التعليق على تفسير القرطبي - سورة التين

تفسير سورة والتين مكية في قول الأكثر، وقال ابن عباس وقتادة: هي مدنية، وهي ثماني آيات، بسم الله الرحمن الرحيم، قوله تعالى:  {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُون}[التين:1]  فيه ثلاث مسائل؛ الأولى: قوله تعالى:{وَالتِّينِ وَالزَّيْتُون}[التين:1] قال ابن عباس والحسن ومجاهد وعكرمة وإبراهيم النخعي وعطاء بن أبي رباح وجابر بن زيد ومقاتل والكلبي: هو تينكم الذي تأكلون وزيتونكم الذي تعصرون منه الزيت، قال الله تعالى :{وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاء تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلآكِلِين}[المؤمنون:20] وقال أبو ذر: أهدي للنبي -صلى الله عليه وسلم- سلّ تين، فقال: «كلوا»، وأكل منه ثم قال: «لو قلت: إن فاكهة نزلت من الجنة لقلت هذه؛ لأن فاكهة الجنة بلا عجم، فكلوها فإنها تقطع البواسير وتنفع من النِّقرس»، وعن معاذ. "

تخريجه.

طالب: ................

" وعن معاذ أنه استاك بقضيب زيتون وقال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: «نعم السواك الزيتون من الشجرة المباركة، يطيب الفم، ويذهب بالحفر، وهو سواكي وسواك الأنبياء من قبلي»."

مثله؟

طالب: ................

كسابقه.

وروي عن ابن عباس أيضًا.

لحظة.

طالب: ................

نعم، عمومًا غالبها أو جلها ضعيفة.

" وروي عن ابن عباس أيضًا: التين مسجد نوح- عليه السلام- الذي بُني على الجودي، والزيتون مسجد بيت المقدس. وقال الضحاك: التين المسجد الحرام، والزيتون المسجد الأقصى. وقال ابن زيد: التين مسجد دمشق، والزيتون مسجد بيت المقدس. وقال قتادة: التين الجبل الذي عليه دمشق، والزيتون الجبل الذي عليه بيت المقدس. وقال محمد بن كعب: التين مسجد أصحاب الكهف، والزيتون مسجد إيلياء. وقال كعب الأحبار وقتادة أيضًا وعكرمة وابن زيد: التين دمشق، والزيتون بيت المقدس. وهذا اختيار الطبري، وقال الفراء. "

يُستغرب من الطبري أن يختار خلاف ما يدل عليه اللفظ، اللفظ دلالته ظاهرة على النباتات المعروفة التين المعروف والزيتون المعروف، أما كونه مسجدًا أو بلدًا أو.. يعني قد يكون البلد مشهورًا بهذا النبات، لكن لا يقطعه ويحرمه من اسمه الأصلي، وينتقل اسمه من اسمه الأصلي إلى ما اشتهر به، قد يقال: هذا بلد التين، وهذا بلد الزيتون، وإن كان فيه أشجار أخرى؛ لاشتهاره بهذا النبات أو هذه الفاكهة، أما أن يسمى البلد دمشق التين، وبيت المقدس الزيتون مسجد إيلياء إلى آخره غريب من الطبري أن يختار مثل هذا.

طالب: ................

لا، هو الطبري ذكر الأقوال وأطال في تقرير مثل هذه الأمور، ولعله أشار إلى شيء من هذا التعليق عندك؟

طالب: ................

لا، ما يثبت عن ابن عباس، لا لا.

" وقال الفرّاء: سمعت رجلاً من أهل الشام يقول: التين جبال ما بين حلوان إلى همذان، والزيتون جبال الشام. وقيل: هما جبلان بالشام يقال لهما: طورزيتا وطورتينا بالسريانية سمِّيا بذلك؛ لأنهما ينبتانهما، وكذا روى أبو مكين عن عكرمة قال: التين والزيتون جبلان بالشام. وقال النابغة:

أتين التَّين عن عرض
 

 

.....................
 

أتينا التِّين.

أتين التِّين عن عُرض
 

 

.....................
 

