شرح الموطأ - كتاب الأقضية (11)

بسم الله الرحمن الرحيم

باب: القضاء في قسم الأموال

حدثني يحيى عن مالك عن ثور بن زيد الديلي أنه قال: بلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أيما دار أو أرض قسمت في الجاهلية فهي على قسم الجاهلية، وأيما دار أو أرض أدركها الإسلام ولم تقسم فهي على قسم الإسلام)) قال يحيى: سمعت مالكاً يقول فيمن هلك وترك أموالاً في العالية والسافلة: إن البعل لا يقسم مع النضح إلا أن يرضى أهله بذلك، وإن البعل يقسم مع العين إذا كان يشبهها، وإن الأموال إذا كانت بأرض واحدة الذي بينهما أنه متقارب أنه يقام كل مال منها، ثم يقسم بينهم، والمساكن والدور بهذه المنزلة.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: القضاء في قسم الأموال

يعني كيف تقسم الأموال في الشركات والمواريث وغيرها؟ قال -رحمه الله تعالى-: "حدثني يحيى عن مالك عن ثور بن زيد الديلي أنه قال: بلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" ثور بن زيد الديلي بينه وبين النبي -صلى الله عليه وسلم- مفاوز، فبينه من الرواة عكرمة وابن عباس، فالخبر على هذا معضل، وقد وصل من طريق إبراهيم بن طهمان، قال: مالك عن ثور عن عكرمة عن ابن عباس، وإبراهيم بن طعمان ثقة، وعلى كل حال فالخبر صحيح ويشهد له الواقع، حيث أجرى النبي -عليه الصلاة والسلام- العقود على ما كانت عليه، بعد الإسلام أجرى العقود على ما كانت عليه، فالأملاك بيد أربابها، ولم يسأل أحداً كيف وصل إليه هذا الملك، ولم ينظر في عقده، وكذلك عقود النكاح وغيرها، وملك الرقاب ما سأل النبي -عليه الصلاة والسلام- من بيده رقيق كيف ملكته؟ إنما أجراه على ما كان عليه.

قال: "بلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أيما دار أو أرض))" يعني دار معمورة أو أرض غير معمورة ((قسمت في الجاهلية فهي على قسم الجاهلية)) والواقع العملي يشهد بذلك، فلم يذكر أن النبي -عليه الصلاة والسلام- سأل أحداً عن داره أو أرضه كيف ملكها؟ وكيف تمت قسمتها بينه وبين مشاركيه في الإرث؟ ما سأل أحد، مع أن الأحكام تختلف في الجاهلية عنها في الإسلام.

((وأيما دار أو أرض أدركها الإسلام ولم تقسم فهي على قسم الإسلام)) تقسم على قسم الإسلام، على شريعة الله، مات مورثهم قبل الإسلام، تركت تركته لم تقسم حتى جاء الإسلام فإنها حينئذٍ تقسم على قسمة الله -جل وعلا- في كتابه بين الورثة، للذكر مثل حظ الأنثيين، يعني لو قسمت قبل الإسلام، وحرمت الأنثى مثلاً، وخص بها الذكور، وحرمت الزوجة، وحرم البنات، يعني يترك على قسم الجاهلية؟ مقتضى الحديث، نعم، ولو قسمت الأموال في الجاهلية، وأعطي الذكر نصف نصيب الأنثى على عكس ما هو عليه في الإسلام، فإن القسم مقتضى الحديث يدل على أنه يجرى على ما كان عليه، والواقع يشهد بذلك، ما عرف أن النبي -عليه الصلاة والسلام- سأل أحداً كيف قسمت أمواله؟ أبداً، وكيف ملك هذه الدار؟ وكيف ملك هذا الرقيق؟ فهي على قسم الإسلام، مات المورث، وترك أموالاً ودوراً وأراضٍ وعين، ورقيق، ثم بعد ذلك جاء الإسلام قبل قسمتها، يعني تأخرت قسمتها لنزاع أو شقاق.

طالب:.....

فإنها تقسم حينئذٍ إذا جاء الإسلام ولما تقسم فإنها تقسم على ضوء ما شرع الله -جل وعلا-.

"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: فيمن هلك وترك أموالاً بالعالية والسالفة، أن البعل لا يقسم مع النضح"

نعم؟

طالب: أحسن الله إليك: بالنسبة للإسلام الدار وإلا الرسالة؟

المقصود الرسالة بعد مجيء الإسلام، وتحاكموا إلينا إذا كانوا غير مسلمين، وإن كانوا مسلمين فيحكم فيهم بشرع الله.

طالب: لا يجرى عليهم...

ما المقصود بالجاهلية؟ المقصود بالجاهلية ما كان قبل الإسلام، الفترة التي كانت قبل الإسلام، وبعضهم يقول: إن هذا يخص الوثنيين غير المتدينين بدين، فإن الوثنيين تجرى أحكامهم على ضوء أعرافهم، ومن يتدينون بدين فإنهم يردون إلى أديانهم، لكن الحديث عام، يعني يهودي قسم أمواله بينه وبين مشاركيه في الإرث على غير شريعته، فإنه يرد إلى شريعته؛ لأنه يتدين بدين، لكن الحديث عام، يجرى على كيفما اتفقوا واصطلحوا كالجاهلية.

طالب:......

هذه المسألة يختلف فيها أهل العلم، فمنهم من يقول: إن المراد بالجاهلية وهو قول الأكثر ما كان قبل الإسلام، ومنهم من يقول: إن المراد بالجاهلية ما كان قبل الهجرة، ويروون في ذلك أن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال له أبوه وهو بمكة في الجاهلية: اسقني ماءاً أو شيئاً من هذا، المقصود أنه قال: في الجاهلية، وابن عباس صغير ما أدرك الجاهلية، إنما ولد في الشعب، فيستدلون بهذا على أن الحكم بعد الهجرة يختلف عن الحكم قبلها، وأكثر أهل العلم على أن المراد بالجاهلية ما كان قبل الإسلام.

