شرح أبواب الطهارة من سنن الترمذي (16)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال الإمام الترمذي -رحمه الله تعالى-:
باب ما جاء في كراهية البول في الماء الراكد:
حدثنا محمود بن غيلان قال: حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يتوضأ منه».
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، وفي الباب عن جابر.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في كراهية البول في الماء الراكد" والنهي: «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم» الأصل فيه التحريم، وعلى هذا فالكراهية هنا كراهية التحريم.
"باب: كراهية البول في الماء الراكد" الراكد جاء تفسيره في رواية البخاري: الذي لا يجري، وهو الدائم، كما جاء في بعض الروايات.
قال -رحمه الله-: "حدثنا محمود بن غيلان" العدوي مولاهم أبو أحمد المروزي، ثقة من العاشرة، مات سنة تسع وثلاثين، يعني ومائتين.
قال: "حدثنا عبد الرزاق" بن همّام الصنعاني، إمام معروف "عن معمر" بن راشد، ثقة حافظ "عن همام بن منبه" بن كامل الصنعاني المتوفى سنة إحدى وثلاثين ومائة "عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-" وهذه جملة من الصحيفة صحيفة همام عن أبي هريرة المشتملة على أكثر من مائة وثلاثين جملة، يعني أكثر من مائة وثلاثين حديث، ساقها الإمام أحمد مساقاً واحداً، في مسند أبي هريرة، وانتقى منها الإمام البخاري ما انتقى، ومسلم انتقى منها أيضاً، لكن جرت عادة البخاري -رحمه الله- أنه إذا أراد شيئاً من هذه الصحيفة مما يحتاجه، مما يستدل به على ما ترجم عليه "قال: عن همام بن منبه عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «نحن الآخرون السابقون يوم القيامة» «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم»... إلى آخره.
وأما بالنسبة للإمام مسلم فهو ينتقي من هذه الصحيفة ويقول: فذكر أحاديث لما يذكر الإسناد يقول: فذكر أحاديث منها: «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم» هذه طريقة البخاري وهذه طريقة مسلم ليدلا على أن الحديث ليس بمستقل يعني كامل بهذا السياق، إنما هو قطعة من أحاديث.
"عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يبولن»" (لا) هذه ناهية، ويبولن: فعل مضارع مجزوم بـ(لا) الناهية منع منه البناء؛ لأن المضارع هنا مبني على الفتح، المضارع مبني على الفتح ومحله الجزم بـ(لا) الناهية، مبني على الفتح لماذا؟ لاتصاله بنون التوكيد المباشرة التي لم يفصل بينها وبين الفعل بفاصل.
................................... |
| وأعربوا مضارعاً إن عريا |
فإذا كانت نون التوكيد مباشرة ملتصقة بالفعل بني على الفتح، يعني جاء في التحذير من ترك الجمعة: «لينتهين أقوام» هذا مبني؛ لأن النون متصلة بالفعل «لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكوننّ من الغافلين» ليكونن هذا ما هو بمبني هذا معرب؛ لأن النون فصل بينها وبين الفعل بالواو، واو الجماعة.
"«لا يبولن أحدكم»" وهو شامل للذكر والأنثى "«لا يبولن أحدكم في الماء الدائم»" في البخاري: «الذي لا يجري» وهو تفسير للدائم، وجاء بلفظ: «الراكد» "«ثم يتوضأ منه»" وعند الشيخين وغيرهما: «ثم يغتسل فيه» يتوضأُ ويغتسلُ هنا قال ابن حجر: بضم اللام على المشهور: يغتسلُ ومثلها ثم يتوضأُ، إذا كانت ثم عاطفة فشأن الفعل أن يكون مجزوماً؛ لأنه معطوف على مجزوم، لكن لماذا قال: المشهور ضم اللام ثم يغتسلُ؟ لأن يغتسل أو يتوضأ كما في لفظ الحديث الذي معنا ليس من عطف الفعل على الفعل، وإنما هو من عطف جملة على جملة، فيُقدر هو ثم هو يغتسل منه، ومثله حديث: «لا يضرب أحدكم امرأته ثم يضاجعها» لأنه قد يحتاج إليها، ثم هو يضاجعها، فلا يكون معطوف الفعل على الفعل، وهنا: «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم» ثم يحتاج إليه فهو يتوضأ منه، أو يغتسل منه، هذا على القول المشهور أو الرواية المشهورة بضم اللام.
وقال ابن مالك: يجوز الجزم عطفاً على يبولن؛ لأنه مجزوم الموضع بـ(لا) الناهية، يبولن مجزوم، وإن كان مبنياً على الفتح لكنه مجزوم بـ(لا) الناهية، ويجوز أن يعطف عليه بالجزم ثم يتوضأ منه، هذا قاله ابن مالك: يجوز الجزم عطفاً على يبولن؛ لأنه مجزوم الموضع بـ(لا) الناهية.
بعضهم قال: لا يجوز الجزم؛ لأنه لو جاز لقال: ولا يغتسلن، أو ولا يتوضأن، كما قال: لا يبولن، لكن لا يمنع أن يعطف الفعل غير المؤكد على الفعل المؤكد، لا يمنع أن يعطف الفعل غير المؤكد على المؤكد، وذلك للتفاوت بينهما، النهي عن الاغتسال مثل النهي عن البول؟ لا، تأثير البول في الماء أشد من تأثير الاغتسال ومن تأثير الوضوء فلا مانع من العطف حينئذٍ، ولو لم يؤكد الثاني.
قال القرطبي: لا يجوز النصب، ومنهم من قال: يجوز النصب ثم يتوضأَ.
يقول القرطبي: لا يجوز النصب إذ لا تضمر (أن) بعد (ثم)، نعرف أن (أن) تضمر بعد واو المعية، وبعد فاء السببية، إذا تعقَّبت الأمور التسعة المعروفة عند النحاة.
لا تضمر (أن) بعد (ثم) وأجازه ابن مالك بإعطاء ثم حكم الواو، تعطى ثم حكم الواو، وحينئذٍ يجوز النصب، وتعقبه النووي تعقب ابن مالك، إذا قلنا: بجواز النصب تعقبه النووي بأن ذلك يقتضي أن يكون النهي عن الأمرين معاً، النهي عن الجمع بين الأمرين، ولا يدل على النهي عن البول وحده أو الاغتسال والوضوء وحده، وهذا يبطل فائدة الحديث على حد زعم النووي؛ لأنه إذا قلنا: النهي عن الأمرين معاً، جاز البول وحده، وجاز الوضوء وحده، وفي الأحاديث ما يدل على منع البول وحده، وما يدل على منع الاغتسال وحده، فهذا يبطل دلالة هذا الحديث، هذا كلام النووي.
وقال ابن دقيق العيد: أنه لا يلزم أن تؤخذ جميع الأحكام من حديث واحد، يعني يؤخذ تحريم البول وحده من إفراده في بعض الروايات، ويؤخذ تحريم الاغتسال والانغماس وحده مما جاء في بعض الروايات، ويؤخذ الجمع بينهما من رواية النصب، من رواية النصب التي جوَّزها ابن مالك.
وقال ابن دقيق العيد: إنه لا يلزم أن يدل على الأحكام المتعددة لفظ واحد فيؤخذ النهي عن الجمع بينهما من هذا الحديث على رواية النصب إن ثبتت وإلا هذا مجرد تجويز من ابن مالك، ويؤخذ الإفراد من حديث آخر، فجاء عند مسلم من حديث جابر: "نهى عن البول في الماء الراكد" وعنده من حديث أبي هريرة: «لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب» فجاء النهي عن البول وحده، وجاء النهي عن الاغتسال وحده، والجمع بينهما من باب أولى، سواءً ثبتت رواية النصب أو لم تثبت، سواءً ثبتت رواية النصب أو لم تثبت؛ لأن النصب تجويز من ابن مالك، ولم يذكر في ذلك رواية، وعلى كل حال إذا ثبت البول وحده والاغتسال وحده يثبت من باب أولى الجمع بينهما، يثبت النهي عن الجمع بينهما من باب أولى.
«لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يتوضأ منه» قال أبو عيسى: "هذا حديث حسن صحيح" ومُخرَّج في الصحيحين وغيرهما، حديث الجماعة، "وفي الباب عن جابر" عند مسلم نهى عن البول في الماء الراكد، هذا عند مسلم من حديث جابر -رضي الله عنه-.
البول المقصود به: إيصاله إلى الماء بأي طريقة أو وسيلة، ولا يختلف أن يبول فيه مباشرة، أو يبول في إناء ثم يصبه فيه، أو يبول خارجه ثم ينساب إليه كل هذا لا يختلف إذا قُصد من المكلف، ومن لازم المذهب عند الظاهرية أنه إذا بال في إناء ثم صبّه فيه لا يدخل في النهي، وهذا لائق بظاهريتهم، والنهي عن البول عند الجمهور من باب أولى ما هو أشد منه، كالغائط من باب أولى، لكن عند الظاهرية أن التغوط فيه ما فيه إشكال، وهذا لازم على مذهبهم، من حيث الجمود على الظاهر، لكن عامة أهل العلم على أن التغوط أشد وهو من باب أولى لا يجوز.