وهذا اسم موضع، ويجوز أن يكون ذلك على حذف مضاف أي ومنابت التين والزيتون، لكن لا دليل على ذلك من ظاهر التنزيل، ولا من قول من لا يجوز خلافه.

ولا داعي للتقدير، ولا داعي لتقدير المضاف.

قاله النحاس. الثانية: أصح هذه الأقوال الأول؛ لأنه الحقيقة، ولا يعدل عن الحقيقة إلى المجاز إلا بدليل، وإنما أقسم الله بالتين؛ لأنه كان ستر آدم في الجنة؛ لقوله تعالى: { يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ}[الأعراف:22]، وكان ورق التين، وقيل: أقسم به؛ ليبين وجه المنَّة العظمى فيه، فإنه جميل المنظر طيب المخبر نَشِر الرائحة سهل الجنى على قدر المضغة، وقد أحسن القائل فيه:

انظر إلى التين في الغصون ضحى
 

 

ممزق الجلد مائل العنق
 

كأنه رب نعمة سلبت
 

 

فعاد بعد الجديد في الخلق
 

أصغر ما في النهود أكبره
 

 

لكن ينادى عليه في الطرق
 

وقال آخر:

التين يعدل عندي كل فاكهة
 

 

إذا انثنى مائلا ًفي غصنه الزاهي
 

مخمش الوجه قد سالت حلاوته
 

 

كأنه راكع من خشية الله
 

وأقسم بالزيتون؛ لأنه مثّل به إبراهيم في قوله تعالى: {يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ} [النور:35]  وهو أكثر أُدُم أهل الشام والمغرب يصطبغون به ويستعملونه في طبيخهم. "

لأنهم لا يعرفون التمر، يعرفون الزيتون، ويعرفون التين، ولا يعرفون التمر، وهناك مفاضلة بين التمر والزيتون بين شامي وعراقي، الشامي: يقول الزيتون أفضل، وله أدلته، والعراقي يقول: لا، التمر أفضل، ولو وجد أفضل منه ليسر لمريم {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا}[مريم:25]قال العراقي بعد أن احتد: نحن نشتري الزيتون بنوى التمر، فماذا تشترون بنواكم؟ نعم كان النوى يُشترى به.

طالب: ................

البيع يباع حتى كل شيء يباع، لكن كونه عملة يشترى بها هذا شيء ثانٍ، أنت ما أدركت أنهم يشترون، لا، هذا قبل أربعين سنة كان الناس الفقراء يجمعون شيئًا من نوى التمر ويشترون به شيئًا يسيرًا إما من الكراث أو من الخيار أو الطماطم أو شيء من هذا.

طالب: أحسن الله إليك. يقول مثَّل به إبراهيم في قوله تعالى:{يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ}[النور:35] .

ماذا؟

طالب: يقول مثل به إبراهيم في قوله تعالى:{يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ}[النور:35] .

ما أدري والله كيف أتى إبراهيم هنا.

طالب: ................

حديث موضوع.. وإلا فالآية ما لإبراهيم ذكر- عليه السلام-.

" وهو أكثر أُدُم أهل الشام والمغرب يصطبغون به، ويستعملونه في طبيخهم، ويستصبحون به، ويداوى به أدواء الجوف والقروح والجراحات، وفيه منافع كثيرة، وقال- عليه السلام-: «كلوا الزيت وادهنوا به، فإنه من شجرة مباركة»، وقد مضى في سورة المؤمنون القول فيه. "

طالب: ................

ماذا عندك أنت؟

طالب: ................

شف الآن ثلاثة، راجع اثني عشر، مائة وست عشرة، هات اثني عشر يا أبا عبد الله لكي لا نستعجل في الرد، اثنا عشر صفحة مائة وست عشرة، ما فيه شك أن آية مائة وست عشرة.

طالب: ................

نعم، تستعجل أنت، الله يهديك.

طالب: ................

نعم { وَصِبْغٍ لِّلآكِلِين}[المؤمنون:20]  أنت رحت لآية النور.

طالب: ................

لا.

طالب: ................

أين؟

طالب: ................

