شرح كتاب التوحيد - 03
سم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال شيخ الإسلام -رحمه الله- تعالى: باب من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب، وقول الله تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [(120) سورة النحل]، وقال: {وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ} [(59) سورة المؤمنون].
عن حصين بن عبد الرحمن قال: كنت عند سعيد بن جبير -رحمه الله- فقال: أيكم رأى الكوكب الذي انقض البارحة؟ فقلت: أنا ثم قلت: أما إني لم أكن في صلاة ولكني لدغت قال: فما صنعت؟ قلت: ارتقيت قال: فما حملك على ذلك؟ قلت: حديث حدثناه الشعبي قال: وما حدثكم؟ قلت: حدثنا عن بريدة بن الحصيب أنه قال: "لا رقية إلا من عين أو حُمَة"، قال: "قد أحسن من انتهى إلى ما سمع، ولكن حدثنا ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((عرضت على الأمم، فرأيت النبيَّ ومعه الرهط، والنبي ومعه الرجلُ والرجلان، والنبيَّ وليس معه أحد، إذ رفع لي سواد عظيم فظننت أنهم أمتي فقيل: هذا موسى وقومه، فنظرت فإذا سواد عظيم فقيل لي: هذه أمتك ومعهم سبعون ألفاً يدخلون الجنة فقيل لي: هذه أمتك ومعهم سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب))، ثم نهض فدخل منزله فخاض الناس في أولئك فقال بعضهم: فلعلهم اللذين صحبوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال بعضهم: فلعلهم الذين ولدوا في الإسلام فلم يشركوا بالله شيئاً، وذكروا أشياء، فخرج عليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخبروه فقال: ((هم الذين لا يسترقون ولا يتطيرون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون))، فقام عكاشة بن محصن فقال: "ادع الله أن يجعلني منهم" فقال: ((أنت منهم)) ثم قام رجل آخر فقال: "ادع الله أن يجعلني منهم"، فقال: ((سبقك بها عكاشة)).
فيه مسائل:
الأولى: معرفة مراتب الناس في التوحيد.
الثانية: ما معنى تحقيقه.
الثالثة: ثناؤه سبحانه على إبراهيم بكونه لم يكن من المشركين.
الرابعة: ثناؤه على سادات الأولياء بسلامتهم من الشرك.
الخامسة: كون ترك الرقية والكي من تحقيق التوحيد.
السادسة: كون الجامع لتلك الخصال هو التوكل.
السابعة: عمق علم الصحابة بمعرفتهم أنهم لم ينالوا ذلك إلا بعمل.
الثامنة: حرصهم على الخير.
التاسعة: فضيلة هذه الأمة بالكمية والكيفية.
العاشرة: فضيلة أصحاب موسى.
الحادية عشرة: عرض الأمم عليه -عليه الصلاة والسلام-.
الثانية عشرة: أن كل أمة تحشر وحدها مع نبيها.
الثالثة عشرة: قلة من استجاب للأنبياء.
الرابعة عشرة: أن من لم يجبه أحد يأتي وحده.
الخامسة عشرة: ثمرة هذا العلم، وهو عدم الاغترار بالكثرة، وعدم الزهد في القلة.
السادسة عشرة: الرخصة في الرقية من العين والحمة.
السابعة عشرة: عمق علم السلف؛ لقوله: "قد أحسن من انتهى إلى ما سمع"، ولكن كذا وكذا، فعلم أن الحديث الأول لا يخالف الثاني.
الثامنة عشرة: بعد السلف عن مدح الإنسان بما ليس فيه.
التاسعة عشرة: ((قوله أنت منهم)) علم من أعلام النبوة.
العشرون: فضيلة عكاشة.
الحادية والعشرون: استعمال المعاريض.
الثانية والعشرون: حسن خلقه -صلى الله عليه وسلم-.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: فيقول المؤلف الإمام المجدد -رحمه الله- تعالى:
"باب من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب": تحقيق التوحيد كما قرره أهل العلم تخليصه، وتنقيته من شوائب الشرك الأكبر والأصغر والخفي والجلي، والبدع المحدثة في الدين، مما لا يدل عليه دليل من الكتاب أو السنة، والإصرار على المعاصي لا سيما الكبائر.
هم يذكرون هذا في تحقيق التوحيد، في تحقيقه الموعود عليه بدخول الجنة بغير حساب، لكن في حديث السبعين الألف الذين يدخلون الجنة بغير حساب، هل يكفي ما ذكره أهل العلم في تحقيق التوحيد في تخليصه من شوائب الشرك والبدع والمعاصي، أم لا بد من قدر زائد وهو تمام التوكل؟ تمام التوكل الذي يجمع ما قيل في ((لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون))، يعني يدخل الجنة بغير حساب وقد اكتوى؟ مقتضى شرح الترجمة يدخل أولا يدخل؟
طالب:.......
من اكتوى أو استرقى مقتضى شرح الترجمة "باب من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب"، قالوا: تحقيق التوحيد تخليصه من شوائب الشرك والبدع والمعاصي، فهل الكي معصية؟ طلب الرقية معصية؟
نعم التطير معصية معروف، الطيرة شرك على ما سيأتي، يعني هل يطلب لدخول الجنة بغير حساب تمام التوكل كما في حديث السبعين الألف الآتي؟ وهل تدل عليه الترجمة وشرح الترجمة من قبل أهل العلم؟ نعم؟
طالب:.......
إيه.
طالب:.......
نمشي على كلامهم تحقيقه تصفيته وتخليصه من شوائب الشرك والبدع والمعاصي، نعم؟
طالب:.......
كيف؟
طالب:.......
غير مانع من دخول الجنة بغير حساب؛ الترجمة "باب من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب"، هل من تحقيق التوحيد تمام التوكل أولا؟
طالب:.......
هاه؟
طالب:.......
تمامه.
طالب:.......
يعني افترض أن شخصاً اكتوى، هل نقول: إنه فعل محرماً؟
طالب:.......
ما فعل محرماً.
طالب:.......
كيف؟
طالب:.......
شرحهم للترجمة "باب من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب"، ما معنى حقق التوحيد؟ تحقيقه تخليصه..، والمعاصي، لكن لو أضيف إليه ما يدخِل تمام التوكل التأمت الترجمة مع الحديث.
طالب:.......
الشيخ ذكر الحديث؛ لبيان معنى الترجمة، إذن لا بد من إدخال تمام التوكل في معنى تحقيق التوحيد، والشرَّاح قاطبة لا يدخلونه، الشراح حينما شرحوا هذه الترجمة ما رأيت أحداً أشار إلى أن تمام التوكل الذي يترتب عليه ترك الاسترقاء وترك الكي.
طالب:.......
هذا في تيسير العزيز الحميد.
طالب:.......
أعد أعد؟
طالب:.......
لا، لا بد من ترك المعاصي مع فعل المأمورات، هذا لا بد منه.
طالب:.......
لا، لا هو المعاصي، فمن فعل المباح يدخل في تحقيق التوحيد على كلامهم.
طالب:.......
لا على أنها مباحة ما...، والكي مباح، النبي -عليه الصلاة والسلام- كوى، والخلاف في كونه اكتوى، كونه رقى ورُقي -عليه الصلاة والسلام-، وسيأتي هذا نعم؟
طالب:.......
لا، لا إذا ما وجد حساب ما وجد عذاب مباشرة، إذا لم يوجد..، قد يوجد الحساب ولا يوجد العذاب، لكن إذا وجد العذاب فلا بد من الحساب، نعم.
طالب:.......
تركوا.
طالب:.......
لكن كلهم...، ما معنى تحقيق؟ الترجمة، يعني لما قالوا: تخليصه، تحقيقه وتخليصه، تحقيقه تخليصه من شوائب الشرك والبدع والمعاصي، إذن هذا الشرح لهذه الترجمة ناقص، يحتاج إلى إضافة ليدخل فيها ما أشير إليه في الحديث، لا بد من ذلك، وسيأتي الحديث إن شاء الله تعالى.
"من حقق التوحيد دخل": "من": شرطية فعل الشرط: حقق التوحيد، وجوابه: دخل الجنة بغير حساب.
"وقول الله تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [(120) سورة النحل]": {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ}: إمام الحنفاء، ومحطم الأصنام الصابر على الأذى في ذات الله.
"{كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}": يعني صبر صبراً قد لا يوجد عند عموم الخلق، نعم النبي -عليه الصلاة والسلام- صبره المثال المحتذى في تحمل أعباء الدعوة، وإبراهيم -عليه السلام- استحق هذا الوصف الذي يتلى إلى قيام الساعة، {كَانَ أُمَّةً}؛ لأنه صار في وقت من الأوقات منفرداً بتحقيق التوحيد، ومن حوله كلهم مشركون، حتى أقرب الناس إليه، في مدة طويلة.
