شرح متن الورقات في أصول الفقه (08)

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد: فقد قال المصنف -رحمه الله تعالى-: والخاص يقابل العام والتخصيص تمييز بعض الجملة، وهو ينقسم إلى متصل ومنفصل، فالمتصل: الاستثناء والشرط والتقييد بالصفة، والاستثناء: إخراج ما لولاه لدخل في الكلام وإنما يصح الاستثناء بشرط أن يبقى من المستثنى منه شيء، ومن شرطه أن يكون متصلاً بالكلام، ويجوز تقديم المستثنى على المستثنى منه، ويجوز الاستثناء من الجنس ومن غيره، والشرط يجوز أن يتقدم على المشروط، والمقيد بالصفة يحمل عليه المطلق، كالرقبة قيّدت بالإيمان في بعض المواضع فيحمل المطلق على المقيد.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين: عرفنا في الدرس الماضي الخاص وأنه يقابل العام، وعرفنا أنه إذا كان العام: ما عمّ شيئين فصاعداً بلا حصر، فالخاص ما كان مقابلاً له بضده، ولذا قال:

التخصيص تمييز بعض الجملة: يقصد به أفراد العام، أو إخراج بعض أفراد العام مما يتناوله اللفظ العام.

يقول: وهو ينقسم إلى قسمين متصل ومنفصل، فالمتصل الاستثناء والشرط والتقييد بالصفة وهو: الضمير يعود على أيش؟ التخصيص أو الخاص؟ هل نقول: إنه يعود إلى أقرب مذكور وهو التخصيص، أو نقول: يعود إلى ما قبله وهو الخاص؟ نعم؟ أو يعود إلى المخصِّص المفهوم من التخصيص؟

على كل حال الفرق سهل يعني، الخطاب سهل وهو -أي الخاص أو المخصِّص- وإن قلنا: التخصيص يكون بخاصٍ..، بلفظٍ خاص متصل أو منفصل.

ثم قال: وهو ينقسم إلى متصل ومنفصل، فالمتصل: الاستثناء والشرط والتقييد بالصفة.

والتقييد بالصفة: الآن جعل التقييد من ضمن المخصِّصات، جعل من المخصِّصات المتصلة، الاستثناء والشرط وهذا واضح، ثم أردف ذلك بقوله: والتقييد بالصفة: يعني هل التقييد تخصيص؟ أو التقييد شيء والتخصيص شيء آخر؟

لاحظ عبارة المؤلف، يقول: وهو ينقسم إلى متصل ومنفصل، فالمتصل الاستثناء والشرط والتقييد بالصفة.

طالب:.......

كيف؟

فالمتصل الاستثناء والشرط والتقييد بالصفة: أيش عندك؟

طالب: التقييد بالشرط والتقييد بالصفة!

يجي التقييد بالشرط؟ أو تخصيص بالشرط؟

طالب: ... تقييد بالصفة...

خلي التقييد بالصفة انتهينا، لكن التقييد بالشرط أيش معناه؟

طالب:.......

شو لون تجي تقييد بالشرط؟ تخصيص بالشرط ماشي لكن تقييد بالشرط؟!

طالب:.......

هذا تخصيص وإلا تقييد؟

طالب:....تقييد...

هذا تكرار، هذا تكرار، ونعرف أنه خلط بين التقييد والتخصيص، كثير من أهل العلم يخلطون بينهما بالجامع بين التقييد والتخصيص وهو التقليل والإخراج، الإخراج لبعض أفراد العام بالتخصيص، والإخراج لبعض أوصاف المطلق بالتخصيص، فهما من هذه الحيثية متداخلان، من هذه الحيثية باعتبار أن كلاً منهما تقليل وإخراج، وإن كان التخصيص يختص بتقليل الأفراد، والتخصيص يختص بتقليل الأوصاف، ولذا قال: والتقييد بالصفة: ما قال: التخصيص بالصفة، وإن أدرج التقييد بالصفة ضمن المخصصات ففيهما..، بينهما شوب موافقة، والأصل فيهما الاختلاف، الموافقة من أي جهة؟

أن كلاً منهما تقليل وإخراج، والانفصال من جهة كون التخصيص في الأفراد، ومن جهة كون التقييد في الأوصاف.

الخلط يحصل في هذا كثيراً؛ تجد الشراح –شراح الحديث- حينما يشرحون حديث الخصائص: ((وجعلت تربتها)): يخلطون مرةً يقولون: يخص العام بالخاص، وهو التربة، ثم يقولون: هل يحمل المطلق على المقيد في هذا أو لا يحمل!!

يحصل خلط يعني؛ فأول الكلام ينصب إلى التخصيص وآخره ينتهي بالتقييد -عند من يقول بأنه لا يُتيمم إلا بالتراب- وتفصيل ما بين النصّين في باب التيمم مبسوط في غير هذا الموضع، بسطناه مراراً.

نعود إلى كلام المؤلف:

"وهو": عرفنا أن الضمير يعود إلى المخصص المفهوم من التخصيص ينقسم إلى قسمين كما ذكر المؤلف: متصل ومنفصل: والمتصل بحيث يرد العام مع الخاص في نصٍ واحد، والمنفصل إذا ورد العام في نصٍ مستقل، والخاص في نصٍ آخر مستقل.

فإذا جاء اللفظ العام في السياق نفسه، ثم جاء في السياق نفسه ما يخصصه هو المتصل وإلا فالمنفصل.

