شرح الموطأ - كتاب الحدود (4)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لشيخنا والحاضرين والسامعين برحمتك يا أرحم الراحمين.

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: ترك الشفاعة للسارق إذا بلغ السلطان

وحدثني مالك عن ابن شهاب عن صفوان بن عبد الله بن صفوان أن صفوان بن أمية قيل له: إنه من لم يهاجر هلك، فقدم صفوان بن أمية المدينة، فنام في المسجد، وتوسد رداءه، فجاء سارق فأخذ رداءه، فأخذ صفوان السارق، فجاء به إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أسرقت رداء هذا؟)) قال: نعم، فأمر به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تقطع يده، فقال له صفوان: إني لم أرد هذا يا رسول الله، هو عليه صدقة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((فهلا قبل أن تأتيني به)).

وحدثني عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن الزبير بن العوام لقي رجلاً قد أخذ سارقاً، وهو يريد أن يذهب به إلى السلطان، فشفع له الزبير ليرسله، فقال: لا، حتى أبلغ به السلطان، فقال الزبير -رضي الله عنه-: "إذا بلغت به السلطان فلعن الله الشافع والمشفع".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف -رحمة الله تعالى-:

باب: ترك الشفاعة للسارق إذا بلغ السلطان

الحدود إذا بلغت السلطان لا يجوز لأحد كائناً من كان أن يشفع فيها، وأن يسعى في تعطيل حدود الله، إذا بلغت السلطان فلا شفاعة، وفي الصحيح من حديث المرأة التي كانت تستعير المتاع وتجحده، فلما رفعت على النبي -عليه الصلاة والسلام- فأمر بقطع يدها شفع لها أسامة بن زيد، كلّم النبي -عليه الصلاة والسلام- لمكانته منه، فهو حب النبي -عليه الصلاة والسلام- وابن حبه، حتى قال الأعيان والملأ من قريش، قالوا: لا يمكن أن يشفع إلا أسامة، كلموا أسامة فكلم النبي -عليه الصلاة والسلام-، فأنكر عليه النبي -عليه الصلاة والسلام-، ((أتشفع في حد من حدود الله؟)) غضب عليه، ((والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها)) فلا بد من تطبيق الحدود بقوة وحزم ليقطع دابر الفساد، ولا يمكن أن يقضى على الفساد والمفسدين إلا بهذه الطريقة، وإلا لو دخلت الواسطات والشفاعات في الحدود ما قام منها شيء، ولآل الأمر إلى ما آل إليه بنو إسرائيل، إذا سرق فيهم الضعيف قطعوه، وإذا سرق فيهم الشريف تركوه.

يقول: "إذا بلغ السلطان" السلطان هو ولي الأمر، الإمام الأعظم، أو من ينوب منابه، ويقوم مقامه من القضاة ونحوهم، وأما قبل ذلك فمن الأعوان والهيئات والشرط، وما أشبه ذلك، لكن مع ذلك يجب أن يكون عفوهم وشفاعة الشافعين لديهم في الأمور الممكنة، لا يشفعون للمفسدين، لأهل السوابق، وأهل الجرائم هذا لا يجوز أن يشفع لهم، ولا يجوز أن يتركوا، وأن يفلتوا من حكم الله -عز وجل-، أما إذا بلغت السلطان فلا شفاعة لأحد كائناً من كان، ولا شفاعة في أحد كائناً من كان.

يقول: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن صفوان بن عبد الله بن صفوان أن صفوان بن أمية قيل له: إن من لم يهاجر هلك" ولا شك أن الهجرة لها شأن عظيم في أول الإسلام، الهجرة إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- لها شأن عظيم، واستمر حكمها على الوجوب إلى قيام الساعة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام "فقدم صفوان بن أمية المدينة" مهاجراً، أول ما قدم ليس له بيت يؤويه "فنام في المسجد وتوسد رداءه" توسد رداءه "فجاء سارق فأخذ الرداء من تحت رأسه" وهذا حرز، كون الإنسان يتوسد الشيء، أو يتكئ عليه، أو يجعله في جيبه هذا حرزه "فأخذ صفوان السارق، فجاء به إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" ولا يدري ما العاقبة؟ وما النتيجة؟ يظن أن هذا حق مالي ثبت في ذمة هذا السارق كسائر الديون، وسائر الحقوق يستخرج منه، ولا يدري أنه يترتب عليه قطع يد "فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" ليقرره: ((أسرقت رداء هذا؟)) يقوله للسارق "فقال: نعم، فأمر به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تقطع يده" لأنها حق لله -جل وعلا-، وإن عفا المسروق منه، قد يعفو عن المال، لكن لا يعفو عن الحد، ولذا في بعض الجهات من ولاة أمور المسلمين بعض أهل الذمة سرق، فقيل له: كم دية اليد؟ قيل: نصف الدية، قال: هذه نصف الدية أنا.....، فاستلم نصف الدية التي قيمة اليد، فقطعها وأعطاها إياه، قال: أنتم اشتريتم اليد، ما اشتريتم الحد، اشتريتم اليد ولم تشتروا الحد، الحد لا يباع ولا يشترى، ولا يساوم عليه "فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أسرقت رداء هذا؟)) قال: نعم، فأمر به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تقطع يده" هذا حكمه، الذي سرق ما يبلغ النصاب من حرزه الذي أخذه خفية، فإنه يجب القطع حينئذٍ.

"فقال له صفوان: إني لم أرد هذا يا رسول الله" أنا لا أريد القطع، أنا أريد أن يرد علي ردائي، لا أكثر ولا أقل "هو عليه صدقة" تنازل عنه "فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((فهلا قبل أن تأتيني به))".

يعني لو تنازلت قبل ما تجي ما دورناك، لكن ما دام بلغ الحد السلطان، فلا يجوز له حينئذٍ أن يعفو، جاء في بعض الأخبار: إن عفا فلا عفا الله عنه، لا يجوز له أن يعفو بحال عن الحدود بعد أن تصدر وتقرر بجميع متطلباتها.

قال: "وحدثني عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن" ربيعة الرأي شيخ الإمام مالك "أن الزبير بن العوام" نعم؟

طالب:........

كل شيء بحسبه، كل شيء بحسبه، هذا حرز.

طالب:........

هذا الذي قررناه أنه حرز، حرز، نعم، هذا الذي قررناه سابقاً.

طالب:........

على كل حال ترى القضاة عندهم فتوى أنه ليس بحرز، والسيارة ليست بحرز، ولا يقطعون بها، معروف هذا، لكن مع ذلك المتجه أنه حرز، يعني مع أن المسألة ما هي محل اتفاق بين أهل العلم حتى من أهل العلم الكبار من يرى أنها حرز، نعم؟

طالب:........

على كل حال إذا أغلقت وأحكمت بزجاجها، وأقفالها هذا حرزها، وأما المطالبة بأن تدخل في البيوت فليس كل أحد يملك البيت، هذا عرفي، نعم؟

طالب:........

