المقدمات في شرح المقنع ونظمه (07)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد،

ففي هذا اليوم نتكلم على بقية المقدمة مقدمة الناظم، ونُنهيها إن شاء الله تعالى.

وقفنا على قوله –رحمه الله-:

"وزدت عليه" يعني: على الأصل الذي هو المقنع للإمام الموفَّق.

وزدت عليه ما تيسر نظمه

 

وقيدت فيه بعض ما لم يُقيدِ

يعني من فوائد وشوارد موجودة في متفرقات الكتب.

"وسُقت زيادات المحرر جُلها" المُحرر في فقه الإمام أحمد للمجد مجد الدين بن تيمية الحراني جد شيخ الإسلام، وهو من أئمة المذهب، والمُحرر كتابه كتابٌ عظيمٌ نفيس وعليه حواشٍ مطبوعةٌ معه، وعليه حواشٍ لم تُطبع، فهو حريٌّ بالعناية والاهتمام من طلاب العلم.

"وسُقت زيادات المحرر جُلها" جُلها بدل الزيادات بدل بعض من كل، فإنه لم يسق الزيادات كلها، بل ساق جُلها.

"وما قد حوى من كل قيدٍ مُجوَّدِ" وما قد حوى هذا الكتاب "من كل قيدٍ" في حكمٍ أو في مسألةٍ أو في ضابطٍ، هذه القيود حرص عليها الناظم "وما قد حوى من كل قيدٍ مُجوَّدِ" ثم يقول:

فما فوق مرقى المجد في العلم مرتقى

 

وغايته القصوى على رغم حُسدِ

يمدح المجد ابن تيمية جد شيخ الإسلام، وهو من أئمة المذهب؛ حتى قيل: إن المذهب عند المتوسطين ما يتفق عليه الموفَّق والمجد، المذهب عند المتوسطين من الحنابلة ما يتفق عليه الموفَّق صاحب (المقنع) لاسيما في الكافي، فإذا اتفق الموفَّق مع المجد -مجد الدين ابن تيمية- فهذا هو المذهب عند المتوسطين.

فما فوق مرقى المجد في العلم مرتقى

 

وغايته القصوى على رغم حُسدِ

وما قد حواه مذهب المُذهب الذي

 

أبو الفرج الجوزي أملاه فاقتدِ

المُذهب لأبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي الحنبلي الواعظ المشهور الفقيه الكبير المفسِّر المتوفى سنة سبعٍ وتسعين وخمسمائة له كتاب (المُذهب) ويلتبس بــ(المذهب الأحمد) في مذهب الإمام أحمد لحفيده وليس له.

بنجم هدىً في كل فنٍ مبرِّزٍ

 

لقد فاق في ترتيب ذا كل موردِ

يعني في كل الكتب فاقها في الترتيب يعني: ابن الجوزي.

وما قد حوى الإقناع للعالِم الذي

 

بقبضته التحقيق غير مقلدِ

الإقناع في مذهب الإمام أحمد، وصاحبه ابن نصر من أتباع الإمام أحمد.

"غير مقلدِ" هنا الاجتهاد يقسمونه إلى: اجتهاد مطلق، وهذا لا ينطبق على صاحبنا.

واجتهاد في المذهب قد يكون غير مقلِّد في المذهب.

"علي بن عبد الله ذاك ابن نصرهم" صاحب الإقناع ظانٌّ أنه الحجاوي، لا، الحجاوي متأخر عن الناظم.

علي بن عبد الله ذاك ابن نصرهم

 

أبو الحسن المشهور في كل مشهدِ

طالب: ..........

ابن نصر نعم.

"وما قد حوى الإقناع" في الإقناع من معتمدات المذهب عند المتأخرين مع المنتهى ليس هو هذا الكتاب، قد يظن ظانٌّ لاتفاقه في الاسم أنه هو، كما قيل في منظومة الحجاوي في الكبائر التي أُدخِلت في ثنايا منظومة الآداب لابن عبد القوي ومشت، وفيها نُقول كثيرة عن المتأخرين، ولكن هي ليست لابن عبد القوي، هي للحجاوي.