ثم ذكر من المخصصات المتصل: الاستثناء والشرط والتقييد بالصفة.

يقول الناظم:

وما به التخصيص إما متصل

 

كما سيأتي آنفاً أو منفصل

كما سيأتي آنفاً: يعني قريباً، سواء فيما مضى أو ما يأتي.

فالشرط والتقييد بالوصف اتصل

 

كذلك الاستثناء وغيره انفصل

ثم شرع -رحمه الله- في بيان ما أجمله على طريقة أيش؟

اللف والنشر.

مرتب وإلا غير مرتب؟

يقول: فالمتصل الاستثناء والشرط والتقييد: ثم ذكر الاستثناء ثم الشرط ثم المقيد على سبيل اللف والنشر المرتب.

قال: والاستثناء إخراج ما لولاه لدخل في الكلام: ثم ذكر شروطه: الاستثناء إخراج ما لولاه لدخل في الكلام، وإنما يصح بشرط أن يبقى من المستثنى منه شيء، ومن شرطه: أن يكون متصلاً بالكلام: الاستثناء في الأصل استفعال من الثني بمعنى العطف؛ لأن المستثنى معطوف عليه بإخراجه من حكم المستثنى منه، أو بمعنى الصرف؛ لأنه مصروف عن حكم المستثنى منه.

والسين والتاء؟

طالب:.......

طلب، هاه للطلب؟ نعم؟ تجي، تجي هنا للطلب؟ نعم؟ طلب الثنية هنا؟

إذا قيل: هذا استثناء، قام القوم إلا زيداً، هذا استثناء، أو هذا ثنيا؟

الاستثناء والثنيا بمعنى واحد، ولذا يقولون: السين والتاء هنا زائدتان، "نهى عن الثنيا ما لم تعلم"، نهى عن الثنيا ما لم تعلم": فالثنيا هي الاستثناء، وليس الاستثناء طلب الثنيا، إذن السين والتاء كما قالوا: زائدتان.

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

أنت لما تقول: قام القوم إلا زيداً، أعطِ القوم إلا محمداً: أنت تستثنى وإلا تثني؟ هل هذا استثناء أو ثنيا؟ غيرك يطلب منك أن تستثني، نعم؟

لما تقول: أوصي أو أوقف أو غلّة هذا الوقف لبني تميم، إن طلب منك أن تستثني صار الاستثناء السين والتاء على بابها للطلب، لكن إن استثنيت أنت من غير طلب -من نفسك بادرت بالاستثناء- فتكون ثنيا أو استثناء بمعنىً واحد.

عرفه المؤلف -عرف الاستثناء-: إخراج ما لولاه لدخل في الكلام: وفي شرح الأشموني على الألفية -ألفية ابن مالك- الاستثناء: "هو الإخراج بـ(إلا) أو إحدى أخواتها لما كان داخلاً أو منزلاً منزلة الداخل": فالإخراج جنس وبـ(إلا) إلى آخره يخرج التخصيص بغير الاستثناء -يخرج التخصيص بغير الاستثناء- بالشرط والصفة على ما سيأتي- وما كان داخلاً يشمل الداخل حقيقةً والداخل تقديراً، وهو المفرغ.

والقيد الأخير -المنزل منزلة الداخل- يذكر لإدخال الاستثناء المنقطع؛ لأنه عندنا استثناء متصل وآخر منقطع: قام القوم إلا زيداً: هذا استثناء متصل، وقام القوم إلا حماراً -مثلاً-: استثناء منقطع، لماذا؟ لأن المستثنى من غير جنس المستثنى منه.

والضمير فيما لولاه: عائد إلى الإخراج، يعني لولا الإخراج موجود لدخل ذلك المخرج في حكم الكلام السابق.

ومثّل له بأمثلةٍ كثيرة لكن..، منها: ((الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً أحلّ حراماً أو حرّم حلالاً)) و((المسلمون على شروطهم إلا شرطاً أحلّ حراماً أو حرّم حلالاً)) [هذا مخرج في السنن وهو صحيح لغيره].

ثم ذكر ما يشترط للاستثناء:

وإنما يصح بشرط أن يبقى من المستثنى منه شيء: بشرط أن يبقى من المستثنى منه شيء، لو قلت مثلاً: عندي عشرة إلا عشرة، يصح الاستثناء وإلا ما يصح؟ نعم؟

طالب:.......

أيش يلزمك إذا قلت: عندي عشرة إلا عشرة؟ كم يلزمك؟

طالب:.......

العشرة كاملة؟

طالب:.......

نعم؟ كيف؟

طالب:.......

إذن صححنا الاستثناء إذا قلنا: لا شيء؛ إذا طرحنا العشرة من العشرة صار صفر، وهذا إذا اعتبرنا الاستثناء، وهم يشترطون في صحة الاستثناء أن يبقى منه شيء -على الخلاف بين أهل العلم هل يشترط أن يبقى الأكثر أو لا يشترط- كما لو قال: عندي عشرة إلا تسعة، يلزمه واحد، أو لا بد أن يكون الاستثناء أقل من النصف، مسألة خلافية.

ولذا قالوا في شرطه: أن يبقى من المستثنى منه شيء، فلا يجوز أن يكون مستغرقاً لجميع أفراد العام، فلا يجوز مثل: له عليّ عشرة إلا عشرة، لكن يجوز نحو له عليّ عشرة إلا خمسة، عليَّ عشرة إلا ثلاثة، وله عليَّ عشرة إلا تسعة، وحينئذٍ يلزمه على الأول: خمسة، وعلى الثاني: سبعة، وعلى الثالث: واحد.

