التعليق على تفسير القرطبي - سورة التكوير (01)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، قال الإمام القرطبي- رحمه الله تعالى-:

" سورة التكوير مكية في قول الجميع، وهي تسع وعشرون آية، وفي الترمذي عن ابن عمر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من سره أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رأي عين فليقرأ: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَت}[التكوير:1] ، و{إِذَا السَّمَاء انفَطَرَت}[الانفطار:1]، و{إِذَا السَّمَاء انشَقَّت}[الانشقاق:1]»، قال: هذا حديث حسن غريب، بسم الله الرحمن الرحيم. "

عند أحمد أيضًا..

طالب: .............

طيّب.

طالب: .............

حسن، لا يقل عن الحسن.

" بسم الله الرحمن الرحيم، قوله تعالى: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَت}[التكوير:1]  قال ابن عباس: تكويرها إدخالها في العرش، وقال الحسن: ذهاب ضوئها، وقاله قتادة ومجاهد، وروي عن ابن عباس أيضًا وسعيد بن جبير: عوِّرت، وقال أبو عبيدة: كوِّرت مثل تكوير العمامة تلف فتمحى، وقال الربيع بن خثيم: كورت رُمي بها، وعنه كورته فتكور أي سقط، قلت: وأصل التكوير الجمع، مأخوذ من كار العمامة على رأسه يكوِّرها أي لاثها وجمعها، فهي تكوَّر ويمحى ضوؤها، ثم يرمى بها في البحر، والله أعلم، وعن أبي صالح: كورت نكست. {وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَت}[التكوير:2] أي تهافتت وتناثرت، وقال أبو عبيدة: انصبت كما تنصبُّ العقاب إذا انكسرت، قال العجاج يصف صقرًا:

أبصر خربان فضاء فانكدر   

 

تقضي البازي إذا البازي كسر      .

وروى أبو صالح عن ابن عباس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يبقى في السماء يومئذٍ نجم إلا سقط في الأرض، حتى يفزع أهل الأرض السابعة مما لقيت، وأصاب العليا» يعني الأرض، وروى الضحاك عن ابن عباس قال: تساقطت، وذلك أنها قناديل معلقة بين السماء والأرض بسلاسل من نور، وتلك السلاسل بأيدي ملائكة من نور، فإذا جاءت النفخة الأولى مات من في الأرض ومن في السماوات، فتناثرت تلك الكواكب، وتساقطت السلاسل من أيدي الملائكة؛ لأنه مات من كان يمسكها، ويُحتمل أن يكون انكدارها طمس آثارها، وسمِّيت النجوم نجومًا؛ لظهورها في السماء بضوئها، وعن ابن عباس أيضًا: انكدرت تغيرت فلم يبق لها ضوء؛ لزوالها عن أماكنها، والمعنى متقارب. "

المقصود أنه إذا قامت القيامة فلا وجود لهذه المخلوقات؛ لأنه ذهب وقت الانتفاع بها، وأيضًا الأحوال كلها تتغير وتتبدل، والمخلوقات كلها تفنى ثم تُحيا، ويستشكل بعضهم الظل الوارد في: لا ظل إلا ظله، في ظل عرشه مثلاً، والظل لا يكون بسبب نور، والنور إما من شمس أو من قمر ولا شمس ولا قمر يوم القيامة، لكن ما ثبت عن الله وعن رسوله نثبته، فهناك ظل، ولا يلزم أن يكون من ظل الشمس؛ لأنها كوِّرت ولفت وجمعت وألقي بها في البحر على ما جاء في بعض الأخبار، وكذلك النجوم انكدرت بمعنى أنها سقطت وانتهى وقت الانتفاع بها، المقصود أن مثل هذه الأمور لا شك أنها تحرك في قلب المسلم إن كان فيه شيء من الحياة، تغير الأحوال لا بد من أن يكون مَثار عبرة واتعاظ؛ لأن هذا يقرب لك الصورة التي ستحدث، وإن كان العقل لا يطيق وصفها بكمالها؛ لأنها فوق ما يتصوره العقل، فهذه حوادث ووقائع تقع في ذلك اليوم، ويحصل منها شيء يسير جدًّا، وهو ذهاب الضوء مع بقاء الجرم في الكسوف والخسوف، وهو أيضًا مثار تخويف؛ لأن أي تغير في الحركة المعتادة يجب أن يكون المسلم منه على وجل؛ لأنه يُخشى ألا يعود، فإذا عاد فقد يصحبه أشياء ثانية، كما حصل في كثير من وقائع الكسوف والخسوف أنه حصل معها أحيانًا زلازل وفيضانات، فكيف بها إذا انتهت كلها من الوجود: الشمس والقمر والنجوم، والله المستعان؟

طالب: .............

قد يكون من باب التوفيق أنه في وقت الحساب الشمس موجودة، ثم بعد ذلك تكور، ما يمنع.

طالب: .............

لكن ما فيه ما يدل على أن هناك شمسًا، لكن ما المانع أن الشمس تستمر حتى يُنتهى من حساب الخلق ثم تكوّر.

