شرح الموطأ – كتاب الاستئذان (4)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لشيخنا والحاضرين والسامعين برحمتك يا أرحم الراحمين.

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب ما جاء في الحجامة وأجرة الحجام:

حدثني عن مالك عن حميد الطويل عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه قال: احتجم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حجمه أبو طيبة، فأمر له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بصاع من تمر، وأمر أهله أن يخففوا عنه من خراجه.

وحدثني عن مالك أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن كان دواء يبلغ الداء فإن الحجامة تبلغه)).

وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن بن محيصة الأنصاري أحد بني حارثة أنه استأذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في إجارة الحجام فنهاه عنها، فلم يزل يسأله ويستأذنه حتى قال: ((اعلفه نُضَاحك)) يعني رقيقك.

نُضّاحك.

أحسن الله إليك.

حتى قال: ((اعلفه نُضّاحك)) يعني رقيقك.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب ما جاء في الحجامة وأجرة الحجام:

من المعلوم أن الدم الذي يضخه القلب إلى سائر البدن، منه ما هو السليم النافع، ومنه ما هو الفاسد، والفاسد إبقاؤه كما هو معلوم في البدن يضره، فلا بد من إخراجه، إما بالفصد وإما بالحجامة، فأما الفصد فإنه قطع عرق يستخرج منه هذا الدم الفاسد، وأما الحجامة فهي امتصاص الدم بواسطة آلة كانت بدائية، ثم صارت آلية، والحجامة معروفة من القدم، من قبل الإسلام وأقرها الإسلام، وأشار النبي -عليه الصلاة والسلام- في نصوص كثيرة إلى أنها مما يعالج به، وأنها من أنفع الأدوية.

يقول -رحمه الله تعالى-:

"حدثني مالك عن حميد الطويل عن أنس بن مالك  أنه قال: احتجم رسول الله –صلى الله عليه وسلم-" احتجم يدل على مشروعية الحجامة من فعله -عليه الصلاة والسلام- ومن قوله "حجمه أبو طيبة" مولى "فأمر له رسول الله صلى الله عليه وسلم بصاع من تمر" بعض النصوص تدل على أنه أعطاه أجرته نقود، حتى جاء في الحديث، ولو كانت الحجامة حرام ما أعطاه أجرته، فالحجامة مباحة، لكن ما جاء فيها من قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((كسب الحجام خبيث)) و((أطعمه نضاحك)) أو((أطعمه نواضحك)) كل هذا يدل على أن هذه المهنة ليست من أفضل المهن، وإنما هي مهنة مفضولة، ومما ينبغي أن تتداول بين المسلمين بانتفاع بعضهم من بعض من غير مشارطة أجرة؛ لأنه لما أخذ الأجرة قال: ((كسب الحجام خبيث)) بمعنى أنه رديء، كما في قوله -جل وعلا-: {وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ} [(267) سورة البقرة] يعني أنه الرديء من الطعام، وإن كان مطعوماً ونافعاً مأكولاً، ولذا قال: ((أطعمه نضاحك)) فالحجامة مباحة إلا أنها ليست من المهن التي هي تعد من المهن المعظمة والمكرمة والشريفة عند عموم الناس؛ لكنها مهنة دون، ولذا قال: ((كسب الحجام خبيث)) ولو كانت الحجامة حرام، وفعلها محرم، وكسبها محرم لما قال: ((أطعمه نضاحك)) يعني رقيقك، ولم يعطه أجرة؛ لأن المحرم لا يدفع عليه أجرة، ولا يجوز أخذ الأجرة عليه كحلوان الكاهن ومهر البغي، هذه لا يجوز..، أجرتها سحت، لا يجوز أخذها، ولا يجوز دفعها؛ لأنها أجرة على محرم، أما هذا فيأخذه، وينفق فيه الأمور التي في المصارف التي أقل من الأكل والشرب أو اللبس لنفسه، وإنما أقل أحوالها أن تكون من المال الذي فيه نوع شبهة، يعني يطعم النواضح، يطعم الرقيق، ويعلف به البهائم، حتى لو سددت به الديون لا بأس؛ لأن شيخ الإسلام يرى أن المال الذي فيه شبه تسدد به الديون لا بأس، خلاف المال الذي فيه شيء محرم هذا لا يجوز أخذه البتة.

"احتجم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حجمه أبو طيبة، فأمر له صاع من تمر" يعني أجره له "وأمر أهله أن يخففوا عنه من خراجه" الخراج: الذي يقرره السيد على رقيقه، نعم؟

طالب:.......

لا لا ما تخرجها، ما دام الدم الذي يخرج هو الفاسد هي الحجامة، بس الفرق من حيث النظافة، ومن حيث ترفع الناس عنها، يعني الناس كانوا –الحجامون- يمصونها بالفم، ولذا جاء الحديث: ((أفطر الحاجم والمحجوم)) لأن الحاجم احتمال أن يصل إلى فمه شيء من هذا الدم النجس، فعلى كل حال الحجامة لا إشكال فيها، وجاءت النصوص من فعله -عليه الصلاة والسلام- من قوله: بأنها دواء، والأحاديث صحيحة يعني لا مقدح فيها، ومن يكتب عن الحجامة، وأنها ضارة، وأنها لا تنفع البتة، هذا لجهله بالسنة، هذا إنما هو لجهله بالسنة.

"وأمر أهله" يعني مواليه؛ لأنه مولى "أن يخففوا عنه من خراجه" والخارج الذي يضربه السيد على رقيقه أن يحضره له في كل يوم، في مقابل أن يتركه يعمل، يتصرف بنفسه، لكن على أن يؤدي لسيده مبلغ كذا، وبعض الناس يستقدم العامل ويكفله، ثم يقول له: اضرب لي خراج وأتركك، يعطي في الشهر ألف، أو أكثر أو أقل مثلاً، ويتركه ويسيبه هذا يختلف عما نحن فيه، العامل هذا حر ليس برقيق، لا تملك منفعته، إنما هو يملك منفعة نفسه، منفعته له، وأكل شيء من ماله بغير طيب نفس منه هذا من أكل أموال الناس بالباطل، على أن الأنظمة المنظمة لأمور الناس في بلدانهم، ومن يفد إليهم تمنع من مثل هذا، فهذا ممنوع من أكثر من وجه، وأما أمر أهله أن يخففوا عنه من خارجه فإنه يملك رقبته، ويملك منفعته، لو أخذ كل أجرته ما في إشكال؛ لأنه هو وما يملك له.

قال: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن كان دواء يبلغ الداء))" يعني يصل إليه، ويحقق الهدف في النفع، سبب رتب عليه الشفاء بإذن الله -جل وعلا- من هذا الداء ((فإن الحجامة تبلغه)) وهذه مبالغة في كون الحجامة نافعة، وهذا البلاغ لا شك أنه موصول من طرق عن أبي هريرة وأنس وسمرة وغيرهم كما قال ابن عبد البر في التمهيد.

قال: "وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن ابن محيصة الأنصاري أحد بني حارثة" محيصة هذا أو سعد بن محيصة مختلف في صحبته، وأما ابنه الذي في سند هذا الحديث فليس له صحبة إجماعاً، فالحديث مرسل، نعم؟

طالب:.......

ويش هو؟

طالب:.......

