بلوغ المرام – كتاب الأطعمة (3)

سم.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني -رحمه الله تعالى- في كتابه (بلوغ المرام):

باب: الأضاحي

عن أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يضحي بكبشين أملحين، أقرنين، ويسمي، ويكبر، ويضع رجله على صفاحهما وفي لفظ: "ذبحهما بيده" متفق عليه، وفي لفظ: "سمينين" ولأبي عوانة في صحيحه: "ثمينين" بالمثلثة بدل السين، وفي لفظ لمسلم: ويقول: ((بسم الله، والله أكبر)).

وله: من حديث عائشة -رضي الله تعالى عنها- أمر بكبش أقرن، يطأ في سواد، ويبرك في سواد، وينظر في سواد ليضحي به، فقال: ((اشحذ المدية)) ثم أخذها، فأضجعه، ثم ذبحه، وقال: ((بسم الله، اللهم تقبل من محمد وآل محمد، ومن أمة محمد)).

وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من كان له سعة ولم يضح فلا يقربن مصلانا)) رواه أحمد وابن ماجه، وصححه الحاكم، لكن رجح الأئمة غيره وقفه.

وعن جندب بن سفيان -رضي الله تعالى عنه- قال: شهدت الأضحى مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلما قضى صلاته بالناس نظر إلى غنم قد ذبحت، فقال: ((من ذبح قبل الصلاة فليذبح شاة مكانها، ومن لم يكن ذبح فليذبح على اسم الله)) متفق عليه.

وعن البراء بن عازب -رضي الله تعالى عنهما- قال: قام فينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((أربع لا تجوز في الضحايا: العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ضلعها، والكسيرة التي لا تنقي)) رواه أحمد.

الكبيرة، الكبيرة.

طالب: سم، رعاك الله.

الكبيرة.

طالب: ما هي عندي....

الكبيرة التي لا تنقي.

طالب: بدل الكسيرة؟

نعم.

أحسن الله إليك.

((والكبيرة التي لا تنقي)) رواه أحمد والأربعة، وصححه الترمذي وابن حبان.

وعن جابر -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن)) رواه مسلم.

وعن علي -رضي الله تعالى عنه- قال: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نستشرف العين والأذن، ولا نضحي بعوراء، ولا مقابلة، ولا مدابرة، ولا خرماء، ولا ثرماء"...

خرقاء.

أحسن الله إليك، أنا عندي خرماء.

"ولا نضحي بعوراء، ولا مقابلة، ولا مدابرة، ولا خرقاء، ولا ثرماء" أخرجه أحمد والأربعة، وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم.

وعن علي بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنه- قال: أمرني النبي -صلى الله عليه وسلم- أن أقوم على بدنه، وأن أقسم لحومها وجلودها وجلالها على المساكين، ولا أعطي في جزارتها شيئاً منها" متفق عليه.

وعن جابر بن عبد الله -رضي الله تعالى عنهما- قال: نحرنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام الحديبية البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة" رواه مسلم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: الأضاحي.

والأضاحي فرع من فروع الكتاب الذي هو كتاب الأطعمة؛ لأنها مما يطعم.

الأضاحي: جمع أضحية، ويقال لها: إضحية، بكسر الهمزة، ويقال: ضحية أيضاً كهدية، وتجمع على ضحايا كهدايا وأضاحي، وكأن التسمية أخذت من وقت ذبحها، وهو ضحى يوم العيد، على أن الوقت يمتد على ما سيأتي من صلاة العيد إلى غروب يوم الثاني عشر أو الثالث عشر على الخلاف الذي يأتي ذكره -إن شاء الله تعالى-.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في الحديث الأول: "عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يضحي" هذا يدل على الاستمرار "يضحي بكبشين أملحين أقرنين" يضحي بكبشين مثنى الكبش، وهو ذكر الضأن، كما أن ذكر الماعز يقال له: تيس، وذكر الإبل يقال له: جمل، وذكر البقر يقال له: ثور، فالكبش هو ذكر الضأن، يضحي بكبشين، واحد عنه -عليه الصلاة والسلام- وعن أهل بيته، والثاني عن من لم يضح من أمته كما جاء في بعض الأحاديث.

"كبشين أملحين" الأملح: لونه نسب إلى لون الملح، والملح أبيض يشوبه شيء من الغبرة، ليس بأبيض خالص، كان الملح يؤخذ من الأرض مشوب بشيء من الغبرة، ليس بأبيض خالص كما هو الملح الموجود الآن، المصفى المنقى الذي يخرج من مصانع، لا، كان يؤتى به على هيئة قطع وكتل كبيرة من الأرض السبخة مشوب بشيء من..، يغير لونه، فهو أغبر، وليس بأبيض خالص مثل بياض اللبن مثلاً، كما هو حاصل الآن في الملح الموجود الآن، لا.

"يضحي بكبشين أملحين" منهم من يفضل الأبيض مطلقاً باعتبار أن الملح أبيض، والكبشين لونهما لون الملح، ومنهم من يقول: إنه ليس بأبيض خالص، وإنما بياضه أكثر من سواده.

"أملحين أقرنين" بحيث يكون البياض مع السواد مختلط، والبياض أكثر من السواد.

"أقرنين" الأقرن الذي له قرنان، ولا شك أنه أكمل وأفضل عند أهله.

"ويسمي" يعني عند الذبح، "ويسمي" كما تقدم في حكم التسمية، وأنها شرط لصحة أكل المذبوح، وأنه بدون التسمية حكمه حكم الميتة على خلاف بين أهل العلم ذكرناه سابقاً، فمنهم من يرى أن التسمية شرط في صحة التذكية مطلقاً، ولا تسقط لا عمداً ولا سهواً، وأكثر أهل العلم يرون أنها إذا تركت سهواً فإن الذبيحة تؤكل، ويعفى عن السهو والنسيان، بخلاف ما إذا تكرها عمداً فإنها حينئذٍ تكون ميتة، وذكر عن الإمام الشافعي أنه كان يرى أن التسمية سنة وليست بفرض.

"يسمي" قائلاً: بسم الله على ما تقدم وعلى ما سيأتي، "ويكبر" بسم الله والله أكبر، التسمية لا إشكال في وجوبها، وأما التكبير فإنه سنة عند عامة أهل العلم.

"يسمي ويكبر" ويسمع من الخطباء في يوم العيد من يقول قائلاً: باسم الله وجوباً، والله أكبر استحباباً، يذكرون الحكم في خطبة العيد، قائلاً: باسم الله وجوباً، والله أكبر استحباباً، وتجد بعض العامة من الناس يقلدهم في اللفظ، فإذا أراد أن يذبح قال: باسم الله وجوباً، والله أكبر استحباباً، وهو يذبح؛ لأنه سمع الخطيب يقول هذا، العامي ما يميز الفرق بين بيان الحكم، وبين ما يجب فعله، ثم لما كثر التنبيه على مثل هذا، كلام الخطيب ما فيه إشكال، كلام الخطيب لا إشكال فيه؛ لأنه يبين حكم التسمية وحكم التكبير، لكن العامي الذي قلده في لفظه هنا يقع الإشكال، فصار الخطباء ما يذكرونها في هذه الصيغة، لا يذكرونها بهذه الصيغة؛ لأن العامة قلدوهم فيها، وظنوها من الذكر المطلوب، ولكنها هي في الحقيقة بيان الحكم.

"يسمي ويكبر" قائلاً: بسم الله والله أكبر "ويضع رجله على صفاحهما" وجاء في بعض الأحاديث: ((اللهم هذا منك ولك)) وفي بعض الأحاديث: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي} [(162) سورة الأنعام] فلو قالها أحسن، هذا منك ولك، اللهم تقبل من فلان وآل فلان، من محمد وآل محمد، الثاني عمن لم يضح من آل محمد.

