شرح كتاب التوحيد - 64

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هذا يقترح قراءة أكثر من باب؛ حتى يتسنى لنا ختم الكتاب قبل نهاية السنة الدراسية، حيث إن المتبقي من الكتاب أربعة عشر بابًا، والمتبقي من الفصل ثمانية أسابيع، فلو تم مثلاً قراءة ثلاثة أبواب: ثلاثة وخمسين، وأربعة وخمسين، وخمسة وخمسين في هذه الليلة، ثم بقية الأبواب القصيرة تُدرج مع بعض، استطعنا أن نختم الكتاب قبل نهاية الفصل؟

 فإذا قلنا: إن المتبقي أربعة عشر بابًا في ثمانية أسابيع يبقى ستة أبواب، ستة أبواب لو خُصص لها -الآن الأسبوع القادم ننتهي من الخرقي- فلو خُصص لها نصيب الخرقي.

طالب:........

ماذا؟

طالب:........

الأسبوع القادم، الأسبوع هذا والقادم.

أو نُخصص لها بعدد الأبواب أيامًا في آخر الفصل تكون دورة نختم بها الكتاب، ولا نجمع أكثر من باب؛ لأن هذا الاقتراح سبق أن قُدِّم؛ لأن ضم بعض الأبواب إلى بعض قال بعض الطلاب: إنه يحرمنا من إطالة النفس في الكتاب، ويحملنا على الاستعجال الذي يُضيع بعضًا؛ لأن العجلة في الذهن تُوجد إرباكًا فما يأخذ الإنسان راحته مع سعة الوقت، فالمسألة إن شاء الله، بإذن الله بإذن الواحد الأحد، ننهي الكتاب في هذا الفصل.    

نعم.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ وآله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمستمعين برحمتك يا أرحم الراحمين.

قال الإمام المجدد –رحمه الله تعالى-: "بابٌ: لا يقول: عبدي وأمتي، في الصحيح عن أبي هريرة –رضي الله عنه- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: «لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ: أطْعِمْ رَبَّكَ، وَضِّئْ رَبَّكَ، وَلْيَقُلْ: سَيِّدِي وَمَوْلَايَ، وَلَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ: عَبْدِي وَأَمَتِي، وَلْيَقُلْ: فَتَايَ وَفَتَاتِي وَغُلَامِي».

فيه مسائل:

الأولى: النهي عن قول: عبدي وأمتي.

الثانية: لا يقل العبد ربي أو يُقال له: أطعم ربك.

الثالثة: تعليم الأول قول: فتاي وفتاتي وغلامي.

الرابعة: تعليم الثاني قول: سيدي ومولاي.

الخامسة: التنبيه للمراد، وهو تحقيق التوحيد حتى في الألفاظ".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد...

فيقول الإمام المجدد –رحمه الله تعالى-: "بابٌ لا يقول: عبدي وأمتي" في الترجمة "لا يقول: عبدي وأمتي" "بابٌ: لا يقول"، وفي الحديث «وَلَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ: عَبْدِي وَأَمَتِي».

النهي هو مدلول اللفظين سواءً كان في الترجمة أو في الحديث، وهي في الترجمة نافية، ويُراد بالنفي هنا النهي، ويقول العلماء: إن النفي إذا أُريد به النهي أو النهي إذا جاء بلفظ النفي يكون أبلغ، لماذا؟ لأنه إذا جاء بصيغة النهي عُرِف أن هذا أمرٌ غير مطلوب يُمتثل، أو لا يُمتثل، هذا تبع الإرادة الإلهية.

أما إذا قال: "لا يقول" فمع كونه غير مطلوب إلا أن المفترض في المخاطب أنه لا يقوله؛ لأنه منهيٌ شرعًا عنه، والأصل في المسلم أن يلتزم، فكأنه امتثل وانتهى، فنُفي حقيقة القول هنا، وفي الحديث نُهي عن القول.

ومن هنا قال أهل العلم: إن النهي إذا جاء بلفظ النفي كان أبلغ؛ لأنه يدل على أن المسلم المفترض أنه امتثل، فلا يحتاج إلى نهي، فيُنفى عنه هذا القول، وإن كان المؤدى واحدًا، لكن ذاك أبلغ على ما قاله أهل العلم.

