التعليق على تفسير القرطبي - سورة الإسراء (04)

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، قال الإمام القرطبي -رحمه الله-:

"الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما} خَصَّ حَالَةَ الْكِبَرِ؛ لِأَنَّهَا الْحَالَةُ الَّتِي يَحْتَاجَانِ فِيهَا إِلَى بِرِّهِ لِتَغَيُّرِ الْحَالِ عَلَيْهِمَا بِالضَّعْفِ وَالْكِبَرِ، فَأُلْزِمَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مِنْ مُرَاعَاةِ أَحْوَالِهِمَا أَكْثَرَ مِمَّا أُلْزِمَهُ مِنْ قَبْلُ. لِأَنَّهُمَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ قَدْ صَارَا كَلًّا عَلَيْهِ، فَيَحْتَاجَانِ أَنْ يَلِيَ مِنْهُمَا فِي الْكِبَرِ مَا كَانَ يَحْتَاجُ فِي صِغَرِهِ أَنْ يَلِيَا مِنْهُ، فَلِذَلِكَ خَصَّ هَذِهِ الْحَالَةَ بِالذِّكْرِ وَأَيْضًا فَطُولُ الْمُكْثِ لِلْمَرْءِ يُوجِبُ الِاسْتِثْقَالَ لِلْمَرْءِ عَادَةً وَيَحْصُلُ الْمَلَلُ وَيَكْثُرُ الضَّجَرُ فَيَظْهَرُ غَضَبُهُ عَلَى أَبَوَيْهِ وَتَنْتَفِخُ لَهُمَا أَوْدَاجُهُ، وَيَسْتَطِيلُ عَلَيْهِمَا بِدَالَّةِ الْبُنُوَّةِ وَقِلَّةِ الدِّيَانَةِ، وَأَقَلُّ الْمَكْرُوهِ مَا يُظْهِرُهُ بِتَنَفُّسِهِ الْمُتَرَدِّدِ مِنَ الضَّجَرِ. وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يُقَابِلَهُمَا بِالْقَوْلِ الْمَوْصُوفِ بِالْكَرَامَةِ، وَهُوَ السَّالِمُ عَنْ كُلِّ عَيْبٍ فَقَالَ: {فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما وَقُلْ لَهُما قَوْلًا كَرِيمًا}".

لأن ظرف الوالدين في هذه الحالة يستدعي مثل هذا الضجر والملل، لكن على من يرجو ما عند الله، أن يتحمل؛ لأنهما كما تحملاه في حال الصغر يتحملهما في حال الكبر، وكما كانا السبب في وجوده لهذه الحياة يتحملهما.

"رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «رَغِمَ أَنْفُهُ رَغِمَ أَنْفُهُ رَغِمَ أَنْفُهُ" قِيلَ: مَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ:" مَنْ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ عِنْدَ الْكِبَرِ أَحَدَهُمَا أَوْ كِلَيْهِمَا ثُمَّ لَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ».

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الْوَالِدَيْنِ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ. رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ عِنْدَ الْكِبَرِ أَوْ أَحَدَهُمَا فَلَمْ يُدْخِلَاهُ الْجَنَّةَ. وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ»".

في الدرس الماضي ذكرت مثالين في البر؛ أحدهما: شخص من كبار أهل العلم وضرير البصر، يقوم بخدمة والدته على أكمل وجه وأتمه، والثاني: طالب في المرحلة المتوسطة، في الصف الأول أو الثاني يتخلف يوميًّا عن الدرس الأول، ولا يخبر عن سبب تخلفه، ويتحمل جميع ما يترتب على ذلك، دون أن يخبر، ثم انبرى له أحد المدرسين، وتتبع أخباره، فإذا هو بار بوالده، لا يخرج من البيت حتى يتنهي من جميع شؤونه، فإذا أنهى جميع ما يطلبه الوالد المقعد الذي لا يخدم نفسه خرج الولد المقعد إلى المدرسة.

 والآن يوجد من طلاب العلم مع الأسف الشديد ممن يترددون على الدروس ممن يستثقل طاعة الوالدين، تجد الواحد منهم- وهذا ملاحظ مع السف إذا طرق الباب أحد زملائه لأي مشوار يريد حاضر، وإذا طلبته الوالدة أو الوالد تلكأ.

 وذكرنا قصة ذكرها الخطيب وغيره، أن شخصًا حج على قدميه من بغداد ثلاث مرات، وفي المرة الثالثة بعد قدومه دخل البيت فإذا أمه نائمة فنام ولم يوقظها، فانتبهت فقالت يا فلان: أعطني ماءً ثلاث مرات وكأنه لا يسمع، يحج من بغداد ثلاث مرات على قدمه، والأم تطلب منه الماء عدة أمتار فيتردد ويتلكأ، قام بعد الثالثة فأحضر لها الماء، فلما أصبح ذهب ليسأل عن واقعه، فسأل شخصًا ليس من أهل الفقه، فقه الظاهر، وإنما هو من أرباب القلوب، والأعمال الباطنة فقال له: أعد حجة الإسلام، الفقيه ما يقول له" أعد الحج؛ لأنها حجة تامة بشروطها وأركانها وواجبتها، ما يقال له: أعد الحج؛ لأن الجهة منكفة عند أهل العلم، فقال له: أعد حجة الإسلام.

 لا يتصور أن يحج حجًّا مخلصًا فيه، وأمه تأمره أن يحضر لها الماء من بضعة أمتار ويتردد وهو يحج من بغداد إلى مكة على قدميه.

 المقصود أن على الإنسان يحرص ويهتم، نرى كثيرًا من الشباب المستقيم المحافظ على القرآن وعلى طلب العلم، ومصاحة الأخيار، ومع ذلك يجد ثقلًا في طاعة والديه، ويجد خفة لمرافقة زملائه وإخوانه، وهذا حاصل وملاحظ، ومع ذلك تجد كثيرًا من الناس يتندر بهذا، ويقول: ما نفعنا إلا أولادنا من غير أهل الاستقامة، وقد يوجد من يفتح الله له في هذا الباب، وهذا ابتلاء، ابتلاء.

 وعلى طالب العلم أن يبدأ بالأهم فالأهم، وطاعة الأم وطاعة الأب أولى من طلب العلم، والله المستعان.

طالب:.............

ما دام راضيًا فما عليه شيء.

طالب:.......

لا ما يلزم، إذا أذن له في السفر فلا بأس، لكن يبقى الفرق بين كونه يسافر لمصلحته وقد يؤذن، لا شك أن الوالد قد يتنازل عن كثير من مصالحه؛ من أجل إرضاء ولده، لكن مع الأسف أن كثيرًا من الأبناء لا يقدرون هذا التنازل.

طالب:..........

كل شئ بحساب، ويبقى أنهما إذا منعاه فعليه البقاء.

طالب: .................

على كل حال إذا منعاه فعليه البقاء، وهناك طالب درس المستوى الأول في كليته الشرعية، وكان ترتيبه الأول فقال له أبوه: اترك هذه الكلية، واذهب إلى الهندسة، طالب ميوله شرعية، ما له حاجة بالهندسة، فاستفتى الشيخ عبد الرزاق -رحمه الله-، فقال له: أطع أباك، فدخل الهندسة، وأنهى الهندسة،  ودخل الكلية الشرعية، وتخرج فيها وكان ترتيبه الأول، والآن يدرس في مدرسة شرعية.

طالب:........

مع حصوله على الهندسة، حتى العلم الشرعي يقدم عليه البر.

"حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي أويس حدثنا أَخِي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ مُحَمَّدِ بى هِلَالٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ السَّالِمِيِّ عَنْ أَبِيهِ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: إِنَّ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَحْضِرُوا الْمِنْبَرَ»، فَلَمَّا خَرَجَ رَقِيَ إِلَى الْمِنْبَرِ، فَرَقِيَ فِي أَوَّلِ دَرَجَةٍ مِنْهُ قَالَ: «آمِينَ»، ثُمَّ رَقِيَ فِي الثَّانِيَةِ فَقَالَ: «آمِينَ »، ثُمَّ لَمَّا رَقِيَ فِي الثَّالِثَةِ قَالَ: «آمِينَ »، فَلَمَّا فَرَغَ وَنَزَلَ مِنَ الْمِنْبَرِ قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ سَمِعْنَا مِنْكَ الْيَوْمَ شَيْئًا مَا كُنَّا نَسْمَعُهُ مِنْكَ؟ قَالَ:" وَسَمِعْتُمُوهُ"؟ قُلْنَا: نَعَمْ. قَالَ: «إِنَّ جِبْرِيلَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- اعْتَرَضَ قَالَ: بَعُدَ مَنْ أَدْرَكَ رَمَضَانَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ، فَقُلْتُ: آمِينَ، فَلَمَّا رَقَيْتُ فِي الثَّانِيَةِ قَالَ: بَعُدَ مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ، فَقُلْتُ: آمِينَ، فَلَمَّا رَقِيَتُ فِي الثَّالِثَةِ قَالَ: بَعُدَ مَنْ أَدْرَكَ عِنْدَهُ أَبَوَاهُ الْكِبَرَ أَوْ أَحَدُهُمَا فَلَمْ يُدْخِلَاهُ الْجَنَّةَ، قُلْتُ: آمِينَ».