"يسمي ويكبر، ويضع رجله على صفاحهما" تضجع الذبيحة سواءً كانت أضحية أو عقيقة أو هدي أو أي ذبيحة كانت مما يشرع، أو يباح ذبحه تضجع على جنبها الأيسر، ويضع رجله على صفحة العنق؛ لئلا تضطرب وتتحرك، ويمسك برأسها بيده اليسرى، والمدية بيده اليمنى، ثم يقول: بسم الله والله أكبر، فيذبحها، قاطعاً بذلك الحلقوم والمري والأوداج، وهذا أكمل على ما تقدم، وإن اختلف العلماء في بعضها "ويضع رجله على صفاحهما، وفي لفظ: "ذبحهما بيده" وهذا يدل على أن الأفضل والأولى للإنسان أن يتولى ذبح أضحيته بنفسه، ولا يوكل مع القدرة، أما إذا كان لا يحسن الذبح فإنه يوكل، والأفضل إذا وكل أن يشهد ويحضر وجاء في بعض الأحاديث أنه يغفر له عند أول قطرة من دمها، فليحضرها، إذا كان يحسن الذبح فالأولى به أن يتولى الذبح بنفسه، كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، ذبح أضحيته بنفسه، وذبح ثلاثاً وستين من بدنه التي أهداها في حجة الوداع بيده، ووكل الباقي أو في الباقي علياً -رضي الله عنه-؛ لأنه أهدى مائة من البدن، مائة بدنة أهدى -عليه الصلاة والسلام- في حجة الوداع، ذبح منها بقدر سني عمره ثلاثاً وستين، ثم وكل علياً فذبح الباقي، فالتوكيل جائز لا إشكال فيه، لكن الذبح أفضل، وعلى هذا إذا وكل الأفضل أن يحضر، والأولى أن يذبحها بنفسه، أو يحضر ذبحها في بيته؛ لأن هذه شعيرة، ينبغي أن تعظم في قلب المضحي، وفي قلب من في بيته ممن يضحى عنهم، وأن يعرفها النساء والأطفال، يعرفون أن هذه من شعائر الدين، ويتوارثونها كما توارثها آباؤهم، وبعض الناس يأتي عليه يوم العيد وأهله لا يدرون هل ضحى أو لا؟ إما أن يبعث بقيمتها إلى بلد آخر، أو يشتريها من قرب المسلخ ويذبحها ولا يدرون بها، يأتي لهم بقطة من اللحم كأنه جاء بها من الدكان، من المجزرة، هذا لا تتحقق به الحكمة، ولا المصلحة من شرعية هذه النسيكة، كما شرعت صلوات النوافل في البيوت ليعرف النساء والأطفال، ويتعلمون كيف يصلون؟ وهنا يعرفون ويتعلمون كيف يذبحون؟ كثير من شباب المسلمين ما يعرف الذبح؛ لأنه ما رآه، ولا شك أن هذا تقصير، شعيرة ينبغي أن تشهر، وينبغي أن تعظم، ويعرفها الصغير والكبير وأنها من شعائر الدين؛ لئلا يأتي يوم من الأيام قد تستنكر، فالله المستعان.

"وفي لفظ: "ذبحهما بيده" ولا يستنكف الإنسان يقول: هذه جزارة لا تليق بي؛ لأن بعض الناس يرى أن هذه مهنة وضيعة لا تليق بكملة الرجال، النبي -عليه الصلاة والسلام- ذبحهما بيده، تجد بعض الناس إذا تقدم إليه جزار يخطب ابنته قال: هذه مهنة وضيعة، نعم كثير من الجزارين عندهم شيء من التساهل في أمور النجاسات والدماء المسفوحة وغيرها، وتجد عندهم شيء من يعني شاع في مجتمعهم شيء من الغش مثلاً، لا يعني هذا أن المهنة وضيعة، وقد باشرها النبي -عليه الصلاة والسلام-، ذبحهما بيده، وهو أشرف الخلق، وأكمل الخلق -عليه الصلاة والسلام-.

"متفق عليه، وفي لفظ: "سمينين" يعني يحرص الإنسان على الأكمل والأنفع، وأن تجود نفسه وتطيب بما يبذله لله -جل وعلا-، يتقرب إلى الله -جل وعلا- بالطيب، ولا يتيمم الخبيث، بعض الناس يعمد إلى أدنى شيء فيضحي به ليقال: ضحى، هذه عبادة ينبغي أن تطيب بها النفس وتجود بها.

وبعض الناس تجود نفسه بهذه الأضحية ويقصد إلى أغلى ما في السوق، وهذا إما أن يكون مخلصاً في ذلك، مبتغياً في ذلك وجه الله -جل وعلا-، ممتثلاً ما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، أو يرائي بذلك ليقال: اشترى كذا وكذا، هذا موجود وهذا موجود، والناس كما قال الله -جل وعلا-: {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} [(4) سورة الليل] شخص اشترى كبش بألفين وهو يقوده في السوق قابله واحد من أهل العلم، فقال له: اشترينا هذا نضحي به للوالد بألفين ريال، قال: جزاك الله خير، أحسنت اللي جادت نفسك بألفين تضحي لوالدك، لكن والدك مدين لي بسبعمائة ريال، قال: الحق به، يعني ما جادت نفسه بالدين الواجب الوفاء، وجادت بهذه الأضحية، فبعض التصرفات تدل على أن هناك خلل في مقاصد بعض الناس، يعني جادت نفسه بالألفين ما في إشكال أن هذا طيب، لكن ينبغي أن يراجع نفسه، لماذا بذل ألفين، وهو يقوده في السوق أمام الناس اشتريت بألفين، اشتريت بكذا، ثم بعد ذلك لما طلب منه الواجب الذي ذمة أبيه مرهونة به، يقول: اتبعه، الحقه، فعلى الإنسان أن يراجع نيته ومقصده، والنية كما هو معلوم شرود، لا بد من ملاحظتها في كل لحظة؛ لأن الإنسان قد يغفل ثم بعد ذلك يقع في الرياء الذي يحبط العمل.

"وفي لفظ: "سمينين" من السمن، وهو توفر اللحم والشحم في النسيكة "ولأبي عوانة في صحيحه: "ثمينين" بالمثلثة" يعني ثمنهما مرتفع، قيمتهما غالية، كبيرة "ثمينين" بالمثلثة، بدل السين" هل نقول: إن اللفظين صحيحان ثابتان ثمينين وسمينين؟ أو نقول: إن الثابت أحدهما والثاني تصحيف؟ لأن الحديث واحد؛ لأن صحيح أبي عوانة مستخرج على صحيح مسلم، فالحديث هو الحديث؟ أو نقول: ثبت باللفظين سمينين ثمينين، فذكر بعض الرواة أحد اللفظين، وذكر الآخر اللفظ الثاني؟ أو نقول: إن الثابت واحد، والثاني تصحيف؟

طالب:.......

هاه؟

طالب:.......

يعني يرويه بالمعنى، من لازم كونه سميناً أن يكون ثميناً أو العكس؟ أو العكس يعني على حسب ما يثبت من اللفظين أصل والثاني بالمعنى، أحدهما باللفظ والثاني بالمعنى.

"ولأبي عوانة في صحيحه: "ثمينين" بالمثلثة بدل السين" هل يقول قائل: إن الرواي الذي قال: ثمينين يحتمل أن يكون أثرم؟ يعني في الضحايا سيأتي "ولا ثرماء" أثرم سقط سنه بدل السين يقول: ثاء، احتمال؟ يعني ما يسمع هذا؟ من ينطق السين ثاء؟ كما أنه يوجد من ينطق الثاء سين، نعم؟

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

ثمينين، ما أقول لك: اللي في صحيح مسلم، أقول لك: اللي في أبي عوانة، نعم؟

طالب:.......

هاه؟

طالب:.......

لا، قد يأتي بالمعنى، قد يروون بالمعنى "ربما خالفت لفظاً ومعنى" نعم؟

طالب:.......

لا قد يسمعه الواحد اللي ما يعرفه ينقل عنه، نقول: هذا مجرد احتمال، واحتمال قائم، يعني ما هو مستحيل، وعلى كل حال هذا الحاصل رواية: "سمينين" وفي صحيح أبي عوانة: "ثمينين" ولا نكارة في اللفظ، يعني ما في نكارة، ما في مخالفة، ما في معارضة؛ لأن من لازم السمن أن يكون ثميناً، يعني اللفظ ليس بمنكر، فمن لازم كونه سميناً يكون ثميناً.

