا" مَعْنَاهُ طَمَسْنَا. وَفِي الْخَبَرِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَأَمَرَّ جَنَاحَهُ عَلَى وَجْهِ الْقَمَرِ فَطَمَسَ عَنْهُ الضَّوْءَ.

يعني هل يلزم من هذا الكلام أن يجعل القمر كالشمس والليل كالنهار على حد سواء ثم بعد ذلك طمست آية الليل فصار ظلاما, أو أن الأصل ظلمة ثم خلقت الشمس لتضئ النهار, أو خلقا معا فطمست آية الليل, وعلى هذا هل يكون السابق الليل أو النهار؟ وماذا عن آية يس؟ واضح من هذه الآية أن الأصل النور, والنهار كله نور ثم محيت آية الليل فصار الليل مظلما,

طالب:............

ولا الليل سابق النهار, وعند العرب وعليه صار الحكم الشرعي أن الليل سابق للنهار, وأن اليوم يبدأ بغروب الشمس يعني آية الإسراء مع آية يس مع ما تقرر شرعا من أن الليل أول النهار, وأن اليوم إنما يبدأ بغروب الشمس, هل هناك إشكال ولا تعارض ولا شئ؟

طالب:........

الليلة إذا غربت الشمس تكون ليلة عشرين, ليلة عشرين ما يصلون أو تقصد أنها من العشر؟ إجماع العشرين ما هم من العشرة, العشرين من العشرة الثانية, إنما العشرة تبدأ من غروب شمس ليلة واحد وعشرين, هذا إجماع بلا شك, حتى عندك العشرة الأوئل تنتهي بغروب شمس يوم عشرة, العشرة الثانية تنتهي بغروب شمس يوم عشرين العشرة الثالثة تنتهي بغروب شمس يوم ثلاثين, ما استثني إلا ليلة النحر بالنسبة للوقوف قالوا: تابع يوم عرفة لكن في النصوص في سورة الإسراء التي معنا ووسورة يس هل هناك اختلاف؟ ما يقتضي ان النهار يسبق الليل أو الليل يسبق النهار في سورة يس النفي صحيح {لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار} وهنا {فمحونا آية الليل} واضح أن آية الليل وآية النهار كلاهما مبصرة ثم محيت آية الليل, هل يعني هذا أن الوقت كله نهار؟ أو أن الشمس تأتي بوقت والقمر يأتي بوقت وكان ضوؤه مثل ضوئها؟ ثم محي ضوؤه, هذا اللي يظهر لأن حتى في هذه الأيام ما يدل على أن النهار له آية والليل له آية غير آية النهار فمحيت آية الليل وبقيت آية النهار مبصرا, هو ليل ولو كان مبصرا, الآن تأملوا الآية التي معنا يقول: {وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة} مقتضىي هذا أن تكون آية الليل مثل آية النهار, صح أو لا؟ إذًا كل الوقت نهار, كله نور قبل المحو فمحيت آية الليل صار هناك ظلام وهناك نور, فيكون هنا الأصل النهار ثم طرأ الظلام, أو نقول هناك ليل وهناك نهار وهناك آية ليل وآية نهار وكل واحد منهما منفصل عن الآخر هذا له نور وهذا له نور مستقل ولهما آيتان هذا له القمر وهذا له الشمس

طالب:.................

الآن هل هناك ما يمنع أن تكون آية الليل مع آية النهار؟ ما يمنع هناك ليل وهناك نهار, جعلنا الليل والنهار آيتين وكلاهما النور سواء كان على حد سواء أو أقل لكنه مبصر فمحيت آية الليل صار ظلاما, وبهذا نقول: الأصل الليل أو النهار أو كل منها قائم بأصله؟ كل منهما أصل, نأتي إلى آية يس {لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار} وفي الشرع أن الليل يسبق النهار, لأن اليوم يبدأ من غروب الشمس, كيف يقول الله {ولا الليل سابق النهار} وأنت تقولون أن اليوم يبدأ بغروب الشمس؟ الآن إذا غابت شمس ليلة عيد الفطر والمولود ما ولد يلزم فطره ولا ما يلزم, لكن إذا ولد قبل غروب الشمس تلزمها الفطر, لأنها غابت آخر لحظة من رمضان إذًا طلع رمضان وما ولد فلا فطر عليه, فليلة العيد تابعة للعيد فيوم العيد يبدأ بغروب الشمس,

طالب:........

