كتاب الجامع من سبل السلام (19)

نعم..

أحسن الله إليك.

"الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبيه محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان.

أما بعد،

فقال في البلوغ وشرحه، في باب الترهيب من مساوئ الأخلاق من كتاب الجامع:

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ليس الشديد بالصُّرَعة» بضم الصاد المهملة وفتح الراء.."

كهُمَزة ولُمَزة يعني الذي يصرع الناس، والهمزة الذي يهمز الناس، واللمزة كذلك.

"وبالعين المهملة على زنة همزة صيغة مبالغة أي كثير الصرع لغيره. «إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب». متفق عليه.

 المراد بالشديد هنا شدة القوة المعنوية، وهي مجاهدة النفس وإمساكها عند الشر ومنازعتها للجوارح للانتقام ممن أغضبها، فإن النفس في حكم الأعداء الكثيرين، وغلبتها عما تشتهيه في حكم من هو شديد القوة إذا غلبت الجماعة الكثيرين فيما يريدونه منه. وفيه إشارة إلى أن مجاهدة النفس أشد من مجاهدة العدو؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- جعل الذي يملك نفسه عند الغضب أعظم الناس قوة.

 وحقيقة الغضب حركة النفس إلى خارج الجسد؛ لإرادة الانتقام، والحديث فيه إرشاد إلى أن من أغضبه أمر، وأرادت النفس المبادرة إلى الانتقام ممن أغضبه أن يجاهدها ويمنعها عما طلبت، والغضب غريزة في الإنسان فمهما قصد أو نوزع في غرض اشتعلت نار الغضب، وثارت حتى يحمر الوجه والعينان، وينتفخ الودجان، ويحمر البدن غالبًا من الدم؛ لأن البشرة تحكي لون ما وراءها.."

وجاء النهي عنه النبي -عليه الصلاة والسلام-، يقول للصحابي: «لا تغضب»، قال: أوصني، قال: «لا تغضب»، قال: أوصني، قال: «لا تغضب». قد يقول قائل: مادام الغضب غريزة، وهو مغروز في الإنسان لا يستطيع أن ينفك عنه، لكن الحل في أن يجاهد نفسه، يجاهد نفسه، ويتحلَّم؛ لأن الحِلم، ويتصبَّر يتصبر يصبره الله، الذي يتحلم لا يلبث أن يكون هذا الخلق صفة وملكة ثابتة له، وهكذا العلم بالتعلم، والحلم بالتحلم، والصبر بالتصبر، وهكذا على الإنسان أن يقصر نفسه على الصفات المحمودة، ويجاهدها عن الصفات المذمومة.

أحسن الله إليك.

"والغضب غريزة في الإنسان، فمهما قصد أو نوزع في غرض اشتعلت نار الغضب، وثارت حتى يحمر الوجه والعينان، وينتفخ الودجان، ويحمر البدن غالبًا من الدم؛ لأن البشرة تحكي لون ما وراءها، وهذا إذا غضب على من دونه، واستشعر القدرة عليه، وإن كان ممن فوقه تولد منه انقباض الدم من ظاهر الجلد إلى جوف القلب، فيصفر اللون؛ خوفًا، وإن غضب على من هو نظيره ومثله تردد الدم بين انقباض وانبساط، فيحمر ويصفر، والغضب يترتب عليه تغير الباطن والظاهر كتغير اللون والرعدة في الأطراف، وخروج الأفعال على غير ترتيب، واستحالة الخلقة حتى لو رأى.."

نعم تجد حتى الكلام قد لا يستطيع أن يتكلم من شدة الغضب، وإذا تصرف  تصرَّف تصرُّفًا لا يحكم بعقل، ولا ينقاد إليه، ولذا جاء النهي عن الغضب: «لا تغضب»، وعلاجه سيأتي.

أحسن الله إليك.