فلو استغرق بأن لم يبق منه شيء كما لو قال: له عليّ عشرة إلا عشرة، لم يصح الاستثناء، وحينئذٍ تلزمه العشرة كاملة.

أما استثناء أقل من النصف فهو جائز بالإجماع -كما قال الشوكاني وغيره- وأما استثناء النصف ففيه خلاف، والجمهور على جوازه، وأما استثناء الأكثر فأكثر الأصوليين على الجواز، وهذا رجحه الشوكاني، ومنعه الإمام أحمد وأصحابه، وهو قول للشافعي، إذا قلت: له عليّ عشرة إلا سبعة، له عليّ عشرة إلا سبعة، ما السبب في كونه لا يجوز استثناء -الاستثناء إذا استغرق جميع المستثنى منه- نعم؟

 

طالب:.......

الآن هم يفرقون بين العام المخصوص، والعام الذي أريد به الخصوص، أن يكون الباقي من أفراد العام في العام المخصوص أكثر -أكثر مما أخرج منه- وفي العام الذي أريد به الخصوص يكون الخصوص أكثر من العموم، فالقائل –المتكلم- حينما يتكلم بلفظ عام ويريد به الخصوص، هل يريد بذلك أكثر الناس؟ حينما يريد بلفظ عام يريد به الخصوص، يأتي بلفظ عام يريد به الخصوص، هل يريد به أكثر الناس؟ نعم؟

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

هو أراد به الخصوص، لكن هل إذا قال: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ} [(173) سورة آل عمران]، واعتبرنا أنه على وجه الأرض من الناس مليار مثلاً، هل نقول: إنه يريد حينما يقول هذا الكلام أكثر من النصف، أو يريد أفراد أقل من النصف؟

طالب:.......

بغض النظر عن المثال نفسه؛ {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ} واحد، {إِنَّ النَّاسَ} [(173) سورة آل عمران]: المراد بهم جمع، لكنهم أقل من النصف، قطعاً أقل من نصف من على وجه الأرض؛ لأن (الناس) إذا قلنا: إنه اسم جنس معرف بـ(أل) الاستغراقية قلنا: إنه من ألفاظ العموم، والأصل أنه يشمل جميع الناس، هذا الأصل، لكن هذا عام أريد به الخصوص، وعلى هذا ما يفرقون به العام المخصوص والعام الذي أريد به الخصوص، أن العام المخصوص يكون التخصيص إخراج أقل مما بقي من أفراد العام، والخصوص الذي أريد باللفظ العام يكون..، أيش؟

طالب:.......

أقل، أقل بكثير، بكثير مما يتناوله اللفظ العام.

إذا قال شخص في بيته: اعطوا الأولاد كل واحد ريال، وقلنا: إن الأولاد جمع، وعرف بـ(أل) فهو من صيغ العموم -(أل) الجنسية- يشمل الأولاد -أولاد هذا المتكلم وأولاد الجيران، وأولاد أصحاب البلد كلهم، وأولاد البلدان كلهم- لكن هو هل يريد ها الخلق كلهم؟ لا، إنما هو يريد الخصوص، هو يريد أولاده هو.

قد يقول قائل: إن (أل) هذه ليست الجنسية، وإنما هي (أل) العهدية، صح وإلا لا؟

لكن لقائل أن يقول: إن هذه (أل) الجنسية؛ لأنه لم يتقدم ما يدل على إرادة (أل) العهدية، (أل) العهدية إذا تقدم لهم ذكر، راح الأولاد، جاء الأولاد من المدرسة، فعلوا، تركوا، أعطوا الأولاد، فيكون المراد بهم الأولاد المعهودين، لكن إذا قال ابتداءً: أعطوا الأولاد، نعم، ابتداءً وليس في السياق ما يدل على إرادة العهد نقول: هذا عام، لكنه عام باق على عمومه محفوظ وإلا أريد به الخصوص؟ نقول: هذا عام أريد به الخصوص، وكم نسبة الأولاد المراد إعطائهم لنسبة من ينطبق عليه هذا اللفظ؟

ها ويش تقول؟

طالب:.......

واحد من أيش؟ من مليون يمكن، أو أكثر، أو أقل من واحد من مليون.

حينما نقول هذا الكلام ونبين وجه الفرق بين العام الذي أريد به الخصوص، العام المخصوص وسبق أن تحدثنا عنه مراراً، وأن العموم ليس مراداً للمتكلم فيما يريد به الخصوص، بينما هو مراد للمتكلم في العام المخصوص.

هنا نقول: هذه من حجج من يقول: إنه لا يجوز استثناء أكثر من النصف، وهذه أصح الروايتين عن أحمد، وهي قول للشافعي.

أما استثناء الأكثر فأكثر الأصوليين على جوازه ورجحه الشوكاني، ومنعه الإمام أحمد وأصحابه، وهذا الخلاف -يعني في الاستثناء، استثناء أكثر من النصف- إنما هو في استثناء العدد: له عشرة إلا كذا، له مائة إلا كذا، أما الاستثناء من الصفة، قالوا: فيصح استثناء الأكثر أو الكل، ومنه قوله تعالى لإبليس: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} [(42) سورة الحجر]، فاستثنى الغاوين، وهم الأكثر كما في قوله تعالى: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [(103) سورة يوسف].

طالب:.......