وشيئًا من المستوعب الجامع الذي

 

أبان عن الفضل الفريد المسددِ

"وشيئًا من المستوعب" السامُري "الجامع الذي ... أبان عن الفضل الفريد المسددِ" هذا الكتاب الذي أبان عن فضل صاحبه.

"وشيئًا من الكافي الكفيل ببغيةٍ" الكافي للمصنِّف لابن قدامة.

وشيئًا من الكافي الكفيل ببغيةٍ

 

وشيئًا من المغني المحيط بمقصدِ

المغني، يعني الكافي يكتفي به من يُريد التوسع في المذهب ورواياته، فهو كفيلٌ ببغية المقلِّد في المذهب.

"وشيئًا من المغني المحيط بمقصدِ" محيط بالأقوال والمسائل والأدلة فيما يقصده طالب العلم موجود في المغني.

وضمَّنته من غاية المجد نُبذةً

 

وذلك في شرح الهداية فاقصدِ

الغاية في شرح الهداية لأبي الخطاب، الغاية للمجد ابن تيمية شرح للهداية لأبي الخطاب "وذلك في شرح الهداية فاقصدِ" ضمَّنه نُبذة وإلا الكتاب فيه طول.

وضمَّنته من غاية المجد نُبذةً

 

وذلك في شرح الهداية فاقصدِ

وقد يتأتى نظم بابٍ جميعه

 

...........................................

نظم جميع الباب فأنظمه وأدخله إذا تأتى وتيسر.

وقد يتأتى نظم بابٍ جميعه

 

وربتما آتي بحكمٍ مُزيدِ

زيادةً على ما ذكره من ذُكِر آتي بأحكامٍ زائدة من غيرها من الكتب. 

"وثنتان أو قولان عن أحمدٍ ترى" ثنتان: روايتان عن الإمام أحمد أو قولان يؤثران عنه.

"ووجهان أكني عنهما بالتردد" كذا أو كذا "ووجهان أكني عنهما بالتردد" صححوا، في المذهب: القول، والرواية، والوجه، والتخريج.

القول معروف، والرواية كذلك.

والوجه هو: استنباط الحُكم من مفهوم كلام الإمام.

والتخريج: نقل حكم مسألةٍ إلى ما يُشبهها والتسوية بينهما فيه.

طالب: ...........

هي الأصل مصروف لكن يحتاج في النظم إلى الصرف، وإلا ففي الأصل ممنوعة من الصرف "عن أحمدٍ ترى".

"وأقوى اجعلن وجهًا وأولاها روايةً".

طالب: ...........

لا، هذا في المخطوط، أنا عندي "أولى" في المطبوع، لكن المخطوط "أولاها" ماذا أفعل به؟ كل المخطوطات "أولاها" أيهما أصح؟

وأقوى اجعلن وجهًا أولاها روايةً

 

كذا القصد في المنصور ثم المسدد

ما معنى هذا الكلام؟

طالب: ...........

نعم إذا قال في الأقوى أو الأقوى فالمراد من الوجوه، وإذا قال: أولى فهي من الروايات، أولى الروايات.

..........................................

 

كذا القصد في المنصور ثم المسدد

كذا قولي اختر ذا أو انصره واعضدن

 

وأَظهَر وأشهِر مثل أولى وأوكدِ

يعني أظهر وأشهر مثل أولى "أولاها روايةً".

طالب: ...........

هي مثل أولى وأوكد.

وقولان فيما فيه قولٌ بأوكدٍ

 

ووجهان فيما فيه قولٌ بأجودِ

إذا قال: هذا الأوكد وهذا الأجود بأوكد فيما فيه قولان، وأجود فيما فيه وجهان، هنا ما فيه قولان في الشطر الأول، وما كان فيه وجهان يُعبِّر بأجود.