حطم الأصنام، وأُمر بذبح ابنه فتله للجبين، ما تردد ولا تأخر، فهو أمة، وهو إمام، فالأمة تطلق ويراد بها الإمامة، ويطلق على الشخص بأنه أمَّة يعني أنه كالأمة، بما يشتمل عليه من الصفات التي يندر أن تجتمع في غيره، بل لا يمكن أن تجتمع إلا في مجموعة من الناس.
"{إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا}": القنوت دوام الطاعة، فهو على الدوام مطيع لله -جل وعلا-.
"{حَنِيفًا}": من الحنف، وهو الميل، حنف وأحنف يطلق على مائل الرجل، وهنا من مال عن الشرك وأهله إلى التوحيد.
"{حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}": إبراهيم الذي حطم الأصنام عدو الشرك والمشركين لم يك من المشركين، ومفهومه أنه محقق للتوحيد، إذا ترادفت هذه الأوصاف: أمة، قانت لله، حنيفاً، ولم يك من المشركين، إذن هو محقق للتوحيد، ومع ذلك خاف على نفسه وبنيه من الشرك، {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ} [(35) سورة إبراهيم]، فليس الإنسان مادامت روحه في جسده في مأمن عن الزيغ، والافتتان، نسأل الله الثبات.
"{وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ}": سيأتي في باب: الخوف من الشرك، وإذا كان إبراهيم الذي حطم الأصنام هو الذي يقول: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ}؛ وما ذلكم إلا لعلمه التام بخطر الشرك، وتجد المسلم مع الأسف يقيم بين ظهراني المشركين، وقد يقلد المشركين، وقد يتأثر ببعض أفعالهم، ولا يخشى على أولاده من أن ينحرفوا وأن يرتدوا كما حصل لأولاد كثير ممن يعيش في بلاد الكفار، ولا شك أن هذا تفريط وخيانة للنفس والولد؛ ولذا الهجرة من أوجب الواجبات، ولم تبح الحيلة إلا في سبيلها، ولم يعذر إلا الضعيف المستضعف الذي لا يستطيع، لا يستطيع ولا عن طريق الحيلة، وإلا إذا استطاع عن طريق الحيلة تعينت عليه الهجرة، فالإقامة بين ظهراني المشركين لا شك أنها خطر على النفس، بكثرة الإمساس يقل الإحساس، وكم حصل من عظائم الأمور لبعض من يتكرر منه السفر فضلاً عن الإقامة بين ظهراني المشركين، تجده يتساهل شيئاً فشيئاً حتى لا يكون الشخص الذي تعرفه من قبل، فالأسفار أضرارها عظيمة، وعواقبها وخيمة فضلاً عن الإقامة بين ظهرانيهم التي لا بد أن يتأثر بها مهما قال، لا بد أن يتأثر.
"وقول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ} [(57) سورة المؤمنون] إلى قوله: {وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ} [(59) سورة المؤمنون]": عندك الآية الأولى؟
طالب:.......
لا، {إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ} [(57) سورة المؤمنون]؟ نعم.
"إلى قوله: {وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ} [(59) سورة المؤمنون]": يعني هؤلاء الذين جمعوا هذه الأوصاف يعملون الأعمال الصالحة مخلصين فيها لله -جل وعلا-، ومع ذلك هم مشفقون خائفون وجلون أن ترد عليهم.
"إلى قوله": وهو المقصود {وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ}: يعني أنهم محققون للتوحيد، مشفقون من أن ترد عليهم هذه الأعمال كما في قوله -جل وعلا-: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} [(60) سورة المؤمنون]: يعني عندهم خوف وإشفاق من أن ترد عليهم الأعمال، وهذا إذا جمع المرء بين حسن العمل مع الخوف والوجل من أن يرد عليه هذا العمل؛ لأنه لا يركن إلى نفسه، بل ركونه إلى ربه -جل وعلا-، فإنه إذا اعتمد على نفسه ووكل إليها، فإنه يوكل إلى ضعف وعجز، لكنه يعمل الأعمال الصالحة، ويقدم ما يستطيعه من أوامر، ويترك ما أمر باجتنابه، ((إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه)) ومع ذلك هو خائفٌ وجلٌ ألا يقبل منه هذا العمل، كما حصل من الصحابة -رضوان الله عليهم-، وفي مقابلهم أهل التفريط، بل أهل النفاق الذي يجمعون بين سوء العمل مع الأمن والإدلال بهذا العمل، ولا شك أن الخوف والخشية..، الخشية هي فائدة العلم، وخلاصته، والإشفاق بمعنى الخشية، {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} [(28) سورة فاطر]، تجد بعض الناس يمُنُّ على ربه بعبادته، بطاعته إذا فعل شيئاً كأنما أدخل الناس في دين الله، وأخرجهم من الظلمات إلى النور قاطبة وصارت جميع حسناتهم في ميزانه، إذا ركع ركعتين قد لا يحضر قلبه فيهما، يتكبر ويتبختر ويقول: الحمد لله احنا..، يعني مثل ما يسمع في المجالس، يقول: ما دمنا نصلي الحمد لله غيرنا ما يصلي، وسُمِع من يقول: إن النار سوف تمتلئ من الكفار، مئات الملايين بل ألوف الملايين كلهم كفار إلا القليل النادر، لا شك أن هذا أمن من مكر الله وهو من عظائم الأمور، كما أن مقابله -وهو اليأس من روح الله، والقنوط من رحمة الله- مثله، فينبغي أن تكون حال المسلم في منزلة بين هذين الأمرين، خائفاً راجياً، يحسن العمل، يحرص على أن يعمل العمل مع توافر الشروط بالإخلاص والمتابعة، ومع ذلك يخشى ويخاف أن يرد عليه هذا العمل، ويرجو رحمة ربه، ولا يتكل على عمله.
"إلى قوله: {وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ}": يعني أنهم يحققون التوحيد.
يقول الحافظ ابن كثير -رحمه الله- تعالى: "أي من إحسانهم وعملهم الصالح مشفقون من الله خائفون وجلون من مكره بهم"، كما قال الحسن البصري: "المؤمن من جمع إحساناً وإشفاقاً والمنافق من جمع إساءة وأمناً"، والآن الاتجاه وما يدور في وسائل الإعلام أن تخويف الناس ينكد عليهم حياتهم، فلماذا النار، النار النار؟
وبعضهم يعتب على من يأتي بنصوص الوعيد في أوقات أفراح وما أشبه ذلك، لكن على كل حال لا بد من التوازن، ولا بد من الاعتدال حتى أنه صدر في بعض الجهات خارج هذه البلاد منع الخطباء أن يتحدثوا على النار على المنابر، منعوهم أن يتحدثوا على المنابر عن النار؛ لأن ظروف الحياة صعبة، وأكثر الناس يعيش في تعاسة ثم إذا جاء إلى المسجد يسمع النار النار؟ ماذا بقي من حياته؟
هذا كلامهم -نسأل الله السلامة والعافية- ويريدون من الناس أن يكونوا كالبهائم، همهم الأكل والشرب، ولا خوف ولا رجاء!!
ثم قال -رحمه الله- تعالى:
"عن حصين بن عبد الرحمن قال: كنت عند سعيد بن جبير": الفقيه التابعي المفسر، التابعي الجليل.
"عند سعيد بن جبير فقال: أيكم رأى الكوكب الذي انقض البارحة؟": سقط كوكب –شهاب- سقط البارحة.
"فقال: أيكم رأى الكوكب الذي انقض البارحة؟": والبارحة تطلق على أقرب ليلة مضت، والأصل أن هذا الإطلاق يكون قبل الزوال، لكن بعد الزوال ماذا يكون؟
قبل الزوال يقال: الليلة، وبعد الزوال يقال: البارحة، بعد الزوال يقال لليلة التي مضت البارحة، وقبله يقال: الليلة، وأما بالنسبة لما بعد الزوال فيقال الليلة لليلة اللاحقة، القادمة.
"الذي انقض البارحة؟": كوكب سقط رجم به، فسأل عنه سعيد بن جبير فقال: أيكم رآه؟ وما الفائدة من هذا السؤال؟ نعم؟
طالب:.......
هاه؟
طالب:.......
هو الشهب هذه لا شك أنها يرمى بها، يرمى بها الشياطين.
"أيكم رأى الكوكب الذي..؟": هل السؤال عن مثل هذا من فضول العلم أو من متينه؟
سعيد بن جبير تابعي جليل فقيه مفسر، إمام حجة، معروف، قتله الحجاج ولما يكمل الخمسين، يعني السؤال عن مثل هذا، يعني هل أراد أن يختبر من حوله هل فيكم قائم أو كلكم نائمون؟
طالب:.......
نعم؟
طالب:.......
يعني مجرد إخبار بما حصل أنه انقض كوكب البارحة؟
طالب:.......
يعني يبدأ به في حديثه معهم، يكون مدخلا للحديث؟! ليس من عادتهم أن يذكروا شيئاً لا فائدة فيه، يتوصلون به إلى ما له فائدة.
طالب:.......
لكن ما بان شيء، خلاص انتهى الموضوع، ما ذكر شيئا يتعلق به، نعم؟
طالب:.......