"والغضب يترتب عليه تغير الباطن والظاهر كتغير اللون، والرعدة في الأطراف، وخروج الأفعال على غير ترتيب، واستحالة الخلقة حتى لو رأى الغضبان نفسه حالة غضبه لسكن غضبه حياءً من قبح صورته، واستحالة خلقته، هذا في الظاهر، وأما في الباطن فقبحه أشد من الظاهر؛ لأنه يولد حقدًا في القلب، وإضمار السوء على اختلاف، وإضمارَ السوء على اختلاف أنواع، بل قبح باطنه مترتب على تغير ظاهره، فإن تغير الظاهر ثمرة تغير الباطن، فيظهر على اللسان الفحش والشتم، ويظهر في الأفعال الضرب والقتل وغير ذلك من المفاسد.

 وقد ورد في الأحاديث دواء هذا الداء، فأخرج ابن عساكر موقوفًا: الغضب من الشيطان، والشيطان خُلِق من النار، والماء يطفئ النار، فإذا غضب أحدكم فليغتسل. وفي رواية: فليتوضأ. وأخرج ابن أبي الدنيا مرفوعًا: «إذا غضب أحدكم فقال: أعوذ بالله من الشيطان، سكن غضبه». وأخرج أحمد مرفوعًا: «إذا غضب أحدكم فليسكت». وأخرج أحمد وأبو داود وابن حبان: «إذا غضب أحدكم فليجلس، فإذا ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع». وأخرج أبو الشيخ مرفوعًا: «الغضب من الشيطان، فإذا وجده أحدكم قائمًا فليجلس، وإن وجده جالسًا فليضطجع».

 والنهي في الغضب متوجه إلى الغضب في غير الحق."

أما الغضب غيرة على حدود الله ومحارم الله فالنبي -عليه الصلاة والسلام- كان يغضب، وإذا خطب احمرَّ وجهه، وارتفع صوته، وصار كأنه منذر جيش، يقول صبحكم ومساكم، هذا لا شك أنه غضب لله، وإن انتهكت محارم الله غضب كذلك. وفي الباب أحاديث كثيرة عنه -عليه الصلاة والسلام-، مع أنه هو الذي قال: «لا تغضب»، فدل على أن الغضب لله مما يحمد عليه الإنسان، والغيرة لله لا شك أنها من مراضيه.

أحسن الله إليك.

"وقد بوَّب البخاري: باب ما يجوز من الغضب والشدة لأمر الله، وقد قال تعالى.."

جاء الغضب في الموعظة في ترجمة عند البخاري، كتاب العلم.

أحسن الله إليك.

"وقد قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [سورة التوبة:73]."

نعم؛ لأن الدعوة إلى التسامح بين المسلمين مقبولة إلا من ارتكب منهم معصية، فهذا له علاجه، وبين المسلمين وغيرهم بحدود ما يحقق المصلحة مصلحة الدعوة والتأليف، أما إذا تعدينا هذه المصلحة، وتجاوزناها، وأيسنا منه {جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [سورة التوبة:73].

أحسن الله إليك.

"وذكر خمسة أحاديث في كل منها غضبه -صلى الله عليه وسلم- في أسباب مختلفة مرجعه إلى أن كل ذلك كان لأمر الله تعالى وإظهار الغضب فيه منه -صلى الله عليه وسلم-؛ ليكون أوكد، وقد ذكر تعالى في قصة موسى وغضبه لما عبد العجل وقال: {وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ} [سورة الأعراف:154].

 وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «الظلم ظلمات يوم القيامة». متفق عليه.

 الحديث من أدلة تحريم الظلم، وهو قبيح شرعًا وعقلًا، وهو يشمل جميع أنواعه سواء كان في نفس أو مال أو عرض في حق مؤمن أو كافر أو فاسق، والإخبار عنه بأنه ظلمات يوم القيامة فيه ثلاثة أقوال، قيل: هو على ظاهره، فيكون ظلمات على صاحبه لا يهتدي يوم القيامة سبيلاً، حيث يسعى نور المؤمنين يوم القيامة بين أيديهم وبأيمانهم. وقيل: إنه أريد بالظلمات الشدائد، وبه فسر قوله تعالى: {قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} [سورة الأنعام:63] أي من شدائدهما.