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ وَرْدَانَ سَمِعْتُ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: ارْتَقَى رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْمِنْبَرِ دَرَجَةً فَقَالَ: «آمِينَ» ثُمَّ ارْتَقَى دَرَجَةً فَقَالَ: «آمِينَ»، ثُمَّ ارْتَقَى الدَّرَجَةَ الثَّالِثَةَ فَقَالَ «آمِينَ»، ثُمَّ اسْتَوَى وَجَلَسَ فَقَالَ أَصْحَابُهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلَامَ أَمَّنْتَ؟ قَالَ: «أَتَانِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ: رَغِمَ أَنْفُ مَنْ ذكرت عنده فلم يصل عليك، فقلت: آمين وَرَغِمَ أَنْفُ مَنْ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا فَلَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ، فَقُلْتُ: آمِينَ» الْحَدِيثَ. فَالسَّعِيدُ الَّذِي يُبَادِرُ اغْتِنَامَ فُرْصَةِ بِرِّهِمَا لِئَلَّا تَفُوتُهُ بِمَوْتِهِمَا فَيَنْدَمَ عَلَى ذَلِكَ. وَالشَّقِيُّ مَنْ عَقَّهُمَا، لَا سِيَّمَا مَنْ بَلَغَهُ الْأَمْرُ بِبِرِّهِمَا".

طالب:.........

أحضروا المنبر.

طالب:..........

هو منبر من خشب.

طالب: .................

إذا أراد أن يخطب وضع في هذا الموضع.

طالب:.......

كتب كثيرة من أجمعها وفاء الوفاء للسمهودي.

طالب: .................

مطبوع في أربع أجزاء.

"الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ} أَيْ لَا تَقُلْ لَهُمَا مَا يَكُونُ فِيهِ أَدْنَى تَبَرُّمٍ. وَعَنْ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ قَالَ: الْأُفُّ الْكَلَامُ الْقَذِعُ الرَّدِيءُ الْخَفِيُّ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مَعْنَاهُ إِذَا رَأَيْتَ مِنْهُمَا فِي حَالِ الشَّيْخِ الْغَائِطَ وَالْبَوْلَ الَّذِي رَأَيَاهُ مِنْكَ فِي الصِّغَرِ فَلَا تَقْذَرْهُمَا وَتَقُولَ أُفٍّ. وَالْآيَةُ أَعَمُّ مِنْ هَذَا. وَالْأُفُّ وَالتُّفُّ وَسَخُ الْأَظْفَارِ. وَيُقَالُ لِكُلِّ مَا يُضْجِرُ وَيُسْتَثْقَلُ: أُفٍّ لَهُ. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: والتف أيضا الشيء الحقير. وقرئ: " أُفٍّ" منونا مَخْفُوضٌ، كَمَا تُخْفَضُ الْأَصْوَاتُ وَتُنَوَّنُ، تَقُولُ: صَهٍ وَمَهٍ. وَفِيهِ عَشْرُ لُغَاتٍ: أَفَّ، وَأَفُّ، وَأَفِّ، وأفا وَأُفٌّ، وَأُفَّهْ، وَإِفْ لَكَ (بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ)، وَأُفْ (بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَتَسْكِينِ الْفَاءِ)، وَأُفًا (مُخَفَّفَةَ الْفَاءِ). وَفِي الْحَدِيثِ:" فَأَلْقَى طَرَفَ ثَوْبِهِ عَلَى أَنْفِهِ ثُمَّ قَالَ أُفٍّ أُفٍّ". قَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَعْنَاهُ اسْتِقْذَارٌ لِمَا شَمَّ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى أف الاحتقار والاستقلال".

 طالب: .................

نعم والاستقلال.

"وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى أف الاحتقار والاستقلال، أخذ من الاف وَهُوَ الْقَلِيلُ".

طالب:......

يعني أقل ما يقال، أقل ما يسمع، فكيف بمن يضرب والديه أو يسب والديه، أو يتسبب في سب والديه؟ القصص كثيرة في القديم والحديث، والعصر الحديث الآن يشهد عقوقًا ليس له مثيل، يصل إلى القتل، والضرب. يعني الإيداع في دور العجزة والإيواء كثير.

طالب: .................

 إيصال الحجة قصدك.

طالب: .................

الله المستعان، ثابت بن قيس ربط نفسه، وقال: لا يحله إلا رسول الله-صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه خرج من دينه؛ لأمه رفع صوته على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، هذا من يحاسب نفسه، ويحصل ما هو أشد.

طالب:........

مسألة كونه يصل إلى حد غضب بحيث يصل إلى درجة يكون من الغضب المعفو هذا شيء، وكونه يثوب ويتوب ويرجع ويسترضي، ويكفر عما حصل شيء، فهذه ذنوب لها كفارات، يمكن تكفيرها.

طالب: .................

إذا رضي خلاص.

"وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى أف الاحتقار والاستقلال، أخذ من الاف وَهُوَ الْقَلِيلُ.

وَقَالَ الْقُتَبِيُّ: أَصْلُهُ نَفْخُكَ الشَّيْءَ يَسْقُطُ عَلَيْكَ مِنْ رَمَادٍ وَتُرَابٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وللمكان تريد إماطة شيء لِتَقْعُدَ فِيهِ، فَقِيلَتْ هَذِهِ الْكَلِمَةُ لِكُلِّ مُسْتَثْقَلٍ. وَقَالَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ: الْأُفُّ وَسَخٌ بَيْنَ الْأَظْفَارِ، وَالتُّفُّ قُلَامَتُهَا. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَى أُفٍّ النَّتْنُ. وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: الْأُفُّ وَسَخُ الْأُذُنِ، وَالتُّفُّ وَسَخُ الْأَظْفَارِ، فَكَثُرَ اسْتِعْمَالُهُ حَتَّى ذُكِرَ فِي كُلِّ مَا يُتَأَذَّى بِهِ. وَرُوِيَ مِنْ حديث على بن أبى طالب -رضي اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَوْ عَلِمَ اللَّهُ مِنَ الْعُقُوقِ شَيْئًا أَرْدَأَ مِنْ" أُفٍّ" لَذَكَرَهُ، فَلْيَعْمَلِ الْبَارُّ مَا شَاءَ أَنْ يَعْمَلَ فَلَنْ يَدْخُلَ النَّارَ. وَلْيَعْمَلِ الْعَاقُّ مَا شَاءَ أَنْ يَعْمَلَ فَلَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ».

 قَالَ عُلَمَاؤُنَا: وَإِنَّمَا صَارَتْ قولة: " أف" للأبوين أردأ شيء؛ لِأَنَّهُ رَفَضَهُمَا رَفْضَ كُفْرِ النِّعْمَةِ، وَجَحَدَ التَّرْبِيَةَ ورد الوصية التي أوصاه في التنزيل. و" أف" كلمة مقولة لكل شيء مَرْفُوضٍ، وَلِذَلِكَ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِقَوْمِهِ: {أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} أَيْ رَفْضٌ لَكُمْ وَلِهَذِهِ الْأَصْنَامِ مَعَكُمْ".

طالب:.....

نعم، ما يثبت.

"الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلا تَنْهَرْهُما} النَّهْرُ: الزَّجْرُ وَالْغِلْظَةُ. {وَقُلْ لَهُما قَوْلًا كَرِيمًا} أَيْ لَيِّنًا لَطِيفًا، مِثْلَ: يَا أَبَتَاهُ وَيَا أُمَّاهُ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسَمِّيَهُمَا ويُكَنِّيَهُمَا".

أو يُكَنِّيَهُمَا.

طالب: .................

ماذا؟

طالب: .................

 

"مِثْلَ: يَا أَبَتَاهُ وَيَا أُمَّاهُ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسَمِّيَهُمَا أو يُكَنِّيَهُمَا، قَالهُ عَطَاءٌ. وَقَالَ ابن الْبَدَّاحِ التُّجِيبِيُّ".

وَقَالَ أبو الْبَدَّاحِ التُّجِيبِيُّ.

"وَقَالَ أبو الْبَدَّاحِ التُّجِيبِيُّ: قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ: كُلُّ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ بِرِّ الْوَالِدَيْنِ قَدْ عَرَفْتُهُ إِلَّا قَوْلَهُ: {وَقُلْ لَهُما قَوْلًا كَرِيمًا} مَا هَذَا الْقَوْلُ الْكَرِيمُ؟ قَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ: قَوْلُ العبد المذنب السيد الْفَظِّ الْغَلِيظِ".

طالب: .................

نعم، في التفسير أبو البداح التجيبي، وتحتاج إلى تحقيق.

طالب: .................

نعم، يقول يا أبا فلان وهو أبوه أو عمه أو خاله، شخص له عليه حق، لا يسميه ولا يكنيه. نعم.

طالب: .................

يكني أباه يا أبا فلان. ما يصلح. إبراهيم عليه السلام وهو يكلم أباه وهو كافر يقول: يا أبتي يا أبتي، لأنه كلمة أبتي فيها اعتراف بالبنوة، من الولد، وهكذا.

"الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} هَذِهِ اسْتِعَارَةٌ فِي الشَّفَقَةِ وَالرَّحْمَةِ بِهِمَا وَالتَّذَلُّلُ لَهُمَا تَذَلُّلُ الرَّعِيَّةِ لِلْأَمِيرِ وَالْعَبِيدِ لِلسَّادَةِ، كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ سعيد ابن الْمُسَيَّبِ. وَضَرَبَ خَفْضَ الْجَنَاحِ وَنَصْبَهُ مَثَلًا لِجَنَاحِ الطَّائِرِ حِينَ يَنْتَصِبُ بِجَنَاحِهِ لِوَلَدِهِ. وَالذُّلُّ: هُوَ اللِّينُ. وَقِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ بِضَمِّ الذَّالِ، مَنْ ذَلَّ يَذِلُّ ذُلًّا وَذِلَّةً وَمَذَلَّةً، فَهُوَ ذَالٌّ وَذَلِيلٌ.