"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول فيمن هلك وترك أموالاً بالعالية والسافلة" يعني جهتان بالمدينة، جهة عالية وجهة سالفة، والعوالي معروفة بالمدينة، والسافلة تقابل العالية "إن البعل لا يقسم مع النضح" البعل: ما يشرب الماء بعروقه، والنضح: ما يسقى بالنواضح، يسقى بكلفة ومؤونة، هذا لا يقسم مع هذا، لماذا؟ لأن الواجب في هذا غير الواجب في هذا، بالبعل يجب العشر، وبالنضح يجب نصف العشر، فإذا قسمنا هذا مع هذا ظلمنا صاحب هذا، وزدنا صاحب هذا، إلا أن يرضى أهله بذلك، فإذا رضوا فإن الأمر حينئذٍ لا يعدوهم، إذا رضوا فإن الأمر حينئذٍ لا يعدوهم، وإن البعل يقسم مع العين، البعل يقسم مع العين، يعني يقسم مع الدراهم والدنانير، إذا كانت العلة في عدم قسم البعل مع النضح اختلاف الواجب في البعل والنضح، فإن الاختلاف ظاهر؛ بل أظهر منه، أظهر في العين منه في النضح؛ لأنه يجب بالنضح نصف العشر، وبالعين ربع العشر، بالعين يجب ربع العشر، اللهم إلا إذا كان من العشور أو غيرها، نعم، على كل حال هذا كلامه، والتفريق ظاهر في عدم ضم ما كان بعلاً مع النضح ظاهر، لكن ظهوره وقسمته مع العين هذا محل إشكال، إذا قلنا: إن السبب في ذلك هو ما ذكر، اختلاف الواجب فيهما، فإذا ضممنا البعل مع العين لا شك أن هذا يتضرر؛ لأن صاحب البعل في الأصل يجب عليه العشر، وصاحب العين يجب عليه ربع العشر، أقل مما يجب بالنضح، إذا كان يشبهها، وجه الشبه؟ ما وجه الشبه؟ إمكان وجه الشبه؟

طالب:.......

هاه؟

طالب: إذا كان عروض...

قلنا: إن البعل يختلف اختلافاً كبيراً مع العين في العلة التي ذكرناها.

طالب: إذا كانت....

لا لا، انتهينا من النضح، النضح انتهى الكلام فيه، الآن الكلام في البعل مع العين، مع الأموال، يعني ضم البعل مع العين، متى يتم التشابه بينهما؟ وجه التفريق هنا بين النضح والبعل إذا كان السبب في عدم الضم الزكاة فظهوره في العين أكثر، إذا كان هذا هو السبب، وإن كان النظر في ذلك بعد إخراج الزكاة يختلف النضح مع البعل، ويختلف النضح مع العين، ويشترك البعل مع العين، متى؟

طالب:......

نعم؟

طالب: إذا وجده في الكنز.

في الركاز الخمس، صار أشد.

طالب:......

شوف، الآن إذا نظرنا إلى الزكاة وجدناها متفاوتة بين الأمور الثلاثة، فلا يضم بعضها إلى بعض، وإذا نظرنا إليها بعد إخراج الزكاة، أو أنها لا ينظر إلى الزكاة أصلاً؛ لأنها أموال تقسم، فما كان بعلاً فهو مال خالص، مال خالص كالعين جاهز، ما فيه تبعات، بينما ما كان نضحاً فيه الزرع وفيه النضح، فهل يدخل النضح في الإضافة إذا أردنا أن نضمها إلى العين، أو تستثنى النواضح؟ باعتبار أنه مال غير مصفى، يعني البعل مال في حكم المصفى، ما له توابع، وقد تكون النواضح مستأجرة، نعم، قد تكون النواضح مستأجرة، نعم إذا كان ملك لصاحبها، نعم، ممكن أن يقوم الجميع، الزرع مع الأرض مع النواضح، مع جميع ما يحويه المكان، فيضاف إلى العين، وتقسم، أما إذا كان النواضح مستأجرة والمال لا يستغني عنها فكيف يتم إضافتها أو اقترانها بالعين؟ من هذه الحيثية يتبين الفرق، واضح وإلا ما هو بواضح؟ البعل مال خالص ما فيه شوائب، لكن النضح ما يسقى بالنضح، النواضح الإبل التي يستقى عليها، احتمال أن تكون هذه النواضح ليست ملكاً لصاحب الأرض، مستأجرة، والمال يحتاج إليها، فإذا قوم المال بمفرده دون هذه النواضح ما استقام؛ لأنه بحاجة إلى هذه النواضح، وإذا قومت النواضح معه ليست ملكاً لصاحبها، لصاحب الأرض، وهنا يتبين الفرق، الآن عندك التركة فيها سيارات، منها ما دفعت قيمتها وصارت ملكاً لصاحبها، ومنها ما بقي فيه أقساط، عشر سيارات دفعت قيمتها وحولت ملكيتها إلى صاحبها، وعشر أخذها بالأقساط، وسدد البعض، وبقي شيء يسير، هل نقول: تضم هذه السيارات إلى بعض؟ من أجل أن تقسم بين الورثة؟ ما يمكن تقسم، حتى تحرر من الأقساط؛ لأن فيها تبعات، فما فيه تبعة ما يمكن أن يضم إلى الخالص من أجل القسمة.

طالب:.......

لا، لا، ما دام فيها شوائب فيكون على..، أنت تبي تقسم سيارات، هذه يمكن قسمتها.

طالب:.......

هذا على التراضي، إذا رضوا بذلك ما فيه إشكال، لكن كيف تعطي زيد سيارة فيها أقساط، وتعطي عمرو سيارة محررة، وتعطي كذا ما تجئ، افترض أن عند الميت قطعتين من الأرض متساويتين من كل وجه،  وخلف ولدين لكل واحد قطعة أرض إذا كانتا محررتين، لكن واحدة مرهونة بدين، والثانية محررة تعطي هذا المرهونة، وتعطي هذا المحررة؟ تضم واحدة إلى الأخرى وتقسم بينهما؟ ما تنضم هذه إلى هذه، فالذي فيه إشكال ما يمكن يضم إلى ما لا إشكال فيه؛ لأنه يتضرر الشريك الذي يؤول إليه ما فيه إشكال.

"إذا كان يشبهها، وأن الأموال إذا كانت بأرض واحدة الذي بينهما متقارب أن يقام كل مال منها ثم يقسم بينهم" يعني متشابهة، إذا كانت أموال بأرض واحدة، الذي بينهما متقارب، فإنه يقام كل مال منها، ثم يقسم بينهم "والمساكن والدور بهذه المنزلة" خلف بيت بالرياض، ونفس المخطط مطبق بالخرج، لزوجة أخرى كان بالخرج، ونفس المخطط مطبق بمكة هل نقول للأولاد الثلاثة: يلزمك أن تأخذ..، كل واحد يأخذ واحد؟ نلزمهم بذلك؟ والذي في الرياض مفترض أن يكون ضعف قيمة ما بالخرج، والذي مكة يفترض أن يكون ضعف ما كان بالرياض، وهذا ظلم للورثة، لماذا؟ لأنها لا تتشابه، والأموال إذا كانت بأرض واحدة، الذي بينهما متقارب، لكن لو كان في مخطط واحد، ببلك واحد، ثلاث فلل متقاربة، والمسألة ما تفرق كثير، بخلاف ما إذا كانت الدور متباعدة.