"{وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَت}[التكوير:3] يعني: قلعت من الأرض، وسيرت في الهواء، وهو مثل قوله تعالى: {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الأَرْضَ بَارِزَةً}[الكهف:47] "

وفي قوله جل وعلا: {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ}[النمل:88] تسير يعني تمر مر السحاب، يعني تجري تمشي تسير، وهذا معلوم أنه في القيامة وليس في الدنيا كما يستدل به من يستدل على دوران الأرض، ولو كان في الدنيا ما دل على الدوران؛ لأنه كيف تسير الجبال وتمر مر السحاب والأرض من تحتهم؟ إما أن تسير مع الأرض فليس إذن هي ثابتة على الأرض على كل حال، ولا علاقة لها بدوران الأرض؛ لأنها إن كانت تدور معها وليس في ذكرها خاصية في هذا الباب، وإذا كانت الأرض ثابتة لا تدور، فالله- جل وعلا- الجبال أرساها.

وقيل سيرها تحولها عن منزلة الحجارة، فتكون كثيبًا مهيلاً أي رملاً سائلاً، وتكون كالعهن.

" يعني كالصوف، وتكون كالعهن وتكون هباءً منثورًا، وتكون سرابًا مثل السراب الذي ليس بشيء، وعادت الأرض قاعًا صفصفًا لا ترى فيها عوجًا ولا أمتًا. "

يعني مستوية ليس فيها عِوج، ليس فيها طالع ونازل وتضاريس، كلها مستوية.

"وقد تقدم في غير موضع، والحمد لله.{وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَت}[التكوير:4] أي النوق الحوامل التي في بطونها أولادها، الواحدة عشراء أو التي أتى عليها في الحمل عشرة أشهر، ثم لا يزال ذلك اسمها حتى تضع، وبعدما تضع أيضًا، ومن عادة العرب أن يسموا الشيء باسمه المتقدم وإن كان قد جاوز ذلك، يقول الرجل لفرسه وقد قَرح: هاتوا مُهري وقربوا مهري يسميه بمتقدم اسمه، قال عنترة:

لا تذكري مُهري وما أطعمته         .

 

فيكون جلدُك مثل جلد الأجرب              .

وقال أيضًا:

وحملت مهري وسطها فمضاها   

 

............................"  .

لأن الأصل في العشار والناقة العشراء التي حملها في الشهر العاشر، وقد تسمى عشراء بعد ذلك، وفي هذا يقول الفرزدق:

كم عمة لك يا جرير وخالة         .

 

فدعاء قد حلبت علي عشاري               .

العشراء ما تحلب، ما فيها لبن، وإنما تحلب بعد الوضع والولادة.

" وإنما خص العشار بالذكر؛ لأنها أعز ما تكون على العرب، وليس يعطلها أهلها إلا حال القيامة، وهذا على وجه المثل؛ لأن في القيامة لا تكون ناقة عشراء. "

وعدم وجودها نوع من أنوع تعطيلها، فهي لا تعمل على أي حالها؛ لعدم وجودها أو لتعطيلها، فيشتركان في عدم استعمالها.

"لأن في القيامة لا تكون ناقة عشراء، ولكن أراد به المثل أن هول يوم القيامة بحال لو كان للرجل ناقة عشراء لعطلها واشتغل بنفسه، وقيل: إنهم إذا قاموا من قبورهم، وشاهد بعضهم بعضًا، ورأوا الوحوش والدواب محشورة، وفيها عشارهم التي كانت أنفس أموالهم لم يعبؤوا بها، ولم يهمهم أمرها، وخوطبت العرب بأمر العشار؛ لأن مالها وعيشها أكثره من الإبل، وروى الضحاك عن ابن عباس: التكوير: ٤  عطلها أهلها؛ لاشتغالهم بأنفسهم، وقال الأعشى:

هو الواهب المائة المصطفاة            .

 

إمام مخاضًا وإما عشارًا                  .

وقال آخر:

ترى المرء مهجورًا إذا قلّ ماله         .

 

وبيتُ الغنى يهدى له ويزارُ             .

وما ينفع الزوارَ مالُ مزورهم          .

 

إذا سرِّحت شول له وعشار"               .

إنما هي فتنة بالدنيا وأهلها، تلقى التاجر يهدى إليه ويرجع المهدي خائبًا ما نال شيئًا من مال هذا التاجر، ومع ذلك هو مغتبط بهذه الهدية وهذه الزيارة، وهو ما استفاد شيئًا، وغيره لا يهدى إليه، وقد يكون أنفع، التاجر ما فيه نفع إلا من جهة ماله، والفقير قد ينفعك ببدنه، تدلي عليه وتستطيع أن تطلب منه، أما تطلب الغني ما نفعك بشيء من ماله، فلا فائدة، لكنها الفتنة بالدنيا وأهلها.