إيه معروف أنه جاء من روايته عن أبيه، فهذه الرسالة التي عندنا رواية يحيى مرسلة، لكنه في بعض رواية الموطأ، وأيضاً عند الترمذي وابن ماجه "عن ابن محيصة عن أبيه أنه استأذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" لا يمكن أن يستأذن ابن محيصة؛ لأنه لم يدرك النبي -عليه الصلاة والسلام- "استأذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في إجارة الحجام، فنهاه عنها" يعني كما جاء في الحديث الآخر المتفق عليه ((كسب الحجام خبيث)) يعني ينهى عن هذه الأكساب الدنيئة، وتترك هذا الأمور مما يتبادلها المسلمون من دون أجرة، يعني ينتفع بعضهم من بعض، وينفع بعضهم بعضاً بمثل هذه الأمور دون مشارطة أجرة "فلم يزل يسأله ويستأذنه، حتى قال: ((اعلفه نُضَاحك))" يعني الذي ينضحون لك الماء، ويستقون لك الماء، وهم الرقيق، ويطلق الناضح أيضاً على الإبل التي يستقى عليها الماء، فتطعم بها مثل هذا الأمور، وأيضاً تصرف في المصارف الرديئة، يعني لو دورة المياه احتاجت إلى إصلاح مثلاً يصلح دورة المياه منها، ما في إشكال، أما أن يأكل ويشرب فهذا ينبغي أن يتحرى له الكسب الطيب ((أطب مطعمك تكون مستجاب الدعوة)) وإن لم يكون حرام إلا أنه دنيء ورديء.

سم.

أحسن الله إليك

باب ما جاء في المشرق:

حدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يشير إلى المشرق، ويقول: ((ها إن الفتنة ها هنا، إن الفتنة ها هنا، من حيث يطلع قرن الشيطان)).

وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب أراد الخروج إلى العراق فقال له كعب الأحبار: لا تخرج إليها يا أمير المؤمنين، فإن بها تسعة أعشار السحر، وبها فسقة الجن، وبها الداء العضال.

يقول -رحمه الله تعالى-:

باب ما جاء في المشرق:

قال: "حدثني مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يشير إلى المشرق" يعني ما كان شرق الحجاز، وجاء في رواية عند الطبراني أن المراد به العراق، يستوي في ذلك عراق العرب، وعراق العجم، العراقان: عراق العرب، وعراق العجم الأدنى والأبعد "يشير إلى المشرق ويقول: ((ها)) هذه للتنبيه ((إن الفتنة ها هنا))" يعني حيث يشير بيده ((إن الفتنة ها هنا من حيث يطلع قرن الشيطان)) قرن الشيطان يطلع..، الشمس تطلع بين قرني شيطان، قرن الشيطان يطلع من جهة المشرق، والدجال يخرج من جهة المشرق، من أصبهان، ويتبعه من يهودها أكثر من سبعين ألف، فتلك الجهات لا شك أنها موطن للفتن، وما زالت، يعني من أول الأمر إلى يومنا هذا وهي محل للفتن والقلاقل، على ما هو مشاهد، ومذكور في كتب التاريخ، هذا مسطر ومدون، وبها أيضاً الكثير من رؤوس البدع، كثير من البدع نشأت هناك، رؤوسهم نشأت هناك، وبالمقابل أيضاً خرج منها أئمة كبار، يعني لا يعني أن البلد حينما يمدح أو يذم أنه إذا مدح فهو خير خالص، أو إذا ذم أنه شر خالص، لا، لكن الكلام في الأغلب مقارنة بغيره، خرج منها الأئمة كلهم البخاري ومسلم والأئمة كلهم من المشرق، أئمة التفسير الطبري، سيبويه أئمة النحاة، أئمة العربية جلهم من المشرق، فلا يعني أن البلد إذا ذم أنه يذم جملة، يعني كل ما فيه مذموم، لا، كما أنه إذا مدح كالحرمين مثلاً كمكة والمدينة لا يعني أن كل من فيها طيب، بل فيها مبتدعة، وفيها أمور لا ترضى، على كل حال المدح والذم جملي، يعني إذا تكلمنا على سنن ابن ماجه مثلاً وقلنا: إنه أقل كتب السنة الستة، هل يعني أن كل ما فيه مذموم؟ لا، فيه الصحيح، وفيه الحسن، وفيه الضعيف، لكن المسألة تفضيل إجمالي، وهنا ذم إجمالي، وإذا فضلنا الرجال على النساء لا يعني أن كل رجل من الرجل أفضل من كل امرأة من النساء، لا، بل من النساء من تعدل المئات من الرجال، ومن أهل العراق ومن أهل المشرق من يعدل العشرات، بل المئات من أهل المغرب، بل من أهل الحجاز، فهذا التفضيل الإجمالي لا يعني أن كل من ما هناك...، لكيلا يستدرك على هذه النصوص بالأئمة الذين خرجوا من المشرق، خرج من المشرق أئمة كبار البخاري يعني إمام أهل الحديث، مسلم، أبو داود من سجستان، الترمذي وكلهم من هناك، جل الأئمة من هناك، الإمام أحمد من العراق، المقصود أن مثل هذه النصوص لا تعني ذم الأفراد، ذم الجهة لا يعني ذم الأفراد، كما أن مدح الجهة لا يعني مدح الأفراد.

قال: "وحدثني مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب أراد الخروج إلى العراق، فقال له كعب الأحبار: لا تخرج إليها يا أمر المؤمنين، فإن بها تسعة أعشار السحر" يعني كعب الأحبار معروف أن أخباره من أخبار أهل الكتاب التي لا تصدق ولا تكذب، وهذه مشهورة منه لعمر إن صح الخبر، وعلى كل حال فيها سحرة، وفيها -مثل ما ذكر- فسقة الجن، معروف أن هناك أعداد كبيرة من هذا النوع.

"وبها الداء العضال" يعني الذي أعيا الأطباء، بحيث لا يستطيعون دواءه، وإن كان له دواء؛ لأنه ما أنزل من داء إلا وأنزل معه دواء، علمه من علم، وجهله من جهله، لا يعني أنه إذا قال الأطباء: هذا الداء ما له علاج أن هذا الكلام صحيح، هذا ليس بصحيح، له علاج، لكن ينبغي أن يقول: أنا لا أعرف له علاجاً، نعم؟

طالب:......

يعني هل الداء حسي أو معنوي؟ الأصل فيه الحسي، لكن قد يطلق ويراد به المعنوي، فيطلق على الأمراض، ويطلق أيضاً على أمراض القلوب، وعلى أمراض الأبدان، يعني أعم من أن يكون حسياً أو معنوياً، نعم.

أحسن الله إليك

باب ما جاء في قتل الحيات وما يقال في ذلك:

حدثني عن مالك عن نافع عن أبي لبابة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن قتل الحيات التي في البيوت.

وحدثني عن مالك عن نافع عن سائبة مولاة لعائشة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن قتل الجنان التي في البيوت إلا ذا الطفتين...

الطفيتين.

أحسن الله إليك.

إلا ذا الطفيتين والأبتر، فإنهما يخطفان البصر، ويطرحان ما في بطون النساء.

وحدثني عن مالك عن صيفي مولى ابن أفلح عن أبي السائب مولى هشام بن زهرة أنه قال: دخلت على أبي سعيد الخدري فوجدته يصلي، فجلست انتظره حتى قضى صلاته، فسمعت تحريكاً تحت سرير في بيته، فإذا حية فقمت لأقتلها، فأشار أبو سعيد: أن اجلس، فلما انصرف أشار إلى بيت في الدار، فقال: أترى هذا البيت؟ فقلت: نعم، قال: إنه قد كان فيه فتى حديث عهد بعرس، فخرج مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى الخندق، فبينما هو به إذ أتاه الفتى يستأذنه، فقال: يا رسول الله ائذن لي أَحدث...