 وقيل: إنه كناية عن النكال والعقوبات.

 وعن جابر -رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح فإنه أهلك من كان قبلكم». أخرجه مسلم.

 في الشح وفي التفرقة بينه وبين البخل أقوال، فقيل في تفسير الشح: إنه أشد من البخل، وأبلغ في المنع من البخل، وقيل: هو البخل مع الحرص، وقيل: البخل في بعض الأمور، والشح عام، وقيل: البخل بالمال خاصة، والشح بالمال والمعروف، وقيل: الشح الحرص على ما ليس عنده، والبخل بما عنده."

يعني عكس الزهد والورع، عكس الزهد والورع، الورع عما ليس عندك، والزهد فيما في يدك.

أحسن الله إليك.

"وقيل: «فإنه أهلك من كان قبلكم» يحتمل أن يريد الهلاك الدنيوي المفسَّر بما بعده في تمام الحديث، وهو قوله: حملهم أن سفكوا دماءهم، واستحلوا محارمهم، وهذا هلاك دنيوي، والحامل لهم هو شحهم على حفظ المال وجمعه وازدياده، وصيانته عن ذهابه في النفقات."

{وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [سورة الحشر:9]، فإذا سلم الإنسان من الشح ارتاح في دنياه قبل آخرته، وفاز أو فاز بالفوز العظيم والفلاح في الآخرة، لكن إذا كان البديل لهذا الشح الإنفاق فيما يرضي الله- جل وعلا-، لكن إذا سلم من هذا الشح، وأنفق فيما لا يرضي الله -جل وعلا- وفيما يغضبه فالشح أفضل منه، أفضل من الإنفاق فيما يسخط الله- جل وعلا-.

أحسن الله إليك.

"والحامل لهم هو شحهم على حفظ المال، وجمعه وازدياده، وصيانته عن ذهابه في النفقات، وضموا إليه مال الغير صيانة له، ولا يدرك مال الغير إلا بالحرب والغصيبة، إلا بالحرب والغصبية المفضية إلى القتل."

العصبية.

أحسن الله إليك.

"ولا يدرك مال الغير إلا بالحرب والعصبية المفضية إلى القتل، واستحلال المحارم، ويحتمل أن يراد به الهلاك الأخروي، فإنه يتفرع عما اقترفوه من ارتكاب هذه المظالم، والظاهر حمله على الأمرين.

 واعلم أن الأحاديث في ذم الشح والبخل كثيرة والآيات القرآنية: {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ} [سورة النساء:37] {وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ} [سورة محمد:38]، {وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ} [سورة آل عمران:180]، {وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [سورة الحشر:9]. وفي الحديث: «ثلاث مهلكات: شح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب كل ذي رأي برأيه». أخرجه الطبراني في الأوسط، وفيه زيادة، وفي الدعاء النبوي: «اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن» إلى قوله: «والبخل». أخرجه الشيخان وقال -صلى الله عليه وسلم-: «شر ما في الرجل شح هالع وجبن خالع». أخرجه البخاري في التاريخ، وأبو داود، عن أبي هريرة مرفوعًا، والآثار فيه كثيرة، فإن قلت: وما حقيقة البخل المذموم؟ وما من أحد إلا وهو يرى نفسه أنه غير بخيل، ويرى غيره بخيلاً، وربما صدر فعل من إنسان، فاختلف فيه الناس، فيقول جماعة: إنه بخيل، ويقول آخرون: ليس بخيلاً."