بل بعض الأموال تحفظ بما هو دون ذلك بكثير، المواشي تحفظ بأخشاب تقرن بحبل، يحل هذا الحبل وتساق، هذا حرز، يقطع به، نعم؟

طالب:........

إيش فيه؟

طالب:........

النصاب ثلاثة دراهم، أو ربع دينار.

طالب:........

لا ما هو بأقل، الأترجة أكثر من ثلاثة دراهم فضلاً عن الريال.

طالب:........

وين؟

طالب:........

ما يلزم أن يكون...، أن يعلم الحكم، لا صاحب المال ولا السارق، وإذا عرف أن الحكم التحريم فلا يلزم أن يعرف ما يترتب على الحكم.

طالب:........

ما يعرف أن السرقة محرمة؟

طالب: لا، يعرف يا شيخ.

خلاص انتهى، لا لو ما عرف أن في قطع، لو ما عرف، هذا حق لله -جل وعلا-.

طالب: صاحب المال يا شيخ.

هو صاحب المال ليس له أن يطالب بالقطع، ليس له أن يطالب إلا بماله.

طالب:........

القول معروف، لكن مع ذلك له ماله، هذا الأصل أن الأموال تثبت بالذمم المتعدية.

قال: "وحدثني عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن الزبير بن العوام لقي رجلاً قد أخذ سارقاً وهو يريد أن يذهب به إلى السلطان، فشفع له الزبير ليرسله" شفع له عند من أخذه، سواءً كان صاحب المال أو غير صاحب المال، المقصود أنه من رفعه لولي الأمر ليحد، شفع له الزبير "فقال: لا حتى أبلغ به السلطان، فقال الزبير: إذا بلغت به السلطان فلعن الله الشافع والمشفع" انتهى، انتهى الموضوع إذا بلغت السلطان، وهكذا ينبغي أن تؤخذ الأمور بجد، وأن يؤخذ الكتاب بقوة، بدون تلاعب، أو تفريق بين الناس، أو شفاعات، أو محسوبيات، أو وساطات، كل هذا لا يدخل في هذا الباب، والله المستعان، نعم.

أحسن الله إليك.

باب: جامع القطع

حدثني مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن رجلاً من أهل اليمن أقطع اليد والرجل، قدم فنزل على أبي بكر الصديق فشكا إليه أن عامل اليمن قد ظلمه، فكان يصلي من الليل فيقول أبو بكر: وأبيك ما ليلك بليل سارق، ثم إنهم فقدوا عقداً لأسماء بنت عميس امرأة أبي بكر الصديق، فجعل الرجل يطوف معهم ويقول: اللهم عليك بمن بيت أهل هذا البيت الصالح، فوجدوا الحلي عند صائغ زعم أن الأقطع جاءه به، فاعترف به الأقطع، أو شهد عليه به، فأمر به أبو بكر الصديق فقطعت يده اليسرى، وقال أبو بكر الصديق: والله لدعاؤه على نفسه أشد عندي عليه من سرقته.

قال مالك: الأمر عندنا في الذي يسرق مراراً ثم يستعدى عليه إنه ليس عليه إلا أن تقطع يده لجميع من سرق منه إذا لم يكن أقيم عليه الحد، فإن كان قد أقيم عليه الحد قبل ذلك ثم سرق ما يجب فيه القطع قطع أيضاً.

وحدثني مالك: إن أبا الزناد أخبره أن عاملاً لعمر بن عبد العزيز أخذ ناساً في حرابة، ولم يقتلوا أحداً، فأراد أن يقطع أيديهم أو يقتل، فكتب إلى عمر بن عبد العزيز في ذلك، فكتب إليه عمر بن عبد العزيز: لو أخذت بأيسر ذلك.

وسمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا في الذي يسرق أمتعة الناس التي تكون موضوعة بالأسواق محرزة، قد أحرزها أهلها في أوعيتهم، وضموا بعضها إلى بعض: إنه من سرق من ذلك شيئاً من حرزه، فبلغ قيمته ما يجب فيه القطع فإن عليه القطع كان صاحب المتاع عند متاعه أو لم يكن، ليلاً ذلك أو نهاراً.

قال مالك –رحمه الله- في الذي يسرق ما يجب عليه فيه القطع ثم يوجد معه ما سرق فيرد إلى صاحبه إنه تقطع يده.

قال مالك -رحمه الله-: "فإن قال قائل: كيف تقطع يده، وقد أخذ المتاع منه، ودفع إلى صاحبه فإنما هو بمنزلة الشارب يوجد منه ريح الشراب المسكر، وليس به سكر فيجلد الحد.

قال مالك -رحمه الله-: وإنما يجلد الحد في المسكر إذا شربه، وإن لم يسكره، وذلك أنه إنما شربه ليسكره، فكذلك تقطع يد السارق في السرقة التي أخذت منه، ولو لم ينتفع بها ورجعت إلى صاحبها، وإنما سرقها حين سرقها ليذهب بها.

قال مالك -رحمه الله- في القوم يأتون إلى البيت فيسرقون منه جميعاً، فيخرجون بالعدل يحملونه جميعاً، أو الصندوق أو الخشبة أو بالمكتل، أو ما أشبه ذلك، مما يحمله القوم جميعاً: إنهم إذا أخرجوا ذلك من حرزه وهم يحملونه جميعاً فبلغ ثمن ما خرجوا به من ذلك ما يجب فيه القطع، وذلك ثلاثة دراهم فصاعداً، فعليهم القطع جميعاً.

قال مالك -رحمه الله-: وإن خرج كل واحد منهم بمتاع على حدته فمن خرج منهم بما تبلغ قيمته ثلاثة دراهم فصاعداً فعليه القطع، ومن لم يخرج منهم بما تبلغ قيمته ثلاثة دراهم فلا قطع عليه.

قال مالك -رحمه الله-: الأمر عندنا أنه إذا كانت دار رجل مغلقة عليه، ليس معه فيها غيره فإنه لا يجب على من سرق منها شيئاً القطع حتى يخرج به من الدار كلها، وذلك أن الدار كلها هي حرزه، فإن كان معه في الدار ساكن غيره، وكان كل إنسان منهم يغلق عليه بابه، وكانت حرزاً لهم جميعاً، فمن سرق من بيوت تلك الدار شيئاً يجب فيه القطع فخرج به إلى الدار، فقد أخرجه من حرزه إلى غير حرزه، ووجب عليه فيه القطع.

قال مالك –رحمه الله-: والأمر عندنا في العبد يسرق من متاع سيده أنه إن كان ليس من خدمه ولا ممن يأمن على بيته، ثم دخل سراً فسرق من متاع سيده ما يجب فيه القطع، فلا قطع عليه، وكذلك الأمة إذا سرقت من متاع سيدها لا قطع عليها.

وقال في العبد لا يكون من خدمه ولا ممن يأمن على بيته فدخل سراً فسرق من متاع امرأة سيده ما يجب فيه القطع إنه تقطع يده.

قال: وكذلك أمة المرأة إذا كانت ليست بخادم لها، ولا لزوجها، ولا ممن تأمن على بيتها فدخلت سراً فسرقت من متاع سيدتها ما يجب فيه القطع فلا قطع عليها.