"لا يقول: عبدي وأمتي" الخلق عبيدٌ لله –جلَّ وعلا- والنساء إماء الله عبيد وعباد لله –جلَّ وعلا- كثيرًا ما يقول: {يَا عِبَادِيَ} [العنكبوت:56] «لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ» فالذكور عبادٌ لله لا لغيره، والنساء إماءٌ لله- جلًّ وعلا-.

هذا من حيث العبودية من العبادة، هناك عبودية الرق التي هي تثبت بالأسر أو بالبيع والشراء، فهذا سيد، وهذا مولاه، هل المولى هذا له أن يقول: أنا عبد فلان؟ ما فيه شخص اسمه عبد خير من الرواة؟ مَن يخرج ترجمته من الجوالات؟

يعني بإضافة العبودية للمخلوق بسبب العبودية التي هي من العبادة هذا سبق الكلام فيه في بابٍ مستقل، وحُرِّم التعبيد لغير الله –جلَّ وعلا-، أما من حيث عبودية الرق فجاء النهي في قوله: «وَلَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ: عَبْدِي وَأَمَتِي»، والعلماء يختلفون في مُفاد النهي هل هو للتحريم أو للكراهة؟

الأصل في النهي التحريم، فالأصل المنع والتحريم، لكن صاحب الفروع وغيره نقلوا عن كثيرٍ من أهل العلم بأن النهي هنا للكراهة.

طالب:.........

عبد خير بن يزيد أبو عمارة.

طالب:........

ثقة، على كل حال من عبودية الرق لا إشكال، لكن...

طالب:........

هو عبد خير؟ من كلامه، لا يروون عنه في كتب السُّنَّة عبد خِير، الرواية عنه في كتب السُّنَّة باسم عبد خَير.

طالب:........

أين؟

طالب:........

المهم أنه تعبيدٌ لغير الله.

طالب:........

نعم، لكن الرواية عنه بهذا الاسم، ما معنى أن نُغيِّر والرواية عنه بهذا الاسم؟

طالب:........

توجد تفصيلات في الحديث الصحيح «وَأَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا».  

طالب:.......

حتى في اللقطة، الضالة «حَتَّى يَجِدَهَا رَبُّهَا» يعني صاحبها، وكلام عبد المطلب: أنا رب الإبل، هذا أمر معروف في الجاهلية وفي الإسلام، لكن ما المحظور مما جاء عنه النهي في الحديث؟ «لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ: أطْعِمْ رَبَّكَ» فيه مشابهة في التسمية، مشابهة هذا المخلوق السيد مع الله –جلَّ وعلا- الذي يُطعِم ولا يُطعَم، ففيه مشابهة في اللفظ، ونُهي عنه؛ من أجل هذه المشابهة.

«وَضِّئْ رَبَّكَ» كذلك كأن هذا الرب وهو السيد بحاجة إلى من يُعينه، والرب المطلق الربوبية لا يحتاج إلى من يُعينه، في بعض الروايات عن مسلم: «اسقِ رَبَّكَ».

طالب:.......

مثل أطعم.

«وَلْيَقُلْ: سَيِّدِي وَمَوْلَايَ» الآن المنهي الغلام والفتاة منهي أن يُقال للغلام العبد أطعم ربك، ومنهي أن يُقال له: وضئ ربك «وَلْيَقُلْ: سَيِّدِي وَمَوْلَايَ»، جاء في الحديث «السَّيِّدُ اللَّهُ» يعني لو أن السيد هو الذي يقول: أنا سيد هذا العبد توجه إليه النهي، هي أخف على كل حال من الرب، لما قيل للرسول –صلى الله عليه وسلم-: أنت سيدنا وابن سيدنا، قال: «السَّيِّدُ اللَّهُ»؛ لأن كون الإنسان يصف نفسه، أو يُقر من يصفه بذلك يكون فيه نوع منازعة لله –جلَّ وعلا-، كونه يُقال له أخف، لكن مع ذلك الرسول –عليه الصلاة والسلام- بصدد أن يُحقق التوحيد وينفي المشابهة، ولو في اللفظ، قال: «السَّيِّدُ اللَّهُ» ومقامه في التواضع معروف –عليه الصلاة والسلام-، حتى أنه نهى أن يُفضَّل على يونس بن متى «لاَ تُفَضِّلُوا بَيْنَ الأنْبِيَاءِ، وَلَا يَقُولَ أَحَدُكُمْ: إنِّي خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ متى» «لاَ تُفَضِّلُوا بَيْنَ الأنْبِيَاءِ» مع أن الله –جلَّ وعلا- قال: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [البقرة:253].