أُحدث.

أحسن الله إليك.

فقال: يا رسول الله ائذن لي أُحدث بأهلي عهداً، فأذن له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقال: ((خذ عليك سلاحك، فإني أخشى عليك بني قريظة)) فانطلق الفتى إلى أهله، فوجد امرأته قائمة بين البابين، فأهوى إليها بالرمح ليطعنها، وأدركته غيرة، فقالت: لا تعجل حتى تدخل وتنظر ما في بيتك؟ فدخل، فإذا هو بحية منطوية على فراشه، فركز فيها رمحه، ثم خرج بها فنصبه في الدار، فاضطربت الحية في رأس الرمح، وخر الفتى ميتاً، فما يدرى أيهما كان أسرع موتاً الفتى أم الحية؟ فذكر ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((إن بالمدينة جناً قد أسلموا، فإذا رأيتم منهم شيئاً فآذنوه ثلاثة أيام، فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه، فإنما هو شيطان)).

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب ما جاء في قتل الحيات، وما يقال في ذلك:

الحيات من ذوات السموم الضارة التي تقتل من لدغته، وقتلها من باب الدفاع عن النفس، هذا هو الأصل إلا ما جاء في حيات وجنان البيوت، فإنها يتعوذ بالله من شرها ثلاث، وتؤمر بالخروج إن خرجت وإلا قتلت، هذا على العموم في كل البيوت عند جمع من أهل العلم، ومنهم من يخص ذلك ببيوت المدينة، وما عداها يقتل، يعني ماذا لو وجد شخص من الأشخاص في زماننا هذا حية في بيته؟ هل يطيق أن يساكنها ثلاثة أيام وينذرها؟ الآن على القول بأن جنان البيوت لا تقتل، وحيات البيوت لا تقتل ثلاثة أيام، حتى تستأذن، إيش معنى يخرج من بيته هو وأهله يستأجرون مكان مؤقت حتى تنتهي الثلاثة أيام؟ أو ينامون معهم ويجالسونهم؟ الآن يوجد في وقتنا هذا من إذا وجد وزغة ما نام في بيته، أو صراصير وإلا ما أشبه ذلك، يروح إلى شارع الأربعين يجيب له عامل يقتله، صحيح هذا موجود ما هو بمبالغ يا الإخوان، فكيف إذا وجد حية في بيته؟ يعني نريد أن نتعامل مع هذا النص يعني بما يناسب، يعني فهم النص، يعني هل نستطيع أن نقول: اخرج أنت وأولادك واستأجر شقة إلى أن تنتهي ثلاثة أيام، وإلا يعني؟ ولذا من أهل العلم من يرى أن هذا خاص ببيوت المدينة، وما عدها يقتل لأنه ضار، كل من آذى طبعاً فإنه يقتل شرعاً، والفواسق الخمس تقتل في الحل والحرم، ومنها الحية، فالمتجه أن هذا خاص ببيوت المدينة، وسيأتي الإشارة إلى ما يدل على الخصوصية، وإلا ماذا عن شخص ما أدي يمكن ما يسكن البلد الذي فيه الحية، بعض الناس فضلاً عن البيت، يعني إذا وجد من ينفر من الصراصير يعني ما يدخل بيت إذا وجد صرصور من الصراصير شيء كبير وإلا صغير وإلا وزغ، ترى هذه ما هي مبالغة، يمكن مر عليكم، موجود، يعني مر علينا، هاه؟

طالب:......

والله من الرجال من هو كهل يعني أحياناً كبير ما هو بصغير يخاف، وجد يعني منهم من يتقذرها، وينفر منها ومنهم من يخاف، مع أنها غير مخوفة، يعني ليست قاتلة ولا سامة، بل أغرب من ذلك وجد من يخاف من الجراد، إيه من الجراد يعني، ما مر عليكم مثل هذا؟ والله وجد، أنا رأيت واحد طفل عمره أربع سنوات يلاحق له شاب كبير، كبير يعني في العشرين من عمره بجرادة يلاحقه، يخوفه، يعني ما هي مسألة افتراض وإلا تنكيت هذا واقع، يعني ماذا عن هذا الشخص لو وجد حية في بيته؟ يعني مشكلة هذه، يعني يمكن يغمى عليه، الله أعلم، ما هو ببعيد، ولذلك على الإنسان أن يوطن نفسه يوطن نفسه لمثل هذه الأمور يعني يمكن أن يعيش في زجاج في قارورة ما يمكن يدخل عليه شيء، ما هو بصحيح، لا بد ما يدخل عليه شيء في يوم من الأيام، ولا بد أن يقع له شيء من هذا.

قال: "حدثني عن مالك عن نافع عن أبي لبابة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن قتل الحيات التي في البيوت" لأنها في الغالب أنها فيها شيء، أو هي جن على كل حال، كما سيأتي.

قال: "وحدثني عن مالك عن نافع عن سائبة مولاة لعائشة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن قتل الجنان التي في البيوت إلا ذا الطفيتين والأبتر، فإنهما يخطفان البصر، ويطرحان ما في بطون النساء" الطفيتين خطان على ظهر الحية، الأبتر قصير الذنب، أو مقطوع الذنب، لكن قطع الذنب ليس بوصف مطرد أو مؤثر، يعني افترض أن حية عادية، ثم انقطع ذنبها، هل المقصود هنا في الحديث؟ لا، إنما خلقتها هكذا، "فإنهما يخطفان البصر" يذهبان بنوره، قد يعمى الإنسان إذا رآهما "ويطرحان ما في بطون النساء" ولعل هذا من شدة الخوف، ولذا يذكر أهل العلم أن المرأة الحاملة إذا استعداها السلطان وطلبها، وأسقطت الضمان على من؟ فمع شدة الخوف تسقط المرأة كما هو معلوم، فإذا خافت منه سقطت، أما بالنسبة إلى خطف البصر يعني من بعد معروف البرق من بعد يكاد يخطف أبصارهم، لكن الحية ذي الطفيتين والأبتر يعني كيف يخطفان البصر من بعد؟

طالب:......

إيه يقذف سمه من بعد.

طالب:.....

لا إله إلا الله، سبحان الله العظيم، نعم؟

طالب:......

لا لا ما هو..، اللدغة للجسد كله، يطرحان ما في بطون النساء يمكن من الخوف الظاهر، الظاهر أنه من الخوف.

طالب:......

إيه لا لا أما بالنسبة لخطف البصر إن كان كما يقوله الشيخ أنه يقف كما يقف الإنسان، ويوازي بصر الإنسان، ويقذف سمه في عينيه هذا ظاهر، أما إذا كان من بعد فيكون مثل البرق، يكون مثل خطف البرق، نعم؟

طالب:......

إيه، لا لا هذه أشد، هذان النوعان أشد من غيرهما، نعم؟

طالب:......

نعم نفس ما قال، نعم؟

طالب:.....

إيه، على كل حال استثناء هذين النوعين يدل على جواز قتلهما في البيوت وغيرهما.