قال مالك -رحمه الله-: وكذلك أمة المرأة التي لا يكون من خدمها ولا ممن تأمن على...

لا تكون، لا تكون.

أحسن الله إليك.

تكون؟

تكون التي لا تكون.

وكذلك أمة المرأة التي لا تكون من خدمها ولا ممن تأمن على بيتها فدخلت سراً، فسرقت من متاع زوج سيدتها ما يجب فيه القطع أنها تقطع يدها.

قال مالك –رحمه الله-: وكذلك الرجل يسرق من متاع امرأته، أو المرأة تسرق من متاع زوجها ما يجب فيه القطع، إن كان الذي سرق كل واحد منهما من متاع صاحبه في بيت سوى البيت الذي يغلقان عليهما، وكان في حرز سوى البيت الذي هما فيه، فإن من سرق منهما من متاع صاحبه ما يجب فيه القطع فعليه القطع فيه.

قال مالك –رحمه الله- في الصبي الصغير والأعجمي الذي لا يفصح أنهما إذا سرقا من حرزهما أو غلقهما فعلى من سرقهما القطع، وإن خرجا من حرزهما وغلقهما فليس على من سرقهما قطع، قال: وإنما هو  بمنزلة حريسة الجبل والثمر المعلق.

قال مالك -رحمه الله-: والأمر عندنا في الذي ينبش القبور أنه إذا بلغ ما أخرج من القبر ما يجب فيه القطع فعليه فيه القطع.

وقال مالك -رحمه الله-: وذلك أن القبر حرز لما فيه كما أن البيوت حرز لما فيها، قال: ولا يجب عليه القطع حتى يخرج به من القبر.

يقول المؤلف -رحمه الله-:

باب: جامع القطع

يعني الباب الذي يجمع مسائل متفرقة من مسائل القطع في السرقة.

قال: "حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن رجلاً من أهل اليمن أقطع اليد والرجل قدم" كأنه سرق مرتين فقطعت يده اليمنى في المرة الأولى، ثم رجله اليسرى في المرة الثانية "قدم المدينة من اليمن، فنزل على أبي بكر الصديق" الخليفة "فشكا إليه أن عامل اليمن قد ظلمه، فكان يصلي من الليل" ليغر الخليفة الراشد بتنسكه، ويبرهن على ظلم من قطعه "فكان يصلي من الليل، فيقول أبو بكر: وأبيك ما ليلك بليل سارق" يعني هذا عبد صالح يقوم من الليل، كيف يتهم بسرقة؟ يعني الناس يحسنون الظن بالعابد الذي يتعبد، يحسن الناس به الظن كثيراً، وهذا هو الأصل، كما تقدم في كتاب الموطأ أن الإمام مالك -رحمه الله- خرج لعبد الكريم بن أبي المخارق أبي أمية، وهو ضعيف، ومن شرطه ألا يخرج إلا لثقة، فسئل، فقال: غرني بكثرة جلوسه في المسجد.

لا شك أن الناس يغترون وينخدعون بمن ظاهره الصلاح، أو من يزيد على غيره في هذا الصلاح، ولو ظاهراً، والسرائر إلى الله -جل وعلا-، فلا شك أن التعامل إنما هو على الظاهر، والسرائر موكولة إلى الله -جل وعلا-، هذا بالنسبة لغير حقوق المخلوقين، يعني الأمور التي يكون فيها أكثر من طرف لا يؤثر مثل هذا العمل على الحكم في هذه القضية، لا بد أن تؤخذ بالعدل والمقدمات الشرعية، ثم تخرج النتائج شرعية، أما الأمور التي ليس فيها أطراف فإنه يعمل فيها بالظاهر، والأصل في المسلم العدالة، إذا لم يظهر منه علامات تدل على فسقه، فإنه إنما يعمل بظاهره، وفي حقوق العباد يطلب فيها التزكية، العدالة الباطنة، الخبرة الباطنة التي هي التزكية، ولذا الرواة يُطلب من يزكيهم، الشهود يُطلب من يزكيهم، لا بد، ولا يُكتفى بالظاهر إلا على قول من لا يشترط مزيداً على الإسلام في الراوي، فهذا قول معروف عند بعض أهل العلم.

على كل حال كان يصلي من الليل "فيقول أبو بكر: وأبيك ما ليلك بليل سارق" هذا مشكل؛ لأن الذي يظهر أن الواو واو قسم، وهو قسم بغير الله -جل وعلا-، وهذا شرك، فهل يقال: إن الخليفة الراشد قصد به القسم؟ أو جرى على لسانه هذا الكلام من غير إرادة كما يجاب بهذا عن بعض الأحاديث التي جاء فيها القسم بغير الله؟ جاء ((أفلح وأبيه إن صدق)) يقولون: هذا لا يقصد به التعظيم، وإنما هو شيء يجري على اللسان دون قصد، بالنسبة للنصوص المرفوعة تُخرج على أنها كانت قبل التحريم، أو كما جاء في صحيح مسلم: ((أفلح وأبيه إن صدق)) أن السهيلي قال: إنه وقف على نسخة عتيقة من صحيح مسلم تصحفت فيها الكلمة، أصلها (والله) فقصرت اللامان فأشبهت في الصورة وأبيه، وإلا أصلها (والله) لكن هنا ماذا نقول: وأبيك؟ هل نقول: إنها أصلها والله ثم تصحفت إلى أبيك؟ احتمال، ولا يظن بالخليفة الراشد أنه يخالف ما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، أو يقال: إن أبا بكر..، يتصور أن أبا بكر -رضي الله عنه وأرضاه- ما بلغه النهي؟ نعم؟ عمر -رضي الله عنه- أقسم بأبيه، فلما سمع النهي كف، فهل نقول: إن أبا بكر ما بلغه النهي؟ احتمال؛ لأنه خفي عليه أشياء من النصوص، ما وجد عند غيره من صغار الصحابة، ولا يشترط في الفاضل أن يكون أفضل من غيره من كل وجه، أو أعلم من غيره في كل باب من أبواب الدين، هذا ما يمكن، فاحتمال أن يكون ما بلغه النهي، احتمال أن تكون مصحفة عن (والله) كما قال السهيلي في الحديث الآخر.

"ما ليلك بليل سارق" يعني الذي يصلي الليل هل يتصور منه أنه يسرق؟ نعم؟

طالب:........

ويش المانع؟ عندك أوجه منها؟ عندك أوجه منها؟ أو نقول: يجوز القسم بغير الله؟

طالب:........

........ اللي بعده، الصورة واحدة، ترى لو تأملت، ما في نقط في وقتهم، في وقتهم ما في شيء اسمه نقط.

طالب:........

ويش تقول؟ مثل إيش؟

طالب:........

هذا تصحيف، الباء هذه بس لو رفعت اللام هذه، الباء والياء لو رفعتا صارت والله.

طالب:........

إيه، لكن هذا إذا كان يعلم نعم فهو شرك، هذا شرك أمره عظيم ما هو بسهل، من خير الأمة بعد نبيها.