«أحدكم في الماء الدائم» الدائم هو الساكن، وهو الذي لا يجري، والدائم من الأضداد يطلق على الساكن كما أنه يطلق على المتحرك، فهو من الأضداد كما بين ذلك ابن الأنباري وغيره، والمراد به هنا ما جاء تفسيره في بعض الروايات أنه الذي لا يجري وهو الراكد.
«لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يتوضأ منه» في بعض الروايات: «ثم يغتسل فيه» وسئل أبو هريرة ماذا يصنع؟ قال: يتناوله تناولاً.
منهم من يقول وهذا قريب جداً من مذهب الظاهرية أنه يتحايل على الماء الدائم فيُلقى فيه حصاة مثلاً فإذا تحرك انغمس فيه، انتفى عنه الوصف، وهذا قريب من رأي الظاهرية، يتحايل عليه.
من أنواع الماء ما له معين ينبع مستمر مثل العيون الكبيرة التي لها معين فالماء فيها متجدد، ومثل ذلك الماء، البرك التي فيها فلتر، فلتر معروف في المسابح فلتر، يجدد الماء ويغيره باستمرار فهل هذا نقول: راكد وإلا ساكن؟ هذا حكمه حكم الجاري.
هناك قاعدة من قواعد ابن رجب في الماء الراكد أو الماء الجاري هل حكمه حكم الماء الراكد أو كل جرية لها حكم الماء المنفصل؟ فتراجع هذه في أوائل قواعد ابن رجب، وفيها فروع تنفع في شرح هذا الحديث.
البول في الماء الدائم إن غير لونه أو طعمه أو ريحه نجس بالإجماع، نجس الماء بالإجماع، وإن لم يتغير وكان دون القلتين نجس عند الحنابلة والشافعية، وإن لم يتغير قليلاً كان أو كثيراً لم ينجس عند المالكية، وإن كان غديراً مساحته عشرة في عشرة أو إذا حرك طرفه لم يتحرك الطرف الآخر كان كثيراً عند الحنفية فلا ينجس إلا بالتغير، وإن كان دون ذلك نجس ولم يتغير، فعلى هذا البول في الماء الدائم عند المالكية النهي لئلا يُقذره على من أراد استعماله، قليلاً كان أو كثيراً إذا لم يتغير، وإن تغير فهو لتنجيسه، والنهي عند الحنابلة والشافعية إن كان قليلاً فلتنجيسه ولو لم يتغير وإن كان كثيراً فلتقذيره كقول المالكية، ثم إذا توضأ فيه أو اغتسل فيه، توضأ فيه أو اغتسل فيه فإنه لا ينجس عند الجمهور؛ لأن المؤمن لا ينجس، فلا يُنجِّس ما باشره، لكنه عند الحنابلة والشافعية إن كان دون القلتين انتقل من كونه طهور مطهر إلى كونه طاهراً فقط؛ لأنه ارتفع به حدث، والحنفية يقولون: ينجس؛ لأنه معطوف على البول والبول يُنجس، لكن هذا استدلال بدلالة الاقتران وهي ضعيفة عند أهل العلم.
نأتي إلى الفرق بين مذهب الحنابلة ومذهب الشافعية:
إذا انغمس في ماء قليل، إذا انغمس في ماء قليل أقل من القلتين من جنابة يرتفع الحدث أو لا يرتفع؟
طالب:.......
عند من؟
طالب:........
عند الحنابلة لا يرتفع، وعند الشافعية؟
طالب:........
لا، عند الشافعية يرتفع؛ لأنه ما يصير مستعملاً إلا برفع الحدث، إذا رفع الحدث صار مستعملاً عندهم، وعند الحنابلة يتحول من كونه مطهر إلى طاهر بمباشرة أول أعضاء الجسم التي يجب إزالة الحدث عنها، يعني بمجرد وصول الرجلين خلاص صار مستعمل، وكأن مذهب الشافعية في هذا أقعد، وأنه لا يسمى مستعمل حتى يرفع حدث.
نقرأ الحديث الذي يليه.
عفا الله عنك.
باب: ما جاء في ماء البحر أنه طهور
حدثنا قتيبة عن مالك ح وحدثنا الأنصاري إسحاق بن موسى قال: حدثنا معن قال: حدثنا مالك عن صفوان بن سليم عن سعيد بن سلمة من آل ابن الأزرق أن المغيرة بن أبي بردة وهو من بني عبد الدار أخبره أنه سمع أبا هريرة -رضي الله عنه- يقول: سأل رجل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء فإن توضأنا به عطشنا أفنتوضأ من ماء البحر؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «هو الطهور ماؤه، الحل ميتته».
قال: وفي الباب عن جابر والفراسي.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، وهو قول أكثر الفقهاء من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، منهم أبو بكر وعمر وابن عباس لم يروا بأساً بماء البحر، وقد كره بعض أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- الوضوء بماء البحر منهم ابن عمر وعبد الله بن عمرو، وقال عبد الله بن عمرو: "وهو نار".
نعم يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في ماء البحر أنه طهور" والبحر معروف لا يحتاج إلى تعريف، أنه طهور، يعني مطهر، مُطهِّر.
الماء المستعمل الذي ذكرناه في الحديث في شرح الحديث السابق الذي رفع به الحدث لا يطهر مرة ثانية عند الحنابلة والشافعية، لكنه عند المالكية لا يزال طهوراً مطهراً، حتى قال البغوي نقلاً عنهم: إنه أولى بالتطهير من غير المستعمل، إنه أولى بالتطهير من غير المستعمل، لماذا؟ قالوا: لأن طهور صيغة مبالغة، وهذه تنفعنا: «هو الطهور ماؤه» يعني سواءً شرحنا هذه الكلمة بالحديث هذا أو الذي قبله.
قالوا: إن طهور صيغة مبالغة، والذي يقع به التطهير مرة واحدة لا يستحق هذه الصيغة، لا يستحق هذه الصيغة، فالشكور مثلاً الذي يشكر الله مرة واحدة يقال له: شكور؟ لا، حتى يتصف بالوصف الذي عُدل فيه إلى المبالغة، يعني مثل صادق وصدوق، صادق قد يطلق على شخص يصدق مرة واحدة يقال: صادق، وصدوق يطلق على الملازم للصدق وكذلك الشكور الملازم للشكر، والطهور الملازم للتطهير، كذا قيل عنهم، يعني نقل البغوي في شرح السنة هذا الكلام، وأن الماء المستعمل في الطهارة أولى بالتطهير من غير المستعمل؛ لأنه لا يستحق صيغة مبالغة حتى يتكرر منه التطهير، وهذا نظر إلى الصيغة، ومن حيث المعنى الكلام يستقيم وإلا ما يستقيم؟ هل يستقيم وإلا ما يستقيم؟ من حيث المعنى لا يستقيم، لماذا؟ لأن الاستعمال للماء سواءً كان في الوضوء أو في الاغتسال أو في أي تنظيف كان هل يزيده طهارة؟ نقول: استفاد زيادة في الطهارة بنفسه، يعني أيهما أنقى؟ الماء الذي نزل من السماء مباشرة ما استعمل أو نبع من الأرض ما استعمل أو تكرر به التطهير؟ جاء هذا وغسل يديه، وهذا غسل رجليه، وذا غسل إناء، وذا غسل إبريق، وهذا غسل، مشكلة، هل هذا أدخل فيما نحن فيه أو أبعد؟ الآن المسألة مسألة دقيقة يعني الكلام الذي نقله البغوي قد يقبله بعض الناس؛ لأن الصيغة تساعد لما تكرر منه التطهير يستحق الوصف بالمبالغة فعول، طهور، لكن نقول: هل التطهر بالماء يستفيد منه الماء زيادة طهارة وإلا ما يستفيد؟ ما يستفيد، معنى الطهور الذي يفيد في هذا الباب ما كرر تطهيره فهو طهور، يعني لو أنه عرض على فلتر وخرج نقول: طاهر، ثم عرض على فلتر ثاني وخرج أنظف من الأول، ثم على فلتر ثالث، ثم على فلتر رابع، نقول: هذا طهور صحيح يستحق صيغة المبالغة، الطهور بمعنى التطهير، والطهارة في نفسه، لكن باستعمالاته المتكررة نعم يضعف وصفه شيئاً فشيئاً حتى ينسلب بالكلية، فالطهور في بابنا مُضعف، يعني تكرار التطهير مضعف بخلاف تكرار التكرير، والفلترة، نقوي، يعني المسألة حصل فيها لبس، يعني عادي الناس من غير نظر في صيغة ولا غيرها، من غير نظر في الصيغة عاديّ الناس يحكم بأن الماء المستعمل أقل من الماء غير المستعمل، والمناسب لصيغة المبالغة الوصف بطهور يعني قبل الاستعمال، طهور قبل الاستعمال، يعني تكرر تطهيره، لا التطهر به، فقول البغوي فيما نقله عن بعض المالكية لا وجه له.
ويبقى أن المستعمل محل خلاف بين أهل العلم، المستعمل محل خلاف بين أهل العلم، وإن كان المرجح أنه لا ينسلب الطهورية.
