التعليق على تفسير القرطبي - سورة الماعون

 تفسير سورة الماعون، وهي مكية في قول عطاء وجابر وأحد قولي ابن عباس، مدنية في قول له آخر، وهو قول لقتادة وغيره، وهي سبع آيات، بسم الله الرحمن الرحيم، قوله تعالى: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّين * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيم * وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِين * فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّين * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُون * الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُون * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُون}  [سورة الماعون:1-7] فيه ست مسائل؛ الأولى: قوله تعالى:{أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّين} [الماعون:1]  أي بالجزاء والحساب في الآخرة، وقد تقدم في الفاتحة. "

{مَـالِكِ يَوْمِ الدِّين} [الفاتحة:4]  يوم الحساب.

" وأرأيت بإثبات الهمزة الثانية؛ إذ لا يقال في أرأيت: أريت، ولكن ألف الاستفهام سهّلت الهمزة ألفًا، ذكره الزجاج، وفي الكلام حذف، والمعنى: أرأيت الذي يكذب بالدين أمصيب هو أم مخطئ؟ واختلف فيمن نزل هذا فيه، فذكر أبو صالح عن ابن عباس قال: نزلت في العاص بن وائل السهمي، وقاله الكلبي ومقاتل، وروى الضحاك عنه قال: نزلت في رجل من المنافقين. وقال السدي: نزلت في الوليد بن المغيرة. وقيل: في أبي جهل، قال الضحاك: في عمرو بن عائذ. وقال ابن جريج: نزلت في أبي سفيان، وكان ينحر في كل أسبوع جزورًا، فطلب منه يتيم شيئًا فقرعه بعصاه، فأنزل الله هذه السورة، ويدعّ أي يدفع كما قال: {يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا} [الطور:13]  وقد تقدم، وقال الضحاك عن ابن عباس:{فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيم} [الماعون:2]  أي يدفعه عن حقه، وقال قتادة: يقهره ويظلمه، والمعنى متقارب، وقد تقدم في سورة النساء أنهم كانوا لا يورّثون النساء ولا الصغار ويقولون: إنما يحوز المال من يطعن بالسنان ويضرب بالحسام، وروي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «من ضم يتيمًا من المسلمين حتى يستغني فقد وجبت له الجنة»، وقد مضى هذا المعنى في غير موضع. "

وجاء عنه -عليه الصلاة والسلام-: «أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة»، «من ضم يتيمًا» مخرج عندك؟

طالب: ..................

ماذا يقول؟

طالب: ..................

مضى.

طالب: ..................

دين الله بين الغالي والجافي بين جفاء المشركين في جاهليتهم في ظلم المرأة واليتيم وبين غلو من يزعمون نصرة المرأة والثأر لها، فيفضلونها على الرجال في وضعها الحالي ما اكتفوا أن يجعلوه مثل الرجل، بل قدموها على الرجل في كثير من الأمور، حتى في الأمور التي لا تليق بها، فإذا تقدم رجل وامرأة إلى عمل في مصنع قُدِّمت عليه، ومع الأسف أن هذا بدأ وأخذ يسري إلينا، وإذا نظرنا إلى عدد العاطلين من الذكور وجدنا الكم الهائل الذي بتشغيلهم وتوظيفهم إغناء أسر، بينما بتوظيف المرأة من تغني ما تغني أحد، تغني الأسواق في أمور لا قيمة لها في ترف زائل، ليتها ما تشتري إلا أمورًا ضرورية، أو أمورًا تعتني بالمكاييج وموديلات الشنط والماركات ويسمون ما أدري أيش؟ شنطة تباع بأربعين ألفًا وخمسين ألفًا، شنطة يد، لماذا؟ وامرأة تملك خمسمائة ألف وتتدين وراتبها ما أدري عشرة آلاف واثني عشر ألفًا وسبعة آلاف وثمانية آلاف قسط شهري، شارية بيتًا بمليونين لماذا؟ ونحن نقول: المساكين النساء ضائعات مضيعات ما هو بصحيح، الرجل إذا أغنيته وسددت حاجته كف نفسه وكف أسرته؛ لأنه هو المسؤول عن القوامة بخلاف المرأة، فلا إفراط ولا تفريط، الإسلام أنصف المرأة وما ضيعها، وورثها وجعل لها نصيبها مما تستحقه كاملاً، لا يتصرف فيه أحد على الخلاف في كونها إذا تزوجت تتصرف في مالها بغير إذن زوجها أو لا، حديث الصدقة في يوم العيد بعد خطبة العيد «تصدقن ولو من حليكن» فتصدقن من غير إذن، وهذا في الصحيحين، وفي السنن أن المرأة لا تتصدق أو لا تتصرف في مالها من غير إذن زوجها، ولعل هذا محمول على المبالغ الكبيرة؛ لأن المرأة في الغالب تحتاج إلى من يعينها ويسدد رأيها في أمور الدنيا؛ لأن التعب على أمور الدنيا هو الذي يورث الخبرة، التعب عليها من شأن الرجال، المرأة لا تتولد لديها خبرة؛ لأنها ليست بأهل بأن تكد وتكدح وتتعب فتحتاج إلى مشورة زوجها في الأمور الكبيرة المؤثرة، وعليه يحمل حديث السنن، وأما الأمور اليسيرة التي لا تؤثر في مالها، ولا تؤثر في وضعها، فإنها تتصدق وتتصرف، والله المستعان.

