بلوغ المرام - كتاب النكاح (01)

سم.

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام: كتاب النكاح عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال قال لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» متفق عليه. وعن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حمد الله وأثنى عليه وقال: «لكني أنا أصلي وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني» متفق عليه. وعنه رضي الله تعالى عنه قال كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمر بالباءة وينهى عن التبتل نهيًا شديدًا ويقول: «تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة» رواه أحمد وصححه ابن حبان وله شاهد عند أبي داود والنسائي وابن حبان أيضًا من حديث معقل بن يسار رضي الله تعالى عنه.

تابع تابع.

وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك» متفق عليه مع بقية السبعة وعنه رضي الله تعالى عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا رفّأ إنسانًا إذا تزوج قال: «بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير» رواه أحمد والأربعة وصححه الترمذي وابن خزيمة وابن حبان وعن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال علّمنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- التشهد في الحاجة إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ويقرأ ثلاث آيات رواه أحمد والأربعة وحسنه الترمذي والحاكم. وعن جابر رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل» رواه أحمد وأبو داود ورجاله ثقات وصححه الحاكم وله شاهد عند الترمذي والنسائي عن المغيرة عن المغيرة رضي الله تعالى عنه وعند ابن ماجه وابن حبان من حديث محمد بن مسلمة ولمسلم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لرجل تزوج امرأة «أنظرت إليها؟» قال لا قال «اذهب فانظر إليها» وعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «لا يخطب بعضكم لا يخطِب بعضكم على خِطبته أخيه حتى يترك الخاطب قبله أو يأذن له الخاطب» متفق عليه واللفظ للبخاري.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده وسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:

فيقول المؤلف رحمه الله تعالى: كتاب النكاح الكتاب مر التعريف به مرارًا وأنه مصدر كتب يكتب كتابًا وكتابة وكتْبًا والأصل في المادة الجمع كما يقال تكتب بنو فلان ومنه قيل لجماعة الخيل كتيبة كلام مكرور ومردد مرارًا يعني هذا الكتاب الثامن من كتب الكتاب فلا مانع من الشيء المختصر أما التطويل فيه فقد مضى منه الكتاب في كتب العلم مطلق ويراد به المكتوب الجامع لمسائل النكاح مثلاً ويراد به اسم المفعول والكتابة تسمى كتابة لاجتماع الكلمات من الحروف والجمل من الكلمات والأسطر من الجمل والصفحات من أوله إلى آخره تجتمع شيئًا فشيئًا ولذا قالوا الكتاب من المصادر السيَّالة التي تحدث شيئا فشيئًا والنكاح في اللغة الضم والتداخل كما يقولون تناكحت الأشجار إذا انضم بعضها إلى بعض بسبب الرياح ويطلق في الشرع ويراد به العقد كما أنه يطلق ويراد به الوطء وكلاهما حقيقة شرعية كلاهما حقيقة شرعية ويختلفون في الأصل هل هو العقد أو الوطء وعلى كل حال هو مشترك بينهما إطلاقه على العقد شرعي وإطلاقه على الوطء شرعي أيضًا حقيقة شرعية وإن قال بعضهم إن حقيقته في العقد والوطء مجاز وعكس بعضهم وشيخ الإسلام ينظر في النصوص ودلالتها على المراد فيقول أن النكاح المأمور به النكاح المأمور به يعني في نصوص الأمر والحث لا يطلق على واحد منهما فحسب بل يطلق على الأمرين مجتمعين إذا جاء الحث على النكاح فلا فلا يتم الامتثال بالعقل فقط ولا بالوطء فقط وإنما يتم الامتثال بالأمرين معًا هذا بالنسبة للمأمور به وأما بالنسبة للنكاح المنهي عنه فهو ينصرف إلى كل واحد منهما على حدة بمعنى أن مثل قوله جل وعلا: النور: ٣٢  ما يكفي العقد بل لا بد من العقد والوطء وهو في مثل قوله جل وعلا: النساء: ٢٢  يحرم العقد فقط ويحرم الوطء فقط هذا ما قرره شيخ الإسلام رحمه الله وهو نظر دقيق في مجموع النصوص يقول رحمه الله تعالى في الحديث الأول وعن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال قال لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج» هذا الحديث له سبب إيراد يعني فرق بين سبب الورود وسبب الإيراد سبب الورود يعني السبب السبب الباعث للنبي -عليه الصلاة والسلام- لأن يقول هذا الخبر وسبب الإيراد الباعث للصحابي أن يحدث بهذا الحديث وسبب الورود مثل سبب النزول بالنسبة للآيات وأما سبب الإيراد فإن عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه الخليفة الثالث من الخلفاء الراشدين قال لعبد الله بن مسعود أريدك وكان معه علقمة فاستأخر علقمة ثم قال له يا أبا عبد الرحمن هل نزوجك بِكْرًا تعيد ما مضى من شبابك؟ ابن مسعود في ذلك الوقت يناهز السبعين من عمره وهذا أمير المؤمنين يعرض عليه بكرًا تعيد له ما مضى من شبابه ثم دعا الذي معه نسيت هل هو إبراهيم أو علقمة المقصود أنه كان معه واحد من النخعيين من أصحابه قال تعال المسألة ما هي بسر مع أن الناس يحتاطون لمثل هذه الأمور لماذا؟ يحتاطون في الأزمان المتأخرة لمثل هذه الأمور إذا أراد أن يعرض إذا أراد أن يخطب كتمان لأن الناس تغيرت أخلاقهم تغيرت طباعهم لا يريد أحد أن يطلع لئلا يفسد عليه الآن في عصرنا وولي البنت لا لا يستطيع أن يصارح أحدًا من ممن يعجبه يقول عندنا وحدة تصلح لك مثلاً ويهديها عليه لأن النفوس الآن تغيرت المهدى إليه يقول لولا أن فيها عيب ما أهداها أقول الطباع والنفوس تلوثت بينما عنده ما فيه تعال ما فيه إشكال هذا يعرض عليه بنته والنبي -عليه الصلاة والسلام- قال لنا «يا معشر الشباب» يعني ما قال يا معشر الشيوخ الأمر للشباب فهذا فيه منقبة للطرفين منقبة لعثمان رضي الله تعالى عنه أمير المؤمنين حيث ابنته البكر على شيخ كبير نظرًا لفضله وعلمه وكونه من خيار الناس ابن أم عبد «من أراد أن يقرأ القرآن غظًا كما أنزل فليقرأ بقراءة ابن أم عبد» مناقبه لا تعد ولا تحصى فمثل هذا يهدى إليه ولو كان في السبعين ولا يكون في هذا ظلم للمرأة لأنهم لا يرون عيب أن يتوفى عنها وتتزوج آخر أو لا تنتظم الأمور فتطلق فتتزوج آخر لا إشكال عندهم في هذا لكن عندنا وفي عصرنا المطلقة الطلاق يساوي الموت عندنا وعائشة بنت طلحة تزوجها مصعب وهو الخامس على ألف ألف يعني كم؟ مليون وخطبها بعده الوليد بن عبد الملك ورفضت يعني ما كانوا يترددون في خطبة المطلقة ولذلك تعرض على أبو سبعين ولا فيه إشكال لأن فضل وخير ويختم حياته عند هذه المرأة الصالحة وإذا قُدر له شيء تجد غيره هذه بنت الخليفة ففي هذا منقبة للطرفين منقبة ظاهرة للطرفين أولاً عثمان خليفة أمير المؤمنين يهدي بنته البكر على شيخ كبير وليس من أيضًا علية القوم هو هذلي ليس من قريش وليس صاحب مال تصدقت عليه زوجته زينب والخبر في الصحيح فليس بذي مال وليس من علية القوم أنه من قريش ومن بني هاشم وما أشبه ذلك فهذا الأمر لا يعنيهم من قريب ولا بعيد فيه منقبة أيضًا لابن مسعود ما قال فرصة أنا لن أجد غيرها فرصة العمر وقبل قال لا، النبي -عليه الصلاة والسلام- قال لنا «يا معشر الشباب» ما قال يا معشر الشيوخ فهذا بالنسبة لهذين الطرفين منقبة فالزوج فقير وكبير في السن ويهدى إليه لعلمه وفضله ودينه ومنزلته في الإسلام وسابقته وأمير المؤمنين يتواضع ويتنزل ويهدي بنته وسيأتي في حديث الواهبة أن المرأة نفسها لها أن تهدي نفسها إذا أمنت الفتنة وكان المهدى إليه كفؤ لا مانع أن تهدي نفسها لكن الظروف الآن تختلف عن السابق تختلف عن السابق ومثل ما قلنا لو أن أعقل الناس تقدم إلى رجل عاقل وقال له أنا عندي بنت تناسبك لقال ولو في نفسه لو قال جزاك الله خير وأحسنت الظن قال في نفسه لولا أن فيها عيبا ما قدمها ولا أهداها اللي فيه خير ما يخليه الطير ترى هذا أسلوب الناس اليوم أسلوب عموم الناس هكذا حتى بما فيه بعض طلبة العلم يقول مثل هذا الكلام وهذا الأمر شرعي وكان نظرهم الأول والأخير إلى الدين إلى الدين قصة ابن المسيب وبنته مع تزويج الطالب بعد رفضها ابن الخليفة بعد رفضه ابن الخليفة جاء السفير وقال ابن الخليفة يطلب البنت جاءتك الدنيا بحذافيرها فكان جوابه إذا كانت الدنيا لا تزن عند الله جناح بعوضة فماذا يقص لي من هذا الجناح؟ الدنيا بحذافيرها لا تسوى لا تزن عند الله جناح بعوضة فليكن همنا الدين الذي هو رأس المال وما عداه أمره ميسور يعني لو فاتت الدنيا كلها بدون دنيا بدون ثراء مع حاجة وفقر سهل يعني الدنيا أمرها يسير كلا شيء بالنسبة للآخرة «يا معشر الشباب» المعشر هم القوم أو الجمع الذين يشملهم وصف واحد فالشباب معشر والنساء معشر والرجال معشر والعلماء معشر وطلاب العلم معشر أو معاشر المقصود أن المعشر يراد به الجمع الذين يشملهم وصف واحد «يا معشر الشباب» الشباب من تجاوز حد المراهقة إلى الثالثة والثلاثين هذا الشباب ثم بعد ذلك الكُهولة ثم بعد الشيخوخة والهرم ومنهم من يمد في عمر الشباب إلى الأربعين لكن الأكثر على أنه ينتهي بانتهاء الثالثة والثلاثين فهذا هو عمر الشباب النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: «يا معشر الشباب» وخُص الشباب بهذا النداء لأنهم مظنة الشهوة بالنساء وأما الشيوخ وإن وجد فيهم شيء من ذلك إلا أنه دون شهوة الشباب دون شهوة الشباب ولذا يؤكد على الشباب وقد يوجد في الشيوخ من شهوته أشد من كثير من الشباب لكن العبرة بالأصل والغالب الغالب أن القوى كلها بعد الأربعين تأخذ في النقص تأخذ بالنقص البصر والسمع وجميع القوى تأخذ بالنقص «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة» الباءة هي مؤونة النكاح مؤونة النكاح بمعنى أنه يستطيع المهر الذي يقدمه للزوجة ويستطيع أيضًا النفقة والسكن والكسوة ليكون بذلك قادرًا على الوطء الذي جعله بعضهم هو الباءة «من استطاع منكم الباءة فليتزوج» الأمر هنا للمستطيع الأمر هنا للمستطيع وفي قول الله جل وعلا: ﭗﭘ ﭟﭠ النور: ٣٢  هذا أمر بالنكاح وإن كانوا فقراء وهذا وعد من الله جل وعلا بأن يغنيهم من فضله والآية التي تليها ﭮﭯ النور: ٣٣   النور: ٣٣  الآية الأولى أمر بالنكاح مع الفقر ووعد بالغنى والثانية نهي عن النكاح حتى يزول الوصف الذي هو الفقر بينهما تعارض والا ما بينهما تعارض؟ فيه تعارض والا ما فيه؟ الأمر في الحديث معلق بالاستطاعة والأمر في الآية ثابت مع ثبوت الوصف بالفقر ﭟﭠ النور: ٣٢  والآية الثانية النور: ٣٣  أمر بالاستعفاف ﭮﭯ النور: ٣٣  النصوص بينها تعارض في الظاهر والا ما بينها تعارض؟ فيه تعارض؟

طالب: ...............

فيه تعارض المسألة مفترضة في شاب طالب علم طالب في الجامعة مثلاً لا يملك شيئًا ما يملك شيء ويأتي ويقول أنا قرأت الآيتين فما الذي يعنيني منهما هل أتزوج وأنا فقير ويغنيني الله جل من فضله على ما وعد أو أستعفف حتى أجد نكاح يسأل ماذا نقول له؟ نقول تزوج والا استعفف؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج» ماذا نقول له نقول تخصك الآية ال أولى تزوج والله جل وعلا يعينك ويغنيك من فضله أو نقول استعفف حتى تجد ما تدفعه مهرًا وتجد نفقة وتجد سكنى النور: ٣٢  هو فقير، نعم.

طالب: ...............

إن كان يستطيع الاستعفاف إن كان يستطيع الاستعفاف يستعفف وإن كان لا يستطيع يتزوج ولو أدّى ذلك إلى أن يستدين أو يقترض أو يدبر نفسه ثم بعد ذلك يعينه الله جل وعلا على السداد ولا شك أن الناس يتفاوتون في مثل هذا الآيات والأحاديث فيها أوامر بالنكاح لكن هل الأمر يتجه لزيد مثل اتجاهه لعمرو؟ أو يختلف باختلاف حال زيد مع حال عمرو؟ هذا شهوته أشد ويخشى عليه من الوقوع في العنت في الزنا والثاني عنده شهوة لكن لا تصل إلى هذا الحد فالأمر يختلف من زيد إلى عمرو باختلاف أحوالهم ولذا الخلاف في حكم النكاح من الأصل عند أهل العلم الجمهور يطلقون الاستحباب يطلقون الاستحباب والأوامر ظاهرة لا سيما للمستطيع والأصل في الأمر الوجوب وقال جمع من أهل العلم بوجوبه وعلى كل حال مثل ما ذكرنا سابقًا أنه يختلف باختلاف الأشخاص من من الناس من يقال له يجب عليك أن تتزوج إذا خشي على نفسه العنت والوقوع في الفاحشة ومنهم من يقال يستحب فيما إذا وجدت الشهوة ووجدت الرغبة لكنه لا يخشى على نفسه ومنهم من يباح له ذلك من يباح له ذلك إذا كانت الدوافع والموانع مستوية بمعنى أنه له لديه شهوة لكنه يخشى أو يغلب على ظنه أنه يظلم المرأة أو يسيء إليها وأحيانًا يحرم النكاح فتنتابه الأحكام الخمسة التكليفية المقصود أنَّ أنه إذا جاءنا شاب ويقول أنا محتاج إلى الزواج لكن هذا وضعي لا أملك شيئًا يأتي في حديث الواهبة أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال له: «التمس ولو خاتمًا من حديد» وذهب وبحث عن خاتم حديد ما وجد ومع ذلك زوجه إياها على ما معه من القرآن وهذا سيأتي فيدل على أن الفقير له له أن يتزوج ثم بعد ذلك إن استمر فقره وعجز عن القيام بها تفسخ منه تفسخ منه إذا عجز وطالبت بالحقوق لها الفسخ «يا مشعر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج» منهم من يقول الباءة مؤونة النكاح التي بها يقدر عليه ومنهم من يقول القدرة على الوطء هي القدرة على الوطء الباءة القدرة على الوطء لكن السياق يؤيد هذا أو يأباه؟ يؤيد هذا؟ لا، يأباه لماذا؟

طالب: ...............