قال: "حدثني عن مالك عن صيفي مولى ابن أفلح عن أبي السائب مولى هشام بن زهرة أنه قال: دخلت على أبي سعيد الخدري فوجدته يصلي، فجلست انتظره حتى قضى صلاته، فسمعت تحريكاً تحت سرير في بيته" تحريكاً يعني صوت "تحت سريراً في بيته، فإذا حية فقمت لأقتلها" بناء على أن الحية تقتل في الحل والحرم "فأشار أبو سعيد: أن اجلس" بيده "فلما انصرف أشار إلى بيت في الدار" الدار ما يشمل أكثر من دار، بيت يعني الغرفة يسمونها بيت، والدار تشمل غرف "فقال: أترى هذا البيت؟ فقلت: نعم، قال: إنه قد كان فيه فتى حديث عهد بعرس، فخرج مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى الخندق" هكذا كان حال الصحابة -رضوان الله عليهم- لا يترددون في الخروج معه -عليه الصلاة والسلام-، مهما كان السبب المثبط، يعني حديث عهد بعرس مثل هذا يعني يصعب عليه فراق أهله، وهو فتى وشاب، وحديث عهد، لكن يرجو ما عند الله أعظم مما يرجو عند أهله "فخرج مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فبينما هو به إذ أتاه الفتى -يعني في الخندق- يستأذنه" يستأن النبي -عليه الصلاة والسلام- "فقال: يا رسول الله: ائذن لي أَحدث عهداً بأهلي" وحديث عهد بعرس، ثم خرج مع النبي -صلى الله عليه وسلم- يحدث عهد بهم، يعني يرجع إليهم ويعهدهم ويعاشرهم، ويرجع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- "فأذن له رسول -صلى الله عليه وسلم-" مراعاة لظرفه "وقال: خذ عليك سلاحك، فإني أخشى عليك بني قريظة" يعني من اليهود، خاف عليه النبي -عليه الصلاة والسلام- منهم "فانطلق الفتى إلى أهله، فوجد امرأته قائمة بين البابين" يعني بين مصراعي الباب، قائمة بالباب تنتظر "فأهوى إليها" تريد أن تخرج من البيت، لماذا؟ لأن فيه هذه الحية المنطوية على الفراش "فأهوى إليها بالرمح ليطعُنها" طعن يطعُن الطعن الحسي، وفي العرض: طعن يطعَن "وأدركته غيره" يعني امرأته خشي أنها ما دام أطال عليها الغيبة تبحث عن غيره، أو تتعرض لغيره، فغار عليها "فأراد أن يطعنها بالرمح، فقالت: لا تعجل" لا تعجل حتى تعرف إيش السبب؟ "لا تعجل حتى تدخل أو تنظر ما في بيتك، فدخل فإذا هو بحية منطوية على فراشة، فركز فيها رمحه –حية قتلها- ثم خرج بها فنصبها في الدار" يعني خارج البيت، خارج الغرفة، التي يسكنها "فاضطربت الحية في رأس الرمح" اضطراب المذبوح، المذبوح يضطرب، وهذه ضربة قاتلة، فتضطرب منها "وخر الفتى ميتاً" يعني خرجت روحه مع خروج روحها؛ لأن لها من ينتقم لها، وهذا يحصل كثيراً في القصص الكثيرة في القطط التي في البيوت، يتعرض لها إنسان فتتأذى فيؤذى مقابل هذا الأذى، حتى قالوا: امرأة ضربت هرة، وكسرت ما كسرت منها، فأصيبت بنزيف من الأعلى ومن الأسفل، فلما رقيت تكلم من تكلم، وقال: بسبب أذاها لفلانة تعني بنتهم هذه القطة، المقصود أن القصص من هذا كثير، لا سميا في الكلاب، وفي القطط، يتمثل بها الجن كثيراً، هنا تمثل الجني بهذه الحية "خر الفتى ميتاً فما يدرى أيهما كان أسرع موتاً الفتى أم الحية؟ فذكر ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((إن بالمدينة جناً))" هذا عمدة من يقول: إن هذا خاص ببيوت المدينة، وما عدا بيوت المدينة يبقى على الأصل، تقتل في الحل، يعني يشملها الحل، وإن كان مكة يشملها الحرم ((إن بالمدينة جناً قد أسلموا، فإذا رأيتم منه شيئاً فآذنوه ثلاثاً)) يحرج عليه، ويأمر بالخروج، يستعاذ بالله من شره، ويأمر بالخروج ثلاثاً، أو ثلاثة أيام ((فإن بدا لكم بعد ذلك)) يعني إن خرج ((فاقتلوه)) يعني عذرته، يعني أنتم محقون في قتله ((فإنما هو شيطان)) يعني بيوت غير المدينة على القول الأول مثل هذا يؤذن ثلاثاً، ثم بعد ذلك يقتل، وعلى القول الثاني يقتل من أول وهلة، ولا يستثنى من ذلك إلا بيوت المدينة، ((إن بالمدينة جناً)) هذه عمدة من يقول: إن هذا خاص ببيوت المدينة.

طالب:.....

يعني قصاص.

طالب:.....

ما عليه شيء، ما يقتل، لا لا، أي نعم؟

طالب:.....

بكونها تؤذن، تؤذن ثلاثاً، يعني على قول من يقول: إن هذا خاص بالمدينة هذا ما في إشكال، هذا ما  في تعارض، بيوت المدينة خاصة، ومن يقول بالعموم الأمر بقتلها بعد أن تؤذن، أو خارج البيوت، نعم؟

سم؟

طالب:......

الخطين الطفيتين والأبتر.

طالب:.....

بالنسبة للكلب الأسود شيطان هذا معروف، يعني الأسود، ولا يعني أن الشيطان لا يتمثل بغير الأسود، لكن الأسود هو الغالب، نعم؟

طالب:.......

هذا تقول له: اخرج، اخرج لا تؤذنا، اتق الله إن كنت مسلماً فاخرج، ويستعاذ بالله من شره، نعم؟

طالب:......

لا لا إذا خرج ما عليك منه، أنت قل له: اخرج بس...

طالب:......

لأن كانت البيوت في السابق ما هي بمثل البيوت الآن، الآن البيوت محكمة، يعني إذا أغلقت الباب والنوافذ يعني يندر أن يدخل عليك شيء، لكن قبل سهل يعني.

طالب:......

لو قتله يمكن يتعرض للأذى مثل هذا الشاب، وإذا قتله ولم يتعرض لشيء خالف الأمر: "فآذنوهم"، أما كونه لا يطيق البقاء في البيت ويخرج منه هذا مما يتم به امتثال الأمر، نعم؟

طالب:......

وما الذي يترتب على تصديقهم وتكذيبهم؟

طالب:.....

جناية منه؟ كيف تقتص منه؟

طالب:.....

إيه معروف، لكن أنت كيف تقتص منه إلا بالرقية؟

طالب:......

أولاً: الجن عالم خفي يروننا من حيث لا نراهم، ولا نستطيع الوقوف على حقيقة أمرهم، وهم أناس مجهولون، خلق مجهول، وإذا كان المجهول من بني آدم لا يقبل خبره إلا بعد التثبت فكيف بمن هذه حاله؟! نعم؟

طالب:.......

والله هذا اللي يظهر كلام جمع من أهل العلم أنه خاص بالمدينة.

طالب:......

إذا وجد شيء يؤذنه.

طالب:......

لا ما هو باللي يرحل يقتله.

طالب:......

إيه بعد ثلاث يقتله، نعم؟

طالب:.......

مثل إيش؟

طالب:......

قد تفتح الباب ويطلع يا أخي بعد، سهل يعني؛ لأنه ما يتعرض لك بأذى، مو مثل الحية إذا قربت عليك خوف.