لا لا لا لا، المؤمنون، القول فيه راجع اثني عشر صفحة مائة وست عشرة.

طالب: ................

هو ما فيه شك أنه الزيت يتداوى به، ما المانع الزيت إدام ويتداوى به، ما فيه إشكال؛ لأنه ما يستعمل مفردًا، ما هو بطعام مفرد، ما يستعمل طعامًا إلا مركبًا، فرق بينه وبين الطعام الذي يؤكل جاهزًا، فهمت؟ الزيت تأكله تشربه شربًا كذا أم تضعه مع الطعام مثل ما تضع الماء وتضع الملح؟

طالب: ................

بمفرده؟ لا لا.

طالب: ................

والله هذا الذي يظهر ما هو مثل الطعام الجاهز الذي يؤكل ويكتفى به عن غيره.

طالب: ................

على كل حال إذا اضطر إليه استُعمل أي شيء، أما الترف لتنعيم الجلد أو.. لا ما يجوز، لكن لو اضطر إليه ما فيه بأس.

طالب: ................

كيف؟

طالب: ................

إذا اضطر إليه، عند الضرورة لا بأس للعلاج ما يخالف.

" الثالثة: قال ابن العربي: ولامتنان البارئ سبحانه وتعظيم المنة في التين، وأنه مقتات مدّخر فلذلك قلنا بوجوب الزكاة فيه، وإنما فر كثير من العلماء بوجوب الزكاة فيه تقية جَور الولاة، فإنهما يتحاملون في الأموال الزكاتية، فيأخذونها مغرمًا حسب ما أنذر به الصادق -صلى الله عليه وسلم-، فكره العلماء أن يجعلوا لهم سبيلاً إلى مال آخر يتشططون فيه، ولكن ينبغي للمرء أن يخرج. "

عن نعمة ربه.

" عن نعمة ربه بأداء حقها. "

يخرج عنها بشكرها بأداء حقها.

" وقد قال الشافعي لهذه العلة وغيرها: لا زكاة في الزيتون، والصحيح وجوب الزكاة فيهما. "

ولا يظن بالشافعي وأمثاله أنه يداري أو يماري أو يداهن الولاة بإسقاط واجب.

" قوله تعالى: {وَطُورِ سِينِين}  [التين:2]  روى ابن أبي نجيح عن مجاهد: وطور قال: جبل. سينين قال: مبارك بالسريانية. وعن عكرمة عن ابن عباس قال: طور جبل، وسينين، حسن. وقال قتادة: سينين هو المبارك الحسن. وعن عكرمة قال: الجبل الذي نادى الله- جل ثناؤه- منه موسى- عليه السلام-. وقال مقاتل والكلبي: سينين كل جبل فيه شجر مثمر، فهو سينين وسيناء، بلغة النبط، وعن عمرو بن ميمون قال: صليت مع عمر بن الخطاب العشاء بمكة، فقرأ والتين والزيتون. وطور سيناء. وهذا البلد الأمين قال: وهكذا هي في قراءة عبد الله، ورفع صوته تعظيمًا للبيت. وقرأ في الركعة الثانية: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَاد}[الفجر:6] و{لإِيلاَفِ قُرَيْش} [قريش:1]، جمع بينهما. ذكره ابن الأنباري. النحاس: وفي قراءة عبد الله: (سيناء) (بكسر السين)، وفي حديث عمرو بن ميمون عن عمر (بفتح السين). وقال الأخفش: طور جبل. وسينين شجر واحدته سينينية. وقال أبو علي: سينين فعليل، فكررت اللام التي هي نون فيه، كما كررت في زحليل: للمكان الزلق، وكرديدة: للقطعة من التمر، وخنذيذ: للطويل. ولم ينصرف سينين كما لم ينصرف سيناء؛ لأنه جُعل اسمًا لبقعة أو أرض، ولو جعل اسمًا للمكان أو للمنزل أو اسم مذكر لانصرف؛ لأنك سميت مذكرًا بمذكر. "

نعم؛ لأن العلة الثانية ارتفعت، إذا كان علة وتأنيث منع من الصرف، وإذا كان مذكرًا فالعلمية والتأنيث تمنع من الصرف، لكن العلمية مع التذكير لا تكفي للمنع.