طالب: ...........

في الروايات والأقوال، في القولين والروايتين.

ومعطوف بل وجهٌ إذا ما حكيتها

 

ومعطوف أو قولٌ أوان التعددِ

يعني: معطوف بل وجه.

طالب: ...........

"ومعطوف أو قولٌ أوان التعددِ".

"والأردى اجعلن وجهًا".

طالب: ...........

أنا عندي: ولا أدري هذا لا ترد عليه أمامي هذا، وهذا أصح من المخطوط، نحن ما نقابل نُسخًا.

طالب: ...........

"والأردى اجعلن وجهًا".

"والأردى اجعلن وجهًا والأوهى روايةً" الله يرحمه، واحد من شيوخنا توفي قبل ثلاثين سنة اتصلت عليه، له عناية بالنظم يُضمّنه كتابًا ألّفه بالفقه، ويبدو أنه ضمَّن النظم كله في كتابه، اتصلت عليه أحسب عنده غير مطبوعة المكتب الإسلامي أستفيد منها، قال: المطبوعة ما فيها أي خطأ، قلت: جزاك الله خيرًا.

"والأردى اجعلن وجهًا والأوهى روايةً" يعتذر عن كل هذا التسهيل والإيطاء والأمور التي يحتاج إليها مع ضرورة الشعر.

والأردى اجعلن وجهًا والأوهى روايةً

 

ونحو بأولى البا كفي فيه فاعددِ

فيه أمور نحتاج إلى إمرارها كما جاءت؛ لأنك ما تجزم بأن الكلام صحيح؛ لأن هذا الحين تكلم في القرن الثالث، النسختان كذلك.

طالب: ...........

لا، هذا بالرابع عشر.

طالب: ...........

ونحو بأولى البا كفي" حرفي.

طالب: ...........

مثله.

طالب: ...........

"فيه فاعددِ".

وترجيح ما رجَّحت إما لكثرة

 

المقوين أو تصريح حبرٍ بمقصدِ

أو يُصرِّح إمام من أئمة المذهب بما اخترته، فأنا أختاره لهذا.

وتضعيف قولٍ حين آتي بأبعدِ

 

وتضعيف وجهٍ فيه آتي بمبعدِ

وواهٍ مع المشهور سوف تراهما

 

وقد سُطِّرا في أوطدٍ أو مؤطدِ

فالواهي أوطد إذا قال: بأوطدِ، نقول: هذا في الواهي، والمؤطد هو المشهور.

يقول في الصحاح: وطدت الشيء أطدته وطدًا أي: أثبته وثقَّلته، والواطد: الثابت، هذا في صحاح الجوهري الذي أحال عليه الناظم فيما سيأتي، وأيضًا في (غذاء الألباب) بأطول من هذا، وأنا قلت لكم: إن (غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب) ينفعكم في شرح بعض المستغلق من الأبيات؛ لأن المصطلحات متقاربة، وهذا في (غذاء الألباب) في الجزء الأول مائتين وتسعة وستين.

وغالب ألفاظ الأوامر واجبٌ

 

وحظرًا يُفيد النهي عند التجردِ

يعني كما أن الأمر الأصل فيه الوجوب، وقد يُصرف عن الوجوب لقرينة، والنهي الأصل فيه التحريم، وقد يُصرف عنه لقرينةٍ يقول: "وغالب ألفاظ الأوامر واجبٌ" على الأصل. 

طالب: ...........

أوطد أفعال تفضيل، مؤطد اسم مفعول، المعنى كله مثبَّت، أثبت هذا، هذا مُثبَّت وهذا أثبت.

"وغالب ألفاظ الأوامر واجبٌ" ألفاظ النصوص إذا أتت بالأمر فالأصل الوجوب {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} [النور:63] هذا يدل على أن الأوامر واجبة الامتثال.