"ولأبي عوانة في صحيحه: "ثمينين" بالمثلثة بدل السين" لكن لو وجدنا سمين وأقل قيمة من غير السمين؟ لأن غير السمين اجتمعت فيه الصفات الأخرى أملح أقرن، يعني وجدنا كبش أملح أقرن، والثاني أسود بدون قرن، لكنه سمين، أيهما أولى؟ والثاني السمين هذا أقل قيمة من الأملح الأقرن، سمين وفي الوقت نفسه أقل ثمن، ما يتصور؟ ما يقع؟ يقع، هل نقول: إن الهيئة (اللون) لا أثر متعدي، يعني المساكين الذين يتصدق عليهم منها، ومن يهدى إليه منها لا شك أنه يؤثر الوافر الكثير اللحم، يؤثر ما فيه شيء من الدسومة، فيه شحم، لا تنظروا يا إخواني الآن إلى الوقت الراهن، وأن الشحوم تلقى في المزابل لا قيمة لها، كانت ذات بال، وذات قيمة، وتباع مثل ما يباع اللحم، فعندنا الخيار بين الأملح الأقرن وبين السمين الأسود بدون قرن، والأملح الأقرن أكثر ثمن، وهذا أسمن، على شان نعرف وجه الاتفاق بين اللفظين ووجه الاختلاف، قلنا: إنه في الغالب إذا كان أسمن كان أثمن، لكن قد يكون هناك صفات أخرى تجعله أقل ثمناً وإن كان سميناً؛ لنبين أن اللفظين غير مترابطين باستمرار، فهل نؤثر الأوصاف الظاهرة أو نؤثر النفع المتعدي بوفرة اللحم والشحم؟ هاه؟

طالب:.......

وكونه -عليه الصلاة والسلام- ضحى بكبشين أملحين أقرنين، هل نقول: إن هذا مقصود له -عليه الصلاة والسلام-، أو أنه وجد هذين الكبشين فضحى بهما من غير اعتبار لون؟

الصنعاني يقول: "إذا كانت الأفضلية في اللون مستندة إلى ما ضحى به -صلى الله عليه وسلم- فالظاهر أنه لم يتطلب لوناً معيناً، حتى يحكم بأنه الأفضل، بل ضحى بما اتفق له، وتيسر حصوله، فلا يدل على أفضلية لون من الألوان" لأن اللون مآله إلى أن يسلخ مع الجلد ويرمى، ثم بعد ذلك يصفى الجلد من هذا الشعر وينتهي، والقرن لا قيمة له بالنسبة للأضحية، نعم له شأن عند أهل المواشي، لكن ليس له قيمة حقيقية مؤثرة في الأضحية.

كلام الصنعاني يتجه لو كانت أضحيته مرة واحدة، لكن كونه -عليه الصلاة والسلام- كان يضحي يعني ليست مرة واحدة يدل على أنه يبحث عن هذا اللون، كان يضحي بكبشين أملحين أقرنين، فدل على أن لهذا اللون مزية.

الأمر الثاني: اختيار الله -جل وعلا- لنبيه -عليه الصلاة والسلام- لهذا اللون، ولم يكن الله ليختار لنبيه إلا الأفضل.

طالب: عندنا حاشية رعاك الله.

ويش هو؟

طالب: بعد أن عزاه لأبي عوانة قال: لكن عنده بالسين المهملة سمينين.

إيه لكن سمينين بالحرف ما هو بالضبط، تعرف أن الطبعات يعتريها ما يعتريها، لكن الحافظ ما هو بإنسان مثل المحقق، إنسان عادي، وجد هذه المطبوعة واعتمد عليها، لكن أيضاً في فتح الباري في بعض المواضع يدل على أنه بالسين، لكن هنا تصريح "ولأبي عوانة في صحيحه: "ثمينين" بالمثلثة بدل السين" يعني ما يعارض بما يوجد في الكتاب الأصلي أنه بالسين مكتوب مجرد..، الكتابة تخون، والضبط بالحروف هو الأصل عند أهل العلم، ولا شك أن البحث عن الأكمل من تعظيم الشعيرة، وتعظيم الشعائر دليل التقوى، من تقوى القلوب، تعظيم هذه الشعائر، فإذا بذل الإنسان وطابت نفسه بما لا يصل إلى حد السرف؛ لأنه أحياناً تبذل الأموال في شيء لا قيمة له، في شيء شكلي لا قيمة له، هذا لا شك أنه إسراف، يعني بعض الناس مستعد يدفع في كبش خمسة آلاف، ولا شيء عنده الآن، لكن هذا إسراف، وإن كان يجد مئات الملايين؛ لأن قيمة كل شيء بحسبه لا بحسب الشخص نفسه.

"ولأبي عوانة في صحيحه: "ثمينين" بالمثلثة بدل السين، وفي لفظ لمسلم: ويقول: ((بسم الله، والله أكبر))" هناك قال: "يسمي ويكبر" صيغة التسمية وصيغة التكبير جاءت في لفظ مسلم: "يقول: ((بسم الله، والله أكبر))" بهذا اللفظ.

في الحديث الثاني بالنسبة للون، هنا في الحديث الأول: "بكبشين أملحين أقرنين" وهنا قال: "وله" يعني لمسلم "من حديث عائشة -رضي الله عنها- أمر بكبش أقرن" هذا متفق مع الأول "أمر بكبش أقرن" إلا أنه في الأول بكبشين، والثاني في الحديث الثاني: بكبش أقرن، وكونه يأمر بكبش لا ينفي أن يكون هناك كبش آخر؛ لأن الحديث الأول صريح في كونهما اثنين على أن الكبش الواحد أو الأضحية الواحدة تكفي عن الرجل وعن أهل بيته، ولكن النبي -عليه الصلاة والسلام- ضحى بالثاني عمن لم يضح من أمته -عليه الصلاة والسلام-.

"أمر بكبش أقرن يطأ في سواد" يطأ في سواد يعني شعر رجليه أسود "ويبرك في سواد" شعر بطنه أسود، "وينظر في سواد" الشعر الذي حول عينيه أسود، فأتي به "ليضحي به" هذا لون آخر غير الأول، وإن كان الغالب البياض، ما ينفي أن يكون الغالب البياض، ولو وطئ في سواد، وبرك في سواد، ونظر في سواد، لا ينفي ولا يمنع أن يكون الغالب هو البياض، فأتي به "ليضحي به" -عليه الصلاة والسلام- "فقال لها: ((يا عائشة هلمي المدية))" هلمي يعني هاتي، أو ائتيني بالمدية، وهلم في لغة قريش تلزم حالاً واحدة، هلم للمذكر والمؤنث والمفرد والمثنى والجمع، وعند بني تميم المطابقة، هلما يا زيد، هلمي يا عائشة، هلما يا زيدان، هلموا يا رجال، وهكذا، وهنا قال: ((هلمي يا عائشة المدية)) يا عائشة هلمي، على لغة؟ على لغة تميم؛ لأنها عند قريش تلزم صيغة واحدة ((هلمي المدية)) يعني هاتي وائتيني بالمدية التي هي السكين، ثم قال: ((اشحذيها بحجر)) يعني سنيها بحجر، فينبغي أن تشحذ، وتحد كما جاء الأمر بذلك: ((وليحد أحدكم شفرته)) من أجل إراحة الذبيحة، والإحسان إلى المذبوح، بخلاف ما لو كانت المدية الشفرة السكين لو كانت كليلة، لو كانت كليلة تعذب المذبوح هذا ليس من الإحسان، والله -جل وعلا- كتب الإحسان في كل شيء، فقال: ((اشحذيها بحجر)) ففعلت "ثم أخذها" -عليه الصلاة والسلام- "وأخذه" أخذ الكبش "فأضجعه" على ما تقدم على جنبه الأيسر، ووضع رجله على صفحة عنقه، وأمسك الرأس بيده اليسرى، والمدية باليد اليمن، فأمرها على حلقه وقطع ما يجب قطعه، قائلاً: بسم الله والله أكبر.

"ثم أخذها وأخذه" يعني الكبش "فأضجعه ثم قال: ((بسم الله، اللهم تقبل من محمد وآل محمد، ومن أمة محمد))" ثم ضحى به، جاء تخصيص: ((من لم يضح من أمة محمد)) هنا يشمل من ضحى ومن لم يضح، واللفظ الثاني خاص بمن لم يضح، وهذا يستدل به على عدم وجوب الأضحية كما هو قول الجمهور ((من لم يضح من أمة محمد)) تحمل أضحيته النبي -عليه الصلاة والسلام- وضحى عنه.

قد يقول قائل أو يتذرع بخيل مثلاً يقول: أنا لن أضحي؛ لأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- ضحى عني، ولو بذلت ما بذلت، وحرصت ما حرصت في الأضحية لن تكون مثل أضحية النبي -عليه الصلاة والسلام- عني، لا بطيب المال، ولا بطيب النفس، ولا بطيب الكسب، ولا بالإخلاص.