طالب:........

نعم؟

طالب:........

"يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن رجلاً" يعني القاسم بن محمد هل لقي أو لحق بجده؟ يعني أدرك جده؟

طالب:........

هذا ما في إشكال، الضعيف لا يتكلف اعتباره، لكن ويش سبب الضعف؟

طالب:........

لا، هو ما فيه إلا إن كان القاسم بن محمد ما أدرك أبا بكر، هو ما أدركه؟

طالب:........

إيه، إيه، أبوه محمد بن أبي بكر ولد عام حجة الوداع بالمحرم، فإدراكه لأبيه محمد هذا نعم إدراكه لأبيه بعيد يعني عمره سنتين، نعم، أو سنتين ونصف، ما يدرك، فضلاً عن ابنه، وكون القاسم بن محمد يروي هذه القصة وهو لم يدركها بصيغة (أن) أن رجلاً، هذا منقطع بلا شك؛ لأنه يذكر قصة لم يدركها.

طالب:........

نعم هو تابعي بلا شك، نعم؟

طالب:........

معروف، معروف هذا، وقد يقولون: إننا لا نقصد التعظيم، هذه حجتهم، والنسيان شيء يجري على ألسنتهم، ولذلك القول بأنه شيء يجري على اللسان ضعيف، فما عندنا إلا أنه إن صح الخبر ما بلغ أبا بكر، وإن صح النهي ما بلغ، وإلا مصحفة، ولا يظن بخير الأمة بعد نبيها أنه يعرف النهي ويتعداه، وعلى كل حال ما دام الخبر يرويه القاسم بن محمد، وهو لم يدرك جده، بيقين لم يدرك جده، هو بيقين لم يدرك جده، نعم؟

طالب:........

قريبة ترى الشكل، الكاف قريبة، الكاف قريبة من الهاء؛ لأن الهاء تكتب على صور كثيرة إذا كانت متطرفة، نعم؟

طالب:........

وين؟

طالب:........

لا هو بالنسبة لهذا الحديث ممكن، أما بالنسبة لحديث مسلم والسهيلي إمام، وقد يقول: وقفت على نسخة عتيقة من صحيح مسلم فيها: "وأبيه" انتهى الإشكال، يعني مجرد دعوى، لكن ما دام وقف عليها ما هي بدعوة هذه حقيقة.

على كل حال القاسم بن محمد لم يدرك جده بيقين، فالخبر منقطع، نعم؟

طالب:........

ويش هي؟

طالب:........

ما أظن، ما أظن، الواو....... القسم.

"ما ليلك بليل سارق" يعني هذا الذي يقوم الليل يتصور منه أن يسرق، والصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، وجيء إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فقيل له: إن فلاناً يقوم الليل، ويفعل الفواحش بالنهار، قال: سينهاه ما ذكرت، فقيام الليل لا شك أنه ينهى، والصلاة عموماًَ تنهى عن الفحشاء والمنكر إذا أديت على الوجه الشرعي.

"ثم إنهم فقدوا عقداً لأسماء بنت عميس امرأة أبي بكر الصديق" يعني القصة متصورة، يعني تصورها ممكن، يعني أن السارق يلبس على الناس، وكذلك العاصي يلبس على الناس، ويظهر نفسه مظهر البريء، فيقوم الليل، ويدعو على فعل من هذه الجرائم "فجعل الرجل يطوف معهم ويقول" يطوف يبحث عن هذا العقد، نعم، يبحث عنه، ولذلك الآن من حيل السراق الآن أنه يسرق ثم يهرب، فإذا تبعه الناس اختلط بهم، وصار يبحث عن السارق معهم، أمسكوه، امسكوه، وهو هو، فهذه من حيلهم.

يقول: "اللهم عليك بمن بيت أهل هذا البيت الصالح، فوجدوا الحلي عند صائغ زعم أن الأقطع جاءه به، فاعترف به الأقطع أو شهد عليه به فأمر به أبو بكر الصديق فقطعت يده اليسرى" يعني اللفظ ويش فيه ما ينكر الآن؟ ما في إلا القسم بغير الله -جل وعلا-، وإلا القصة يمكن أن تحصل، ولها نظائر "زعم أن الأقطع جاء به، فاعترف به الأقطع أو شهد عليه به فأمر به أبو بكر الصديق فقطعت يده" يعني دعوى الصائغ أن الذي جاء به الأقطع تكفي وإلا ما تكفي؟ ما تكفي؛ لأنها قرينة، إنما العبرة باعترافه، أو الشهادة عليه "فأمر به أبو بكر الصديق فقطعت يده اليسرى، وقال أبو بكر الصديق: والله لدعاؤه على نفسه أشد عندي عليه من سرقته" كيف يدعو على نفسه؟! "اللهم عليك بمن بيت أهل هذا البيت الصالح" يعني إذا كانت السرقة تفقده يده، فالدعوة قد تفقده نفسه.

"قال يحيى: قال مالك: الأمر عندنا في الذي يسرق مراراً" نعم؟

طالب:........

وين؟

طالب:........

إيه ما في وسيلة يتصرف فيه إلا بهذا، أنت تصور أنه لو دفنه في مكانه إلى أن يقفل، ويرجع إلى بلده، ويبيعه هناك، أو إلى وقت بحيث ينسى، تنسى فيه القصة، نعم، لكن من كان ديدنه مثل هذا الأمر، ولو تصنع لا بد أن ينكشف، لا بد أن يفتضح.

"قال يحيى: قال مالك: الأمر عندنا في الذي يسرق مراراً ثم يستعدى عليه إنه ليس عليه إلا أن تقطع يده لجميع من سرق منه" يعني إذا سرق مراراً وما أقيم عليه الحد في المرة الأولى والثانية والثالثة والعاشرة، في الحادية عشرة، يقطع مرة وإلا مرار؟ مرة واحدة، الحدود تتداخل.

زنا مراراً وما قدر عليه إلا في المرة المائة مثلاً يحد مرة واحدة.

"ثم يستعدى عليه إلا أن تقطع يده لجميع من سرق منه إذا لم يكن أقيم عليه الحد" يعني لو أقيم عليه الحد قبل ذلك، ثم سرق يقام عليه الحد مرة ثانية، يعني الحدود والكفارات كلها تتداخل، إذا اتحدت أسبابها، ولم يحد من ارتكب الحد، أو يكفر من ارتكب المخالفة التي تقتضي التكفير "إذا لم يكن أقيم عليه الحد، فإن كان قد أقيم عليه الحد قبل ذلك ثم سرق ما يجب فيه القطع قطع أيضاً" لأن التداخل إنما يكون إذا لم يقم عليه الحد في المرة الأولى، أو لم يكفر الكفارة المترتبة على ذنبه في المرة الأولى، أما إذا كفر في المرة الأولى، أو أقيم عليه الحد في المرة الأولى فإنها حينئذٍ لا تتداخل.