"باب: ما جاء في ماء البحر أنه طهور"
قال: "حدثنا قتيبة" بن سعيد قال: "عن مالك" نجم السنن، مالك بن أنس إمام دار الهجرة "ح" هذه ح التحويل من إسناد إلى آخر، ويقصد منها اختصار الأسانيد "ح وحدثنا الأنصاري إسحاق بن موسى" وكل ما يقول الترمذي حدثنا الأنصاري فالمراد به إسحاق بن موسى، الخطبي، أبو موسى المدني، ثقة متقن، مات سنة أربع وأربعين ومائتين، قال: "حدثنا معن" وهو ابن عيسى القزاز أحد الرواة "عن مالك" وله موطأ من الموطئات مما يروى عن مالك -رحمه الله-.
"حدثنا معن قال: حدثنا مالك عن صفوان بن سليم" الزهري مولاهم، المدني، ثقة عابد "عن سعيد بن سلمة من آل ابن الأزرق" وثقه النسائي من السادسة "أن المغيرة بن أبي بردة" الكناني، وهو من بني عبد الدار وثقه النسائي أيضاً، أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول: سأل رجل، الرجل المبهم هو كما جاء في بعض الروايات عبد الله المدلجي العركي الملاح، الملاح قائد السفينة "سأل رجل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله إنا نركب البحر" نركب البحر، يعني بواسطة ما يثبت على البحر من قارب أو سفينة أو باخرة أو ما أشبه ذلك، نركب البحر زاد الحاكم: "نريد الصيد، ونحمل معنا القليل من الماء" وقد يستدرجهم الصيد إلى الإبحار البعد في عمق البحر، ثم ينفذ هذا الماء الذي معهم "ونحمل معنا القليل من الماء فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ من ماء البحر؟" وكأنهم ترددوا في الوضوء به لما رأوا من تغير لونه وطعمه ورائحته، رائحة البحر متغيرة، بسبب ما يموت فيه من أسماك وحيتان وغيرها، وطعمه أيضاً متغير، ولونه متغير أحياناً، لا سيما إذا قرب من الساحل، شكوا في طهارة ماء البحر، فأجابهم النبي -صلى الله عليه وسلم- قائلاً: «هو الطهور ماؤه، الحل ميتته» الطهور بفتح الطاء أي المطهر، والصيغة مبالغة، ومنه قوله تعالى: {وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء طَهُورًا} [(48) سورة الفرقان] ولم يقل في جوابه نعم، ما قال في جوابه نعم، يريد أن يجيب بحكم مقرون بعلته، الغرض من هذا اقتران الحكم بعلته، ما قال نعم تطهروا، قال: «هو الطهور ماؤه» وذكر العلة تقتضي أن الجواب نعم تطهروا به؛ لأنه هو الطهور ماؤه، وليقرن الحكم بعلته وهي الطهورية المتناهية في بابها.
«الطهور ماؤه» ماؤه فاعل لصيغة المبالغة، وأيضاً: الحل فاعل المصدر، حل يحل حلاً، فالحل مصدر وماؤه..، ميتته فاعل والمصدر يعمل عمل فعله، فماؤه طهور، وميتته حلال، وأجيبوا بأكثر مما سألوا للحاجة الداعية إلى ذلك، الحاجة تدعو إلى ذلك.
وقولهم: يجب مطابقة الجواب للسؤال معناه أن لا ينقص الجواب عن السؤال، أما إذا زيد في الجواب مما يحتاجه السائل، وقد غفل عنه، هذا أمر مطلوب ومحمود.
«الحل ميتته» الذي يتردد في طهورية الماء، ماء البحر المستبحر الكثير، الذي يتردد في هذا ألا يتردد في أكل الميتة من البحر وقد سمع تحريم الميتة؟ نعم يتوقف ويستشكل من باب أولى، يستشكل من باب أولى، فأجابهم النبي -عليه الصلاة والسلام- بما هو أهم من ذلك، وأكثر إشكالاً مما سألوا عنه.
وميتة البحر حلال إذا كانت مما لا يعيش إلا به، وأما ما يعيش في البر والبحر فلا، والمراد بذلك كما قلنا: مما لا يعيش إلا به، فلو مات إنسان في البحر صح أن نقول: إنه ميتة بحر، لكنه مع ذلك لا يجوز أكله، لو مات حمار في البحر غرق، أو مات جمل في البحر وغرق فيه لا يجوز أكله وإن كان ميتاً في البحر.
طالب:........
إيه تخرج، نعم.
المراد بالميت ميتة البحر ما لا يعيش إلا فيه.
وقال الحنفية وهو أضيق المذاهب في الباب قالوا: يحرم كل ما سوى السمك، والحديث محمول على السمك وقال أحمد: يؤكل كل ما في البحر إلا الضفدع والتمساح، يعني جاء النهي عن قتل الضفدع والتمساح له ناب، وقال مالك: كل ما في البحر حلال، وهذا هو المطابق لقوله: «الحل ميتته» لأن ميتة مفرد مضاف فيعم المفرد المضاف من صيغ العموم، وقيل: يؤكل ما له نظير في البر، ويحرم ما يحرم نظيره في البر، يعني إذا وجدنا كلب البحر على رأي مالك نأكل، على رأي أبي حنيفة ما نأكل، على رأي الإمام أحمد نأكل، على القول الأخير له نظير في البر، لكن نظيره محرم، ما نأكل، ما له نظير في البر مما يؤكل يؤكل، وما له نظير في البر مما لا يؤكل لا يؤكل، فالخنزير مثلاً، خنزير البحر على قول مالك يؤكل، على قول غيره كالحنفية مثلاً لا يؤكل، لا سيما والنزاع في تناول النص القرآني لخنزير البحر بناءً على أن اللفظ عام، {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} [(3) سورة المائدة] فمنهم من يقول: إن لحم الخنزير شامل، شامل لما كان في البر والبحر، وما له ناب مما جاء منعه في السنة شامل لما في البر والبحر ومخصص لهذا الحديث، المقصود أن القول قول مالك له وجه، وهو ما يفيده الحديث، ويقول الله -جل وعلا-: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} [(96) سورة المائدة] قال البخاري في صحيحه قال عمر: صيده ما اصطيد، وطعامه ما رمى به.
وقال أبو بكر: الطافي حلال، يعني مات في جوف البحر ثم طفا على سطحه سطح البحر حلال، ويمنعه الحنفية ويقولون: الطافي لا يؤكل، وفي حديث جابر عند أبي داود قال: "ما ألقاه البحر أو جزر عنه فكلوه، وما مات فيه فطفا فلا تأكلوه" أخرجه أبو داود لكن الصحيح وقفه على جابر، أنه موقوف على جابر وهو معارض بكلام أبي بكر من قوله: "الطافي حلال" وهو المناسب قول أبي بكر وحل الطافي وهو قول الجمهور القول المناسب للحديث: «الحل ميتته» فالطافي ميتة بحر، في أحد يخرج الطافي من ميتة البحر؟ إذا ماتت في البحر ثم إذا لم تتناول الطافي كيف تتناول؟ لأن من لازم ما يموت أنه يطفو، فعلى هذا يدخل الطافي دخولاً أولياً في حديث الباب، وما أشكل عند الحنفية من حديث جابر فالصواب وقفه عليه.
قال الترمذي: "وفي الباب عن جابر" عند أحمد وابن ماجه "والفراسي" عند البيهقي، "قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح" رواه النسائي وأبو داود وابن ماجه، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وابن المنذر والبغوي، والإمام البخاري -رحمه الله- حكى عنه الترمذي في علله أنه صحح الحديث، صحح الحديث الإمام البخاري، قال: "وهو قول أكثر الفقهاء من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- منهم أبو بكر وعمر وابن عباس، لم يروا بأساً بماء البحر" وهو الصحيح الذي لا يسوغ غيره، الصحيح الذي لا يسوغ ولا يليق غيره "وقد كره بعض أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- الوضوء بماء البحر منهم ابن عمر وعبد الله بن عمرو، وقال عبد الله بن عمرو: "هو نار".
قال ابن العربي: أراد به أنه طبق لنار، جاء النهي عن ركوب البحر فإن تحت البحر ناراً، فعلى هذا كونه نار يعني طبق لنار، غطاء لنار، ليس بنار في نفسه، وابن قدامه في المغني يقول: قولهم: هو نار، إن أريد به أنه نار في الحال يعني الآن هو نار، إن أريد به أنه نار في الحال فهو خلاف الحس، ما في أحد يقول: إن البحر نار، إن أريد به أنه في الحال نار، وإن أريد به أنه يصير ناراً يعني فيما بعد يصير ناراً لم يمنع ذلك الوضوء به حال كونه ماءاً، فهو ماء فيصح أن يتوضأ به، ولا يعدل عنه إلى التيمم؛ لأن الله -جل وعلا- يقول: {فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء} [(43) سورة النساء] وهذا ماء، فيتطهر به ولا يعدل عنه، ولم يقم دليل على الكراهة، دليل صحيح على الكراهة لم يقم، وإنما هو من أقوال ابن عمر وعبد الله بن عمرو أنهم كرهوا أن يتعرض الإنسان للبحر؛ لأنه مظنة الخطر، وجاء النهي عن ركوب البحر إلا حاجاً أو معتمراً أو غازياً في سبيل الله، وعلى كل حال ركوب البحر عند هيجانه لا شك أنه من الإلقاء بالنفس إلى التهلكة، لكن إذا كانت الريح ساكنة، والأمور كما يقولون: طبيعية راكدة، فلا مانع من ركوبه، وقد ركبه الصحابة وأخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- أن من أصحابه من يغزو في البحر، وقد تم ذلك، نعم.
