التعليق على تفسير القرطبي - سورة المطففين (02)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، قال الإمام القرطبي- رحمه الله تعالى-:

" قوله تعالى:              المطففين: ١٨ - ٢١  قوله تعالى:       المطففين: ١٨  كلا بمعنى حقًّا، والوقف على تكذبون، وقيل: أي ليس الأمر كما يقولون، ولا كما ظنوا، بل كتابهم في سجين، وكتاب المؤمنين في عليين، وقال مقاتل: كلّا أي لا يؤمنون بالعذاب الذي يصلونه، ثم استأنف فقال:       المطففين: ١٨  مرفوع في عليين على قدر مرتبتهم، قال ابن عباس: أي في الجنة. وعنه أيضًا قال: أعمالهم في كتاب الله في السماء. وقال الضحاك ومجاهد وقتادة: يعني السماء السابعة فيها أرواح المؤمنين. وروى ابن الأجلح، عن الضحاك قال: هي سدرة المنتهى ينتهي إليها كل شيء من أمر الله لا يعدوها، فيقولون: رب عبدك فلان، وهو أعلم به منهم ،فيأتيه كتاب من الله- عز وجل- مختوم بأمانه من العذاب، فذلك قوله تعالى:       المطففين: ١٨. "

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

كلا مرت مرارًا، وأنها ترد ويراد بها أحيانًا الزجر والردع، ويراد بها ما ذكره هنا بمعنى حقًّا للتأكيد على الثبوت، ومنها ما قاله، أي ليس الأمر كذلك، المقصود أن معانيها متعددة، وفي كل سياق تُفسّر بما يناسبه.

 كتاب المراد به المكتوب والمسطر الذي تكتب به حسناتهم، والكتب التي تكتبها الملائكة سواء كانت للأبرار أو كانت للفجار، ولا شك أن محل كتاب الأبرار في العلو والارتفاع كما قال: المطففين: ١٨ ، بينما كتاب الفجار منزلته كمنزلتهم في السفل في سجين، وهو يقول هنا: هي سدرة المنتهى، لا شك أنها في جهة العلو، بل هي من أعالي المخلوقات دون العرش، لكن يبقى أن عليين مقر لكتاب الأبرار، وهنا أوَّلَ بعضهم الكتاب بأرواحهم، وما يتجه مثل هذا التأويل، بل المراد بها الكتب والصحف التي كتبت به أعمالهم الصالحة.

" وعن كعب الأحبار قال: إن روح المؤمن إذا قُبضت صعد بها إلى السماء، وفتحت لها أبواب السماء، وتلقتها الملائكة بالبشرى، ثم يخرجون معها حتى ينتهوا إلى العرش، فيخرج لهم من تحت العرش رق فيرقم ويختم، فيه النجاة من الحساب يوم القيامة، ويشهده المقربون، وقال قتادة. "

يشهده يعني يحضره، أو يشهد بمحتواه الملائكة المقربون.

" وقال قتادة أيضًا: المطففين: ١٨  هي فوق السابعة عند قائمة العرش اليمنى. وقال البراء بن عازب: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «عليون في السماء السابعة تحت العرش». وعن ابن عباس أيضًا: هو لوح من زبرجدة خضراء معلق بالعرش، أعمالهم مكتوبة فيه. وقال الفراء: عليون ارتفاع بعد ارتفاع، وقيل: عليون أعلى الأمكنة، وقيل: معناه علو في علو مضاعف، كأنه لا غاية له، ولذلك جمع بالواو والنون، وهو معنى قول الطبري. "

جمع بالواو والنون، ويعرب كإعراب جمع المذكر السالم؛ لأنه ملحق به.

" قال الفراء. "

كسنين وأرضين.