" يقال: ناقة عشراء، وناقتان عشراوان، ونوق عشار وعشراوات، يبدلون من همزة التأنيث واوًا، وقد عشرت الناقة تعشيرًا أي صارت عشراء، وقيل: العشار السحاب يعطل مما يكون فيه وهو الماء فلا يمطر، والعرب تشبه السحاب بالحامل، وقيل: الديار تعطل فلا تُسكن، وقيل الأرض التي يعشر زرعها تعطل فلا تُزرع. "

ووجه الشبه واضح بين السحاب والدابة أو ما يمكن أن يحمل؛ لأن الكل لا يحمل إلا بتلقيح، والله- جل وعلا- يرسل الرياح لواقح تلقِّح هذه السحاب، ثم بعد ذلك تحمل، هذه تحمل بالولد، وهذه تحمل ماء.

" وقيل: الأرض التي يعشر زرعها تعطل فلا تزرع، والأول أشهر، وعليه من الناس الأكثر. {وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَت}[التكوير:5] أي جمعت، والحشر الجمع عن الحسن وقتادة وغيرهما، وقال ابن عباس: حشرها موتها، رواه عنه عِكرمة، وحشر كل شيء الموت غير الجن والإنس؛ فإنهما يوافيان يوم القيامة، وعن ابن عباس أيضًا قال.. "

في آخر الزمان تكون الشام أرض المحشر، يحشر فيها الناس، ثم بعد ذلك بعد البعث يحشرون في الموقف من أجل الحساب وهكذا.

طالب: .............

أين تكون؟

طالب: .............

{يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ}[إبراهيم:48]  أرض مبدلة.

" وعن ابن عباس أيضًا قال: يحشر كل شيء حتى الذباب، قال ابن عباس: تحشر الوحوش غدًا أي تجمع حتى يقتص لبعضها من بعض، فيقتص للجماء من القرناء، ثم يقال لها: كوني ترابًا، فتموت. "

يعني كما تقدم في آخر سورة النبأ.

" وهذا أصح مما رواه عنه عكرمة، وقد بيناه في كتاب التذكرة مستوفى، ومضى في سورة الأنعام بعضه أي أن الوحوش إذا كانت هذه حالها، فكيف ببني آدم؟ وقيل: عني بهذا أنها مع نفرتها اليوم من الناس وتنددها في الصحارى تنضم غدًا إلى الناس من أهوال ذلك اليوم، قال معناه أبي بن كعب.{وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَت}[التكوير:6] أي ملئت من الماء، والعرب تقول: سجرت الحوض أسجره. "

وسجرته.

" سجرًا إذا ملأته، وهو مسجور والمسجور والساجر في اللغة الملآن، وروى الربيع بن خثيم: سجرت فاضت وملئت، وقاله الكلبي ومقاتل والحسن والضحاك، قال ابن أبي زمْنَيْن. "

زَمَنِيْن.

" قال ابن أبي زَمَنِيْن: سجرت حقيقته ملئت فيفيض بعضها إلى بعض فتصير شيئًا واحدًا، وهو معنى قول الحسن، وقيل.. "

مثل ما جاء في قصة كعب لما جاءه خطاب من ملك غسان وقال له: الحق بنا نواسك، ورأى أن هذا الخطاب من البلاء، يريد أن يترك النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويلحق بالكفار قال: فسجّرت بها التنور، هذا الخطاب سجر بها التنور.

" وقيل: أوصل عذبها على مالحها، ومالحها على عذبها حتى امتلأت، وعن الضحاك ومجاهد: أي فجرت وصارت بحرًا واحدًا، قال القشيري: وذلك بأن يرفع الله الحاجز الذي ذكره في قوله تعالى: {بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَّ يَبْغِيَان}[الرحمن:20] ، فإذا رفع ذلك البرزخ تفجرت مياه البحار فعمت الأرض كلها، وصارت البحار بحرًا واحدًا، وقيل: صارت بحرًا واحدًا من الحميم لأهل النار، وعن الحسن أيضًا وقتادة وابن حيان: تيبس فلا يبقى من مائها قطرة، قال القشيري: وهو من سجرت التنور أسجره سجرًا إذا أحميته، وإذا سلِّط عليه الإيقاد نشف ما فيه من الرطوبة، وتسير الجبال حينئذٍ وتصير البحار والأرض كلها بساطًا واحدًا بأن يملأ مكان البحار بتراب الجبال، وقال النحاس: وقد تكون الأقوال متفقة، يكون تيبس من الماء بعد أن يفيض بعضها إلى بعض، فتقلب نارًا، قلت: ثم تسير الجبال حينئذٍ كما ذكر القشيري، والله أعلم، وقال ابن زيد وشمر وعطية وسفيان ووهب وأبي وعلي بن أبي طالب وابن عباس في رواية الضحاك عنه: أوقدت فصارت نارًا، قال ابن عباس: يكور الله الشمس والقمر والنجوم في البحر، ثم يبعث الله عليها ريحًا دبورًا فتنفخه حتى يصير نارًا، وكذا في بعض الحديث يأمر الله- جل ثناؤه- الشمس والقمر والنجوم فينتثرون في البحر، ثم يبعث الله- جل ثناؤه- الدبور فيسجرها نارًا، فتلك نار الله الكبرى التي يُعذِّب بها الكفار، قوالقال القشيري. "

جاء ما يدل على أن تحت البحر نارًا، ولذا جاء النهي عن ركوبه عند هيجانه.