نعم، «ومن لم يستطع فعليه بالصوم» الذي ليست لديه القدرة على الوطء يقال له صم؟ تخفف شهوتك لا، هذا ما يحتاج يقال له شيء لا يحتاج أن يقال له شيء لأنه غير قادر أصلاً فالمقصود بذلك من لديه شهوة وقدرة على الوطء لكن يمنعه من ذلك المؤونة المهر ما عنده مهر ما عنده سكن ما عنده نفقة ما عنده.. مثل هذا يوجَّه بالصوم وهذا المفترض فيمن لا يجد من يقرضه ولا شبه ولا شبه القرض يعني لا يستطيع أن يدبر نفسه لكن الذي يستطيع أن يقترض أو يستدين فالله جل وعلا في عونه وتتجه له الآية الأولى والذي لا يجد من يقرضه تتجه له الآية الثانية «فإنه» الزواج «أغض للبصر أغض للبصر» هذا أمر مجرب أن من تزوج يغض بصره لكن قد يقول قائل أنه لو تزوج واحدة وثنتين وثلاث وأربع وبصره مرسل يمين ويسار إذا غشى الأماكن التي توجد فيها النساء أو شاهد القنوات التي فيها النساء أرسل البصر ولم يستطع أن يكف بصره لا شك أن هذه عقوبة لا سيما بالنسبة لطالب العلم أو العالم هذه عقوبة لمعاصي أخرى وإلا فالأصل أن الزواج يكف البصر يغض البصر بالخبر الصحيح فإذا كان هذا تزوج الأولى والثانية والثالثة والرابعة وما غض بصره لا شك أنه معاقب هذا بجريمة ارتكبها أو بسوء طوية «فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج» أمنع له كالحصن الذي يمنع من يتحصن به من أن يصل إلى شيء يؤذيه أو يصل إليه شيء يؤذيه «وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه» يعني من لم يستطع الباءة «فعليه بالصوم» إغراء إغراء، إغراء لغائب أو لحاضر؟ لغائب أو لحاضر؟ «فعليه» الضمير ضمير حضور والا غيبة؟ ضمير غيبة، والإغراء يكون للغائب أو للحاضر؟ الأصل فيه أنه للحاضر، وهنا هل هو إغراء للغائب أو للحاضر؟ الضمير ضمير غائب لكن المراد به المخاطَب المراد به المخاطَب يعني لو قيل هذا سؤال من أجابه فله أنا أخاطب الغائبين والا أخاطب الحاضرين؟

طالب: ...............