يعني هل كان مقصوده أن يتحدث عن قيام الليل، فأراد أن يسأل هذا السؤال ليعرف النائم من القائم؟
طالب:.......
هاه؟
طالب:.......
يريد أن..، يعني يصعب مواجهة الشخص أن يقول: هل قمت البارحة، أو ما قمت البارحة، ومن الإحراج أن يقال: من قام منكم البارحة، ومن لم يقم، يعني هذا إحراج، فأتى بهذا السؤال الذي يتوصل به إلى مقصوده من غير حرج، أيكم رأى الكوكب الذي انقض البارحة؟ نعم.
طالب:.......
لكونه تحت سقف مثلاً.
طالب:.......
لكن الغالب أنهم يرونه، الغالب أنهم يعني السقوف ما تحتملهم.
على كل حال هكذا حصل، والذي يظهر أنه أراد أن يعرف القائم من النائم؛ لينصح، وليحث القائم على المزيد، والنائم على قيام الليل، والله المستعان.
قال: "فقلت: أنا": حصين بن عبد الرحمن، فقلت: أنا، وخشية أن يظن سعيد بن جبير ومن حضر معه أنه قام للصلاة، "ثم قلت: أما إني لم أكن في صلاة": وهل هذا ينفي أنه قام الليل وفي هذه اللحظة لا نقول في صلاة؟ ويكون هذا من باب إخفاء العمل، وهو قدر زائد على مجرد بيان الواقع؛ لأنها مراتب، من الناس من لا يقوم ويدعي أنه يقوم، ومنهم من لا يقوم ويخبر أنه لا يقوم، ومنهم من يقوم ويخفي أنه يقوم، هذه مقامات.
"فقلت: أنا، ثم قلت: أما إني لم أكن في صلاة": وهذا من حرصهم -من حرص الصدر الأول- على إخفاء العمل فضلاً عن دعوى خلاف الواقع، يعني قد يأتي الإنسان متعباً ويظهر للناس أنه من أثر العبادة بالليل وليس الأمر كذلك، يعني كما جاء في حديث ((من كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه)) يعني يظهر للناس أنه هاجر لله ورسوله والأمر ليس كذلك.
"قال: ثم قلت: أما إني لم أكن في صلاة": لئلا يظن به خلاف الواقع، لكن هل يلزم أن يقول: أما إني لم أكن في صلاة، أو هذا من تمام الورع؟ والبعد عن الرياء؟ يعني لو سكت، فقلت: أنا، وسكت، لا شك أن قوله: أما إني لم أكن في صلاة هو الكمال.
قد يقول قائل: الكمال أن يكون يصلي، لكن بالنسبة لحاله بيان الواقع هو الكمال، فضلاً عن السكوت، فضلاً عن ادعاء خلاف الواقع.
"أما إني لم أكن في صلاة ولكني لدغت": لدغت، لقد لدغته حية أو عقرب، وكانت هذه اللدغة فيما يظهر قوية، وأثرها شديد، لماذا؟ لأنه لم ينم بسببها.
نعم؟
طالب:.......
يرى الكوكب، تظن البيوت كلها مسقوفة وكلها..؟ لا، لا في وقتهم السقوف قليلة، وأكثر نومهم في العراء نعم؟
طالب:.......
وهو يصلي، يراه وهو يصلي؟
طالب:.......
هو..... لا شك..، على كل حال نشوف ماذا بقي.
"ولكني لدغت": لُدغ، لدغته عقرب، والعرب يسمون اللديغ سليم من باب التفاؤل.
"لدغت، قال: فما صنعت؟": الآن الواحد منا إذا أصابه ما يصيبه لا سيما مثل هذه الأمور المؤلمة يفزع إلى الطبيب؛ ليصرف له علاجاً يسكن عليه الألم، أو يستفرغ من جسده السم، ومنهم من يَرقي، ومنهم من يسترقي، وهناك رقية للعقرب.
طالب:.......
هاه؟
طالب:.......
شركية.
طالب:.......
تستعمل، الآن يرقي هذه الرقية على يده ويحمل العقرب ما تلدغه، وكأنها متداولة من القدم بكلام لا يفهم معناه، حتى قالوا في ترجمة مسدد: مسدد بن مسرهد بن مسربل بن مغربل بن أرندل بن سرندل ابن عرندل، قالوا: هذه رقية العقرب؛ لأنها تشبهها في كونها ألفاظ قريبة من الترادف مما لا معنى له، يعني ذكر هذا في كتب التراجم، قالوا: هذه رقية العقرب، مما يدل على أن هذه الرقية موجودة من القدم..، نعم؟
طالب:.......
ما هي؟ ذكرها بحروفها؟
طالب:.......
بحروفها ذكرها؟
طالب:.......
ما هي حفظتها؟
طالب:.......
اسمه؟ يعني نجعل سبباً لا شرعياً ولا عادياً شرك هذا الشرك، يعني جعل الشيء سبباً ولم يجعله الشارع سبباً، وليس فيه أثر حسي نافع لهذا الأمر، يعني لو قال واحد: أنا أجعل هذه البطاقة -هذه الورقة- في جيبي خشية العين، هذه ليست بسبب شرعي ولا عادي، تنفع؟ لا تنفع، واتخاذ السبب ولم يجعله الشارع سبباً هذا من أبواب الشرك، نعم؟
طالب:.......
هذا من التوكل، لكن الفرق فيما إذا خشي التلف مثلاً، لدغته حية وترك العلاج ومات، ما ذهب إلى المستشفى ويعرف أنه يموت، هل يأثم أو لا يأثم؟
المسألة معروفة عند أهل العلم وشيخ الإسلام يقول: "لا أعلم سالفاً أوجب العلاج".
طالب:.......
هم كأنهم يقارنون هذه الأسماء المترادفة في وزن واحد وأنها من باب أشبه ما تكون بالطلاسم.
طالب:.......
فعل السبب لاينافي التوكل.
طالب:.......
لا، لا يلزمه وجوب، فعل السبب لا ينافي التوكل، وعرفنا في دروس مضت أن ترك الأسباب خلل في العقل، واعتماده على الأسباب خلل في الشرع، فلا بد من التوازن، يعني لو أن إنساناً في وقت شديد البرودة اغتسل وخرج، اغتسل بثيابه وخرج، يقول: الأسباب ليس لها أثر، وأنا متوكل، نقول: مجنون ، فرق بين التوكل مع ترك العلاج، وبين ترك الأسباب التي في تركها هلكة، الذي هو يتسبب لنفسه بالهلاك، يعني شخص مثل ما قلنا: اغتسل في ثيابه في يوم شديد البرد وخرج ونام في السطح، ويقول: الأسباب لا قيمة لها، نقول: أنت تسببت في هلاك نفسك، فأنت آثم، لكن لو كان يوم شديد البرد، وعنده ما يستدفئ به وتركه، هو ما فعل بنفسه، ما فعل ما يهلك بسببه، لكنه ترك السبب، عنده ما يستدفئ به، وقال: السبب ا يلزم، فرق بينه وبين من بذل السبب المهلك، وبين من ترك السبب المؤدي إلى الهلاك، فرق بين هذا وهذا، لكن كلاهما مطلوب، فعل الأسباب مأمور به شرعاً.
"قال فما صنعت؟ قال: ارتقيت": كأن الظاهر أنه رقى نفسه، والرقية لها أثرها العظيم في المرقي بشروطها، وسيأتي باب خاص بالرقى، فالرقية بشروطها لا شك أنها مؤثرة، ومن أنفع أسباب العلاج وأقرب الطرق للشفاء.
"ارتقيت":
طالب:.......
استرقيت: يعني طلبت من يرقيني، استرقيت: يعني طلبت من يرقيني.
وكأن الحديث ساقه سعيد بن جبير عن ابن عباس من أجل الإيراد عليه بكونه استرقى.
"قال: فما حملك على ذلك؟": يعني هل عندك دليل أو تعمل بغير دليل؟
لأن السلف معولهم على الدليل، حتى قال قائلهم: إن استطعت ألا تحك رأسك إلا بأثر فافعل.
"قال فما حملك على ذلك؟ قلت: حديث": يعني حملني حديث "حدثناه الشعبي": عامر بن شراحيل التابعي الجليل. "قال: وما حدثكم؟ قلت: حدثنا عن بريدة بن الحصيب أنه قال: لا رقية إلا من عين أو حُمة": لا رقية إلا من عين أو حمة، "لا": هذه نافية، هل مفادها النهي يعني لا ترقوا إلا من أجل العين والحمة؟ وكانت الرقية ممنوعة إلا في هذين كما قال بعضهم، أو أنه لا رقية تنفع كنفع الرقية من العين والحمة؟
يعني تنفع لكن النفع الأعظم في الرقية من العين والحمة، والعين هي إصابة المعيون من قبل العائن بعينه، ويسمونها، بعضهم يسميه حسد هذا محسود، وهذا يحسد الناس، مع أنه ليست هي الحسد، العين تختلف عن الحسد، الحسد تمني زوال النعمة عن الغير، والعين إصابة المعيون بالعين الناتجة عن هذه النفس الخبيثة الشريرة، لكن هل الطب الحديث والعلم الحديث استطاع أن يكتشف شيئاً بالنسبة لهذه العين، هل استطاع؟
طالب:.......