"فالذي بينهما متقارب أنه يقام كل مال منها، ثم يقسم بينهم، والمساكن والدور بهذه المنزلة"

على كل حال الرضا أمر لا بد منه، وإذا كان لا يتم إلا بالقرعة يقرع بينهم، إذا كان الفرق يسير، إذا كان الفرق يمكن احتماله، أما إذا كان الفارق كبير فإنه حينئذٍ لا يمكن احتماله، افترض أن الدور الثلاث الذي نظرنا بها، أو مثلنا بها بالرياض وبالخرج وبمكة الآن الثالث قال: أنا ما بي اللي بالخرج، أنا أبي اللي بمكة، قال الأول: لا، أنا أبي اللي بالرياض وهكذا، تشاكلوا، كيف يُعمل؟ تقوم هذه الدور كل دار بما يناسبها، ثم بعد ذلك تحسب على الورثة بهذا، شخص قال: أنا أريد واحدة من هذه الدور التي بالرياض مثلاً، قال الثاني: لا أنا أريدها، أنا باسكن بالرياض، ما لي علاقة بمكة أو العكس، ثم لم يرض كل واحد بالتقويم، تباع هذه الدور وتقسم عليهم، على أساس أنها أموال، إذا لم يمكن قسمتها، حرج عليها شهر شهرين ثلاثة ما سيمت، العقار كاسد، ثم بعد ذلك رضوا بالقسمة الأمر لا يعدوهم.

على كل حال مثل هذه الأمور يضم المتشابهات، وتقوم المختلفات، نعم.

أحسن الله إليك.

باب: القضاء في الضواري والحريسة

حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن حرام بن سعد بن محيصة أن ناقة للبراء بن عازب -رضي الله تعالى عنه- دخلت حائط رجل، فأفسدت فيه، فقضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن على أهل الحوائط حفظها بالنهار، وأن ما أفسدت المواشي بالليل ضامن على أهلها.

وحدثني مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب أن رقيقاً لحاطب سرقوا ناقة لرجل من مزينة، فانتحروها، فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه-، فأمر عمر كثير بن الصلت أن يقطع أيديهم، ثم قال عمر: أراك تجيعهم، ثم قال عمر: والله لأغرمنكم غرماً يشق عليك، ثم قال للمزني: كم ثمن ناقتك؟ فقال المزني: قد كنت والله أمنعها من أربعمائة درهم، فقال عمر: أعطه ثمانمائة درهم.

قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: وليس على هذا العمل عندنا في تضعيف القيمة، ولكن مضى أمر الناس عندنا على أنه إنما يغرم الرجل قيمة البعير أو الدابة يوم يأخذها.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: القضاء في الضواري والحريسة

الضواري: هي البهائم التي تعدو على أموال الناس فتفسدها، الضواري هي التي تعدو على أموال الناس فتفسدها، وقد تصول على الأموال، وقد تصول على الأنفس، هذه ضواري، عوادي، والحريسة فعيلة، بمعنى مفعولة، التي هي تحرس، إما أن يحرسها صاحبها، أو تمتنع بالجبل، يعني تحرس نفسها بالجبل، فتسمى حريسة الجبل على ما سيأتي، في المصباح يقول: حريسة الجبل الشاة يدركها الليل قبل رجوعها إلى مأواها فتسرق من الجبل.

يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن حرام بن سعد بن محيصة أن ناقة للبراء بن عازب دخلت حائط رجل فأفسدت فيه، فقضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن على أهل الحوائط حفظها بالنهار، وأن ما أفسدت المواشي بالليل ضامن على أهلها" الخبر مرسل، جهة الإرسال أن التابعي يحكي قصة لم يشهدها، أن ناقة للبراء بن عازب، لكن لو قال: عن البراء بن عازب أن... اتصل خلاص انتهى الإشكال، يعني مثلما ذكرناه مثالاً للتفريق بين (أن) و(عن) فلو أن الراوي -ابن شهاب- قال: عن شهاب بن سعد بن محيصة عن البراء بن عازب أن ناقة له، قلنا: الخبر متصل، ما دام قال: إن ناقة للبراء بن عازب فعلت كذا في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهو لم يدركه يكون الخبر مرسلاً، يعني منقطع، يقول ابن عبد البر: والحديث من مراسل الثقات، وتلقاه أهل الحجاز بالقبول، وجرى عليه عمل أهل المدينة، على كل حال هو موصول عند غير الإمام مالك، موصول عند غيره.

الحكم إذا دخلت الدابة إلى مزرعة فأفسدت، أو دخلت بيتاً مفتوحاً بابه فأفسدت، يقول: "دخلت حائط رجل فأفسدت فيه، فقضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن على أهل الحوائط حفظها بالنهار" لأن الغالب أن الدواب تترك لترعى بالنهار "وأن ما أفسدت المواشي بالليل" لأن على أهلها حفظها "وأن ما أفسدت المواشي بالليل ضامن على أهلها" يعني مضمون يضمنه أهلها، الحكم ظاهر، والمسألة في الزروع والأموال تهون عند إتلاف الأرواح في الطرق، شخص يمشي السرعة المعتادة، ثم قطع الطريق عليه جمل بالنهار، هل نقول: إن صاحب الجمل لا يضمن؟ وقل مثل هذا بالليل، يعني هذه نوازل، وكثيرة ليست بالقليلة كثيرة، يعني حوادث قليلة، هل نفرق على ضوء ما جاء في هذا الحديث أن على أهل الأموال حفظها بالنهار، وعليه أن يحتاط لهذه السيارات بالنهار؟ لا سيما وأن ضوء النهار يسعفه في رؤيتها، فإذا افترضنا أن شخصاً يسير السرعة المعتادة، ثم قطع الطريق عليه جمل، فمات، مات صاحب السيارة، ومات الجمل أيضاً، الضمان على من؟

طالب:.......

نهار الآن.

طالب: على صاحب السيارة.

إذا طبقنا الحديث قلنا: على صاحب السيارة يضمن الجمل.