" قال الفراء: هو اسم موضوع على صفة الجمع، ولا واحد له من لفظه، كقولك: عشرون، وثلاثون، والعرب إذا جمعت جمعًا ولم يكن له بناء من واحده ولا تثنية قالوا في المذكر والمؤنث بالنون، وهي معنى قول الطبري، وقال الزجاج: إعراب هذا الاسم كإعراب الجمع كما تقول: هذه. "

قِنّسرون.

" قِنّسرون ورأيت قنسرين، وقال يونس النحوي: واحدها علّيٌّ وعلّيّة وقال أبو الفتح: علّيين جمع علّيّ، وهو فعّيل من العلو، وكان سبيله أن يقول: علّية، كما قالوا للغرفة: علّية؛ لأنها من العلو، فلما حذف التاء من.. "

الغرفة المرتفعة التي تُبنى في السطوح يقال لها: علّية.

" فلما حُذف التاء من علية عوّضوا منها الجمع بالواو والنون، كما قالوا في أرضين، وقيل: إن عليين صفة للملائكة، فإنهم الملأ الأعلى، كما يقال: فلان في بني فلان أي هو في جملتهم وعندهم، والذي في الخبر من حديث ابن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن أهل عليين لينظرون إلى الجنة من كذا، فإذا أشار رجل من أهل عليين أشرقت الجنة لضياء وجهه، فيقولون: ما هذا النور؟ فيقال: أشرف رجل من أهل عليين الأبرار أهل الطاعة والصدق». وفي خبر آخر. "

مخرّج؟

طالب: ...........

عطية عن ابن عباس؟

طالب: ...........

عن أبي سعيد، لكنه هنا من حديث ابن عمر، حديث ابن عمر مخرّج؟

طالب: ...........

نعم، لكن تقول من حديث أبي سعيد، أقول: حديث ابن عمر مخرّج أم لم يُخرّج؟

طالب: ...........

نعم، وفي خبر آخر.

" وفي خبر آخر: «إن أهل الجنة ليرون أهل عليين كما يُرى الكوكب الدري في أفق السماء». يدل على أن عليين اسم الموضع المرتفع، وروى ناس عن ابن عباس في قوله: المطففين: ١٨  قال: أخبر أن أعمالهم وأرواحهم في السماء الرابعة ثم قال: المطففين: ١٩  أي ما الذي أعلمك يا محمد، أي شيء عليون؟ على جهة التفخيم والتعظيم له في المنزلة الرفيعة، ثم فسره له فقال:        المطففين: ٢٠ - ٢١ ، وقيل: إن كتاب مرقوم ليس تفسيرًا لعليين. "

إنما هو تفسير للكتاب السابق كتاب الأبرار كتاب مرقوم.

" ليس تفسيرًا لعليين، بل تم الكلام عند قوله: المطففين: ١٩ ، ثم ابتدأ وقال:        المطففين: ٢٠  أي كتاب الأبرار كتاب مرقوم، ولهذا عكس الرقم في كتاب الفجار، قاله القشيري، وروي أن الملائكة تصعد بعمل العبد فيستقبلونه، فإذا انتهوا به إلى ما شاء الله من سلطانه أوحى إليهم إنكم الحفظة على عبدي، وأنا الرقيب على ما في قلبه، وإنه أخلص لي عمله، فاجعلوه في عليين، فقد غفرت له، وإنها لتصعد بعمل العبد فيتركونه، فإذا انتهوا به إلى ما شاء الله أوحى إليهم: أنتم الحفظة على عبدي، وأنا الرقيب على ما في قلبه، وإنه لم يخلص لي عمله، فاجعلوه في سجين. "

ورد مثل هذا الإشكال عند معرفة المَلك بصورة العمل الظاهرة، وهل يرى أو يعلم الصورة الباطنة؟ العمل عمل صالح، لكن شرط الإخلاص، هل هو موجود أم ما هو موجود؟ لأنه عمل قلبي هل يطلع عليه الملك أو لا يطلع؟ مقتضى كتبه في صحيفة الحسنات، وأن الملك الذي يكتبه ملك اليمين أنهم يطلعون، وأن الله- جل وعلا- أقدرهم على ذلك، وإن كان سرًّا، وهنا كأنهم في هذا الخبر، لكن الله أعلم بصحته، يقول: روي أن الملائكة بصيغة تمريض. ماذا قال عنه؟ أو ما خُرِّج؟

طالب: ...........