قال: "وحدثني عن مالك أن أبا الزناد أخبره أن عاملاً لعمر بن عبد العزيز أخذ ناساً في حرابة"  حدثني عن مالك أن أبا الزناد أخبره أن عاملاً لعمر بن عبد العزيز أخذ ناساً في حرابة، قطاع طريق، أخذهم "ولم يقتلوا أحداً" قبل أن يتمكنوا من قتل أحد أخذوا "فأراد أن يقطع أيديهم أو يقتل" أراد أن يقطع أو يقتل؛ لأن الآية آية الحرابة جاءت بـ(أو) والخلاف في (أو) هذه هل هي للتخيير أو للتقسيم؟ فكونه تردد في معنى (أو) أراد أن يقطع أو يقتل، كتب إلى عمر بن عبد العزيز لبراءة ذمته "في ذلك فكتب إليه عمر بن عبد العزيز: لو أخذت بأيسر ذلك" يعني أيسر ما ذكر في الآية، وهو إيش؟ النفي، النفي هؤلاء ما قتلوا أحداً، ولا يدرى هل سرقوا المال أو ما سرقوا؟ المقصود أنهم لم يقتلوا أحداً، فأراد أن يقطع أيديهم أو يقتل، تردد، فكتب إلى عمر بن عبد العزيز في ذلك، فكتب إليه لو أخذت بأيسر ذلك، ما دام ما قتلوا، ومثل هذا التصرف من هذا الخليفة الراشد مناسب جداً لوقتهم؛ لأن الناس في وقته أمنوا على أنفسهم وأعراضهم وأموالهم، ولم يذكر شيء مما يخل بالأمن؛ لإقامته العدل بدقة، وبحزم بين الناس، فأمن الناس على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم، فما وجد مخالف في عهده -رحمه الله-، فإذا أخذ الناس بأيسر الأمور في مثل هذا العصر هذا الأصل، لكن لو كان الوضع يختلف كل يوم ممسوك مجموعة من الذين يقطعون الطريق، ويحاربون الناس، ويتحصنون بالجبال والكهوف، وما أشبه ذلك مثل هؤلاء الآية تحتمل؛ لأنها جاءت بـ(أو) والاجتهاد بابه مفتوح، فلولي الأمر أن يستعمل الأشد في مثل هذا، وتبعاً للاختلاف في معنى (أو) يختلف أهل العلم هل هي للتقسيم؟ {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ} [(33) سورة المائدة] ويكون لكل حكم نظيره مما يستحق هذا الحكم من فعل المحارب {أَن يُقَتَّلُواْ} هذا إذا قتل ما في إشكال {أَوْ يُصَلَّبُواْ} إذا قتلوا وسرقوا المال، وأخافوا الناس يصلبون، ومن لازم الصلب أن يقتل بدون صلب، أو يصلب بعد قتله أو قبله، وبعض أهل العلم أنه يصلب قبل ثم يرمى بالسهام حتى يموت، فيقتل وهو مصلوب، ومنهم من يقول: لا، يقتل ثم يصلب، {أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ} إذا سرقوا المال، ولم يقتلوا أحداً تغلظ عليهم العقوبة نظراً لإخافتهم السبل {أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ} ويختلف أهل العلم في (أو) هذه، وتبعاً للخلاف يختلف الحكم، فعندنا مثلاً في عند الحنابلة في مختصر الخرقي يقول: "باب قطاع الطريق والمحاربون هم الذين يعرضون للقوم بالسلاح في الصحراء فيغصبونهم المال مجاهرة، فمن قتل منهم وأخذ المال قتل، وإن عفا صاحب المال يعني قتل وصلب حتى يشتهر، ودفع إلى أهله، يعني يقتل قتل وأخذ المال يقتل ويصلب، حتى يشتهر ويدفع إلى أهله، ومن قتل منهم ولم يأخذ المال قتل ولم يصلب، ومن أخذ المال ولم يقتل قطعت يده اليمنى، ثم رجله اليسرى في مقام واحد، ثم حسما وخلي، ولا يقطع منهم إلا من أخذ ما يقطع السارق بمثله، ونفيهم أن يشردوا، ولا يتركون يأوون في بلد، فإن تابوا من قبل أن يُقدر عليهم سقطت عنهم حدود الله تعالى، وأخذوا بحقوق الآدميين من الأنفس والجراح والأموال، إلا أن يعفى لهم عنها.

الحافظ ابن كثير -رحمه الله- في الآية يقول: قوله: {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ} [(33) سورة المائدة] الآية، المحاربة هي المضادة والمخالفة، وهي صادقة على الكفر وعلى قطع الطريق، وإخافة السبيل، وكذا الإفساد في الأرض يطلق على أنواع من الشر، حتى قال كثير من السلف منهم سعيد بن المسيب: إن قبض الدراهم والدنانير من الإفساد في الأرض، ما هو قبض هذا، الظاهر أنه تزوير الدراهم والدنانير، أو قص الدراهم والدنانير، يعني الأخذ منها؛ لأنها إنما بالوزن تكون، أو قرض، نعم؟

طالب:........

كيف؟

طالب:........

كيف؟

طالب:........

لا، لا، الدراهم والدنانير عملات وزنها معروف ذهب وفضة، الذي يقرضها بالمقراض ويقص منها هذا تزوير، نعم.

قال: إن قبض الدراهم والدنانير من الإفساد في الأرض، الذي يظهر أنها قرض، يعني قرضها بالمقراض، أو قصها والأخذ منها، قال الله تعالى: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ} [(205) سورة البقرة] ثم قال بعضهم: نزلت هذه الآية الكريمة في المشركين إلى أن قال: والصحيح أن هذه الآية عامة في المشركين وغيرهم ممن ارتكب هذه الصفات، كما رواه البخاري ومسلم من حديث أبي قلابة واسمه عبد الله بن زيد الجرمي، ثم ذكر قصة العرنيين، ثم قال: إنها نزلت فيهم الآية، ثم قد احتج بعموم هذه الآية جمهور العلماء في ذهابهم إلى أن حكم المحاربة في الأمصار وفي السبلان، يعني في السبل على السواء، يعني داخل الأمصار وفي الطرق والصحاري، لقوله: {وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا} [(33) سورة المائدة] وهذا مذهب مالك والأوزاعي والليث بن سعد والشافعي وأحمد بن حنبل، حتى قال مالك في الذي يغتال الرجل فيخدعه حتى يدخله بيتاً فيقتله، ويأخذ ما معه أن هذه محاربة، ودمه إلى السلطان لا إلى ولي المقتول، ولا اعتبار بعفوه عنه في إسقاط القتل، وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا تكون المحاربة إلا في الطرقات، فأما في الأمصار فلا؛ لأنه يلحقه الغوث إذا استغاث بخلاف الطريق لبعده ممن يغيثه ويعينه.

قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس في الآية: من شهر السلاح في فئة الإسلام، وأخاف السبيل، ثم ظفر به وقدر عليه فإمام المسلمين فيه بالخيار، إن شاء قتله، وإن شاء صلبه، وإن شاء قطع يده ورجله، وهذا بناءً على أن (أو) للتخيير، وكذا قال سعيد بن المسيب ومجاهد وعطاء والحسن البصري وإبراهيم النخعي والضحاك، وروى ذلك كله أبو جعفر ابن جرير، وحكى مثله عن مالك بن أنس، ومستند هذا القول أن ظاهر (أو) للتخيير كما في نظائر ذلك من القرآن.