طالب: الطرقات ليست مرعى.

هو إذا تركها للرعي، ولا يؤاخذ على تركها، هي بعد ذلك تتصرف، تروح للمرعى وغيره، لو قلنا: إنها لا تروح إلا للمرعى قلنا: يضمنها؛ لأنه عليه حراستها أن لا تخرج عن المرعى، والمزارع إذا أفسدتها بالنهار التي فيها النص ليست من المرعى، وقضايا كثيرة من هذا النوع، الحادث إما أن يكون بالليل أو بالنهار، إذا أردنا أن نطبق الحديث قلنا: ما على صاحب الجمل شيء.

طالب:.......

لا بد من السرعة المحددة.

طالب: خرج عليه الجمل وصاحب الجمل هو الضامن.

الآن المسألة تنظر شخص السرعة المحددة سبعون كيلاً في الساعة، يعني خط مزدوج محددين السرعة سبعين، وهذا يمشي مائة وخمسين فاعترض له جمل بالليل من الذي يضمن؟

طالب: نقول.... صاحب الجمل هو الذي يضمن، لكن لما فرط صاحب السيارة، وتعدى هو في السرعة الزائدة....... لأن صاحب السيارة هو الذي تعدى على الجمل بالسرعة الزائدة، إذن صاحب السيارة هو الضامن لأنه هو الذي تعدى بالسرعة الزائدة.... لأن الأصل أنه يسير بالسبعين، وخرج عليه الجمل فمن الذي يضمن؟

معروف على صاحب الجمل حفظه، يضمن، عندنا أيضاً حديث له أثر كبير في هذه المسائل: ((العجماء جبار)) يعني جرحها هدر.

العجماء جبار، يعني جرحها جبار، يعني ما تتلفه جبار؛ لأنها غير مكلفة، يعني هدر ما يضمن ما تتلفه، والحديث في الصحيحين.

طالب:.......

 

لا، ما لأحد كلام، هذه الطرق إذا اعتمدت من قبل ولي الأمر، وصارت مرفقاً عاماً للناس كلهم، ما لأحد كلام، تأتي بمراعيهم ولا من..؟ لا لا، لا ينظر إلى كلامهم.

يعني الأصل في المسألة الأخيرة أنها على صاحب الجمل؛ لأن عليه حفظه، وهذا الذي ضاعف السرعة مباشر للقتل أو متسبب؟ هو بالنسبة لقتل الجمل مباشر، وبالنسبة لقتل نفسه متسبب، ومعروف أن المباشرة تقضي على أثر التسبب، لكن متى؟ إذا كان المباشر مكلف، يعني لو أن كبيراً مكلفاً أعطى صبياً مسدساً وقال: اقتل فلان وقتله، المباشر غير مكلف، ولا يمكن أن يقتل ويقاد به، من الذي يقاد به؟ المتسبب، يعود الأمر على المتسبب، يعني هذه القضايا ينتابها ما ينتابها من المؤثرات على الطرفين، فالأصل أن على أهل المواشي أن يحفظوها بالليل، وعلى أهل الأموال أن يحفظونها بالنهار؛ لأن الأصل بالمواشي أن ترسل لترعى في النهار، ولو كلف أهلها حفظها بالنهار لتضرروا بذلك، كيف ترعى وهي محفوظة؟ والحديث يقول: "فقضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن على أهل الحوائط حفظها بالنهار" نعم يستطيعون حفظها، وكل شيء حفظه بما يناسبه، كالحرز "وأن ما أفسدت المواشي بالليل ضامن على أهلها" يعني أن أهلها يضمنون، نعم؟

طالب: حادث الجمل لو كان في النهار؟

المسألة الأخيرة؟

طالب: أنتم ذكرتم الليل فلو كان في النهار؟

المسألة الأخيرة اللي يمشي مائة وخمسين؟

طالب: سواء مائة وخمسين أو مائة وعشرين، النهار...

المسألة الأولى؟

طالب: نعم.

شخص يمشي في طريقه بالسرعة المعتادة على ما قرر لمثل هذا الخط، فاعترضه جمل بالنهار.

أولاً: من المقرر المعروف أن الدم لا يذهب هدراً، دم المسلم لا يذهب هدراً، وفي قصة القسامة لما وجد عبد الرحمن بن سهل مقتول، في قصة القسامة المعروفة، وقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: يحلفون، يعني اليهود، قال: ((تحلفون خمسين يميناً، وتستحقون دم صاحبكم؟)) قالوا: لا، كيف نحلف ونحن ما شهدنا ولا حضرنا، ما نحلف، قال: ((يحلف يهود خمسون يمنياً ويبرؤون)) قالوا: ما نقبل أيمان يهود، فدفع النبي -عليه الصلاة والسلام- ديته من بيت المال، في مثل هذه الصورة وحوادث السيارات فيها إشكالات كبيرة، قد يكون الخطأ ليس بمحض على جهة من الجهات، قد يقسم، هذا مخطئ من جهة، وذاك مخطئ من جهة، هذا مثل القصة التي ذكرناها، هذا أخطأ في السرعة، محدد له سبعين مشى مائة وخمسين، وهذا عليه حفظ الماشية بالليل وما حفظها، فماذا عن الدية والكفارة؟ على من؟

طالب: وهل تجزئ وإلا ما تجزئ؟

هاه؟

طالب: الكفارة....

معروف، نقول: في مثل هذه المسائل لا شك أن الاجتهاد في كل مسألة بما يحتف بها، يبقى أن الأصل أن على أهل الأموال الحفظ بالنهار.

طالب: هل النص يخص....

الأموال، الأموال...

طالب:..... ثم خبط البعير أو ضرب البعير في.... يعني أضمن؟

بالليل أو بالنهار؟

طالب:. بالنهار.

بالنهار هدر، هدر، على ضوء الحديث هدر.

طالب: لكن أنا أقصد التنصيص على أهل الحوائط...

أهل الحوائط قضية هي الأصل في المسألة، يعني هي سبب الحديث، وما عداها افترض أنك صاحب حانوت، دكان دخل بعير وضف كل اللي عندك من المسكرات وغيرها، أو أكل فواكه، وخرب الباقي.

طالب: يضمن صاحب الـ...

لا، يا أخي يحفظ دكانه بالنهار، يحفظ دكانه، بالنهار، وبالليل يضمن صاحب البهيمة، يعني الحديث ما فيه إشكال، لكن الإشكال يأتي مما يحتف ببعض القضايا، من تفريط صاحب الإبل، أو تفريط الثاني، أو تفريط الطرفين.