لأن هذه الأمور نسبية، فقد يكون كريمًا إذا أعطى، ويعد غيره بخيلاً إذا أعطى نفس المقدار، فالغني الكبير إذا تبرع بألف ريـال ماذا يقال؟ لكن الإنسان العادي أو المتوسط أو من دون المتوسط يقال: كريم، فهذه أمور نسبية، وسبق درهم..

طالب: .........

أو ألف درهم؟ ألف درهم؛ لأن هذا من شخص، وهذا من شخص.

أحسن الله إليك.

"فماذا حد البخل الذي يوجب الهلاك؟ وما حد البذل الذي يستحق به العبد صفة السخاوة وثوابها؟

 قلت: السخاء هو أن يؤدي ما أوجب الله عليه، والواجب واجبان، واجب الشرع، وهو ما فرضه الله تعالى من الزكاة والنفقات لمن يجب عليه إنفاقه، وغير ذلك، وواجب المروءة والعادة، والسخي هو الذي لا يمنع واجب الشرع، ولا واجب العادة والمروءة، فإن منَع واحدًا منهما فهو بخيل، لكن الذي يمنع واجب الشرع أشد بخلاً.."

بلا شك هو الذي تناط به الأحكام، واجب الشرع هو الذي تناط به الأحكام، والواجب العرفي هو ما يذم به عرفًا ويمدح به.

أحسن الله إليك.

"فمن أعطى زكاة ماله مثلاً ونفقة عياله بطيبة نفس، ولا يتيمم الخبيث من ماله في حق الله فهو السخي، والسخاء في المروءة أن يترك المضايقة والاستقصاء في المحقرات وغيرها، فإن ذلك مستقبح، ويختلف استقباحه باختلاف الأحوال والأشخاص، وتفصيله يطول، فمن أراد استيفاء ذلك راجع الإحياء للغزالي- رحمه الله-.

 واعلم أن البخل داء له دواء، وما أنزل الله من داء إلا وله دواء، وداء البخل سببه أمران الأول: حب الشهوات التي لا يتوصل إليها إلا بالمال، وطول الأمل، والثاني: حب ذات المال والشغف به وببقائه لديه، فإن الدنانير مثلاً رسول ينال بها الحاجات والشهوات فهو محبوب لذلك، ثم صار محبوبًا لنفسه؛ لأن الموصل إلى اللذات لذيذ، فقد تقضى الحاجات والشهوات، وتصير الدنانير عنده هي المحبوبة، وهذا غاية الضلال، فإنه لا فرق بين الحَجَج والذهب إلا من حيث، إنها تقضى به الحاجات، فهذا سبب حب المال، ويتفرع منه الشح، وعلاجه بضده، فعلاج الشهوات القناعة باليسير، وبالصبر، وعلاج حب المال وطول الأمل الإكثار من ذكر الموت وذكر موت الأقران والنظر في ذلك، والنظر في طول تعبهم في جمع المال ثم ضياعه بعدهم، وعدم نفعه لهم."

النظر في موت الأقران الآن الجرائد تنقل الوفيات، وبكل الجرائد وبكثرة، وبالسبر يتبين أن موت الشباب أكثر من موت الكبار، وأرى بين الأربعين والخمسين هذه كثرة كاثرة في هذه الأيام، وبين الثلاثين والأربعين أقل، لكنها أكثر من بين الخمسين والستين، ومن بين الستين والسبعين أقل، مع أن أعمار الأمة في هذا، لكن هذه الآفات التي دخلت على الأمة دخيلة، واستُعمِلَت في غير ما قُدِّرت له باعتبارها نعمة من نعم الله صارت وبالًا، وصارت تقضي على دماء الناس وأنفسهم وأموالهم؛ لأنهم استعملوها على خلاف ما يرضي الله- جل وعلا-، وصارت نتائجها وقتلاها أكثر من قتلى الحروب، ظهرت إحصائية في الحرب العراقية الإيرانية التي مكثت عشر سنين، عشر سنوات حربًا قتلًا بالطائرات والأسلحة الفتاكة وكذا، ثم تطلع نتيجة حوادث السيارات خلال عشر سنين فإذا بها أكثر، ففررنا من الجهاد الذي هو ذروة سنام الإسلام؛ خشية الموت، وعوقبنا بما هو أسوأ منه مما فيه أوزار، والله المستعان.