طالب: ...........

المعنى هي الأصل عند أهل العلم.

وغالب ألفاظ الأوامر واجبٌ

 

وحظرًا يُفيد النهي عند التجردِ

إذا تجرد عن قرينة تصرف هذا الأمر من الوجوب إلى الاستحباب أو هذا النهي إلى الكراهة.

ومهما تأتى الابتداء براجحٍ

 

فإني به عند الحكاية أبتدي

إذا تأتى في النظم وتيسر أنني أبدأ بهذا القول الراجح، فهذا هو الأصل؛ لأني أبتدي "فإني به عند الحكاية أبتدي" ثم بعد ذلك يعتذر الشيخ ويُقدم عذره أن الخطأ والنسيان صفة البشر، ومَن يعرى منهما؟

فقد يجد القارئ عيوبًا في هذا النظم، فيطلب منه أن يغفر هذه العيوب في مقابل بحار الحسنات التي في هذه المنظومة كغيرها من صنيع البشر.

"فإما ترى عيبًا به فاسترنه" استر هذا العيب، ولا تنشره في الخلائق، وإن تيسر إصلاحه فأصلحه مع بيان ما تراه خطأً والصواب؛ لئلا يأتي أحدٌ يقرأ ويُصوِّب ما خطَّئت ويُخطِّئ ما صوَّبت، هذه الطريقة في تصحيح الكتب، ولا يجرؤ أحدٌ حتى يتمكن على التصحيح، بخلاف المسح فإنه لا يجوز المسح، إنما يُشير إلى أن هذه الكلمة أو هذه الجملة خطأ صوابها كذا، أو يقول: لعل المراد كذا؛ لأن من أتى بــــ(لعل) يبرأ من العهدة.

والنبي –عليه الصلاة والسلام- لما ذكر السبعين الألف الذين يدخلون الجنة بغير حسابٍ ولا عذاب الصحابة اجتهدوا، قال بعضهم: لعلهم كذا، وقال بعضهم: لعلهم كذا، فخرج عليهم النبي– صلى الله عليه وسلم- ولا واحد أصاب منهم، لكن لم يُعنِّفهم ولم يُثرِّب عليهم؛ لأنهم أتوا بحرف الترجي، وحرف الترجي تبرأ به الذمة.

طالب: ...........

أبا رضوان، أنت لا تُصحح أنت مريح؛ لأن التصحيح كم صححنا قبل عشرات السنين، ثم رجعنا إليه بعد، فوجدنا أن الذي صححناه –وهذا قليل- ما رأيت يعني تصحيحًا إلا نادرًا، والحمد لله. 

فإما ترى عيبًا به فاسترنه

 

بحلمك أو فأصلح تُثابن وتُحمد

إذا بان لك وجه الصواب الذي لا تتردد فيه فأصلح إن كنت قد تأهلت لذلك.

وأغضِ عن الإيطاء فهو ضرورةٌ

 

مراعاة رمز الاختلاف المقيدِ

في الصحاح الذي أحال عليه المؤلف كما سيأتي يقول: الإيطاء في الشعر مراعاة القافية بأي نوع من المراعاة.

طالب: ...........

هذا في الرجز لا بُد منه، القافية والروي في الرجز لا بُد من التوافق، أما في غيره ففي الغالب أنهم يجعلون الأبيات الأولى متوافقة، ثم بعد ذلك يتركون هذا التوافق.

وأغضِ عن الإيطاء فهو ضرورةٌ

 

مراعاة رمز الاختلاف المقيدِ

ولا تُنكرن لفظًا غريبًا رأيته

 

بنظمي ولا استعمال ما لم تَعودِ

يعني الكتب في الفنون إذا كانت نثرًا يعني متون الفقه مثلًا تجد عباراتها مألوفة الذي تقرأه في هذا تقرأه في هذا، لكن هذا بتوسع، عباراتهم مألوفة لا ضرورة تضطرهم إلى أن يتركوا المألوف إلى الغريب، بينما الشعر قد يضطر الإنسان إلى ترك لفظة مألوفة ومتداولة بين أهل العلم ويذهب إلى كلمةٍ غريبةٍ وحشيةٍ من أجل ضرورة الشعر.