" قال القشيري: قيل في تفسير قول ابن عباس: سجرت أوقدت، يحتمل أن تكون جهنم في قعور من البحار، فهي الآن غير مسجورة؛ لقوام الدنيا، فإذا انقضت الدنيا سجِّرت، فصارت كلها نارًا يدخلها الله أهلها، ويحتمل أن تكون تحت البحر نار، ثم يوقد الله البحر كله فيصير نارًا، وفي الخبر: البحر نار في نار، وقال معاوية بن سعيد: بحر الروم وسط الأرض أسفله آبار مطبِقةٌ بنحاس. "

مطبَقة.

" أسفله آبار مطبَقة بنحاس يسجَّر نارًا يوم القيامة، وقيل: تكون الشمس في البحر، فيكون البحر نارًا بحر الشمس، ثم جميع ما في هذه الآيات يجوز أن يكون في الدنيا قبل يوم القيامة، ويكون من أشراطها، ويجوز أن يكون يوم القيامة وما بعد هذه الآيات، فيكون في يوم القيامة، قلت: روي عن عبد الله بن عمرو: لا يتوضأ بماء البحر؛ لأنه طبق جهنم، وقال أبي بن كعب: ست آيات من قبل يوم القيامة بينما الناس في أسواقهم ذهب ضوء الشمس وبدت النجوم فتحيروا ودهشوا، فبينما هم كذلك ينظرون إذ تناثرت النجوم وتساقطت، فبينما هم كذلك إذ وقعت الجبال على وجه الأرض، فتحركت واضطربت واحترقت فصارت هباءً منثورًا، ففزعت الإنس إلى الجن، والجن إلى الإنس، واختلطت الدواب والوحوش والهوامّ والطير، وماج بعضها في بعض، فذلك قوله تعالى:{وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَت}[التكوير:5]  ثم قالت الجن للإنس: نحن نأتيكم بالخبر، فانطلقوا إلى البحار، فإذا هي نار تأجج، فبينما هم كذلك تصدعت الأرض صدعة واحدة إلى الأرض السابعة السفلى، وإلى السماء السابعة العليا، فبينما هم كذلك إذ جاءتهم ريح فأماتتهم، وقيل: معنى سجرت هو حمرة مائها حتى تصير كالدم، مأخوذ من قولهم: عين سجراء أي حمراء، وقرأ ابن كثير: سجِرت، وأبو عمرو أيضًا إخبارًا عن حالها مرة واحدة، وقرأ الباقون بالتشديد إخبارًا عن حالها في تكرير ذلك منها مرة بعد أخرى. "

نعم؛ لأن التشديد للتكثير، التشديد إنما يكون للتكثير، وما يروى عن عبد الله بن عمرو: لا يتوضأ بماء البحر؛ لأنه طبق جهنم، هذا الكلام ليس بصحيح، وجاء في الحديث عن النبي -عليه الصلاة والسلام- كما في حديث أبي هريرة وغيره: «هو الطهور ماؤه الحل ميتته»، ولا كلام لأحد مع كلامه -عليه الصلاة والسلام-.

" قوله تعالى:{وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَت}[التكوير:7]​​​​​​​ قال النعمان بن بشير: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «وإذا النفوس زوجت» قال: يقرن كل رجل مع كل قوم كانوا يعملون كعمله، وقال عمر بن الخطاب: يقرن الفاجر مع الفاجر، ويقرن الصالح مع الصالح، وقال ابن عباس: ذلك حين يكون الناس أزواجًا ثلاثة، السابقون زوج يعني صنف، وأصحاب اليمين زوج، وأصحاب الشمال زوج، وعنه أيضًا قال: زوِّجت نفوس المؤمنين بالحور العين، وقرن الكافر بالشياطين وكذلك المنافقون، وعنه أيضًا: قرن كل شكل بشكله من أهل الجنة وأهل النار، فيضم المبرِّز في الطاعة. "

احشروا الذين ظلموا وأزواجهم يعني أشباههم ونظراءهم.

طالب: .............

لا، أشباههم ونظراءهم قد تكون الزوجة صالحة، والعكس.

" فيضم المبرز في الطاعة إلى مثله، والمتوسط إلى مثله، وأهل المعصية إلى مثله، فالتزويج أن يقرن الشيء بمثله، والمعنى: وإذا النفوس قُرنت إلى أشكالها في الجنة والنار، وقيل: يضم كل رجل إلى من كان يلزمه من ملك وسلطان كما قال تعالى: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ }[الصافات:22] ، وقال عبد الرحمن بن زيد: جعلوا أزواجًا على أشباه أعمالهم، ليس بتزويج أصحاب اليمين زوج، وأصحاب الشمال زوج، والسابقون زوج، وقد قال- جل ثناؤه-: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ}[الصافات:22]  أي أشكالهم، وقال عكرمة:{وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَت}[التكوير:7]​​​​​​​  قرنت الأرواح بالأجساد أي رُدت إليها، وقال الحسن: ألحق كل امرئ بشيعته؛ اليهود باليهود، والنصارى بالنصارى، والمجوس بالمجوس، وكل من كان يعبد شيئًا من دون الله يلحق بعضهم ببعض، والمنافقون بالمنافقين، والمؤمنون بالمؤمنين، وقيل: يقرن الغاوي بمن أغواه من شيطان أو إنسان على جهة البُغض. "