أين؟

طالب: ...........

إن الملائكة تصعد بعمل العبد فيستقبلونه، هذه في أربع نسخ خطية يستقبلونه.

طالب: ...........

يستقلِّونه يعني يحملونه.

طالب: ...........

يستقلِّونه من القِلَّة يستقلّونه ما هو معناه يحملونه، نعم معروف أنه إذا كان من القلة فهو الاحتقار.

" قوله تعالى: المطففين: ٢١  أي يشهد عمل الأبرار مقربو كل سماء من الملائكة، وقال ابن وهب وابن إسحاق: المقربون هنا إسرافيل- عليه السلام- فإذا عمل المؤمن عمل البر. "

البِر.

" فإذا عمل المؤمن عمل البِر صعدت الملائكة بالصحيفة، وله نور يتلألأ في السموات، كنور الشمس في الأرض حتى ينتهي بها إلى إسرافيل، فيختم عليها ويكتب، فهو قوله: المطففين: ٢١  أي يشهد كتابتهم. "

يعني يشهد بمعنى يحضر، الشهادة هنا بمعنى الحضور، لا بمعنى الإشهاد المعروف.

طالب: ...........

مكتوب رقم الكتاب.

" قوله تعالى:     المطففين: ٢٢  أي أهل الصدق والطاعة     المطففين: ٢٢  أي نعمة، والنَّعمة بالفتح التنعيم، يقال: نعّمه الله وناعمه فتنعم، وامرأة منعمة ومناعمة بمعنى أي إن الأبرار في الجنة يتنعمون. "

الجنات.

" إن الأبرار في الجنات يتنعمون. المطففين: ٢٣  وهي الأسرة في الحجال.     المطففين: ٢٣  أي إلى ما أعد الله لهم من الكرامات، قاله عكرمة وابن عباس ومجاهد، وقال مقاتل: ينظرون إلى أهل النار. وعن النبي -صلى الله عليه وسلم-: «ينظرون إلى أعدائهم في النار». ذكره المهدوي، وقيل: على أرائك أفضاله ينظرون إلى وجهه وجلاله. قوله تعالى.. "

مخرّج الحديث؟ ماذا قال؟

طالب: ...........

«ينظرون إلى أعدائهم في النار».

طالب: ...........

إذا أدخلناه في باب التأويل أن من ذكره فرَّ من إثبات نظر المؤمنين إلى ربهم- جل وعلا- الذي ثبتت به الأحاديث الصحيحة إلى النظر إلى أعدائهم، فبدلاً من أن يثبت نظرهم إلى الله؛               القيامة: ٢٢ - ٢٣  «إنكم سترون ربكم» قال: «ينظرون إلى أعدائهم في النار»، فهذا لا شك أنه إذا أريد به هذا المعنى فهو فرار من تأويل هذه الصفة.

" قوله تعالى:   المطففين: ٢٤  أي بهجته وغضارته ونوره، يقال: نضر النبات إذا أزهر ونوّر، وقراءة العامة: {تعرف} بفتح التاء وكسر الراء، نضرة نصبًا أي تعرف يا محمد، وقرأ أبو جعفر بن القعقاع ويعقوب وشيبة وابن أبي إسحاق: تُعرَف بضم التاء وفتح الراء على الفعل للمجهول، نضرةُ رفعًا. المطففين: ٢٥  أي من شراب لا غش فيه، قاله الأخفش والزجاج، وقيل: الرحيق الخمر الصافية، وفي الصحاح: الرحيق صفوة الخمر، والمعنى واحد، قال الخليل: أقصى الخمر وأجودها، وقال مقاتل وغيره: هي.. "

أصفى صوابه.