أيوه؟

طالب:.......

{إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} [(42) سورة الحجر].

طالب:.......

وأيش المانع من أن يكون متصلاً؟

الأصل أن العباد كلهم ليس له عليهم سلطان، إلا من اتبعه، وحينئذ يكون استثنى الأكثر، استثنى الأكثر. استثنى في مختصر التحرير ما إذا كان استثناء الأكثر من دليل خارج عن اللفظ، إذا كان الدليل خارجاً عن اللفظ كما في الآيتين السابقتين وحينئذ لا يدخل فيما معنا، لماذا لا يدخل؟ لأن الذي معنا الاستثناء المتصل، والاستثناء بالدليل الخارجي هو الاستثناء المنفصل، لكن النص الذي فيه الاستثناء متصل وإلا منفصل؟ متصل، لكن الدلالة على المراد من الاستثناء منفصلة، الدلالة على المراد من الاستثناء منفصلة.

من شرطه أيضاً أن يكون الاستثناء منطوقاً بحيث يسمع من بقربه؛ لو استثنى بقلبه، استثنى بقلبه: اعط الأولاد كذا، ثم استثنى بقلبه إلا فلان، يصح وإلا ما يصح؟

قالوا: لا بد أن يكون الاستثناء منطوقاً به.

واستثنى في مختصر التحرير يمين المظلوم الخائف بنطقه،  أيش مثاله؟

طالب:.......

نعم، يمين الخائف المظلوم بنطقه، يعني إذا نطق بالاستثناء حصل له ظلم، وحينئذ يستثني بقلبه.

من شرطه أن يكون متصلاً بالكلام إما حقيقة أو حكماً: فالأول: أعتق العبيد إلا زيداً، هذا متصل بالكلام حقيقة، الثاني: أن يحصل فاصل اضطراري يضطره إلى أن يفصل بين المستثنى والمستثنى منه بحيث لا يستطيع دفعه، كالسعال والعطاس، وما أشبه ذلك.

ولذا حينما يشترطون أن تكون الآيات في الفاتحة متتابعة على الهيئة المشروعة لو حصل فاصل اضطراري مثل هذا فهي متصلة حكماً، وعلى هذا فإن حصل فاصل بينهما من سكوت بطل الاستثناء عند الجمهور، وقيل: يصح مع السكوت أو الفاصل إذا كان الكلامُ واحداً، كحديث ابن عباس حينما قال النبي -عليه الصلاة والسلام- في فتح مكة في بيان حرمة مكة: ((إن الله -سبحانه وتعالى- حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض))، وقال في ذلك: ((لا يعضد شوكه ولا يختلى خلاه))، فقال العباس: "يا رسول الله، إلا الإذخر؛ فإنه لقينهم وبيوتهم"، فقال: ((إلا الإذخر)). ومثله الاستثناء في قصة سليمان -عليه السلام- لما قال له الملك: "قل: إن شاء الله".

وهنا لما قال العباس: "يا رسول الله، إلا الإذخر"، هل كان في بال النبي -عليه الصلاة والسلام- هذا الاستثناء؟ هل كان في باله الاستثناء؟ وهل له -عليه الصلاة والسلام- أن يستجيب لطلب أحد لحكم شرعي؟ أو نقول كما قال بعضهم: إنه نزل الوحي حالاً بتأييد قول العباس، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((إلا الإذخر))، أو نقول: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- اجتهد وأقر على هذا الاجتهاد في وقته؟

الذي يسمع هذا الكلام يقول: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- لُقِّن الاستثناء، وقبل هذا التلقين، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟

أطلق النبي -عليه الصلاة والسلام- عمَّم- ثم جاء الاستثناء بطلب من العباس -طلب معلل- فمن أهل العلم من يقول: إنه نزل الوحي حالاً بموافقة العباس، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((إلا الإذخر))، ومنهم من يقول: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- اجتهد وله أن يجتهد، لكنه لا يقر على خطأ، ولو كان خطأً لما أقر عليه -عليه الصلاة والسلام- وعلى هذا فلا يشترط وجود النية حال النطق باللفظ العام بل يكفي وجودها قبل فراغه، تشترط النية وإلا ما تشترط؟ هل كان النبي -عليه الصلاة والسلام- مستحضراً للنية في الاستثناء حينما قال: ((لا يعضد شوكة، ولا يختلى خلاه))؟ نعم؟

طالب:.......

نعم، ظاهر النص يدل على خلاف ذلك، نعم يا.....؟

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

في حديث سليمان لما قال: إنه يطأ هذا العدد الكبير من النساء، وكل واحدة منهن تأتي بولد يجاهد في سبيل الله، ولم يستثنِ، فقال له الملك: "قل: إن شاء الله"، وجاء الخبر الصحيح بأنه ((لو قال: إن شاء الله لنفعه ذلك))، فدل على أنه لا يلزم استحضار النية، بل إذا ذُكِّر ثم تذكر فاستثنى نفعه ذلك، شريطة أن يكون متصلاً بالكلام، أو في المجلس إذا كان هناك خيار، إذا اشترى شخص من آخر سيارة، نعم، اشترى سيارة، وقال: أنا اشتريت هذه السيارة بمائة ألف إلا إن كان الولد اشترى لنا سيارة غيرها، هذا متصل ومستحضر، ماشي؟ يصح الاستثناء وإلا ما يصح؟ نعم؟  يصح ما فيه إشكال.