عفا الله عنك.
باب: ما جاء في التشديد في البول:
حدثنا هنّاد وقتيبة وأبو كريب قالوا: حدثنا وكيع عن الأعمش قال: سمعت مجاهداً يحدث عن طاووس عن ابن عباس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مر على قبرين فقال: «إنهما يعذبان، وما يعذبان في كبير، أما هذا فكان لا يستتر من بوله، وأما هذا فكان يمشي بالنميمة».
قال أبو عيسى: وفي الباب عن زيد بن ثابت وأبي بكرة وأبي هريرة وأبي موسى وعبد الرحمن بن حسنة. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
وروى منصور هذا الحديث عن مجاهد عن ابن عباس ولم يذكر فيه عن طاووس، ورواية الأعمش أصح. قال: وسمعت أبا بكر محمد بن أبان البلخي مستملي وكيع يقول: سمعت وكيعاً يقول: الأعمش أحفظ لإسناد إبراهيم من منصور.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في التشديد في البول" التشديد في البول، و(أل) هذه جنسية أو عهدية، وحديث الباب يدل على أن المراد بالبول بول الإنسان؛ لأنه يقول: «لا يستتر من بوله» فدل على أن المراد به بول الإنسان، وفي حكمه بول ما لا يؤكل لحمه فهو نجس، أما بول ما يؤكل لحمه فإنه طاهر ولا يدخل في هذا، والباب الذي يليه، الباب الذي يلي الذي يليه يعني بعد باب، باب: ما جاء في نضح بول الغلام، أيضاً داخل في البول إلا أنه مخفف، وباب: ما جاء في بول ما يؤكل لحمه، يأتي ما يدل على أنه طاهر -إن شاء الله تعالى-.
قال -رحمه الله-: "حدثنا هنّاد وقتيبة وأبو كريب قالوا: حدثنا وكيع" بن الجراح "عن الأعمش" سليمان بن مهران "قال: سمعت مجاهداً" بن جبر "يحدث عن طاووس" بن كيسان اليماني الحميري مولاهم ثقة، فقيه، متقن، فاضل "عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مر على قبرين" وعند ابن ماجه: "جديدين"، "فقال: «إنهما يعذبان»" ويعني صاحبي القبرين، ولا يعني القبرين، هل المراد القبران يعذبان أو صاحبا القبرين؟ صاحب، طيب «ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار» هل المراد به الذي ينزل من الإزار هو في النار أو صاحبه؟ صاحبه «كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار» هل المراد البدعة في النار أو صاحبها؟ صاحبها، وهنا صاحبا القبرين هما اللذان يعذبان.
«وما يعذبان في كبير» في بعض الروايات في الصحيح: «بلى، إنه كبير» وفي بعضها: «إنه لكبير» «وما يعذبان في كبير» يعني في نظرهما، أو يكبر عليهما ويشق اجتنابه بالنسبة لهما، يعني اجتناب هذا ليس بكبير ولا بصعب عليهما، فلا يشق عليهما ترك البول والاستبراء من البول ولا ترك النميمة، وفي أعين الناس وفي نظر الناس أن هذا سهل، يعني في أعينهما وأعين غيرهما أن هذا أمره يسير، وهو في حقيقة الأمر كبير، ولذلك عذب، بل قدم العذاب، عذابهما في القبر قبل القيامة، ويقول أهل العلم: إن أكثر عذاب القبر من هذين.
«وما يعذبان في كبير، أما هذا فكان لا يستتر من بوله» يعني لا يجعل بينه وبين بوله سترة، فلا يتحفظ منه ولا يحتاط لنفسه، ما يحتاط في الاستنجاء والاستجمار، قد يترك يستنجي استنجاء غير مجزئ، أو يستجمر استجمار غير كافي، أو يتساهل فيقول: إنه يستنجي عندما يجد الماء، والآن ليس عنده ماء، ثم بعد ذلك يتلوث بدنه وثوبه، هذا لا يستتر ولا يجعل بينه وبين بدنه سترة، وفي رواية: «لا يستبرئ» يعني لا يبرئ ذمته من مباشرة البول، وفي بعضها: «لا يستنزه» لا يطلب النزاهة والنظافة من هذا البول، وفي بعض الروايات لا سيما المستخرج «لا يتوقى» وكلها دلالاتها واضحة وواحدة، على أنه يتساهل ويتهاون في أمر البول، يتهاون في أمر البول.
أما هذا يشير إليه «فكان لا يستتر من بوله، وأما هذا فكان يمشي بالنميمة» وهي نقل كلام الغير بقصد الإضرار به، وقصد الإفساد، نقل كلام الغير، وهذا أمر خطير، وجاء أنه لا يدخل الجنة نمام وقتات، هذا أمره جد خطير، ويتساهل كثير من الناس في هذا الأمر، وتجد بعض الناس يسمع كلمة من عالم أو من فاضل أو من متدين أو من غير متدين ثم مباشرة ينقلها إلى غيره بقصد الإضرار، وبعض الناس يكتب في بعض -نسأل الله السلامة والعافية-، هذه عين النميمة التي جاءت في هذا الحديث وغيره، فالإضرار محرم، والنميمة من عظائم الأمور، ويعظم أمرها إذا زاد الأثر المترتب عليها، يعني كم من شخص ظلم بسبب كتابة مغرضة خاطئة، فهذا أمره عظيم، بعض الناس يسجن سنين من أجل كلام ليس بصحيح، فهذا من أعظم أنواع النميمة -نسأل الله السلامة والعافية-، والنبي -عليه الصلاة والسلام- كما في الحديث الصحيح قال: «لا تنقلوا لي شيئاً عن أصحابي» هذا الأصل أن الناس يعيشون مع بعضهم مع سلامة صدر، أما إذا تكلم بكلمة نقلها الثاني، نقلها الثالث وفسرها واحد على مراده، وثالث فسرها على غير مراده مشكلة، الناس يصير بعضهم أعداء لبعض وتنتشر البغضاء والفحشاء، التباغض والتناحر والتدابر كله بسبب هذا -نسأل الله السلامة والعافية-، فلا يجوز أن يحمل الكلام على غير ظاهره، ولا يحمل على محمل سيئ، وهو يوجد له محمل طيب.
على كل حال مثل هذا أمره خطير، وكثير مما ينقل إما سببه فهم خاطئ أو إغراض أو قصد الإضرار بالآخرين، وهذا كله لا يجوز، أما إذا وجد شخص يخشى منه الضرر المتعدي على أديان الناس، يبيت نشر بدعة مثلاً، هذا يبين أمره ويكتب عنه ويُوضَّح، ينصح إن أفاد وإلا يمنع بالطرق المناسبة، المبيت بدعة يضل بها الناس، أو يبيت شر خطر على الناس في أديانهم، في أبدانهم، في أموالهم، في أعراضهم، مثل هذا لا بد من هتكه، ولا بد من نقل صنيعه الباطل لا سيما إذا لم ينزجر، فالأمور تقدر بقدرها.
الظاهر من اللفظ وأن العذاب بسبب هذين أنهما مسلمان؛ لأنه مر بقبرين جديدين، وفي رواية: "بالبقيع" والبقيع مقبرة المسلمين، وجديدين يعني بعد النبوة، والظاهر أنهما مسلمان وإلا لما كان لقوله: «لا يستتر» والثاني يمشي بالنميمة معنى، يعذبان على الكفر أعظم من ذلك، وقيل: كانا كافرين، لما رواه جابر بسند فيه ابن لهيعة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مر على قبرين من بني النجار هلكا في الجاهلية، فسمعهما يعذبان في البول والنميمة وهو ضعيف؛ لأنه من رواية ابن لهيعة، وحديث الباب أقوى منه.
"قال أبو عيسى: وفي الباب عن أبي هريرة" عند ابن ماجه وأحمد والحاكم "وأبي موسى" عند الطبراني، "وعبد الرحمن بن حسنة" عند ابن ماجه وابن حبان "وزيد بن ثابت" وهذا لم يقف عليه الشارح "وأبي بكرة" عند ابن ماجه وأحمد والطبراني في الأوسط.
"قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح" وهو مخرج في الصحيحين وغيرهما، في الصحيحين وغيرهما أن النبي -عليه الصلاة والسلام- عمد إلى جريدة يعني عصى فشقها نصفين وغرز على كل قبر نصفاً وقال: «لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا» وهذا لا شك أنه من إطلاع الله -جل وعلا- نبيه على مثل هذا، ولا يتسنى لأحد أن يطلع على عذاب القبر ولو سمعه الناس لصعقوا، وعلى هذا ما يشاع من أشرطة وغيرها من أصوات المقبورين هذا ليس بصحيح ؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: «لولا أن تدافنوا» وفي رواية «لولا أن لا تدافنوا لأسمعتكم» فدل على أن الناس لا يسمعون، ويضرب بعد الامتحان بمرزبة من حديد يسمعها كل من يليه إلا الثقلين، ولو سمعها الإنسان لصعق، ما يتحمل الصوت، صوت العذاب، فعلى هذا فعله -عليه الصلاة والسلام- للجريدة خاص به، فهو الذي أُطلع، وهو الذي يعلم أنه يخفف عنه، هذه شفاعة لهذين القبرين، ومن يملك مثل هذه الشفاعة ممن لم يطلع على حال المقبول وليست إلا بعد إذن الله له -جل وعلا- بالشفاعة؟! إذا أذن له أن يشفع ورضي عن المشفوع له نعم، لكن من أين الإذن من شخص غير مؤيد بالوحي؟! غير النبي -عليه الصلاة والسلام-، فليس لأحد أن يصنع هذا.
الأمر الثاني: بعض الناس وهذا وجد على مر العصور من يصنع مثل هذا، حتى أنه زاد بهم الأمر أن تفرش القبور من الداخل بخوص أخضر، رطب ويقال: إنه يسبح، ويقال: إنه يخفف عنه العذاب ما لم ييبس، ما الذي يدريك؟ وما الذي خولك لمثل هذا؟ فعل خاص بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، مؤيد بالوحي، أطلع على العذاب، وأذن له بالشفاعة، وهو معصوم لا يصنع إلا ما أمر به أو وجه إليه، فكيف يفعله غيره؟! ثم استرسل الناس حتى فصاروا يضعون الورود الرطبة على القبور تقليداً للنصارى، واستحضاراً لهذا الحديث، ثم استمر العهد حتى صاروا يضعون الورود والزهور على القبور من البلاستيك، يعني ورود صناعية ليست رطبة حتى يقال: ما لم ييبسا، فصارت المسألة تقليداً محضاً للكفار، ومع ذلك لو استدل مستدل بأننا نضع شيئاً رطباً لعله نقول: لا، هذا خاص بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، ولم يفعله لا أبو بكر ولا عمر ولا أحد من الصحابة إلا ما أثر عن.. من؟ واحد من الصحابة فعله نسيته؟
طالب:........
لا.
طالب:........
نسيت والله اسمه.د
طالب:........
لا، المقصود أن مثل هذا ما فعله أبو بكر وعمر ولو كان خيراً لسبقونا إليه.
قال الإمام -رحمه الله تعالى-: "وروى منصور" يعني ابن المعتمر "هذا الحديث عن مجاهد عن ابن عباس، ولم يذكر فيه طاووس" سمعت قال هنا الأعمش يقول: سمعت مجاهداً يحث عن طاووس عن ابن عباس، ومنصور يقول: مجاهد عن ابن عباس بدون طاووس، أيهما أصح؟ يقول الترمذي: "وروى منصور -يعني ابن المعتمر- هذا الحديث عن مجاهد عن ابن عباس ولم يذكر فيه عن طاووس، ورواية الأعمش أصح" يعني بذكر طاووس، يعني أنه أسقط طاووس، منصور أسقط طاووس، ورواية الأعمش أصح من رواية منصور، يعني بذكر طاووس، يعني بيان وجه كونه أصح، كون رواية الأعمش أصح من رواية منصور بيان ذلك في قوله: "وسمعت أبا بكر محمد بن أبان البلخي -المعروف بحمدويه ثقة حافظ- مستملي وكيع" مستملي يعني الذي يبلغ كلامه إذا كثرت الجموع، يعني بدون مكبرات، والمجلس فيه عشرة آلاف ما يسمعون كلام الشيخ فيتخذ مستملي، الشيخ يبلغ إلى الصف العاشر مثلاً، وفي الصف العاشر المستملي يبلغ إلى العاشر من الخلف وهكذا إلى الآخر، وقد يكثر المستملون في المجالس الكبيرة؛ لأنه ما في مكبرات، فلا بد من المستملين، مستملي وكيع، ولا بد أن يكون المستملي ثقة؛ لأنه في حكم المترجم، إذا قال الشيخ كلام يمكن يحرفه والناس ما يسمعون، ثقة حاذقاً فاهماً، يفهم الكلام، يقول: "سمعت وكيعاً" محمد بن أبان أبان ويشع عليها في الضبط؟ مصروفة وإلا ممنوعة من الصرف؟
طالب:.......
عليها فتحة يعني إيش؟
طالب:.......
ممنوعة، والأكثر على أنه مصروف، حتى قالوا: من منع أبان فهو أتان، مع أن ابن مالك الإمام المشهور يمنعه من الصرف، وعلى كل حال إن كان من الإبانة والنون أصلية فهو مصروف، وإن كان من الإباء وهو الامتناع فهو ممنوع من الصرف، وعلى كل حال المسألة سهلة، ومثله حسان وشبهه إن كان من الحسن أو الحس يمنع أو لا يمنع.
يقول: "سمعت وكيعاً يقول: الأعمش أحفظ لإسناد إبراهيم من منصور" وعلى كل حال كلاهما إمام ثقة، والحديث في البخاري مروي على الوجهين، الحديث في الصحيح مروي على الوجهين، يعني بذكر طاووس وبحذف طاووس.
قال الحافظ: وإخراجه -يعني البخاري- له على الوجهين يقتضي صحتهما عنده، فيحمل على أن مجاهداً سمعه من طاووس عن ابن عباس، ثم سمعه من ابن عباس بلا واسطة أو العكس، فحينئذٍ يحدث به بالواسطة وحيناً يحدث به بلا واسطة، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
"نعم المشي أفضل ومع ذلك الركوب جائز وسائغ، لكن الراكب يمشي خلف الجنازة.
ثم هل الدفن يدخل في القيراط أم وضع الجنازة؟
جاء ما يدل على مجرد الجنازة إذا وضعت في القبر ترتب عليه الأثر، وجاء ما يدل على الفراغ منها، فإذا انتظر حتى يشارك في الدفن ويفرغ منها، ثبت له الأجر كاملاً -إن شاء الله تعالى-.
الإنسان إذا أوى إلى فراشه وأتى بأذكار النوم ذكر ما فعله من الطاعات واستغفر عن التقصير ولام نفسه على ذلك، وإن وجدت مخالفات أو ذنوب صغائر أو كبائر، بادر بالتوبة منها، فلا ينام إلا على مثل ذلك، وابن عمر -رضي الله عنه- لا ينام إلا بعد صلاة؛ لتكون خاتمة أعماله.
لا شك أن المعصية في السر أخف منها في العلن؛ لأن العلن يدل على الاستخفاف بأمر الله -جل وعلا-، أما السر فقد يكون هناك داعياً وهناك دافع قوي عنده ويستحي لذلك من الناس، فهذا معافى في الجملة، وهو أخف بكثير من المجاهر، أما الذي إذا خلى بمحارم الله انتهكها فهذا الذي يظهر للناس التقوى، ثم إذا خلى بمحارم الله انتهكها، فرق بين شخص تظهر عليه علامات الفسق لكنه لا يجاهر بفسقه، ولا يتهم بتقوى، ومن الناس من يتهم بأنه أزهد الناس لكنه إذا خلى انتهك المحارم، يعني يظهر للناس أنه تقي صالح، ثم إذا خلى بمحارم الله انتهكها هذا -نسأل الله العافية- أمره خطير، وهذا نظير من أبدى للناس أنه يصوم وهو في الحقيقة ليس بصائم، وجاء ذمه في الحديث: «فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه» إذا أظهر للناس أن الهجرة لطلب العلم لا للدنيا ولا للزواج، وهو في الحقيقة بحث عن زوجة فلم يجد، فقال: نهاجر إلى البلد الثاني، ولا نظهر للناس أننا هاجرنا من أجل الزوجة، وإنما من أجل العلم، فهذا يلام، ومثله -هذا مثال يكاد يكون مطابق لما نحن فيه- يعني لو وجد إنسان في كل يوم اثنين إذا بقي على الأذان نصف ساعة أذان المغرب خرج من بيته ومعه القهوة والشاي وفك السماط في المسجد وانتظر الأذان وهو ما صام، وكل من دخل قال له: تفضل افطر، وهو ما صام، ثم بعد ذلك لما أذن المغرب بدأ يأكل بسم الله، ويأكل من التمر والماء، يشرب من الماء والقهوة، هذا يظهر للناس أنه صائم، وإلا فأصل المسألة ما فيها إشكال، أكل مباح في مكان مباح، في المسجد ما في إشكال، لكن لو أكل الظهر ما يضر، ما يقال: إنه يظهر للناس أنه صائم، فإذا كان يظهر للناس أنه صائم وهو في الحقيقة ليس بصائم هذا الذي يذم، أما مجرد الأكل في مثل هذا المكان لا شيء فيه، فهذا الذي يظهر للناس التقوى بحيث يتفق الناس على الثناء عليه بأنه رجل صالح، ثم إذا خلى بمحارم الله انتهكها، هذا الذي يرد فيه الذم.