وَقَرَأَ سَعِيدُ ابْنُ جُبَيْرٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ:" الذِّلُّ" بِكَسْرِ الذَّالِ، وَرُوِيَتْ عَنْ عَاصِمٍ، مِنْ قَوْلِهِمْ: دَابَّةٌ ذَلُولٌ بَيِّنَةُ الذُّلِّ. وَالذِّلُّ فِي الدَّوَابِّ الْمُنْقَادُ السَّهْلُ دُونَ الصَّعْبِ. فَيَنْبَغِي بِحُكْمِ هَذِهِ الْآيَةِ أَنْ يَجْعَلُ الْإِنْسَانُ نَفْسَهُ مَعَ أَبَوَيْهِ فِي خَيْرِ ذِلَّةٍ، فِي أَقْوَالِهِ وَسَكَنَاتِهِ وَنَظَرِهِ، وَلَا يُحِدُّ إِلَيْهِمَا بَصَرَهُ فَإِنَّ تِلْكَ هِيَ نَظْرَةُ الْغَاضِبِ.

الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ: الْخِطَابُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُرَادُ بِهِ أُمَّتُهُ، إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَبَوَانِ. وَلَمْ يُذْكَرِ الذُّلُّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}، وَذَكَرَهُ هنا بحسب عظم الحق وتأكيده".

ليس حق الأتباع مثل حق الوالدين بل ولا حق المتبوع، فضلًا عن الأتباع ليس من الحق مثل ما للوالدين، نعم النبي -صلى الله عليه وسلم- حقه عظيم، وهنا الخطاب له -صلى الله عليه وسلم-، واخفض جناحك للأتباع، نعم لِن لهم وارفق بهم، واخفض جناحك لهم، لكن لا يكون مع الذل، كما هو للأبوين.

طالب: أليس حق النبي أعظم من حق الوالدين.

هو أعظم، ما فيه شك، لكن هنا العكس، اخفض لهما جناحك.

طالب:...............

المتبوع عمومًا.

طالب: لكن حق النبي أعظم.

بلا شك، بلا شك، نعم. لأن عليه أن يحب النبي -صلى الله عليه وسلم- أكثر من والده وولده والناس أجمعين، بل من نفسه.

طالب: .................

نعم.

طالب: .................

دليل مخصص.

"و"مِنَ" فِي قَوْلِهِ:" مِنَ الرَّحْمَةِ" لِبَيَانِ الْجِنْسِ، أَيْ إِنَّ هَذَا الْخَفْضَ يَكُونُ مِنَ الرَّحْمَةِ الْمُسْتَكِنَّةِ فِي النَّفْسِ، لَا بِأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ اسْتِعْمَالًا. وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ لِانْتِهَاءِ الْغَايَةِ، ثُمَّ أَمَرَ تَعَالَى عِبَادَهُ بِالتَّرَحُّمِ عَلَى آبَائِهِمْ وَالدُّعَاءِ لَهُمْ، وأن ترحهما كَمَا رَحِمَاكَ، وَتَرْفُقَ بِهِمَا كَمَا رَفَقَا بِكَ، إِذْ وَلِيَاكَ صَغِيرًا جَاهِلًا مُحْتَاجًا فَآثَرَاكَ عَلَى أَنْفُسِهِمَا، وَأَسْهَرَا لَيْلَهُمَا، وَجَاعَا وَأَشْبَعَاكَ، وَتَعَرَّيَا وَكَسَوَاكَ، فَلَا تَجْزِيهِمَا إِلَّا أَنْ يَبْلُغَا مِنَ الْكِبَرِ الحد الذي كنت فيه من الصغر، فتلي مِنْهُمَا مَا وَلِيَا مِنْكَ، وَيَكُونُ لَهُمَا حِينَئِذٍ فَضْلُ التَّقَدُّمِ. قَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَا يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدًا إِلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ ». وَسَيَأْتِي فِي سُورَةِ مَرْيَمَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ".

مخرج؟

طالب:..........

نعم.

"السَّادِسَةَ عَشْرَةَ: قَوْلُهُ تَعَالَى (كَما رَبَّيانِي) خَصَّ التَّرْبِيَةَ بِالذِّكْرِ لِيَتَذَكَّرَ العبد شفقة الأبوين وتبعهما فِي التَّرْبِيَةِ، فَيَزِيدُهُ ذَلِكَ إِشْفَاقًا لَهُمَا وَحَنَانًا عَلَيْهِمَا".

الأصل في حق الوالد والوالدة وما جاء فيه من النصوص وتكريمه إلا أن هذه الحقوق تتفاوت، بقدر ما أسدياه للولد؛ لأن أصل الحق إنما اكتسبه الوالد والوالدة؛ بسبب ما قدماه لولدهم، كونهما سبب الوجود، ثم التربية، وبذل جميع ما يستطاع من كل ممكن من أجل التنشئة، والتربية، ويكون لهما من الحق بقدر ما بذلاه، ولذا جاء الدعاء معللًا، {وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرًا}، والذي الوالدان الذان يهملان يحق الولد؟ نعم لهما حق البر الأصل، لكن له مثل هذا الحق في التربية؟

ولذا تجدون بعض الناس قد يستثقل الدعاء لأبيه مثلاً، لأنه صار بينه وبين أمه مشاكل، وفارقها، وضيع الولد، لكن لا شك أن الآباء يتفاوتون، لكن القاسم المشترك البر؛ لأنهما سبب الوجود، ويبقى أن لكل واحد مزيد الفضل والدعاء، بقدر ما قدمه لأولاده من تربية وتنشئة صالحة على الكتاب والسنة، ثم إنه إذا قدم يستحق ذلك مكافأة ومجازاة، أيضًا هو يستحق ذلك من جهة الولد؛ لأن الولد غير الذي ربي على الكتاب والسنة لو أمر بالدعاء ما هو بداعٍ أصلاً، شخص مهمل لنفسه، فكيف يتفطن لغيره؟

 فمسألة التربية والتنشئة الصالحة في غاية الأهمية في هذا الباب، ويبقى أن الأصل البر، ولو حصل من الأب ما حصل، فعبى الإنسان أن يؤدي ما عليه، ويسأل الله تعالى الذي له، فيدعو لهما، وإن لم يحسنا إليه في الظاهرـ هذا إذا كانا في دائرة الإسلام، أما إذا كانا عندهما ما يخرجهما من دائرة الإسلام ولو زعم الأب أنه مسلم، فلو مات وهو لا يصلي، أو مات على شعبة من النفاق أو غير مسلم فلا يدعى له. وهذا موجود.

طالب:............

نقول: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. لو قال له: اشتر الخبز فتجب الطاعة.

طالب: والدخان؟

 لا، ما يجوز، المحرم لا يجوز.

طالب: .................

المرجح ما يدين الله به.

"وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْأَبَوَيْنِ الْمُؤْمِنَيْنِ. وَقَدْ نَهَى الْقُرْآنُ عَنْ الِاسْتِغْفَارِ لِلْمُشْرِكِينَ الْأَمْوَاتِ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى، كَمَا تَقَدَّمَ. وَذُكِرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةَ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ: {مَا كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ- إِلَى قَوْلِهِ- أَصْحابُ الْجَحِيمِ} فَإِذَا كان والدا المسلم ذميين استعمل مَعَهُمَا مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ هَاهُنَا، إِلَّا التَّرَحُّمَ لَهُمَا بَعْدَ مَوْتِهِمَا عَلَى الْكُفْرِ؛ لِأَنَّ هَذَا وَحْدَهُ نُسِخَ بِالْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ.

وَقِيلَ: لَيْسَ هَذَا مَوْضِعُ نَسْخٍ، فَهُوَ دُعَاءٌ بِالرَّحْمَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ لِلْأَبَوَيْنِ الْمُشْرِكَيْنِ مَا دَامَا حَيَّيْنِ، كَمَا تَقَدَّمَ. أَوْ يَكُونُ عُمُومُ هَذِهِ الْآيَةِ خُصَّ بِتِلْكَ، لَا رَحْمَةِ الْآخِرَةِ، لَا سِيَّمَا وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ قَوْلَهُ: {وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما} نَزَلَتْ فِي سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، فَإِنَّهُ أَسْلَمَ، فَأَلْقَتْ أُمُّهُ نَفْسَهَا فِي الرَّمْضَاءِ مُتَجَرِّدَةً، فَذُكِرَ ذَلِكَ لسعد فقال: لِتَمُتْ، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ. وَقِيلَ: الْآيَةُ خَاصَّةً فِي الدُّعَاءِ لِلْأَبَوَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ. وَالصَّوَابُ أَنَّ ذَلِكَ عُمُومٌ كَمَا ذَكَرْنَا".