الأضحية التي ضحى بها النبي -عليه الصلاة والسلام- عن أمة محمد توفر فيها كل ما يطلب شرعاً، فلماذا أبحث عن أضحية قد يعتريها ما يعتريها من الخلل والنقص؟ الكلام سائغ وإلا غير سائغ؟

طالب:.......

((من لم يضح من أمة محمد)) الله أعلم عاد...

طالب: فمن لم يستطع؟

نعم؟

طالب:.......

يعني في وقته -عليه الصلاة والسلام-، حتى يمكن أن يقال هذا الكلام في وقته -عليه الصلاة والسلام-، لو قال في وقت النبي -عليه الصلاة والسلام-: أنا ما أضحي، بيضحي عني الرسول -عليه الصلاة والسلام-، وأضحية الرسول أكمل من أضحيتي مهما بذلت، ويتذرع بمثل هذا، هل لتذرعه واعتذاره وجه وإلا لا؟ نعم؟

طالب:.......

له وجه؟

طالب:.......

لكن مع النصوص التي جاء فيها الحث على الأضحية، وجاء الأمر بها، و((من لم يضح فلا يقربن مصلانا)) يكون له وجه؟ لا وجه له.

((بسم الله، اللهم تقبل من محمد وآل محمد)) جاء في بعض الروايات: ((اللهم إن هذا منك ولك)) "منك" أصله من مال الله الذي آتاك، فهو من الله -جل وعلا- "ولك" يعني من أجلك، ذبحت هذه النسيكة من أجلك {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ} [(162) سورة الأنعام] فهذه النسيكة لله -جل علا-.

((اللهم تقبل من محمد وآل محمد)) تقبل من فلان المضحي وآله، وأهل بيته؛ لأن الأضحية تجزئ عن المضحي وعن أهل بيته.

((ومن أمة محمد)) لو قال شخص: النبي -عليه الصلاة والسلام- ضحى عن أمته، ومن باب مقابلة الإحسان بالإحسان أريد أن أضحي عن الرسول -عليه الصلاة والسلام- كما ضحى عنا نضحي عنه، ووجد في بعض الوصايا من أوصى بأضاحي لآدم ولحواء ولمحمد -عليه الصلاة والسلام-، ولفلان من الناس من له عليه حق، وجد من يضحي عن الإمام أحمد، وعن شيخ الإسلام ابن تيمية، والشيخ محمد بن عبد الوهاب، يوجد من يضحي، وكل يضحي عن من أعجبه أو وصل إليه نفعه.

المقصود أن هذا قال: النبي -عليه الصلاة والسلام- ضحى عن أمة محمد، ومن باب الجزاء والإحسان إلى الإحسان أحسن إلينا فنحسن إليه، هل يسوغ أن يضحى عن النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ لا، لماذا؟ لأن هذا شيء لم يفعله سلف هذه الأمة، ما ضحى أبو بكر ولا عمر عن محمد -عليه الصلاة والسلام-.

والأمر الثاني: أن هذه الأضحية التي تذبحها عنك وعن أهل بيتك لمحمد -عليه الصلاة والسلام- مثل أجرك؛ لأنه هو الذي دلك على هذا الخير، ومن دل على هدى كان له مثل أجر فاعله، فالتضحية عنه -عليه الصلاة والسلام- بدعة وإن فعله بعض الناس.

قال -رحمه الله-: "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من كان له سعة ولم يضح، فلا يقربن مصلانا)) رواه أحمد وابن ماجه، وصححه الحاكم، لكن رجح الأئمة غيره وقفه" صححه الحاكم مرفوعاً إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وغيره من الأئمة رجحوا الوقف، ابن حجر ينقل عن الأئمة هنا، وقال في الفتح: الموقوف أشبه بالصواب.

((من كان له سعة ولم يضح فلا يقربن مصلانا)) هذا من أدلة من يقول بوجوب الأضحية، وهو قول أبي حنيفة استدلالاً بمثل هذا، وبقوله -جل وعلا-: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [(2) سورة الكوثر] الصلاة هنا صلاة العيد، والنحر نحر الأضحية، وهذا قول أبي حنيفة، وجمهور أهل العلم على أن الأضحية سنة مؤكدة، لا تصل إلى حد الوجوب، ولا يأثم من تركها، لكنه حرم خيراً عظيماً.

مما يستدل به أهل العلم على عدم وجوب الأضحية قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي)) فرد الأمر إلى إرادته واختياره ومشيئته، أراد أن يضحي هذا مما يستدل به على عدم الوجوب، لكن هل الدلالة على عدم الوجوب واضحة؟ نعم؟ ليست واضحة؛ لأنه يقال لمن أراد أن يحج حج الفريضة: إذا أردت أن تحج فافعل كذا وكذا وكذا، والحج فريضة الإسلام، يعني إذا عزمت فافعل كذا.

يقول ابن حزم: "لا يصح عن أحد ن الصحابة والتابعين والفقهاء عن أحد من الصحابة أنها واجبة" استدل الإمام الشافعي على عدم وجوبها بحديث أم سلمة: ((إذا دخلت العشر...)) إلى آخره، وعرفنا أن هذا الحديث لا يتم الاستدلال به؛ لأنه يمكن أن يوجه هذا الكلام مجرد الإرادة لما يجب فعله كما يقال: إذا أردت أن تصلي فتوضأ، هل يمكن أن يقال إن هذا الأسلوب يدل على عدم وجوب الصلاة مثل: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ} [(6) سورة المائدة] يعني إذا أردتم القيام، الصلاة واجبة، لكن يجب أن يكون هذا متقدماً عليها.

{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [(2) سورة الكوثر] استدل أبو حنيفة بهذه الآية على وجوب صلاة العيد، وعلى وجوب الأضحية، وإن كانت الدلالة ليست بصريحة، ولذا لا يقولون بأن صلاة العيد فرض ولا الأضحية فرض، إنما يكتفون بالوجوب؛ لأنها ثبتت بدليل قطعي وإلا ظني؟

طالب:.......

الآية قطعية، قطعية الثبوت، لكن الدلالة ظنية ليست بواضحة.

وفي الحديث الذي يليه: "عن جندب بن سفيان -رضي الله عنه- قال: شهدت الأضحى مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني يوم الأضحى أو عيد الأضحى أو صلاة الأضحى "فلما قضى صلاته بالناس نظر إلى غنم قد ذبحت، فقال -عليه الصلاة والسلام-" هذه الغنم الاحتمال قائم أنها ذبحت قبل الصلاة، والاحتمال الثاني أنها بعد الصلاة مباشرة، ولما لم يتعين ذبحها قبل الصلاة قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((من ذبح)) ما قال: اذبحوا؛ لأن بعض الناس يبادر بالإنكار، ثم يتبين له أن الفعل صحيح، النبي -عليه الصلاة والسلام- لما دخل الرجل وجلس سأله، فقال: ((هل صليت ركعتين؟)) قال: لا، قال: ((قم فصل ركعتين)) ما قال من أول الأمر: قم فصل ركعتين، لو دخل شخص أو جاء شخص إلى الصف الأول وجد فيه فرجة وجلس، فيه صفوف، هل يسوغ لمن بجانبه أن يقول: قم فصل ركعتين؟ احتمال أن يكون صلى في صف متأخر، ثم وجد هذه الفرجة، فالذي ينبغي أن يقال مثل ما قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: ((هل صليت ركعتين؟)) لئلا ينكر غير منكَر، فيكون الرجل قد صلى، صل ركعتين، صليت، يقع في حرج هذا المنكر بعد ذلك، ولذا قال -عليه الصلاة والسلام-: ((من ذبح قبل الصلاة)) ما قال: اذبحوا مكان ما ذبحتم؛ لأنكم ذبحتم قبل الصلاة، وما دام الاحتمال قائماً فإنه يأتي بصيغة عموم تتناول الناس كلهم.