" الثانية: قوله تعالى: {وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِين} [الحاقة:34]  أي لا يأمر به من أجل بخله وتكذيبه بالجزاء، وهو مثل قوله تعالى في سورة الحاقة: {وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِين} [الحاقة:34]  وقد تقدم، وليس الذم عامًّا حتى يتناول من تركه عجزًا، ولكنهم كانوا يبخلون ويعتذرون لأنفسهم ويقولون:{أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَاء اللَّهُ أَطْعَمَهُ } [يس:47]  فنزلت هذه الآية فيهم وتوجُّه الذم. "

وتوجَّه.

" وتوجَّه الذم إليهم، فيكون معنى الكلام لا يفعلونه إن قدروا، ولا يحثون عليه إن عسروا. الثالثة: قوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّين} [الماعون:4]  أي عذاب لهم، وقد تقدم في غير موضع.{الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُون} [الماعون:5]  فروى الضحاك عن ابن عباس قال: هو المصلي الذي إن صلى لم يرجُ لها ثوابًا، وإن تركها لم يخش عليها عقابًا. وعنه أيضًا: الذين يؤخرونها عن أوقاتها، وكذا روى المغيرة عن إبراهيم قال: ساهون بإضاعة الوقت، وعن أبي العالية: لا يصلّونها لمواقيتها، ولا يتمّون ركوعها ولا سجودها. "

لأنه قال عن صلاتهم ما قال في صلاتهم، ولو قال: في صلاتهم لما سلم منها أكثر الناس، لكنّ الله لطيف بعباده.

" قلت: ويدل على هذا قوله تعالى: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاَةَ} [مريم:59]  حسبما تقدم بيانه في سورة مريم- عليها السلام-، وروي عن إبراهيم أيضًا أنه الذي إذا سجد قام برأسه هكذا ملتفتًا. وقال قطرب: هو ألا يقرأ ولا يذكر الله. وفي قراءة عبد الله: الذين هم عن صلاتهم لاهون. وقال سعد بن أبي وقاص: قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: {فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّين * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُون}[سورة الماعون:4-5] قال: «الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها تهاونًا بها»، وعن ابن عباس أيضًا: هم المنافقون يتركون الصلاة سرًّا ويصلونها علانية {وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى} [النساء:الآية 142] ، ويدل على أنها في المنافقين قوله: {الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُون} [الماعون:6]  وقاله ابن وهب عن مالك، قال ابن عباس: ولو قال: في صلاتهم ساهون لكانت في المؤمنين. وقال عطاء: الحمد لله الذي قال عن صلاتهم، ولم يقل: في صلاتهم. قال الزمخشري: فإن قلت: أي فرق بين قوله عن صلاتهم وبين قولك في صلاتهم قلت: معنى "عن" أنهم ساهون عنها سهو ترك لها وقلة التفات إليها، وذلك فعل المنافقين أو الفسقة الشطّار من المسلمين، ومعنى "في" أن السهو يعتري.. "

الشاطر هو الذي أعيا أهله خبثًا.

