كتاب الغصب والشفعة من المحرر في الحديث - 03

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

هذا يقول: ذكرتم بالأمس تعقيبًا على حديث أنس الذي قال فيه: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- عند بعض نسائه، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصحفة فيها طعام، فضربت التي النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- ببيتها يد الخادم فسقط في الصحفة فانفلقت، فجمع النبي -عليه الصلاة والسلام- فِلَق الصحفة، ثم جعل يجمع بها الطعام الذي كان في الصحفة ويقول: «غارت أمكم»، ثم حبس الخادم حتى أتي بصحفة من عند التي هو في بيتها، فدفع الصحفة الصحيحة إلى التي كسرت صحفتها، وأمسك المكسورة في بيت التي كسرت.

 يقول: قلتَ: إن ضاربة القصعة هي أم المؤمنين عائشة، والمهدية للطعام هي زينب بنت جحش، ولكن الثابت في الصحيح أن المهدية للطعام، والتي أرسلت به هي أم سلمة، وقد أخرج النسائي بسند صحيح من طريق حماد بن سلمة عن ثابت عن أبي المتوكل عن أم سلمة أنها يعني أتت بطعام في صحفة لها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-...

على كل حال، نحن ذكرنا هذا ليس من كيسنا، وإنما هو من كلام أهل العلم في كتب المبهمات، وممن نص على ذلك الشراح كثيرًا، وابن حزم أيضًا نص على ذلك، وذكروا قصة أم سلمة، وأنهما قصتان.

 على كل حال، إن كان مخرج القصة متحدًا، وهو يغلب على الظن أن القصة واحدة إذا قلنا بهذا فأم سلمة أصح، وأظن أشرت إلى أم سلمة أنا في الدرس الماضي، أنا على ذكر منه، لكن يمكن غاب عني وإلا فأنا أعرف أنهما قصتان، من أهل العلم من صرح أنهما قصتان عن زينب، والثانية عن أم سلمة، وعلى كل حال الأمر سهل، يعني تعيين المبهم في هذا لا يترتب عليه الحكم.

قال هنا: الثانية القول بأن المهدية للطعام زينب بنت جحش قال ابن حزم في المحلى: روّينا من طريق الليث بن سعد عن جرير بن حازم عن حميد الطويل قال: سمعت أنس بن مالك يحدث أن زينب بنت جحش أهدت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو في بيت عائشة ويومها جفنة من حيس، فقامت عائشة فأخذت القصعة فضربت بها الأرض فكسرتها، فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى قصعة لها فدفعها إلى زينب فقال: «هذه مكان صحفتها»، وقال لعائشة: «لك التي كسرت».

 قلت: هذه الرواية تخالف الرواية التي في الصحيح من جهة تفسير المهدية للطعام، ولكون مخرج الحديث متحدثًا لزم في ذلك الدراسة؛ لمقاربة الحديث؛ حتى يتبين وجه الصواب.

هو قال في الصحيح مع أنه قال: فقد أخرج النسائي في سننه بسند صحيح، إذا كان قصده في الحديث الصحيح نعم، أما في البخاري، فلا؛ لأنه في النسائي.

 على كل حال ليس بيننا خلاف، ولا نعارض ما كتبه الأخ؛ لأنهما قصتان عند أهل العلم، يثبتون هذه وهذه، ولا مانع من ذلك، كسرت الأولى لا مانع من أن تكسر الثانية- رضي الله عنها وأرضاها-.

نعم.

"بسم الله، والحمد لله، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، أحسن الله إليكم.

 قال الإمام ابن عبد الهادي -يرحمه الله تعالى- في كتابه المحرر:

باب إحياء الموات:

 عن عروة عن عائشة -رضي الله عنها- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «من أعمر أرضًا ليست لأحد فهو أحق بها»، قال عروة: وقضى به عمر في خلافته.

 وعن ابن عباس، أن الصعب بن جثّامة -رضي الله عنه- قال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا حمى إلا لله ولرسوله»، رواهما البخاري.

 وعن سعيد بن زيد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «من أحيى أرضًا ميتة فهي له، وليس لعرق ظالم حق»، رواه أبو داود والنسائي والترمذي وقال: حديث غريب، وقد روي مرسلاً."