كل صنف وشبه يأنس بشبهه، يأنس به إلا ما كان من أهل النار، فتكون العداوة بينهم، ولو كان أشباهًا في الدنيا، ... أقول: يأنس كل شبه بشبهه ويحشر معه، فيكون أنسه به إلى أن يدخل النار، فإذا دخلوا النار- نسأل الله العافية- صاروا أعداء، جاء عن بعض الملوك أنه في شدة نكايته على من يريد سجنه وأذيته أنه يحشره مع غير جنسه، يحشر الصالح مع الفاسق، والفاجر مع التقي، وهكذا، ولا شك أن هذا عذاب إلى عذاب، يعني كونهم في السجن لا يتصرفون كيفما يشاؤون، يحشرون إلى غير أصنافهم، لا شك أن الإنسان يألف من كان على مثل ما هو عليه من خير أو شر، فالأشرار يأنس بعضهم ببعض، والأخيار يأنس بعضهم ببعض، كما في قول القائل: نزلنا الكوفة بليل، فنزل الأخيار على الأخيار، والأشرار على الأشرار.

طالب: .............

ماذا فيه؟

طالب: .............

نعم نعم.. «فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف».

طالب: .............

إن شاء الله.

طالب: .............

لمن له الورقة ذي؟ منك هذه منك؟

طالب: .............

" وقيل: يقرن الغاوي بمن أغواه من شيطان أو إنسان على جهة البغض والعداوة، ويقرن المطيع بمن دعاه إلى الطاعة من الأنبياء والمؤمنين، وقيل: قُرنت النفوس بأعمالها، فصارت لاختصاصها به كالتزويج. قوله تعالى: {وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَت * بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَت}[التكوير:8-9] الموءودة المقتولة وهي الجارية تدفن وهي حية، سميت بذلك لما يُطرح عليها من التراب فيؤودها أي يثقلها حتى تموت، ومنه قوله تعالى: {وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا}[البقرة:255] أي لا يثقله، وقال متمم بن نويرة:

وموؤدة مقبورة في مفازة            .

 

بآمتها موسودة لم تمهد                  .

وكانوا يدفنون بناتهم أحياء؛ لخصلتين: إحداهما كانوا يقولون: إن الملائكة بنات الله، فألحقوا البنات به، الثانية: إما مخافة الحاجة والإملاق، وإما خوفًا من السبي والاسترقاق، وقد مضى في سورة النحل هذا المعنى. "

المعروف أنهم يئدون البنات؛ خشية العار، وجنس الولد يُقتل عند العرب مخافة أن يطعم معه خشية إملاق.

" وقد مضى في سورة النحل هذا المعنى عند قوله تعالى: {أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ}[النحل:59]  مستوفًى، وقد كان ذوو الشرف منهم يمتنعون من هذا ويمنعون منه، حتى افتخر به الفرزدق فقال:

ومنا الذي منع الوائدات             .

 

فأحيى الوئيد فلم يوأد          .

يعني جده صعصعة، كان يشتريهن من آبائهن، فجاء الإسلام وقد أحيا سبعين موءودة، وقال ابن عباس: كانت المرأة في الجاهلية إذا حملت حفرت حفرة وتمخَّضت على رأسها فإن ولدت جارية رمت بها في الحفرة، وردت التراب عليها، وإن ولدت غلامًا حبسته، ومنه قول الراجز:

سميتها إذ ولدت تموت             .

 

والقبر صهر ضامن زمِّيت                  .

الزميت الوقور، والزميت مثال الفسِّيق أو قر. "

من الزَّمِيت.

أوقر من الزِّمِّيت.

الزَّمِيت.

أوقر من الزميت.

يعني مثل السِّكِّيْت الساكت والسكوت والسِّكِّيت، لا شك أن السِّكِّيْت أبلغ في هذا الوصف الذي هو السكوت، هذا لا يكاد ينطق، والساكت وصف غالب، لكنه يتكلم، كلامه كثير، لكنه الغالب عليه السكوت، بينما السكِّيت أشد لا يكاد ينطق، ومثله الزِّمِّيت والزَّمِيت.

" وفلان أزمت القوم أي أوقرهم، وما أشد تزمته عن الفراء، وقال قتادة. "

الناس يسمون المتدين المحافظ على دينه الشديد الحرص عليه متزمت يعني أنه متشدد، وهو ملزم نفسه بالعزائم بالاستمرار، وهذا ليس بصحيح، التزمُّت إن كان يراد به طاعة الله وطاعة رسوله في جميع المأمورات والمنهيات فهذه صفة مدح، وهذا هو المطلوب، وهذه هي التقوى، وإن كان المراد به قدرًا زائدًا على ذلك، يشدد الإنسان به على نفسه، فهذا لن يشاد الدين أحد إلا غلبه.

طالب: .............

الكلام على الاستعمال العرفي قالوا: متزمت يعني متشدد.