طالب:.... الحراسة.

لا بد، ما دام عليه حفظ يقام عليه، قام عليه حائط.

طالب: النهار يفلحون الناس يا شيخ، الناس يفلحون بالنهار.

كل واحد منكم مكلف بحراسة حقله.

طالب:.......

لا وبعدين هو موجود يشتغل بالنهار.

طالب:.......

"فقضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" أنت لو خليت إشكالك في السيارة كان له وجه، أنت رجعت إلى المزارع، وفيها النص "فقضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أهل الحوائط حفظها بالنهار" حائط واحد، شقص من حائط، عشرات الحوائط عليها حفظها.

طالب: أنا أفهم من كلمة الحائط.....

لا ما تبي حائط، النخيل ما يؤثر به الجمل، إذا صارت عيادين طويلة ما يؤثر بها الجمل، لا يحرسها، لا، لا هذا النص محكم ما فيه إشكال، له حكمة ظاهرة، حكمة ظاهرة، الأصل أن الدواب تهمل بالنهار؛ لكي ترعى، وبالليل.... وتحرس يا أخي.

طالب: وعادة الناس ما زالت تطلق بهائمها بالنهار.

معروف، معروف، حتى كانت إلى عهد قريب في الحواري تمشي.

طالب:.......

احفظ، احفظ حقلك.

طالب:.......

احفظ حقك، بالنهار عليك الحفظ، وبالليل على صاحب الماشية الحفظ.

"وأن ما أفسدت المواشي بالليل ضامن على أهلها" أما بالنسبة للقضايا التي فيها إشكال، وما زالت تدرس بالمحاكم، مثل الذي أنا ذكرت، فلن يذكر الحكم يعني؛ لأن هذا من اختصاصهم.

طالب: حادث النهار.

حادث النهار شخص يمشي مائة وعشرين السرعة المقررة فاعترضه جمل، وجد فتحة بالشبك ودخل واعترضه، هل نقول: ((العجماء جبار))؟ وعلى الإنسان في النهار يحرص...، في الغالب أن الذي يمشي السرعة المحددة ولو اصطدم بما اصطدم به..، النهار السائق يرى ما أمامه، هذه من جهة، فإذا رأى ما يؤثر عليه، أو يضره هدأ السرعة، خفف السرعة، إذا كان السرعة المحددة، لكن الإشكال إذا حدد له مائة وعشرين صار مائة وثمانين، ما يمديه، على كل حال بيروح، ولا يمكن أن يتلافى في مثل هذا، وأكثر الحوادث من هذا النوع.

طالب:.... في حديث العجماء...

إيه إذا لم يكن على صاحبها حفظها، يعني ما أتلفته بالنهار جبار، هو إذا عرف أن فلاناً من الناس اعتدى وفتح هذه الفتحة، وغلب على ظنه أن الإبل...، لا شك أنه يضمن، يضمن بما ترتب على هذه الفتحة.

قال: "وحدثني مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب أن رقيقاً لحاطب سرقوا" رقيق جمع "أن رقيقاً لحاطب سرقوا ناقة لرجل من مزينة فانتحروها" يعني نحروها وأكلوها "فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب، فأمر عمر كثير بن الصلت أن يقطع أيديهم" لأنهم سرقوا، والأصل أنهم سرقوا من حرز، مع اكتمال الشروط، أمر عمر كثير بن الصلت أن يقطع أيديهم، هذا الحكم الأصلي "ثم قال عمر: أراك تجيعهم" قاله لحاطب، وحاطب معروف أنه بدري "أراك تجيعهم" فسكت...

طالب:.......

بدري من أهل بدر، إيه.

طالب: ترك القطع.

ترك القطع "ثم قال عمر: والله لأغرمنك غرماً يشق عليك" عمر -رضي الله عنه- في عام المجاعة، عام الرمادة كما يقولون، ما قطع في السرقة؛ لأن المجاعة تدرأ الحد، الحاجة الشديدة تدرأ الحد، يعني شخص يكاد أن يهلك، وظفر بمال لزيد من الناس، أو بطعام له يأكل، مع نية الضمان.

على كل حال أراد عمر أن..، بل أمر أن تقطع أيديهم، ثم بعد ذلك قال عمر: "أراك تجيعهم" فكان الجواب من حاطب الإقرار، أنه يجيعهم؛ لأن العام عام مجاعة، والمجاعة تدرأ الحد "ثم قال عمر: والله لأغرمنك غرماً يشق عليك" الآن عندنا المباشر الرقيق، والمتسبب سيده، المباشر معذور، ينتقل الحكم إلى المتسبب؛ لأن المباشر معذور بالجوع، لكن المتسبب الذي أجاعه ينتقل إليه الحكم "ثم قال عمر: والله لأغرمنك غرماً يشق عليك، ثم قال للمزني: كم ثمن ناقتك؟ فقال: المزني: قد كنت والله أمنعها من أربعمائة مائة درهم" يعني قيمتها تسام أربعمائة درهم، ولا يبيعها بأربعمائة "فقال عمر -يعني لحاطب-: أعطه ثمانمائة درهم" ضعف القيمة، يعني إذا درء الحد لسبب من الأسباب، فإن الحق لا يضيع، والتغريم بالضعف اجتهاد من عمر -رضي الله عنه-؛ لأنه يردع مثل هذا؛ لأن هذا الذي تسبب في هذه السرقة، ودرء الحد لا شك أن له مدخل في القضية.

طالب: نفذ الحد؟

لا ما نفذ وقف "فقال عمر: أراك تجيعهم"...

طالب:.......

وقف، أرسل في أثره، أثر كثير بن الصلت قال: لا تقطع أيديهم؛ لأن غلب على ظنه أنهم يجوعون، فقال: أراك تجيعهم، فوافق، سكت، ما قال: لا ما أجيعهم، لو كان ما يجيعهم، لو كانوا شبعانيين، وسرقتهم للبعير الحكم الشرعي ما يعطل لا لفلان ولا لعلان، المقصود أن عمر -رضي الله عنه- ضاعف عليه القيمة، نعم، أعطه ثمانمائة درهم، هذه عقوبة، بل عقوبة بالمال، والعقوبة بالمال مما يختلف فيه أهل العلم، منهم من يرى أنه لا تجوز العقوبة بالمال، وعندهم النصوص التي تمنع أن يؤخذ من مال فلان، أو يستولى على مال فلان بغير طيب نفس منه و((لا يحل مال امرئ إلا بطيبة نفس منه)) هؤلاء يمنعون العقوبة بالمال، ومنهم من يقول: العقوبة بالمال من باب التعزير جائزة، والذي يمتنع من دفع الزكاة ((فإن آخذوها وشطر ماله)) عمر -رضي الله عنه- ضاعف القيمة، فقال: أعطه ثمانمائة درهم.