حسن، حديث حسن، وقال: حديث حسن غريب.

"وقال: حديث حسن غريب، وقد روي مرسلاً.

 وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يُمنع فضل الماء ليُمنع به الكلأ»، متفق عليه.

 وعن عروة بن الزبير -رضي الله عنه- عن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنه- أنه حدثه أن رجلاً من الأنصار خاصم الزبير عند النبي -صلى الله عليه وسلم- في شراج الحرة، في شراج الحرة التي يسقون بها النخل، فقال الأنصاري: سرّح الماء يُمَرّ."

يَمُرّ، سرّح الماء يَمُرّ، يعني اترك الماء يَمُرّ.

"سرّح الماء يَمُر، فأبى عليه، فاختصما إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للزبير: «اسق يا زبير، ثم أرسل الماء إلى جارك»، فغضب الأنصاري فقال: أن كان ابن عمتك؟ فتلون وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم قال: «اسق يا زبير، ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجذر»، فقال الزبير: والله إني لأحسب هذه الآية نزلت في ذلك {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [سورة النساء:65]، متفق عليه، واللفظ للبخاري.

 وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا ضرر ولا إضرار، وللرجل أن يضع خشبة في حائط جاره، وإذا اختلفتم في الطريق فاجعلوه سبع أذرع» رواه أحمد وابن ماجه بإسناد غير قوي."

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد،

فيقول المؤلف- رحمه الله تعالى-: "باب إحياء الموات" في النسخة التي بأيدينا مكتوب الأموات، وهذا خطأ؛ لأن الذي يحيي الأموات هو الله -جل وعلا-، وبإذن الله -جل وعلا- جعل هذا لمن؟

 لعيسى -عليه السلام- وإلا فالأصل أن الله -جل وعلا- هو المحيي، وهو المميت، فلذلك لما قال النمروذ لإبراهيم- عليه السلام- قال: أنا أحيي وأميت، أنا أحيي وأميت، ما معنى يحيي؟ يعفو عمن يستحق القتل، هذا إحياء؟! هذا ليس بإحياء، نعم يكون سببًا في الموت بأن يقتل ويعفو فيكون سببًا في البقاء، لكن ليس هو المباشر لا لهذا ولا لهذا، وإضافة الشيء إلى سببه ليست هي الأصل، فالمحيي والمميت هو الله -جل وعلا-، وعلى سبيل التنزُّل لما قال: أنا أحيي وأميت، ما قال له: أنت لا تحيي ولا تميت، مع أنه كذلك، هو لا يحيي ولا يميت، لا يملك حياة نفس،ه فضلاً عن أن يحيي غيره، قال له: {فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ} [سورة البقرة:258]، ماذا يقول؟

 بهت الذي كفر، فالباب باب إحياء الموات، والموات الأرض التي ليس فيها عمارة، وشُبِّهَت العمارة بالحياة، وضدها بالموت، أرض ميِّتة، والمراد بالأرض الموات أو الميتة التي ليس عليها اختصاص ولا مِلْك معصوم، المراد بها التي ليس عليها اختصاص ولا مِلْك معصوم، الاختصاص بأن تكون من المرافق العامة التي يحتاجها الناس كلهم، هذه لا تملَك بالإحياء، المرافق العامة لا تُملَك بالإحياء، ولا يملك أحيانًا كائنًا من كان لا ملكها ولا تمليكها، المرافق العامة التي يحتاجها الناس، وليس عليها ملْك معصوم من مسلم أو ذمي أو معاهد؛ لأنه إذا عصم دمه وماله لا يجوز الاعتداء على شيء من ذلك، ويجتهد بعض الناس في الاستيلاء على أموال الكفار في بلادهم، يعني يذهب إليهم، ويدخل بلادهم بعهد وميثاق، ثم بعد ذلك يقول: هؤلاء كفار حلال الدم والمال، ويستولي على أموالهم، لا شك أن هذا خطأ، وضلال في الفهم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ} [سورة المائدة:1].