 

نعم، أخاطب الحاضرين فهو في حكم خطاب الحاضر «فعليه بالصوم» إغراء بالصوم ولا شك أن الصوم يُضعف البدن الصوم المتعبد به يضعف البدن لأنه يجتمع فيه هذه العبادة التي تبعث على التقوى البقرة: ١٨٣  وأيضًا فيه إضعاف البدن بقلة الأكل والشرب فالعلة مركبة من الأمرين ولذا نُص على الصوم ما قيل فعليه بالجوع لأنه قد يجوع ولا يكف عما حرم الله عليه وإنما هذا سر في الصيام لأنه وسيلة إلى التقوى التي تمنعه من من الحرام «فمن لم يستطع فعليه بالصوم» كثير من الشباب يقول نصوم والشهوة إنما تزداد في الصيام تزداد في الصيام نقول هل أنت تصوم الصيام الشرعي الذي تترتب عليه آثاره أولاً العلة مركبة من الأمرين تصوم صيامًا يقودك إلى التقوى والصيام الذي لا يحقق الهدف وجوده مثل عدمه فيما رتب عليه وإن كان صحيحًا تبرأ به الذمة ولا يطالب بقضائه فشخص تسحَّر تناول طعام السحور وأكثر منه يعني بدلاً من أن يأكل ما يكفيه أكل أضعاف ما يكفيه ثم نام واصل النوم إلى قرب الفطور وهو نائم النوم ما يهضم مع الطعام أبدًا يبقى الطعام كما هو فكأنه لم يصم كثير من الناس يُسلَّط إذا نام بجوار زوجته وهو صائم لا شك أن عند عند إذا كان قوي الشهوة خطر على صيامه لأنه خزّن من الطعام ما يكفيه أيام ثم نام لا هو بالذي أكل شيء يسير يقيم صلبه ويعينه على الصيام ولا هو باللي قام واشغتل وتحرك وراح وجاء وهضم الطعام فمثل هذا لا يحقق الهدف من الصيام هذا هذا قد يزيد في الشهوة «فعليه بالصوم فإنه له وجاء» الوجاء هو: الإخصاء، فكأنه جبَّ نفسه كأنه جب نفسه وهذا تشبيه بليغ شبه الصوم الذي تترتب عليه آثاره بالوجاء وفي هذا مسائل الأولى: مسألة التشريك في العبادة والثانية منع قضاء الشهوة بغير الصوم بغير الزواج لأنه لو كان جائزًا لأرشد إليه النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يرشد إلى الصيام وجاء في قول الله جل وعلا في سورة المؤمنون وأيضًا سأل المعارج          المعارج: ٢٩ - ٣٠  بهذا يستدل كثير من أهل العلم على تحريم الاستمناء التي هي العادة السرية لأنها لو كانت جائزة لأرشد إليها لأرشد إليها ولم يرشد إلى الصوم للذي لا يستطيع التشريك في العبادة الآن هذا شخص ما استطاع الزواج وشهوته شديدة فقيل له صم الباعث له على الصيام هل الباعث له قوله -عليه الصلاة والسلام- «من صام يومًا في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفًا» أو الباعث له تخفيف الشهوة في هذا الحديث؟ نعم تخفيف الشهوة الباعث له تخفيف الشهوة إذًا هذا تشريك في العبادة شخص قال له الأطباء لا بد أن تمشي في اليوم خمسة كيلو وقال بدلاً من أن أجوب الشوارع أطوف هذا تشريك أيضًا والتشريك له صور تشريك عبادة بعبادة كالذي معنا الذي معنا تشريك عبادة بمباح أو بعبادة لأن ترك المحرم عبادة هو ينشغل بهذه العبادة عن ارتكاب إثم فهي عبادة وهذا لا إشكال فيه تشريك عبادة بعبادة تشريك عبادة بمباح يعني مثل ما ذكرنا يطوف من أجل اللياقة مثلاً بدل ما يمشي بالشوارع يمشي بالمطاف هذا أيضًا له أجره لكن ليس مثل أجر الذي تمحضت نيته للطواف تشريك عبادة بمحرم بعض الناس يشرِّك عبادة بمحرم عمر رضي الله عنه يجهز الجيوش وهو يصلي هذا تشريك عبادة بعبادة وشخص يصلي وهو يطل على المطاف في ليالي العشر من رمضان والزحام الشديد والناس يموج بعضهم ببعض والإمام يقرأ الآيات المؤثرة ويبكي لا من سماع الآيات وإنما من مشاهدة هذا المنظر لأنه يذكره بيوم الحشر هذا تشريك عبادة بعبادة لا شك فمثل هذا لا يؤثر إلا أن الاتجاه إلى العبادة التي هو بصددها هذا هو الأولى وإذا شرَّك بمباح صحَّت العبادة ومع ذلك أجره أقل وإذا كان التشريك تشريك العبادة بمحرم تشريك عبادة بمحرم يذهب ليصلي الظهر في مسجد بعيد وهو يريد أن تكتب له الخطى وأيضًا مع ذلك لأن في طريقه مدرسة بنات والا شيء بيشاهد وبيرسل بصره أو سوق من الأسواق يقول نخترق هذا السوق ومع ذلك يشاهد ما حرَّم الله عليه وهو في نيته ذاهب إلى المسجد الأبعد لكثرة الخُطا هذا تشريك عبادة بمحرم والعبادة في مثل هذا باطلة لا أقول الصلاة باطلة إنما العبادة التي هي الأجر المرتب على الخُطا ليس له منها شيء لأن الجهة