وملحة بالعذل تحسب أنني
 

 

للجهل أترك صحبة الشطار
 

وهم يستعملونها الآن في المدارس مدح قد يقول: إن بعض المسلمين إذا قام إلى الصلاة قام كسلان في بعض الأوقات، في بعض الظروف بعض المسلمين الذين لا يحكم عليهم بنفاق إذا أوقظ لصلاة الصبح قام كسلان، وإذا كان في مجلس انبساط ومزح ونكت وأذن للصلاة وقيل له: حي على الصلاة كسل عنها، فهل يمكن أن يوصف هذا بالنفاق؟ {وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى} [النساء:142] هذا وصف المنافقين، لكن وقوعه من بعض المسلمين يختلف عنه إذا كان من منافق؛ لأن المنافق ليس في نيته الصلاة إلا إن رأى أحدًا، والمسلم ليس في نيته ترك الصلاة يعني فرق بين من عزم على الصلاة، ومن عزم على ترك الصلاة، فالمنافق لا يصلي إلا إذا رأى أحدًا {يُرَآؤُونَ النَّاسَ} [النساء:142]، بينما المسلم في قرارة نفسه ولو ثقلت عليه الصلاة أنه مصلي ما فيها مساومة الصلاة حتى أفسق الناس، هؤلاء الشباب الذين يوقَظون ويتعبون أهليهم هل في نيتهم أن يتركوا الصلاة هو يريد أن يصلي لكن إذا كان قام، لكن المنافق ليس في نيته أن يصلي إلا إذا رئي؛ من أجل مراءاة الناس.

طالب: ..................

هو يخشى عليه أن يتطور إذا تطور وزاد أمره قد يجره ذلك إلى النفاق، لكن مادام في قرارة نفسه وفي عزيمته أن يصلي اختلف حينئذٍ عن المنافقين.

طالب: ..................

معلوم النفاق..

طالب: ..................

إذا كان ذلك ديدنه وهو ما يعرف مذاهب يتشبث بها ويقول مذهب كذا، ومذهب فلان أن صلاة الجماعة ليست واجبة، ولديه شبهة في هذا بعد توسع الناس واطلاعهم على المذاهب كثر التخلف عن الجماعات.

طالب: ..................

نعم، ما فيه شك أن الإنسان عليه أن يبادر، وعليه أن يغالب نفسه وشيطانه؛ لئلا يجد نفسه في يوم من الأيام مغلوبًا.

ومعنى في أن..

طالب: ..................

هو اللص أعيا أهله خبثًا.

" ومعنى في أن النقص يعتري فيها بوسوسة شيطان أو حديث نفس، وذلك لا يكاد يخلو منه مسلم، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقع له السهو في صلاته، فضلاً عن غيره، ومن ثم أثبت الفقهاء باب سجود السهو في كتبهم قال ابن العربي: لأن .. "

عليه الصلاة والسلام سها ليسن، فصار سهوه في صلاته ممدحة أم مذمة؟ ممدحة تشريع، ولولا أنه سها ما عرفنا أحكام السهو، ولولا أنه نام عن صلاة الصبح، وقد كان -عليه الصلاة والسلام- تنام عيناه ولا ينام قلبه، كيف ما نام قلبه، وينام عن صلاة الصبح في هذه المرة نام قلبه -عليه الصلاة والسلام- من أجل التشريع، وهو في هذه الحالة أكمل من ضدها؛ لأنه لا يتم التشريع إلا بهذه الطريقة، وفيه سلوة لأهل التحري، الإنسان إذا انتبه لصلاة الصبح وإذا الشمس طالعة يعني لو ما حصل من النبي -عليه الصلاة والسلام- تقطعت النفس حسرات من أهل الحرص والتحري، لكن في هذا سلوة، ومع ذلك ليست بعادة يعني ما يتخذها عادة يقول ينام عن صلاة الصبح اليوم وباكرًا وبعده، وذاك وما قبله ويقول: النبي نام عن صلاة الصبح، ما هو بصحيح.