" أقصى. "

أصفى الخمر وأجوده على ما تقدم الرحيق الخمر الصافية.

" قال الخليل: أصفى الخمر وأجودها. وقال مقاتل وغيره: هي الخمر العتيقة البيضاء الصافية من الغش النيرة، قال حسان:

يسقون من وَرَد البريص عليهم             .

 

بردًا يصفق بالرحيق السلسل                  .

وقال آخر:

أم لا سبيل إلى الشباب وذكره             .

 

أشهى إليّ من الرحيق السّلسل                  .

ﯠﯡ المطففين: ٢٥ - ٢٦  قال مجاهد: يختم به آخر جرعة. وقيل: المعنى إذا شربوا هذا الرحيق ففنى ما في الكأس انختم ذلك بخاتم المسك، وكان ابن مسعود يقول: يجدون عاقبتها طعم المسك، ونحوُه عن سعيد بن جبير وإبراهيم النخعي قالا: ختامه آخر طعمه، وهو حسن؛ لأن سبيل الأشربة أن يكون الكدر في آخرها، فوُصف شراب أهل الجنة بأن رائحة آخره رائحة المسك، وعن مسروق، عن عبد الله قال: المختوم الممزوج، وقيل: مختوم أي ختمت ومنعت عن أن يمسها ماسٌّ إلى أن يفك ختامها الأبرار، وقرأ علي وعلقمة وشقيق والضحاك وطاوس والكسائي: خَاتَمه بفتح الخاء والتاء وألف بينهما، قاله علقمة، أما رأيت المرأة تقول للعطار: اجعل خاتمه مسكًا، تريد آخره، والخاتم والختام متقاربان في المعنى إلا. "

كما يقال للنبي -عليه الصلاة والسلام- خاتِم الأنبياء وخاتَمهم.

" متقاربان في المعنى إلا أن الخاتم الاسم، والختام المصدر، قاله الفراء. "

ختم يختم ختامًا، والأصل ختمًا وختامًا، والخاتَم الاسم الذي هو اسم المصدر.

"وفي الصحاح: والختام الطين الذي يختم به، وكذا قال مجاهد وابن زيد: ختم إناؤه بالمسك بدلاً من الطين، حكاه المهدوي، وقال الفرزدق:

        وبت أفض"

يختم الإناء بمعنى أنه يُغطَّى، فيكون كالغطاء له، فإما أن يختم بطين كما يفعلونه إذا عصروا العنب أو التمر، وجعلوه نبيذًا، يختمونه بطين فيتركونه أيامًا حتى يتخمر، بمعنى أنهم يجعلونه غطاءً من الطين، وهذا ختامه وغطاؤه من المسك.

" وقال الفرزدق:

................................  

 

وبت أفضُّ أغلاق الختام               .

وقال الأعشى:

وأبرزها وعليها ختم               .

 

................................                   .

أي عليها طينة مختومة مثل نفض بمعنى منفوض، وقبض بمعنى مقبوض، وذكر.. "

حمل بمعنى محمول.

" وذكر ابن المبارك وابن وهب واللفظ لابن وهب عن عبد الله بن مسعود في قوله تعالى: ﯠﯡ المطففين: ٢٦  خلطه، ليس بخاتم يختم، ألا ترى إلى قول المرأة من نسائكم: إن خلطه من الطيب كذا وكذا، إنما خلطه مسك قال: شراب أبيض مثل الفضة يختمون به آخر أشربتهم. "

يعني يكون من آخر ما يشربون، يختمون به شرابهم.

" لو أن رجلاً من أهل الدنيا أدخل فيه يده ثم أخرجها لم يبق ذو روح إلا وجد ريح طيبها ،وروى أبي بن كعب قال: قيل: يا رسول الله، ما الرحيق المختوم؟ قال «غدران الخمر». وقيل: مختوم في الآنية وهو غير الذي يجري في الأنهار، فالله أعلم. "

ماذا يقول عنه؟

طالب: ...........