طالب:......

لا لا العقرب تقتل.

طالب:......

لا وبعد ذلك "فاقتلوه" النص، إن كان شيطان يصير صايل، شيطان صايل يقتل، يعني إذا كانت في غير البيوت.

طالب:.....

يعني على الجوب مباشرة، نعم؟

أحسن الله إليك.

باب ما يؤمر به من الكلام في السفر:

حدثني عن مالك أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا وضع رجله في الغرز وهو يريد السفر يقول: ((بسم الله، اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، اللهم ازو لنا الأرض، وهون علينا السفر، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، ومن كآبة المنقلب، ومن سوء المنظر في المال والأهل)).

وحدثني عن مالك عن الثقة عنده عن يعقوب بن عبد الله بن الأشج عن بسر بن سعيد عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- عن خولة بنت حكيم -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من نزل منزلاً فليقل: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، فإنه لن يضره شيء حتى يرتحل)).

نعم يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب ما يؤمر به من الكلام في السفر:

يعني من الأذكار الذي يؤمر به، الذي يؤجر عليه، المأمور به جنس الأذكار من الكلام، قراءة القرآن، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتعليم الجاهل هذا يؤمر به في السفر والحضر، لكن أذكار السفر خاصة بالسفر، ومنها قال: "حدثني مالك أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" وهذا صح من طرق عن جمع من الصحابة "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا وضع رجله في الغرز" يعني في الركاب "وهو يريد السفر يقول: ((بسم الله، اللهم أنت الصاحب في السفر))" {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ} [(4) سورة الحديد] ((والخليفة في الأهل)) الذي يخلفهم بخير ((اللهم ازو لنا الأرض)) يعني اطوها لنا، وقرب بعيدها، ويسر قطعها ((وهون علينا السفر)) لأنه جاء في الحديث الصحيح في البخاري وغيره: أن السفر قطعة من عذاب، أو قطعة من النار، تأتي الإشارة إليه على كل حل هو في الصحيح في البخاري وغيره، "السفر قطعة من نار أو من عذاب" فلا شك أنه يؤثر في حياة المسافر، الأصل فيه المشقة، فلا تجده ينام مرتاحاً كنومه في بيته، ولا تجده يطعم كما كان يطعم في بيته، ولا تجده يتصرف، ولا يتعبد أيضاً كما يتعبد في بيته وفي حيه، السفر مؤثر في كل أمور الحياة، وهذا في الأصل، وإن كان يوجد الآن من الناس من سفره مريح مثل إقامته، ومن الناس من هو المشقة لازمة له في سفره وإقامته؛ لأن الظروف اقتضت بعض الأمور التي لا يدركها كثير من الناس حتى في حال الإقامة، على كل حال يقول: ((وهون على السفر)) لأن الأصل أنه مصاحب للمشقة ((اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر)) يعني شدته وخشونته ومشقته ((ومن كآبة المنقلب)) المنقلب المرجع؛ لئن يرجع كئيباً فيه، أو فيما يبلغه عن أهله، أو ما أشبه ذلك ((ومن سوء المنظر في المال والأهل)) من سوء المنظر في المال والأهل يعني إذا رجع وجد أهله قد تغيروا، وإذا رجع وجد ماله قد تغير، وجد المزرعة يبست، والثمار تغيرت، والولد تجده مثلاً مستقيم طرأ عليه شيء من الانحراف، المرأة حصل لها ما حصل مما لا يليق بها، على كل حال يتعوذ من هذا كله.

يقول: "وحدثني مالك عن الثقة عنده" من الثقة هنا؟ تقدم مراراً  أنه مخرمة بن بكير، فيما يرويه عن أبيه هناك، يعني يترجح أنه مخرمة؛ لأنه يروي عن بكير بن عبد الله، وهنا الحافظ ابن حجر في تعجيل المنفعة تكلم عن الثقة عند مالك، والثقة عند الشافعي، والثقة عند الأئمة، وذكر احتمالات، عندك؟

طالب:.......

لا عن يعقوب بن عبد الله بن الأشج، عن عمه، كان مخرمة إيش عندك؟

طالب:.......

إيه يكون مخرمة، لكن هنا يقول: عن عبد الله، ما قال: الثقة؟

طالب:.......

الشرح ما ذكر الثقة، يعني ما بين الثقة عندكم في الشروح؟

طالب:.......

الحارث بن يعقوب يعني عن أبيه، وإذا كان بكير فالثقة عنده مخرمة.

"عن بسر بن سعيد عن سعد بن أبي وقاص عن خولة بنت حكيم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من نزل منزل فليقل: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق))" كان العرب يتعوذون بالجن، أعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه، هذا الشرك نسأل الله العافية، كانوا يقولون كذا "فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((من نزل منزلاً فليقول: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، فإنه لن يضره شيء حتى يرتحل))" لن يضره ولم يقل: لم يصيبه؛ لأنه قد يلدغ، ويقول هذا الكلام ويلدغ، لكنها لا تضره.

((أعوذ بكلمات الله التامات)) استدل بهذا أحمد وغيره على أن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق، إذ لو كان مخلوقاً لما جازت الاستعاذة به، نعم؟

طالب:.......

وعْثاء يسكنونها ......نعم؟

طالب:.......

في دعاء للركوب، وفي دعاء للسفر، نعم؟

طالب:.......

على كل حال لو قاله في أول الأمر، أو في أثنائه، دعاء الركوب أثناء الركوب، ودعاء السفر حال السفر، نعم؟

أحسن الله إليك

باب ما جاء في الوحدة في السفر للرجال والنساء:

حدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن حرملة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : ((الراكب شيطان، والراكبان شيطانان، والثلاثة ركب))

وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الشيطان يهم بالواحد والاثنين، فإذا كانوا ثلاثة لم يهم بهم)).

وحدثني عن مالك عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم منها)).

نعم، يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب ما جاء في الوحدة -يعني الإنفراد- في السفر للرجال والنساء:

بالنسبة للرجال لا يحتاجون إلى محرم، والمرأة بحاجة إلى محرم، فلا يجوز لها السفر بدونه، بدون المحرم، الرجل لا يحتاج إلى محرم، لكن لا ينبغي له أن يسافر وحده، أو مع واحد فقط، بل يكون الركب ثلاثة فأكثر، ولذا قال: "حدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن حرملة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده" شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص عن جده عبد الله بن عمرو كما جاء في بعض الأحاديث "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((الراكب شيطان))" وسبق مراراً ذكر الخلاف في الاحتجاج بعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وعرفنا أن من أهل العلم من يضعف هذه السلسلة مطلقاً للاختلاف في عود الضمير في جده، وهذه شرحت مراراً، ومنهم من يقول: هو من قبيل الصحيح، والتوسط في مثل هذا أن يكون من باب الحسن إذا صح السند إلى عمرو.