طالب: ..................

لا، هناك أمور لا يتم بيانها بالقول فقط، وهناك أمور لا يتم بيانها بالفعل فقط، بل لا بد من تضافر القول والفعل، الشاطبي قرر هذا.

" قال ابن العربي: لأن السلامة من السهو محال، وقد سها.. "

يقول الإمام أحمد: ومن يعرُ من السهو والنسيان؟

" وقد سها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في صلاته والصحابة، وكل من لا يسهو في صلاته، فذلك رجل لا يتدبرها، ولا يعقل قراءتها، وإنما همه في أعدادها، وهذا رجل يأكل القشور ويرمي اللب، وما كان.. "

هذا الكلام يقرره المؤلف في أكثر من موضع أن الذي يسهو دليل على أنه مهتم بالمعاني، والذي لا يسهو مهتم بالمباني، يعني مهتم بالظاهر يعدد الأركان والشروط والركعات والسجدات بحيث لا يغلظ، وهو بهذا غافل عن معنى الصلاة ولب الصلاة، بينما الذي يسهو العكس، وهذا الكلام ليس بصحيح، ليس هذا بمطرد، كثير من الذين يسهون في صلاتهم لا يعقلون لا معاني ولا مباني ولا يضبطون أركانًا ولا يضبطون تدبرًا ولا إقبالًا ولا خشوعًا لاسيما إذا كثر السهو منهم، والله المستعان، المؤلف- رحمه الله- يقرر هذا أن من لا يسهو في صلاته فذلك رجل لا يتدبرها، ألا يمكن الجمع بين التدبر وضبط الصلاة؟! إذا أحضرت قلبك في المعاني أحضرت قلبك في المباني، وإذا غفل قلبك عن هذا غفل عن هذا أيضًا، كثير من الناس لا يدري أنه يصلي مع الإمام حتى يأتي شيء مؤثر إذا بكى الإمام عرف أنه معه، وإلا فهو غافل وساهٍ، والغفلة والسهو طغت على القلوب باعتبار أن الناس انشغلوا بدنياهم، فإذا دخلوا المسجد دخلوا بمشاكلهم وأشغالهم، ولو أن الإنسان إذا جاء لهذه العبادة العظيمة تفرغ ورمى أشغاله خارج باب المسجد، وأقبل عليها بقلبه وقالبه ما حصل مثل هذا الذي نعيشه، ما وجد من يقول آمين وهو ساجد ويرفع صوته ترى وجد من يقول آمين والناس ساجدون، وهذا ماذا يتدبر معنى أم مبنى أم يعد أركانًا أم يعد..؟ هذا ما هو مع المصلين أصلاً، والله المستعان.

طالب: ..................

لا، هذه يقولون بصالة بنك أيام الأسهم لما فرغ من القراءة وأراد الركوع قالوا: آمين في صلاة الأسهم عيونهم كلها بالشاشات، ما هم مع الإمام، ودنيا مؤثَرة، هذا وقته.

طالب: ..................

ينصحهم ويكرر عليهم ويرغبهم أحيانًا بالترغيب وأحيانًا بالترهيب، وإذا عجز عنهم يرفع أمرهم إلى من يعينه عليهم، يذكره لإمام المسجد، يذكره للهيئة لمن يعينه عليهم.