 لو يعرفون أنك تريد أن تفسد في بلادهم، وتستولي على أموالهم ما أذنوا لك، هم يملكون منعك، فأنت دخلت بعهد، لا يجوز لك أن تفسد وتنقض هذا العهد من طرفك، والعهود والمواثيق إنما تُبرَم مع الولاة، فالذي يبرمها ولي أمر المسلمين، وهو الذي يملك إلغاء هذه العهود، أما الأفراد فلا يملكون.

 قال -رحمه الله-: "عن عروة" يعني ابن الزبير.

 "عن عائشة" خالته "-رضي الله عنها- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «من أعمر»" أعمر يعني أنشأ فيها ما يزيل عنها الوصف الذي لزمها، وهو الموت، الموات، وليس عليها عمارة، والإعمار هو الإحياء، يحدده العرف؛ لأنه لم يأتِ تحديده في الشرع، فيرجع فيه إلى العرف، فكل ما سماه الناس عمارة وإعمارًا وإحياءً يدخل في هذه النصوص، الله -جل وعلا- طلب منَّا عمارة الأرض، أين؟

بقوله -جل وعلا-: {وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} [سورة هود:61] استعمركم فيها يعني طلب منكم عمارتها، طلب منكم عمارتها: لتنشغلوا بها عما خلقتم له أو لتستعينوا به على تحقيق الهدف الذي من أجله خلقتم؟ لأن الناس تنافسوا على عمارة الأرض، وتقاتلوا عليها، وغفلوا عن ذكر الله، بل عطلوا شرع الله، وتركوا الأوامر، وارتكبوا النواهي؛ من أجل تحقيق {وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} [سورة هود:61]، غافلين عن الهدف الحقيقي الذي من أجله خلقوا، وهو تحقيق العبودية لله- جل وعلا-.

 أما طلب العمارة {وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [سورة القصص:77] هذا من أجل إيش؟ من الاستعانة على تحقيق الهدف، وليس هو الهدف، ولا الغاية؛ لأن الدنيا لا تستحق شيئًا عند الله- جل وعلا-، الإنسان خلق لعبادة الله -جل وعلا- {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} [سورة الذاريات:56]، نعم طلب منا عمارة الأرض، {وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} [سورة هود:61]، والسين والتاء للطلب، لكن ليس معنى هذا أننا خلقنا لأجل هذا، وأننا نجعل هذا هدفًا لنا ننسى به أو بسببه ما خلقنا من أجله؛ لنستعين به على تحقيق ما خلقنا من أجله.

 «من أعمر أرضًا ليست لأحد» لأحد نكرة في سياق الشرط وأرضًا كذلك سواء كانت أرضًا زراعية أو أرضًا سكنية أو غيرها، يشملها الحديث ليست لأحد.

 «فهو أحق بها» ظاهر الحديث أن كل من جاء إلى أرض، ووجد ليس فيها علامات لأحد ولا.. وسأل عنها وقالوا: هذه ما هي لأحد، موات، فشيَّد فيها بناية، أو أقام عليها زراعة أو ما أشبه ذلك أنه يملكها، أنه لا يشترط إذن أحد لا الإمام ولا غيره، وهذا ما يدل عليه ظاهر الحديث، واشترط أبو حنيفة أنه لا بد فيها من إذن الإمام، لا بد فيها من إذن الإمام، نعم أحدث الناس أشياء فيما يتعلق بالأراضي والعقارات ما يُلزِم أن يتدخل فيه الإمام لتنظيم الناس، لو قيل: خلاص كل البراري ذي من سبق لشيء يأخذه ماذا يصير الوضع؟

 كان قتالًا كل واحد يمتطي سيارته ويخط بالسيارة، الناس لا بد لهم مما ينظم أمورهم، كان الناس في السابق لو تقول له: خذ، قال: ماذا بيدي؟ يأخذ من الأرض ما يكنه من الحر والقر، ويبني بيته في أيام، ويسكن هو وزوجته وأولاده، يعني بيوت لا تزيد عن ستين، مائة، خمسين مترًا، ولذلك الأراضي القفر كثيرة، ولا يلتفتون إليها، إلى وقت قريب والأراضي لا تساوي شيئًا، لكن الناس تنافسوها، وجعلوها أهدافًا، وتقاطعوا من أجلها؛ بل تقاتلوا، فلا بد من التدخل الذي ينظّم الناس فيه.