"وإنما أقسم الله بهذا الجبل؛ لأنه بالشأم والأرض المقدسة، وقد بارك الله فيهما كما قال:{الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ }  الإسراء:1.  قوله تعالى: {وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِين}  [التين:3]  يعني مكة سماه أمينًا؛ لأنه آمن كما قال: {أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا}[العنكبوت:67]  فالأمين بمعنى الآمن، قاله الفراء وغيره، قال الشاعر:

ألم تعلمي يا اسم ويحك أنني
 

 

........................."
 

يا أسم.

"ألم تعلمي يا أسم ويحك....
 

 

........................."
 

أصلها يا أسماء، لكن من باب الترخيم حذف آخر المنادى، وعلى لغة من لا ينتظر رفعه، وأما على لغة من ينتظر يجب أن يقول: يا أسمَ بالفتح.

ألم تعلمي يا أسم ويحك أنني
 

 

حلفت يمينًا لا أخون أمني
 

أميني.

..........................
 

 

........... لا أخون أميني
 

" يعني آمني، وبهذا احتج من قال إنه أراد بالتين دمشق وبالزيتون بيت المقدس، فأقسم الله بجبل دمشق؛ لأنه مأوى عيسى- عليه السلام- وبجبل بيت المقدس؛ لأنه مقام الأنبياء عليهم السلام، وبمكة؛ لأنها أثر إبراهيم ودار محمد -صلى الله عليهما وسلم-."

يكون القسم من أول السورة إلى هذا الموضع كلها أماكن التين والزيتون التين مكان والزيتون مكان على ما تقدم، وطور سينين مكان، وهذا البلد الأمين مكان، ولعل هذا هو الذي دعا من يُفسر التين والزيتون بهذه الأماكن، وإلا فلا وجه له.

" قوله تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيم*ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِين} [التين: ٤ - ٥]  فيه مسألتان: الأولى: قوله تعالى: { لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ }  [الحجر:26]  هذا جواب القسم، وأراد بالإنسان الكافر، قيل: هو الوليد بن المغيرة، وقيلَ: كلدة بن أسيد، فعلى هذا نزلت في منكري البعث، وقيل: المراد بالإنسان آدم وذريته. {في أحسن تقويم}، وهو اعتداله واستواء شبابه، كذا قال عامة المفسرين، وهو أحسن ما يكون؛ لأنه خلق كل شيء منكبًا على وجهه، وخلقه هو مستويًا وله لسان ذلق ويد وأصابع يقبض بها، وقال أبو بكر.. "

فالمراد بالإنسان على هذا الجنس، كل الإنسان على هذا في أحسن تقويم وفي اعتدال، بخلاف غيره من المخلوقات.

" وقال أبو بكر بن طاهر: مزينًا بالعقل مؤديًا للأمر مهديًّا بالتمييز مديد القامة، يتناول مأكوله بيده. قال ابن العربي: ليس لله تعالى خلق أحسن من الإنسان، فإن الله خلقه حيًّا عالمًا قادرًا مريدًا متكلمًا سميعًا بصيرًا مدبِّرا حكيمًا، وهذه صفات الرب سبحانه، وعنها عبَّر بعض العلماء ووقع البيان بقوله: «إن الله خلق آدم على صورته»، يعني على صفاته التي قدمنا ذكرها، وفي رواية: «على صورة الرحمن»، ومن أين تكون للرحمن صورة متشخصة؟ فلم يبقَ إلا أن تكون معاني، وقد أخبرنا المبارك. "

لا يلزم من التشبيه المشابهة من كل وجه لا يلزم من التشبيه المشابهة من كل وجه الله- جل وعلا- له سمع وله بصر وله صفات، وآدم له من هذه الصفات أسماء لا تشبه صفات الخالق، فالله خلقه على هذه الصفات التي لله- جل وعلا- لا نقول مثلها، وإنما هي موجودة لله- جل وعلا- الصفات السمع والبصر وغير ذلك من الصفات، وآدم له كذلك، فوجه الشبه وجود الصفات في آدم كوجودها في الرحمن- جل وعلا- ومثل ما قلنا التشبيه لا يلزم منه التشابه من كل وجه «أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر على صورة القمر»، وجه الشبه الإضاءة والاستدارة.