لما دخل الداخل والنبي -عليه الصلاة والسلام- يخطب، وجلس قال: ((قم فاركع ركعتين)) لماذا؟ لأنه يراه، دخل مع الباب وجلس، مثل هذا يقال له: قم فصل ركعتين، لكن الذي الاحتمال قائم في كونه صلى أو لم يصل، يؤتى به على سبيل التردد والاستفهام، هل صليت ركعتين؟ وهنا احتمال أن تكون هذه ذبحت قبل الصلاة، واحتمال أن تكون ذبحت بعدها، فقال: ((من ذبح قبل الصلاة فليذبح شاة مكانها)) لأنها لا تجزئ أضحية، لحم، كأنه جاء بها في يوم عرفة، أو في أول الشهر، أو في القعدة أو في شوال، لحم عادي، لا يتقرب بها على أنها أضحية، وعليه حينئذٍ أن يذبح مكانها.

قال: ((من ذبح قبل الصلاة فليذبح شاة مكانها)) دل على أن بداية وقت الأضحية الفراغ من الصلاة ولو لم ينته الخطيب من خطبته، وهل المراد بالصلاة صلاة الإمام أو صلاة المضحي؟ من أهل العلم من يربطها بالإمام، فيقول: إذا صلى الإمام تضحي ولو لم تصل أنت، ومنهم من يقول: صلاة المضحي؛ لأنه قد يعسر معرفة الفراغ فراغ الإمام من صلاته إذا كان في بلد ناءٍ قبل وسائل الاتصال الموجودة الآن، ما يدرون هل الإمام صلى وإلا تأخر وإلا حصل له ظرف وتأخر؟ ومنهم من يقيدها بوقت الصلاة كالشافعي، يقول: إذا ارتفعت الشمس ومر مقدار الصلاة يعني ارتفعت الشمس وعشر دقائق بعد ذلك، عشر من طلوعها، وعشر لأداء الصلاة، يعني بعد بزوغ الشمس بثلث ساعة اذبح؛ لأن هذا مقدار كافي للصلاة، لأنه احتمال أن يكون في بادية لا يصلون العيد، فيكفي المقدار.

((من ذبح قبل الصلاة فليذبح شاة مكانها، ومن لم يكن ذبح فليذبح على اسم الله)) هذا تقرير لما جاء في النصوص الكثيرة المتضافرة المتوافرة على وجوب التسمية.

طالب:.......

هاه؟

طالب:.......

هو من أدلة الوجوب، وأصح منه ما في القرآن.

هذا بالنسبة لبداية وقت الأضحية، وأما انتهاء وقت الأضحية فمختلف فيه، وكثير من أهل العلم يرى أنه ثلاثة أيام، يوم العيد ويومان بعده، وهذا قول المالكية والحنابلة، وعند الشافعية أربعة أيام، يوم العيد وثلاثة أيام بعده، ومنهم من يرى أنه يوم العيد فقط، وأن الأضحية تختلف عن الهدي، الهدي في يوم العيد وأيام التشريق، لكن عامة أهل العلم بل القول المعتمد عند أهل العلم أنه في يوم العيد ويومان أو ثلاثة بعده، والمرجح أنها ثلاثة كالهدي، ((أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله)) فالنهاية مقيسة على الهدي، فتكون ثلاثة أيام بعد يوم العيد، والبداية معلومة بالنص بعد الصلاة، الهدي نهايته معلومة بنهاية أيام التشريق، وبدايته معلومة وإلا غير معلومة؟

طالب: معلومة.

متى؟

طالب:.......

الهدي الهدي؟

طالب:.......

الهدي؟

طالب:.......

مغيب إيش؟

طالب:.......

بدايته؟

طالب:.......

النحر نحر الهدي من أعمال يوم النحر، يمتد إلى مغيب الشمس آخر أيام التشريق هذا ما فيه إشكال، لكن بدايته؟

طالب:.......

هو من أعمال يوم النحر "رميت قبل أن أنحر" ((افعل ولا حرج)) "نحرت قبل أن أطوف" ((افعل ولا حرج)) وكذا فعلت فعلت... إلى آخره، وأعمال يوم النحر متى تبتدئ؟

طالب:.......

يعني من ساغ له الانصراف من منتصف الليل من أهل الأعذار، أو من مغيب القمر، أو انصرف بعد مضي جل الليل وغالب الليل، أو انصرف بعد صلاة الفجر، ووصل إلى منى، هل هو مخير بين أن يفعل ما شاء من أعمال يوم النحر التي هي الرمي والطواف والسعي والحلق والنحر، هذه أعمال يوم النحر، فمن قدم شيئاً حتى من قال: سعيت قبل أن أطوف، قال: ((افعل ولا حرج)) نحرت قبل أن أرمي ((أفعل ولا حرج)) ساغ له أن يصرف، بل جلس إلى أن أسفر كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- ووصل إلى منى مع طلوع الشمس، يسوغ له أن ينحر وإلا ما يسوغ مقدماً النحر على الرمي؟ يجوز أن يقدم النحر على الرمي؛ لأنه قال: ((افعل ولا حرج)) فإذا قدمه قبل الصلاة مثلاً؟

طالب: إذا كان من أهل الأعذار.

ما هو من أهل الأعذار جلس صلى الصبح وجلس في مصلاه وصار آخر مزدلفة، فدخل منى بخمس دقائق قبل الصلاة، قبل أن يدخل الإمام، قبل أن ترتفع الشمس، وقال: فرصة الناس ذاهبين كلهم إلى الجمرة يرمون أنا با أذبح، ما دام الناس في غفلة، ويجوز تقديم الذبح على الرمي ((افعل ولا حرج)) يجوز وإلا ما يجوز؟

يعني مقتضى قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((افعل ولا حرج)) أنه يجوز، لكن مقتضى الحديث، وأن الأضحية والهدي متقاربان في الأحكام، وقيست الأضحية على الهدي في نهاية الوقت، يقتضي أن لا يذبح الإنسان هديه إلا بعد الصلاة.

القاعدة عند أهل العلم أنه إذا كان هناك سبب وجوب ووقت وجوب يعني للعبادة سبب وجوب ووقت وجوب، عندنا سبب وعندنا وقت، سبب وجوب الهدي هدي المتعة والقران الإحرام بهما، ما دام دخل في النسك وجد سبب الوجوب، ووقت الوجوب يوم النحر، مقتضى هذه القاعدة عند أهل العلم أنه لا يجوز فعل الشيء قبل سببه بالاتفاق، يعني ما تقول: والله الآن أنا جيت قبل أن أحرم أبا أذبح الهدي، ولا تقول: قبل أن أحلف أكفر خشية أن تجب علي الكفارة وأنا ما عندي شيء، وأنا الآن متيسرة أموري، يقول: أبذل كفارة يمين لئلا يجب علي كفارة يمين فيما بعد، وأنا ليس عندي ما أكفر به، يعني قبل انعقاد سبب الوجوب لا يجوز، ولا يجزئ، لكن إذا انعقد السبب وقبل وقت الوجوب يجوز أن تكفر عن يمينك قبل الحنث؟ يجوز وإلا ما يجوز؟ يجوز، يجوز أن تكفر عن يمينك قبل أن تحنث، ويجوز اتفاقاً أن تكفر بعد أن تحنث، وإذا جئنا لهدي التمتع والقران قلنا: سبب الوجوب الدخول في النسك، وهذا قبل يوم العيد، ووقت الوجوب يوم النحر؛ لأن الإضافة يوم النحر من إضافة الشيء إلى سببه الذي هو النحر.

طيب على مقتضى القاعدة يجوز أن نذبح قبل يوم النحر وإلا ما يجوز؟ أحرم قارن في الأول من ذي الحجة وجلس عشرة أيام قبل يوم النحر على مقتضى القاعدة يجوز أن يذبح وإلا ما يجوز؟ يجوز، وقال به جمع من أهل العلم، لكن القول الثاني وهو قول أكثر أهل العلم أنه لا يجوز نحر الهدي قبل يوم النحر، وما سمي يوم النحر إلا لأنه تنحر فيه الأضاحي والهدايا.

هناك كتاب صدر عن بعض أهل العلم قبل ثلاثين أو أربعين سنة "القول اليسر في جواز نحر الهدي قبل يوم النحر" مؤلف معروف ومتداول، لكنه رد عليه بكتاب آخر من شيخ أكبر منه وأعلم: "إيضاح ما توهمه صاحب اليسر في يسره من تجويزه نحر الهدي قبل وقت نحره" أو بقية العنوان سهل، المقصود أن هذه مسألة مختلف فيها، والراجح من أقوال أهل العلم أنه لا ينحر الهدي قبل يوم النحر، وأن وقته مثل الأضحية بعد الصلاة؛ ليكون مجزئاً بالاتفاق.