ما فيه شك أنه إذا وجد التفسير عن النبي -عليه الصلاة والسلام- فإن أهل العلم لا يبحثون عن غيره، يكتفون به، فاختلافهم فيه يدل على أنه لم يصح عندهم شيء فيه.

" المطففين: ٢٦  أي وفي الذي وصفناه من أمر الجنة     المطففين: ٢٦  أي فليرغب الراغبون، يقال: نفست عليه الشيء أنفسه نفاسة أي ضَنِنت به ولم أحب أن يصير إليه، وقيل: الفاء بمعنى إلى أي: وإلى ذلك فليتبادر المتبادِرون في العمل، نظيره: الصافات: ٦١. "

المنافسة والمسابقة والمسارعة كل هذه مفاعلة بين طرفين أو أطراف، والحث عليها يدل على أن المسلم ينبغي أن يسبق غيره في هذه الأمور ويتقدم عليهم فيها، ولا يرد على هذا مثل: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»، مقتضى ذلك أنه لا يتقدم على غيره، بل يصلون إلى الغاية على درجة واحدة، وأما إذا أحب أن يتقدم على غيره ويصل إلى الهدف قبل غيره ويصل إلى الغاية قبل غيره معناه أنه ما أحب لأخيه ما يحب لنفسه، فهل مثل هذا مما تطيقه القلوب البشرية الإنسان أن يتمنى الناس كله معه على حد سواء، افترضوا صفًّا دراسيًّا فيه مئة، كلهم يتمنون لكل واحد منهم أن يكون الأول مكررًا مع هؤلاء جماعة؟! أم ما معنى المنافسة؟ ما معنى المسابقة؟ ما معنى المسارعة إلا أنه لتسبق غيرك وتنافس غيرك؟ لكن إذا حصل من غيرك ما يتقدم به عليك أو ينافسك فيكون معك، ينبغي ألا تحسده على ذلك، بل يجب ألا تحسده على ذلك وتتمنى ذلك، وإذا سبقك تتمنى أن تكون معه، وهذه هي الغبطة، لكن هل مقتضى أن يحب لغيره لأخيه ما يحب لنفسه أن يكونوا في درجة واحدة؟ ما معنى المنافسة؟ هي المنافسة أن يسبق أم ألا يُسبق؟

طالب: ...........

المسابقة أوضح، المسابقة والمسارعة يا إخوان..

طالب: ...........

يسبق معناه ما أحب لغيره أن يكون مثله.

طالب: ...........

ألا يُسبق؟

طالب: ...........

يعني لو تمنى أنه يتقدم على غيره، يعني أنت لو نظرت إلى الناس أظن من القِدم حتى فرح عمر- رضي الله عنه- بجواب ابنه عبد الله، بحيث تمنى أنه قال النخلة، ما فيه هذا المعنى أنه يتقدم فيه على غيره؟ فيه هذا المعنى، فهل يؤاخذ الإنسان بمثل هذا الشعور أو مثل هذا التمني؟ وهل هو مخالف لحديث: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»؟

طالب: ...........

نعم تمنى لولده أن يكون قال، هذا من بين الصحابة منزلة أظن بلوغها شيئًا فيه ضرب من المستحيل في تصوّر وواقع كثير، بل أكثر المسلمين ومن القديم الناس قالوا: إن هذا الحديث مما يعسر تطبيقه في نفس المسلم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه، مع أن أهل العلم قالوا: إن هذا ليس بالعسير على القلب السليم، وإذا كانت السلامة تصل في قلب المؤمن إلى أن يتمنى لجميع المسلمين أن يكونوا مثله أو أفضل منه، وأن يحب لهم ما يحب لنفسه، هذا أظن السلامة عزيزة.