طالب: ................

الجمال عموم الجمال، لكن هل للقمر عينان؟ له أنف؟ له فم؟ له أذنان؟ أو أن هذه الزمرة بدون هذه الأمور لا، وجه الشبه لا يلزم منه المطابقة في التشبيه في مثل هذه الأمور، وحتى في غيرها، أي إنسان تشبهه بآخر لا يلزم أن يكون مشبهًا له من كل وجه، يشبهه من وجه، ويخالفه من وجوه، أن يوجد وجه شبه، لكن المطابقة والمشابهة من كل وجه هذا فلا، ولذا «إن الله خلق آدم على صورة الرحمن» ما فيها إشكال، ولا فيها تشابه ولا اشتباه من هذه الحيثية أن الله- جل وعلا- أثبت لنفسه صفات، وأثبت نظيرها لآدم وذريته، وخلق آدم على هذه الصفات التي ذكر أسماءها له- جل وعلا-.

طالب: ................

أين؟

طالب: ................

ما يوجد أحسن خلق من الإنسان نعم { فِي أَحْسَنِ تَقْوِيم} [التين:4]  هذا كلام الله- جل وعلا-: { فِي أَحْسَنِ تَقْوِيم} [التين:4] .

طالب: ................

نعم، أحسن.

طالب: ................

ما فيه أحسن من الإنسان.

طالب: ................

الذي ما يعرفه أكيد أنه ما هو بأحسن بعد؛ بدليل: { فِي أَحْسَنِ تَقْوِيم} [التين:4]، لكن هناك من مُسخت فطرهم، من يربي كلبًا، ويرى أنه أفضل حتى في منظره وشكله حتى من الإنسان أو قطًّا أو ما أشبه ذلك، يستحسنون بعض الأمور، لكن الفطر ممسوخة.

" وقد أخبرنا المبارك بن عبد الجبار بن عبد الجبار الأزدي قال: أخبرنا القاضي أبو القاسم علي بن أبي علي القاضي المحسِّن عن أبيه قال: كان عيسى بن موسى الهاشمي يحب زوجته حبًّا شديدًا فقال لها يومًا: أنت طالق ثلاثًا إن لم تكوني أحسن من القمر، فنهضت واحتجبت عنه وقالت: طلقتني. "

لأنها ما تتردد في أن القمر أحسن منها؛ لأن الناس قاطبة يشبهون الحسن بالقمر.

" وقالت: طلقتني وبات بليلة عظيمة، فلما أصبح غدا إلى دار المنصور، فأخبره الخبر، وأظهر للمنصور جزعًا عظيمًا، فاستحضر الفقهاء واستفتاهم فقال جميع من حضر: قد طلقت إلا رجلاً واحدًا من أصحاب أبي حنيفة، فإنه كان ساكتًا، فقال له المنصور: ما لك لا تتكلم؟ فقال له الرجل: بسم الله الرحمن الرحيم {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُون* وَطُورِ سِينِين * وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِين* لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيم } [التين:١ - ٤]  يا أمير المؤمنين، فالإنسان أحسن الأشياء، ولا شيء أحسن منه، فقال المنصور لعيسى بن موسى: الأمر كما قال الرجل، فأقبل على زوجتك، وأرسل أبو جعفر المنصور إلى زوجة الرجل أن أطيعي زوجك ولا تعصيه، فما طلّقك، فهذا يدلك على أن الإنسان أحسن الخلق. "

وعلى هذا يكون أقبح إنسان أحسن صورة من القمر، وهذا لا شك أنه مناسب؛ لعموم الآية، لكن قد يكون فيه نوع معارضة لما جاء في الحديث الصحيح: «إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر»، مما يدل على أن هذه أجمل من يدخل الجنة «أول زمرة»، يعني أجمل من يدخل الجنة، ولا شك أن هذه الزمرة أجمل من بني آدم في الدنيا وشُبهت بالقمر، ومن المعلوم أن المشبه دون المشبه به هذا الأصل دون المشبه به في وجه الشبه، فماذا يقال في مثل هذه؟

طالب: ................