لا يستطيع؛ لأنها أمور غير محسوسة، وأثرها واضح وآني في وقته، وإذا ذهب المعيون إلى الأطباء قالوا: سليم ليس فيك شيء، قالوا: سليم، وعلاجك في الرقية، ولا شك أن العين علاجها الرقية، إلا إذا ترتب عليها أثر حسي، يعني أصيب بعين فوقع وانكسر يده أو رجله، هذا يعالج بالعلاج الطبي.
"قال: لا رقية إلا من عين": أصابت المعيون كما حصل من عامر بن ربيعة حينما..، هاه؟
طالب:.......
لما أصابه بعينه، طلب منه النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يغتسل له، وهذا أيضاً مجرب وشرعي، يغسل مواضع من بدنه، وتصب على هذا المعيون فيبرأ، إضافة إلى الرقية، نعم؟
طالب:.......
إي هذا الأصل، القلب السليم لا يمكن أن يصدر منه العين، لا بد أن يكون في نفسه شيء، تظن أنه مثل الشخص الذي قال: ((يدخل عليكم رجل من أهل الجنة)) قلبه سليم؟ ما يعرف هذا من صاحب القلب السليم، نعم.
طالب:.......
آثم، آثم...... في النار.
طالب:.......
على كل حال إذا قتل بعينه، يختلف أهل العلم هل يقاد منه أو لا يقاد، أو يحبس؛ لئلا يتضرر غيره ويدفع الدية؟ المقصود أن المسألة خلافية، نعم؟
طالب:.......
هذا لا بد أن يعزر، لا بد أن يعزر ويكف شره عن الناس، هاه؟
طالب:.......
إيش فيها؟
طالب:.......
بعض الناس يبالغ، كلما أصيب بشيء قال: معيون، هذا الكلام ليس بصحيح، وبعضهم ينفي العين، ويتحدى العائن، وهذا أيضاً ليس بصحيح؛ لأن العين حق، فلا هذا ولا هذا، والمطلوب التوسط، يتوكل على الله -جل وعلا-، ولا يعرض نفسه لشخص عرف بإصابته، نعم؟
طالب:.......
وقد يكون صلاح من جهة، صلاح في عمل، صلاح في كذا، لكن يكون في نفسه شيء من الخلل، وإلا سليم القلب ما يمكن أن يصيبه، نعم؟
طالب:.......
على كل حال العين حق، ووجدت ممن ظاهره الصلاح، لكن المجزوم به أن قلبه فيه شيء، وإلا صاحب القلب السليم لا يمكن أن يصيب مسلماً بأذى.. هاه؟
طالب:.......
على كل حال إذا غسل شيء من بدنه نفع بإذن الله.
طالب:.......
نعم توسعوا في هذا، فأخذوا من أثره، من أثره من الأرض التي يطأ عليها، وأخذوا من فضلاته -فضلة الطعام والشراب وما أشبه ذلك- ووجدوه نافعاً، يعني بالتجربة ليس فيه إشكال إن شاء الله.
طالب:.......
الأصل أنه لا يقع ما دام القلب سليماً أنه لا يقع، لكن قد يكون في وقت من الأوقات؛ لأن أمر الإنسان ليس على وتيرة واحدة في حياته كلها، الإيمان في قلبه يزيد وينقص ويضعف، وقد تتجه نفسه إلى شيء في وقت لا تتجه نفسه إليه في غيرها.
طالب:..
التبريك إذا رأى ما يعجبه يبرك يبادر بالتبريك؛ ليسلم الناس إن كان فيه شر، هذا هو الأصل.. هاه؟
طالب:.......
يعني ما باشره بنفسه جُرب هذا ووجد نافعاً، لا سيما ما يتركه من طعام أو شبهه.
"لا رقية إلا من عين أو حُمة": الحمة إصابة ذوات السموم، كما حصل لحصين.
"قال: قد أحسن من انتهى إلى ما سمع": سعيد بن جبير يقول: "قد أحسن من انتهى إلى ما سمع": ما معنى هذا الكلام؟
طالب:.......
نعم؟
طالب:.......
نعم، أنت انتهيت إلى ما بلغك من خبر، انتهيت إلى ما بلغك من علم وعملت به، وقد أحسنت لما كان لك ما تستدل به، ولم تعمل برأيك، أحسنت، كل من عمل بدليل يقال له: أحسنت.
قد يكون الدليل مرجوحاً، وقد يكون غير ثابت، يقال له: أحسنت؟
يعني هو عنده ثابت الحديث أو يراه ثابتاً، لماذا صنعت؟ قال: والله سمعت من يحدث عن الرسول -عليه الصلاة والسلام- أنه قال كذا، لو وجدت شخصاً يصلي صلاة الرغائب أو التسابيح من عوام المسلمين، فقلت له: هذه الصلاة، لماذا صليت هذه الصلاة؟ قال: أنا قرأت في كتاب يحث على هذه الصلاة بهذه الكيفية؟ نقول له: قد أحسن من انتهى إلى ما سمع، لكن الحديث ضعيف فلا يجوز العمل به.
طالب:.......
لا، يروى مرفوعاً، يروى، يروى مرفوعاً، الحديث يروى مرفوعاً.
على كل حال هل يقال لكل شخص عمل بخبر بلغه أحسنت؟
مثل ما ذكرنا، شخص يصلي صلاة الرغائب، أو صلاة التسابيح، ثم إذا قيل له، قال: أنا والله قرأت في الكتاب الفلاني أن فيها أجر عظيم وثواب، وصيغتها صيغة الخبر تغري بها، صليت، هل نقول له: لا يا أخي أنت غلطت؛ لأن الحديث ضعيف، أو نقول: أحسنت لكن الحديث ضعيف؟ أحسن من انتهى إلى ما سمع، ولكن، هل نقول هذا أو هذا؟ أو نقول: إنه ليس لك العمل بمقتضى علمك، لا تبادر بالعمل حتى تسأل؛ لأنك لست من أهل النظر؛ لأنه قد يعمل بعمل محرم، معوله على حديث ضعيف وموضوع، نقول: ما دام عملت بحديث ظناً منك أنه يروى عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أحسنت، لكن الحديث ضعيف أو موضوع، أو نقول: لا؛ لأن هذا يغريه أن يفعل مرة ثانية، يفتح كتاباً أي كتاب ثم بعد ذلك يجد فيه حثاًّ على عمل فيعمله، ثم بعد ذلك ينبه فيما بعد، نقول: لا، قف، ولو كان في أول مرة يتلطف معه في الأسلوب يقال: أحسنت؛ لأنك عملت بأثر، لكن هذا الأثر ضعيف، ولا تعود لمثل هذا، حتى تسأل أهل العلم عن هذا الخبر هل هو يثبت أو لا يثبت؟ لعل هذا هو المتجه، لا سيما وأن الأمر قد وقع، وفي هذا أسلوب حسن أدب.
"قد أحسن من انتهى إلى ما سمع، ولكن حدثنا ابن عباس": هذا الاستدراك يفيد أن ما قبله مرجوح أو باطل؟ هاه؟
طالب:.......
مرجوح يعني مفضول، أو باطل من أصله؟ يعني مثل ما قلنا بمن عمل بحديث موضوع: أحسنت؛ لأنك عملت بخبر تظنه عن النبي -عليه الصلاة والسلام- لكن ترى الخبر موضوع ولا يصح، ولا يجوز العمل به.
طالب:.......
يختلف باختلاف المستند الذي عول عليه من عمل، فقد يعمل بحديث صحيح لكنه منسوخ، يعمل بحديث صحيح لكنه مخصص، يعمل بحديث صحيح لكنه مقيد، فيكون عمله بالحديث وإن كان الحديث صحيحاً إلا أن عمله به خطأ، ما دام منسوخاً فالعبرة بالناسخ، على أن أهل العلم يقولون إن العمل بالناسخ من بلوغه، ما بلغه الناسخ، بلغه المنسوخ، فعمل به، يقال له: أحسنت، قد أحسن من انتهى إلى ما سمع، لكن الحديث منسوخ، عملت بهذا الحديث لكنه مطلق وهو مقيد بأحاديث أخرى.
"ولكن حدثنا ابن عباس الله عنهما عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((عرضت على الأمم))": عرضت عليه إما في المنام، أو ليلة الإسراء، المقصود أنها عرضت عليه -عليه الصلاة والسلام-، وذلك لأنه أفضل الأنبياء وأشرف الأنبياء، إذ لا يمكن أن يعرض الفاضل على المفضول، يمكن أن يعرض الفاضل على المفضول؟ يعرض المفضول على الفاضل لكن يعرض الفاضل على المفضول؟ هاه؟
طالب:.......