" وما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يسهو في صلاته إلا لفكرته في أعظم منها، اللهم إلا أنه قد يسهو في صلاته من يقبل على وساوس الشيطان إذا قال له: اذكر كذا اذكر كذا لما لم يكن يذكر حتى يضل الرجل أن يدري كم صلى. الرابعة: قوله تعالى: {الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُون} [الماعون:6]  أي يري الناس أنه يصلي طاعة، وهو يصلي تقية كالفاسق يري أنه يصلي عبادة وهو يصلي؛ ليقال: إنه يصلي، وحقيقة الرياء طلب ما في الدنيا بالعبادة، وأصله طلب المنزلة في قلوب الناس، وأولها تحسين السمت، وهو من أجزاء النبوة، ويريد بذلك الجاه والثناء. وثانيها: الرياء بالثياب القصار والخشنة؛ ليأخذ بذلك هيئة الزهد في الدنيا. وثالثها: الرياء بالقول بإظهار التسخط على أهل الدنيا وإظهار الوعظ والتأسف على ما يفوت من الخير والطاعة. ورابعها: الرياء بإظهار الصلاة والصدقة أو بتحسين الصلاة؛ لأجل رؤية الناس، وذلك يطول، وهذا دليله، قاله ابن العربي. قلت: قد تقدم في سورة النساء وهود وآخر الكهف القول في الرياء وأحكامه وحقيقته بما فيه كفاية، والحمد لله. "

قال: وأولها تحسين السمت، وهو من أجزاء النبوة، ويريد بذلك الجاه والثناء قال في اللسان: السمت حسن القصد والمذهب في الدين والدنيا يظهر من السمت الهيئة والسكينة والوقار لكن قال: وهو من أجزاء النبوة، وهو لا يريد بذلك الاقتداء بالنبي -عليه الصلاة والسلام- في سمته وهديه، وإنما يريد بذلك الجاه والثناء.

" الخامسة: ولا يكون الرجل مرائيًا بإظهار العمل الصالح إن كان فريضة، فمن حق الفرائض الإعلان بها وتشهيرها؛ لقوله -عليه السلام-: «ولا غمة في فرائض الله»؛ لأنها أعلام الإسلام وشعائر الدين. "

ويشترك فيها جميع المسلمين، فما يكون فيها مراءاة يرائي أنه يصلي الفرض؟! الناس كلها تصلي الفرض، ولذا يختلفون في قول من سُب أو شُتم وهو صائم في قوله: إني صائم، هل يقول هذا في الفرض والنفل أو يكتفي بالفرض، أو يقوله في نفسه يذكرها بأنه صائم فلا يرد عليه بمثل سبه وشمته، أما بالنسبة للفريضة فلا إشكال في إظهارها، وأنها لا بد أن تظهر، وأنها الشعيرة ويشترك فيها الناس، فيقل فيها الرياء، ما أحد يرائي الناس أنه أتى يصلي الفرض إلا في مكان اندرست فيه معالم الدين، نعم إذا اندرست معالم الدين وصار من يصلي الفرض صار يشار إليه ممكن، والكلام في النوافل والإكثار منها هذا الذي على الإنسان أن يخفيه بقدر الإمكان، «ولا غمة في فرائض الله» من خرجه أو..؟

طالب: ..................

وين تقدم؟

طالب: ..................

عندك؟

طالب: ..................

وما خُرِّج؟

" ولأن تاركها يستحق... "

طالب: ..................

والله يسر بنفسه أفضل.

" ولأن تاركها يستحق الذم والمقت، فوجب إماطة التهمة بالإظهار، وإن كان تطوعًا فحقه أن يخفى؛ لأنه لا يلام بتركه ولا تهمة فيه، فإن أظهره قاصدًا للاقتداء به كان جميلاً، وإنما الرياء أن يقصد بالإظهار أن تراه الأعين فتثني عليه بالصلاح، وعن بعضهم أنه رأى رجلاً في المسجد قد سجد سجدة الشكر فأطالها فقال: ما أحسن هذا لو كان في بيتك، وإنما قال هذا؛ لأنه توسم فيه الرياء والسمعة، وقد مضى هذا المعنى في سورة البقرة عند قوله تعالى: {إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ} [البقرة:271]  وفي غير موضع، والحمد لله على ذلك. "

طالب: ..................

الذي يصومه كلهم مثل صيام الست مثلاً نعم، وإذا كثرت العبادة واشتهرت بين الناس أخذت حكم الفريضة.