ولا تُنكرن لفظًا غريبًا رأيته

 

بنظمي ولا استعمال ما لم تَعودِ

في أشياء: أوطد، ومؤطد؛ ولذلك أنا أخشى أنك تأتي بالقلم وترى مؤطد وتعدلها.

ولا تُنكرن لفظًا غريبًا رأيته

 

بنظمي ولا استعمال ما لم تَعودِ

الذي ما تعودت عليه من هذه الألفاظ وفيها كثير شيء اتركه.

"ولا تقلُ همزًا أو ضرورة شاعرٍ" "ولا تقل" ما معنى تقلُ؟! ماذا عندكم؟ وضعوا ضمة.

"ولا تقلُ همزًا أو ضرورة شاعرٍ".  

طالب: ...........

أنا أعرف أنه مضبوط أول ما أنا قرأتها هكذا، لكن نرى الوجه.

طالب: ...........

يعني لا تقل ولا تقلُ، يعني أنت تقول: هذه همزة في غير موضعها لضرورة الشعر، لكن ما أظن، يعني: "لا تقلُ همزًا" من البغض من القلي وهو البغض والكره للشيء.

"أو ضرورة شاعرٍ" يعني لا تكره هذا؛ لقلة...

ولا تقل همزًا أو ضرورة شاعرٍ

 

فإن اتساع النظم عذرٌ لموردِ

طالب: ...........

نعم.

طالب: ...........

أين؟

طالب: ...........

"فإن اتساع النظم عذرٌ لموردِ" اتساع النظم كون المنظومة بأربعة عشر أو خمسة عشر ألف بيت لا بُد أن يقع فيه شيء.

طالب: ...........

المخطوطات ما فيها شيء.

طالب: ...........

أو صح؛ لأن فيه ممسوحات الكسرتين، مَن الذي قال لك أو أنت؟

طالب: ...........

ما شاء الله صحيح.

"ولا نقل همزٍ أو ضرورة شاعرٍ" يعني لا تُنكر هذا، صحيح ترى جرة وعليها جرتين بالمخطوط.

طالب: ...........

المخطوط.

طالب: ...........

"ولا نقل همزٍ" لو وضع همزًا وألفًا ثانية لهمزة، وهنا ما فيه، الألف واحدة. 

ولا نقل همزٍ أو ضرورة شاعرٍ

 

فإن اتساع النظم عذرٌ لموردِ

ما شاء الله نحتاج هذا التصحيح في كل المنظومة.

وقصد اجتناب الحشو والجمع موجبٌ

 

لقلة تحسين القريض المنضَّدِ

الآن الشعراء وغيرهم إذا قرأوا نظم العلوم ولاسيما الذي يسمونه نظم الفقهاء، والقارئ للنظم يُحاسب الفقهاء والعلماء على ما اعتاده عن الأدباء والشعراء من المحسنات.

الفقهاء لا يتيسر لهم ذلك مثل ما يتيسر للأدباء، فرق بين أن تدور بسيارتك ببر وبين أن تدور بحوارٍ، ما فيه فرق؟

الأدباء والشعراء عندهم المساحة واسعة جدًّا، بينما العلماء مثل هذا الذي نظم هذه المنظومة في مجلدين عنده المساحة ضيقة، والفقهاء عمومًا يريدون الاختصار وقِلة... لئلا يُطيلوا على الطلاب، فيحتاجون إلى حبك وسبك النظم بطريقةٍ قد لا تُساعدهم على استعمال المحسنات البديعية وغيرها، وقد يرتكبون أشياء ممنوعة في السعة.