أبو هريرة حافظ الأمة فإذا تكلموا فيه ارتاحوا من جميع ما يرويه، وهذا ظاهر من صنيع المستشرقين وأبواق المستشرقين، يعني بدلاً من أن يطعن في حديث أو حديثين لأنه طعن في أبيض بن حمّال أو غيره من المقلين يطعن في أبي هريرة فيرتاح من خمسة آلاف وأربعمائة حديث، فيحتاج إلى أن يطعن في أكثر من ألف صحابي في مقابل أبي هريرة، ولا شك أن الطعن في مثل أبي هريرة من قبل المغرضين المفسدين المستشرقين وأذناب المستشرقين يريحهم من كثير من السنة، فإذا طعنوا فيه بدلاً من أن يطعنوا في ألف من الصحابة الذين رووا مقدار ما رواه أبو هريرة، لا شك أن هذا أيسر عليهم، ولذلك اتجهوا إليه ولم يتجهوا إلى المقلين.
ورد كثير من جهوده مع ما له من فضل في نشر السنة، لا شك أنه كغيره من العلماء ليس بمعصوم، فأرجو توجيه نصيحة لمثل هؤلاء بالإنصاف مع معرفة الفضل لأهله؟
هذا إذا كانوا يستطيعون أن يعرفوا منزلة الشيخ؛ لأن بعض الناس لا يستطيع أن يعرف منزلة الشيخ، ثم مع الأسف الشديد يقع في الشيخ، الشيخ –مثل ما ذكر الكاتب- ليس بمعصوم، ولوحظ عليه تساهل في شيء لا يعد شيئاً بالنسبة لجهوده -رحمه الله-، ومع ذلك هو إمام مُحدث، مجدد، ما عرفت السنة إلا به في هذا العصر، نعم يوجد من يعنى السنة لكن لا على مستوى الشيخ، الشيخ أخذ أكثر من ستين سنة متجرد لهذا العلم، والله المستعان، وهذا الذي يلمز الشيخ لعل حبه للسنة بسبب الشيخ.
يقول الحافظ العراقي -رحمه الله-:
والحسن المعروف بالعدالة
طرقاً أخرى نحوها من الطرق
إذ تابعوا محمد بن عمروِ
والصدق راويه إذا أتى له
صححته كـ(متن لولا أن أشق)
عليه فارتقى الصحيح يجري
عند كل وضوء هذا في الصحيح، وعند كل صلاة هذا هو الذي صحيح لغيره.
إذا كانت المدة قصيرة بحيث تذكروا في الوقت ولا يغلب على الظن أنه تغير، أو أصابه ما أصابه من دود ونحوه، فلا مانع من أن يخرج ويفعل هذا الواجب وإن كان طالت به المدة فيكتفى بما حصل.
ذكر الموفق في المغني عن الإمام أحمد روايتين: منها وهي المشهورة: منع الوضوء بفضل طهور المرأة إذا خلت به لطهارة كاملة عن حدث، والرواية الأخرى كقول الجمهور وهو عدم المنع، ولا إشكال في أن يكون للإمام أكثر من قول في المسألة فهو يحكم عليه بالاضطراب، ولذلك قال بقول الجمهور، وأحياناً يترجح لديه ثبوت النهي فيقول به.
أوتي من أفتى بذلك من قبل جواز النشرة، والنشرة فك السحر، فمن حمله على إطلاقه قال: النشرة عامة، للسحر، وللرقية، وللأدوية المباحة، المقصود أنه فك سحر، وهذا ليس بصحيح، بين ابن القيم -رحمه الله- بياناً شافياً في هذه المسألة، وأن من النشرة ما هو ممنوع، ومنها ما هو مباح، فما كان بمباح فهو مباح، وما كان بمحرم فهو محرم، وأي محرم أعظم من الشرك بالله تعالى؟! والسحر من الشرك.
أفضلها طبعة أولاد الشيخ مكتبة أولاد الشيخ في خمسة عشر جزءاً، وطبعة السلامة طبعة مكتبة طيبة الطبعة الثانية أمثل من الأولى يستفاد منها، وطبعة الشعب أيضاً في ثمانية أجزاء طبعة مصرية طيبة؛ لأنها طبعت عن أقدم الطبعات عن أقدم النسخ الخطية النسخة الأزهرية فهي مفيدة.
هذا الرجل لا شك أنه عنده مخالفات، ومظهره ليس من أهل العلم بلا ريب، ولكن استفاد منه بعض المنحرفين وبعض الفساق وبعض الفجار، طالب العلم لا يأخذ منه علم، المستقيم لا يستمع إليه، لكن من كان مبتلىً بانحرافات شديدة أو بعظائم من الأمور أو لا صلة له بالدين هذا إن استفاد منه طيب، كما نستفيد من رد الأشاعرة على المعتزلة نستفيد من هذا ونستفيد من رد المعتزلة على النصارى مثلاً، فيستفاد من الشخص في إفادة من هو أقل منه شأناً، لا يمنع لكن من هو أفضل منه ممن يريد العلم الشرعي، ممن يريد الاستقامة الحقة على منهج الكتاب والسنة هذا لا يستفيد من مثل هذا، هذا يعنى بأهل العلم والعمل الذين عرفوا بعلمهم وعملهم وإخلاصهم، ولا نقول في الرجل شيئاً أكثر مما نعرف عنه، ونبرأ إلى الله من ذلك، لكن مثل هذا إذا تاب على يده رجل لا يصلي، نقول: لا يسمع منه هذا الذي لا يصلي إلا يسمع منه مثلاً، أو تاب على يده مغنٍ فاجر ماجن مثل هذا ما يمنع من السماع لمثله؛ لأنه أفضل منه، يعني مثل ما نظَّرنا يستفاد من رد الأشاعرة على المعتزلة، هل يقال: ما نقبل رد الباقلاني على المعتزلة أو رده على النصارى لأنه أشعري؟ يمكن نقول هذا؟ ما نقول هذا؛ لأن كل شخص يدفع من وراءه لا مانع من هذا -إن شاء الله-.
لا شك أن هذا ذنب، ومحرمة، الاستمناء الذي يسمونه العادة السرية محرم؛ لأن الله -جل وعلا- يقول: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [(5 - 6) سورة المؤمنون] والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء» مثل هذا عليه بالصوم، وعليه قبل ذلك ألا يعرض نفسه للفتن، فلا يخرج إلى المحافل التي توجد فيها النساء، ولا ينظر إلى القنوات التي تظهر بها النساء، فإذا حمى نفسه من هذه الفتن وقاه الله -جل وعلا-، وإذا علم الله منه صدق التوبة والإنابة أعانه على ذلك.
هذا المسح على الخفين باعتباره مسح فحكمه حكم الرأس، باعتباره مسح حكمه حكم الرأس، وباعتباره بدل عن غسلٍ مكرر وهو غسل الرجلين تغسل مرتين تغسل ثلاث، والبدل عند أهل العلم له حكم المبدل، فمن مسح ثلاثاً باعتبار أن المبدل منه وهو الغسل ثلاثاً، والفرع له حكم الأصل، والبدل له حكم المبدل له وجه، ومن مسح مرة واحدة بناءً على أنه مسح، والمسح مبناه على التخفيف كمسح الرأس، وهذا كأنه أوجه.
المتوسطة لا يصلح لها، إنما يصلح للمتقدمة، ومع ذلك النظم كَل، يعني فيه صعوبة ليس بسلس، وذلكم لأنه ليس مطروقاً عندنا، هو طارئ على البلد، وألسنتنا لم تلكه ولا شيوخنا ولا غيرهم، فيبقى أنه نظم كَلٌّ صعب، فيتجه إلى غيره إما نظم الورقات أو نظم جمع الجوامع للسيوطي.
هذا يذكرنا بشخص يعني كثير أخطاؤه الإملائية، يقول: بكتاب حاط (بيكتاب) فالإملاء حقيقة في غاية الأهمية لطالب العلم، يقبح بطالب العلم أن يقدم كلام مكتوب بمثل هذا الإملاء والتعلم سهل يعني ليس بالصعب وكتب الإملاء موجودة، ومن أفضلها كتاب الإملاء للشيخ حسين والي، كتاب مؤلف منذ أكثر من مائة سنة، ومعه كتاب تمرين الإملاء له للشيخ نفسه، يعني هذا تطبيقات على ذلك الكتاب.
هذا هو عين الربا، ربا النسيئة، لا بد أن يكون يداً بيد.
ما دام له خمسة شهور قد نفخت فيه الروح فله الأحكام، يغسل إذا كانت أمه مسلمة وأبوه، إذا كانت أمه مسلمة فأحكامه أحكام المسلمين يغسل ويكفن ويصلى عليه.
أما إذا جاء الدعاء بلفظ الأمر: اللهم اغفر لي، ارحمني، اللهم اغفر لفلان، هذا لا يجوز ربطه بالمشيئة، إذا جاء بلفظ الأمر لا يجوز ربطه بالمشيئة، وجاء النهي عن ذلك، أما إذا جاء بلفظ الخبر وإن كان دعاء فلا مانع من أن يقال: غفر الله لك إن شاء الله، وجزاك الله خيراً إن شاء الله، لا مانع؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: «طهور إن شاء الله» وقال: «وثبت الأجر إن شاء الله» لما أفطر، فمثل هذا لا بأس به، إذا جاء بلفظ الخبر، لا بصيغة الأمر.