هاه؟
طالب:.......
لكن هل عرضت عليه؟ هو رأى، فرق بين أن يرى وبين أن تعرض، الفاضل يرى المفضول، لكن ما يعرض الفاضل على المفضول.
"((عرضت علي الأمم فرأيت النبي ومعه الرهط))": الرهط العشرة فما دون.
"((والنبي ومعه الرجل والرجلان))": والواو هنا بمعنى أو؛ لأنه لو أريد الجمع لقيل: معه الثلاثة، وهذا يدل على أن الرهط لا يتناول الرجل والرجلين، فيكون من الثلاثة إلى العشرة، من الثلاثة إلى العشرة؛ لأنه لو كان يتناول الرجل والرجلين، الواحد والاثنين دخل ومعه الرهط، ومعه الرجل والنبي ومعه الرجلان.
"((والنبي وليس معه أحد، والنبي وليس معه أحد))": هل في هذا منقصة لهذا النبي الذي لم يستجب له أحد؟ النبي ليس عليه إلا البلاغ، ليس عليه إلا البلاغ.
هنا يقول: "((فرأيت النبي ومعه الرهط، والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحد))": هؤلاء الأنبياء دعوا أقوامهم، فاستجاب من أجاب، وامتنع من امتنع وغالب الناس وجلُّ الناس لم يستجيبوا، النبي معه الرهط، والنبي معه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحد.
هؤلاء الذين عُرضوا مع نبيهم إنما هم بسبب دعوته لهم، لكن مقتضى النبوة هل مقتضاها الدعوة، أو أن هؤلاء اقتدوا به من غير دعوة؟ النبي أوحي إليه بشرع ولم يؤمر بتبليغه، على قول الأكثر، أو نقول هنا: الرسول رأيت الرسول ومعه الرهط، ورأيت الرسول ومعه الرجل والرجلان، ورأيت الرسول وليس معه أحد؛ لأنه دعا؟ أو أن الفرق يطلب إذا اجتمع النبي والرسول وإذا افترقا دخل كل واحد منهما في الآخر، أو يكون هذا من باب الرواية بالمعنى؛ لأن كل رسول نبي، ولا ينفي كونه نبياً أن يكون رسولاً فيدعو قومه فيستجيب من يستجيب ويمتنع من يمتنع؛ لأنه لا يمكن أن يستدل بهذا الحديث على أن النبوة والرسالة بمعنىً واحد، ولا يمكن أن يقول قائل: النبي من أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه أخذاً من هذا الحديث؛ لأنه قد يكون رسولاً وهو في الوقت نفسه نبي، والاقتصار على أحد الوصفين لا ينفي الآخر.
"((النبي ومعه الرهط، والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحد))": هذا يدل على أن أكثر الناس أتباع للهوى والنفس والشيطان، والاستجابة لدى أكثر الناس الذين تشعرهم أنفسهم الخبيثة أنها إذعان واستكانة لمن دعاهم، المتكبرون المتجبرون، الملأ الذين استكبروا ماذا يرون الاستجابة للرسل؟
يرونها استكانة وإذعانا واستجابةً لما طلب منهم؛ ولذا تجدون أكثر الأنبياء تبعهم قليل، ((فرأيت النبي ومعه الرهط، والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحد))، وهذا لا يقدح في نبوته، ولا في رسالته، المسألة ليست تجارة على التصريف، لا، ما عليك إلا البلاغ، عليك أن تبلغ، عليك أن تبذل السبب، والنتائج بيد الله، وعلى هذا يقال للآمر والناهي ويقال للداعي: لا تنظر إلى النتائج؛ لأنك إن نظرت إلى النتائج ما عملت، قد يقول القائل من رجال الحسبة: من عشرين سنة ونحن نأمر وننهى ما نرى أحداً استجاب، وقد يقول الداعية: أنا من عقود وأنا أدعو الناس وهم في ازدياد من الضلال نسأل الله العافية، اكسب الراحة، قد يقوله لنفسه، وقد يقوله له بعض المخذلين.
نقول: اعمل، ادعو الناس إلى الخير، وإذا دعوت، {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ} [(33) سورة فصلت]، أنت أحسن الناس قولاً ولو لم يستجب أحد، وكذلك الأمر والنهي {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ} [(110) سورة آل عمران]، ولو لم يستجب أحد، ما عليك إلا أن تبذل ما أمرت به، ولك ثوابه سواءً استجاب الطرف الآخر أو لم يستجب، ونسمع من يكتب أن نوحاً -عليه السلام- فشل في دعوته.
يعني النبي الذي قتل ما استجاب له أحد، بل زاد الأمر على ذلك أن قتل، هل نقول: فشل في دعوته؟
حاشا وكلا، هذا حقق ما طلب منه، وما زاد على ذلك هذا ليس بيده.
ويكتب من يكتب أن نوحاً فشل في دعوته في هداية أقرب الناس إليه!! {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [(56) سورة القصص]، النبي -عليه الصلاة والسلام- ما استطاع أن يهدي عمه الذي أحسن إليه، وإلى دعوته، ما استطاع؛ لأنه ليس عليه إلا البلاغ.
ويقول الكاتب: وفشل النبي -صلى الله عليه وسلم- في دعوته بمكة والطائف، ونجح في المدينة!!
يعني يربط النجاح والفشل بالاستجابة، والله -جل وعلا- يقول: {وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ} [(18) سورة العنكبوت]، فإذا بلَّغ البلاغ المبين وبين في وقت البيان، أدى مهمته واستحق أجره.
قدرٌ على ذلك إن استجاب أحد فله مثل أجره، يعني رأس المال ضمن بمجرد الدعوة، بمجرد الأمر والنهي رأس المال ضمن، يبقى مكاسب تجعل الإنسان يسلك الأساليب المؤثرة من أجل هداية الناس، ويحرص على ذلك، ويخلص في قوله وعمله ليستجاب له، وما عدا ذلك ليس له؛ لأنه يأتي النبي وليس معه أحد، وليس هذا بعيب ولا فشل كما يقول بعض السفهاء الذين يكتبون، نعم؟
طالب:.......
ماذا نقول؟
نقول: الذي لم يتبعه أحد هذا ضمن رأس المال، بلَّغ ما أمر به، واستحق الأجر المرتب عليه، هل نقول: فشل ما استطاع أن يهدي الناس؟
لا، لكن كل من دخل في دينه بسببه، أو التزم بسبب هذا الداعية، أو ترك المنكر بسبب هذه الآمر الناهي له أجر، لكن الأجر الأصلي مرتب على بذل السبب، وقد يحتف ببعض الناس الآمر والناهي من أمور إخلاص، وقد لا يستجاب له وإن كان مخلصاً، ومع ذلك يُوفَّر له الأجر العظيم؛ لأنه بذل ما أمر به، وهداية الناس بيد الله -جل وعلا-.
طالب:.......
إي نعم؛ لأنه إذا كان أكثر تابعاً فهو أكثر أجراً؛ لأن ((من دل على هدى فله مثل أجر فاعله)).
طالب:.......
أولاً: هو رحمة للعالمين، ومقتضى كونه رحمة أن يدخل الناس كلهم في دينه، وأن ينجو بسببه من النار، هذه رحمة، ولذلك الجهاد في سبيل الله، بما فيه جهاد الطلب، هل المقصود به إذلال الناس وقهر الناس، وأخذ أموال الناس، وقتل الناس، والتسلط على الناس، أو القصد به هداية الناس لينجوا بذلك من العذاب إلى النعيم؟
مشروعية الجهاد في الإسلام هذا، ليس المراد به قتل الناس، وإراقة دمائهم والاستيلاء على أموالهم وبلدانهم لا، {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} [(107) سورة الأنبياء]، الإنسان إذا خالط بشاشة الإيمان قلبه تمنى أن يكون الناس كلهم مثله فيقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، من أجل أن يدخلوا الجنة، وينجوا من النار، ويسعى جاداً في أن يدخل الناس الجنة ولو بالسلاسل، نعم؟
طالب:.......
يعني نعذبهم على أيديكم، هذا إذا لم يستجب الكافر لهذه الرحمة، ولهذه الشفقة عليه من عذاب النار، لا بد أن يخير بين أن يقتل، وبين أن يدفع الجزية، كما هو معروف في مواضعه، يعني هناك نصوص تحث المجاهد على الجهاد، وليس معنى هذا أنه يتشفى بجهاده من خصمه، {وَلِيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً} [(123) سورة التوبة]، هذا إغراء بالجهاد الذي هو بالأصل رحمة للمجَاهَد من أجل أن يقول: لا إله إلا الله فينجو من عذاب الله إلى نعيمه وجنته، نعم؟
طالب:.......
هذا لا شك فرض عين....
طالب:.......