 ثم قال –رحمه الله-:

"وعاود على ما اعتاص في النظم فهمه" يعني: البيت الذي ما تفهمه من أول وهلة ارجع إليه ثانية وثالثة إلى أن تفهمه.

"وعاود على ما اعتاص في النظم فهمه" استغلق تردد عليه لأن تفهم.

.................................

 

أصولًا ذكرناها تُصب وتُسدَّدِ

"وخُذ علم ما استغربته من صِحاحه" خذ علم الغريب، غريب اللغة من الصحاح.

"وخُذ علم ما استغربته" يعني: من الغريب الذي في هذا الكتاب مما يتعلق باللغة من كُتب اللغة، وما يتعلق بغيرها في لغة الفقهاء لهم كُتب في لغتهم على اختلاف مذاهبهم، وبالأخص المقنع أُلِّف في غريبه كتاب اسمه (المُطلِع على أبواب المقنع) وقلنا: إنه في كُتب الشافعية أُلِّف (المصباح المنير)، والحنفية (المُغرِب)، والمالكية، كلهم لهم كُتب في غريب فقههم.

"وخُذ علم ما استغربته من صِحاحه" تاج اللغة وصحاح العربية للجوهري نصر بن حمَّاد، هل هو قبل الذي اخترع...

طالب: ...........

لا الذي اخترع الطيران.

طالب: عباس بن فرناس.

عباس بن فرناس.

وماذا فعل بالطيران؟ وماذا فعل وهو يخترع الطيران؟

طالب: جناحين.

وطار، وفاته كم؟ المتوفى في القرن الرابع، الجوهري نفس الشيء صعد على السطح ووضع له جناحين وطاح ومات، هل هذا مخترع؟

طالب: لكنه وضع فكرة الطيران.

لكن أيهما أقدم؟ طلعوه من الجوالات، الجوهري ثلاثمائة وسبعين تقريبًا.

طالب: ...........

لكن هذا قبله.

انظر اختلاف الأنظار هذا عند قومٍ مُبدِع ومُخترع، وعند آخرين مجنون، أليس صحيحًا؟

"وخُذ علم ما استغربته من صِحاحه" الصحاح من أجود كُتب العربية ومن أقدمها، وعليه ملاحظات يسيرة استدركها صاحب القاموس، ووجِدت محاكمات بينهما، وصوِّب صاحب الصحاح في كثيرٍ منها، وهناك كتاب –واحد من جماعتكم من الساحل الغربي- اسمه (الوشاح فيما استُدرك على الجوهري في كتاب الصحاح) مجلد لطيف فيه الأخطاء، وطُبِع على الطبعة الثانية على هامش الطبعة الثانية، وهو مهم لقارئ الصحاح طُبِع على الطبعة الثانية من طبعات بولاق سنة ألف ومائتين وثمانين طُبِع على هامشها.

الصحاح يقولون: فيه أربعون ألف مادة، والقاموس ستون ألفًا، واللسان -هذه أعداد ما تتبعناها بأنفسنا، نَقل- ثمانون ألفًا اللسان، والتاج تاج العروس في شرح القاموس مائة وعشرون ألفًا، وهناك كُتب في غاية الأهمية في اللغة (تهذيب اللغة) للأزهري، و(المُجمل) لابن فارس، وأيضًا لابن فارس (مقاييس اللغة)، وهو من أهم كتب اللغة في معرفة أصول الكلمات، و(المُحكَم) لابن سيده، وكتابه الآخر المُخصِّص له، وهذه كُتب معروفة عند طلاب العلم ويتداولونها.

"ومُجملهم" يعني (المُجمل) لابن فارس.

"والمُحكم النظم" لابن سيده أثنوا عليه، يقولون: إنه يحفظ ديوان المتنبي، ويحفظ دواوين بكاملها.