طالب: ...........

ماذا قال؟ إني لا أحب أن يجري الحق على لساني.

طالب: ...........

بيان مقصود الإمام- رحمة الله عليه- أن يبين الحق على أي لسان كان، المقصود أنه يبين الحق، الله يعفو عنا.

طالب: ...........

أي حديث؟

طالب: ...........

المسابقة والمسارعة؟

طالب: ...........

هو ما فيه شك أنه في ظاهر الأمر فيه، لكن المشكلة نفي إيمان إذا كنا نقول هذه منزلة لخواص الناس دون عوامهم، وعوامهم يليق بهم المنافسة والمسابقة والمسارعة، لكن نفي الإيمان مشكل.

طالب: ...........

إذا ما وجد في القلب شيء ما أنت مستعجل ولا أنت منافس ولا أنت حريص على سبقه، إنما وجد في القلب شيء، على كل حال هذه النصوص من مضائق الأنظار، وأهل العلم حينما قالوا ذلك الكلام إن هذا ليس بعزيز على القلب السليم ما قالوه من فراغ، لكن لبعدنا وبعد العهد عن عصر النبوة واختلاط الأمور واختلاف الأمزجة وتغير الفِطَر وصلنا إلى ما وصلنا إليه حتى جزمنا بأن هذا ضرب من المستحيل، والله المستعان.

طالب: ...........

ما نقول مثل هذا الكلام بالنسبة لعمر، نقول: إن هذه محبة جِبِلِّيَّة، ولا تتعارض مع المحبة الشرعية، يعني مثل ما قيل في نظائره الآن الرجل المسلم يجوز له أن ينكح يهودية ونصرانية، ويجب عليه أن يبغضها؛ للاختلاف في الدين كبغضه لسائر الكفار، لكن المودة والرحمة التي جعلت بين الزوجين موجودة، فهذه مودة جبلية، وتلك محبة شرعية مثل محبة الولد والوالد وكذا مع معارضتهم مراد الله- جل وعلا-، فأنت تقدم مراد الله- جل وعلا- على مرادهم، وتكون بذلك على خير، وإن وجدت في نفسك ما وجدت من الود لهم.

طالب: ...........

يعني عقب ما يصل ويأخذ الجائزة ويصير الأول في ترتيب يقول: يا ليت الناس كلهم أوائل صح؟

طالب: ...........

ما يصلح ما يصلح.

" المطففين: ٢٧  أي ومزاج ذلك الرحيق     المطففين: ٢٧  أي من شراب ينصبّ عليهم من علو، وهو أشرف شراب في الجنة، وأصل التسنيم في اللغة الارتفاع، فهي عين ماء تجري من علو إلى أسفل، ومنه سنام البعير؛ لعلوِّه من بدنه، وكذلك تسنيم القبور، وروي عن عبد الله قال: تسنيم عين في.. "

تسنيم القبور جعلها محدبة مرتفعة عن وجه الأرض قليلاً.

" وروي عن عبد الله قال: تسنيم عين في الجنة يشرب بها المقربون صرفًا، ويمزج منها كأس أصحاب اليمين فتطيب. وقال ابن عباس في قوله- عز وجل-:     المطففين: ٢٧  هذا مما قال الله تعالى:     السجدة: ١٧ ، وقيل: التسنيم عين تجري في الهواء بقدرة الله تعالى، فتنصب في أواني أهل الجنة على قدر مائها، فإذا امتلأت أمسك الماء، فلا تقع منه قطرة على الأرض، ولا يحتاجون إلى الاستقاء، قاله قتادة، وقال ابن زيد: بلغنا أنها عين تجري من تحت العرش، وكذا في مراسيل الحسن، وقد ذكرناه في سورة الإنسان    المطففين: ٢٨  أي يشرب منها أهل جنة عدن، وهم أفاضل أهل الجنة صِرفًا، وهي لغيرهم مزاج. "

وهي والباء بمعنى من، يشرب بها يعني يشرب منها، كما في قول الشاعر: شربن بماء البحر يعني شربن من مائها.