وبعد ذلك قال: وقال الجمهور: هذه الآية منزلة على أحوال، الآن ذكر أنها للتخيير، ثم قال..، هذا كلام ابن عباس وحكى مثله عن مالك، ثم قال: وقال الجمهور: وهذه الآية منزلة على أحوال، كما قال أبو عبد الله الشافعي عن ابن عباس في قطاع الطريق إذا قتلوا وأخذوا المال قتلوا وصلبوا، وإذا قتلوا ولم يأخذوا المال قتلوا ولم يصلبوا، وإذا أخذوا المال ولم يقتلوا قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف، وإذا أخافوا السبيل ولم يأخذوا المال نفوا من الأرض.

ثم قال بعد ذلك في النفي: وقال آخرون: قال بعضهم ينفوا من الأرض، قال بعضهم: هو أن يطلب حتى يقدر عليه فيقام عليه الحد، أو يهرب من دار الإسلام، رواه ابن جرير عن ابن عباس وأنس بن مالك... إلى آخره، ثم قال: وقال آخرون أنه ينفى من بلده إلى بلد آخر، يعني كما ينفى الزاني البكر، أو يخرجه السلطان أو نائبه من معاملته بالكلية، وقال الشعبي: ينفيه كما قال ابن هبيرة من عمله كله، يعني إلى إقليم آخر.

وقال عطاء الخراساني: ينفى من جند إلى جند سنين، ولا يخرج من دار الإسلام؛ لأنه خطر عليه أن يرتد، وكذا قال سعيد بن جبير وأبو الشعثاء والحسن والزهري والضحاك ومقاتل بن حيان أنه ينفى ولا يخرج من أرض الإسلام، وقال آخرون: المراد بالنفي ها هنا السجن، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه، واختار ابن جرير أن المراد بالنفي هنا أن يخرج من بلده إلى بلد آخر فيسجن فيه، لا بد أن يسجن؛ لأنه لو ترك ما أمن على تكرار هذه الجريمة.

"قال يحيى: وسمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا في الذي يسرق أمتعة الناس التي تكون موضوعة بالأسواق محرزة، قد أحرزها أهلها في أوعيتهم، وضموا بعضها إلى بعض إنه من سرق من ذلك شيئاً من حرزه، فبلغ قيمته ما يجب فيه القطع، فإن عليه القطع كان صاحب المتاع عند متاعه أو لم يكن، ليلاً كان ذلك أو نهاراً".

يعني عندهم أكياس، أصحاب العيش مثلاً يحضرون هذا العيش في أكياس، وترص هذه الأكياس بعضها فوق بعض في السوق، هؤلاء كأنهم أحرزوا أموالهم في هذه الأكياس، فهل هذا حرز وإلا ليس بحرز؟ يقول: "الأمر عندنا في الذي يسرق أمتعة الناس التي تكون موضوعة بالأسواق محرزة قد أحرزها أهلها في أوعيتهم" يعني ليس في أماكن يغلق عليها، إنما هي في الأوعية في أكياس "وضموا بعضها إلى بعض" يعني رصوا هذه الأكياس بعضها إلى بعض "أنه من سرق من ذلك شيئاً من حرزه فبلغ قيمته ما يجب فيه القطع فإن عليه القطع كان صاحب المتاع عند متاعه أو لم يكن، ليلاً كان ذلك أو نهاراً" يعني سواءً كان ذلك في الليل أو في النهار، يعني على هذا أهل المحلات الذين يضعون أمتعتهم خارج محلاتهم لا يلزمهم عسس، ولا يلزمهم حراس، ولا يلزمهم، هذه محرزة؛ لأن بعض الناس يضيق محله ببضاعته ثم يرص بعض البضاعة بعضها على بعض خارج الدكان، خارج المحل، يقول: هذا حرز، لكن الذي يظهر -والله أعلم- أن مثل هذا ليس بحرز؛ لأنه متروك، يعني لو جاء واحد بسيارته وأخذ له كيس من هذه الأكياس التي مرمية ومركوم بعضها على بعض في السوق، يقال: أخذه من حرزه؟ لا هذا ليس بحرز.

"قال مالك في الذي يسرق ما يجب عليه فيه القطع، ثم يوجد معه ما سرق فيرد إلى صاحبه إنه تقطع يده" يعني يرد إلى صاحبه لأن هذا حق الآدمي، وأما القطع فإنه حق لله -جل وعلا-، ما دام بلغ النصاب، وكان من حرزه.

"قال مالك: فإن قال قائل: كيف تقطع يده وقد أخذ المتاع منه؟" الآن المال أخذ منه كيف تقطع يده؟ قطع اليد في مقابل إيش؟ في مقابل الجناية، وهي حق لله -جل وعلا-، وأما المال إذا رد إلى صاحبه فانتهى حقه، يبقى أن حق الله -جل وعلا- باق، ولا يجوز العفو عنه إذا وصل إلى السلطان.

"كيف تقطع يده وقد أخذ المتاع منه ودفع به إلى صاحبه؟ قال: فإنما هو بمنزلة الشارب يوجد منه ريح الشراب المسكر وليس به سكر فيجلد الحد" يعني إذا استنكه الإنسان الذي شرب الخمر، فوجدت منه رائحة الخمر، ولو كان بعد إفاقته، ولو كان ذلك بعد إفاقته، أو لم يسكر منه أصلاً لاعتياده على ذلك، يقول: ما دام شرب فالحد مرتب على الشرب، فيحد.

قال: "وإنما يجلد الحد في المسكر إذا شربه وإن لم يسكره" هو الأصل أن السكر والخمر ما يغطي العقل، لكن قد يكون بعض الناس ممن اعتاد نسأل الله السلامة والعافية الشرب، قد لا يغطي عقله ما يغطي عقول سائر الناس، فإن هذا لا شك أنه يجلد الحد "وذلك أنه إنما شربه ليسكره، فكذلك تقطع يد السارق في السرقة التي أخذت منه، ولو لم ينتفع بها، ورجعت إلى صاحبها، وإنما سرقها حين سرقها ليذهب بها" لينتفع بها، وإن أخذت منه فإن هذا على خلاف مقصوده ومراده، ولو كان مقصوده أن يأخذها ويعيدها إلى صاحبها ما صارت سرقة.

طالب:........

نعم إذا وجدت الإخافة فهي حرابة، فإن صحبها قتل أو سرقة صار حرابة تامة، وإن وجد الإخافة فقط ولم توجد السرقة ولا القتل هذه حرابة، وإن كانت ناقصة.

طالب:........

من ليش؟

طالب:........