أم سعد أضربت عن الطعام وهذا هو الأصل في الإضراب فعل أم سعد، أضربت حتى يرتد، فصار يفتح الفم بالعصا؛ ليؤكلها الطعام، وأخيرًا لما أيس من ذلك فقال: لو كان لها سبعة أرواح تخرج الواحدة تلو الأخرى ما ارتد عن دينه، وما رجع، الدين ما عليه مساومة لا من قريب ولا من بعيد، لا من كبير ولا صغير، الدين رأس المال.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: « مَنْ أَمْسَى مُرْضِيًا لِوَالِدَيْهِ وَأَصْبَحَ أَمْسَى وَأَصْبَحَ وَلَهُ بَابَانِ مَفْتُوحَانِ مِنَ الْجَنَّةِ وَإِنْ وَاحِدًا فَوَاحِدًا. وَمَنْ أَمْسَى وَأَصْبَحَ مُسْخِطًا لِوَالِدَيْهِ أَمْسَى وَأَصْبَحَ وَلَهُ بَابَانِ مَفْتُوحَانِ إِلَى النَّارِ وَإِنْ وَاحِدًا فَوَاحِدًا" فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنْ ظَلَمَاهُ؟ قَالَ:" وَإِنْ ظَلَمَاهُ وَإِنْ ظَلَمَاهُ وَإِنْ ظَلَمَاهُ»".

هذا أعظم، وإن ظلماه، وإن ظلماه، وقدما غيره عليه، وبخساه بعض حقوقه، وجارا عليه هذا أعظم لأجله.

"وَقَدْ رُوِينَا بِالْإِسْنَادِ الْمُتَّصِلِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ- قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَ أَبِي أَخَذَ مَالِي. فَقَالَ النَّبِيُّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِلرَّجُلِ: « فَأْتِنِي بِأَبِيكَ »، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- يُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَيَقُولُ لك: إذا جاءك الشيخ فاسأله عن شيء قَالَهُ فِي نَفْسِهِ، مَا سَمِعَتْهُ أُذُنَاهُ"، فَلَمَّا جَاءَ الشَّيْخُ، قَالَ لَهُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَا بَالُ ابْنِكَ يَشْكُوكَ أَتُرِيدُ أَنْ تَأْخُذَ مَالَهُ؟ » فَقَالَ: سَلْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ أُنْفِقُهُ إِلَّا عَلَى إِحْدَى عَمَّاتِهِ أَوْ خَالَاتِهِ أَوْ عَلَى نَفْسِي! فَقَالَ لَهُ وسول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِيهِ، دَعْنَا من هذا أخبرني عن شيء قُلْتَهُ فِي نَفْسِكَ مَا سَمِعَتْهُ أُذُنَاكَ؟» فَقَالَ الشَّيْخُ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا زَالَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- يَزِيدُنَا بِكَ يَقِينًا، لَقَدْ قُلْتُ فِي نَفْسِي شَيْئًا مَا سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ، قال: «قل وأنا أسمع»، قال قلت:

غَذَوْتُكَ  مَوْلُودًا وَمُنْتُكَ  يَافِعًا ... تَعِلُّ بِمَا أَجْنِي عَلَيْكَ وَتَنْهــــــــَلُ

إِذَا لَيْلَةٌ ضَافَتْكَ  بِالسُّقْمِ لَمْ أَبِتْ ... لِسُقْمِكَ إِلَّا سَاهِرًا أَتَمَلْمـــــــَـلُ

كَأَنِّي أَنَا الْمَطْرُوقُ دُونَكَ بِالَّذِي ... طُرِقْتَ بِهِ دُونِي فَعَيْنِي تَهْمُلُ

تَخَافُ الرَّدَى نَفْسِي عَلَيْكَ وَإِنَّهَا ... لَتَعْلَمُ أَنَّ الْمَوْتَ وَقْتٌ مُؤَجَّـلُ

فَلَمَّا بَلَغْتَ السِّنَّ وَالْغَايَةَ الَّتِي ... إِلَيْهَا مَدَى مَا كُنْتُ فِيكَ أُؤَمِّلُ

جَعَلْتَ جَزَائِي غِلْظَةً وَفَظَاظَةً ... كَأَنَّكَ أَنْتَ الْمُنْعِمُ الْمُتَفَضِّـــــــــــلُ

فَلَيْتَكَ إِذْ لَمْ تَرْعَ حَقَّ أبوتى ... فعلت كما الجار المصاقب يفعل

فأوليتني حَقَّ الْجِوَارِ وَلَمْ تَكُنْ ... عَلَيَّ بِمَالٍ دُونَ مَالِكَ تَبْخَــــلُ

قَالَ: فَحِينَئِذٍ أَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَلَابِيبِ ابْنِهِ وَقَالَ: «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ». قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: اللَّخْمِيُّ لَا يَرْوِي- يَعْنِي هَذَا الْحَدِيثَ- عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ بِهَذَا التَّمَامِ وَالشِّعْرَ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَتَفَرَّدَ بِهِ عبيد الله بن خلصة. والله أعلم".

الأبيات هذه مختلف في نسبتها، ماذا يقول عندك؟

طالب:......

هي لأمية بن الصلت.

طالب:............

حتى...

طالب: .................

أنت ومالك لأبيك أقوى، نعم.

"قوله تعالى: {رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صالِحِينَ فَإِنَّهُ كانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا (25)}.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما فِي نُفُوسِكُمْ} أَيْ مِنَ اعْتِقَادِ الرَّحْمَةِ بِهِمَا وَالْحُنُوِّ عَلَيْهِمَا، أَوْ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْعُقُوقِ، أَوْ مِنْ جَعْلِ ظَاهِرِ بِرِّهِمَا رِيَاءً. وَقَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ: يُرِيدُ الْبَادِرَةَ الَّتِي تَبْدُرُ، كَالْفَلْتَةِ وَالزَّلَّةِ، تَكُونُ مِنَ الرَّجُلِ إِلَى أَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدِهِمَا، لَا يُرِيدُ بذلك بأسًا، قال الله تعالى: (إِنْ تَكُونُوا صالِحِينَ) أَيْ صَادِقِينَ فِي نِيَّةِ البر بالوالدين فإن الله يغفر البادرة. وقوله: (فَإِنَّهُ كانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا) وَعَدَ بِالْغُفْرَانِ مَعَ شرط الصلاح والأوبة إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: هُوَ الْعَبْدُ يَتُوبُ ثُمَّ يُذْنِبُ ثُمَّ يَتُوبُ ثُمَّ يُذْنِبُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: الْأَوَّابُ: الْحَفِيظُ الَّذِي إِذَا ذَكَرَ خَطَايَاهُ اسْتَغْفَرَ مِنْهَا. وَقَالَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ: هُمُ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ ذُنُوبَهُمْ فِي الْخَلَاءِ ثُمَّ يَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ-. وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ مُتَقَارِبَةٌ. وَقَالَ عَوْنٌ الْعُقَيْلِيُّ: الْأَوَّابُونَ هُمُ الَّذِينَ يصلون صلاة الضحى. وَفِي الصَّحِيحِ: «صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ حِينَ تَرْمَضُ الْفِصَالُ»".

يعني يشتد حر الشمس في صلاة الضحى.

" وحقيقة اللفظ أنه من آب يؤوب إذا رجع.

قوله تعالى: {وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ وَكانَ الشَّيْطانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا (27)}.

فِيهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ الْأُولَى:

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ} أَيْ كَمَا رَاعَيْتَ حَقَّ الْوَالِدَيْنِ فَصِلِ الرَّحِمَ، ثُمَّ تَصَدَّقْ عَلَى الْمِسْكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ. وقال علي بن الْحُسَيْنِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ}: هُمْ قَرَابَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَمَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِعْطَائِهِمْ حُقُوقَهُمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، أَيْ مِنْ سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى مِنَ الْغَزْوِ وَالْغَنِيمَةِ، وَيَكُونُ خِطَابًا لِلْوُلَاةِ أَوْ مَنْ قَامَ مَقَامَهُمْ".

بأن لا يهملون ذوي قرباه -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنهم محرومون من الصدقة، والزكاة، فإذا حرموا من حقوقهم من المغانم، فإنهم يتعرضون للحاجة التي لا حل لها، إذا منعوا من الصدقة، ومنعوا من نصيبهم من بيت المال فحينئذ يتضررون بهذا، غيرهم إذا منع من نصيبه من بيت المال يتكفف الناس، لكن ذوي قربى النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يجوز لهم ذلك. فإذا منعوا من الزكاة فلا يمنعون من ذلك.

"وَالْحَقُّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَا يَتَعَيَّنُ مِنْ صِلَةِ الرَّحِمِ، وَسَدِّ الْخَلَّةِ، وَالْمُوَاسَاةِ عِنْدَ الْحَاجَةِ بِالْمَالِ، وَالْمَعُونَةِ بِكُلِّ وَجْهٍ.

الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلا تُبَذِّرْ) أَيْ لَا تُسْرِفُ فِي الْإِنْفَاقِ فِي غَيْرِ حَقٍّ. قَالَ الشَّافِعِيُّ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: وَالتَّبْذِيرُ إِنْفَاقُ الْمَالِ فِي غَيْرِ حَقِّهِ، وَلَا تَبْذِيرَ فِي عَمَلِ الْخَيْرِ. وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ".

ولا تبذير في عمل الخير، يعني لا خير في التبذير ولا خير في الإسراف، ولا تبذير ولا إسراف في الخير؛ لأن الإنسان لو ينفق جميع ما يملك في الخير فهل يسمى مبذرًا؟

لا، لا يسمى مبذرًا، لكن الإسراف ممنوع، إن الله لا يحب المسرفين، ولا تبذر تبذيرًا.