إذا انتظر وهم في المجلس باقون وهم يكتبون العقد قبل التفرق -بعد ربع ساعة مثلاً من الإيجاب والقبول- قال: إلا إذا كان الولد اشترى سيارة، ينفع وإلا ما ينفع؟ وما في باله الاستثناء، وإنما طرأ عليه فيما بعد، احتمال يكون الولد عاد لقى له سيارة ثم نزل وجابها، وهم ما يبغون إلا واحدة، ما يبغون إلا سيارة واحدة، نعم؟

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

يعني ينفعه الاستثناء؟

طالب:.......

ما ينفعه الاستثناء؟ كيف؟

طالب:.......

نقول: هذه صور، تلك صورة، وهذه صورة، ويأتي صورة ثالثة، نعم، بعد التفرق وبعد أن وصل إلى البيت قال: إلا إن كان الولد اشترى لنا سيارة، ينفع وإلا ما ينفع؟

لا بد من اعتبار هذه الصور: صورة مع العقد، وصورة بعد العقد في وقت الإمكان، وصورة بعد العقد بعد وقت الإمكان، الأولى لا إشكال فيها صحيحة عند الجميع، والثانية: صحيحة لذاتها أو لكون العقد معلق بالتفرق؟ نعم؟

طالب: لكون.....

سهل لكون العقد معلق.

بعض العلماء -ويذكر عن ابن عباس- أن الاستثناء ينفع ولو بعد شهر.

طالب:........

نعم. إذا قلت: والله إن فعلتِ كذا أو إن فعلت كذا فأنت طالق، ثم بعد مدة قال: إن شاء الله، أو استثناء قال: إلا إن جاء زيد أو إلا إن أحضرت كذا، بعد مدة، هاه؟ استثنى بعد مدة طويلة ينفع وإلا ما ينفع؟

طالب:.......

صحيح، وإن كان مأثوراً عن ابن عباس رضي الله عنهما.

طالب:.......

كيف؟

إيه، لكنه استثنى استثنى، حتى الاستثناء مضطرب عنده.

طالب:.......

إن فعلتِ كذا، لكن حكم الاستثناء -كما سيأتي- الاستثناء اللي هو النحوي، أو..، على ما سيأتي في الشرط، يأتينا هذا في الشرط نشير إليه إن شاء الله تعالى.

طالب:.......

مثل شرط الصفة على ما سيأتي؟

طالب:.......

على ما يظهر أن الحكم واحد، لكن في وقت الإمكان، نعم، يعني إذا أوصى بثلث ماله لبني تميم، ثم قال في وقت الإمكان، وقت الإمكان متى؟

إلى الوفاة، هذا كله وقت إمكان، استثنى منهم، أو اشترط، أو وصف وصف يتقيد به النص المطلق في وقت الإمكان ينفعه، لكن لو أوقف وقفاً منجزاً ثم استثنى أو اشترط أو وصف ينفع وإلا ما ينفع؟ لا ينفع.

طالب:.......

نعم، بعد وقت الإمكان.

ثم قال -رحمه الله تعالى-: ويجوز تقديم الاستثناء على المستثنى منه: لوقوعه في كلام العرب في النصوص:

وما لي إلا..، إلا  أيش؟ شيعة، وما لي إلا مذهب الحق مذهب، هذا كلام الكميت.

وما لي إلا................ شيعة

 

وما لي إلا مذهب الحق مذهب

وفي قصيدة حسان بن ثابت:

فإنهم يرجون منه شفاعة

 

إذا لم يكن إلا النبيون شافع

طالب:.......

أعد أعد؟

طالب:.......

هذا متقدم؟

طالب:.......

يعني الاستثناء الأول من نفس الجملة هذه وإلا من الجملة التي قبلها؟

طالب:.......

لا، اختلطت.

ثم قال -رحمه الله تعالى-: ويجوز الاستثناء من الجنس ومن غيره: الاستثناء من الجنس واضح، كقولك: قام القوم إلا زيداً وقام النساء إلا هنداً، وأما من غير الجنس فالمراد به الاستثناء المنقطع كـ: قام القوم إلا حماراً.

إذا قلت: قام القوم إلا هنداً من الأول وإلا من الثاني؟

طالب: من الأول؟

من الجنس أو من غير الجنس؟ قام القوم إلا هنداً؟

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

للرجال والنساء؟ يمكن؟ تدخل النساء في القوم أو لا تدخل؟: {لَا يَسْخَرْ...}

طالب: {قَومٌ مِّن قَوْم} [(11) سورة الحجرات].

أيش اللي بعده؟

طالب: {وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء} [(11) سورة الحجرات].

إذن تدخل النساء في القوم وإلا ما تدخل؟

طالب:.......

كيف تدخل؟

طالب:.......

{لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْم} {وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء} [(11) سورة الحجرات]

طالب:.....تأكيد يا شيخ.

تأكيد لأيش؟

طالب:.......

على كل حال من أهل العلم من قال: إن النساء لا تدخل في القوم.

الرهط: قام الرهط إلا زيداً، تدخل فيه النساء وإلا ما تدخل؟ قام الرهط إلا هنداً.

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

لكن ليس فيهم امرأة، وهنا قالوا: القوم لا تدخل فيهم النساء؛ بدليل هذه الآية، ومنهم مثل ما قلتم: إنها داخلة وعطف النساء على القوم من باب عطف الخاص على العام؛ للاعتناء –للعناية- بشأن الخاص، ولبيان أن السخرية في النساء أكثر منها في الرجال، السخرية في النساء أكثر منها في الرجال، والله المستعان.