الآن فرق بين شخص يطلب هداية، لكن من يدافع عن نفسه، الذي يدافع عن نفسه هو بصدد الدفاع عن...؛ لأن هناك مهم، وهناك أهم، لكن إذا نجا بنفسه هذا الذي اعتُدي عليه، وخلص من المعتدي ألا يدعوه؟ يعني شخص دخل بيتاً –لص مثلاً أو صائل- يريد أخذ المال وقتل النفس، تمكن منه صاحب البيت، ألا يمكن أن يوجه له موعظة يُهدى بسببها؟ هذا الأصل في المسلم.
"((إذ رفع لي سواد عظيم))": سواد سد الأفق، ملأ الأفق من كثرته.
"((فظننت أنهم أمتي، فقيل لي: هذا موسى وقومه))": وهذا يدل على أن أتباع موسى كثر، سواد عظيم، وأنهم بتبعيتهم لموسى فُضِّلوا على العالمين، والمقصود عالم زمانهم، وهل يقال: إن أمة موسى أفضل الأمم بعد أمة محمد -عليه الصلاة والسلام- وهل من لازم ذلك أن يكون موسى أفضل الأنبياء بعد النبي -عليه الصلاة والسلام-؟
لا يلزم، هم فضلوا على عالم زمانهم، وموسى له هذه الأجور العظيمة بسبب من تبعه، وهو من أولي العزم، لكن لا يلزم بذلك أن يكون أفضل من إبراهيم -عليه السلام-.
"((فقيل لي: هذا موسى وقومه، فنظرت فإذا سواد عظيم، فقيل لي: هذه أمتك))": وهم أكثر من قوم موسى، وممن أجاب دعوة موسى.
"((هذه أمتك..))": نعم؟
طالب:.......
أو العكس....
طالب:.......
يعني ترتيبهم في السماوات.
طالب:.......
نعم، هل له مزية، عيسى وزكريا ابني خالة في سماء واحدة، هل معنى هذا أنهم في الفضل سواء؟ نعم؟
طالب:.......
عيسى ويحيى، وهل يلزم من كون إدريس في السماء الرابعة، ومن أفضل منه في السماء الثالثة، والثانية؟ ما يلزم، نعم؟
طالب:.......
لا، لا التساوي ما يلزم منه، من هذا التعبير التساوي، هو عظيم بلا شك، قوم موسى تبعه جموع غفيرة، لكن أكثر منهم من تبع النبي -عليه الصلاة والسلام-.
طالب:.......
لكن لفظ سواد عظيم، لكن أيضاً هذا السواد عظمه نسبي، هاه؟
طالب:.......
معروف، لكن لا يلزم، أنت إذا رأيت جملا كبيرا تقول: جملٌ عظيمٌ كبيرٌ، ورأيت جملا كبيرا آخر، هل يلزم منهم التساوي؟ لا يلزم، هذا بالنسبة للجمال كبير، وهذا كبير، قد يكون أكبر منه وكلاهما كبير؛ لأن الكبر والصغر، والعظم والقلة، كلها أمور نسبية.
"((فقيل لي: هذه أمتك ومعهم سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب))": وهذا هو الشاهد من الحديث للترجمة، أن من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب.
"((ومعهم سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب))": وفي رواية: ((مع كل ألف سبعون ألفاً)) وعلى هذا يقربون من خمسة ملايين، أربعة ملايين وتسعمائة، هاه؟
طالب:.......
وجاء مع كل واحد، جاء مع كل ألف، وجاء مع كل واحد منهم، فيكون العدد هائلاً جداً، وفضل الله واسع، لكن ما صفتهم؟
النبي -عليه الصلاة والسلام- ما بين السبب الذي به يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب.
"نهض فدخل منزله فخاض الناس في أولئك": الناس الذين حضروا هذه المقالة من الصحابة، تلمسوا وتوقعوا الأوصاف التي استحق بها هؤلاء دخول الجنة بغير حساب ولا عذاب.
من توقعاتهم ما نقل: "فقال بعضهم: فلعلهم الذين صحبوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-": يعني الصحابة، وهم أكثر من سبعين ألفاً.
"وقال بعضهم: فلعلهم الذين ولدوا في الإسلام فلم يشركوا بالله شيئاً": وهؤلاء قد لا يبلغون سبعين ألفاً؛ لأن أكثر من في عهده -عليه الصلاة والسلام- من أسلم، وأما من ولد في عهده -عليه الصلاة والسلام- فأقل بكثير من هذا العدد..هاه؟
طالب:.......
"الذين ولدوا في الإسلام، فلم يشركوا بالله شيئاً": إذا كان الأمر كذلك فهم أضعاف أضعاف العدد.
النبي -عليه الصلاة والسلام- ذكر الحديث ولم يبين المراد، وتكلم هؤلاء بآرائهم، توقعوا بآرائهم من غير استناد إلى دليل، والكلام في نصوص الكتاب والسنة لا يجوز بالرأي، وجاء الوعيد الشديد على من تكلم في القرآن برأيه، والسنة كذلك؛ لأنها هي المبينة للقرآن، فالذي يقول برأيه يجزم بأن مراد الله كذا، أومراد نبيه -عليه الصلاة والسلام- كذا، وهذا -نسأل الله العافية- من الافتيات ومن القول على الله بلا علم؛ ولذا يقول أهل العلم: يحرم التصدي لشرح الكتاب والسنة بالرأي، لكن إذا استعملت صيغة التردد، وعدم الجزم فتكون المسألة مجرد بحث، ليست جزماً بأن المراد الإلهي أو النبوي كذا؛ ولذلك قالوا: "فلعلهم الذين صحبوا.."، "فلعلهم الذين ولدوا.."، ما قالوا هم الذين صحبوا، ولا هم الذين ولدوا.
ونأخذ جواز هذا، وإيراد الاحتمال على سبيل التردد نأخذ جوازه من إقرار النبي -عليه الصلاة والسلام- لهم، ما ثربهم ولا عنفهم.
وعلى هذا لو ذكرت آية في مجلس أو حديث مشكل، فقال بعضهم لعل المراد كذا، وقال الثاني: لعل المراد كذا، من غير جزم، هذا لا يضر، لكن إذا جزم أحد بأن المراد به كذا هذا هو الممنوع وهو المحظور.
"فلعلهم اللذين صحبوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقال بعضهم: فلعلهم الذين ولدوا في الإسلام فلم يشركوا بالله شيئاً، وذكروا أشياء": يعني احتمالات أخرى ما نقلت.
"فخرج عليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخبروه": وقد يسبقهم الوحي فيخبره -عليه الصلاة والسلام- ولذلك أمثلة، المقصود أنهم أخبروه بعد أن خرج.
"فقال": مبيناً الأوصاف التي استحقوا بها دخول الجنة بغير حساب ولا عذاب، "فقال: ((هم الذين لا يسترقون))": لا يسترقون: السين والتاء للطلب، يعني لا يطلبون من يرقيهم، وجاء في بعض الروايات: ((لا يرقون))، وحكم عليها الحفاظ بأنها شاذة وليست محفوظة؛ لأن الراقي محسن، وتوكله على الله -جل وعلا- تام بخلاف الذي يسترقي، الذي يطلب الرقية، وهل الطلب يشمل القول والحال أو يختص بالقول؟ يذهب إلى فلان ويقول: ارقني يا فلان، هذا طلب الرقية، لكن شخص مريض دخل عليه رجل صالح ففتح الأزارير، وتأهب للرقية، وما قال: ارقني، يعني هذا طلب بلسان حاله أو بلسان مقاله؟ الطلب حاصل لكنه بلسان الحال، وليس بلسان المقال، فهل فعله هذا يخرجه من السبعين الألف أو لا؟
طالب:.......
هاه؟
طالب:.......
وهل الإشارة المفهمة تأخذ حكم العبارة مطلقاً أو لا؟ هاه؟
طالب:.......
طالب:.......
إذا أشار وهو في الصلاة تبطل صلاته أو لا تبطل؟ لا تبطل؛ لأن عائشة أشارت إلى السماء يعني آية، أشارت وهي في الصلاة، صلاة الكسوف، نعم؟
طالب:.......
إذا يتمنى؟ تمنى وهو ما طلب ما استرقى ولا رقي أصلاً، لكن تمنى؛ لأن السين والتاء للطلب، وهل الطلب خاص بالمقال أو يشمل الحال؟ نعم؟
طالب:.......
وهو على السرير في المستشفى فتح الأزرار، وفتح قارورة الماء ووضعها على...
طالب:.......
يستوي؟
طالب:.......
ماذا؟
طالب:.......
أقول هذا الكلام وقد رأيت من يفعل هذا وهو من أشد الناس تحرياً، يعني من الأئمة من العلماء الراسخين في العلم ويتورعون عن أقل من أن يسترقوا، ولذلك ما يطلبون، ما يقول ارقني يافلان، يقول:...، لكنه يفتح الأزارير، ويظن أن السين والتاء للطلب، والطلب لا يكون إلا بالقول، نعم؟
طالب:.......
هو إذا أحلنا على القلب قلنا ما يحتاج يسترقي، مجرد ما يتمنى القلب فعل.
