شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح (166)

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أيها الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أهلًا بكم إلى حلقة جديدة في برنامجكم" شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح"، والذي نسعد فيه باستضافة صاحب الفضيلة الشيخ الدكتور/ عبد الكريم ابن عبد الله الخضير، فأهلًا ومرحبًا بكم شيخ عبد الكريم.

حياكم الله وبارك فيكم وفي الإخوة المستمعين.

المقدم: قال -رحمه الله- تعالى: عن أنسٍ- رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان إذا تكلم بكلمةٍ أعادها ثلاثًا حتى تُفهم عنه، وإذا أتى على قومٍ فسلم عليهم سلم ثلاثًا.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

راوي الحديث الصحابي الجليل أنس بن مالك، خادم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

المقدم: عليه الصلاة والسلام.

مر ذكرهُ مرارًا، والحديث ترجم عليه الإمام البخاري بقوله: باب من أعاد الحديث ثلاثًا ليُفهم عنهُ، بابُ من أعاد الحديث ثلاثًا ليُفهمَ عنهُ، يقول الحافظ بـــــــــ  "ليُفهَم" وهو بضم الياء، وفتح الهاء، وفي روايتنا أيضًا، بكسر الهاء، ليُفهم، يعني المُعيد الذي يُعيد الكلام.

المقدم: يُفهم الآخر.

يُفهم غيرهُ.

المقدم: نعم.

يُفهم غيرهُ، ثم أورد الإمام البخاري في الترجمة، فقال: «ألا وقول الزور» فما زال يُكِررُها.

المقدم: في الترجمة.

نعم في الترجمة.

المقدم: نعم.

بابُ من أعاد الحديث ثلاثًا.

المقدم: ليُفهَم عنهُ.

فقال: «ألا وقول الزور» فما زال يُكِررُها.

المقدم: نعم.

وهذا التكرير محدود بحد ثلاث؟ الذي يظهر أنه أكثر.

المقدم: نعم.

بدليل قولهم.

المقدم: "حتى قلنا ليته سكت".

"ليته سكت"، لو كررها ثلاثًا فقط ما استُنكر، وما تمنوا سكوته رأفةً به- عليه الصلاة والسلام-.

المقدم: عليه الصلاة والسلام.

المقصود أن هذا يشهدُ لإيش؟ للتكرار، وقال: لعموم التكرار.

المقدم: نعم.

وقال ابن عمر: قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: «هل بلغتُ» ثلاثًا، يعني كرر قوله: «هل بلغت» ثلاث مرات.

المقدم: وهذا في الترجمة، ابن عمر؟

في الترجمة أيضًا قال: ابن عمر، قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: «هل بلغت» .

المقدم: هذا معلق عند البخاري، يا شيخ؟

نعم مُعلق.

المقدم: نعم.

وقولهُ أيضًا: «ألا وقولُ الزور» معلق، معلقات البخاري على وجوه، أحيانًا يحذف شيخه، ويرتقي إلى شيخ شيخه، فقط يحذف شخصًا واحدًا، وأحيانًا يحذف الشيخ وشيخ الشيخ، ويقتصر مثلًا على التابعي، والصحابي، وأحيانًا يحذف الإسناد، ولا يبقي إلا الصحابي، كقوله هنا: وقال ابن عمر، وأحيانًا يحذف جميع الإسناد، جميع الإسناد، فقال: «ألا وقول الزور»، ما فيه لا إسناد، ولا نسبة، لكنه معروف نسبته إلى النبي- عليه الصلاة والسلام-، وثبوته أيضًا معروف، وهو خرجه في الشهادات، وفي الديات قوله:- عليه الصلاة والسلام-: «ألا أُنبئكم بأكبر الكبائر»، قلنا: بلى يا رسول الله  فذكره «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟» ثلاثًا.

هذه القطعة «ألا أُنبئكم بأكبر الكبائر؟» ثلاثًا.

المقدم: هل مراد بها.

مطابقة للحديث.

المقدم: نعم.