بعضهم ذهب إلى أن النحر خاص بالنهار دون الليل، وأن الأضحية لا تذبح في الليل، وهذا مشهور عن مالك -رحمه الله-، وغيره يذهبون إلى جواز الذبح بالليل والنهار في المدة المحددة شرعاً.

اليوم يطلق بإزاء النهار في مقابلة الليل، ويطلق أيضاً على ما يشمل الليل والنهار {تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ} [(65) سورة هود] يعني دون ليالي أو بلياليها؟ بلياليها، لكن في قوله -جل وعلا-: {سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ} [(7) سورة الحاقة] يدل على أن الأيام تطلق ويراد بها ما يقابل الليالي.

بعد هذا يقول المؤلف -رحمة الله عليه-: "وعن البراء بن عازب -رضي الله تعالى عنه- قال: قام فينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((أربع لا تجوز في الضحايا: العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ضلعها، والكبيرة التي لا تنقي))" أربع: هذا حصر، ومن قال: إن العدد له مفهوم قال: إنه لا عيب إلا هذه الأربعة المنصوصة، من قال: إن العدد له مفهوم يدل على الحصر، وأنه لا عيب سوى هذه الأربعة، وبهذا يقول أهل الظاهر، ولو كان العيب أشد مما نص عليه.

((العوراء البين عورها)) إذا كانت عمياء تجزئ وإلا ما تجزئ؟ عند عامة أهل العلم لا تجزئ، لكن عند الظاهرية؟ تجزئ، وإذا نظرنا إلى العلة في منع التضحية بالعوراء هذا عيب، ونقص ويعوقها عن بعض مصالحها، قالوا: إنها إذا كانت مع غيرها ترعى يفوتها ما في الجهة التي من جهة العين العوراء، يعني العشب والكلأ الذي في الجهة اليمنى أو اليسرى في جهة العين العوراء يفوتها، فكيف إذا كانت عمياء؟ يقول من يحتج للظاهرية: العمياء يحضر لها طعام وما يحتاج ترعى، العيب غير مؤثر، ولا يؤثر في لحم ولا غيره.

على كل حال هذا القول لا حظ له من النظر، فإذا منعت العوراء فلتمنع العمياء من باب أولى، لكن في قوله: ((البين عورها)) يعني بين واضح لمن رآها قال: عوراء، هناك من هو أعور، وهناك من هو أعمى لا يبين لا عوره ولا عماه، تكون عينه قائمة، وإن فقد البصر، هذه ليس ببين عورها، وحينئذٍ تكون مجزئة؛ لأن القيد البين عورها معتبر، ليس بلاغي، فإذا كانت العين قائمة من رآها رأى العينين سواء، عين قائمة لا عيب فيها، ولا يظنها عوراء، هذه مجزئة، فماذا عن العمياء إذا كانت العين قائمة ليس بيِّن عماها؟ إذا كان ليس بين عورها تجزئ، لكن هذه ليس بيِّنٌ عماها من رآها قال: تبصر، تشوف بعض العميان مسلوب البصر، ومع ذلك ما تظنه إلا يبصر.

طالب:.......

هاه؟

طالب:.......

تمشي، وراها ما تمشي، تمشي، لكن تصطدم بجدار، بعمود، لكن تمشي.

طالب:.......

هاه؟

طالب:.......

هذه يكون بين عماها إذا مشت، إذا مشت صار عماها بين، وحينئذٍ لا تجزئ، يعني من رأى العوراء وقال: عيناها سواء، هل هذا يدل على أن العور غير بين أو لا؟

طالب:.......

يعرفه.

يقول الشاعر:

خاط لي عمرو قباء

 

ليت عينيه سواء

عمرو هذا الخياط أعور.

خاط لي عمرو قباء
فسلوا الناس أشعري

 

ليت عينيه سواء
مديح هذا أم هجاء؟

هو يمدحه وإلا يذمه؟

طالب:.......

هاه؟

طالب:.......

ما يدرى يقول: ليت عينيه سواء.

طالب:.......

ويش هو؟

طالب:.......

ما يدرى هو أزعله وإلا أرضاه؟ ما تدري أنت، هو يقول:

فسلوا الناس أشعري

 

مديح هذا أم هجاء؟

هاه؟

طالب:.......

يعني القرينة ينظر في هذا القباء هل خياطته جيدة، ويتمنى أن يبصر بعينه فتكون سواء مع المبصرة، أو العكس إذا كان أفسد عليه قباءه يتمنى له العمى.

((أربع لا تجوز في الضحايا: العوراء البين عورها)) يعني واضح من رآها قال: هذه عوراء، انخسفت عينها، أو تغيرت عن طبيعتها الأصلية وعن أختها.

((والمريضة البين مرضها)) واضح أنها مريضة، من رآها قال: مريضة، وعلى هذا لو اشترى شخصاً أضحية نظر إليها وينظر إليها الناس ما يذكرون فيها شيء بدليل أن قيمتها كقيمة غيرها، ثم لما ذبحها وجد فيها داء مضر باللحم وبآكله داء عضال تجزئ وإلا ما تجزئ؟ نعم؟

طالب: ليس مرضها بيناً.

كيف؟

طالب: أقول: ليس مرضها بيناً ظاهراً.

يعني اشتراها على أنها سليمة، وبيعت على أنها سليمة، وبيعت في من يزيد، والناس يزيدون في قيمتها على أنها كأخواتها، ثم لما ذبحت تبين أن فيها علة، علة مؤثرة، يعني لو عرفت قبل ذلك ما جاءت ولا بعشر القيمة؛ لأن هذا المرض مؤثر في اللحم ومن ثم في آكله.

طالب:.......

نعم؟

طالب:.......

هذا بين؟ ((والمريضة البين مرضها))؟

طالب:.......

((المريضة البين مرضها)) افترض أنها سليمة مائة بالمائة، ثم بعد أن عينت مرضت، نعم؟

طالب: تجزئ.

أو وقعت وانكسرت، صارت بين ضلعها.

طالب:.......

هاه؟

طالب: قبل الذبح؟

قبل وقت الذبح.

طالب:.......

تجزئ وإلا ما تجزئ؟

طالب:.......

لو ماتت قبل الذبح، عينت هذه وصية واجبة اشتراها وبنفس القيمة المعهودة للأضاحي، وسليمة من كل وجه، ثم بعد ذلك شردت أو ماتت أو مرضت قبل الذبح؟

طالب:.......

يعني يخرج غيرها.

طالب: كما لو سرقت.

هاه؟

طالب:.......

هذا بفعله قبل الصلاة ذبحها بفعله، هذا من غير فعله.

طالب:.......

هذا خارج عن إرادته، أما من ذبح قبل الصلاة هذا بفعله، تجزئ وإلا ما تجزئ؟

طالب: تجزئ.

لما نجي نقرر أن ما تبين عيبه بعد ذبحه ولا سيما والحديث في البين مرضها، وهذه ليس ببين مرضها، فالمتجه إذا كان مرضها لا يتبين إلا بعد الذبح فإنها حينئذٍ لا تجزئ، أما إذا تبين قبل الذبح ولو كان خفياً ثم تبين بعد ذلك أنها تعاد بعيبها إلى بائعها.

((والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ضلعها)) والعرجاء البين ضلعها، ونأتي إلى ما حدث إذا حدث العيب بعد التعيين وقبل الذبح هذا من كانت عنده سعة، وأراد أن يذبح غيرها فهو الأكمل والأفضل، وإذا نفقت بغير فعله فنيته ثبتت، وأجره ثبت، ولا يلزم بذبح غيرها.

((والعرجاء البين ضلعها)) بعض العرج يوجد لكنه خفيف، ولا يعوق عن اللحاق بالصحيحات، فتلحق بالصحيحات السليمات، وترعى معهن، وتذهب وتأتي من غير نقص، لكن إذا كان بيناً يعوقها عن اللحاق بالسليمات فإنها حينئذٍ لا تجزئ.

((والكبيرة التي لا تنقي)) كبيرة السن، لا تنقي يعني لا نقي فيها، الذي هو المخ، نشف مخها، هذه في الغالب أن لحمها غث، وليس بطيب، بل هي من أراذل المال، والله -جل وعلا- يقول: {وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ} [(267) سورة البقرة] فهذه لا تجزئ، فعلى الإنسان أن تطيب نفسه بهذه الأضحية.