طالب:.......
يا إخوان ضبط النفس عند النصوص، كون النفس تتمنى وتشتهي وترغب وكذا، لكنه عند النص يقف، أليست هذه منقبة له، قد يكون أفضل ممن لم يستحضر، يعني نفسه تميل وتتوق إلى الرقية، والله سمع أن فلاناً فيه نفس المرض وقرأ عليه فلان شيء من القرآن وشفي، ثم يحضر فلان الراقي هذا عند هذا الشخص ويتمنى ويحترق لهذه الرقية ويشفى بسببها لكنه لا يسترقي أيهم أفضل؟ أو الذي لم يخطر على باله أصلاً؟ الثاني، هذا عنده جهاد، ولذلك السين والتاء للطلب، والطلب يقتضي أن يكون بالقول، وقد يكون هناك فعل تدل القرائن القوية على ما يلحقه بالفعل وإلا فالأصل هو القول نعم؟
طالب:.......
أنا أقول أن هذا الصراع النفسي يتمنى ويحترق أن يشفى، لا سيما والألم يعتصره -يعتصر بدنه ويعتصر قلبه- ومع ذلك لا يطلب، هذا لا شك أن مقامه رفيع، نعم؟
طالب:.......
أما بالنسبة للإشارة فلا تساوي القول بالكلية، لكن الفعل عموماً قد يقوم مقام القول؛ لأن العقود تحصل بالإيجاب والقبول، وتحصل بالمعاطاة، ويحصل ويثبت بها البيع والشراء، لكن الإشارات؟
عائشة أشارت وهي في الصلاة بأصبعها وهزت رأسها أن نعم، لما سألتها أختها أسماء قالت: "آية"، قالت: نعم أشارت.
وعلى هذا لو دخل مسبوق إلى الصلاة فسأل من أدرك أو من دخل قبله قال: كم صلى الإمام؟ فقال بيده، ثلاث أو أربع، أو اثنتين، يضر أو ما يضر؟ هاه؟
طالب:.......
نعم؟
طالب:.......
على مقتضى حديث عائشة في صلاة الكسوف أنه لا يضر.
طالب:.......
لكنه مع ذلك خلل على كل حال، لكن هل يبطل أو ما يبطل؟ لا يبطل، نعم؟
طالب:.......
لا شك أن الإقبال على ما هو بصدده بترك جميع من حوله هذا هو الأصل في الصلاة، إذا أقبل إلى ربه في صلاته ولم يلتفت إلى أحد هذا هو الأصل، {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [(2) سورة المؤمنون]، نعم؟
طالب:.......
طالب:.......
إيه.
طالب:.......
يعني أنفع بلا شك، وأقرب إلى الإخلاص، يعني ما في شخص يخلص لك مثل ما تخلص لنفسك، لكن السين والتاء هنا للطلب، الذي يرقي نفسه أو يرقى من دون طلب هذا ما يدخل في الحديث، ما يدخل في الحديث، لكن الذي يطلب بصراحة هذا لا إشكال فيه، والذي يطلب بالقرائن المفهمة محل نظر، نعم؟
طالب:.......
لا إشكال، مثل من رقي بدون طلب، نعم؟
طالب:.......
طلب إيش؟
طالب:.......
الطب غير الرقية سيأتي إن شاء الله لعلنا نفصل في هذا.
طالب:.......
قلنا: إن مجرد الالتفات التمني فقط فيه التفات، والحديث يقول: ((هم الذين لا يسترقون)) لا يسترقون، والرقية جائزة لا إشكال فيها؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- رقى ورقي، لكن من تمام التوكل أن تترك رغم أنها شرعية وفي الكتاب والسنة، والأدعية الصحيحة لكن هل في حكمها الاستطباب؟
جاء الأمر بالتداوي، ولا شك أنه سبب لكن إن حصل التفات إلى أن الشفاء للطبيب فيه دور، وللعلاج فيه دور فهو مثل الرقية أو أشد، لكن إذا قال: الشفاء بيد الله -جل وعلا-، والشافي هو الله، وقد أذهب إلى هذا الطبيب فيخطئ في العلاج فيزيد المرض، وقد يصيب، وقد لا أنتفع، وقد يكون في بدني ما يضاد هذا العلاج، المقصود أن مثل هذه الأمور إذا لم يلتفت فيها إلى الطبيب وأن بيده شيء من الشفاء هذا لا يضره، وجاء الأمر بالتداوي: ((تداووا ولا تتداووا بحرام))، على أن الأمر هل يراد به الإباحة أو الاستحباب، مع أن شيخ الإسلام يقول: لا أعلم سالفاً أوجب العلاج.
طالب:.......
نعم؟
طالب:.......
بالمعاطاة، يعني ما قال له ارقني بصريح اللفظ، هو يعرف أن هذا يرقي جلس بين يديه، هل هذا مثل فتح الأزارير، أنا أقول: فرق بين أن يأتي الراقي، وبين أن يأتي المرقي، المرقي ما ذهب لهذا الشخص إلا ليرقيه، لكن جاء الراقي إلى هذا المريض، يعني ما الذي نهزه من بيته إلى الراقي أليس لطلب الرقية؟ هذا استرقى بلا شك، لكن كونه على سريره في بيته أو في المصحة أو بمستشفى يأتيه إليه من يتوسم فيه الصلاح فيرقيه من غير طلب هذا لا إشكال فيه، وإن كان بسبب إشارة فهو محل نظر.
طالب:.......
لا، هذا لا إشكال في دخوله، يعني كونه خرج من بيته إلى مكان هذا الراقي ومثل بين يديه يقول: ارقني، نعم؟
طالب:.......
هاه؟
طالب:.......
الاسترقاء للغير، شخص مرض ما طلب من يرقيه، مرض ولده فذهب به إلى الراقي، وقال: ارق ولدي، يدخل أو ما يدخل؟ يعني قدحه في التوكل يختلف أو ما يختلف، هاه؟
طالب:.......
طالب:.......
هو أتى بالولد من البيت إلى المسجد ليقرأ عليه.
طالب:.......
المصاب يقول: أنا، أنا. ما أعلم مشكلة.
من الطرائف وهي متعلقة بهذه المسألة: جاءني قبل شهر شيخ من البادية وبيده قارورة ماء صغيرة، قلت: ماذا عندك؟ قال: أريدك أن تقرأ بهذا الماء، قلت: ما السبب؟ قال: عندي الإبل مصابة، عندي جمل يسوى عندي الدنيا، لما أصبحت فإذا هو ميت، وعندي ناقة، وتوقف، لا أدري ماذا يريد أن يقول وماذا تساوى عنده، المقصود أنه أصيبت إبله وجاء بهذه القارورة الصغيرة ليُقرأ فيها، وعليه آثار المرض، فقلت له: أنت، أرى عليك آثار المرض؟ قال: أنا عندي جلطة، لكن أنا ما عندي مشكلة، المشكلة الإبل، هل نقول: إن هذا استرقى لغيره وتورع عن نفسه؟ ترى هذه واقعة والله ما هي..، شرح للواقع يعني، هو بنفسه يناهز الثمانين من العمر وجاء ليسترقي للإبل، وأما هو نفسه ليس بمشكلة.
طالب:.......
هل نقول إن هذا استرقى لغيره؟ وهل يستشف من حاله أنه يتورع عن الرقية أو أنه يفضل الإبل على نفسه؟ والله الظاهر الثانية، يعني من خلال عرضه وأسلوبه أنه يفضل الثاني، يفضل الإبل على نفسه.
نرجع إلى مسألة من يسترقي لغيره، مرض بنفسه ما طلب من يرقيه، مرض ولده فهرع إلى الرقاة، ومن راقي إلى راقي، هل يدخل في هذا أو ما يدخل، هاه؟
طالب:.......
لكن لو نظرنا إلى لفظة ((يسترقون)) يسترقون يعني يطلبون الرقية، فيدخل فيها النفس والغير، هذا الأصل، أما دخول النفس فواضح، دخول الولد أيضاً العلة ظاهرة، لكن دخول الجار مثلاً، مرض الجار فحمله بالسيارة وذهب به إلى أحد يرقيه، هذا يؤثر على توكله هو؟ هذا الشخص لا يؤثر على توكله.. نعم؟
طالب:.......
والله لو نكمل غداً أفضل، أخواننا ترون صائمون يستعدون، وبدلاً من أن نبدأ بشريط جديد، وين يعني ينفع.
طالب:.......
ينفع يرقي، يرقي، يكفي يا الإخوان أولا؟
طالب:.......
نعم مبكرين لكن الصيام يحتاج إلى استعداد.
طالب:.......
إيه لأن التفصيل حتى في الكي وفي الأمور الثانية يحتاج إلى وقت الحديث لن ينتهي، هاه
طالب:.......
لا، غدا إن شاء الله نعدكم أننا نمد الدرس إلى السادسة والربع، اليوم إلى السادسة، لا الساعتين مواصلة ليست بسهلة، ساعتين وزيادة ليست بالسهلة.
اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك.
وهي بدون فاصل، يعني لسنا بفاصلين.
طالب:.......
لا ما يؤثر، لا، الولد ما.............
"لا، السماوات الذي بناها الله -جل وعلا-، فلا يتصور فيها إلا العمارة المعنوية، وهي عبادة الله -جل وعلا- بخلاف المساجد، المساجد الأصل فيها العمارة المعنوية {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ} [(18) سورة التوبة]، لكن جاء الحث على عمارتها عمارة حسية، عمارة حسية: ((من بنى لله مسجداً بنى الله له به بيتاً في الجنة))، هذه عمارة حسية، وإذا تعارضت العمارتان، يعني شخص مستعد يبني مساجد لكن ليس مستعدا لأن يصلي، قلنا: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ} [(18) سورة التوبة]، وقلنا أيضاً كما قال الله عن قريش: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ} [(19) سورة التوبة]، يعني إذا تعارضت العمارتان فالعمارة المعنوية هي الأصل، والعمارة الحسية لا قيمة لها، أما إذا وجدتا معاً فخير على خير، ونور على نور.
لا شك أن الشرك إذا أطلق بمعناه الخاص لا يتناول المعاصي، بمعناه الخاص، وإذا أطلق بمعناه العام فلا شك أن المعاصي اتباع للهوى.
هو لا شك أنه إن كان المراد بالإيجاب هو إلزام النفس كما أن التحريم، ((حرمت الظلم على نفسي)) وهو التأكيد في منع النفس، فهذا هو الواقع.
وإن كان المراد بالإيجاب ما يفهم منه في حق المخلوق، وكذلك التحريم وهو التأثيم بالفعل أو الترك هذا لا يمكن أن يتصور في حق الله تعالى، الله -جل وعلا- تفضل على خلقه بأن التزم لهم بأشياء وامتنع عن أشياء رحمة بهم، ولا ملزم له -جل وعلا-.
وهذا هو الحاصل، والذي استقر عليه.
نريد الاقتصار على كتاب التوحيد وهذا أفضل للطالب؟
هذا يقترح درساً مستقلاً لسلم الوصول بتوسع، بارك الله فيكم؟
هذا هو الذي سوف يكون ويحصل إن شاء الله تعالى.
والله لا شك إذا كان هناك كتاب يحتاجه الناس وفي طبعته أخطاء أو لم يطبع بعد، ووجد له نسخ خطية يعتمد عليها، لا شك أن هذا من نشر العلم، وكذلك تصحيحه وضبطه وإتقانه من إتقان العمل، ولا يتم الانتفاع به مع وجود التصحيف والتحريف وعدم الإتقان في الطباعة.
الحاجة ماسة إلى كتاب التوحيد فلو اقتصرتم عليه لكان أفضل.
يقول: التركيز على كتاب التوحيد فإنه المهم الأهم ونحن في حاجة له هنا وفي سائر بلاد المسلمين؟
يقول هنا أيضاً: الرجاء أن تكمل لنا ولو في دورة قريبة جداً كتاب التوحيد؟
يقول: هل صحيح أنكم ترون جواز التصوير في الفيديو المباشر يعني في وقته مثل البرامج......؟
ليس بصحيح، هذا ليس بصحيح؛ التصوير بجميع صوره وأشكاله وآلاته داخل في أحاديث النهي.
لعله يقصد ما عرض في سيرة الشيخ حافظ -رحمه الله- وأن من الطلاب من يدرك العلم في وقت قصير، ومنهم من لا يدركه إلا في مدة طويلة.
أنا أعرف شخصاً أدركناه، مات قبل سنين، بلغ الثمانين من العمر وهو من صغره وهو يطلب العلم وينتقل من درس إلى درس، يحضر خمسة دروس في اليوم في المساجد، ومع ذلكم لم يدرك شيئاً يذكر، ما أدرك شيئاً يذكر، مثل هذا يكفيه أن يكون من الداخلين في سلوك طريق العلم، ((من سلك طريقاً يلتمس به علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة)) يرجى له هذا، والعبرة بمن كانت لديه الأهلية التَّامة، هل ينتظر هذه المدد المتطاولة سواءً كانت عند الشيوخ أو في الدراسات النظامية، وهو يسلك هذا الأمر، ومع ذلك يعتني بنفسه، إن وجد من يعنيه من شيخ يساعده على سرعة الأخذ فهذا هو المطلوب، وإن كان هناك زملاء أو أقران يتصفون بالنباهة، وأفهامهم متقاربة، وتعاونوا على تحصيل العلم، وأفادوا من الكتب والشروح وسألوا عما يشكل عليهم، إضافة إلى حضور الدروس، لا شك أن مثل هذا نافع.
على كل حال عليك أن تسددي وتقاربي، فتساعدي أمك وترعي شؤون ابنتك، ومع ذلك تتحيني الفرص المناسبة لطلب العلم وحفظ القرآن.
على كل حال نعم، لعله يقصد الاقتصار على كتاب التوحيد، وجعل كامل المدة له.
سيأتي إن شاء الله تعالى في درس اليوم.
وإن لم نعاني في طلبه نبذل النفس والنفيس من أجل تحصيله، ولينظروا إلى دورات سبقت كان فيها بعد صلاة الفجر أكثر من درس، وفيها درس بعد العصر، ودرس بعد المغرب.
هي أربعة دروس في الدورات الماضية، ويريد أن يكون الدرس بعد صلاة الصبح والفجر طويل، نعم إذا كانت الصلاة تقام في الساعة الرابعة وينتهى منها ومن أذكارها في الرابعة والنصف ثم الجلوس إلى الساعة السابعة هذا وقت طويل ومناسب جداً، لكن مثل ما ذكرنا أن الوقت يعني فيه مشقة على كثير من طلاب العلم، وهو أيضاً أو في تقديري هو الوقت المناسب لقراءة القرآن، وإنهاء ما يتعلق باليوم مما يخصصه الإنسان لنفسه، وأنا رأيت نفسي في السنوات الماضية ضيعت القرآن؛ لأنه لا يوجد وقت مناسب غير الصبح.
على كل حال الخلاف في الشرك الأصغر وفي دخوله في قوله -جل وعلا-: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ} [(48) سورة النساء]، هذا معروف ومقرر، والآية تتناوله، لكن هل حكمه حكم الكبائر، يكون تحت المشيئة أو حكمه حكم الشرك الأكبر أنه لا يغفر؟ أما كونه لا يخلد في النار فهذا إجماع، ليس حكمه حكم الشرك الأكبر من هذه الحيثية.
يعني مقتضى قوله -جل وعلا-: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} [(15) سورة الإسراء]، أنه قد يوجد فترة، ولا شك أنه قبل بعثة النبي -عليه الصلاة والسلام- الناس يعيشون في فترة، وإن كانوا على إرث من أبيهم إبراهيم، علمه من علمه، وجهله من جهله، فزمان الفترة موجود، وفي العصور المتوسطة والعصور المتأخرة أيضاً يوجد أمم ودول وطوائف لم يبلغها دين على وجهه الصحيح، فحكمهم حكم أهل الفترة.
أولاً: الخوارج يختلف فيهم أهل العلم، والسبب في ذلك اختلافهم في فهم: ((يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية)) هل معناه مروقهم من الدين من الإسلام، وإذا مرقوا منه -إذا مرقوا من الإسلام- فليس لهم إلا الكفر -نسأل الله العافية-.
أو يمرقون من الدين يعني من التدين، وحينئذ مروقهم منه -من التدين- إلى الفسق، وعلى هذا جمهور الصحابة، ولم يعاملوهم معاملة الكفار، كما قرر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية، ومن أهل العلم من يرى كفرهم كفراً مخرجاً عن الملة، لكن عامة صحابة الرسول -عليه الصلاة والسلام- يرونهم فساقاً.
على كل حال الحديث بلغ، الحديث بلغ وأخبر به معاذ بعد نهيه -عليه الصلاة والسلام- عن هذا التبليغ، ((لا تبشرهم))، أفلا أبشرهم؟ قال: ((لا إذن يتكلوا)) ونصوص تحريم الكتمان أيضاً قوية وقطعية بالكتاب والسنة.
الذي حصل أنه نهاهم في وقت التحديث ألاَّ يبشرهم؛ لأن المقصود منه عرف من أدلة أخرى، والوعد على هذا المقصود قد يحمله بعض الناس على غير محمله، وقد لا يستحضر ما يقيده أو يخصصه ثم بعد ذلك يتكل فلا يعمل.
قد يقول قائل: إذا كان النهي عن التبشير بالنسبة للصحابة، فماذا عما بعدهم؟
على كل حال نصوص القرآن مملوء بنصوص الوعد، والسنة كذلك، وهي مملوءة بنصوص الوعيد، ولا يجوز للإنسان أن ينظر إلى طرف دون الآخر، بل لا بد من أن يكون نظره متوازناً بين نصوص الوعد والوعيد، ليكون على الاستقامة.