 يعني أنت تصور لو قيل للناس في بلد كبير مثل الرياض أو مثل جدة وكذا: وكل واحد يأخذ سيارته ويأخذ الذي يلقى من الأراضي، كان بالسيارات كل واحد يدهس الثاني، الناس الشح الذي ابتلي به الناس يوصلهم إلى هذا الحد، وإذا وجد مثل هذا التصور أو ما قرب منه أو بعد فلا بد من التدخل الذي ينظم الناس، فقول أبي حنيفة لاسيما في أزماننا متجه، وتدخل الإمام ليس زيادة على النص أو زيادة على ما شرع، لماذا نُصِب الإمام؟ لحل المنازعات، وفض الإشكالات، فإذا كان هذا الأمر مباحًا في الشرع يؤدي إلى نزاع أو إشكال فلا بد من تنظيمه.

طالب: ........

هو أقطعها من قبل الإمام أم استولى عليها؟

أقطعها من قبل الإمام؟

 الإمام يملك، الإمام يملك، لكن إذا لم يحييها فهو مجرد اختصاص، فيكون أولى بها من غيره.

قال عروة: قضى به عمر في خلافته، قضى به عمر في خلافته، «من أعمر أرضًا ليست لأحد فهو أحق بها»، قال عروة: قضى به عمر في خلافته، مما يدل على أنه ليس بمنسوخ، ليس بمنسوخ.

 قال -رحمه الله-: "وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن الصعب بن جثّامة قال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا حمى إلا لله ورسوله، لا حمى إلا لله ورسوله»".

 الحمى المكان الذي فيه الكلأ والعشب يحميه الرسول -عليه الصلاة والسلام- لإبل أو لسائمة الصدقة، وهل يحميه أيضًا لإبله الخاصة؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- كانت له لقاح -عليه الصلاة والسلام-، لما جاء العرنيون أو الوفد من عُكَل عُرَيْنة واجتووا المدينة واستوخموها ومرضوا، أمرهم النبي -عليه الصلاة والسلام- بلقاح، بلقاح له أن يلحقوا بها، فشربوا من ألبانها وأبوالها، فلما صحوا قتلوا راعي النبي -عليه الصلاة والسلام- وإبله -عليه الصلاة والسلام- مع إبل الصدقة، ولا شك أن الإمام وهو مشغول بمصالح الأمة العامة مشغول عن تجارته، مشغول عن تصريف أموره أن من حقه مثل هذا، والحصر في لا حمى إلا لله ولرسوله يدل على أن غير الله وغير رسوله -عليه الصلاة والسلام- لا يجوز له أن يحمي، ومفاده حتى الخليفة من بعده لا يحمي؛ لأن الحصر لله ورسوله، لكن عمر -رضي الله تعالى عنه- حمى الشرف والربَذة، مما يدل على أن الخليفة وهو منشغل بمصالح المسلمين له أن يحمي، ويكون هذا حمى لله ورسوله بالوصف، الرسول -عليه الصلاة والسلام- منشغل بأمور الناس، ويقوم مقامه من يقوم مقامه في الخلافة فله أن يحمي.

 ومنهم من يقول: إنه ليس لأحد أن يحمي كائنًا من كان إلا الله ورسوله، يعني لإبل الصدقة فقط، وما عداه من الأملاك الخاصة فليس لها حمى النبي -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الصحيح قال: «ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه»، هل هذا إثبات لاستحقاق الملوك للحمى أو إخبار؟

إذا قلنا: استحقاق صار لهم الحق أن يحموا ما يمنعون الناس منه، وإذا قلنا: إنه مجرد إخبار بالواقع كما هو موجود في الجاهلية إذا أراد سيد القوم أن يحمي لنفسه جاء بكلب ووضعه على جبل واستعواه فحمى ما يبلغ صوته، فحمى ما يبلغ صوته، والنبي يقول: «ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه»، هذا للتمثيل، تمثيل، مقاربة محارم الله بالرعي حول حمى هذا الملك الظالم.