قال: ((الراكب شيطان)) يعني الواحد المنفرد بمفرده يسافر شيطان ((والراكبان شيطانان، والثلاثة ركب)) لأن الواحد إذا رآه من يريد بسوء يطمع فيه، سواء كان من شياطين الإنس أو من شياطين الجن، والاثنين كذلك قد يهم بهما الشيطان من الإنس أو الجن؛ لأن الاثنين يعني القدرة عليهم ممكنة، لكن الثلاثة، الثلاثة ركب، ولذا قال: ((فإن كانوا ثلاثة لم يهم بهم)) الراكب شيطان، قد يحتاج الإنسان السفر في مثل هذه الأيام وما يجد أحد يصحبه، فيركب سيارته ويمشي، هل نقول: هذا راكب شيطان، لا بد أن يأخذ معه اثنين، أو نقول: إن المراد به السير في الطريق لا بد أن يكون فيه أكثر من واحد، يعني هل المراد  في مركبة واحدة لا بد أن يكونوا ثلاثة، أو في الطريق الواحد ولو كان كل واحد على مركبته لا بد أن يكونوا ثلاثة؟ يعني إذا نظرنا إلى حال الناس فيما قبل هل يتجمل الثلاثة على بعير واحد؟ ما يمكن، نعم؟ إذاً المقصود في الطريق، لا يكون في طريق لا يسلكه الناس، طريق مهجور، يسافر فيه وحده، لكن في الطرق المعروفة التي مأهولة، الطرق المأهولة التي يسير فيها الناس بكثرة ذهاباً وإياباً لو سافر وحده هذا ما هو منفرد هذا، هذا معه ناس كثر، يعني كما لو ركب دابته بمرده، وركب فلان دابته، وركب فلان دابته، هذا ما فيه إشكال، ولا يلزم أنه إذا أراد السفر قال: اركب يا فلان، اركب يا فلان، أنا ما أقدر أسافر وحدي، نعم لا تسلك طريقاً مهجوراً بمفردك، أما الطرق المأهولة هذه لا تدخل في مثل هذا.

((الراكب شيطان، والراكبان شيطانان)) هذا من باب التنفير من هذا العمل، والإنفراد في السفر ((والثلاثة ركب)) قال: "وحدثني مالك عن عبد الرحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول" هذا موصول عن سعيد عن أبي هريرة في بعض الروايات "أنه كان يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الشيطان يهم بالواحد والاثنين))" لأنه يغلب على ظنه أنه يقدر على الواحد، ويقدر على الاثنين ((فإذا كانوا ثلاثة لم يهم بهم)) والحاجة إلى الرفقة من اثنين فأكثر لا شك أنها داعية؛ لأن الإنسان قد ينتابه ما ينتابه، كم من مشكلة حصلت من شخص..، واحد سافر أو سافر بأهله مثلاً، واحتاج إلى شيء، إلى عطل في سيارته، كيف يصنع؟ كيف يتصرف؟ فإذا كان معهم واحد أو اثنين خف عليه الأمر.

طالب:.......

أيو؟

طالب:.......

إيه الكلام على الطريق المأهول هذا ما في إشكال، تقف وتشتري وتخدم، لكن الكلام في الطريق المهجور هذا لا يمكن يخدمك أحد.

طالب:.......

لا هو منصب على..، لكن لو نظرت إلى الرواح من قبل يعني وقت الحديث هل يلزم يركب ثلاثة على بعير؟ لنحقق الحديث؟

طالب:.......

ويش هو؟

طالب:.......

لا لا الكلام على الراكب ما هو الراجل، الراكب يعني الواحد على دابته، هل المقصود به يركب ثلاثة في دابة واحدة؟ لا ركب يعني معهم دوابهم، كل واحد معه دابته، لا لا واضح هذا ما في إشكال إن شاء الله، نعم؟

طالب:.......

العدد؟

طالب:.......

لا الكلام فيما يكف الطمع، ما يطمع فيه، يحرص الإنسان ألا يعرض نفسه، ويعرض من تحت يده إلى الخطر، وهذا هو مناط المسألة.

قال: "وحدثني مالك عن سعيد بن أبي سيعد المقبري عن أبي هريرة أن رسول -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم منها))" هذا مثال كأنه سئل -عليه الصلاة والسلام- عن السفر مسيرة يوم وليلة، وسئل عن مسيرة السفر يومين، وسئل عن مسيرة السفر ثلاثة أيام، والأصل في ذلك السفر كله، قصيره وطويله، لا يجوز إلا مع ذي محرم بالنسبة للمرأة وهو زوجها، أو من تحرم عليه على التأبيد، بسبب مباح؛ لئلا يأتي الملاعن مع الملاعنة، تحرم عليه على التأبيد، لكن السبب ليس مباح، المقصود أنه لا بد من ذي محرم منها؛ لأن بعضهم يقول: ذي محرم يجوز أن يكون منه، فإذا أخذ زوجته يكفي، نقول: لا ما يكفي، لا بد أن يكون ذي محرم منها، محرم منها يعني زوجها، أو من تحرم عليه على التأبيد، وتساهل الناس في مثل هذا، وجعلوا جمع من النساء مع أمن الفتنة كما يقولون مبرر للسفر بدون محرم، وهذا في الحقيقة مخالفة صريحة للنصوص، يعني إذا أردنا أن نتساهل فذكر عن سعيد بن جبير أنها تسافر مع مسلم ثقة، هو المحرم ما اشترط إلا من أجل هذا المسلم، صحيح مو بالسفر متصور في دار حرب أو في دار كفار، في بلاد مسلمين، على كل حال لا بد من المحرم، تساهلوا لا سيما في نقل المعلمات، تساهلون تجد السائق يجوب أحياء البلد من منتصف الليل، ويجمع هؤلاء النسوة واحدة بعد الأخرى من أحياء متباينة، ثم يسافر بهن مسيرة قصر فأكثر، ثم يحتاج إلى أن يصلوا الفجر في الطريق، فيقول: أنا لا أستطيع أن أصلي الفجر -هذا سئل عنه- لأنني أخاف عليهن، فلا يصلون حتى يصلون إلى المدرسة التي يعملن فيها بعد طلوع الشمس، ظلمات بعضها فوق بعض، والله المستعان، يعني إذا أردنا النتائج الشرعية لا بد أن نأتي بالمقدمات الشرعية، ما نقول: والله الصلاة ضرورة لازم نؤخر الصلاة خشية عليهن، لماذا ما خشيت من أول أمرها، يوم خرجت من بيت أهلها، هنا تقع الخشية من أول الأمر، نعم البلد لا يحتاج إلى محرم، إنما تحرم الخلوة، لكن مع ذلك هذا التساهل جر إلى بعض المشكلات، وكم من حادث حصل ومات السائق، واضطر النساء إلى أن يلجوا إلى غير محارم، نعم؟

طالب:.......

لا ما يكفي، يعني الذي يناهز الاحتلام يتساهلون، يعني بعض أهل العلم أفتى في الثلاثة عشر والرابعة عشر والثانية عشر، يعني إذا كان يناهز الاحتلام مع نباهته على أن يكون نبيهاً؛ لأن بعضهن تقول: خذ ريال اشتر من البقالة وإلا شيء ويروح ما همه أحد يعني ما كأن معه امرأة، يختلفون في الأعمى هل يصلح أن يكون محرماً أو لا يصلح؟ نعم يختلفون فيه، لكن الجمهور على أنه محرم، وبعض العميان أشد حرص من كثير من المبصرين، وتجده من ردة الفعل قد يكون عنده شيء من الظنة بالسائق، بأهله، وتجد حرصه أشد من اللازم فهو محرم الأعمى، نعم؟

طالب:.......

هذا حكماً قدرياً، كوني لا شرعي، ما تعارض به النصوص، فما جاء فيما يكون في آخر الزمان لا يخرج من الحكم.

طالب:.......

إذا انتفت الخلوة لا بأس -إن شاء الله- مع أمن الفتنة، أمن الفتنة مقرر في كل شيء.

طالب:.......