" وقال قتادة: كانت الجاهلية يقتل أحدهم ابنته ويغذو كلبه، فعاتبهم الله على ذلك وتوعدهم بقوله: {وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَت}[التكوير:8] قال عمر في قوله تعالى: {وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَت}[التكوير:8] قال: جاء قيس بن عاصم إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، إني وأدت ثمان بنات كن لي في الجاهلية. قال: «فأعتق عن كل واحدة منهن رقبة». قال: يا رسول الله، إني صاحب إبل. قال: «فأهد عن كل واحدة منهن بدنة إن شئت». وقوله تعالى: {سُئِلَت}[التكوير:8] "

تخريجه..

طالب: .............

يعني بمجموعها يصير صحيح أم حسن؟

طالب: .............

ما يلزم أن يكون رجاله ثقات ويكون صحيحًا، يمكن لعلة أو شذوذ أو شيء قد تكلم على الرجال ووثقهم، لكن بالشاهد الذي يليه يصلح للاحتجاج.

طالب: .............

شيء يطيب النفس أنه وأد ثمان بنات فإذا أعتق مادام أمات، فالعتق فيه نوع إحياء، ولذا شرع في كفارة القتل العتق.

" وقوله تعالى:{سُئِلَت}[التكوير:8]  سؤال الموؤدة سؤال توبيخ لقاتلها، كما يقال للطفل إذا ضُرب: لم ضربت؟ وما ذنبك؟! قال الحسن: أراد الله أن يوبخ قاتلها؛ لأنها قتلت بغير ذنب، وقال ابن أسلم: بأي ذنب ضربت، وكانوا يضربونها، وذكر بعض أهل العلم في قوله تعالى:{سُئِلَت}[التكوير:8]​​​​​​​  قال: طلبت، كأنه يريد كما يطلب بدم القتيل قال: وهو كقوله: {وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْؤُولاً}[الأحزاب:15] أي مطلوبًا، فكأنها طلبت منهم، فقيل.. "

يعني يطالب قاتلها بسبب القتل، فالمطالبة للقاتل وليس للموؤدة، والسؤال لا يتجه إليها إلا على سبيل التوبيخ لقاتلها كما تقدم، قال: وذكر بعض أهل العلم في قوله تعالى: {سُئِلَت}[التكوير:8]  قال: طلبت، كأنه يريد كما يطلب بدم القتيل يعني يطلب فداؤها كما يطالب فداء القتيل بديته أو بالاقتصاص منه.

" فكأنها طلبت منهم فقيل: أين أولادكم؟ وقرأ الضحاك وأبو الضحى عن جابر بن زيد وأبي صالح: وإذا الموءودة سألت، فتتعلق الجارية بأبيها فتقول: بأي ذنب تقتلني، فلا يكون له عذر، قاله ابن عباس. "

بأي ذنب قتلْتني؛ لأنه قتل وانتهى.

" فتقول: بأي ذنب قتلتني، فلا يكون له عذر، قاله ابن عباس، وكان يقرأ: وإذا الموءودة سألت، وكذلك هو مصحف أبي، وروى عكرمة عن ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن المرأة التي تقتل ولدها تأتي يوم القيامة متعلق ولدها بثدييها»."

في بعض القراءات يقول: وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قُتِلْتِ، بأي ذنب قُتِلْتِ، من هي قراءته هذه؟ قراءة من؟

طالب: .............

الأجهزة تطلع.

طالب: .............

على أي شيء علق؟ أين؟

طالب: .............

يعني هي التي تسأل، سألت قُتلتُ، لكن سئلت بأي ذنب قتلْتِ، هذه التي نسأل عنها..

طيب الحديث، حديث ابن عباس..

طالب: .............

" وروى عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن المرأة التي تقتل ولدها تأتي يوم القيامة متعلقًا ولدها بثدييها ملطخًا بدمائه فيقول: يا رب هذه أمي، وهذه قتلتني»، والقول الأول عليه الجمهور، وهو مثل قوله تعالى لعيسى:{أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ}[المائدة:116] على جهة التوبيخ والتبكيت لهم، فكذلك سؤال الموءودة. "

لأن الله- جل وعلا- يعلم أن عيسى ما قال للناس هذا الكلام، وليس هو المقصود، والعرب تستعمل مثل هذا الأسلوب من باب إياكِ أعني واسمعي يا جارة، حين يسأل عيسى: {أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ}[المائدة:116] قال: {مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ}[المائدة:117] والله- جل وعلا- يعلم ذلك، لكنه من باب التوبيخ لمن عبد عيسى من دون الله، وهذه الموؤدة حين تسأل ليس المراد سؤالها؛ لأن الله يعلم أنها مظلومة ومقتولة بغير حق، فهو السؤال في الحقيقة متجه إلى من قتلها.