((الكبيرة التي لا تنقي)) يأتي في الحديث الذي بعده: ((لا تذبحوا إلا مسنة)) حديث جابر -رضي الله عنه- قال: ((لا تذبحوا إلا مسنة)).

عن جابر -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن)) رواه مسلم.

مسنة: المسن في عرف الناس الكبير، كبير السن، نهينا عن التضحية بالكبيرة، هناك دور للمسنين، وهناك عناية بالمسنين والكبار، نهينا عن التضحية بالكبيرة التي لا تنقي، وهنا قال: ((لا تذبحوا إلا مسنة)) المسنة هي التي بلغت السن الشرعي المعتبر، لا أنها مسنة يعني كبيرة، كبيرة السن التي نهي عن التضحية بها؛ لأن لفظ (مسن) في عرف الناس إنما يطلق على كبير السن، نهينا عن التضحية بالكبيرة، هذا تناقض وإلا لا؟ لا، يعني مسنة يعني بلغت السن الشرعية التي تجزئ فيها، وهو أن تكون ثنية، المسنة هي الثنية التي بلغت سن الثني، والثني من كل شيء بحسبه، من الإبل ما له خمس سنين، ومن البقر ما تم له سنتان، ومن الماعز ما له سنة، وكذلك الضأن، ما له سنة.

((إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن)) ففي الحديث دليل على أنه لا يذبح إلا الثني من جميع الأنواع حتى الضأن، فإذا تعثر ولم يوجد الثني نذبح الجذع من الضأن فقط، ولا نذبح الجذع من الماعز، ولا من الإبل والبقر، الماعز والإبل والبقر لا بد أن يكون ثنياً فما فوق، وأما بالنسبة للضأن فيجزئ الجذع، وحديث الباب يدل على أنه لا يجزئ إلا مع عدم المسن الذي هو الثني.

((إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن)) وهو ما له ستة أشهر، وجاء في أدلة أخرى ما يدل على إجزائه مع وجود غيره ((ضحوا بالجذع من الضأن)) و((نعمت الأضحية الجذع من الضأن)) مما يدل على أن الجذع من الضأن مجزئ، وإن كان الثني أفضل منه، فيبحث عن الثني فإذا أعسر ولم يوجد الثني يذبح الجذع من الضأن، ولا يعني هذا أنه لا يجزئ مع وجود غيره.

والحديث رواه مسلم، وضعفه بعضهم بعنعنة أبي الزبير راويه عن جابر، هو في صحيح مسلم، رواه أبو الزبير محمد بن مسلم بن تدرس المكي، وهو معروف بتدليسه عن جابر بصيغة (عن) فأعله بعضهم بهذه العنعنة، وهذا التضعيف له حظ من النظر أو لا؟ هذا التضعيف لا قيمة له، لماذا؟ لأن الحديث مخرج في صحيح مسلم، وقد تلقته الأمة بالقبول، وعنعنات الصحيحين محمولة عند أهل العلم على الاتصال، فلا يلتفت إلى قول غيرهم في مثل هذا.

ثم بعد هذا قال: "وعن علي -رضي الله عنه- قال: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نستشرف العين والأذن" يعني نتطلع ونتحسس ونتأكد من العين والأذن أنه لا عيب فيها.

"نستشرف العين والأذن" الأمر باستشراف العين موافق لقوله: ((العوراء البين عورها)) وإلا مخالف؟ نعم؟ مخالف، كيف مخالف؟ الحديث: ((أربع لا تجوز في الضحايا: العوراء البين عورها)) هذه العوراء التي ليس عورها ببين وهي مجزئة من مفهوم الحديث إذا استشرفنا هذه العين وجدنا فيها عيب، فهل يلزمنا أن نستشرف، أو نقول: عورها ليس ببين ومجزئة؟

في حديث علي: "أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نستشرف العين والأذن" يعني نتأكد من سلامة العين والأذن، هذا الخبر مختلف فيه، ضعفه جمع من أهل العلم.

"أن نستشرف العين والأذن، ولا نضحي بعوراء" يعني مقتضاه أننا نتأكد فلا نضحي بعوراء، ولو كان عورها ليس بيناً، بخلاف الحديث السابق ((البين عورها)) لأننا أمرنا أن نستشرف ندقق نلاحظ نتأكد من سلامة العينين، والحديث الأول يدل على أن العبرة بالظاهر، ولو كان الباطن مخالف لهذا الظاهر.

"ولا نضحي بعوراء ولا مقابلة ولا مدابرة" مقابلة: قطع مقدم أذنها، وترك يتدلى "ولا مدابرة" العكس قطع المؤخر فجعلت الأذن تتدلى "ولا خرقاء" يوجد في أذنها خرق، كثيراً ما تجدون في الأسواق من أثر الوسم تجدون فيها الخرق "ولا خرقاء ولا ثرماء" ثرماء التي طاح وقع أو سقط بعض أسنانها، هذه ثرماء.

"أخرجه أحمد والأربعة، وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم" وضعفه جمع من أهل العلم، وعلى هذا إذا قيل بصحته وهو مختلف فيه يكون العيب في الأذن مؤثر، وعلى الحديث السابق لا أثر له، ومثل هذا يعني لو حمل على الكمال وأننا نستشرف هذه لنطلب الأكمل، وأنه إذا وجد لا يؤثر، لكنه خلاف الأولى كما قال به جمع من أهل العلم.

يأتي من استراليا أغنام مقطوعة الألية، وقطعها إنما هو لمصلحتها؛ ليختلط الشحم باللحم فيطيب اللحم، بينما إذا وجدت الألية اجتمع هذا الشحم بها فيها فلم يختلط فهم يقطعونها من أجل مصلحة الغنم، كما أن خصاء الذكور من الغنم لمصلحتها؛ ليطيب لحمها، فهل تجزئ مقطوعة الألية؟

الفتوى كما هو معلوم على أنها غير مجزئة؛ لأنها ناقصة نقص مؤثر؛ لأن الألية وإن كانت في وقتنا الحاضر لا قيمة لها عند الناس، إلا أنها في أوقات بل في بلدان أخرى في وقتنا الحاضر لها أثر، فالفتوى على أن مقطوع الألية لا يجزئ.

يقول الشارح الصنعاني: "وأما مقطوع الألية والذنب فإنه يجزئ لما أخرجه أحمد وابن ماجه والبيهقي من حديث أبي سعيد قال: "اشتريت كبشاً لأضحي به فعدا الذئب فأخذ منه الألية فسألت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((ضح به)) لكنه حديث ضعيف في إسناده جابر الجعفي، ضعفه معروف، شديد الضعف عند أهل العلم، وفيه أيضاً محمد بن قرظة وهو مجهول، قال: إلا أنه له شاهداً عند البيهقي، قال: واستدل به ابن تيمية في المنتقى، المجد ابن تيمية في منتقى الأخبار استدل به على أن العيب الحادث بعد تعيين الأضحية لا يضر، يعني وقعت وانكسرت، فأصيبت بعيب بعد التعيين قال: فإنه لا يضر.

التضحية خاصة ببهيمة الأنعام، من الأصناف الثمانية المذكورة في سورة الأنعام، ولا يجزئ غيرها، وأما ما يذكر عن أبي هريرة أنه ضحى بديك، وعن فلان أنه اشترى لحماً بدرهمين فقال: هذه أضحية فلان، أو ضحى بحمار وحش، أو ضحى بكذا، كل هذا لا يصح، ولو صح لا يعارض به النصوص الصحيحة الصريحة، بل نقل كثير من أهل العلم الإجماع على أنها لا تجزئ إلا من بهيمة الأنعام، من الإبل والبقر والغنم، والخلاف في الأفضل منها، فمالك يرى أن الأفضل الغنم، أفضل من الإبل والبقر، يعني لو فرضنا أن شخصاً عنده جمل وعنده كبش، يضحي بهذا أو يضحي بهذا؟ يضحي بالكبش عند مالك، والجمهور يقولون: الجمل أفضل، هذا لمن أراد أن يضحي بالبدنة كاملة، لكن من أراد أن يضحي بالبدنة عن سبعة، سبع بدنة أو كبش؟ الكبش أفضل.