لكن قوله: «ألا وقول الزور فما زال يُكرِرُها».

المقدم: هذه بدون تعداد.

من غير تحديد، البخاري -رحمه الله تعالى-، لماذا لم يقُل، لم يورد في الترجمة المطابِق؟ وإنما أورد غيره، «ألا أُنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثًا» مطابق للترجمة.

المقدم: صحيح.

نعم من أعد الحديث ثلاثًا، لكن اقتصر على قوله: «ألا وقول الزور».

المقدم: من غير تعداد من غير حد.

لأن هذا كونهُم أشفقوا عليه- عليه الصلاة والسلام- يدل على أنه أكثر من ثلاث.

المقدم: نعم.

فجاء باللفظ الذي فيه نوع مطابقة إجمالية، لا تفصيلية، وترك المطابق من كل وجه، وهذه عادته- رحمه لله تعالى-؛ ليحيل القارئ إلى الحديث بتمامه، وقد يترجم، قد يورد في الترجمة شيئًا، لا دليل فيه، ولا مأخذ مِنهُ للترجَمة، ولا ارتباط له بالترجمة، إنما في بعض طرق هذا الحديث ما يؤيد الترجمة.

فله مغازٍ بعيدة جدًّا، ومر بنا في مُناسبات، الترجمة، باب رفع المصلي بصره، أو باب رفع البصر إلى السماء، باب رفعُ البصرِ إلى السماء، وأوردَ فيه: {أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ } [سورة الغاشية:17].

المقدم: نعم.

هل دلالة هذه الآية مثل دلالة التي تليها: {وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ} [سورة الغاشية:18]، { أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ} [سورة الغاشية:17] قد يكون الملحظ بعيدًا جدًّا للمطابقة. 

المقدم: نعم.

نعم، وأما بالنسبةِ للآيةِ التي تليها فيها صراحة، كما هنا.

المقدم: صحيح.

البخاري يرمي إلى مغازٍ بعيدة جدًّا، { أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ } [سورة الغاشية:17]، الإبل إذا كانت قائِمة، ونظر إليها الإنسان، نظر إلى السماء فلابُد.

المقدم: نعم.

لأن الإبل أطول من الإنسان، فمجرد ما يرفعُ بصره إلى الإبل ينظر إلى السماء، هذا من بُعد، ومنهم من يقول: إن البخاري يقول: اقرأ هذه الآية، والتي تليها، كأنها جملة من حديث، فقال الحديث، أكمل الحديث، وأورد بعضُهم الإبل.

المقدم: السحب.

في معاني السحاب، فمقتضى النظر إلى السحاب النظر إلى السماء، المقصود أن البخاري عنده دقة متناهية فيما يورده، بعض الناس الذي لا يفهم مثل هذه المقاصد.

المقدم: يقول يعني ماذا يريد.

لقصورهِ، أو تقصيرهِ.

المقدم: يستغرب.

يعني يرمي البخاري بأنه حتى قال بعض الشُراح: إنه لا مطابقة بين الترجمة وبين ما أورده في مناسبات.

المقدم: نعم.

بل حتى قال بعضُهم: إن هذا تعجرُف، هذه الكلمة قالها الكرماني: في ربطٍ بين حديث وترجمة، الحديث لا يدُل على الترجمة، فاستغرب أن البخاري يُورد هذا الحديث تحت هذه الترجمة، فقال: هذا تعجرُف، وهذه بالنسبة للكرماني لا شك أن مثل هذا تقصير في فهم مراد البخاري، وعليه الكرماني ما فهم، هذا فهمه غيره، ومن تأمل في الصحيح وجد العجب، وهو توفيق من الله- جلَّ وعلا-، وهو تأليف البشر يعني بالنسبة للربط، والاستنباط، والتراجم تأليف بشري.

المقدم: صحيح.

وهو قريبٌ من الكمال البشري، وقال ابن عمر: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «هل بلغتُ؟» ثلاثًا يقول ابن حجر، قال ابن المُنيِّر: نبه البخاري بهذه الترجمة، على الرد على من كره إعادة الحديث، نبه البخاري بهذه الترجمة، على الرد على من كره إعادة الحديث، وأنكر على الطالب الاستعادة، وعدها من البلادة، قال:..