لا يتصور انفكاكها في مثل هذه الصورة ما يقال له أجره وعليه إثمه في مثل هذه الحالة لا يتصور انفكاكها لأن هذه الخطى مأمور بها منهي عنها في آن واحد فالانفكاك لا يتصور يعني بعض نقل عن بعض الأشعرية أنه قال يجب على الزاني غض البصر عن المزني بها يعني إذا غض البصر يؤجر والا ما يؤجر عن المزني بها هو ما أمر بغض البصر إلا من أجل ألا يقع في هذا الأمر العظيم وقد وقع فيه فما دونه يهون فمثل هذه الأمور لا تنفك فيها الجهة ما يقال له أجر الخُطا وعليه إثم النظر لا، لأن الخطا نفسها مستعملة في المستحب وفي المحرم في آن واحد فلا تنفك الجهة «ومن لم يستطع فعليه بالصوم» وهذا إغراء بالصوم بهذه العبادة العظيمة التي من أعظم آثارها التقوى ونحن نلاحظ من أنفسنا ومن غيرنا أنه يدخل الشهر المعظم ويخرج وكأن شيئًا لم يكن يعني صمنا ثلاثين يوما امتثلنا الأمر لكن هل ترتبت الآثار يعني وضع الإنسان في شوال مثل وضعه في شعبان لا يختلف بل يحصل ما هو أشد من ذلك تجد طالب العلم يعتكف في العشر الأواخر يعتكف في العشر الأواخر كان في شعبان من طلاب العلم محافظ على الصلاة لكن تفوته تكبيرة الإحرام يفوته ركعة وهذا كثير مثلاً عنده تجده بعد الاعتكاف الحال ما تغيرت بل جُرب ووجد ممن حاله قبل رمضان على هذه الصفة أعلن عن دخول شهر شوال وخروج رمضان المغرب فخرج من المعتكف وفاته ركعة من صلاة العشاء على العادة فهل نقول أن هذه العبادات ترتبت عليها آثارها الشرعية؟ أو أديت ويؤجر عليها إن شاء الله تعالى ولا يحرم أجرها لكن على شيء من الخلل على شيء من الخلل الصلاة التي لا تنهى عن الفحشاء والمنكر    ﯨﯩ العنكبوت: ٤٥  فيها خلل فيها خلل والله المستعان وقل مثل هذا في سائل العبادات في الحديث الذي يليه يقول المؤلف رحمه الله تعالى وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حمد الله وأثنى عليه وهذه عادته في الخُطَب ويشترط لصحة الخُطْبة أن تبدأ بالحمد أن تبدأ بالحمد والثناء على الله جل وعلا حمد الله وأثنى عليه وقال: «لكني أنا أصوم أنا أصلي وأنام لكني أنا أصلي وأنام» لأنه بلغه -عليه الصلاة والسلام- أن أناسًا جاؤوا إلى نسائه -عليه الصلاة والسلام- يسألونهن عن عبادته -صلى الله عليه وسلم- فكأنهم تقالّوها وقالوا النبي -عليه الصلاة والسلام- غُفر له ما تقدم من ذنبه فهذا مثل هذا ما يكفينا فعزموا على الصلاة في الليل وعدم النوم والصيام وعدم الإفطار والتبتل والتبتل فقال النبي -عليه الصلاة والسلام- ردًّا عليهم «ولكني أنا أصلي وأنام» فثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه صلى من أول الليل ومن أثنائه وفي آخره كما في حديث ابن عباس وثبت عنه أن صلاة آخر الليل مشهودة وثبت عنه أنه قال -عليه الصلاة والسلام- «أفضل الصلاة صلاة داود ينام نصف الليل ثم يقوم ثلثه ثم ينام السدس ثم ينام السدس» ينام نصف الليل ويقوم الثلث وينام السدس وليست عادته -عليه الصلاة والسلام- المُطَّردة أنه يفعل هذا ليست عادته أن يفعل هذا وحث الناس على ذلك فما يفعله هو هو الأفضل في حقه وما يقوله هو الأفضل في حق أمته مع أن صيام داود فيه النوم في السدس الأخير وهو من في الوقت الذي ينزل فيه الرب جل وعلا إلى السماء الدنيا ويقول: هل من سائل؟ هل من داع؟ هل من مستغفر؟ والكلام لأهل العلم كثير في مثل هذا لكن حسب الإنسان أن يقوم من الليل ما يستعين به في سفره إلى الآخرة وقيام الليل دأب الصالحين   الذاريات: ١٧     ﯱﯲ الزمر: ٩  هذه صفات أهل العلم وطلاب العلم لأنه قال بعد ذلك: ﯺﯻ الزمر: ٩  والإنسان يتحدث بمثل كأنه يقوم بدور تمثيلي كلام لا رصيد له يعني كأنه يؤدي أي دور غير حقيقي ولا واقعي لكن هذه هي النصوص يعني سواء فعلت أو ما فعلت يعني الإنسان يبلغ العلم ويحث إن كان إن كان يمتثل فهذا هو الأصل في العالم والمتعلم وإن كان لا يمتثل فكما قال ابن القيم: ولعل سامعًا يهتدي فيكتب له مثل أجره وإلا فالوعيد على من قال بمثل هذا وهو لا يفعل   الصف: ٣  ولعل هذا منصرف إلى الواجبات أما المستحبات فعلى العالم وطالب العلم أن يبادر بها لكن ليس إثمه أو التبعة عليه مثل التبعة على من يحث على الواجبات وهو لا يأتيها