نعم، في الإضاءة «لكن على صورة القمر» ما معناها في جماله؟ في شكله؟ في..

طالب: ................

الآن هل المرأة طلقت أم ما طلقت؟ على كلامهم ما طلقت، لكن على الواقع، يعني عرف الناس ومثل هذه الأمور، والطلاق يمين، هل نقول إن الأيمان مبناها على الأعراف، وأنه حتى في عرف هذا الرجل أن القمر أجمل منها.

طالب: ................

نعم، ما عندنا إشكال في عموم الآية، لكن يرد عليه أن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر.

طالب: ................

لا، الآن المفاضلة في الآية في تقويمه، يعني في قامته، فلا يرد المشابهة بالقمر هنا إذا أردنا قوامه، فما فيه أحسن منه، وإذا أردنا وجهه فالقمر أفضل منه، فإذا أردنا قوامه أعملنا الآية  {فِي أَحْسَنِ تَقْوِيم}[التين:4]، وإذا أردنا وجهه أعملنا الحديث، وعلى هذا تطلق أو ما تطلق؟

طالب: ................

وإذا كان يريد قوامها بعد.

طالب: ................

" فهذا يدلك على أن الإنسان أحسن خلق الله باطناً وظاهرًا جمال هيئة، وبديع تركيب الرأس بما فيه، والصدر بما جمعه، والبطن بما حواه، والفرج وما طواه، واليدان وما بطشتاه، والرجلان وما احتملتاه، ولذلك قالت الفلاسفة: إنه العالم الأصغر؛ إذ كل ما في المخلوقات جُمع فيه. الثانية: قوله تعالى: { ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِين} [التين:5]  أي إلى أرذل العمر، وهو الهرم بعد الشباب، والضعف بعد القوة حتى يصير كالصبي في الحال الأول، قاله الضحاك والكلبي وغيرهما، وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِين}  [التين:5]  إلى النار يعني الكافر، وقاله أبو العالية، وقيل: لما وصفه الله بتلك الصفات الجليلة التي رُكِّب الإنسان عليها طغى وعلا حتى قال: أنا ربكم الأعلى، وحين علم الله هذا من عبده، وقضاؤه صادر من عنده رده أسفل سافلين بأن جعله مملوءًا قذرًا مشحونًا نجاسة، وأخرجها على ظاهره إخراجًا منكرًا على وجه الاختيار تارة، وعلى وجه الغلبة أخرى، حتى إذا شاهد ذلك من أمره رجع إلى قدره. "

ولولا ذلك لطغى وتجبر ونسي ما خلق منه، ونسي أصله، وبعض الناس مع هذا كله ينسى الأصل، وينسى المرجع، وينسى ما يحمله في بطنه، وينسى أموره كلها، وينسى حاجته وفقره وذله وافتقاره ويطغي.. ويطغو ويتجبر على خلق الله، ويستنكف عن عبادة الله.

" وقرأ عبد الله: أسفل السافلين، وقال أسفل سافلين على الجمع؛ لأن الإنسان في معنى جمع، ولو قال: أسفل سافل، جاز؛ لأن لفظ الإنسان واحد، وتقول: هذا أفضل قائم، ولا تقول: أفضلُ قائمين؛ لأنك تضمر الواحد، فإذا كان الواحد غير مضمر له رجع اسمه إلى التوحيد والجمع كقوله تعالى: {وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُون}[الزمر:33]،  وقوله تعالى: {وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ} [الشورى:48]، وقد قيل: إن معنى  { أَسْفَلَ سَافِلِين} [التين:5]  أي رددناه إلى الضلال، كما قال تعالى: {إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْر*إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [العصر: ٢ - ٣]  أي إلا هؤلاء، فلا يردون إلى ذلك، والاستثناء على قول من قال: { أَسْفَلَ سَافِلِين} [التين:5]  النار متصل، ومن قال: إنه الهرم فهو منقطع. قوله تعالى: {إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } [الشعراء:227]  فإنه تكتب لهم حسناتهم، وتمحى عنهم سيئاتهم، قاله ابن عباس. "