فعلى هذا لو قال: له عليَّ ألف إلا ثوباً، له عليَّ ألف إلا ثوباً، منقطع وإلا متصل، أو يحتمل؟

طالب: يحتمل.

كيف يحتمل؟

طالب: قد يكون له ألف ثوب.

ألف ثوب احتمال، لكن لو أطلق، قال هذه الكلمة: له علي ألف إلا ثوباً، قال: أنا أقصد ألف ريال لا أقصد ألف ثوب، والاستثناء منقطع يقبل وإلا ما يقبل؟

طالب:.......

الشيخ كيف ...... ثوب.

طالب:.......

ما قال: عليَّ ألف ثوب.

طالب:.......

إلا ثوباً، يقول: الاستثناء المنقطع معروف في لغة العرب، معروف في القرآن، وهذا استثناء منقطع.

طالب:.......

مثل أيش؟

طالب:.......

أن يكون المقَر له، نعم، أو المقِر صاحب ثياب مثلاً، يورد ثياباً، لكن إذا قال: له علي ألف دينار أو ألف درهم إلا ثوباً، عرفنا أن هذا الاستثناء منقطع، وحينئذ يصح الاستثناء؛ لأنه قال: ويجوز الاستثناء من الجنس وغيره: وعلى هذا تسقط قيمة الثوب من الألف، بكم الثوب؟ مائة ريال، إذن عندك تسعمائة، وعلى هذا أكثر الأصوليين كما في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ} [(29) سورة النساء]: هل التجارة عن التراضي من أكل الأموال بالباطل؟

لا، إذن الاستثناء منقطع كما في قوله تعالى: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا} [(62) سورة مريم]: فالسلام ليس من اللغو.

ومنعه آخرون كما في أصح الروايتين عن أحمد ونسبه الآمدي إلى الأكثرين، يقول الخرقي في مختصره: "من أقر بشيء واستثنى من غير جنسه كان استثناؤه باطلاً"، وعلى هذا فقوله: له علي ألف إلا ثوباً، تلزمه الألف كاملة، والاستثناء له.

وحد الاستثناء ما به خرج
وشرطه ألا يرى منفصلا
والنطق مع اسماع من بقربه
والأصل فيه أن مستثناه
 وجاز أن يقدم المستثنى

 

من الكلام بعض ما فيه اندرج
ولم يكن مستغرقاً لما خلا
قصده من قبل نطقه به
من جنسه وجاز من سواه
والشرط أيضاً لظهور المعنى

ثم قال -رحمه الله-:

والشرط يجوز أن يتقدم على المشروط: وهذا هو النوع الثاني من المخصصات المتصلة وسبقت الإشارة إلى ذلك، والمراد به الشرط اللغوي: وهو المخصص للعموم كما لو قلت: أكرم العلماء إذا عملوا بعلمهم، أكرم العلماء إذا عملوا بعلمهم، ونحو ذلك.

أما الشرط الشرعي الذي يلزم من عدمه العدم، ومثله الشرط العقلي كالحياة للعلم فلا تخصيص بهما، وحينئذ يجوز تقديمه على المشروط -تقديم الشرط على المشروط- أو الشرط..، كما في المثال السابق، أكرم العلماء إذا عملوا بعلمهم.

في قوله تعالى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ} [(12) سورة النساء] هنا تقديم المشروط على الشرط، ويجوز عكسه تقديم الشرط على المشروط، نحو: إن جاء بنو تميم فأكرمهم، ونحو قوله تعالى: {وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [(6) سورة الطلاق].

نأتي عاد إلى الإشكال في كلام المؤلف حينما عطف التقييد على الاستثناء والشرط.

ثم قال -رحمه الله تعالى-:

والمقيد بالصفة يحمل عليه المطلق كالرقبة قيدت بالإيمان في بعض المواضع وأطلقت في بعض المواضع فيحمل المطلق على المقيد: الآن هو أقحم التقييد مع المخصصات، وعرفنا وجه الشبه بين التقييد والتخصيص ووجه الافتراق، وعرفنا أنهما يشتبهان أن كلاً منهما إخراج، وكل منهما تقليل، ويختلفان في كون التخصيص تقليلاً للأفراد، والتقييد تقليلاً للأوصاف.

وهنا يقول: والمقيد بالصفة: فلما ذكر الاستثناء والشرط عقبهما بالتقييد بالصفة، يعني لو قال: أكرم العلماء المحدثين: العلماء عام، والمحدثين وصف يصير تخصيصاً وإلا تقييداً؟

أولاً: لفظ العلماء: هل هو لفظ عام أو لفظ مطلق؟

طالب: عام

لفظ عام؛ لأن (أل) الجنسية دخلت على الجمع، نعم، فهو من صيغ العموم، المحدثين تخصيص وإلا تقييد؟

طالب: تقليل للعدد بالوصف.

كيف؟

طالب: تقليل للعدد بالوصف.