طالب:........

ومع أنه قال ذلك: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ» حينما تغير الظرف؛ لأنه كأنه رأى فيمن قال له: أنت سيدنا شيئًا من التعظيم الذي يُخشى منه التشريك، فقال: «السَّيِّدُ اللَّهُ» لكن لما انتفى هذا المحظور قال: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ»- عليه الصلاة والسلام-.

طالب:.......

قالها لليهود، لكن المقامات والظروف والأحوال تختلف؛ ولذلك جاء إطلاق الرب على غير الله– جلَّ وعلا- لاسيما إذا كان المربوب من غير العقلاء كالدواب، ورب الدار، ورب أي مادة من المواد مما لا يعقل.

طالب:........

نعم العزيز العزيز {إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ} [يوسف:23] وهذا يُمكن أن يُجاب عنه بأنه شرع من قبلنا.

طالب:.......

شرع من قبلنا عندك «أطْعِمْ رَبَّكَ، وَضِّئْ رَبَّكَ، وَلْيَقُلْ: سَيِّدِي» السيد من السيادة والسؤدد.

طالب:.......

دينهم واحد، لكن الألفاظ هل تدخل في الأحكام؟

طالب:.......

نعم ما يخالف، هل هي... بل فيه ما أهو أشد من ذلك، السجود أعظم من ذلك، ما أحد قال... يُقال: شر من قبلنا.

طالب:.......

على كل حال الباب كله هل هو للتحريم أو للكراهة؟ لأنه جاءت نصوص تدل على الجواز، وهذه النصوص التي تدل على الجواز قالوا: إنها صارفة للنهي الموجود من التحريم إلى الكراهة.

السيد من السيادة ومن السؤدد، وبهذا اللفظ سيِّد بالتشديد، وينطقها كثيرٌ من الناس بالتخفيف، أنتم تقولون: سِيدي؟

طالب:.......

لا، أين الجد من هذا؟ على الكبير أو على المعظَّم سِيدي، ما هو بسيدي .....

طالب:.......

ما هي مُستعملة عندكم؟

طالب: المغاربة أكثر.

عند المغاربة وغيرهم، فالسِّيد تخفيف للسيِّد، وابن السِّيد من هو ابن السِّيد؟

طالب:.......

ابن السِّيد البطليوسي تعرفه؟

طالب:.......

السيد يُطلق على الذئب.

طالب:.......

ماذا؟

طالب:........

هو مدح ما هو بذم.

طالب:.........

ما تغير شيء، تصير وحشًا، قيل للكسائي: لما لا تهمز الذئب؟ قال: أخاف أن يأكلني.

المقصود أن السِّيد يُطلق على الذئب، وابن السِّيد البطليوسي، قالوا: مِن هذا.

«وَلْيَقُلْ: سَيِّدِي وَمَوْلَايَ» جاء النهي عن السيد «السَّيِّدُ اللَّهُ» يدل على أن المقامات تختلف، كون العبد هو الذي يقول: سيدي ما هي بمثل أن يقول السيد: أنا سيد هذا العبد، ويجد في نفسه من الترفع، ويجد من الاحتقار لهذا العبد.

طالب:........

مقام النبي –عليه الصلاة والسلام- كأنه لمح أن عند هؤلاء من التعظيم ما هو أكثر من المطلوب له –عليه الصلاة والسلام-فخشي عليهم، فحفظ جناب التوحيد، وسد الذريعة الموصلة إلى هذا الغلو، وهو مظنة -عليه الصلاة والسلام- للغلو والواقع يشهد بذلك، وجاءت النصوص الصريحة القطعية بنهيه عن الغلو فيه «إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ» «لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ».

طالب:........

أو بعض قوله.

المقصود أنه في مقامه –عليه الصلاة والسلام- مظنة لأن يغلو به من يُطلق هذا الكلام، فأراد سد الذريعة.

طالب:........

ماذا؟

طالب:.........