ذكرنا هذا مراراً وأنه لا بد أن يتلبس بالوصف المؤثر وهو السبب، ويفارق البلد، من الإسفار وهو الخروج والبروز عن البلد.
لا، أنا أعرف من شيوخنا الكبار من يطوي عشرات الصفحات؛ لأنها غير مفهومة، وقراءة الكتاب تحتاج إلى مقدمات، إلى نظر، وإلى خبرة، ودربة لأقوال المخالفين، مع إتقان لعلم الكلام قبل ذلك، مع أن هذا لا يصلح لكل الطلاب، إنما يصلح للواحد من الألف الذي يريد أن يتصدى للرد على المبتدعة والمخالفين، وأما الكتاب فهو في غاية الصعوبة، يعني فيه صفحات أحياناً تصل إلى مائة صفحة يسترسل فيها شيخ الإسلام -رحمه الله- ومع ذلك من شيوخنا المتخصصين في العقيدة من يتركها؛ لأنه كلامه لا يفهم بدون المقدمات التي ذكرتها، وطالب العلم يسمع مدح ابن القيم لهذا الكتاب فيعمد إليه ثم يُصدم، يسمع ابن القيم يقول:
اقرأ كتاب العقل والنقل الذي
ما في الوجود له نظير ثانِ
ثم يعمد إلى هذا الكتاب فيقرأه فيترك القراءة كلها، أو يسمع مدح ابن كثير -رحمه الله- لعلل الدارقطني فيقرأ في علل الدارقطني ولا يستفيد شيئاً.
هذه الطبعة هي أقدم الطبعات لكن فيها أخطاء مطبعية كثيرة.
لا، لا يجمع ولا يقصر ولا يترخص حتى يتحقق الوصف المؤثر الذي رتب عليه الرخص وهو السفر.
هذا استدراج، نعم النظم أثبت، النظم أثبت من النثر، وأما بالنسبة للمنظومات فهي موجودة في المجاميع العلمية التي تضم المتون.
حديث ثابت لكنه محمول عند أهل العلم على من يخشى عليه أن يسقط إذا انتعل واقفاً، فهذا عليه أن ينتعل وهو جالس؛ لئلا يتضرر.
الطالب بنفسه المبتدئ لا يستطيع التمييز، إنما يميز له الشيوخ، وهم الذين يرتبون له الكتب والطبقات، طبقات الكتب تبعاً لطبقات المتعلمين، فهو يسأل عن هذا الكتاب هل يناسبه أو لا يناسبه؟ علماً بأن تأثير الشارح للكتاب أعظم من تأثير الكتاب في الطالب، فقد يتولى شيخ من الشيوخ شرح أصعب الكتب فيجعله سهلاً يستفيد منه المبتدئ والمنتهي على حد سواء، وقد يشرح شيخ أسهل الكتب المؤلفة للمبتدئين فيجعلها لا تناسب إلا المتقدمين.
فالكتاب له دور، وأيضاً الشارح له أثر في المسألة، يعني بعض الناس لو يشرح ثلاثة الأصول قلنا: لا يحضره إلا القضاة والدعاة ما ينفع للطلاب أبداً، وبعض الناس مستعد يشرح أصعب كتاب ويجعله سهلاً ميسراً لآحاد المتعلمين، وعلى كل حال على طالب العلم لا سيما وأنه لم يجد من يشرح ما يريده من الكتب من أول الكتاب؛ لأن بعض المشايخ بعضهم تقدم في نصف الكتاب، وبعضهم تجاوز الكتاب الذي يراد شرحه، وبعضهم قد لا يتيسر له في بلده شرح هذا الكتاب، على كل حال طالب العلم عليه أن يعنى بالكتب التي أُلفت لمثله، وهذه مبينة وموضحة ويستفيد منها ومما كتب عليها من شروح، ومما سجل عليها من أشرطة ويستفيد -إن شاء الله تعالى-.
على كل حال كلاهما نافع، هذا نظم للنخبة، وهذا نظم للشيخ حافظ -رحمه الله- وهو نظم جيد، كلاهما نافع.
لو تبرع الوالد بالإعتاق عن ولده مما لا منة له فيه جاز، على أن يملكه المال ثم هو يعتق بنفسه، أما إذا وجدت المنة فلا.
هو حديث فيه كلام لأهل العلم، وبعضهم يحسنه، وعلى كل حال كل شيء يصد عن ذكر الله فلا خير فيه.
يعني مثل الألقاب التي تلقب لحامل بعض الشهادات العلمية الآن، لا شك أنها وافدة، وليست من عرف المسلمين، ولا من عاداتهم فالتشبه فيها حاصل، لكنها عمت بها البلوى وإنكارها هو الأصل، لكن يبقى أن مثل هذا الإنكار لا يجدي، أما البيان بمثل كتاب وشبهه يحصل به -إن شاء الله- الإنكار، والكتاب ممتاز يعني.
أما بالنسبة للإتقان فلا؛ لأنه كتاب طويل على المبتدئ، وأما المقدمة -مقدمة أصول التفسير- للسيوطي المأخوذة من النُقاية فهي صالحة للمبتدئ وعليها شروح يستفيد منها.
إيش منهجه؟ منهج أهل العلم المتبعين المقتدين أهل السنة والجماعة الذين لهم عناية بالنصوص.
القبضة معروف أنها قبضة اليد، كان ابن عمر إذا حل من نسكه أخذ ما زاد على القبضة، متأولاً في ذلك {مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [(27) سورة الفتح] يعني إذا حلَّق رأسه بالموس فماذا يبقى للتقصير؟ لأنه يرى أن الواو واو جمع، لا بد أن يجمع بين التحليق والتقصير، فإذا حلق رأسه بالموس فماذا يبقى للتقصير على فهمه هو -رضي الله عنه وأرضاه-؟ ما يبقى إلا اللحية، فيقصر من لحيتها ما زاد على القبضة، وهذا فهم لم يوافق عليه، ولم يوفق فيه لمخالفته النصوص الصحيحة الصريحة المرفوعة للنبي -عليه الصلاة والسلام-، وإذا ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- فلا يعارض بقول أحد، وإذا جاء كما قال الإمام مالك: نهر الله بطل نهر معقل، فلا عبرة بقول أحد ما دام الأمر ثابتاً عنه -عليه الصلاة والسلام-.
وأنا قد صليت المغرب، وأنا أريد أن أصلي العشاء فوجدت جماعة يصلون فدخلت معهم فأدركت الركعة الأخيرة من صلاتهم المغرب فماذا أفعل؟ هل أقضي الركعة بنية القصر لصلاة العشاء أو أقضي ثلاث ركعات بنية أن الإمام متم؟
هذا الذي يظهر، الذي يظهر لي أنك تصلي أربع ركعات.
نعم، إذا قال: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وزاد مما جاءت به السنة كـ(مرحباً) نعم، من أهل العلم من يقول: إن مرحباً تكفي في رد السلام، ولذا لما سلمت أم هانئ على النبي -عليه الصلاة والسلام- وفاطمة -رضي الله عنها وأرضاها- على النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: «مرحباً بأم هانئ» ولم يحفظ أنه قال: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وكذلك قال: «مرحباً بابنتي» ومن أهل العلم من يقول: إن مثل هذا لا يكفي، لا بد من رد السلام، وإذا زيد مرحباً فهو من الرد الأحسن -إن شاء الله تعالى-.
حكم مخاطبة الخاطب للمخطوبة هذا لا يصح ولا يجوز إلا بحضرة الولي، ولي الأمر، وكم من مصائب وكوارث حصلت بسبب التساهل في ذلك، يعني يتساهل الخاطب مع المخطوبة ويسترسلون في الكلام، ثم بعد ذلك يحصل ما يحصل ولا يتم في الغالب الزواج بهذه الطريقة.
قدر الرؤية التي يتحقق من رؤية ما يدعوه إلى الإقدام عليها أو الإعراض عنها.
نعم، المنظومة الميمية في الوصايا والآداب العلمية، الوصية بكتاب الله، الوصية بالسنة، الوصية بالعلم، هذه لا بد من حفظها، طالب العلم يستفيد منها فائدة كبيرة.
هذه طبعة طيبة في اثني عشر جزءاً، وأحسن منها وأجود طبعة الشيخ عبد القادر الأرنؤوط، وطبعات التركي لكتب الفقه وشروح الموطأ طبعات طيبة، لكن تحتاج إلى مزيد من التخريج والتعليق وإلا هي أفضل من سوابقها.
هناك أذكار متعلقة بالصلاة، أما أذكار الصلاة المتعلقة بها فلا تصلى الراتبة قبلها، إذا فرغ من أذكار الصلاة يصلي الراتبة، وأما الأذكار، أذكار الصباح فيؤخرها بعد أن يأتي بالراتبة، وإن أخر الراتبة إلى ارتفاع الشمس فهو أفضل، لكن لو قضاها بعد الصلاة؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- أقر من قضاها بعد الصلاة.