المقدم: طلب إعادة الحديث من الشيخ.

نعم، قال: هذه بلادة، قال: والحق أن هذا يختلفُ باختلاف القرائح، فلا عيب على المستفيد، أو المستعيد الذي لا يحفظ من مرة إذا استعاد، ولا عذر للمعيد إذا لم يعد، لا عذر له إذا لم يعد، إذا قيل له: أعد فلم يعد، لا عذر له، بل الإعادة عليه آكد من الابتداء؛ لأن الشروع ملزم، يعني كون الإنسان لا يتكلم، لا يطلب منه أن يتكلم، وما يُدرى ما عنده، لكن إذا تكلم بكلام لا يفهم.

المقدم: فالأولى أن يُفهم.

وطلب منه إعادته عليه أن يعيد.

المقدم: نعم.

نعم، وهذا يختلفُ باختلاف القرائح، لا شك أن بعض الناس يتفاوتون، وتجد في الدرس أنواعًا من الطلاب، أصنافًا، أصنافًا من الطلاب، هذا يفهم لأول مرة، ويحفظ لأول مرة، وذاك للمرة الثانية، ورابع الثالثة، والخامسة، والعاشرة، ومنهم من لا يفهم أبدًا، لكن هل المعلم ملزم بأن يفهم الجميع؟ نعم يكرر ثلاثًا، اقتداءً بالنبي- عليه الصلاة والسلام-.

المقدم: صلى الله وسلم على رسوله.

من لم يفهم بعد ذلك ليس مسؤولًا عنه، وإن تبرع بإفهامه مزيدًا على ما أداه لغيره بمفرده، يعنى لو قال: من لم يفهم من الطلاب ولم يسمع، ولم يحفظ، ثم أعاد مرة، أو مرتين، وثلاثًا، ثم بعد ذلك لما انتهى الدرس، قال بعض الطلاب: ما فهمت، لو أعاد عليه، باب الإحسان عليه، والرفق به، لا بأس، إما أن يكرر أكثر من ذلك بين مجموعة من الطلاب، هذا فيه ظلم للطلبة الذين يفهمون، لا شك أن الطالب الذي يفهم من أول مرة يمل إذا كرر الكلام أكثر من ذلك.

المقدم: صحيح.

نعم، ثم بالتالي يترك.

المقدم: في مواضع أن النبي -صلى الله عليه وسلم- استعاده بعض الصحابة، أو على الأقل قرأوا عليه، مثل البراء لما، في الدعاء قال:........

عرض عليه.

عرض عليه.

نعم، بعض الناس لاسيما في التخصصات غير الشرعية، بعض المدرسين، وهذا طُلب من مدرس اللغة العربية، فلما شرح الدرس قيل له: أعد، قال: لا أعيد، قيل له النبي- عليه الصلاة والسلام-: إذا.

المقدم: تكلم أعاد.

أعاد.

المقدم: ثلاثًا.

إذا تكلم أعاد ثلاثًا، سلم، سلم ثلاثًا، إذا تكلم، تكلم ثلاثًا، أعادها ثلاثًا، قال: نعم هذا في كلام النبوة الذي يحتاجه الناس كلهم، أما في كلامنا يقصد أهل النحو، فهو موجود بالكتب، ومدون، والشروح موجودة، ولا داعي لأن أعيد، لكن هذه ليست بحُجة.

المقدم: نعم.