 عمر -رضي الله عنه- لما حمى الشرف والرَّبَذة ما صنع مثل ما يصنعه بعض الظلمة ممن لم يتصف بهذا الوصف، تجد له نفوذ، وله شيء من السلطة، وليس يولي أمرًا ولا مسؤولًا، لكن عنده سلطة بأي وصف كان يحمي، وإذا أتى أحد يرعى آذاه وأضربه، أو صاد أملاكه وما أشبه ذلك، هذا ظلم نسأل الله العافية.

 عمر -رضي الله عنه- وهو الخليفة الراشد لما حمى الشرف والربَذة قال: اتق دعوة المظلوم، فإن دعوة المظلوم مستجابة، وإياك وذا الصريمة وذا الغنيمة، يعني الذي ما عنده إلا شيء يسير خله يدخل؛ لأنها إن تهلك صريمته أو غنيمته يأتي يقول: هات يا عمر، أعطني يا عمر، والكلأ والعشب أهون من الذهب والفضة، سياسة، يعني هذا إذا ماتت غنمه، جاء لعمر قال: هات، فيعطيه من بيت المال، ملزم أن يعطيه من بيت المال، لكن وإياك ونعم ابن عوف، عبد الرحمن بن عوف إذا ماتت غنمه يأوي إلى ذهب وفضة، عنده أموال أخرى، يعني انظر إلى التفريق بين الفقير المسكين الذي عنده غنيمة وصريمة وأشياء يسيرة فهذا لا بد أن يلاحَظ، بينما الذي عنده الأموال الطائلة إن هلكت نعمه يأوي إلى أموال أخرى.

 «لا حمى إلا لله ورسوله» قلنا: إن ألا وإن لكل ملك حمى لا ينافي هذا الحصر؛ لأنه جاء على سبيل الإخبار عن الواقع، هذه عادة الملوك يحمون ويمنعون من يأتي، بل من يقرب من هذا الحمى، ويعاقبون على القرب منه.

طالب: يا شيخ أحسن الله إليك، بعض القبائل يا شيخ تأخذ لها حمى لها، فهل لها حق يا شيخ فيه؟

ليس لها حق، الحصر حقيقي.

طالب: ........

هناك هناك شيء يقال له: إقطاع، يقال له: إقطاع، إذا رأى الإمام المصلحة في أن هذه القبيلة وهذا الفرد بحاجة إلى هذه الجهة يقطعها يعطيها، هذا ما فيه إشكال، هذا غير هذا، أما كونهم يحمون من تلقاء أنفسهم فلا.

"رواهما البخاري.

 وعن سعيد بن زيد" العدوي أحد العشرة المبشرين بالجنة، ومر ذكره أكثر من مرة.

 "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «من أحيى أرضًا ميتة فهي له»" أرضًا ميِّتة ليس فيها عمارة ولا آثار، والقيد السابق ليست لأحد، وليس عليها ملْك ولا اختصاص، هي ميتة ميْتة أم ميِّتة؟

طالب: ........

بالتشديد؟

طالب: ........

لا تقول لي الذي عندنا ميِّتة أم.. أقول هل هي ميْتة أم ميِّتة؟

طالب: ........

ميِّتة؟ يعني ستموت؟

طالب: ........

{إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ} [سورة الزمر:30] قالوا: الميْت من قد مات، والميِّت من سيموت، وهذه ستموت أم ستُحيى؟ هذه ميْتة إذًا إيش؟

ميْتة.

ليس من مات فاستراح بميْت                               إنما الميِّت ميِّت الأحياء

«من أحيى أرضًا ميتة فهو له، وليس لعرق ظالم حق»، وهذا تقدم في الغصب أنه ليس له حق، ذكرنا في الأمس أنه ليس له من الزرع شيء، ويأخذ أتعابه.

 "رواه أبو داود والنسائي والترمذي وقال: حسن غريب، وقد روي مرسلاً"، وعلى كل حال قد يبلغ الصحة بشواهده، ومن شواهده: من أعمر أرضًا ليست لأحد فهو أحق به.

 "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه-، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: وعن أبي هريرة- رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ»".