"والمُحكم النظم تُرشدِ" النظم إعرابها مضاف إليه، والمقيم الصلاة، وسوَّغ اقتران المضاف بأل وجودها في المضاف إليه والإضافة لفظية، أما المحضة المعنوية فلا يجوز أن يقترن المضاف بأل.

طالب: ...........

ماذا؟

طالب: ...........

من هو؟

طالب: ...........

بالتحديد كم بينهما؟

طالب: ...........

مائة وستة وتسعون قبل ...

طالب: ...........

يصير قبله حتى هو ما عاش بمائتين.

طالب: ...........

لا لا، قبل الجوهري.

ومن جامع الأفعال لابن طريفهم

 

وأشباههم من كل حبرٍ مقلدِ

الكتب التي أُلِّفت في الأفعال كثيرة منها ابن القطَّاع في ثلاث مجلدات، وابن طريف، وابن القوطية في مجلدٍ كُبر هذا، وهو من أنفسها.

يقول:

"وهب بعض ما فيها لإحسان جُلها" يعني بعض ما فيها من الملاحظات هبها لإحسان الغالب الكثير جدًّا مثل ما نقول: هب المسيئين منَّا للمحسنين، ما تسمعونها في القنوت؟ هذا يقول:

وهب بعض ما فيها لإحسان جُلها

 

ولا تتبع عوراتها وتفقدِ

ما فيه مانع أنك تدوِّر؛ لتصحح، لا لتشمت وتنشر.

"فكم من جوادٍ قد كبا وهو سابقٌ" الفرس قد يكون معروفًا كل سنة يأخذ الأول في السِّباق، لكنه هذه المرة سُبِق.

فكم من جوادٍ قد كبا وهو سابقٌ

 

وكم يوم روع قد نبا من مهندِ

السيف ينبو، والجواد يكبو.

"وكم من عائبٍ قولًا صحيحًا لجهله" يعني الآفة منه لا من القول، وآفته من الفهم السقيم.

وكم عائبٍ قولًا صحيحًا لجهله

 

وذو العلم يبغي عذر واهٍ ومُفسدِ

تعذَّر حتى لأقل الناس ذو العلم الواثق من علمه، ومن نفسه، ومن دينه، واثق عن نفسه من كل وجه تجده يتعذَّر للناس.

طالب: ...........

ما هو مُفسِد بمعنى الإفساد، من يجيء يصحح كُتبًا ويضطرب يتعذَّر.

طالب: ...........

"ذو" صاحب، صاحب العلم "يبغي عذر واهٍ" يعني: حتى العذر للمخطئ خطأً كبيرًا وصنيعه واهٍ ما يُشغل نفسه في المجالس ويُحذّر منه ويُبيّن أغلاطه.

طالب: ...........

يقبل العذر مثل هذا الذي يتتبع الأخطاء وينشرها في المجالس يُبتلى، شخص كان قبل أربعين سنة يُدرِّس ويأتي معه بكتابٍ، وهو مُحقَّق من جهة شخص، وفيه أخطاء كثيرة جدًّا، ويأتي به يطلع الطلاب عليه؛ لأنه ناوٍ أن يُحققه ثانية، وهذا خطأ وما أدري أيش، وكل صفحة... ويطلع طبعته أسوء بكثير من هذه الطبعة، عوقِب عقوبة. 

فسبحان من لم يخل من وصمةٍ

 

ومن معابٍ سواه جلَّ من متفردِ

بهذا نكون أنهينا الكلام على المقدمة، وهي في مائة وسبعة عشرة بيتًا.

طالب: ...........

كان أمامه شيء؟

طالب: ...........

أنهينا الكلام على المقدمة، ونشرع في المقاصد بدءًا بكتاب الطهارة من الأصل والفرع، ولتكن البداية في الأصل، فإذا أتممنا شرح الباب من المقنع عُدنا إلى النظم، ومررنا على النظم بسرعة.

طالب: ...........

"