لأنه أجير من أجل الطلاب وإفهامهم، فعليه أن يعيد، إلى الثلاث، وما عدا ذلك فضل، اقتداءً بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا شك أن العلوم تتفاوت، منها ما يُفهم بسرعة، ومنها ما يحتاج إلى إعادة بسط، وتوضيح، ومنها ما يحتاج إلى تقليب، توضح المسألة على وجه، ثم توضح على وجهٍ ثانيٍ، ثم تبسط على وجه ثالث حتى تُفهم، ولذا طريقة التعليم عند أهل العلم قاطبة من المتقدمين والمتأخرين، تصنيف الطلاب، وتأليف كتب تناسب المبتدئين، وفي حكمهم ضعيف التحصيل، في حكم ضعيفي التحصيل، هؤلاء لهم كتب تناسبهم، إذا أتموها وارتقوا إلى الطبقة التي تلي هذه الطبقة فلهم كتب تناسبهم.

المقدم: نعم.

قد يقول قائل: ما دامت هذه الكتب، كتب صغار الطبقة الأولى مندرجة في كتب الكبار، لماذا لا يحذف من كتب الكبار ما يوجد في كتب الصغار؟ نقرأ زوائد.

المقدم: نعم.

 نقول: لا، الإعادة لا بد منها، ولا يرسخ العلم إلا بالإعادة، وسوف يتكرر مرة ثالثة، إذا انتقلوا إلى الطبقة التي تليها، وطبقة المتقدمين الكبار، وإلا كثرة هذه الكتب الموجودة والتي تتابع أئمة الإسلام على تأليفها يغني بعضها عن بعض.

المقدم: لكن في بعضها زيادات، وإضافات.

نقول: المغني يكفينا عن الكافي ويكفينا عن المقنع، ويكفينا عن العمدة، كلها موجودة في المغني، نقول: لا، قد يقول قائل: لماذا لا نجرد زوائد المقنع علي العمدة، ولا نذكر المسائل التي ذُكرت في العمدة؟ نقول: تكرار المسألة بطريقة أخرى، وبأسلوب آخر يناسب المتوسطين، وقل مثل هذا في كتب الطبقة الثالثة، والرابعة، بهذا يرسخ العلم، بهذه الطريقة يرسخ العلم، وليس عبثًا أن يُصنف مثلًا أكثر من مائة تفسير، أو مئات التفاسير وإن كان بعضها ينقل من بعض، ولكن لا يخلو كتاب من فائدة، خله يتكرر الكلام، ثم ماذا؟ إنما يتكرر لمزيد البيان والإيضاح، ولا يوجد مثلًا كتب منقولة برمتها من كتب أخرى، ليستغنى بها عنها، إنما المؤلف لا بد أن يزيد، لا بد أن يوضح، لا بد أن يختصر أحيانًا.

المقدم: نعم.

فهذا له صلة بهذا الباب، قال: والحق أن هذا يختلف باختلاف القرائح، فلا عيب على المستعيد الذي لا يحفظ من مرة إذا استعاد، ولا عذر للمعيد إذا لم يعد، بل الإعادة عليه آكد من الابتداء؛ لأن الشروع ملزم، وقال ابن التين: فيه أن الثلاث غاية ما يقع به الاعتذار والبيان، ومثله عند ابن بطال، وفي عمدة القاري: وجه المناسبة بين البابين، هذا والذي قبله، الباب الذي قبله إيش؟

المقدم: الغضب في الموعظتين.

لا.

المقدم: إذًا سقط من الباب.

ليس بسقط، تركه، لم يخرج حديثه.

المقدم: يقول: يعني لم يأت في المختصر.   

نعم ما ورد.

المقدم: الذي هو الحديث أربعة وتسعون لم يورده.

نعم يقول: وجه المناسبة بين البابين، هذا الباب من أعاد.

المقدم: حديث الثلاثة ليُفهم عنه.

طيب، والباب الذي قبله، بابُ من برك على ركبتيه.

المقدم: نعم.

عند الإمام، أو المحدث.

المقدم: حديث عمر.

حديث أنس.

المقدم: إذًا ما برك عمر.

نعم.

المقدم: أحسنت.

نعم، يقول: من حيث إن المذكور، في الباب الأول، من برك على ركبتيه، يرجع إلى شأن السائل المتعلم، يرجع إلى.

المقدم: شأن السائل.

شأن السائل المتعلم، وهذا الباب أيضًا، في شأن المتعلم.