" فكذلك سؤال الموؤدة توبيخ لوائدها، وهو أبلغ من سؤالها عن قتلها؛ لأن هذا مما لا يصح إلا بذنب، فبأي ذنب كان ذلك، فإذا ظهر أنه لا ذنب لها كان أعظم في البلية وظهور الحجة على قاتلها، والله أعلم، وقرئ قتّلت. "

يعني قتل من له ذنب وإن كان لا يستحق القتل، سرق من مال زيد، فقتله زيد؛ لأنه سرق من ماله، هل هو مثل ما لو لقي شخصًا لا يعرفه ولم يتعرض له بسوء فيقتله؟ يعني هذا له نوع عذر وإن كان ... لا لا.. عذر غير مقبول؛ لأن السرقة لا تقتضي القتل، له نوع عذر، لكن الثاني لا عذر له ألبتة، وهنا يقول لأن هذا مما لا يصح إلا بذنب، فبأي ذنب كان ذلك؟ لا ذنب لها ألبتة، لكن من وجه له ذنب قد يكون نوع عذر، وإن كان لا لا.. غير مقبول.

" وقرئ قتّلت بالتشديد، وفيه دليل بيّن على أن أطفال المشركين لا يعذبون، وعلى أن التعذيب لا يُستحق إلا بذنب. "

على خلاف بين أهل العلم في أطفال الكفار، والمسألة مبسوطة في آخر طريق الهجرتين لابن القيم بأقوالها وأدلتها.

طالب: .............

يقول بنات .. يلحقن به البنات، ولنا البنون..

طالب: .............

لا، هم يعللون، يقولون مادام الملائكة بنات الله، وله البنات، ونحن لنا البنون، يلحقون بناته له فيقتلونهم.

طالب: .............

المقصود أن الجنس له، والذكور لهم، جاء التنبيه عليه.

طالب: .............

ما ينبغي، هذا تزكية.

طالب: .............

في ماذا؟

طالب: .............

المهم أن كلامه واضح، والله أعلم بما كانوا عاملين، منهم من يقول: إنهم يختبرون كأهل الفترة.

" قوله تعالى: {وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَت}[التكوير:10] أي فتحت بعد أن كانت مطوية، والمراد صحف الأعمال التي كتبت الملائكة فيها ما فعل أهلها من خير وشر، تُطوى بالموت، وتُنشر في يوم القيامة، فيقف كل إنسان على صحيفته. "

تطوى بالموت؛ لأنه انتهى العمل، فلا كتاب على المكلف، لا تكتب له لا حسنات ولا سيئات، فتطوى ثم تنشر للحساب.

طالب: .............

ما هي بصحائفه، تكتب له، لكن ما تكتب من صحائفه، صحائفه طُويت لكنها لا تضيع.

" فيقف كل إنسان على صحيفته، فيعلم ما فيها فيقول: {مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا}[الكهف:49] وروى مرثد بن وداعة قال: إذا كان يوم القيامة تطايرت الصحف من تحت العرش، فتقع صحيفة المؤمن في يده في جنة عالية إلى قوله:{فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَة}[الحاقة:24] ، وتقع صحيفة الكافر في يده: {فِي سَمُومٍ وَحَمِيم}[الواقعة:42]  إلى قوله: {وَلاَ كَرِيم}[الواقعة:44] ، وروي عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة»، فقلت: يا رسول، فكيف بالنساء؟ قال: «شغل الناس يا أم سلمة»."

لأن الأمر أعظم من ذلك الأمر، انظر الآن لو حدث شيء مذهل عام؛ حريق أو فيضان أو شيء، وركض الناس؛ لئلا يدركهم، فهل نقول: إن المرأة في هذه الحالة لا يجوز لها أن تجري؛ لئلا ينكشف شيء منها كما تمنع من الرمل والسعي في المسعى وغير ذلك؟ لا، الناس مشغولون بما هو أعظم من ذلك، فكيف بما يحصل في يوم القيامة.

" قال: «شغل الناس يا أم سلمة»، قلت: وما شغلهم؟ قال: «نشر الصحف فيها مثاقيل الذر ومثاقيل الخردل»، وقد مضى في سورة سبحان قول أبي الثوار العدوي هما نشرتان وطية، أما ما حييت يا ابن آدم فصحيفتك المنشورة، فأمِّل فيها ما شئت، فإذا مت طويت، حتى إذا بعثت نُشرت، {اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا}[الإسراء:14] وقال مقاتل: إذا مات المرء. "

فالمؤمن يأخذ كتابه بيمينه، والكافر بشماله، فمن الذي يأخذ كتابه من وراء ظهره؟

طالب: .............

المنافق أليس حكمه حكم الكافر؟

طالب: .............

أيهما أشد: من وراء ظهره أم بشماله؟

طالب: .............

لا، أنا اطلعت على كلام لابن حزم ويقول: إن الذي يُعطى كتابه من وراء ظهره هم فساق المسلمين، فساق المسلمين يعني في منزلة بين اليمين والشمال، وهذا كلام ما رأيته لغيره.