 لا يمنع فضل الماء، وجاء الوعيد الشديد على من منع فضل الماء ليمنع به الكلأ، والناس شركاء في ثلاث في الماء والكلأ والنار، هم شركاء في هذا، ويُقصَد به ما لم يُحرز، يعني لو جاء واحد وطرق بابك وقال: معي هذا الجالون سأعبئه من بيتك ويقول لك: لا يُمنع فضل الماء، أنت الآن هو بيتك، وفي حرزك، وتدفع قيمته، أو تعبت عليه، وجلبته من البراري والقفار من الغدران والشعبان والأنهار والأودية، وتعبت عليه، ووضعته في بيتك، ثم قال: لا يُمنع، لا يمنع فضل الماء.

أما ما لا تعب فيه من الأمور ومن الأشياء المتاحة فإنه لا يجوز لأحد أن يمنع، نعم على المسلمين أن يتعاملوا بالأفضل، بالأحسن، بالأرفق، وأن يعين بعضهم بعضًا، وألا يتشاحو، وألا يكون كل شيء عندهم بالمقابل، إذا جاء يطلب ماءً، أو يطلب نارًا يقتبس من نارك، أو يستصبح بمصباحك فهذا لا شك هذا مطلوب شرعًا، لكن المنع والوعيد على من منع الأمور المباحة المشاعة، الكلأ في الصحراء تقول: هذا والله أنا سبقتك عليه، تقول: لا، هذا ما يمنع، للجميع هذا، وكذلك الماء والحطب في بعض الأحاديث، لكن إذا تعب أخذ حبلاً فاحتطب، وجلبه إلى البلد؛ ليبيعه كما أرشد النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى ذلك.

 قال: بدل ما تسأل وتتكفف الناس خذ حبلًا وفأسًا واحتطب، وبع هذا، لما أخذ فاس وحبل واحتطب من طلعة الشمس إلى أن غابت، وربطه في الحبل، وجاء به على رأسه، ووصل البلد وقال: الناس شركاء في ثلاثة، عليه يتنزل الحديث، ما معنى أن يبيعه ويستفيد منه إذا كانوا شركاء؟

 ما يقدر أن يبيعه، ليس هذا هو المقصود، المقصود فيما لم يُحرَز ويتعب عليه.

 "وعن عروة بن الزبير، عن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنه- أنه حدثه أن رجلاً من الأنصار خاصم الزبير"، عروة أخو عبد الله بن الزبير، والزبير أبوهم.

 "أن رجلاً من الأنصار خاصم الزبير" ابن العوام والدهما، "عند النبي -صلى الله عليه وسلم- في شراج الحرة" في المسيل الذي في الحرة، الذي ينزل من الحرة إلى الأماكن السهلة التي فيها المزارع، "في شراج الحرة التي يسقون بها النخل"، وكانت مزرعة الزبير أقرب إلى مصدر الماء من الأنصاري، "التي يسقون بها النخل، فقال الأنصاري: سرح الماء يمر"؛ لأنه كان أقرب إلى المصدر، يستطيع أن يمنعه ممن دونه، يضع حواجز بحيث لا يصل إلى من دونه فقال الأنصاري: سرح الماء، لا تحبس الماء، دعه يجري على طبيعته، يمشي انسيابيًّا، سرح الماء يمر.

 "فأبى عليه" أبى الزبير قال: مجرد ما يمر على مزرعتي ويمشي ما أستفيد، يكفيني هذا اليوم، لكن بكرة وبعده في الأيام القادمة لازم أحبس حتى أستفيد منه في الأيام اللاحقة، "فأبى علي، فاختصما إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للزبير: «اسق يا زبير»"، اسق يا زبير، يعني خذ من الماء ما يكفيك، «ثم أرسل الماء»، يعني اترك الماء يجري إلى جارك، هذا الحكم ما يعجب الأنصاري؛ لأن الأنصاري ما يريده أن يسقي ويأخذ من الماء ما يكفيه، لا، يريد أن يمر مرورًا وعلى جريانه، ثم بعد ذلك يأتي بسرعة إلى مزرعته. "فغضب الأنصاري" وقال كلمة عظيمة شنيعة، اتهم فيها النبي -عليه الصلاة والسلام-.

 "فغضب الأنصاري فقال: أن كان ابن عمتك، أن كان ابن عمتك". يعني حكمت له بهذا الحكم بالميل والحيل والظلم؛ لأنه ابن عمتك؛ لأن الزبير ابن صفية بنت عبد المطلب.