لا شك أن الإنسان كما هو مشاهد ومعروف لدى العام والخاص أنه يخلق من ضعف، وأصله معلوم نطفة، ومجاريه مخرجه ومدخله من أسوأ المداخل في الإنسان وأسوأ المخارج، ثم ينشأ من ضعف ثم يشتد حتى يصل إلى حد القوة، ثم يعود فيضعف إلى أن يصل إلى شبه بعض الحيوانات، يسلب عقله ويتصرف تصرفات مجانين، ووضعه وشكله كل شيء يتغير إذا كبر وهرم وخرِف وصار لا يفرق بين السيئ والحسن، وصار لعابه وطعامه يسيل عليه، ولا يتنظف ولا ينظف نفسه، يعني لو الإنسان يتأمل في خلقته من بدايتها إلى نهايتها ما استطاع أن يرفع رأسه حياءً من الله- جل وعلا-، والله المستعان.

" قاله ابن عباس، قال: وهم الذين أدركهم الكبر لا يؤاخذون بما عملوا في كبرهم، وروى الضحاك عنه قال. "

والمقصود أنها إذا فقدت عقولهم، أما مادامت عقولهم موجودة، والعقل هو مناط التكليف، أنهم لا بد أن يؤاخذون.

" وروى الضحاك عنه قال: إذا كان العبد في شبابه كثير الصلاة كثير الصيام والصدقة، ثم ضعف عما كان يعمل في شبابه، أجرى الله- عز وجل- له ما كان يعمل في شبابه، وفي حديث قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إذا سافر العبد أو مرض كتب الله له مثل ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا»، وقيل:{إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } [الشعراء:227]  فإنه لا يخرف. "

على المسلم العاقل لاسيما طالب العلم أن يعتني بحاله في حال الإقامة وفي حال الصحة، وأن يغتنم هذه الصحة ليُكتب له ما كان يعمله أيام مرضه، ويعتني بحال إقامته ويكثر من التعبد ليجري عليه عمله في حال سفره وعدم تمكنه وانشغاله بالسفر، أما الذي لا فرق بين سفره ولا بين إقامته مثل هذا ضائع مضيّع.

" وقيل: {إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } [الشعراء:227]  فإنه لا يخرف، ولا يهرم، ولا يذهب عقل من كان عالمًا عاملاً به، وعن عاصم الأحول عن عكرمة قال: من قرأ القرآن لم يرد إلى أرذل العمر. وروي عن ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «طوبى لمن طال عمره وحسن عمله». وروي أن العبد المؤمن إذا مات أمر الله ملكيه أن يتعبدا على قبره إلى يوم القيامة ويكتب له ذلك. "

هذا غير صحيح، ماذا قال عن الأحاديث التي مرت؟

طالب: ................

هذا صحيح.

طالب: ................

والأخير؟

طالب: ................

خلاص إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث.

" قوله تعالى:{ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُون}[التين:6]  قال الضحاك: أجر بغير عمل، وقيل: مقطوع. قوله تعالى: {فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّين}[التين:7] "

أجر { فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُون}[التين:6] يعني منقطع ومنتهٍ، لا ينقطع ولا ينتهي، أو لهم أجر خالٍ عن المنة.

" قوله تعالى: {فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّين}[التين:7] قيل: الخطاب للكافر توبيخًا وإلزامًا للحجة أي إذا عرفت أيها الإنسان أن الله خلقك في أحسن تقويم، وأنه يردك إلى أرذل العمر، وينقلك من حال إلى حال، فما يحملك على أن تكذب بالبعث والجزاء وقد أخبرك محمد -صلى الله عليه وسلم- به؟ وقيل: الخطاب للنبي -صلى الله عليه وسلم- أي استيقن.. "