تقليل للعدد بالوصف، ومن هنا يتبين أن إدخال التقييد في المخصصات له وجه، وعرفنا أنهما يجتمعان في شيء ويختلفان في شيء آخر، فالذين خلطوا في حديث الخصائص حقيقة قد يعذرون نعم، يعني ((جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً))، مع قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((جعلت تربتها لنا طهوراً)): نعم، من أهل العلم قال: لا يجوز التيمم إلا بالتراب، ومنهم من قال: يجوز التيمم بالتراب وغير التراب، فالذين قالوا يجوز التيمم بالتراب وغيره جعلوا الأرض لفظاً عاماً ذات أفراد، والتراب فردٌ من أفرادها، فهو خاص، فجعلوا هذا من باب العموم والخصوص، فيجوز التيمم بالتراب وغير التراب لماذا؟ لماذا لا يخص العام بخاص؟

طالب: لأن التراب فرد من أفراد.....

هو فرد من أفراده فهو خاص، لماذا لا يخص العام بالخاص؟

طالب:.......

لا لا، من باب..، لا لا.

أقول: ذكر الخاص بحكم موافق لحكم العام يقتضي التخصيص؟

طالب: لا يقتضي..

لا يقتضي التخصيص، لكن لو جعلناه من باب الإطلاق والتقييد وقلنا: إن الأرض ذات أوصاف، والتراب وصف من أوصافها قلنا حينئذ: يحمل المطلق على المقيد فلا يجوز التيمم إلا بتراب له غبار يعلق باليد، كما يقول الحنابلة والشافعية.

كُثُر من الشراح أولاً جعلوا العام في أول الكلام، ثم إما خصص وإلا بقي اللفظ على عمومه، وهنا إذا قلنا: أكرم العلماء المحدثين، العلماء لفظ عام بلا شك، أو مطلق؟

طالب: عام.

عام، المحدثين تخصيص بالصفة تقليل للأفراد بالوصف، وهنا نعرِّف المطلق والمقيد؛ كي نعرف الموضوع على وجهه، قالوا: المطلق: ما تناول واحداً غير معين، واحداً غير معين باعتبار حقيقة شاملة لجنسه.

المطلق: ما تناول واحداً غير معين، وهناك العام: يتناول أفراداً، أكثر من شيئين بلا حصر، يعم أكثر من شيئين بلا حصر، وهنا يتناول واحد غير معين باعتبار حقيقة شاملة لجنسه.

والمقيد: ما تناول معيناً أو موصوفاً زائداً على حقيقة جنسه، قالوا: فالأول: كالرقبة، والثاني: كالمؤمنة في وصف الرقبة، قال في مختصر التحرير: "وقد يجتمعان في لفظ باعتبار الجهتين، أيش معنى هذا الكلام؟

الرقبة: لفظ مطلق في آية الظهار، وهي مقيدة من وجه في آية القتل، ومطلقة من وجوه حتى في آية القتل، وإن قيدت بالإيمان، لكن هناك قيود أطلقت منها كالطول والقصر والذكورة والأنوثة والسواد والبياض، هذه كلها قيود –أوصاف- لكن هذه الأوصاف لما كانت غير معتبرة ولا أثر لها في الحكم لم تذكر، بينما الوصف المؤثر المعتبر بالحكم ذكر وهو الإيمان، ولذا يقول صاحب التحرير: "وقد يجتمعان في لفظ باعتبار الجهتين يكون اللفظ مطلقاً من وجه ومقيداً من وجه آخر": يعني رقبة مؤمنة: هل هي مقيدة من كل وجه؟

وإن قيدت بالوصف المعتبر المؤثر في الحكم وهو الإيمان إلا أنها أطلقت، أطلقت من جهات -من أوصاف-؛ لعدم اعتبار هذه الأوصاف.

يقول: كالرقبة قيدت بالإيمان في بعض المواضع وأطلقت في بعض المواضع، فيحمل المطلق على المقيد: عرفنا أن الرقبة أطلقت في آية الظهار وقيدت في آية القتل، يحمل المطلق على المقيد لماذا؟ نعم؟

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

يعني في كل لفظ مطلق أو مقيد نحمل المطلق على المقيد؟

الحنفية قالوا: ما يحمل المطلق على المقيد، تقول لهم: إلا يحمل المطلق على المقيد هنا؟

طالب:.......

لا هذا إطلاق وتقييد، هذا إطلاقٌ وتقييد، إطلاقٌ وتقييد؛ لأنه حينما قال: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا} [(3) سورة المجادلة]، ما جاء بلفظ العموم، يعني تحرير رقبة واحدة، فرد من جنس، لكن هذا الفرد له أوصاف، قيد في نصوص أخرى، فالذين يقولون: بحمل المطلق على المقيد في مثل هذه الصورة قالوا: لاتحاد الحكم وإن اختلف السبب، اتحاد الحكم وإن اختلف السبب، فالحكم في الرقبة المعتقة في كفارة الظهار الوجوب، وجوب الإعتاق، والحكم في إعتاق الرقبة في كفارة القتل هو الوجوب، والسبب مختلف؛ هذا الظهار وهذا القتل، فإذا اتحدا في الحكم وجب حمل المطلق على المقيد وإن اختلف السبب.

الحنفية ما يقولون بهذا، وقد يدافع عنهم بعض الناس فيقول: كم ذكر القيد في آية كفارة القتل؟ كم مرة؟ كم كرر هذا القيد؟

طالب:.......

مرة واحدة؟

طالب:.......

شوف أول صفحة ثلاثة وتسعين، نعم، كم؟

طالب:.......