 المقصود أن مثل هذا التبذير محرم إلا في وجوه الخير، على نزاع بكونه يسمى تبذيرًا أو إسرافًا؛ لمجاوزته الحد، وأعمال الخير ما حد لها حد، جاء الحث عليها من غير تحديد، نعم كون الإنسان يجعل نفسه ومن تحته يتكففون الناس، هذا ممنوع، لكن يبقى ما عدا ذلك لا حد له في أعمال الخير.

طالب:........

هو يختلف باختلاف الشخص، واختلاف الأحوال واختلاف الظروف، واختلاف الأزمان، ويختلف من بلد إلى بلد، فالمسألة عرفية، انظر إلى أوساط الناس في هذا البلد.

"وَقَالَ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ: التَّبْذِيرُ هُوَ أَخْذُ الْمَالِ مِنْ حَقِّهِ وَوَضْعِهِ فِي غَيْرِ حَقِّهِ، وَهُوَ الْإِسْرَافُ، وَهُوَ حَرَامٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ} وقوله: " إِخْوانَ" يَعْنِي أَنَّهُمْ فِي حُكْمِهِمْ، إِذِ الْمُبَذِّرُ سَاعٍ فِي إِفْسَادٍ كَالشَّيَاطِينِ، أَوْ أَنَّهُمْ يَفْعَلُونَ مَا تُسَوِّلُ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ، أَوْ أَنَّهُمْ يُقْرَنُونَ بِهِمْ غَدًا فِي النَّارِ، ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ. وَالْإِخْوَانُ هُنَا جَمْعُ أَخٍ مِنْ غَيْرِ النَّسَبِ، وَمِنْهُ قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}. وقوله تعالى: {وَكانَ الشَّيْطانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} أي احذروا متابعته وَالتَّشَبُّهَ بِهِ فِي الْفَسَادِ. وَالشَّيْطَانُ اسْمُ الْجِنْسِ. وَقَرَأَ الضَّحَّاكُ: " إِخْوَانَ الشَّيْطَانِ" عَلَى الِانْفِرَادِ، وَكَذَلِكَ ثَبَتَ فِي مُصْحَفِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-.

الثَّالِثَةُ: مَنْ أَنْفَقَ مَالَهُ فِي الشهوات زائدة عَلَى قَدْرِ الْحَاجَاتِ وَعَرَّضَهُ بِذَلِكَ لِلنَّفَادِ فَهُوَ مُبَذِّرٌ. وَمَنْ أَنْفَقَ رِبْحَ مَالِهِ فِي شَهَوَاتِهِ وَحَفِظَ الْأَصْلَ أَوِ الرَّقَبَةَ فَلَيْسَ بِمُبَذِّرٍ. وَمَنْ أَنْفَقَ دِرْهَمًا فِي حَرَامٍ فَهُوَ مُبَذِّرٌ، وَيُحْجَرُ عَلَيْهِ فِي نَفَقَتِهِ الدِّرْهَمَ فِي الْحَرَامِ، وَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ إِنْ بَذَلَهُ فِي الشَّهَوَاتِ إِلَّا إذا خيف عليه النفاد".

يوجد في الأمة أناس يتخبطون في أموال الله، يكتسبونها من غير وجوهها الشرعية، وينفقونها في غير وجوهها الشرعية، نسأل الله العافية.

"قوله تعالى: {وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا (28)}.

فِيهِ ثَلَاثُ مسائل: الأولى: وهو أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى خَصَّ نَبِيَّهُ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِقَوْلِهِ: {وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها}. وَهُوَ تَأْدِيبٌ عَجِيبٌ وَقَوْلٌ لَطِيفٌ بَدِيعٌ، أَيْ لَا تُعْرِضُ عَنْهُمْ إِعْرَاضَ مُسْتَهِينٍ عَنْ ظَهْرِ الْغِنَى وَالْقُدْرَةِ فَتَحْرِمَهُمْ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ أَنْ تُعْرِضَ عَنْهُمْ عِنْدَ عَجْزٍ يَعْرِضُ وَعَائِقٍ يَعُوقُ، وَأَنْتَ عِنْدُ ذَلِكَ تَرْجُو مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَتْحَ بَابِ الْخَيْرِ؛ لِتَتَوَصَّلَ بِهِ إِلَى مُوَاسَاةِ السَّائِلِ، فَإِنْ قَعَدَ بِكَ الْحَالُ " فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا".

يعني رد ردًّا جميلًا، ردًّا لطيفًا، لا ترد بعنف، إن لم يتيسر أن تعطيه شيئًا من مالك، ولم يكن معك شيء فليكن ردك جميلًا لطيفًا.

"الثَّانِيَةُ: فِي سَبَبِ نُزُولِهَا، قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: نَزَلَتِ الْآيَةُ فِي قَوْمٍ كَانُوا يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيَأْبَى أَنْ يُعْطِيَهُمْ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَعْلَمُ مِنْهُمْ نَفَقَةَ الْمَالِ فِي فساد، فَكَانَ يَعْرِضُ عَنْهُمْ؛ رَغْبَةً فِي الْأَجْرِ فِي مَنْعِهِمْ؛ لِئَلَّا يُعِينَهُمْ عَلَى فَسَادِهِمْ. وَقَالَ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها}".

نعم قد يطلب الوالد المال، وقد يطلب الجار المال، ويغلب على ظنك أنه ينفق هذا المال في معصية الله -عز وجل-، مثل هذا تعرض عنهم، وأنت بإعراضك ترجو رحمة ربك بالإعراض، يأتي الفقير ويقول: هذه فاتورة الكهرباء لا أريد إلا فاتورة الكهرباء، تقول له: يا أخي اتق الله ولا تستعمل هذه النعمة فيما يغضب الله -عز وجل-، أنت عندك دشوش وقنوات وأشياء، لا أعينك عليها، ولا فاتورة الكهرباء، لكن لو جاءك بوصفة علاج لطفل عنده مريض، تقول: لا أعينه على معصية؟ مثل هذا لا يرد، فرق أن يؤخذ المال فيستعان به على معصية الله، وبين أن يُستعان به على طاعة الله -عز وجل-.

يعني لو جاء بوصفة علاج فرق بينها وبين فاتورة يستعملها في معصية الله.

الآن كثير ممن يمتهنون المسألة يتفننون، يأتي لك بالفاتورة ويقطع الكهرباء، إشعار بقطع التيار، وأنت تعلم من حاله أن يستعمله في معصية الله، أعرض عنه ابتغاء رحمة ربك.

طالب: ..............

نعم.

طالب: ..............

هذا إذا غلب على ظنك، ما كل الناس متهمون بمثل هذا، يوجد من طلاب العلم لكن في غير هذه البلاد من يرابط عند المكتبات التي تبيع الكتب، إذا دخل شخص قال له: والله يا أخي أنا محتاج تفسير ابن كثير، يشير لتفسير ابن كثير أو صحيح البخاري أو غيره، وهذا موجود، وهذا في مكة ظاهر، تشتري له التفسير أو صحيح البخاري، ثم إذا خرجت باعه على صاحب المكتبة، هذا تحايل، ولذا من حصل له مثل هذا فصاحب المكتبة عنده ختم وقف، فإذا غلب على ظنك صدقه فاختم عليه أنه وقف لله تعالى لا يجوز بيعه، حتى لا يتحايل بهذه الطريقة لكسب المادة. نعم قد يكون محتاجًا، والناس من كثرة ما يسألون صاروا ما يفرقون بين المحتاج وغيره، وهذه الطريقة وسيلة من وسائل الكسب، قال والله أحتاج التفسير أحتاج كذا، ثم يبيعه على صاحب المكتبة، وهذا موجود، هذه حيلة، فإن غلب على ظنك صدقه فاختم عليه أنه وقف لله تعالى لا يجوز بيعه، مع أنه يوجد مع الأسف الشديد من يبيع الأوقاف، فهذا هو {وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها}، ترجو رحمة ربك بالإعراض عنه، ورد مسألته، ومع ذلك لا تصرفه بقول غليظ بل أعرض عنه بقول ميسور.  

"قَالَ: لَيْسَ هَذَا فِي ذِكْرِ الْوَالِدَيْنِ، جَاءَ نَاسٌ مِنْ مُزَيْنَةَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَحْمِلُونَهُ، فَقَالَ: « لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ» فَتَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها}. والرحمة الفيء.

الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا} أَمَرَهُ بِالدُّعَاءِ لَهُمْ، أَيْ يَسِّرْ فَقْرَهُمْ عَلَيْهِمْ بِدُعَائِكَ لَهُمْ. وَقِيلَ: ادْعُ لَهُمْ دُعَاءً يَتَضَمَّنُ الْفَتْحَ لَهُمْ وَالْإِصْلَاحَ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى" وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ" أَيْ إِنْ أَعْرَضْتَ يَا مُحَمَّدُ عَنْ إِعْطَائِهِمْ لِضِيقِ يَدٍ فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا، أَيْ أَحْسِنِ الْقَوْلَ وَابْسُطِ الْعُذْرَ، وَادْعُ لَهُمْ بِسَعَةِ الرِّزْقِ، وَقُلْ إِذَا وَجَدْتُ فَعَلْتُ وَأَكْرَمْتُ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَعْمَلُ فِي مَسَرَّةِ نَفْسِهِ عَمَلَ الْمُوَاسَاةِ. وَكَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إِذَا سُئِلَ وَلَيْسَ عِنْدَهُ مَا يُعْطِي سَكَتَ انْتِظَارًا لِرِزْقٍ يَأْتِي مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" كَرَاهَةَ الرَّدِّ".