" وعينًا نُصب على المدح، وقال الزجاج: نصب على الحال من تسنيم، وتسنيم. "

وإذا أردنا أن نضمن الفعل ونبقي الحرف على حاله، وهذا أجود عند شيخ الإسلام أولى من أن نؤول الحرف بمعنى حرف آخر قلنا: عينًا يشرب يعني يستمتع بها يستمتع بها أو ينتفع بها المقربون، وشيخ الإسلام يرجح تضمين الفعل على تضمين الحرف.

" وتسنيم معرفة ليس يعرف له اشتقاق، وإن جعلته مصدرًا مشتقًا من السنام، فعينًا نصب؛ لأنه مفعول به كقوله تعالى:     البلد: ١٤ - ١٥ ، وهذا قول الفراء: إنه منصوب بتسنيم، وعند الأخفش بيسقون أي يسقون عينًا أو من عين، وعند المبرد. "

يكون يتيمًا وعينًا منصوب بالمصدر؛ لأنه يعمل عمل فعله، المصدر يعمل عمل فعله.

" وعند المبرد بإضمار أعني على المدح، قوله تعالى.. "

ما يصير على المدح بإضمار أعني، يصير منصوب بأعني، لكن إذا كان منصوبًا على المدح، فيضمر أمدح.

"قوله تعالى: المطففين: ٢٩  وصف أرواح الكفار في الدنيا مع المؤمنين باستهزائهم بهم، والمراد رؤساء قريش من أهل الشرك، روى ناس عن ابن عباس قال: هو الوليد بن المغيرة وعقبة بن أبي معيط والعاص بن وائل والأسود بن عبد يغوث والعاص بن هشام وأبو جهل والنضر بن الحارث، وأولئك كانوا من الذين آمنوا من أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- مثل عمار وخباب وصهيب وبلال يضحكون على وجه السخرية، وإذا مروا بهم عند إتيانهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المطففين: ٣٠  يغمز بعضهم بعضًا، ويشيرون بأعينهم، وقيل: أي يعيرونهم بالإسلام ويعيبونهم به، يقال: غمزت الشيء بيدي قال:

غمزت وكنت إذا غمزت قناةَ قومٍ           .

 

كسرت كعوبها أو تستقيما"                   .

وحينئذ لا يكون خاصًّا بمن ذكر عمار وخبيب وصهيب وبلال الذين ينبزون بأنسابهم أو ينبزون بفقرهم، وما أشبه ذلك يكون للجميع حتى يتغامزون يغمزون أبا بكر وعمر وهم من أشراف الناس إذا كان المراد بالتعيير بالإسلام وبالدخول في الإسلام.

" وقالت عائشة: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا سجد غمزني فقبضت رجلي الحديث، وقد مضى في النساء، وغمزته بعيني، وقيل: الغمز بمعنى العيب، يقال: غمزه أي عابه، وما في فلان غمزة أي عيب، وقال مقاتل: نزلت في علي بن أبي طالب، جاء نفر من المسلمين إلى النبي. "

جاء في..

جاء..

في نفر.

" جاء في نفر من المسلمين إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فلمزهم المنافقون وضحكوا عليهم وتغامزوا، ﯿ المطففين: ٣١  أي انصرفوا إلى أهلهم وأصحابهم وذويهم المطففين: ٣١  أي معجبين منهم، وقيل: معجبون بما هم عليه من الكفر متفكهون بذكر المؤمنين، وقرأ ابن القعقاع وحفص والأعرج والسلمي: فكهين بغير ألف، والباقون بألف، قال الفراء: هما لغتان مثل طمعٌ وطامع وحذرٌ وحاذر. "

لكن طامع اسم فاعل، وطمع صيغة مبالغة، وحذر وفكه كل هذه صيغ مبالغة، وهذه مستثناة من قولهم: زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى إلا في هذه الصيغة، فالمبالغة أقل من الأصل الذي هو اسم الفاعل، ومع ذلك هي أبلغ.