كرر مراراً في نص واحد، فدل على أن هذا الوصف معتبر في هذا الموضع؛ لأنه بقتله هذه النفس المؤمنة لا بد أن يوجد بدلها نفساً مؤمنة، لكن في الظهار ما أعدم نفساً مؤمنة، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟

نعم، ولذا ولاعتبار هذا الوصف في هذا الموضع كرر مراراً، بينما في المواضع الأخرى ما ذكر فضلاً عن كونه يكرر، فلو كان معتبراً لذكر، هذا قول من يدافع عنهم، أنا ما رأيت هذا الكلام لهم، لكن يمكن أن يدافع عنهم بهذا.

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

أنا أدافع عنهم بهذا، لكن أنا مع الجمهور على كل حال، أنا مع الجمهور في كون الرقبة لا بد أن تكون مؤمنة في جميع الكفارات، في جميع الكفارات لا بد أن تكون مؤمنة؛ للاتحاد في الحكم وإن اختلف السبب وهذه هي صورة من صور حمل المطلق على المقيد.

الصورة الثانية: وهي أولى منها بالحمل، وهي ما إذا اتحد الحكم والسبب معاً، إذا كان الحنفية خالفوا في الصورة الأولى فإنهم يتفقون مع الجمهور في الصورة الثانية، إذا اتحدا في الحكم والسبب حمل المطلق على المقيد، كالدم جاء مطلقاً في قوله -جل وعلا-: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ} [(3) سورة المائدة] وجاء مقيداً في قوله: {قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا} [(145) سورة الأنعام]، فالدم غير المسفوح حلال، فيحمل المطلق على المقيد للاتحاد في أيش؟ في الحكم والسبب.

إذا اختلفا في الحكم والسبب يحمل المطلق على المقيد وإلا ما يحمل؟

لا يحمل اتفاقاً؛ اختلفا في الحكم والسبب، اليد في آية الوضوء مقيدة بكونها إلى المرافق، وفي آية السرقة مطلقة {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا} [(38) سورة المائدة] إلى المرافق؟ لا، لماذا لا نحمل المطلق على المقيد؟ للاختلاف في الحكم والسبب وهذا يكاد يكون إجماعاً.

والصورة الثالثة: وهي تتميم القسمة فيما إذا اتفقا في السبب واختلفا في الحكم، اتفقا في السبب واختلفا في الحكم، ومثاله اليد أيضاً اليد في آية الوضوء، واليد في آية التيمم، السبب واحد وهو الحدث والحكم مختلف؛ هذا غسل وهذا مسح وحينئذ لا يحمل المطلق على المقيد خلافاً للشافعية.

هناك بعض الأمثلة، وفيها إشكال ودقة في تطبيق مثل هذه القواعد عليها، مثل الإسبال: الإسبال جاء فيه الإطلاق والتقييد: ((ما أسفل من الكعبين فهو في النار)): هو مقيد وإلا مطلق ذا؟

نعم، مطلق، وجاء التقييد ((من جر ثوبه خيلاء)): من أهل العلم من يقول: يحمل المطلق على المقيد وينتهي الإشكال، اللي ما يجر ثوبه خيلاء ما عليه شيء، ولعلكم تلاحظون بعض من ينتسب إلى العلم قد يسبل، انطلاقاً من هذا، لكن له وجه أو ليس له وجه؟ إذا طبقناه على الصور الأربع السابقة الحكم واحد وإلا مختلف؟

الحكم مختلف، الحكم مختلف، يعني يشترك الجميع في التحريم، لكن يبقى أن هذا له حكم؛ هذا في النار وهو أسهل من الحكم في النص الثاني: ((من جر إزاره خيلاء))، ((من جر ثوبه خيلاء))، أيش حكمه؟

طالب: لا ينظر الله إليه.

لا ينظر الله إليه، هذا أشد نسأل الله العافية.

فعلى هذا لا يحمل المطلق على المقيد في هذه الصورة.

طالب:.......

نعم.

طالب:.......

إيه.

طالب:.......

بالوصف.

طالب: إذا قلنا هذا، ما يمكن أن نقول هذا الكلام في المطلق بشكل عام أو في المقيد بشكل عام.....؟

إيه لكن هل هذا الوصف متعقب للفظ عام أو للفظ مطلق؟

قلنا مثل هذا الكلام لما جاء الوصف متعقباً للفظ عام، الباب، باب الإطلاق مع التقييد والتخصيص بينهما تداخل كبير، وفي التفريق بينهما غموض يحتاج إلى انتباه.

طالب:.......

أيش لون؟

طالب:.......

تقليد، ما تقول: تقييد، لا.

طالب:.......

نعم، إيه، أو إن شئت فقل هو تخصيص بالصفة مثل ما قال المؤلف، تخصيص بالصفة، نعم؟

طالب:.......

تخصيص بالصفة؛ لأن اللفظ عام، العلماء عام، جمع مقترن بـ(أل) الجنسية، عام إلا لو جاء ما يدل على إرادة الخصوص، نعم، لو جاء ما يدل على إرادة الخصوص لا بأس.

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

إيه.

طالب:.......

يقولون: هذا ليس استثناء إنما هو استدراك (لكن) يقولون: هذا ليس من باب الاستثناء وإنما هو استدراك.

طالب:.......

اللهم صل وسلم وبارك ...

كيف؟

طالب:.......

عندك: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [(3) سورة المجادلة]: الرقبة مطلق وإلا عام؟

رقبة هي واحدة ما فيها عموم، واحدة ليس فيها عموم، لكن لو جاء اللفظ (الرقاب مثلاً فتحرير الرقاب)، ثم جاء ما يدل على إرادة واحد من هذه الرقاب قلنا تخصيص.

 

اللهم صل على ...

"