"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: وليس على هذا العمل عندنا".

طالب:.......

لا ما...... هذه حقوق الناس هذه، هذا حد، هذا تعزير رآه عمر مجتهداً في ذلك، رآه ولو كان بدرياً.

طالب:.......

....... يسرقون.

طالب: لا.

غرامة المثل؟

طالب:.......

إيه، لكن لو كانت أربعمائة ما رضي المزني، ومع ذلك الردع لا بد منه، مثل هذا للزجر.

يقول: "سمعت مالكاً يقول: وليس على هذا العمل عندنا في تضعيف القيمة" العمل عندهم يعني في المدينة، وإذا كان أهل المدينة لا يعملون بسنة عمر فمن يعمل بها؟ وهو الحاكم على المدينة؟ كيف يخالف أهل المدينة سنة عمر؟ "وليس على هذا العمل عندنا في تضعيف القيمة" يعني عنده في اجتهاده؛ لأن ممن لا يرى التعزير بالمال "ولكن مضى الناس أمر الناس عندنا على أنه إنما يغرم الرجل قيمة البعير أو الدابة يوم يأخذها" يعني أربعمائة فقط من غير زيادة، والزيادة لا تجوز إلا بطيب نفس من صاحبها، كما هو قول جمع من أهل العلم، والمسألة خلافية، وإذا كان المال يردع؛ لأن بعض الناس لا يردعه إلا الأخذ من ماله، فإذا كان يرتدع بالأخذ من ماله فجاء ما يدل على ذلك.

طالب:.......

إنما يدرأ الحد، يدرأه الإمام، يدرأه للشبهة، إنما يدرأ للشبهة، أما إذا لم يوجد شبهة، وبلغت الحدود الإمام، كما جاء في الخبر: ((فإن عفا فلا عفا الله عنه)) أما إذا وجدت شبهة يمكن أن يدرأ بها الحد كما فعل عمر يدرأ، وجاء الأمر بذلك، نعم؟

طالب: أحسن الله إليك: الأظهر في التعزيز بالمال؟

والله إذا كان لا يجدي في هذا الشخص إلا أن يؤخذ من ماله ولا يردعه إلا ذلك؛ لأن بعض الناس مستعد لألف جلدة، ولا يؤخذ منه ألف ريال، مثل هذا يعزر بالمال.

طالب: التعويضات المالية يا شيخ؟

إيش فيها؟

طالب:.......

العكس يعني؟

طالب: لا مثلاً يطالب بحقه فترة طويلة من الزمن، فيطالب في هذه الفترة مراجعة المحاكم وكذا.

لأنه متضرر؟

طالب: متضرر.

لا شك أن الضرر يزال.

طالب:.......

هذا أصل مسألة السرقة، إذا أقيم الحد -حد السرقة- هل يضمن المسروق وإلا ما يضمن؟ هل يكتفى بالسرقة أو يرد المسروق؟ قد يقول صاحب السرقة: أنا لا تقطعوني....... فالقطع لله، والحق للمخلوق، نعم.

أحسن الله إليك.

باب: القضاء فيمن أصاب شيئاً من البهائم

قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا فيمن أصاب شيئاً من البهائم أن على الذي أصابها قدر ما نقص من ثمنها.

قال يحيى: وسمعت مالكاً يقول في الجمل يصول على الرجل فيخافه على نفسه فيقتله أو يعقره: فإنه أن كانت له بينة على أنه أراده وصال عليه فلا غرم عليه، وإن لم تقم له بينة إلا مقالته فهو ضامن للجمل.

نعم، يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: القضاء فيمن أصاب شيئاً من البهائم

وفي حكمها بقية الأموال.

"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا" يعني في اجتهاده الموافق لعمل أهل المدينة "فيمن أصاب شيئاً من البهائم أن على الذي على أصابها قدر ما نقص من ثمنها" يعني يمشي بسيارته مثلاً، وأمامه جمل، أو شاة، أو بقرة، أو ما أشبه ذلك، ضربها بمقدمة السيارة، أو بمؤخرتها، فانكسرت رجلها مثلاً، حينئذٍ يدفع قدر ما أصابها من نقص، يعني تقوم سليمة، ثم تقوم معيبة، ثم يدفع الأرش.

"قال يحيى: وسمعت مالكاً يقول في الجمل يصول على الرجل فيخاف على نفسه فيقتله أو يعقره: فإنه إن كانت له بينة على أنه أراده وصال عليه فلا غرم عليه، وإن لم تقم له بينة إلا مقالته فهو ضامن للجمل" إذا قامت البينة على أنه أراده فإنه حينئذٍ هدر، وإن لم تقم البينة فهو يضمن، إذا دافع عن نفسه، والأصل أن الصائل إنما يدفع بالأسهل، إذا لم يندفع بالأسهل، ولو أدى ذلك إلى قلته فإنه يقتله، ولو كان آدمياً، يعني الدفاع عن النفس لا شك أنه مطلوب ((ومن قتل دون نفسه فهو شهيد)) وإن قتل فالمقتول هدر، إذا قامت البينة بذلك، لا بد من قيام البينة؛ لأن بعض الناس قد يكون بينه وبين زيد خصومة أو مشاحنة أو منافسة على أمر من أمور الدنيا، ثم يدعوه إلى وليمة، فإذا أدخله في بيته ادعى أنه دخل بغير إذنه يريده، أو يريد زوجته فقتله.

طالب:.......

هاه؟

يقبل قوله أو لا بد من البينة؟ لا بد من البينة، لوجود مثل هذا الاحتمال، وإلا فالأصل أنه دخل بيته يعني هناك قرائن يمكن أن يعمل بها، شخص -هذه قضية حادثة- معه مفتاح لبيت شخص، وهو ليس من أهل البلد صديقه إذا جاء إلى بلده فتح الشقة وارتاح فيها؛ لأن صاحب الشقة أعزب، جاء على العادة وفتح الشقة، ودخل فإذا مسدس لصاحب الشقة عبث به فقتل نفسه، هذه دعوى صاحب الشقة، لكن هل تقبل الدعوى بأنه جاء وعبث بالمسدس وقتل نفسه، أو الاحتمال الثاني أنه هو الذي قتله وادعى هذه الدعوى؟ لا بد من قيام البينة، وإلا الدعاوى ((لو أعطي الناس بدعواهم لادعى أناس أموال آخرين ودماءهم)) فلا بد من قيام البينات التي يقوم بها الحق.