عدد من النساء ما في إشكال -إن شاء الله-؛ لأنك ما في خلوة، نعم؟

طالب:.......

حجة الخادمات مثل غيرهن، نعم؟

أحسن الله إليك.

باب ما يؤمر به من العمل في السفر:

حدثني عن مالك عن أبي عبيد مولى سليمان بن عبد الملك عن خالد بن معدان يرفعه: ((إن الله -تبارك وتعالى- رفيق يحب الرفق، ويرضى به، ويعين عليه، ما لا يعين على العنف، فإذا ركبتم هذه الدواب العجم فأنزلوها منازلها، فإن كانت الأرض جدبة فانجوا عليها بنقدها))

بنقيها، بنقيها.

أحسن الله إليك.

((فإن كانت الأرض جدبة فانجوا عليها بنقيها، وعليكم بسير الليل، فإن الأرض تطوى بالليل ما لا تطوى بالنهار، وإياكم والتعريس على الطريق، فإنها طرق الدواب، ومأوى الحيات)).

وحدثني عن مالك عن سمي مولى أبي بكر عن أبي صالح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((السفر قطعة من العذاب، يمنع أحدكم نومه وطعامه وشرابه، فإذا قضى أحدكم نهمته من وجهه فليعجل إلى أهله)).

نعم يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب ما يؤمر به من العمل في السفر:

من العمل في السفر ماذا يصنع مما يريحه في السفر ويعينه عليه؟ قال: "حدثني عن مالك عن أبي عبيد مولى سليمان بن عبد الملك عن خالد بن معدان يرفعه: ((إن الله -تبارك وتعالى- رفيق يحب الرفق))" الخبر الآن موصول وإلا مقطوع؟ نعم؟

طالب:.......

نعم ليس بمتصل، لكنه مسند من وجوه كثيرة، كما يقول ابن عبد البر، ومخرج في صحيح مسلم عن خالد بن معدان يرفعه، يعني إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، قال: "((إن الله -تبارك وتعالى- رفيق يحب الرفق، ويرضى به، ويعين عليه، ما لا يعين على العنف))" الرفق محبوب لدى الله -جل وعلا-، الطمأنينة واللين والتوأدة كل هذه مطلوبة ومحمودة عند الله -جل وعلا-، والعجلة والطيش والشدة والعنف كلها صفات مذمومة، والله -جل وعلا- يعين على الرفق، ولا يعين على العنف وعلى الشدة، قال: ((فإذا ركبتم هذه الدواب العجم)) التي لا تتكلم، ولا ترفع شكايتها ((فأنزلوها منازلها)) التي تستفيد منها بالرعي، إذا كانت الأرض خصبة فإن كانت الأرض جدبة، يعني ما فيها ما تأكله ((فانجوا عليها بنقيها)) يعني أسرعوا، اقطعوا هذه الأرض، لا تنزلوا فيها، اقطعوها وتجاوزها إلى غيرها، ما دامت الإبل في نشاطها، وفي شحمها وفي قوتها؛ لأنكم إذا مكثتم في هذه الأرض فلا شك أنها وليس فيها مما تأكله هذه الدواب شيء أنها تنهك هذه الدواب فينتهي ما في بطونها فتعود إلى ما في أجسادها فتهزل.

((فانجوا عليها بنقيها، وعليكم بسير الليل)) هذا إغراء بسير الليل ((فإن الأرض تطوى بالليل ما لا تطوى بالنهار)) وهذا مشاهد، يعني أن سير النهار فيه شيء من الكلفة، لا سيما في الأيام الشديدة الحر، وأما بالنسبة لليل فلا شك أنها كما جاء في الحديث هذا الصحيح: ((تطوى الأرض بالليل ما لا تطوى بالنهار)) وهذا مجرب، يعني لو سافرت بعد صلاة الصبح، أو منتصف النهار إلى المغرب، وجدت أنك تحتاج إلى راحة يومين، لكن لو سافرت بالليل إلى الفجر تنام إلى صلاة الظهر خلاص انتهى، ما يتعلق بالسفر ارتحت ((فإن الأرض تطوى بالليل ما لا تطوى بالنهار، وإياكم والتعريس على الطرقات)) يعني النوم في آخر الليل على الطرقات؛ لأنها خطر أن تطؤكم الدواب لأنها طريق، وأيضاً هي من جهة طرق الدواب ومأوى الحيات، الحيات والدواب والهوام تأتي إلى هذه الطرقات لتأكل ما يلقى فيها من المسافرين.

((إياكم والتعريس على الطرقات)) هذا بعض من يترجم من الجهلة ترجم قال: ((إياكم والتعريس)) يعني العرس، يعني إقامة حفل الزواج بالشوارع وإلا بالطرقات، لا بد أن تأخذوا قصر أفراح وإلا شيء من..، وقال: {وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ} [(75) سورة الزمر] يقول: غير منتعلين، من هؤلاء الذين يترجمون وهم جهال ما يعرفون المعنى، وهذا حصل مدون يعني، ما هو بـافتراض، والله المستعان، نعم؟

طالب:.......

النوم، النوم على الطرقات.

طالب:.......

والله ما دام الضرر على حسب ما يغلب على الظن، إن يغلب على الظن الضرر خلاص هو تحريم، نعم؟

طالب:.......

ممكن، يعان على قطعه، ويصل بنشاط أكثر، نعم؟

طالب:.......

بكرة، مبكر إلا، إلا إذا أراد أن يسافر يتقدي بالنبي -عليه الصلاة والسلام- سفر يقطعه في  أول النهار لا بأس، لكن إذا كان يتجاوز أكثر النهار فالليل أفضل له.

وقال: "وحدثني مالك عن سمي مولى أبي بكر عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((السفر قطعة من العذاب))" يعني لما لازمه من وصف المشقة، ولذا حصلت فيه الرخص دون الإقامة ((يمنع أحدكم نومه)) كثير من الناس إذا تغير عليه الموضع -موضع النوم- المكان أو الفراش فإنه لا ينام مرتاحاً ((يمنع أحدكم نومه وطعامه وشرابه)) لا يتيسر له ما كان يتيسر له في بيته، وفي بلده وبين قومه وعشيرته ((فإذا قضى أحدكم نهمته)) انتهت حاجته من هذا السفر ((من وجهه)) يعني من سفره ((فليعجل إلى أهله)) يرجع إليهم فإنه أرفق به وبهم، نعم؟

طالب:.......

نعم إيه لا تسأل الإمارة هذا عام، لكن الإمارة عموماً شرعية، حتى إذا كانوا ثلاثة يؤمروا واحد عليهم.

طالب:.......

إيه يأثم إذا لم يأمره بمعصية؛ لأن إمارته شرعية في السفر، نعم.

أحسن الله إليك.  

باب الأمر بالرفق بالمملوك:

حدثني عن مالك أنه بلغه أن أبا هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((للمملوك طعامه وكسوته بالمعروف، ولا يكلف من العمل إلا ما يطيق)).

وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كان يذهب إلى العوالي كل يوم سبت، فإذا وجد عبداً في عمل لا يطيقه وضع عنه منه.

وحدثني عن مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه أنه سمع عثمان بن عفان -رضي الله عنه- وهو يخطب، وهو يقول: لا تكلفوا الأمة غير ذات الصنعة الكسب، فإنكم متى كلفتموها ذلك كسبت بفرجها، ولا تكلفوا الصغير الكسب، فإنه إذا لم يجد سرق، وعفوا إذ أعفكم الله، وعليكم من المطاعم بما طاب منها.