وهو حي؟

طالب:.........

لأن فيه بركة، الله جعل فيه البركة، فالتبرك بما ثبت عن الصحابة معه –عليه الصلاة والسلام- لأن الله جعل فيه بركة، لكن أكثر من ذلك ممنوع؛ لأنه يؤدي إلى الغلو وإلى الشرك.

طالب:.........

انظر اللي عندك «أطْعِمْ رَبَّكَ، وَضِّئْ رَبَّكَ».

طالب:.........

الأصل أن الرب هو الله –جلَّ وعلا- فكل من يُطلقه ويُخشى منه التوصل إلى هذه المشابهة ولو من بُعد فإنه يدخل في النهي، والنهي على كلام أهل العلم أكثرهم على أنه للكراهة وليس للتحريم؛ ولذا جاء {إِنَّهُ رَبِّي} [يوسف:23] وجاء في نصوصٍ كثيرة مخالفة، لكن مع ذلك التوفيق بينها إما أن يُقال: إنها جاءت لبيان الجواز، وتصرف عن النهي من التحريم إلى الكراهة.  

«أطْعِمْ رَبَّكَ، وَضِّئْ رَبَّكَ» «لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ» يعني للعبد «أطْعِمْ رَبَّكَ، وَضِّئْ رَبَّكَ» وهذا فيه نوع احتقار للعبد، ومع ذلك التوجيه البديل الجائز «وَلْيَقُلْ: سَيِّدِي وَمَوْلَايَ».

«وَلَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ: عَبْدِي وَأَمَتِي».

طالب:........

معروف من الذي يُقال، هذه توجيهٌ للعبد «وَلْيَقُلْ: سَيِّدِي وَمَوْلَايَ» بدلاً من أن يقول: ربِّي.

طالب:........

يُقال له، بل هو مُطالب بأن يقول: سيدي ومولاي، ولا يقول: ربِّي، ما يقول العبد: ربِّي، بل يقُل: سيدي ومولاي، بينما حينما كان الخطاب للسيد «وَلَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ: عَبْدِي وَأَمَتِي، وَلْيَقُلْ: فَتَايَ وَفَتَاتِي» هذا توجيه للسيد، والأول توجيهٌ للعبد.

طالب:........

لا لا، ما هو مقابلة بين الجملتين.

طالب:........

نعم طرف ثالث.

طالب:........

في التوجيه في قوله: «وَلْيَقُلْ: سَيِّدِي وَمَوْلَايَ» للعبد، والتوجيه في قوله: «وَلْيَقُلْ: فَتَايَ وَفَتَاتِي وَغُلَامِي» للسيد.

«وَلَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ: عَبْدِي وَأَمَتِي» الآن عرفنا النهي عن الأول «أطْعِمْ رَبَّكَ، وَضِّئْ رَبَّكَ»؛ لئلا يُشابه اللفظ لفظ الرب الذي لا يُقال إلا لله –جلَّ وعلا- رب الإطلاق.

والثاني: «وَلَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ: عَبْدِي وَأَمَتِي» العبودية الأصل فيها لله –جلَّ وعلا-، ولا شك أن عبودية الرق معروفة ومقررة في الشرع، وكذلك الأَمة، لكن إذا كان إطلاقها من السيد على سبيل الترفع على هذا المخلوق الذي هو في الأصل في مثلك عبدٌ مربوبٌ لله –جلَّ وعلا- كما أنت كذلك، والأمة أمة الله «لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ بيوت اللَّهِ».

طالب:.......

نعم.

طالب: ...

«وَأَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا» هذا في حديث جبريل –عليه السلام- وهو من أشراط الساعة، وكيف تلد الأمة ربَّتها؟ أقوال كثيرة لأهل العلم في هذا منهم من يقول: أنه يكتر التسرِّي، فتلد الأمة المملوكة من سيدها ما يكون سببًا لعتقها، وله الأمر عليها.

ومنهم من يقول: أنه يكثر الزنا في آخر الزمان، وتلد منه الأمة، وقد يكون هذا الولد من ولد سيدها، إلى آخر ما قاله أهل العلم، والمسألة معروفة.