الله- جل وعلا- القادر على أن يوجدك من عدم، وينقلك من طور إلى طور، ثم بعد ذلك يميتك ويقضي عليك بعد أن تكون متصرفًا مريدًا مختارًا حرًّا، يكون متصرفًا فيك، لا تملك من أمرك شيئًا، الذي يتصرف فيك هذه التصرفات ألا يقدر أن يحييك مرة أخرى؟

" أي استيقن مع ما جاءك من الله- عز وجل- أنه أحكم الحاكمين، روي معناه عن قتادة، وقال قتادة أيضًا والفراء: المعنى فمن يكذبك أيها الرسول بعد هذا البيان بالدين؟ واختاره الطبري، كأنه قال: فمن يقدر على ذلك أي على تكذيبك بالثواب والعقاب بعدما ظهر من قدرتنا على خلق الإنسان والدين والجزاء؟ قال الشاعر:

دِنَّا تميمًا كما كانت أوائلنا
 

 

دانت أوائلهم في سالف الزمن
 

قوله تعالى: { أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِين}[التين:8]  أي أتقن الحاكمين صنعًا في كل ما خلق، وقيل: بأحكم الحاكمين قضاءً بالحق وعدلاً بين الخلق، وفيه تقدير لمن اعترف من الكفار بصانع قديم، وألف الاستفهام إذا دخلت غدا.. "

تقرير ما هو تقدير.

تقرير؟

نعم (أليس) هذا تقرير.

وفيه تقرير..

الطبعات الجديدة وش فيها؟ ماذا عندكم؟ تقدير؟

طالب: ................

لا، هو تقرير لمن اعترف من الكفار بصانع قديم، يعني إذا كنتم تعترفون بصانع قديم والله- جل وعلا- هو الذي صنع هذه الأمور، في النهاية {{أليس الله بأحكم الحاكمين}} {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِين}[التين:8] .

طالب: أحسن الله إليك، إطلاق الصانع القديم على الله- عز وجل-، ورد في الشرع ما يدل عليه؟

لا، ما فيه إلا أعوذ بوجهك الكريم وسلطانك القديم.

طالب: الصانع القديم السلطان قديم صانع قديم.

لا، الوصف بقديم يعني شيخ الإسلام يتسمح فيه ويذكره، وأحيانًا يقرنه بأزلي، وإلا فالوصف الشرعي الأول.

طالب: ................

الإخبار ما فيه شيء واسع.

" وألف الاستفهام إذا دخلت على النفي وفي الكلام معنى التوقيف صار إيجابًا كما قال:

ألستم خير من ركب المطايا
 

 

.........................
 

وقيل: {فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّين * أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِين} [التين: ٧ - ٨]  منسوخة بآية السيف، وقيل: هي ثابتة؛ لأنه لا تنافي بينهما، وكان ابن عباس وعلي بن أبي طالب- رضي الله عنهما- إذا قرآ{أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِين}[التين:8]  قالا: بلى، وأنا على ذلك من الشاهدين. "

ويروى في المرفوع، لكن فيه ما فيه.

" فيختار ذلك، والله أعلم، ورواه الترمذي عن أبي هريرة قال: من قرأ سورة والتين والزيتون فقرأ {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِين}[التين:8] فليقل: بلى، وأنا على ذلك من الشاهدين، والله أعلم. "

ماذا قال تخريجه؟

طالب: ................

يرفعه نعم، رواية ينميه يبلغ به، كلها كناية عن المرفوع.

طالب: ................

على كل حال لا يثبت مرفوعًا.

طالب: ................

أين؟

طالب: ................

إذا قلت: بلى خارج الصلاة فلا بأس، أما في الصلاة فلا.

طالب: ................

لا لا.

طالب: ................

ماذا؟

طالب: ................

صححه وضعفه؟

طالب: ................

صححه الشيخ؟

طالب: ................

على كل حال سواء كانت رواية الحاكم أو رواية أبي داود والترمذي، كلها ضعيفة.

طالب: ................

ظاهر الضعف.

طالب: ................

ماذا؟

طالب: ................

لا، ولا في النفل، في الصلاة لا، خارج الصلاة لا بأس.

"