يقول -رحمه الله تعالى-:

باب الأمر بالرفق بالمملوك:

المملوك لا شك أنه إنسان له حقوقه وله مشاعره، والأذى الذي يناله من سيده لا شك أنه يؤثر فيه، فضلاً عن  غيره، ولذا جاء الأمر بالرفق به، وأن يطعمه الإنسان مما يطعم، ويكسوه مما يلبس، قال: "حدثني مالك أنه بلغه أن أبا هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((للمملوك طعامه وكسوته بالمعروف))" للمملوك طعامه وكسوته بالمعروف، يعني فيما يتعارفه الناس، يعني يحتاج إلى الطعام بمبلغ كذا، أو بمقدار كذا، لا يجوز أن ينقص عنه بما يضره، ويحتاج من الكسوة كذا، فلا يجوز أن ينقص عنها، ولا يكلف من العمل إلا ما يطيق، لا يجوز أن يكلف أن يحمل أكثر فوق طاقته، وأن يعمل من الساعات أكثر مما يطيق ويحتمل، كما أن الدواب كذلك، لا يجوز أن يحمل عليها أكثر من طاقتها، وكان بعض الناس يظلم الدواب إلى وقت قريب، يعني قبل مجيء هذه الوسائل التي تحمل الأمتعة والبضائع يحملون هذه الدواب أكثر مما تطيق، فضلاً عن الرقيق، فماذا عن تحميل هذه المركبات، وهذه السيارات أكثر مما تطيق؟ حمولتها خمس طن يقول: الأمر هين، هذا حديد يتحمل، نشيل عليه ستة، هذا إذا كان يغلب على الظن أنها تتلف بهذا فهذا من إضاعة المال، يعني تحميلها أكثر مما تطيق هي لا يضر بها بقدر ما يضر بك أنت، هذا يكون من إضاعة المال، وإذا كانت تسبب في إتلاف مال غيره أيضاً يمنع من هذه الحيثية، ولذلك تجدون بين كل مسافة وأخرى ميزان يزن السيارات بحمولتها؛ لأن هذا يؤثر على الطرق، ويفسدها ويتلفها، فمثل هذا يمنع لا لذاته لا لأنه يؤثر على الدابة أو على المركبة، لكنه يؤثر على المال العام.

((للملوك طعامه)) ملك اليمين سواء كان ذكر أو أنثى، له طعامه، لا يجوز أن ينقص من طعامه ما يضر به، ولا من كسوته التي تعارف الناس عليها ((ولا يكلف من العمل إلا ما يطيق)) لا يكلف أن يأتي يومياً أن يأتي بألف ريال، وهو لا يستطيع أن يحقق إلا خمس مائة مثلاً، أو أكثر أو أقل، لا يكلف إلا ما يطيق، والعلة في ذلك ما سيأتي في الحديث الأخير.

 قال: "وحدثني مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب كان يذهب إلى العوالي كل يوم سبت، فإذا وجد عبداً في عمل لا يطيقه وضع عنه منه" يذهب إلى المزارع ويمرها ويدخل فيها، وينظر ماذا يفعله هؤلاء العبيد؟ إذا كانوا يكلفون أكثر من طوقهم فإنه يضع عنهم، يخفف عنهم، وهذه وظيفة ولي الأمر، أو من ينوب عنه.

قال: "وحدثني عن مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه أنه سمع عثمان بن عفان وهو يخطب، وهو يقول: لا تكلفوا الأمة غير ذات الصنعة" يعني التي بيدها صنعة تتقنها هذه ما فيها إشكال، تصنع وتأخذ الكسب، لكن إذا كانت ليس بيدها صنعة "فإنكم متى كلفتموها ذلك كسبت بفرجها" إذا اضطررتموها أن تأتي بالخراج وبالجعل الذي وضع عليها، ثم لم تستطع الحصول إليه بطريق شرعي، وهي لا بد أن تحصل عليه اكتسبت بفرجها يعني زنت "ولا تكلفوا الصغير الكسب، فإنه إذا لم يجد" يعني لم يجد الكسب بطريق شرعي فإنه حينئذٍ يسرق "فإنه سرق" حتى يؤمن ما فرض عليه "وعفوا إذ أعفكم الله" عن تكليف هؤلاء الذين لا يستطيعون الكسب بطرق شرعية، وعليكم من المطاعم بما طاب منها؛ لأنه سواء كسبت بفرجها كسبها خبيث، أو كسب بالسرقة كسب خبيث، فعليك أن تطعم ما طاب من الطعام، نعم؟

أحسن الله إليك

باب ما جاء في المملوك وهبته:

حدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((العبد إذا نصح لسيده، وأحسن عبادة الله فله أجره مرتين)).

وحدثني عن مالك أنه بلغه أن أمة كانت لعبد الله بن عمر بن الخطاب رآها عمر بن الخطاب، وقد تهيأت بهيئة الحرائر فدخل على ابنته حفصة، فقال: ألم تري أجارية...

ألم أرى.

طالب: سم يا شيخ.

ألم أرى جارية أخيك؟

أحسن الله إليك.

ألم أرى جارية أخيك تجوس الناس، وقد تهيأت بهيئة الحرائر، وأنكر ذلك عمر.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب ما جاء في المملوك وهبته:

يعني هل يعطي من مال سيده أو لا يعطي؟ هذا إذا كان يملك على رأي الإمام مالك فله أن يعطي، ويهب من ملكه، أما إذا كان لا يملك فلا بد من أن يعرف أن سيده لا يكره ذلك، والخازن الأمين له نصيبه من الأجر إذا تصدق من مال سيده.

قال: "حدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((العبد إذا نصح لسيده، وأحسن عبادة الله فله أجره مرتين))" يعني جاء في الصحيح: ((ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين، الرجل من أهل الكتاب أمن بنبيه ثم آمن بي)) آمن بعيسى، آمن بموسى، ثم لم بعث النبي -عليه الصلاة والسلام- فله الأجر مرتين، أجر إيمانه بنبيه، وأجر بالبني -عليه الصلاة والسلام- ((ورجل له جارية أعتقها ثم تزوجها)) وجعل عتقها صداقها، كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأيضاً ((المملوك)) العبد إذا نصح لسيده، وأحسن عبادة ربه، له أجره مرتين؛ لأن التكليف عليه مضاعف، تكاليف تخص السيد، وتكاليف لله -جل وعلا-، فإذا أحسن هذه له الأجر مرتين، أما الحر فليس عليه تكليف إلا تكاليف الرب -جعل وعلا-.

قال: "وحدثني مالك أنه بلغه أن أمة كانت لعبد الله بن عمر بن الخطاب رآها عمر بن الخطاب وقد تهيأت بهيئة الحرائر" يعني لبست ما يلبسه الحرائر، وتشبهت بهم، تشبهت بالحرائر "فدخل على ابنته حفصة فقال: لم أرى جارية أخيك تجوس الناس" يعني تمشي بينهم وتتخطاهم "وقد تهيأت بهية الحرائر، وأنكر عمر ذلك"  يعني للجواري ما يخصهن من اللباس، وللحرائر ما يخصهن من اللباس، وإن كان حجاب الحرائر أكثر وأحوط من حجاب الجواري، إلا أن الجواري لم تكلف بما كلف به الحرائر، وهذا مع أمن الفتنة، أما إذا وجدت الفتنة فإنه يجب أن تحجب الجارية؛ لئلا تفتن غيرها، والله أعلم.

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"