لكن المسلم في جميع أحواله مطلوب أن يقول قولاً كريمًا وقولًا ميسورًا، وبعض الناس مع شدة الإلحاح، وتكرير الكلام والضغط يجعل الإنسان يتصرف تصرفًا غير مناسب، تصرفًا غير ما وجه إليه من القول الميسور، تقول: ما معي شيء، يقول: ابحث هات كذا، فيثور الإنسان، فالإنسان عليه أن يضبط أعصابه ويتقيد بما أمر به، لكن بعض الناس يجعل الشخص يخرج عن شعوره، وهذا ليس بمبرر للإنسان، فمهما فعل به عليه أن يتصف بالحلم، لكن مع ذلك أيضًا السائل المتسبب في مثل هذا الكلام السيئ أحيانًا، يعني بعض الناس لأدنى كلمة يثور، فيرد ردًّا ميسورًا كريمًا في أول الأمر، ثم بعد ذلك يأتي بكلام غليظ فاحش، فالمتسبب عليه كفل من هذا. وإن كان المباشر لا يبرأ من العهدة، لكن المتسبب عليه كفل.

طالب: ..............

نعم.

طالب:.........

المسألة ينتابها أكثر من وجه، فالذي يسأل الناس بعد الصلاة مباشرة فيشوش على الناس أذكارهم، فهذا فعل ما ينبغي أن يصرف بلطف؛ {وأما السائل فلا تنهر}، ومع ذلك لو تعرض الإنسان للمسألة وجلس في مكان في وضع يعرف به أنه محتاج فهذا هو الوجه الشرعي، أما كونه يقوم ويسأل ويطيل الكلام ويشوش على الناس فهذا يصرف بأدب ولطف، فمثل هذا لا ينهر. بعض الناس أول ما يقوم القائم ينهر ويزجر، فهذا ما يصلح.

طالب:...........

مع الحاجة، تصدق على الفقير بالمسجد، جمع النبي الفقراء في المسجد.

المقصود أن المسألة إذا كانت بلطف وأدب وجلس الإنسان في موضع يعرف أنه محتاج هذا هو الأصل في الباب، وإن لم يتميز عن غيره بشكله ولا مظهره وهو محتاج، وأبان بلسانه أنه محتاج من غير أن بحصل تشويش على المصلي والذاكر فلا بأس إن شاء الله.

طالب:...........

لا لا أعوذ بالله، هذا أشد من نهره، هذا أشد من نهره.

الواحد ممن يسألون جلس بجوار الإمام، فجاءه مندوب مكافحة التسول من دون كلام جلس بعد صلاة الظهر، صلاة الظهر لا يوجد حديث، فقال: جلست أستمع الحديث.

 وبالمقابل جاء آخر وجلس عند الإمام وأبدى حاجته يسأل الناس، فأشار إليه أحد من الخلف أن المكافحة جاءوا، فقام وهرب، جاء هذا الثاني وجلس مكانه. نعم لهم قصص وطرائف، لكن الحاجة، وبعضهم يتخذ هذه مهنة، من غير حاجة، نسأل الله السلامة، والسؤال من غير حاجة حرام، لا يجوز السؤال بغير حاجة. أبيح له ذلك بقدر.

طالب:..........

نعم.

طالب: ..............

إذا كان غير مستحق بمعنى أنه غني، غير مستحق لهذا المال، فيأخذه ويصرفه على مستحقه، لكن متى يتبين وتظهر حقيقة الأمر، وقد يقع في إنسان مستحق بالفعل، وليست لديه أدلة ولا قرائن، دعوا الناس يرزق بعضهم من بعض، لكن ينبغي ألا تسيب المسألة، ويستعان بأهل العلم والفضل والخبرة في معالجة هذه الأمور، بحيث لا يحرم المحتاج، ولا يتعدى غير المستحق لأخذ حق غيره.

فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، وكَانَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا سُئِلَ وَلَيْسَ عِنْدَهُ مَا يُعْطِي قَالَ: «يَرْزُقُنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْ فَضْلِهِ». فَالرَّحْمَةُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ الرِّزْقُ الْمُنْتَظَرُ. وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ وَعِكْرِمَةَ. والضمير في عنهم عائد على من تقدم ذكرهم من القرابة والمساكين وابن السبيل. وَ"قَوْلًا مَيْسُورًا" أَيْ لَيِّنًا لَطِيفًا طَيِّبًا، مَفْعُولٌ بِمَعْنَى الْفَاعِلِ، مِنْ لَفْظِ الْيُسْرِ كَالْمَيْمُونِ، أَيْ وَعْدًا جَمِيلًا، عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ. وَلَقَدْ أَحْسَنَ مَنْ قَالَ:

إِلَّا تَكُنْ وَرِقٌ يَوْمًا أَجُودُ بِهَــــــــــــــــــــــــــــا ... لِلسَّائِلِينَ فَإِنِّي لَيِّنُ الْعُـــــــــــودِ

لَا يَعْدَمُ السَّائِلُونَ الْخَيْرَ مِنْ خُلُقِي ... إِمَّا نَوَالِي وَإِمَّا حُسْنُ مَرْدُودِي

تَقُولُ: يسّرت لك كذا إذا أعددتُه".

إذا أعددتَه.

"تَقُولُ: يسّرت لك كذا إذا أعددتَه.

قوله تعالى: {وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29)} فِيهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ:

الْأُولَى: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ} هَذَا مَجَازٌ عَبَّرَ بِهِ عَنِ الْبَخِيلِ الَّذِي لَا يَقْدِرُ من قلبه على إخراج شي مِنْ مَالِهِ، فَضَرَبَ لَهُ مَثَلَ الْغُلِّ".

الغَل.

 "فَضَرَبَ لَهُ مَثَلَ الْغَلِّ الَّذِي يَمْنَعُ مِنَ التَّصَرُّفِ بِالْيَدِ. وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَثَلَ الْبَخِيلِ وَالْمُتَصَدِّقِ كَمَثَلِ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا جُبَّتَانِ من حديد قَدِ اضْطَرَّتْ أَيْدِيهُمَا إِلَى ثُدِيِّهِمَا وَتَرَاقِيهِمَا، فَجَعَلَ الْمُتَصَدِّقُ كُلَّمَا تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ انْبَسَطَتْ عَنْهُ حَتَّى تَغْشَى أَنَامِلَهُ وَتَعْفُوَ أَثَرَهُ، وَجَعَلَ الْبَخِيلُ كُلَّمَا هَمَّ بِصَدَقَةٍ قَلَصَتْ وَأَخَذَتْ كُلُّ حَلْقَةٍ بِمَكَانِهَا. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: فَأَنَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ بِأُصْبُعَيْهِ هَكَذَا فِي جيبيه".

في جيبه.

"في جَيْبِهِ، فَلَوْ رَأَيْتَهُ يوسعها ولا تتوسّع.

الثانية: قوله تعالى: {وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ} ضَرَبَ بَسْطَ الْيَدِ مَثَلًا لِذَهَابِ الْمَالِ، فَإِنَّ قَبْضَ الْكَفِّ يَحْبِسُ مَا فِيهَا، وَبَسْطَهَا يُذْهِبُ مَا فِيهَا. وَهَذَا كُلُّهُ خِطَابٌ لِلنَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالْمُرَادُ أُمَّتُهُ، وَكَثِيرًا مَا جَاءَ فِي الْقُرْآنِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا كَانَ سَيِّدَهُمْ وَوَاسِطَتَهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ عبَّر".

عُبِّر.

"عُبَّرَ بِهِ عَنْهُمْ عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ فِي ذَلِكَ. وَأَيْضًا فَإِنَّهُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- لَمْ يَكُنْ يَدَّخِرُ شَيْئًا لِغَدٍ، وَكَانَ يَجُوعُ حَتَّى يَشُدَّ الْحَجَرَ عَلَى بَطْنِهِ مِنَ الْجُوعِ. وَكَانَ كَثِيرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ يُنْفِقُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ جَمِيعَ أَمْوَالِهِمْ، فَلَمْ يُعَنِّفْهُمُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ لِصِحَّةِ يَقِينِهِمْ وَشِدَّةِ بَصَائِرِهِمْ. وَإِنَّمَا نَهَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَنِ الْإِفْرَاطِ فِي الْإِنْفَاقِ، وَإِخْرَاجِ مَا حَوَتْهُ يَدُهُ مِنَ الْمَالِ مَنْ خِيفَ عَلَيْهِ الْحَسْرَةُ عَلَى مَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ، فَأَمَّا مَنْ وَثِقَ بِمَوْعُودِ اللَّهِ- عَزَّ وَجَلَّ- وَجَزِيلِ ثَوَابِهِ فِيمَا أَنْفَقَهُ فَغَيْرُ مُرَادٍ بِالْآيَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

 وَقِيلَ: إِنَّ هَذَا الْخِطَابُ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ، عَلَّمَهُ فِيهِ كَيْفِيَّةَ الْإِنْفَاقِ، وَأَمَرَهُ بِالِاقْتِصَادِ. قَالَ جَابِرٌ وَابْنُ مَسْعُودٍ: جَاءَ غُلَامٌ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: إن أمي تَسْأَلُكَ كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ: «مَا عِنْدَنَا الْيَوْمَ شيء». قَالَ: فَتَقُولُ لَكَ: اكْسُنِي قَمِيصَكَ، فَخَلَعَ قَمِيصَهُ فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ وَجَلَسَ فِي الْبَيْتِ عُرْيَانًا. وَفِي رِوَايَةِ جَابِرٍ: فَأَذَّنَ بِلَالٌ لِلصَّلَاةِ وَانْتَظَرَ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْرُجُ، وَاشْتَغَلَتِ الْقُلُوبُ، فَدَخَلَ بَعْضُهُمْ فَإِذَا هُوَ عَارٍ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ. وَكُلُّ هَذَا فِي إِنْفَاقِ الْخَيْرِ. وَأَمَّا إِنْفَاقُ الْفَسَادِ فَقَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ حَرَامٌ، كَمَا تَقَدَّمَ.