هذه نهبة، ولا ينتهب نهبة وهو مؤمن، هذه نهبة، يعني السرقة علانية نهبة، بعض الناس يدخل في المحلات فيسرق بفمه، يدخل محل مكسرات ويأكل ما قيمته نصابين أو ثلاثة، ويمر هذا كأنه يجربه، فإذا شبع خرج، هذه ليست بسرقة، لكنه يغرم، ويعز أيضاً، نعم؟

طالب:........

ما قلنا: حرز هذه، هذه نهبة، يعني يعزر عليها.

المسألة التي يختلف فيها أهل العلم: جحد العارية التي جاء فيها الحديث الصحيح، جحد العارية، يستعير المتاع ثم يجحده، لا شك أن بالنسبة لحد أو تعريف السرقة ينطبق عليه وإلا ما ينطبق؟ هل أخذ المال خفية؟ ما أخذه خفية، لكنه بحيث يصعب على صاحب العارية المعير إقامة بينة على دعواه، ومن باب ردع من يفعل مثل هذا قطع النبي -عليه الصلاة والسلام- يدها.

"قال مالك في القوم يأتون إلى البيت فيسرقون منه جميعاً" يدخل مجموعة خمسة ستة عشرة فيسرقون شيئاً لا يستطيع حمله الشخص الواحد، يشتركون في حمله "فيخرجون بالعدل يحملونه جميعاً" العدل الكيس الكبير الذي فيه المتاع أو الطعام "أو الصندوق أو الخشبة أو بالمكتل أو ما أشبه ذلك مما يحمله القوم جميعاً" يعني لا يستطيع الواحد أو الاثنين، وإنما يحمله مجموعة "مما يحمله القوم جميعاً: إنهم إذا أخرجوا ذلك من حرزه وهم يحملونه جميعاً، فبلغ ثمن ما خرجوا به من ذلك ما يجب فيه القطع، وذلك ثلاثة دراهم فصاعداً، فعليهم القطع جميعاً" لا يقال: إن قيمته تقسم عليهم، فإذا بلغ نصيب كل واحد منهم نصاب يقطعون وإلا فلا، لا، لكن لو كانت أمور مفرقة، ودخلوا جميعاً، وهذا سرق جوال، وهذا سرق قلم، وهذا سرق كذا، وهذا كذا، ينظر فيما سرقوا كل على حدة، لكن لو حملوها جميعاً، هذه الأمور التي سرقت مجموعة في إناء واحد، في زنبيل واحد، واجتمعوا عليه فحملوه واشتركوا فيه، يقطعون كلهم، لكن لو دخل العشرة وهذا سرق قلم، وهذا سرق مسطرة، وهذا سرق جوال، وهذا سرق شيء، ينظر فيما سرقوا، فكل واحد على حدة، نعم؟

طالب:........

لا، لا، الكلام في أخذها من حرزها، يعني لو سرقوا كل واحد سرق قلم، وقيمة كل قلم درهم، ثم في النهاية لما أخرجوها من الحرز قالوا: كل ها الأقلام لك يا فلان، يقطع؟ لا ما يقطع، لكن لو كانت هذه الأقلام محزومة بحبل، ومحرزة في مكان، وأخرجها واحد منهم عليه القطع.

هناك الأماكن العامة مثل المسجد مثلاً، لو جاء واحد وأخذ الأجهزة في المسجد، وأقيامها عالية، يقطع وإلا ما يقطع؟ يعني سرق من بيت المال مثلاً؟

طالب:........

في شبهة، المسجد حرز وإلا ما هو بحرز؟

طالب:........

ومالكه شخص وإلا مآله إلى بيت المال؟ وغرمه على بيت المال؟

طالب:........

لكن غرمه على بيت المال، ومآله لو استغني عنه يرجع إلى بيت المال، فهل يأخذ حكم بيت المال، ويقال: له فيه شبهة وإلا لا؟ هو ما في شك أن القول بعدم القطع معروف عند أهل العلم، سواءً كان من بيت المال أو من المسجد أو الأماكن العامة من المدارس ونحوها، لكن من أهل العلم من يجري القطع في مثل هذا من باب التعزير.

طالب: المراقب يا شيخ اللي يراقب للمجموعة يقطع معهم؟

إيش يراقب؟

طالب:........

وهو برع.

ينظر لهم.

طالب:........

لا، هذا يعزر؛ لأنه ما أخرج مال من حرزه، يعزر، نعم؟

طالب:........

التعزير بالقطع؟

طالب:........

ما يظهر، ما يظهر؛ لأنه لا يكون هناك فرق بين الحد والتعزير في مثل هذا.

قال: "وإن خرج كل واحد منهم بمتاع على حدته فمن خرج منهم بما تبلغ قيمته ثلاثة دراهم فصاعداً فعليه القطع" يعني سرق قلم قيمته درهم هذا لا يقطع، لكن من سرق متاع قيمته ثلاثة دراهم فأكثر مثل هذا يقطع، "ومن لم يخرج منهم بما تبلغ قيمته ثلاثة دراهم فلا قطع عليه".

"قال يحيى: قال مالك: الأمر عندنا أنه إذا كانت دار رجل مغلقة عليه" نعم؟

طالب:........

وين؟

طالب:........

كل واحد سرق، إذا سرقوا مجموع كلهم مشتركون في هذا المجموع الذي أكثر من نصاب، لكن واحد دخل وأخذ قلم ومشى، هذا ما أخذ نصاب، سرقته مستقلة عن غيره.

طالب:........

ولو كان، ولو كان، ما دام ما سرق ما يبلغ النصاب لا قطع.

طالب:........

لا، لا، ما هم شركاء، حتى لو كانوا شركاء، لكن كل واحد منهم سرق ما تبلغ قيمته نصاب هذا يقطع، واللي ما تبلغ قيمته..، إلا على قول الظاهرية الذين لا يشترطون النصاب.

طالب:........

........ ما عندهم إلا أقلام، بدرهم أمرها سهل.

طالب:........

هاه؟

طالب:........

يا رجال الله المستعان، الأمور الصريحة لو نفذت كفت، نعم؟

طالب:........

كيف؟

طالب:........

إي من أهل العلم من يقول: إنه يعزر، يشدد عليه في الحكم ويقطع.

 طالب:......

على كل حال مثل هذا أصل الخلاف موجود بين أهل العلم، مال محرز يبلغ النصاب، ويش المانع من القطع فيه؟ بغض النظر عن مالكه.

طالب:........

لا صفوان لو كان صاحي قلنا هذه نهبة، لكن نائم صفوان، تختلف النهبة عن السرقة، وهذا ما هو بيأخذ خفية، الذي أخذ الرداء خفية خشية أن ينتبه صاحبه.