نسأل الله العفو والمسامحة قال -عليه الصلاة والسلام- «لكني أنا أصلي وأنام» والإنسان إذا صلى ونام أو نام قبل ذلك ليستعين بالنوم على القيام أُجر على النوم يعني انقلب النوم في حقه عبادة صار في حقه عبادة «لكني أنا أصلي وأنام» وإذا صلى ولم ينم ترتب عليه تضييع بعض الواجبات بعض الواجبات فقد يصلي ولا ينام ثم ينام عن صلاة الصبح يصلي ولا ينام فيخل بما أوجب الله عليه من أمور دينه أو دنياه فالمسألة مسألة تسديد ومقاربة «وعليكم من الدين ما تطيقون» «وأفضله أدومه وإن قل» «والدين يسر ولن يشادّ الدين أحد إلا غلبه» وهذا يقال في مثل هذا الباب ولا يقال في مثل قيام القيام لصلاة الصبح في الليالي الشاتية أو في الليلة القصيرة ثم يقال الدين يسر لا، ما أوجب الله عليك لا بد أن تأتي به وما حرم عليك لا بد أن تجتنب ما تقول الدين يسر أنا والله لا أستطيع عن هذا المحرم والدين يسر لا، الدين دين تكليف «وحفت الجنة بالمكاره» لكن في المستحبات سدد وقارب لكن على أن تعمل شيئًا تستمر عليه «لكني أنا أصلي وأنام وأصوم وأفطر يعني لا يصوم الدهر وقد جاء «لا صام من صام الأبد» وأتزوج النساء لأن بعضهم قال إنه يتبتل وقد ردّ النبي -عليه الصلاة والسلام- على عثمان بن مظعون التبتل فالتبتل ليس من سنته -عليه الصلاة والسلام- ولذا قال: «فمن رغب عن سنتي فليس مني من رغب عن سنتي فليس مني» ولا شك أن الاقتصاد في العبادات مع الاستمرار أولى من الانهماك والإكثار مع الانقطاع زكريا يحيى بن زكريا وُصف بأنه حصور وفُسِّر الحصور بأنه الذي لا يأتي النساء ووصْفه بذلك سياقه سياق مدح فهل يُمدح الحصور الذي لا يأتي النساء؟ نعم إذا كان مجبولاً على ذلك هذه خلقته لا يأتي النساء فهذا قدره فإذا صبر واحتسب مُدح بذلك وإن سعى إلى ذلك بنفسه بأن استعمل من العلاجات والأدوية ما يجعله كذلك ذُم لأن من يأتي النساء ويتزوج النساء ويولد له الأولاد لا شك أنه أكمل في شرعنا وهي سنة النبي -عليه الصلاة والسلام- وفيما تقدم من الحديث السابق «فعليه بالصوم فإنه له وجاء» قال أهل العلم أنه يجوز له أن يتناول هذا الذي لا يستطيع النكاح يجوز له أن يتناول من الأدوية ما يخفف الشهوة إلا أنه لا يجوز له أن يتناول ما يقطعها لأنه قد يجد فيما بعد ثم يقول يكون قد فاته الأوان «فمن رغب عن سنتي فليس مني» يعني من رغب عنها مدعيًا أن ما يفعله أكمل مما كان عليه النبي -عليه الصلاة والسلام- فليس منه إذا ادعى أن ما يفعله أو أن فعله أكمل من فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- فهذا ليس من سنته وهو على ظاهره أما إذا كانت رغبته عن السنة إما لقلة الشهوة أو لترجيح أمر آخر على الزواج من علم وجهاد ودعوة وما أشبه ذلك فلا يكون اللفظ على ظاهره لا يكون ليس من ليس منه بمعنى أنه ليس أتباعه على دينه إنما يكون في هذه المسألة ليس منه لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- يتزوج لا يقول قائل أن من أهل العلم الكبار من لم يتزوج وما يدريك عن ظروفه نعم هو تفرغ للعلم والدعوة والجهاد ومع ذلك قد تكون رغبته إلى النساء شبه معدومة فالنكاح من سنن المرسلين وهو سنة المصطفى -عليه الصلاة والسلام- فعلى طالب العلم أن يبادر إليه أن يبادر إليه ولا يؤخر ولا يقول حتى أتخرج حتى أتمكن حتى أفعل حتى أتوظف حتى أؤمن المستقبل كل هذا ليس ليست بأعذار هذه واهية أما بالنسبة إلى العلم فإعانة الزوجة على طلب العلم أمر ظاهر لا سيما إذا كانت من أهل الدين والعلم فإعانتها لطالب العلم أمر لا يماري فيه أحد وأما إعانتها على أمر الدنيا واجتماع قلبه إليه وعدم تشتته هذا أيضًا أمر لا ينازع فيه أحد وأما أثرها على أمر الدنيا بأن يقول أنا راتبي ما يكفي أنا طالب أتقاضى ألف ريال في الشهر وش يسوي؟ نقول كل يأتي برزقه سواء كان بذلك امرأة أو ولد أو ما أشبه ذلك لأن بعضهم يقول أنا ما أستطيع أن أنجب الأولاد ما عندي دخل نقول الذي رزقك يرزقهم ورزقهم على الله ﮂﮃ الإسراء: ٣١  لأنهم أولى بالرزق منك وفي موضع آخر ﯪﯫ الأنعام: ١٥١  لأنك أحوج إلى الرزق منهم فلا ينظر إلى مثل هذه الأمور الذي حساباته دقيقة في مثل هذه الأمور لا يقدم على ما ينفعه لا في أمور دينه ولا دنياه نعم على الإنسان أن يحتاط ويتم لشأنه ولا تكون أموره كلها جزاف لكن ما أمر به شرعًا لا يتردد فيه يقول في الحديث الثالث وعن أنس رضي الله تعالى عنه قال كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمرنا بالباء وينهى يأمرنا بالباءة يعني بالزواج بالزواج وينهى عن التبتل التبتل هو الانقطاع وترك النكاح انقطاعًا وانصرافًا إلى الآخرة فإذا نُهي عنه من أجل الانصراف عن الآخرة فلأن ينهى عنه من أجل الانصراف إلى الدنيا من باب أولى وينهى عن التبتل نهيًا شديدًا لأنه مخالف لسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- ويقول -عليه الصلاة والسلام- «تزوجوا» أمر «تزوجوا الودود» الودود هي التي تتودد إلى زوجها تتودد إلى زوجها وتتحبب إليه وتتبعل له مما يجعله يودها والله جعل في النكاح مودة ورحمة قد يقول قائل أنا لا أدري هل هي ودود والا ليست بودود ولود والا ليست بولود ما أدري يقال تقاس على قراباتها فيسأل عن أمها ويسأل عن خالتها يسأل عن أخواتها فهي في الغالب تكون مقاربة لهم «تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة» وفي لفظ «مباهي» يعني بكثرة أمته -عليه الصلاة والسلام- تكون مكاثرته ومباهاته للأنبياء يوم القيامة ولا شك أن هذه الكثرة يستفيد منها النبي -عليه الصلاة والسلام- لأن هذه الكثرة في أمته كل عمل يعمله أي فرد من أفراد أمته فله مثله لأنه هو الذي دله على الهدى «من دل على هدى فله مثل أجر فاعله» فإذا كثروا كان له -عليه الصلاة والسلام- من الأجور مثل ما لهم فهو يكاثر ويباهي الأمم يوم القيامة ولذا من يسأل عن إهداء الثواب إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول أنا حججت وحججت عن والدي أريد أن أحج عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أو يعتمر عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أو يضحي عن النبي -عليه الصلاة والسلام- نقول لا، ضحِّ لنفسك حج عن نفسك اعتمر لنفسك والنبي -عليه الصلاة والسلام- له مثل أجرك لأنه هو الذي دلك على هذا الهدى وأيضًا هذا أمر لم يفعله من سبق ولو كان خيرًا لسبقونا إليه فهو أمر مبتدع قد يقول قائل إن التكاثر جاء ذمه في قول الله جل وعلا: التكاثر: ١  والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: «فإني مكاثر بكم الأمم» التكاثر المذموم الذي يشغل عن عبادة الله جل وعلا التكاثر: ١  يعني شغلكم التكاثر: ١  في أمور دنياكم وفي تعداد محاسنكم ومناقبكم ومفاخركم مفاخر آبائكم وأجدادكم هذا شغلكم عن أمر الدين التكاثر: ٢  يعني حتى وصلتم إلى المقابر يعني فرغتم من الأحياء منا فلان ومنا فلان ومنا فلان من الأحياء ثم ذهبتم إلى المقابر وهذا منا وهذا منا وهذا منا كما جاء في سبب النزول أو أنه شغلكم التكاثر في أمور الدنيا حتى متم ودفنتم في المقابر وهي كونكم تبعثون وتخرجون منها كان حكم هذا حكم الزائر لأنه الزائر لا يبقى الأعرابي لمّا سمع الآية قال بُعث القوم ورب الكعبة بُعث القوم ورب الكعبة حتى زرتم المقابر لأن الزائر لا يمكث في مكانه بل لا بد أن يرجع فبالبعث يعودون يسمى زيارة لأنهم يعودون بالبعث فالرسول مكاثر وجاء ذم التكاثر والتكاثر في الدنيا هو المذموم الذي يشغل عما خلق الإنسان من أجله وأما التكاثر والمكاثرة في الآخرة فلا شيء فيه لأنه لأنه بسبب ديني بسبب ديني موصل إلى الله جل وعلا وإلى ثوابه قد يقول قائل أنا أكاثر بسبب ديني ما أكاثر بمفاخر أبي ولا جدي ولا كذا أنا أفاخر بكتبي مثلاً وهذه كتب علم نستفيد منها ويستفيد منها غيرنا نقول أيضًا هذا مذموم مذموم لأن التفاخر والتكاثر بكثرة الكتب مما يشغل عن الهدف ولذا يقول الخطيب رحمه الله في مقدمة اقتضاء العلم العمل وهل كانز الكتب إلا ككانز الذهب ما فيه فرق إذا كانت أكثر من قدر الحاجة فلا فرق بين كنز الكتب وكنز الذهب «فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة» رواه الإمام أحمد وصححه ابن حبان وله شاهد عند أبي داود والنسائي وابن حبان أيضًا من حديث معقل بن يسار فالحديث صحيح لغيره والله أعلم وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"