«وَلْيَقُلْ: فَتَايَ وَفَتَاتِي» فتاي من الفتوة والنشاط والقوة، وهذا الكثير في هذا النوع، أن المملوكين كثيرٌ فيهم القوة والنشاط؛ لأنهم أهل عمل، ما هم بأهل ترف.

والعلماء حينما يتحدثون عن الرق، فيقولون: هو عجزٌ حكمي مرادهم أنه ليس بعجزٍ حقيقي، فقد يكون الرقيق أقوى من أضعاف من الأحرار، قد يكون، يعني ما هو بعجز حقيقي، وإنما هو عجزٌ حكمي «وَلْيَقُلْ: فَتَايَ وَفَتَاتِي وَغُلَامِي».

قال: "في الصحيح" وتقدم له نظائر، ومراده بهذا إما الحديث الصحيح، والحديث الصحيح لا إشكال؛ لأنه مُخرَّج في الصحيحين، أو يُراد به جنس الصحيح بما يشمل صحيح مسلم، وصحيح البخاري.

طالب:.........

هو التخريج -وهذه مهمة جدًّا- إذا اقتصر المُخرِّج على ما يثبت به الحديث كفاه، ما يلزمه أن يزيد على ذلك، حتى في دراسة الأسانيد يدرس إلى أن يصح الخبر، وهذا هو المطلوب.

وقد يزيد من باب الاختبار في الرسائل وما الرسائل هذا ما فيه إشكال؛ ليُختبر الطالب، لكن للعمل إذا ثبت الحديث وجب العمل.

وما يقلق بعض التخاريج التي يُخرِّج الحديث في الصحيحين، ويُخرَّج الحديث في خمس صفحات، أخرجه البخاري باب كذا، كتاب كذا، باب كذا، جزء كذا، صفحة كذا، ومن طريقه البيهقي في (الدلائل)، ومن طريقه فلان وفلان، ومن طريقه، ما الذي من طريقه هؤلاء مادام الحديث في الصحيح؟ ثم يقول: وأخرجه مسلم، بعدما يذكر سابع صفحة، وأخرجه مسلم في باب كذا، كتاب كذا، ومن طريقه فلان، ومن طريقه....

طالب:........

إذا وُجِد لفظ يُشار إليه عند اختلاط الألفاظ التي يترتب عليها حكم، ويترتب عليها فائدة، وإلا فأنا رأيت أشياء واستطرادات لا داعي لها يُضيع بعضها بعضًا، يعني ما الداعي مع أن الحديث في البخاري تقول: من طريقه بيبي في جزئها المشهور؟

طالب:........

تعرف جزء بيبي، حفظت جزء بيبي أنت يا أبا رضوان؟

طالب:........

جزء الألف دينار تعرفه؟ في أحاديث يُخرجون منها، أحاديث في البخاري ويرجعون لجزء... لماذا؟

هذا فيه نوع صد، أنت تُشغل طلاب العلم بالمفضول عن الفاضل، وتجد بعض طلاب العلم المغرمين بالتحقيق –وجزاهم الله خيرًا على هذه الهمة- يتجهون إلى العمل على كتب يتعبون عليها، ويسهرون الليل والنهار في البحث عن أحاديثها ورواتها، ولو تسألهم عن حديث في الصحيحين ما أجابك؟ الانشغال وإشغال طلاب العلم بالمفضول مع غفلتهم عن الفاضل لا شك أن هذا خلل، يعني يُربى طلاب العلم على الأهم.

وَبِالْمُهِمِّ الْمُهِمِّ ابْدَأْ لِتُدْرِكَهُ

 

وَقَدِّمِ النَّصَّ، والآرَاءَ فَاتَّهِمِ

أما أن أنشغل بأجزاء هي لا تخلو من فائدة، لكن أي فائدة فيها تُعادل أو تُداني أو تُقارب ما في صحيح البخاري أو مسلم؟

الإمام ابن كثير –رحمه الله- في تفسير قوله: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} [البقرة:3] خرَّج حديثًا من جزء الحسن بن عرفة، وقال: إنه حديثٌ حسن؛ لأنه ما يُوجد عند غيره، يدل على جواز الرواية بالوجادة وفيه «آمنوا بِي وَلَمْ يَرَوْنِي يَجدونَ صُحُفًا» إلى آخره، يؤمنون بالغيب، لكن هل يُقال: ابن كثير ترك البخاري ومسلم وراح لجزء الحسن؟ لا، هذا ما هو موجود عندهم ولا في الستة، ولا في المشهورات.