المقدم: نعم.

لأن المتعلم يحتاج إلى تكرار؛ لأن إعادة النبي -صلى الله عليه وسلم- ثلاث مرات، إنما كانت لأجل المتعلمين والسائلين؛ ليفهموا كلامه حق الفهم، ولا يفوت منهم شيء من كلامه الكريم -عليه الصلاة والتسليم-. عن أنسٍ..

المقدم: ملاحظة يا شيخ، أحسن الله إليك، فيما يتعلق بالملحظ الذي أشار إليه العلماء ما بين الترجمة والحديث، أشرتم إلى أنه تحتاج إلى إمعان، ولا شك أن البخاري -رحمه الله- في الغالب لا يترجم للحديث، إلا بملحظٍ دقيق.

نعم.

المقدم: لكننا نلحظ أن هناك تكلفًا في الربط بين الباب، والباب الذي قبله، يعني هل لابد أن نقول: إن البخاري -رحمه الله- ما وضع هذا الباب، بعد هذا الباب إلا لهذا الملحظ الدقيق؟ أحيانًا ما يكون واضحًا، وليس ضروريًّا.

يعني مثل هذا في الربط بين الآيات.

المقدم: نعم.

وبين السور.

المقدم: يمكن أن تكون الآيات لا شك أنها أدق، لكن بخلاف.

مترابطة.

المقدم: نعم، يعني الترابط واضح، لكن ترجمة الأبواب..

{وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً} [سورة البقرة:30]، ما الآية التي قبلها؟ وما الرابط بينهما؟

المقدم: نعم.

لأن هذا مثل ما تقول أنت: في البخاري قل في القرآن، حتى بين الآيات.

المقدم: نعم.

يوجد كتب صُنفت للربط بين الآيات، نظم الدُّرر في  تناسب الآيات والسور.

المقدم: والسور يعني كأن.

للبقاعي في اثنين وعشرين مجلدًا.

المقدم: لكن كأنها أوجه الآيات وترابطها، يعني مقبولة.

الشوكاني ينكر هذا أشد الإنكار.

المقدم: عجيب.

نعم، ويعتب على من يزعم أن هناك ترابطًا بين كل الآيات، قد توجد مترابطة لكن هذه الآيات المترابطة إذا انتقلنا إلى قصة ثانية، وموضوع آخر، قد لا يكون هناك رابط.

المقدم: نعم.

نعم، وقل مثل هذا في كتب مؤلفات البشر، وعلى كل حال العلماء صنفوا، واستنبطوا، ولا شك أنهم مأجورون؛ لأن القصد بيان بلاغة القرآن، وإعجاز القرآن.

المقدم: نعم.

وكونهم يحاولون إيجاد مثل هذه الروابط، لا شك أنهم يأجرون عليه؛ لأن الهدف واضح، وحسن، قد تقصرُ بهم العبارة، قد يقصر ويُقصِر بهمُ الفهم، ثم يأتي من يلوُح له ما هو أظهر مما قالوا.

المقدم: نعم.

نعم، ومر بنا مرارًا في الربط بين الأحاديث أنه يتناقل الشُّراح شيئًا، ثم بعد ذلك يظهر لنا غيره.

المقدم: صحيح.

ويظهر لغيرنا غيره، وقد يأتي من يخطئنا، كما خطئنا غيرنا، وهذا العلم معاناته عبادة.

المقدم: صحيح.

يعني فلا شك أن من أمضى عمره في مثل هذه الأعمال، أنه على خير إن شاء الله تعالى، إذا كان بنية خالصة لله- جلَّ وعلا-، عن أنسٍ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان أي من عادة النبي -صلى الله عليه وسلم-، أي من عادته أنه كان، أي من عادة النبي -صلى الله عليه وسلم-، والمراد أن أنسًا مخبر عما عرفه من شأن النبي -صلى الله عليه وسلم- يعني تأمل في الصيغة، صيغة الأداء.

المقدم: نعم.

نعم عن أنسٍ كمِّل عندك الحديث.

المقدم: عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان.

عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.

المقدم: أنه كان.

أنه كان يعني ظاهر العبارة أن أنسًا ينقل عن النبي.

المقدم: صل الله عليه وسلم.

عليه الصلاة والسلام من لفظهِ، أنه كان.

المقدم: نعم.

نعم.

المقدم: هذا ظاهر الفهم.

هذا ظاهر اللفظ، وإلا لو أراد أنه يسبر فعل النبي- عليه الصلاة والسلام-، ويعبر عنه، لقال: عن أنسٍ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا سلم، ما قال: عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان إذا سلم، لكن هل المراد أنه ينقل عن النبي-عليه الصلاة والسلام-؟

المقدم: لا.

طريقته ومنهجه في هذا؟

المقدم: لا.

 لا.

يقول: والمراد أن أنسًا مخبر عما عرفه من شأن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وشاهده، لا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبره بذلك، ويؤيد ذلك أن المصنف أخرجه في كتاب الاستئذان، عن إسحاق، وهو ابن منصور عن عبد الصمد بهذا الإسناد، أخرجه في كتاب الاستئذان، عن إسحاق، وهو ابن منصور عن عبد الصمد بهذا الإسناد، إلى أنس فقال: ..

المقدم: الذي هو أنس.

نعم، في كتاب الاستئذان الموضع الأخير، عن أنس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا سلم..

المقدم: نعم، ليس بعن النبي، ما قال: عن النبي.

ما قال: عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ويمكن توجيه (عن) هذه، (عن) في الأصل صيغة أداء، وهي عند أهل العلم محمولة على الاتصال بالشرطين المعروفين عندهم.

المقدم: نعم.

لكن قد تأتي (عن)، ولا يراد بها الرواية، فتحمل على إرادة القصة، وعلى إرادة الشأن، فمثلًا في قول: الراوي: عن فلان أنه خرج عليه خوارج فقتلوه.

المقدم: مستحيل يحكي القصة.

نعم، مستحيل، يعني عن قصة فلان.

المقدم: نعم.

نعم، أنه خرج عليه خوارج فقتلوه، فـ (عن) هذه ليست صيغة أداء، وإنما هي صيغة حكاية قصة وشأن كما هنا، فهو يحكي شأن النبي- عليه الصلاة والسلام-، وعادة النبي- عليه الصلاة والسلام-، ظاهر؟

المقدم: نعم، ظاهر جدًّا.

أنه كان.. في شرح الكرماني، قال الأصوليون: مثل هذا التركيب يشعر بالاستمرار، كان يشعر بالاستمرار.

المقدم: بالاستمرار يعني من عادته.

لكن، قد تأتي على أنها مرة واحدة، كما لو قيل عن فعل عن النبي- عليه الصلاة والسلام-، وعرف أنما فعله مرة واحدة.

المقدم: كان يأكل كذا، مع كذا، مثلًا.

أو كان يقف عند الصخرات.

المقدم: نعم.

بعرفة.

المقدم: نعم.

كان، كم مرة وقف؟

المقدم: وقف مرة.

مرة واحدة بعد فرض الحج، أو ما أشبه ذلك، المقصود أنه قد ترد ويراد بها المرة الواحدة، دلت الأدلة على أنه لم يحصل هذا العمل إلا مرة واحدة، يقول الكرماني: قال الأصوليون: مثل هذا التركيب يُشعِر بالاستمرار، وقال العيني قلت: لأن كان تدل على الثبوت والدوام بخلاف صار، بخلاف صار، فإنه يدل على الانتقال؛ فلهذا يجوز أن يقال: كان الله، ولا يجوز أن يقال.

المقدم: صار الله.

صار الله، نعم؛ لأنَّها جاءت نصوص كثيرة {وكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} [سورة النساء:134]، واسم كان مستتر فيه، والجملة التي بعده خبره. إذا تكلم بكلمة أي بلفظٍة واحدةٍ، أو جملةٍ مفيدة، وما أشبه ذلك، لكن إذا خطب خطبة طويلة، يعيدها ثلاثًا؟

المقدم: صعب.