أحسن الله إليك.

"وقد يشح بالمال؛ شفقة على من بعده من الأولاد، وعلاجه أن يعلم أن الله هو الذي خلقهم فهو يرزقهم."

قيل لعمر بن عبد العزيز: ما تركت تركة لأولادك؟ يعني.. ينفق بل العكس بيع كل الذي عنده وعند أولاده من ذهب وغيره وممتلكات، وخرج من الدنيا كما دخل -رحمه الله-، قيل له: تركت أولادك يتكففون الناس؟ قال: أولادي اثنان، تقي فالله لن يضيعه، وفاسق لا أعينه على فسقه، والله المستعان.

أحسن الله إليك.

"وقد يشح بالمال؛ شفقة على من بعده من الأولاد، وعلاجه أن يعلم أن الله هو الذي خلقهم، وهو يرزقهم، وينظر في نفسه، فإنه ربما لم يخلف له أبوه فلسًا، ثم ينظر ما أعده الله تعالى لمن ترك الشح وبذل ماله في مرضاة الله تعالى، وينظر في آيات القرآن المجيد الحاثة على الجود، المانعة عن البخل، ثم ينظر في عواقب البخل في الدنيا، فإنه لا بد لجامع المال من آفات تخرجه على رغم أنفه وذل أنفه."

لاسيما إذا زاد المال عن قدر الحاجة، وسمعتم ما وصلت إليه حال كثير من التجار من الأمراض المستعصية وعدم الاستمتاع بهذه الأموال، ويذكر في بلد من البلدان أن كبار التجار فيه يجتمعون في بنك في دور مستقل لهم، يجتمعون فيه، وفيه شاشات، يراقبون البورصات العالمية إلى الصبح، ما النتيجة؟ كل واحد عنده أنواع من العلاجات، ارتفع هذا أخذ حبة ضغط، انخفض هذا أخذ حبة سكر، هذي حياة؟!

 والله عذاب يا إخوان، لكن أين العبرة؟ أين الاتعاظ؟! هل نعتبر؟ هل ندكر؟ لكن افترض أنك جالس في بيتك، رجل على رجل، ما عندك في جو مناسب وفي هدوء تام بعد هزيع من الليل بدل ما يشتغل هؤلاء أولئك بما يشتغلون به بيدك مصحف تقرأ القرآن الحرف عشر حسنات، تقرأ جزءًا مائة ألف حسنة، خمسة أجزاء نصف مليون حسنة، وهؤلاء بتعبهم وشقاهم، الله المستعان.

أحسن الله إليك.

"فالسخاء خير كله، ما لم يخرج إلى حد الإسراف المنهي عنه، وقد أدب الله تعالى عباده أحسن الآداب، فقال: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً} [سورة الفرقان:67]."

يعني التوسط في الأمور كلها، يعني في الأكل والشرب، في الإنفاق، في الكسب، في كل شيء هو الخير.

أحسن الله إليك.

"فخيار الأمور أوسطها، وخلاصته أنه إذا وجد العبد المال أنفقه في وجوه المعروف بالتي هي أحسن، ويكون بما عند الله أوثق منه بما هو لديه، وإن لم يكن لديه مال لزم القناعة والتكفف وعدم الطمع."

اللهم صل على محمد...

طالب: .........

عموم الدعاء يختم بالصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام-.

طالب: .........

باعتبار أنه ما نقل في قنوته -عليه الصلاة والسلام- على رعل وذكوان.

طالب: .........

 

التمجيد مظنة للإجابة.