فإذا احتيج إلى حديثٍ في مثل هذه الكتب فلا مانع، بل متعين، الإشكال إذا قال: أخرجه البخاري ومن طريق فلان وفلان صفحة كاملة بأسانيدهم، ثم ينتقل لمسلم ومثله، ثم أبي داود، ثم بقية السُّنن ومن طريقه... هذا يُشتت الذهن، وهذا لو وُجِد واحد من الألف أو أكثر من ألف عنده حافظة تُسعفه إذا قرأ عشر صفحات في تخريج هذا الحديث المُخرَّج في الصحيحين استفاد وحفظ وبقي في ذهنه شيء، لكن البقية أين؟

يُعتبر بالنسبة لهم ضياعًا وتشتيتًا، فيُقتصر على ما يُصحح الحديث، فإذا صح الحديث وجب العمل به وانتهى، ثم إذا عورض واحتجنا إلى أن نُرجِّح القوي مع الأقوى ذهبنا إلى أن نبحث عن زيادة طُرق هذا ما فيه إشكال عند التعارض.

طالب:........

كيف؟

طالب:.........

أين؟

طالب:.........

هو حديث مرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-.

طالب:........

لكنه حسن الحديث، قدر ما وجدنا غيره ماذا تفعلون؟ وهو حديث إسناده حسن، واستدل به أهل العلم على صحة العمل بالوجادة.

«أَيُّ النَّاسِ أَعْجَبُ إيمَانًا؟» حديث، قالوا: الملائكة، قال: «كيف لا يؤمنون وهم من القرب من رب العالمين بمكانٍ معروف؟!» ثم قالوا: نحن يا رسول الله، قال: «وكيف لا تؤمنون وأنا بين ظهرانيكم؟!» إلى آخره، ثم قالوا: من هم يا رسول الله؟ لو تطلعونه من ابن كثير في أوائله، قال الحافظ ابن كثير: وإسناده حسن، وفيه صحة العمل بالوجادة.

مثل هذا تحتاجه، لماذا؟ لأنك لم تجد مثيلًا له لا بالبخاري ولا بمسلم، ولا بالستة، ولا بالتسعة، ولا بأكثر من ذلك، فمثل هذه الأمور نحتاج إليها في مثل هذا.

أما ما هو مُخرَّج في الصحيحين فأذهب أبحث عنه في كتاب الطب للمستغفري؟ نحتاج إليه؟ ما نحتاج إلى مثل هذا.

طالب:........

يدل على الوجادة صحة العمل بالوجادة «يَجدونَ صُحُفًا».      

طالب:........

لا لا.

طالب:........

لا، دليلٌ على صحة العمل بالوجادة، كثير في مسند الإمام أحمد قال: حدثني عبد الله، قال: وجدت بخط أبي، ويشترطون لصحتها ألا يشك، من يجد كلامًا بخط شيخه الذي لا يشك أنه خطه، يعرفه معرفة تامة، كما يعرف صوته إذا كان من وراء حجاب أو نحو ذلك، مثل هذا ينفع.

طالب:........

نعم، لكن ليس ثبوت السيد والمولى مثل ثبوت الرب واشتهار الرب، ليس مثله.

طالب:........

لا، هي المسألة الرب –جلَّ وعلا- يعني معرفة الناس جميعًا به ليس مثل معرفة السيد أو المولى، المولى مثل ما يُطلق على المعتِق يُطلق على المعتَق، وكثيرًا ما يُقال في الخطابات: مولاي فلان، لاسيما إذا كان له شأن؛ ملك أو شيء من هذا يُقال: مولاي، وإذا كان الأمر من باب الولاية، الولاية ولاية الأمر، فلا شك أنه ولي الأمر، فلا يُمنع من إطلاقه.

"فيه مسائل: الأولى: النهي عن قول: عبدي وأمتي"؛ لأنه قال: «وَلَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ: عَبْدِي وَأَمَتِي»؛ لأن الأصل في العبودية أنها لله- جلَّ وعلا-.