قال -رحمه الله-: "وعن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: أمرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أقوم على بدنه" البدن جمع بدنة "أن أقوم على بدنه" يعني بعد أن ذبح النبي -عليه الصلاة والسلام- منها ثلاثاً وستين، ووكل البقية إلى علي -رضي الله عنه- ليقوم بذبحها، وكل إليه أن يقوم بتدبير لحمها "أن أقوم على بدنه، وأن أقسم لحومها وجلودها" لأنها تبع لها "وجلالها" يعني ما تغطى به مما يقيها من حر الشمس ومن شدة البرد يسمى جلال "وجلالها على المساكين" لأنها تبعاً لها "ولا أعطي في جزارتها شيئاً منها" يعني جئت بالجزار تقول: كم تذبح هذه الأضحية؟ قال: بخمسين، تقول: أعطيك الجلد، أو أعطيك منها يد أو رجل بدل الذبح هذا لا يجوز، لكن إذا قال: بخمسين، ودفعت له الخمسين، اتفقت معه ثم أعطيته منها باعتبارها هدية إن كان غنياً، أو صدقة إن كان فقيراً، هذا لا شيء فيه، لكن لا يجوز لك أن تقي مالك من أجرته بشيء منها؛ لأن هذا رجوع، بشيء مما أخرجته لله -جل وعلا-.

قال: "أمرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أقوم على بدنه، وأن أقسم لحومها وجلودها وجلالها على المساكين" لحومها وجلودها وجلالها، جاء الأمر بالأكل {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا} [(36) سورة الحـج] الأكل والإطعام، والإطعام يكون على وجه التصدق على المساكين، ويكون أيضاً على جهة الإهداء، ولذا يستحب أهل العلم أن تقسم أثلاثاً، فيأكل ثلث، ويتصدق بثلث، ويهدي ثلثاً.

"ولا أعطي في جزارتها شيئاً منها" متفق عليه" لأن إعطاء الجزار أجرته شيئاً منها رجوع في هذا الشيء مما أخرجه لله -جل وعلا-، فلا يجوز بيع شيء منها، والأجرة في حكم البيع؛ لأنها مستحقة في ذمته.

عند أبي حنيفة يقول: يجوز أن تبدل هذا الجلد أو هذا الجلال أو الشعر شعر الأضحية يجوز أن تبدله بغير الدراهم والدنانير؛ لأنه يجوز لك أن تنتفع بالجلد فتنتفع ببدله، لا يجوز أن تبيعه بالإجماع، لكن يجوز أن تنتفع به، ومن وجوه الانتفاع أن تبدله بشيء تنتفع به.

طالب:.......

هاه؟

طالب:.......

يعني إبدال منفعة بمنفعة، يعني تنتفع بهذا كما تنتفع بالجلد تنتفع ببدله، يعني أنت محتاج لكتاب بلوغ المرام ما عندك دراهم تشتري بلوغ المرام عندك أضحية، تقول: أعطني... أعطك الجلد هذا، يجوز عند أبي حنيفة والجمهور على أنه لا يجوز؛ لأن هذا مبادلة حكمها حكم البيع.

"وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: نحرنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- عام الحديبية البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة" رواه مسلم" يعني عن سبع من الغنم، الغنم الكبش يجزئ عن واحد أصالة، ويدخل معه أهل بيته تبعاً، لكن لا يجزئ الكبش عن زيد وعمرو أضحية عن اثنين كل منهما على سبيل الأصالة، لكن يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً، يجزئ الكبش عنه وعن أهل بيته، لكن لا يجزئ عنه وعن أخيه مثلاً، أو عن جاره، فقد يدخل فيه عشرة ولا يجوز أن يدخل فيه اثنان، يعني تبعاً يجوز، لكن استقلالاً ما يجوز، لا يجوز أن تقول: هذه أضحية عن أبي وعن أمي فتقول: ضحيت عن أبي وضحيت عن أمي على جهة الاستقلال، لكن يجوز أن تقول: هذه الأضحية عني وعن والدي مثلاً تبعاً، لا إشكال في ذلك.

البدنة التي هي من الإبل ذكراً كان أو أنثى، والبقرة ذكراً كان أو أنثى يجزئ عن سبعة، فهي بمثابة سبع من الغنم، يشترك فيها سبعة على سبيل الأصالة، أو على جهة الأصالة، يشترك سبعة لا صلة لبعضهم ببعض فتجزئ عنهم، كل واحد يأخذ سبع، ويجوز أن يشترك فيها مع من لم يرد الأضحية، يريد لحم، ستة يشتركون في جمل فيأتي شخص يريد أن يضحي فيشترك معهم في هذا السبع قبل الذبح ثم بعد الذبح ذبحت البدنة وقسمت أسباع في ستة من الأشخاص اشتركوا فيها، قالوا: والله ما عندنا إلا قيمة ستة أسباع يبقى سبع، فميزت الأسباع، فجاء شخص قال: أنا أريد أن أضحي، أريد هذا السبع، يصح وإلا ما يصح؟

طالب:.......

بعد الذبح، ما يصح هذا لحم هذا، لكن قبل الذبح يشترك فيها سبعة سواءً كلهم مريدون للأضحية أو للتضحية أو يريدون اللحم، وبعضهم يريد التضحية.

هذا السبع يجوز أن يدخل فيه تبعاً لهذا الأصيل الذي اشترك فيه أو لا يجوز؟ البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة نص، لكن إذا كان كل واحد من السبعة هو وأهل بيته، يجوز وإلا ما يجوز؟ بعضهم يمنع، يقول: محدد شرعاً البقرة عن سبعة، والبدنة عن سبعة، فلا يجوز أن تدخل فيها لا أهلك ولا والديك، وهذا سببه عدم التفريق بين الاشتراك بالأصالة وبين الإهداء، إهداء الثواب، يعني أنت ضحيت عن نفسك هذا الأصل، وأهديت بعض الثواب لأهلك تبعاً لك، ففرق بين هذا وهذا.

وعلى كل حال إذا كانت البدنة عن سبعة فهي تقوم مقام الغنم من كل وجه، فما يثبت في الواحد من الغنم يثبت في سبع البدنة، لكن لا يشترك في السبع أكثر من مضحي على سبيل الأصالة، كما أنه لا يشترك في الكبش أكثر من واحد على سبيل الأصالة.

جاء في صحيح مسلم من حديث أم المؤمنين أم سلمة أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال: ((إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره وبشره شيئاً)) والحديث صريح في النهي، والنهي الأصل فيه التحريم، وإن حمله الأكثر على الكراهة، لكنه واضح وصريح في التحريم، وأنه لا يجوز لمن أراد أن يضحي، لكن في أول العشر ما عنده نية يضحي، في أثنائها أراد أن يضحي قبل هذه الإرادة يجوز له، فمن إرادته لا يجوز له أن يمس من شعره ولا بشره شيئاً.

إذا أراد أن يضحي واعتمر، وأراد أن يحلق أو يقصر، هذا نسك واجب لا يعارض به مثل هذا النهي، فيأخذ من شعره باعتبار أنه مأمور به، ولا يقال: اجتمع حاظر ومبيح، أو آمر والحظر مقدم على كذا، هذا مخصوص بالنسك.

من يُضحى عنه هل يمسك أو لا يمسك؟ يعني يريد أن يضحي عنه وعن أهل بيته، هل الجميع يمسكون عن مس الشعر والبشر أو يمسك هو والبقية ما لهم علاقة؟

طالب:.......

الفقهاء يقولون: من أراد أن يضحي أو يضحى عنه، لكن لو...

طالب:.......

هاه؟

طالب:.......

لا، لا لا، حتى أهل البيت؛ لأنهم يضحى عنهم، ووجه هذا أن من يضحى عنه مضح في الحقيقة، من يضحى عنه مضح، يعني الولد ما يقول: ضحينا؟ المرأة ما تقول: ضحينا؟ إذا حج به أبوه ما يقول: حججت؟ فإذا ضحى عنه أبوه فقد ضحى، فيدخل في الحديث، وهذا كلام أهل العلم، ومنهم من يقول: إن الخطاب متجه لمن بذل قيمة الأضحية، وأراد أن يضحي عن نفسه أصالة، وغيره يدخل تبعاً فلا يدخل في الحكم، والنظر جاري في هذه المسألة، وكلام الفقهاء له وجه؛ لأن من ضُحي عنه فقد ضحى، كما أن من حج به فقد حج، والله أعلم.

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

"