" وقال مقاتل: إذا مات المرء طويت صحيفة عمله، فإذا كان يوم القيامة نشرت، وعن عمر- رضي الله عنه- أنه كان إذا قرأها قال: إليك يساق الأمر يا ابن آدم، وقرأ نافع وابن عامر وعاصم وأبو عمرو: نشرت مخففة على نشرت مرة واحدة؛ لقيام الحجة، والباقون بالتشديد على تكرار النشر؛ للمبالغة في تقريع العاصي، وتبشير المطيع، وقيل: لتكرار ذلك من الإنسان والملائكة الشهداء عليه. قوله تعالى: {وَإِذَا السَّمَاء كُشِطَت}[التكوير:11] الكشط قلع عن شدة التزاق، فالسماء تكشط كما يكشط الجلد عن الكبش وغيره، والقشط لغة فيه، وفي قراءة عبد الله: وإذا السماء قشطت، وكشطت البعير كشطًا نزعت جلده، ولا يقال: سلخته؛ لأن العرب لا تقول في البعير إلا كشطته أو جلدته. "

أو..

" أو جلّدته. "

نعم يعني أزلت جلده.

" وانكشط أي ذهب، والسماء.. "

كشطت وقشطت بالكاف والقاف مثل عود الكست والقسط، وله نظائر ذكرها البخاري في صحيحه في كتاب الطب.

" فالسماء تنزع من مكانه كما ينزع الغطاء عن الشيء، وقيل: تطوى كما قال تعالى: {يوم نطوي السماء كطي السجل للكتاب}، فكأن المعنى: قلعت فطويت، والله أعلم. قوله تعالى: {وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَت}[التكوير:12] أي أوقدت فأضرمت للكفار، وزيد في إحمائها، يقال: سعّرت النار وأسعرتها، وقراءة العامة بالتخفيف من السعير، وقرأ نافع وابن ذكوان ورويس بالتشديد؛ لأنها أوقدت مرة بعد مرة، قال قتادة: سعّرها غضب الله وخطايا بني آدم، وفي الترمذي عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «أوقد على النار ألف سنة حتى احمرّت، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى ابيضّت، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى اسودّت، فهي سوداء مظلمة» وروي موقوفًا. "

تخريجه.

طالب: .............

الموقوف له حكم الرفع؛ لأن مثل هذا لا يقال بالرأي.

طالب: .............

قرأ نافع وابن عامر وعاصم وأبو عمرو: نُشِرت، والباقون بالتشديد.

طالب: .............

نشرت.

طالب: .............

لا أنا أقول بأي ذنب قتلْتِ؛ ليكون هذا تفسيرًا للسؤال.

طالب: .............

لا، غيرهن.

" قوله تعالى:{وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَت}[التكوير:13]​​​​​​​ أي دنت وقربت من المتقين، قال الحسن: إنهم يقربون منها لا أنها تزول عن موضعها، وكان عبد الرحمن بن زيد يقول: زُينت أزلفت، والزلفى في كلام العرب القربة، قال الله تعالى:{وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِين}[الشعراء:90] ، وتزلّف فلان تقرّب. "

والتزلّف معروف إلى الأمراء والوجهاء يتزلفون ويتملقون الشاعر بشعره، والناثر بنثره، والنمام بنميمته، وهكذا يتقربون إلى الوجهاء والأعيان؛ رجاء صلتهم، وهذه هي الزلفى، والجنة تُزلَف يعني تقرب.

طالب: أحسن الله إليك...

لا، الفعل أسند إليها الجنة أزلفت ما قال أزلف أهلها المقربون إليها، واضح.

طالب: .............

نعم هي التي تقرب، ما المانع؟ يُجاء بالنار تُقاد بسبعين ألف زمام، هذا في النار، فما المانع بأن تجلب الجنة لأهلها.

طالب: .............

هذا فهمه على كل حال.

" قوله تعالى:{عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَت}[التكوير:14]  يعني ما عملت من خير وشر، وهذا جواب: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَت}[التكوير:1] وما بعدها، قال عمر- رضي الله عنه-: لهذا أجري الحديث، وروي عن ابن عباس وعمر- رضي الله عنهما- أنهما قرآها فلما بلغا: {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَت}[التكوير:14] قالا: لهذا أُجريت القصة. "

كل ما تقدم من أجل تقرير هذه المسألة.

" فالمعنى على هذا {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَت}[التكوير:1] وكانت هذه الأشياء {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَت}[التكوير:14]  من عملها، وفي الصحيحين عن عدي بن حاتم قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ما منكم من أحد إلا وسيكلمه الله ما بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدمه، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم بين يديه، فتستقبله النار، فمن استطاع منكم أن يتقي النار ولو بشق تمرة فليفعل»، وقال الحسن: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَت}[التكوير:1]  قسم وقع على قوله: {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَت}[التكوير:14] كما يقال: إذا نفر زيد نفر عمرو، والقول الأول أصح، وقال ابن زيد عن ابن عباس في قوله.. "

هو شرط، وليس بقسم.

" وقال ابن زيد عن ابن عباس في قوله تعالى: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَت}[التكوير:1]  إلى قوله:{وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَت}[التكوير:13]  اثنتا عشرة خصلة، ستة في الدنيا، وستة في الآخرة، وقد بيَّنا الستة الأولى بقول أبي بن كعب. "

يعني مثل ما جاء في الأقسام المذكورة في سورة {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا}[الشمس:1]، وجوابها{قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا}[الشمس:9] بعد بضعة عشر قسمًا جاء الجواب.

اللهم صل على محمد...