طالب: ...........

المنافقون في المدينة، كانت مكة إن كان هو الأصل أن السورة مكية.

طالب: ...........

على الخلاف السابق، ومن قواعد أهل العلم التي يفرق فيها بين المكي والمدني أن السور التي فيها كلا مكية، هذه من قواعدهم.

طالب: ...........

معجبين مثل معجب أو متعجبين هذا وهذا. معجبين بأنفسهم متعجبين من غيرهم.

" وقد تقدم في سورة الدخان والحمد لله، وقيل: الفكه الأشر البطر، والفاكه الناعم المتنعم. المطففين: ٣٢  أي إذا رأى هؤلاء الكفار أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- المطففين: ٣٢  أي في اتباعهم محمدًا -صلى الله عليه وسلم-. المطففين: ٣٣  حافظين لأعمالهم موكلين بأحوالهم رقباء عليهم. المطففين: ٣٤  يعني هذا اليوم الذي هو يوم القيامة المطففين: ٣٤  بمحمد -صلى الله عليه وسلم- المطففين: ٣٤  كما ضحك الكفار منهم في الدنيا، نظيره في آخر سورة المؤمنين، وقد تقدم، وذكر ابن المبارك: أخبرنا محمد بن بشار. "

الجزاء من جنس العمل، ضحكوا وسخروا، فضحك منهم وسخر منهم.

" أخبرنا محمد بن بشار، عن قتادة في قوله تعالى: المطففين: ٣٤  قال ذُكر لنا أن كعبًا كان يقول: إن بين الجنة والنار كُوى، فإذا أراد المؤمن أن ينظر إلى عدو كان له في الدنيا اطلع من بعض الكُوى، قال الله تعالى في آية أخرى: الصافات: ٥٥  قال: ذكر لنا أنه اطلع فرأى جماجم القوم تغلي، وذكر ابن المبارك أيضًا أخبرنا الكلبي عن أبي صالح في قوله تعالى: البقرة: ١٥  قال: يقال لأهل النار وهم في النار: اخرجوا، فتفتح لهم أبواب النار، فإذا رأوها قد فتحت أقبلوا إليها يريدون الخروج، والمؤمنون ينظرون إليهم على الأرائك، فإذا انتهوا إلى أبوابها، غلقت دونهم فذلك قوله: البقرة: ١٥ ، ويضحك منهم المؤمنون حين غلقت دونهم، فذلك قوله تعالى:         المطففين: ٣٤ - ٣٦  وقد مضى هذا في أول سورة البقرة، ومعنى هل ثُوِّب أي هل جُوزي بسخريتهم في الدنيا بالمؤمنين إذ فعل بهم ذلك؟ وقيل إنه متعلق بينظرون أي ينظرون هل جوزي الكفار، فيكون معنى هل التقرير، وموضعها نصبًا بينظرون، وقيل: استئناف لا موضع له من الإعراب، وقيل: هو إضمار على القول، والمعنى يقول بعض المؤمنين لبعض:    المطففين: ٣٦  أي أثيب وجوزي، وهو من ثاب يثوب أي رجع، فالثواب ما يرجع على العبد في مقابلة عمله، ويستعمل في الخير والشر. ختمت السورة، والله أعلم. "

نعم استهزؤوا وسخروا فاستُهزئ بهم وسُخر منهم حتى في اللفظ، الأصل أن الثواب جزاء الحسنات، لكن استُعمل من باب السخرية كما في: آل عمران: ٢١  البشارة إنما تكون فيما يسر، لكنها استعملت من باب النكاية هنا فبدلاً أن تكون فيما يسر كانت فيما يضر.

"