"فيخافه على نفسه فيقتله أو يعقره" يعني دون القتل، يضرب رجله بشيء إلى أن يأمن من شره، وهذا في الجمل، وفي الآدمي الصائل، لا شك أنه يبدأ بالأسهل، المصول عليه معه مسدس، هل يبدأ بقتله في رأسه أو في قلبه، أو يبدأ بالرجل مثلاً، نعم يبدأ بالرجل، أو باليد التي هي الوسيلة لهذا الصائل، المقصود أنه يدفع بالأسهل، فإن لم يجد إلا الأشد، وقامت البينة بذلك فهو هدر، وإن لم تكن له بينة إلا المقالة، مقالته ودعواه فإنه حينئذٍ يضمن، نعم.

أحسن الله إليك.

باب: القضاء فيما يعطى العمال

قال يحيى: سمعت مالكاً يقول فيمن دفع إلى الغسال ثوباً يصبغه، فصبغه، فقال صاحب الثوب: لم آمرك بهذا الصبغ، وقال الغسال: بل أنت أمرتني بذلك، فإن الغسال مصدق في ذلك، والخياط مثل ذلك، والصائغ مثل ذلك، ويحلفون على ذلك، إلا أن يأتوا بأمر لا يستعملون في مثله، فلا يجوز قولهم في ذلك؛ وليحلف صاحب الثوب فإن ردها وأبى أن يحلف حلف الصباغ.

قال: وسمعت مالكاً يقول في الصباغ يدفع إليه الثوب فيخطئ به، فيدفعه إلى رجل آخر حتى يلبسه الذي أعطاه إياه: إنه لا غرم على الذي لبسه، ويغرم الغسال لصاحب الثوب، وذلك إذا لبس الثوب الذي دُفع إليه على غير معرفة بأنه ليس له، فإن لبسه وهو يعرف أنه ليس ثوبه فهو ضامن له.

يقول -رحمه الله-:

باب: القضاء فيما يعطى العمال

من غسال أو صانع أو غير ذلك من أهل المهن والحرف، أعطيت نجار أخشاب، وقلت: اصنع لي دالوب، فلما جئت فإذا به قد صنع ماسة وكرسي، ما الحكم؟ أعطيت الخياط قطعة قماش، قلت: اعملها لي ثوب، فعملها كوت أو العكس، أعطيته يصبغ لك الثوب بلون مناسب أسود، وإلا بني وإلا كحلي، فإذا به قد صبغه صبغ لا يناسبك، فمن تقبل دعواه؟ يقول: هو أمرني بهذا اللون، أعطاه ثوب رجل فصبغه بما يناسب النساء مثلاً، من تقبل دعواه؟ هناك قرائن قد يرجح بها قول المدعي، وهناك قرائن قد يرجح بها قول العامل والمحترف.

"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول فيمن دفع إلى الغسال ثوباً يصبغه، فصبغه، فقال صاحب الثوب: لم آمرك بهذا الصبغ" اصبغ لون بني، فصبغه له بنفسجي مثلاً، يقول: أنا ما ألبس هذا، أو ثوب لا يلائم الرجال، قال: لا أنت أمرتني، والثوب يختلف، أو أعطى المجلد كتاب وقال: جلده لي باللون الأسود فجلده بني، المسألة أخف من الثوب، وكلما قرب من اللون المطلوب كان الأمر أخف.

"قال الغسال: بل أنت أمرتني بذلك" طيب البينة؟ "فإن الغسال مصدق في ذلك" والخياط مثله، لماذا رجح قول الغسال على قول صاحب الثوب؟

طالب:.......

لأن صاحب الثوب مدعي، والغسال مدعى عليه، ولذا لو جاء بالصباغ مدعى عليه، وصاحب الثوب مدعي، فلو جاء ببينة معه اثنين من زملائه، وقالوا: لا، قال: أنا أريد بني فصبغه أزرق أو أسود أو ما أشبه ذلك، إذا جاء ببينة يقبل قوله ببينة، وعلى كل حال كل من يقبل قوله بغير بينة، لا بد مع ذلك من يمينه.

"فإن الغسال مصدق في ذلك، والخياط مثل ذلك" جاء بقطعة القماش فقال: فصلها لي ثوب، فلما جاء فصلها له ثلاثة سراويل بدل الثوب، أو كوت، أو جوارب، أو ما أشبه ذلك، يصدق الخياط؛ لأن صاحب القماش مدعي، وهذا مدعى عليه إلا إذا كان هناك بينة؛ لأن بعض الناس حتى مع كونه مدعي بعض الناس يصدق ما في نفسه، هو ذاهب على أساس أنه يخيطها ثوب، فسبق لسانه مثلاً فقال: كوت أو شيء من هذا، أو سراويل أو ما..، أو عدل عن فكرته الأولى لما رآه يجيد خياطة الأكوات دون الثياب، فقال: فصلها كوت، ثم بعد ذلك ادعى أنه طلب منه يفصلها..، على كل حال في مثل هذا يصدق المدعى عليه إذا لم يكن مع المدعي بينة، مع يمين المدعى عليه.

"والصائغ مثل ذلك" الصائغ أعطيته المادة الخام من الذهب أو الفضة، فقلت: اصنعها أسورة، فصنعها خلاخيل أو العكس، فإنه يصدق، لكن إذا كان المطلوب أشد كلفة من المنفذ، والأجرة واحدة، قال له: اصنع هذه المادة أسورة، فصنعها ما هو أشد عليه، خلاليل أو العكس، هل يختلف هذا عن هذا؟ هل نقول: إن الصانع صنعها أسورة لأنها أسهل؟ أسهل عليه؟ فيكون هذا في جانب المدعي بخلاف ما إذا كان المطلوب أخف من المنفذ، فإنه لا مصلحة بوجه من الوجوه للصانع، فيكون ذلك مرجح في جانب الصانع.

طالب:... زيادة أجرة يا شيخ؟

لا لا، هو ما طلب زيادة أجرة، ما طلب زيادة أجرة، هم متفقين على مبلغ من المال، ما طلب زيادة.