الآن إيش معنى المسابقة؟ ولا الليل سابق النهار في يس؟

طالب:........

نعم, في دورتهما الكاملة يعني ليل ثم نهار ليل ثم نهار وليس بعد هذا يأتي نهار ثم ليل ما يمكن ولا العكس يجي نهارين متاوليين ثم ليل بمعنى أن النهار يسبق الليل الذي يليه أو العكس,

طالب:............

هو يبقى في مكانه لا يتغير الوقت يبقى ستة عشر ساعة نهار والباقي ليل, لمن هل يبقى سنة نهار وليل, إذًا ولا الليل سابق النهار نفس الشئ امتد الليل أو قصر في وقته.

طالب:.........

يقدر لهم تقدير, مثل أيام الدجال, نعم.

وَكَانَ كَالشَّمْسِ فِي النُّورِ، وَالسَّوَادُ الَّذِي يُرَى فِي الْقَمَرِ مِنْ أَثَرِ الْمَحْوِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: جَعَلَ اللَّهُ الشَّمْسَ سَبْعِينَ جُزْءًا وَالْقَمَرَ سَبْعِينَ جُزْءًا، فَمَحَا مِنْ نُورِ الْقَمَرِ تِسْعَةً وَسِتِّينَ جُزْءًا فَجَعَلَهُ مَعَ نُورِ الشَّمْسِ، فَالشَّمْسُ عَلَى مِائَةٍ وَتِسْعٍ وَثَلَاثِينَ جُزْءًا وَالْقَمَرُ عَلَى جُزْءٍ وَاحِدٍ. وَعَنْهُ أَيْضًا: خَلَقَ اللَّهُ شَمْسَيْنِ مِنْ نُورِ عرشه، وجعل مَا سَبَقَ فِي عِلْمِهِ أَنْ يَكُونَ شَمْسًا مِثْلَ الدُّنْيَا عَلَى قَدْرِهَا مَا بَيْنَ مَشَارِقِهَا إِلَى مَغَارِبِهَا، وَجَعَلَ الْقَمَرَ دُونَ الشَّمْسِ، فَأَرْسَلَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَأَمَرَّ جَنَاحَهُ عَلَى وَجْهِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَهُوَ يَوْمئِذٍ شَمْسٌ فَطَمَسَ ضَوْءَهُ وَبَقِيَ نُورُهُ، فَالسَّوَادُ الَّذِي تَرَوْنَهُ فِي الْقَمَرِ أَثَرُ الْمَحْوِ، وَلَوْ تَرَكَهُ شَمْسًا لَمْ يُعْرَفِ الليل من النهار ذكر عَنْهُ الْأَوَّلَ الثَّعْلَبِيُّ، وَالثَّانِي الْمَهْدَوِيُّ، وَسَيَأْتِي مَرْفُوعًا. وَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَتَادَةُ: يُرِيدُ بِالْمَحْوِ اللَّطْخَةَ السَّوْدَاءَ الَّتِي فِي الْقَمَرِ، لِيَكُونَ ضَوْءُ الْقَمَرِ أَقَلَّ مِنْ ضَوْءِ الشَّمْسِ فَيَتَمَيَّزُ بِهِ اللَّيْلُ مِنَ النَّهَارِ. {وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً} أَيْ جَعَلْنَا شَمْسَهُ مُضِيئَةً لِلْأَبْصَارِ. قَالَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ: أَيْ يُبْصَرُ بِهَا. قَالَ الْكِسَائِيُّ: وَهُوَ مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ أَبْصَرَ النَّهَارَ إِذَا أَضَاءَ، وَصَارَ بِحَالَةٍ يُبْصَرُ بِهَا.

الآن ذكر الشمس بقدر الأرض, والقمر دون الشمس هذا واضح من كلامه لكن ماذا يقولون عن الشمس والقمر والأرض؟ يقولون: القمر أضعاف أضعاف الأرض صح و لا لا؟ أضعاف مضاعفة الشمس ما لها نسبة مع الأرض.