على كل حال الآية منهج شرعي للإنفاق، {لا تجعل يدك مغلولة إلى عنقكل} لا تبخل ولا تقصر على من تحت يدك، {ولا تبسطها كل البسط}، بعض الناس يأتي راتب الشهر الذي يليه وراتبه الأول موجود، السابق وإن نقص نقص شيئًا يسيرًا، وبعض الناس لا يمضي عليه أسبوع إلا وأنفق جميع راتبه، وباقي ثلاثة أسابيع محسور، يتمنى الشيء اليسير ولا يتيسر له، فيبسط يده مدة أسبوع، ويتحسر ثلاثة أسابيع، ومنهم أقل وأكثر.

المقصود أن هذا موجود، وبعض الناس يأتي الشهر الثاني والثالث والأمور كما هي.

 وقد عثر على تركة ميت، مدرس منذ أربعين عامًا، ووجدت رواتبه، راتب كل شهر مربوط بحبل  ما نقص ولا ريال منذ أن تعين إلى أن مات، ولا الزكاة نقصت، نسأل الله العافية، كان دافنًا المبلغ كل مجموع بعلبة حديد، هذا مسكين، ما تزوج ولا عنده في البيت لا كهرباء ولا ماء ولا شيء، ولا عنده شيء يمكن أن يسرق، ووجدت الرواتب من أول شهر إلى الشهر الذي مات فيه، مات فجأة، ما مرض ولا شيء، هل هذه حياة؟ هذا خلل في العقل فضلاً عن كونه مخالفة للشرع، لمن يكنز هذه الأموال؟

 ومن الناس من يتخبط في أمواله يمينًا ويسارًا، وأول يوم من الشهر وثاني يوم ملوك، وثالث يوم أفقر من الفقراء، هذا حاصل، وهذا خلاف التوجيه الإلهي {وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ}، لكن من يوفق لمثل هذا؟ يوفق الحازم الذي أطر نفسه بإطار الشرع، ولم يستجب لمطالب النفس من جهة، ولم يلتفت إلى ما جبلت عليه النفس من شح، مثل هذا يمكن أن يتوجه هذا التوجيه. وإلا فالأمر كما سمعتم، من الناس من لا ينفق شيئًا، ومنهم من لا يمسك شيئًا، والمطلوب بين هذين ينفق ويوسع على من تحت يده ولكن لا يحتاج إلى الناس.

طالب:..........

الصدقة لا إسراف فيها، الصدقة الواجبه لها حكم، والصدقة المستحبة لها حكم يوازن بينها وبين المصروفات الأخرى، لكن هل يتصدق وولده محتاج؟ هل يتصدق بصدقة وزوجته محتاجة؟ لا، فهو مأمور بالإنفاق على من تحت يده؛ «كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يمون».

 على كل حال التسديد والمقاربة والموازنة مطلب لابد منه، قد يقول قائل: أن أحضر دفترًا وأكتب المصروفات والمدخرات صار مثل كيل الطعام، فكل هذا ينزع البركة؛ لأن كيل الطعام ينزع البركة، وعائشة -رضي الله عنها- كالت الشعير ففني، تقول: لما أجعل ميزانية مصروفات وواردات ينزع البركة. نقول: الأمر أهون من ذلك ما يحتاج إلى حسابات ولا شيء، أنت تعرف كيف تصرف وكيف تنفق، لا تحتاج إلى دقة في الحساب، هذا اليوم لابد أن ننقص كذا؛ لأنه خرج علينا كذا. بعض الناس إذا جاءتهم عقوبة مخالفة كم ريال يحسبهم من حساب الشهر من مصروفه على ولده، يخصم عليهم كذا وكذا.

طالب: ..............

 فمثل هذا قد لا يحتاج، لكن قد تأتيه جائحة تجتاح كل ما جمع؛ لأن البركة إذا نزلت فما لها حد، فعلى الإنسان أن يكون إلى السماحة أقرب، وإلى سخاء النفس أقرب، ومع ذلك لا يبسط يده كل البسط.

طالب:..............

أي؟

طالب: ..............

الأخير؟ عريان؟

طالب: ..............

واضح هذا منكر.   

الثَّالِثَةُ: نَهَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَنِ اسْتِفْرَاغِ الْوُجْدِ فِيمَا يَطْرَأُ أَوَّلًا مِنْ سُؤَالِ الْمُؤْمِنِينَ؛ لِئَلَّا يَبْقَى مَنْ يَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ لَا شي لَهُ، أَوْ لِئَلَّا يُضَيِّعَ الْمُنْفِقُ عِيَالَهُ. وَنَحْوُهُ مِنْ كَلَامِ الْحِكْمَةِ: مَا رَأَيْتُ قَطُّ سَرَفًا إِلَّا وَمَعَهُ حَقٌّ مُضَيَّعٌ. وَهَذِهِ مِنْ آيَاتِ فِقْهِ الْحَالِ فَلَا يُبَيَّنُ حُكْمُهَا إِلَّا بِاعْتِبَارِ شَخْصٍ شَخْصٍ مِنَ النَّاسِ".

يعني باعتبار الناس شخص شخص، كلّ بحسبه.

"الرَّابِعَةُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا} قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: يَقُولُ لَا تُسْرِفْ وَلَا تُتْلِفْ مَالَكَ فَتَبْقَى مَحْسُورًا مُنْقَطِعًا عَنِ النَّفَقَةِ وَالتَّصَرُّفِ، كَمَا يَكُونُ الْبَعِيرُ الْحَسِيرُ".

فيه اثنان زملاء، واحد يده فيها شيء من الغل، وعنده أموال طائلة، والثاني على النقيض، الأول غابطه على الإنفاق. الأول ما ينفق والثاني ينفق على أولاده ويوسع، وفي الغالب الثاني يكون مرتاحًا في أمور الدنيا، والأول الشحيح يكون في عذاب، يقول: إني غابطك، ولكن إذا جئت لتقترض رحمتك.

هذه الدنيا لا تكمل إلا بالتوجيه الإلهي {وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ}.

 "وَهُوَ الَّذِي ذَهَبَتْ قُوَّتُهُ فَلَا انْبِعَاثَ بِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:" يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ" أَيْ كَلِيلٌ مُنْقَطِعٌ. وَقَالَ قَتَادَةُ: أَيْ نَادِمًا عَلَى مَا سَلَفَ مِنْكَ، فَجَعَلَهُ مِنَ الْحَسْرَةِ، وَفِيهِ بُعْدٌ، لِأَنَّ الْفَاعِلَ مِنَ الْحَسْرَةِ حَسِرٌ وَحَسْرَانُ وَلَا يُقَالُ: مَحْسُورٌ. وَالْمَلُومُ: الَّذِي يُلَامُ عَلَى إِتْلَافِ مَالِهِ، أَوْ يلومه من لا يعطيه.

قول تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا}".

هذه الآية لم يفسرها المؤلف لوضوحها، {إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ} يوسع، {لِمَنْ يَشاءُ} لبعض الناس، {وَيَقْدِرُ} يضيق على آخرين، {إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا} خبيرًا بما يصلح هذا فأغناه، وبما يفسد هذا فأفقره. فمن الناس مَنْ لَا يُصْلِحُهُ إِلَّا الْفَقْرُ وَلَوْ أَغْنَيْتُهُ لَأَفْسَدَهُ الْغِنَى، ومن لا يصلحه إلا الغنى فلو أفقره لضره الفقر. وعلى كل حال كل ذلك ابتلاء، {ونبلوكم بالشر والخير فتنة}.

"قوله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيرًا}

فيه مسألتان: الأولى: قد مضى الكلام في هذه الآية في الأنعام، والحمد لله. والإملاق: الْفَقْرُ وَعَدَمُ الْمِلْكِ. أَمْلَقَ الرَّجُلُ أَيْ لَمْ يَبْقَ لَهُ إِلَّا الْمَلَقَاتُ، وَهِيَ الْحِجَارَةُ الْعِظَامُ الْمُلْسُ. قَالَ الْهُذَلِيُّ يَصِفُ صَائِدًا:

أُتِيحَ لَهَا أُقَيْدِرُ ذُو حَشِيفٍ ... إِذَا سَامَتْ عَلَى الْمَلَقَاتِ سَامَا

الْوَاحِدَةُ مَلَقَةُ. وَالْأُقَيْدِرُ تَصْغِيرُ الْأَقْدَرِ، وَهُوَ الرَّجُلُ الْقَصِيرُ. وَالْحَشِيفُ مِنَ الثِّيَابِ: الْخَلَقُ. وَسَامَتْ مَرَّتْ. وَقَالَ شِمَرُ: أَمْلَقَ لَازِمٌ وَمُتَعَدٍّ، أَمْلَقَ إِذَا افْتَقَرَ، وَأَمْلَقَ الدَّهْرُ مَا بِيَدِهِ. قَالَ أوس:

وأملق ما عندي خطوب تنبل".

{ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق}، هذا بيان للواقع وأنهم يقتلون أولادهم خشية الفقر وخشية الفاقة والحاجة، وليس ذلك بقيد، بل لا مفهوم له، ليس معنى هذا أن من يقتل ولده لا خشية الإملاق أنه يجوز له ذلك، لا، إنما خرج مخرج الغالب؛ لبيان الغالب من حالهم أنهم يقتلون أولادهم خشية الفقر، كما أنهم يئدون البنات خشية العار، فالقتل محرم على أي وجه كان، مهما كان الداف والسبب له، ولو لم يكن خشية الإملاق.

{نحن نرزقهم وإياكم} بدأ بهم قبلكم، وقد يكون رزقكم بسببهم، بسبب الأولاد؛ إنما تنصرون وترزقون بضعفائكم، هؤلاء هم الضعفاء، فمن عنده ولد يصبر عليه إذا كان عنده ولد معوق يصبر عليه، وقد يكون تيسير كثير من أموره بسببه، والمسألة لا تعدو أن ابتلاءً وامتحانًا.

طالب:.............

جاء العكس، على كل حال هنا في هذا الموضع بدأ بهم قبل آبائهم؛ لأنه قد يكون رزق الأب بسبب وجود الابن.

الثانية: قوله تعالى: (خِطْأً) " خِطْأً" قِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ بِكَسْرِ الْخَاءِ وَسُكُونِ الطَّاءِ وَبِالْهَمْزَةِ وَالْقَصْرِ. وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ: " خَطَأً" بِفَتْحِ الْخَاءِ وَالطَّاءِ وَالْهَمْزَة مَقْصُورَةً، وَهِيَ قِرَاءَةُ أَبِي جَعْفَرٍ يَزِيدَ. وَهَاتَانِ قِرَاءَتَانِ مَأْخُوذَتَانِ مِنْ" خَطِئَ" إِذَا أَتَى الذَّنْبَ عَلَى عَمْدٍ. قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: يُقَالُ خَطِئَ فِي ذَنْبِهِ خَطَأً إِذَا أَثِمَ فِيهِ، وَأَخْطَأَ إِذَا سَلَكَ سَبِيلَ خَطَأٍ عَامِدًا أَوْ غَيْرَ عَامِدٍ. وَيُقَالُ: خَطِئَ فِي مَعْنَى أَخْطَأَ. وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: يُقَالُ: خَطِئَ يَخْطَأُ خِطْئًا إِذَا تَعَمَّدَ الْخَطَأَ، مِثْلَ أَثِمَ يَأْثَمُ إِثْمًا. وَأَخْطَأَ إِذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ إِخْطَاءً وَخَطَأً. قَالَ الشَّاعِرُ:

دَعِينِي إِنَّمَا خَطْئِي وَصَوْبِي ... عَلَيَّ وإن ما أهلكت مــــــــــــــــــــــــــــــال

وَالْخَطَأُ الِاسْمُ يَقُومُ مَقَامَ الْإِخْطَاءِ، وَهُوَ ضِدُّ الصَّوَابِ. وَفِيهِ لُغَتَانِ: الْقَصْرُ وَهُوَ الْجَيِّدُ، وَالْمَدُّ وَهُوَ قَلِيلٌ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا- " خَطْأً" بِفَتْحِ الْخَاءِ وَسُكُونِ الطَّاءِ وَهَمْزَةٍ. وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ: بِكَسْرِ الْخَاءِ وَفَتْحِ الطَّاءِ وَمَدِّ الْهَمْزَةِ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَلَا أَعْرِفُ لِهَذِهِ الْقِرَاءَةِ وَجْهًا، وَلِذَلِكَ جَعَلَهَا أَبُو حَاتِمٍ غَلَطًا. قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: هِيَ مَصْدَرٌ مِنْ خَاطَأَ يُخَاطِئُ، وَإِنْ كُنَّا لَا نَجِدُ خَاطَأَ، وَلَكِنْ وَجَدْنَا تَخَاطَأَ، وَهُوَ مُطَاوِعُ خَاطَأَ، فَدَلَّنَا عَلَيْهِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

تَخَاطَأَتِ النَّبْلُ أحشاءه ... وأخّر يومى فلم أعجل

وَقَوْلُ الْآخَرِ فِي وَصْفِ مَهَاةٍ:

تَخَاطَأَهُ الْقَنَّاصُ حَتَّى وَجَدْتُهُ ... وَخُرْطُومُهُ فِي مَنْقَعِ الْمَاءِ رَاسِبُ

الْجَوْهَرِيُّ: تَخَاطَأَهُ أَيْ أَخْطَأَهُ، وَقَالَ أَوْفَى بْنُ مَطَرٍ الْمَازِنِيُّ:

أَلَا أَبْلِغَا خُلَّتِي جَابِرًا ... بِأَنَّ خَلِيلَكِ لَــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــمْ يُقْتَلِ

تَخَاطَأَتِ النَّبْلُ أَحْشـــــــــــَاءَهُ ... وَأُخِّرَ  يَوْمِي فَلَمْ يَعْجَلِ

وَقَرَأَ الْحَسَنُ" خَطَاءً" بِفَتْحِ الْخَاءِ وَالطَّاءِ وَالْمَدِّ فِي الْهَمْزَةِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَا يُعْرَفُ هَذَا فِي اللُّغَةِ وَهِيَ غَلَطٌ غَيْرُ جَائِزٍ. وَقَالَ أَبُو الْفَتْحِ: الْخَطَأُ مِنْ أَخْطَأْتُ بِمَنْزِلَةِ الْعَطَاءِ مِنْ أَعْطَيْتُ، هُوَ اسْمٌ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ، وَعَنِ الْحَسَنِ أَيْضًا: " خَطًّى" بفتح الخاء والطاء منونة من غير همزة.

قوله تعالى: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلًا} (32)

فِيهِ مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ: قَالَ الْعُلَمَاءُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى} أَبْلَغُ مِنْ أَنْ يَقُولَ: وَلَا تَزْنُوا، فَإِنَّ معناه لا تدنوا من الزنى. والزنى يُمَدُّ وَيُقْصَرُ، لُغَتَانِ".

نعم؛ لأن النهي عن القرب من الشيء يتضمن النهي عن مقارفته من باب أولى، بخلاف النهي عن مباشرته لا يتناول النهي عن قربه اللهم إلا أن يكون من باب المشتبه، كراعٍ يرعى حول الحمى، فالنهي عنه من هذه الحيثية، وإلا فالأصل أن النهي عن المباشرة لا يتناول النهي عن القرب، كما النهي عن القرب مستلزم للنهي عن المباشرة.

"قَالَ الشَّاعِرُ:

كَانَتْ فَرِيضَةَ مَا تَقُولُ كَمَا ... كَانَ الزِّنَاءُ فَرِيضَةَ الرَّجْمِ

و (سَبِيلًا) نُصِبَ عَلَى التَّمْيِيزِ، التَّقْدِيرُ: وَسَاءَ سَبِيلُهُ سَبِيلًا. أي لأنه يؤدى إلى النار. والزنى مِنَ الْكَبَائِرِ، وَلَا خِلَافَ فِيهِ وَفِي قُبْحِهِ لَا سِيَّمَا بِحَلِيلَةِ الْجَارِ.

نعم هو من عظائم الأمور من الموبقات، من الفواحش الذي ظهورها يؤدي إلى خطر عظيم ويزداد الأمر سوءًا إن كانت ثيبًا ويزداد سوءًا إن كانت جارة، ويزداد سوءًا إن كانت من المحارم نسأل الله السلامة.

"وَيَنْشَأُ عَنْهُ اسْتِخْدَامُ ولد الغير وَاتِّخَاذُهُ ابْنًا وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْمِيرَاثِ وَفَسَادِ الْأَنْسَابِ بِاخْتِلَاطِ الْمِيَاهِ. وَفِي الصَّحِيحِ: أَنَّ النَّبِيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُتِيَ بِامْرَأَةٍ مُجِحٍّ عَلَى بَابِ فُسْطَاطٍ فَقَالَ: «لَعَلَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُلِمَ بِهَا»، فَقَالُوا: نَعَمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَلْعَنَهُ لَعْنًا يَدْخُلُ مَعَهُ قَبْرَهُ كَيْفَ يُوَرِّثُهُ وهو لا يحل له؟ كيف يستخدمونه وهو لا يحل له؟»".

هذا أمر عظيم، أخطاء يقع فيها الإنسان نتيجة شهوة ساعة خطأ لا يمكن تصحيحه مدى الدهر، في مثل هذه الصورة هم النبي- صلى الله عليه وسلم- أن يلعنه لعنًا يدخل معه القبر؛ لأن هذا خطأ لا يمكن تصحيحه. فمثل هذه الأمور يترتب عليها آثار يبقى عارها في ولدهم.

المقصود أن هذه المسألة من عظائم الأمور، وقد انتشرت وفشت في المسلمين، وهي مؤذنة بخطر عظيم. نسأل الله أن يتداركنا بلطفه وعفوه.

والله أعلم.