" السادسة: قوله تعالى: {وَيَمۡنَعُونَ ٱلۡمَاعُونَ} [الماعون:7]  فيه اثنا عشر قولاً؛ الأول: أنه زكاة أموالهم، كذا روى الضحاك عن ابن عباس، وروي عن علي- رضي الله عنه- مثل ذلك وقاله مالك، والمراد به المنافق يمنعها، وقد روى أبو بكر بن عبد العزيز عن مالك قال: بلغني أن قول الله تعالى: {فَوَيۡلٞ لِّلۡمُصَلِّينَ * ٱلَّذِينَ هُمۡ عَن صَلَاتِهِمۡ سَاهُونَ * ٱلَّذِينَ هُمۡ يُرَآءُونَ * وَيَمۡنَعُونَ ٱلۡمَاعُونَ} [سورة الماعون:4-7] قال: إن المنافق إذا صلى صلى رياءً وإن فاتته لم يندم عليها،  {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُون} [الماعون:7]  الزكاة التي فرض الله عليهم، قال زيد بن أسلم. "

الذي دعاهم إلى تفسير الماعون بالزكاة التوعد بويل، ولا يتوعد إلا على أمر عظيم كالصلاة والزكاة.

" قال زيد بن أسلم: لو خفيت لهم الصلاة كما خفيت لهم الزكاة ما صلوا. القول الثاني: إن الماعون المال بلسان قريش، قاله ابن شهاب وسعيد بن المسيب، وقول ثالث: أنه اسم جامع لمنافع البيت كالفأس والقدر والنار وما أشبه ذلك، قاله ابن مسعود، ورُوي عن ابن عباس أيضًا قال الأعشى:

بأجود منه بماعونه
 

 

إذا ما سماؤهم لم تغم
 

الرابع.. "

إذا لم يُمطروا وأصيبوا بالجدب تبادلوا المنافع وجادوا بأموالهم.

" الرابع: ذكر الزجاج وأبو عبيد والمبرّد أن الماعون في الجاهلية كل ما فيه منفعة حتى الفأس والقدر والدلو والقدّاحة وكل ما فيه منفعة من قليل وكثير، وأنشدوا بيت الأعشى قالوا: والماعون في الإسلام الطاعة والزكاة، وأنشدوا قول الراعي:

أخليفة الرحمن إنا معشر
 

 

حنفاء نسجد بكرة وأصيلاً
 

عرب نرى لله من أموالنا
 

 

حق الزكاة منزلاً تنزيلاً
 

قوم على الإسلام لما يمنعوا
 

 

ماعونهم ويضيعوا التهليلا
 

يعني الزكاة. الخامس: أنها العاريّة، روي عن ابن عباس أيضًا. السادس: أنه المعروف كله الذي يتعاطاه الناس فيما بينهم، قاله محمد بن كعب والكلبي، السابع.. "

لكن لا بد من حمله على ما يجب بذله لمضطر ونحوه؛ لأن التوعّد بويل لا يستحقه إلا من ارتكب محرّمًا أو ترك واجبًا.

" السابع: أنه الماء والكلأ. الثامن: الماء وحده قال الفراء: سمعت بعض العرب يقول: الماعون الماء، وأنشدني فيه. "

من إطلاق الظرف وإرادة المظروف؛ لأنه لا يمكن أن يتناول الماء بغير ماعون.

" وأنشدني فيه:

يمج صبيره الماعون صبًا
 

 

...........................
 

الصبير السحاب، التاسع: أنه منع الحق، قاله عبد الله بن عمر. العاشر: أنه المستغل من منافع الأموال مأخوذ من المعني، وهو القليل، حكاه الطبري وابن عباس، قال قطرب: أصل الماعون من القلة، والمعْن: الشيء القليل، تقول العرب ما له سعنة. "

حكاه الطبري وابن عباس أو عن ابن عباس؟

طالب: ..................

يقول في بعض في بعض النسخ ابن عيسى ممكن، أما الطبري وابن عباس ما يصلح.