طالب:.......

لا، لا، هم متفقين على الأجرة، ما هو الخلاف على الأجرة، هم متفقين على أن الأجرة خمسين ريال وخرجت بهذه الكيفية، شوف المجلد أنت أعطيته الكتاب، وأعطيته اللون والقيمة، ثم تفنن فيه، تفنن في التجليد، ودخل عليه من المحسنات التي يطلبها جميع الناس، ثم بعد ذلك قال: أنا والله ما أمرتك، وهذه لا أقبلها أنا؛ لأن بعض الأذواق تختلف عن بعض، بعض الناس يبي سادة، ما فيه ولا خطوط مثل هذه الذهبية، يبي سادة، وجاء وتفنن وتذوق فيه، وجعل أحزمة، ويمين وألوان وتكت وأركان، قال: أنا ما أقبل هكذا بهذه الطريقة، وهذا أشق عليه يعني، أشق على المجلد، يلزم بهذا أو نقول: أعد التجليد من جديد؟ لا سيما إذا لم يدع أن هذا طلبه، لكن لو ادعى أن هذا طلبه القول قوله على ما في كلام الإمام.

"والخياط مثل ذلك، والصائغ مثل ذلك، ويحلفون على ذلك" يعني كل من قبل قوله بغير بينة فإن ما يكون مع يمينه إلا أن يأتوا بأمر لا يستعملون في مثله، جاب قطعة قماش ما تصلح لئن تكون ثوباً، إنما تصلح لئن تكون سراويل، أو تصلح كوت، ولا تصلح في عرف الناس كلهم أن تكون ثوب، أو العكس، فإذا خاطه على غير ما يصلح له ضمنه.

طالب: في إشكالية مثلاً يصمم إعلان أو يرسم لوحة....

هذا إذا كان على الخيار، قال: صمم وانظر فيما يصلح لي، وما لا يصلح، هذا ما فيه إشكال.

طالب: يقول: أنا تعبت عليها....

ولو تعبت إلا إذا اتفقتم على شيء النماذج كذا.

طالب: ما فيه نموذج....

لا هذا يقول: أبا أصمم لك، أصمم لك خمسة نماذج، كل أنموذج بعشرين بالمائة من القيمة، فالذي يعجبك تأخذه بالقيمة كامل.

طالب: وإذا ما أعجبني ولا واحد منها؟

إذا ما أعجبك يصمم لك غيره، لكن إذا اتفقوا على شيء، ما يدفع شيء، إلا إذا اتفقوا على شيء للعينات.

"ويحلفون على ذلك إلا أن يأتوا بأمر لا يستعملون في مثله، فلا يجوز قولهم" يعني لا يمضي قولهم، ولو مع يمينهم، يعني محل فيه خياط، فيه خياطة، وفيه غسالة، وفيه كوي، وفيه صبغ، وفيه أشياء، يعني أكثر من خدمة يقدم، ثم جاب الشماغ ووضعه على الطاولة وانصرف، ما قال للغسال: اغسله، ولا قال للخياط: أخطه، ولا قال للصباغ: اصبغه، جاب الشماغ وتركه، فلما جاء إذا هو مفصل الشماغ سروال، أخذه الخياط وفصله سروال، هذا يقبل؟ هذا لا يمكن أن يقبل بوجه من الوجوه، وإن كان المحل فيه غسال، وفيه خياط، وفيه صباغ، لا يقبل، لكن إنما يقبل قوله فيما يمكن أن يستعمل فيه.

"فلا يجوز قولهم" يعني ما يمضي قولهم "وليحلف صاحب الثوب" صاحب الثوب يقول: والله ما أعطيتك هذه القطعة تفصلها سراويل، ولا تصلح سراويل هذه، هذه قطعة خشنة، ما يمكن أن تلي الجلد، أنا أعطيتك القطعة هذه صوف تفصلها كوت، فصلها سروال، هذا صوف خشن ما يصلح لئن يكون سراويل، فمن يقبل قوله؟ يقبل قول المدعي؛ لأن الإمام -رحمه الله تعالى- يقول: "إلا أن يأتوا بأمر لا يستعملون في مثله، فلا يجوز قولهم في ذلك" يعني لا يمضي "وليحلف صاحب الثوب أنه ما أراد إلا ما ذكر، فإن ردها وأبى أن يحلف" رد اليمين على المدعى عليه، أبى أن يحلف المدعي، ثم رد اليمين على المدعى عليه "حلف الصباغ" وهذا على كل حال على قول من يرى رد اليمين، وقضاة عصر الإمام مالك كلهم يرون رد اليمين.

"قال: وسمعت مالكاً يقول في الصباغ يدفع إليه الثوب فيخطأ به فيدفعه إلى رجل آخر حتى يلبسه الذي أعطاه إياه: إنه لا غرم على الذي لبسه" أعطيته الثوب أعطاك فاتورة، جاء ثاني وأعطاه ثوب وأعطاه فاتورة، فأعطاه ثوبك، وأعطاك ثوبه، أخذ ثوبك لأنه أفضل ولبسه، نعم، فإن كان على معرفة ضمن، وإن كان على غير معرفة لم يضمن.

قال: "حتى يلبسه الذي أعطاه إياه: إنه لا غرم على الذي لبسه، ويغرم الغسال لصاحب الثوب" أخذ الثوب ومشى، هذا الثوب الذي أخذه مفصل بخمسمائة ريال، والثوب الذي بقي، ثوب الذي أخذ الثوب الراجح، هذا الثوب المرجوح ما يستحق ولا مائة ريال، فإنه الغسال يضمن "ويغرم الغسال لصاحب الثوب، وذلك إذا لبس الذي دفع إليه على غير معرفة" لكن إذا قال: فرصة، الحمد لله جاب الله لنا هذا الثوب لا بسرقة ولا بغصب ولا..، الحمد لله، جابه الله بطوعه واختياره، لا، يضمن حينئذٍ.

"على غير معرفة بأنه ليس له، فإن لبسه وهو يعرف أنه ليس ثوبه فهو ضامن له".

طالب:.......

وين؟

طالب: الغسال.

إذا دفعه؟

طالب:.......

 

هو لا يخلو إما أن يكون الغسال عالماً أو جاهلاً، والآخذ لا يخلو إما أن يكون عالماً أو جاهلاً، فإن كان الآخذ للثوب عالم يغرم، وإن كان صاحب الثوب أو الغسال فهما شريكان، والذي لا يعلم منهما لا شيء عليه....

"