أما دراسة بعض من يحسن مثل هذا الأمر فهو متعين، البعض متعين عليه أن يدرس الأسانيد، وهذا من فروض الكفايات؛ لأن تعلم العلم عمومه فرض كفاية، وهذا من أهم العلوم، أما كون جميع طلاب العلم يلزمون بهذا فلا، يعني إذا كان طالب العلم وقته لا يسعفه بدراسة الرجال وتحرير الأقوال في كل راوٍ من وجهة نظره هو من غير تقليد ولا يتيسر له أن يدرس أسانيد كل حديث على حدة، ويخرج برأي يستقل به عن غيره، إذا كان وقته لا يسعفه بذلك، أو كان لا يميل إلى ذلك بطبعه ويرى أن الأحاديث الصحية التي صححها الأئمة ويقلدهم في هذا ويكتفي بالتفقه والاستنباط والدراية هذا له ذلك، وهو على خير -إن شاء الله تعالى-، أما القول بأنه لا حاجة لها، لا، لا ما هو بصحيح، هذا ليس بصحيح.
على كل حال إذا كان القصد من ذلك التيسير على المعزين لا غير، فهذا مما لا يتم المستحب إلا به.
هذا اقتراح طيب ويعرض -إن شاء الله-.
الغالب لا، لكن الأوراد والأذكار أسباب، والأسباب قد تترتب عليها آثارها وقد تتخلف هذه الآثار لوجود موانع، فعلى الإنسان أن يحافظ على بذل الأسباب وانتفاء الموانع، يعني ما يأتي بالأذكار ويملأ بيته من الصور والمعازف والمزامير التي تجمع الشياطين، يأتي بأسباب ويأتي بموانع، لا، أنت إذا فعلت الأسباب وبذلت الأسباب فعليك بانتفاء الموانع، ولا يعني هذا أن هذا مضمون مائة بالمائة، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- أفضل الناس وأتقى الناس وأورع الناس وأكثرهم ملازمة لذكر الله ومع ذلك سُحر.
يظهر أن طبعة أبي الأشبال طيبة، الباكستاني طبعته طيبة، وطبعة محمد عوّامة أيضاً جيدة.
المقصود أن مثل هذه المسألة لا يشدد فيها، لا سيما إذا كانت الحاجة داعية لمثل هذا التوزيع، يعني الذي يظهر من حال الموزع أنه يقصد بذلك الأجر لا لذات المكان، ولا من أجل المقبور، وليس من مال أهل الميت، فإذا قصد بذلك أن المقبرة..، هل يوزعون بالليل؟ هل يتم التوزيع بالليل مع عدم الحاجة إلى ذلك؟ إنما يوزع في وقت الظهر والعصر عند شدة الحاجة إلى ذلك، وأي شيء أفضل من بذل الماء؟ على أن لا يقصد بذلك أن هذا المكان له خصوصية أو أن الميت أو بحضرة الأموات، لا يدعى من ذلك شيء، ولا يكون من مال أهل الميت، وحينئذٍ يكون حكم التوزيع في المقبرة كحكمه في غيرها، الحاجة إليه داعية، والأجر -إن شاء الله- ثابت، ونعرف أن من أهل العلم من أفتى بتحريم ذلك سداً للذريعة، لكن إذا كانت الحاجة قائمة، يعني العطش شديد في ظهر أو في عصر ماذا يقال عن مثل هذه الحالة؟ هل يظن بهذا أنه وزع من أجل المقبرة؟ يعني لو وجد إنسان عطشان في أي مكان من الأماكن يشرع أن يدفع له ماء يرد عطشه.
المقصود مثل ما ذكرنا، إذا كان الميت له أقارب كثر ممن يعزى به، ممن أصيب به، وقصدهم بذلك التيسير على المعزين على ألا يتكلفوا للناس شيئاً، فإذا اجتمع الاجتماع مع الطعام صار نياحة، أما إذا كان اجتماع فقط من أجل التيسير على الناس فهذا يرجى أنه لا بأس به.
المقصود أن هذه الأشرطة فيها ما أشار إليه المقترح جزاه الله خير.
يقول: هل إذا لم يستطع عموم المسلمين الغزو في سبيل الله لما يظهر من واقعهم يأمنون من عاقبة قوله تعالى في سورة التوبة: {إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئًا} [(39) سورة التوبة]؟ وما النصيحة الواجبة على العلماء لعامة المسلمين في هذا؟ والسلام عليكم.
أظن مثل هذا لا يحتاج إلى تعليق.
هو من علامات الغفلة، هو من علامات الغفلة عن الأذكار الواقية الثابتة في صحيح السنة.
جاء ذكر اليوم والليلة، وجاء ذكر ثلاث ليال، وجاء منع السفر مطلقاً، فهذه على ما يقول أهل العلم وقائع، وحوادث، أعيان، لا يستدل بها، وإنما يستدل بالمطلق منها، لا سيما وأنها تعددت هذه الوقائع فدل على أن الممنوع السفر بغير محرم، السفر -سفر المرأة- بغير محرم، طال السفر أو قصر، ما دام يسمى سفراً طالت مدته أو قصرت، ما دام يسمى سفراً، فلا يجوز للمرأة أن تسافر بدون محرم مطلقاً.
نعم عليهم إثم، هذه هي النياحة كما في حديث جابر، لكن إذا أكرم وصنع لهم الطعام صنع لهم الطعام من قبل غيرهم، فقد جاء الأمر بذلك: «اصنعوا لآل جعفر طعاماً فإنهم قد جاءهم ما يشغلهم» فإذا أكل الناس من هذا الطعام لا شيء فيه؛ لأنه غير مقصود من أهل الميت.
القرآن يسره الله -جل وعلا- {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ} [(22) سورة القمر] القرآن ميسر، ومع ذلك يحتاج إلى متابعة، وهو أشد تفلتاً من الإبل في عقلها، أشد تفلتاً فعلى من يحفظ أن يكثر المراجعة، ولا يكلف نفسه أكثر مما يطيق يختبر حافظته إن كان يستطيع أن يحفظ وجه صفحة أو وجهين ورقة يختبر نفسه أو لا يستطيع يحفظ خمس آيات نصف وجه، ثلاث آيات، آيتين، آية إذا كان لا يستطيع ويش المانع؟ وإذا حفظ آية في كل يوم في عشرين سنة ينهي القرآن، أحسن من لا شيء، ولو حفظ ورقة في أقل من سنة ينهي القرآن، على كل حال يختبر الإنسان نفسه فإذا استقر أمره على قدر معين، آية، آيتين، ثلاث، خمس، صفحة صفحتين، على قدر استطاعته، يجعل هذا حزب ورد يومي يكرره حتى يحفظه، ثم بعد ذلك يقرأ الحزب الذي يليه، ثم من الغد يراجع ما حفظه بالأمس خمس مرات، ويحفظ الورد الذي يليه الخمس الآيات الثانية، ثم بعد ذلك في اليوم الثالث يقرأ نصيب اليوم الأول الذي حفظه في اليوم الأول أربع مرات، ونصيب اليوم الثاني خمس مرات، ثم في اليوم الرابع يقرأ ثلاث مرات، أربع مرات، خمس مرات، ويحفظ نصيب اليوم الجديد، في اليوم الخامس يقرأ مرتين، ثلاث، أربع، خمس.. إلى آخره، بهذه الطريقة يحفظ ويتقن الحفظ، وعليه أن يثابر ويتابع، والله يهدي إلى سواء السبيل.
لا، الحمد خاص بالله -جل وعلا-، وأما المدح فله أن يمدح.
المال الصالح عند الرجل الصالح إنما يسخره فيما ينفع في أمر الدين والدنيا فهذا يمدح، وأما المال عند الرجل الفاسق الذي يسخره فيما لا ينفعه أو يتخبط في أموال الله فقد جاء الوعيد على ذلك.
المني عند أهل العلم طاهر، والمذي نجس، لكن ما يلزم من خروج هذا خروج هذا، اللهم إلا إذا كان الإنسان مصاب بالمذي، رجل مذاء فإنه يغسل ثوبه ولا يكفيه الحت ولا القرص ولا الحك والفرك.
هو الأخ ذكر الكتب التي أنا أشرحها البخاري والموطأ والزاد.
يقول: هل يليق بطالب العلم المبتدئ أو المتوسط أن يقدم على شرح كتب العلم المتينة كالبخاري والموطأ والزاد ويقيم لها الدورات المعلنة ويتم تسجيلها وتوزيعها -هذا الله يستر- وكأن الشارح لها من كبار المحدثين ألا ترى أن في هذا فتنة له وعبثاً بالعلم؟
نعم لو كان درس خاص، نعم إذا كان طالب مبتدئ أو متوسط، ومع الأسف أننا نقول هذا الكلام ونحن في هذا الحكم، طالب مبتدئ ومتوسط لا يغر الناس ولا يغتر بقولهم، فعليه أن يكمل، يكمل الطلب ويتابع التحصيل، فإذا تأهل يجلس للتعليم، إذا تأهل يجلس للتعليم، وقد يحتاج إليه في وقت أو في ظرف ما في البلد أمثل منه، فيحتاج إلى أن يعلم غيره، نعم لو كان درس خاص على مجموعة من طلابه الخاصين من غير إعلانات لكان الأمر أخف، ومكثنا مدة طويلة لا نرضى بالإعلان ولا بالتسجيل -والله المستعان- ثم بعد ذلك استدرجنا حتى حصل ما حصل.