" تقول العرب: ما له سعنة ولا معنة أي شيء قليل، فسمّى الله تعالى الزكاة والصدقة ونحوهما من المعروف ماعونًا؛ لأنه قليل من كثير، ومن الناس من قال: الماعون أصله معونة والألف عِوَض من الهاء، حكاه الجوهري قال ابن العربي: الماعون مفعول من أعان يعين والعَونُ هو الإمداد بالقوة والآلات والأسباب الميسرة الميسِّرة للأمر. الحادي عشر: أنه الطاعة والانقياد، حكى الأخفش عن أعرابي فصيح: لو قد نزلنا لصنعت بناقتك صنيعًا تعطيك الماعون أي تنقاد لك وتطيعك، قال الراجز:

متى تصادفهن في البرين
 

 

يخضعن أو يعطين بالماعون
 

وقيل: هو ما لا يحل منعه كالماء والملح والنار؛ لأن عائشة رضوان الله عليها. "

بضم الباء وكسرها البَرين أو البُرين البَرِين الراء مكسورة لأنه يقول البرين بضم الباء وكسرها البُرِين والبِرِين.

متى تصادفهن في البِرِين
 

 

يخضعن أو يعطين بالماعون
 

" وقيل: هو ما لا يحل منعه كالماء والملح والنار؛ لأن عائشة- رضوان الله عليها- قالت: قلت: يا رسول الله، ما الشيء الذي لا يحل منعه؟ قال: «الماء والنار والملح»، قلت: يا رسول الله.. "

أيضًا الناس شركاء في ثلاثة فذكرها.

" قلت: يا رسول الله، هذا الماء، فما بال النار والملح؟ فقال: «يا عائشة من أعطى نارًا فكأنما تصدق بجميع ما طبخ بتلك النار، ومن أعطى ملحًا فكأنما تصدق بجميع ما طيب به ذلك الملح، ومن سقى شربة من الماء حيث يوجد الماء فكأنما أعتق ستين نسمة، ومن سقى شربة من الماء حيث لا يوجد فكأنما أحيا نفسًا، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا» ذكره الثعلبي في تفسيره وخرّجه ابن ماجه في سننه، وفي إسناده لِيْن، وهو القول الثاني عشر، قال الماوردي. "

مخرّج؟

طالب: ..................

ويكفي أن يقول ضعيف؟

طالب: ..................

نعم، موضوع.

طالب: ..................

«الناس شركاء» معروف «الناس شركاء في ثلاثة» هذا معروف مخرّج عندك؟

طالب: ..................

علي بن زيد لا، أمره سهل، لكن ستين منكرة جدًّا، من سقى شربة من الماء حيث يوجد الماء فكأنما أعتق ستين نسمة، هذا الكلام ليس بصحيح.

" قال الماوردي: ويحتمل أنه المعونة بما خفَّ فعله وقد ثقّله الله، والله أعلم، وقيل لعكرمة مولى ابن عباس: من منع شيئًا من المتاع كان له الويل، فقال: لا، ولكن من جمع ثلاثهن فله الويل، يعني ترْك الصلاة والرياء والبخل بالماعون، قلت: كونها في المنافقين أشبه وبهم أخلق؛ لأنهم جمعوا الأوصاف الثلاثة ترك الصلاة والرياء والبخل بالمال، قال الله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً} [النساء:142]  وقال : {وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُون} [التوبة:54] وهذه أحوالهم، ويبعد أن توجد من مسلم محقق، وإن وجد بعضها فيلحقه جزء من التوبيخ، وذلك في منع الماعون إذا تعيّن كالصلاة إذا تركها، والله أعلم. "

يعني كخصال النفاق إذا اجتمعت غير كونها توجد بعضها في أفراد، وأخرى في أفراد، من كان فيه خصلة منهن كان فيه خصلة من النفاق، ومن كان فيه خصلة من هؤلاء الثلاث كان فيه خصلة من خصال المنافقين وهكذا.

إنما..

طالب: ..................

لا، علي بن جدعان معروف، ضعيف، لكنه..

" إنما يكون منعًا قبيحًا في المروءة في غير حال الضرورة، والله أعلم. "

طالب: ..................

زكاته عاريته نعم هذا من باب.. لا، الآن مثل هذا ليس من الضرورات؛ لأنه ليس من الضرورات بحيث توجب عاريته.

"