"الثانية: لا يقل العبد: ربي، أو يُقال له: أطعم ربك" لأن الربوبية لله -جلَّ وعلا-، وإذا زِيد في اللفظ ما جاء في الحديث «أطْعِمْ رَبَّكَ» الذي يُطعِم ولا يُطعَم زاد الالتباس والاشتباه، وتأكد النهي؛ سدًّا للذريعة، ذريعة هذه المشابهة، وحمايةً لجناب الربوبية.   

"الثالثة: تعليم الأول قول: فتاي وفتاتي وغلامي" الأول الذي هو السيد، تعليم الأول الذي هو السيد قول: فتاي وفتاتي، وتعليم الثاني الذي هو العبد قول: سيدي ومولاي.

طالب:........

لا لا، ما له علاقة بالحديث، يعني الأولية والآخرية والثاني؟

طالب:........

الأول من المسألة الأولى سيدي ومولاي هي تعليم الثاني، الترتيب عندك سيد ومولاي، مولى من أعلى الذي هو السيد، ومولى من أسفل وهو العبد هذا رقم واحد، وهذا رقم اثنين.

من أعلى الذي هو السيد يقول: فتاي وفتاتي الذي هو الأول، الأولية التي تعني الأولوية؛ لأن السيد أولى أن يُبدأ به، لأن الأولية لها مدخلٌ في الأولوية، وهنا لكونه أولى سُمي الأول، واضح؟

الثاني الذي هو العبد.

طالب:........ 

ترتيب المسائل على أي حال المسألة الأولى في الجملة الثانية من الحديث، والثانية في الجملة الأولى من الحديث على سبيل اللف والنشر...

طالب:.........

مشوش، يقولون مشوش لا مُرتَّب.

"أين ذهب الشيخ؟ فهمت؟

طالب:.......

أنت أنت، صاد وراء الكرسي خائف من سؤال.

طالب: ...

طالب:........

ما هو اللف والنشر المرتب والمشوش؟

طالب:........

المهم نحن طرحنا سؤالًا، أجب.

طالب:........

أبا خالد علمه السؤال.

طالب:.........

هو أنت صاحب لف ودوران؟

طالب:.........

{لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة:48] قال ابن عباس: سبيلاً وسُنَّة، هذا لف ونشر مشوش؛ لأن الثاني للأول، والأول للثاني، سبيلاً للمنهاج، وشرعةً لأيش؟ للسُّنَّة، السُّنَّة الشِّرعة، والسبيل للمنهاج، لف ونشر مشوش، ما هو مرتب.

{يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ} [آل عمران:106] جاءت على الترتيب؟

طالب:.........

لا لا، تكون غير مرتبة.

طالب:........

لكن في آية هود مرتب {شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ * فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا} [هود:105-106] مُرتب.

طالب:........

نعم، إذا قلت: لقيت زيدًا مُصعِدًا منحدرًا.

طالب:........

ماذا؟

طالب:.......

كيف؟

طالب:........

أيهما المُصعِد؟ وأيهما المنحدر؟

طالب:.........

فأول الحالين لثاني الاسمين، وثاني الحالين لأول الاسمين.

طالب:........

عندكم في الجبر في الأقواس تعرف؟ أنت في الأقواس في الجبر مادة الجبر معروف.

طالب:.......

شبيهة بمسألة الحال لو راجعتها، فأول الحالين لثاني الاسمين، وثاني الحالين لأول الاسمين.

طالب:.......

كيف مثال؟ أنت عليك المثال، أنت راعي الجبر، أنا لم أقل لأبي رضوان.

طالب:.......

لا لا، أنت عندك إذا أردت أن تجمع قوسًا مشتملًا على رقمين، ثم تُضيف إليه، تجمع إليه قوسًا ثانيًا أو تضرب.

طالب:........

نعم؟

طالب:........

علِّم صاحبك، علِّمه لقِّنه أول الأمر يمشي.....

طالب:.......

بعد.  

"الخامسة: التنبيه للمراد وهو تحقيق التوحيد حتى في الألفاظ" التي فيها نوع مشابهة ولو من بُعد، يعني وهذا من باب الاحتياط للتوحيد، وحماية جنابه، ومن باب البُعد كل البُعد عن الشرك وما يؤدي إليه، وسد جميع الذرائع الموصلة إليه.

والله أعلم.