"قال يحيى: قال مالك: الأمر عندنا أنه إذا كانت دار رجل مغلقة عليه ليس معه فيها غيره فإنه لا يجب على من سرق منها شيئاً القطع حتى يخرج به من الدار كلها" يعني لو طلع المسروق من الغرفة إلى الصالة، أو من الصالة إلى الحوش يجب قطع وإلا ما يجب قطع؟ ما يجب قطع حتى يخرجها من البيت، لما وصل الحوش مُسك ما بعد طلع، هذا فيه قطع وإلا ما فيه؟ ما في قطع، هذا إذا كان مستقلاً بالبيت، أما إذا كان البيت مسكون من قبل مجموعة، كل شخص بغرفة، فأخرجه من الغرفة خلاص يقطع، ولذا يقول: "فإنه لا يجب على من سرق منها شيئاً القطع حتى يخرج به من الدار كلها، وذلك أن الدار كلها هي حرزه، فإن كان معه في الدار ساكن غيره، وكان كل إنسان منهم يغلق عليه بابه، وكانت حرزاً لهم جميعاً، فمن سرق من بيوت تلك الدار" يعني من الغرف "من بيوت تلك الدار شيئاً يجب فيه القطع، فخرج به إلى الدار" يعني من هذه الغرف "فقد أخرجه من حرزه إلى غير حرزه، ووجب عليه فيه القطع" لأن الصالة ما تصير حرز  إذا كانت الغرف مشتركة، والحوش ما يصير حرز إذا كانت الغرف مشتركة.

قال مالك –رحمه الله-: "والأمر عندنا في العبد يسرق من متاع سيده أنه إن كان ليس من خدمه ولا ممن يأمن على بيته، ثم دخل سراً فسرق من متاع سيده ما يجب فيه القطع فلا قطع عليه" يعني هذا عبد لزيد من الناس وجعله يخدم فلان بالأجرة، فدخل بيت سيده في يوم من الأيام وسرق، وهذا لا يأمنه على بيته، "وليس ممن يخدمه، ثم دخل سراً فسرق من متاع سيده ما يجب فيه القطع فلا قطع عليه، وكذلك الأمة إذا سرقت من متاع سيدها لا قطع عليها" ويش الفرق بين كونه ممن يأمنه ومن لا يأمنه؟ كونه يخدمه أو لا يخدمه؟

وقال في العبد: "لا يكون من خدمه ولا ممن يأمن على بيته فدخل سراً فسرق من متاع امرأة سيده ما يجب فيه القطع إنه تقطع يده" يعني الفرق هنا بين كونه مال السيد أو مال زوجة السيد، إن سرق من مال سيده فلا قطع عليه، وإن سرق من مال زوجة سيده قطع.

قال: "وكذلك أمة المرأة إذا كانت ليست بخادم لها ولا لزوجها ولا ممن تأمن على بيتها فدخلت سراً، فسرقت من متاع سيدتها ما يجب فيه القطع فلا قطع عليها" ويش الفرق بين كونها مما يؤمن وممن لا يؤمن؟

طالب:........

الذي يؤمن لا يحذر منه، الذي يؤمن لا يحذر منه، نعم والذي لا يؤمن يحذر منه، ويحترز منه.

"قال مالك: وكذلك أمة المرأة التي لا تكون من خدمها، ولا ممن تأمن على بيتها، فدخلت سراً فسرقت من متاع زوج سيدتها ما يجب فيه القطع أنها تقطع يدها" مثل المسألة السابقة.

"قال مالك: وكذلك الرجل يسرق من متاع امرأته أو المرأة تسرق من متاع زوجها ما يجب فيه القطع إن كان الذي سرق كل واحد منهما من متاع صاحبه في بيت سوى البيت الذي يغلقان عليهما" يعني بيت خاص بالزوجة، وبيت خاص بالزوج، سرقت الزوجة من البيت الخاص، أو الزوج من البيت الخاص لزوجته، هذا له حكم، أما إذا سرق أحدهما من البيت المشترك بينهما له حكم "إن كان الذي سرق كل واحد منهما من متاع صاحبه في بيت سوى البيت الذي يغلقان عليهما، وكان في حرز سوى البيت الذي هما فيه فإن من سرق منهما من متاع صاحبه ما يجب فيه القطع فعليه القطع فيه" يعني ولو كانت زوجته، ولو كان زوجها، لو كان المال لولده، أو سرق الولد من مال أبيه يقطع وإلا ما يقطع؟ لا قطع، لماذا؟ لأن الولد وما يملك لأبيه، والولد له شبهة في مال أبيه.

"قال مالك في الصبي الصغير والأعجمي الذي لا يفصحان أنهما إذا سرقا من حرزهما أو غلقهما فعلى من سرقهما القطع" يعني دخل بيت تسور بيت فأخذ صبي لا يتكلم، أو أعجمي لا يدرى ما يقول، حيث لو وقف أمام التفتيش ما يدري كيف يخبرهم أنه مسروق وإلا شيء، أو حتى رأى شخص من الناس ما يستطيع أن يفهمه.

"إذا سرقا من حرزهما أو غلقهما فعلى من سرقهما القطع" في الصبي الصغير والأعجمي، يعني من العبيد أو من الأحرار؟ لأن السرقة خاصة بالأموال "وإن خرجا من حرزهما وغلقهما" الباب مفتوح، وخرج هذا الصبي الصغير الذي لا يتكلم أو لا ينطق بالعربية "فليس على من سرقهما قطع" لأنه ما دام خرجا من باب البيت فليس بحرز.

"قال: وإنما هما بمنزلة حريسة الجبل والثمر المعلق" هذا ليس من حرزه، وقد تقدم الكلام في حريسة الجبل، وهي التي يأويها الليل إلى جبل تتحصن فيه، هو ليس بحرز، وكذلك الثمر المعلق الذي ليس عليه سور.

"قال مالك: والأمر عندنا في الذي ينبش القبور أنه إذا بلغ ما أخرج من القبر ما يجب فيه القطع فعليه فيه القطع" وهذا يوجد في بعض الأزمان، وفي بعض الأماكن من ينبش القبور ليسرق الأكفان، حتى أن منهم من يفتي بأن الأكفان تخرق؛ لتفسد على السراق، إذا خرقت ولوثت ما يسرقها السارق، ما ينتفع بها، من أجل أن ...، هذا موجود بكثرة في بعض العصور وفي بعض البلدان، ويذكر هذا أيضاً في كتب الأدب والتواريخ، نعم؟

طالب:........

إذا سرق الميت وباعه لأهل الطب من أجل إيش؟ أن يشرح، يتمرن عليه، هل يختلف فيما إذا كان حراً أو عبداً؟ لا يختلف، الحكم لا يختلف، وهل يختلف فيما إذا كان مسلماً أو غير مسلم؟ لا شك أن الأمر يختلف، يعني جيفة كافر مثل مسلم ميت محترم؟ لا شك أن مثل هذا بالنسبة للقطع غير متجه؛ لأنه حر لا يجوز بيعه، لكن فيه التعزير، التعزير الشديد.

"أنه إذا بلغ ما أخرج من القبر ما يجب فيه القطع فعليه فيه القطع".

"قال مالك: وذلك أن القبر حرز لما فيه، كما أن البيوت حرز لما فيها، قال: ولا يجب عليه القطع حتى يخرج به من القبر" يعني لو قبض عليه وهو متلبس بهذه السرقة قبل أن يخرج من القبر، كما لو قبض عليه وهو متلبس بالسرقة قبل أن يخرج من البيت.

 

اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"