طالب: الشمس أكبر من الأرض؟

ألوف مؤلفة أكبر بكثير من المرات هذا كلامهم هذا, الله المستعان, ويقولون: الكسوف القمر لحيلولة الأرض بينه وبين الشمس, وهم يقررون أن الأرض أصغر من القمر, فكيف يحول الأصغر دون الأكبر؟!

طالب:.........

المسألة القرب, القرب مع البعد له أثر في الحجم يعني لو وضعت يدك قدام الباب غطت كل الباب, وإيش نسبتها إلى الباب؟

فالذي ينكر مثل هذا الكلام يقول كيف الصغير يحجب الكبير؟

طالب:.......

نظريات اختلفوا عليها واتفقوا فيها ما شئ قطعي, كمل كمل.

وَقِيلَ: هُوَ كَقَوْلِهِمْ خَبِيثٌ مُخْبِثٌ إِذَا كَانَ أَصْحَابُهُ خُبَثَاءُ. وَرَجُلٌ مُضْعِفٌ إِذَا كَانَتْ دَوَابُّهُ ضِعَافًا، فَكَذَلِكَ النَّهَارُ مُبْصِرًا إِذَا كَانَ أَهْلُهُ بُصَرَاءَ. {لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} يُرِيدُ التَّصَرُّفَ فِي الْمَعَاشِ. وَلَمْ يَذْكُرِ السُّكُونَ فِي اللَّيْلِ اكْتِفَاءً بِمَا ذَكَرَ فِي النَّهَارِ. وَقَدْ قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ:" هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً {وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ} أَيْ لَوْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ لَمَا عُرِفَ اللَّيْلُ مِنَ النَّهَارِ، وَلَا كَانَ يُعْرَفُ الْحِسَابُ وَالْعَدَدُ. {وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِيلًا} أَيْ مِنْ أَحْكَامِ التَّكْلِيفِ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ:" تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ مَا فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" لَمَّا أَبْرَمَ اللَّهُ خَلْقَهُ فَلَمْ يَبْقَ مِنْ خَلْقِهِ غَيْرُ آدَمَ خَلَقَ شَمْسًا مِنْ نُورِ عَرْشِهِ وَقَمَرًا فَكَانَا جَمِيعًا شَمْسَيْنِ فَأَمَّا مَا كَانَ فِي سَابِقِ عِلْمِ اللَّهِ أَنْ يَدَعَهَا شَمْسًا فَخَلَقَهَا مِثْلَ الدُّنْيَا مَا بَيْنَ مَشَارِقِهَا وَمَغَارِبِهَا وَأَمَّا مَا كَانَ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَنْ يَخْلُقَهَا قَمَرًا فَخَلَقَهَا دُونَ الشَّمْسِ فِي الْعِظَمِ وَلَكِنْ إِنَّمَا يُرَى صِغَرُهُمَا مِنْ شِدَّةِ ارْتِفَاعِ السَّمَاءِ وَبُعْدِهَا مِنَ الْأَرْضِ فَلَوْ تَرَكَ اللَّهُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كَمَا خَلَقَهُمَا لَمْ يُعْرَفِ اللَّيْلُ مِنَ النَّهَارِ وَلَا كَانَ الْأَجِيرُ يَدْرِي إِلَى مَتَى يَعْمَلُ وَلَا الصَّائِمُ إِلَى مَتَى يَصُومُ وَلَا الْمَرْأَةُ كَيْفَ تَعْتَدُّ وَلَا تُدْرَى أَوْقَاتُ الصَّلَوَاتِ وَالْحَجِّ وَلَا تَحِلُّ الدُّيُونُ وَلَا حِينَ يَبْذُرُونَ وَيَزْرَعُونَ وَلَا مَتَى يَسْكُنُونَ لِلرَّاحَةِ لِأَبْدَانِهِمْ وَكَأَنَّ اللَّهَ نَظَرَ إِلَى عِبَادِهِ وَهُوَ أَرْحَمُ بِهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ فَأَرْسَلَ جِبْرِيلَ فَأَمَرَّ جَنَاحَهُ عَلَى وَجْهِ الْقَمَرِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَهُوَ يَوْمئِذٍ شَمْسٌ فَطَمَسَ عَنْهُ الضَّوْءَ وَبَقِيَ فِيهِ النُّورُ فَذَلِكَ قَوْلُهُ: وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ الآية.