الحديث يقول: إذا تكلم بكلمة أعادها والخطبة مفرداتها كلمات.

المقدم: يكرر كل كلمة ثلاثًا.

إن الحمد لله، إن الحمد لله، إن الحمد لله، إن.

المقدم: لا.

نعم، هذا محمول على الكلام المختصر القدر.

المقدم: نعم.

اليسير، نعم.

المقدم: حتى المختصر هذا أيضًا يكرر كل كلمة، حتى فيها إشكال.

سيأتي شيء من هذا إن شاء الله تعالى.

المقدم: آه.

أعادها ثلاثًا هذه الجملة خبر (إذا)، إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثًا، هذه خبر (إذا).

المقدم : نعم.

إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثًا، يقول القسطلاني: أعادها ثلاثًا أي ثلاث مراتٍ، فيه إشكال أم ما فيه إشكال؟

المقدم: لا ما فيه إشكال.

طيب اسمع، قال البدر الدماميني: لا يصح أن يكون أعاد مع بقائه على ظاهره، ما معنى أعادها ثلاثًا؟ تصير أربعة، تكلم بكلمة، ثم أعادها.

المقدم: نعم.

ثلاث مرات، كم تصير؟

المقدم: أربعة.

نعم، يعني مثل ما قيل في حديث الأسماء الحسنى، إن لله تعالى...

المقدم: تسعة وتسعين.

تسعة وتسعين اسمًا.

المقدم: صاروا مائة.

قالوا مائة.

المقدم: لأن الله واحد.

نعم؛ لأن لفظ الجلالة واحد، نعم.

المقدم: نعم.

ولو تسأل شخصًا وتقول له: كم عدد الأسماء؟ يقول تسعة وتسعين، مائة إلا واحد، فمثل هذه الملاحظ الدقيقة، قد تخفى، تمر على الناس، أعادها ثلاثًا، يعنى ثلاث مرات بدون الأولى؛ لأن الإعادة إذا أعيدت الكلمة الأولى ثلاث مرات إضافةً صارت أربعة.

المقدم: أربعة.

نعم، قال البدر الدماميني: لا يصح أن يكون أعاد مع بقائه على ظاهره، عاملًا في ثلاثًا، ضرورةً أنه يستلزم قول تلك الكلمة أربع مرات.

المقدم: نعم.

فإن الإعادة ثلاثًا إنما تتحقق بها، إذ المرة الأولى لا إعادة فيها، فإن الإعادة ثلاثًا إنما تتحقق بها؛ إذ المرة الأولى لا إعادة فيها، فإما أن يُضمَّن معنى قال، أعاد.

المقدم: نعم.

نعم، يُضمَّن معنى قال، وتضمين الأفعال..

المقدم: نعم، وارد.

نعم، وارد، ويصح عملها في ثلاثًا بالمعنى المضمن وهو القول، أو يبقى أعاد على معناه، ويجعل العامل في ثلاثًا محذوفًا، أي أعادها فقالها ثلاثًا، أعادها مرتين فقالها، يعني فصار المجموع ثلاثًا، وعليهما فلم تقع الإعادة إلا مرتين، انتهى كلامه، واضح أم ليس بواضح؟

المقدم: بلى، بلى.

"حتى تفهم عنه" حتى هذه مرادفة هنا لكي التعليلية، "حتى تفهم" يعني لكي تفهم عنه.

المقدم: طيب نكتفي بهذا إذا أذنتم فضيلة الدكتور، على أن نستكمل بإذن الله تعالى ما تبقى من ألفاظ الحديث، وأحكامه، وما قيل فيه، في حلقة قادمة.

 أيها الأخوة والأخوات بهذا نصل وإياكم إلى ختام هذه الحلقة من شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح"، لازلنا في حديث أنس، في باب من أعاد الحديث ثلاثًا ليفهم عنه كتاب العلم، نستكمله بإذن الله  في حلقة قادمة، وأنتم على  خير.

 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.