 "أن كان ابن عمتك، فتلوّن وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم"-، في وقت الغضب قد يقول الإنسان كلامًا لا يحسب له حسابًا، ولا يدري ما عواقبه، ثم يندم عليه ندمًا شديدًا، لكن هذا في مواجهة النبي -عليه الصلاة والسلام-، يعني قد يتطاول الإنسان على غير النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن معه من في قلبه إيمان ما يمكن أن يقول مثل هذا الكلام، لاسيما مع المواجهة، مع مواجهة النبي -عليه الصلاة والسلام-، هذا قال: "أن كان ابن عمتك، فتلون وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم"-؛ لأن هذا اتهام له، مثل الذي قال للنبي -عليه الصلاة والسلام-: اعدل يا محمد.

طالب: ........

ماذا؟

طالب: ........

والله ما أسمعك..

طالب: ........

يصح، ما يمكن أن يتهم النبي -عليه الصلاة والسلام- بالظلم إطلاقًا.. يصح، ما المانع؟!

"فتلون وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم قال: «اسق يا زبير»"، المسألة صلح في الأول، لكن الآن جاءت مقاطع الحقوق، ما فيه صلح، هذا ما قبل الصلح وما قبل الفضل فليس له حينئذ إلا العدل، الحق.

 "ثم قال: «اسق يا زبير ثم احبس احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر»" الجدر أصل الحائط، ويرجع إلى الجهة المرتفعة، "حتى يرجع إلى الجدر، فقال الزبير: والله إني لأحسب هذه الآية نزلت في ذلك {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ}" [سورة النساء:65]، يكفي يحكموك نعم، {ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً} [سورة النساء:65]. يعني كل من يتقاضى إلى الشرع يجد مثل هذا في نفسه، يجد في نفسه هذا؟

يحكمون الشرع في جميع ما شجر بينهم، ولا يكتفون بهذا، لا يجدون في نفوسهم حرجًا، ويستوي عنده إذا كان الحكم الشرعي أن يكون الحق له وعليه، ويسلموا تسليمًا مطلقًا، يعني ما يقول، ما يجد في نفسه شيئًا من هذا الحكم، هل واقع الناس في خصوماتهم متمثَّل فيه هذه الآية، أو أن واقع الناس يشهد، يعني في كثير، في غالب، في كثير من الأحوال يشهد بخلاف ذلك؟ بل نجد من المسلمين من يطلب التحاكم إلى غير الشرع، وإذا تحاكم إلى الشرع وجد في نفسه شيئًا، ومع ذلك لا يسلم، وهل من هذا الاعتراض على الحكم والرفع إلى الجهات العليا إلى الاستئناف، إلى المحكمة العليا، هذا ما هو من اتهام الشرع، إنما هو من باب من شرع إلى شرع هو ما هو يقول: لا، والله أنا ما اقتنعت بحكم الله، بحكم القاضي في المحكمة، انقلوني إلى محكمة مدنية أو إلى.. لا، هو يطلب محكمة أخرى، وفيها قضاة أكبر وأعلم؛ لأنه لا يؤمَن من القاضي المبتدئ أن يخطئ في حكمه، والكبير يسدده، فهذا من شرع إلى شرع، ليس فيه شيء، إن شاء الله تعالى، وإن كان كثير من الناس يقول: لعل ولو أصاب هذا القاضي المبتدي لعل بعد من فوقه يخطئ أو شيء من هذا فيعطي..

الرسول -عليه الصلاة والسلام- المؤيَّد بالوحي يقول: «إنما أنا بشر، أقضي على نحو ما أسمع، فمن قضيت له من حق أخيه شيئًا فإنما أقتطع له قطعة من نار، فليأخذها أو يدعها»، وهو الرسول -عليه الصلاة والسلام- المؤيَّد بالوحي، لا يجوز لمن حكم له خطأً ولو حكم له القاضي، ولو أيد من التمييز، ويعرف في قرارة نفسه أن الحق ليس له لا يجوز بحال أن يأخذه، حكم القاضي لا يبيح ما حرم الله، القاضي يحكم على مقدمات شرعية، ينتج عنها نتائج شرعية، لكن لا يعني أنه أصاب الحق مائة بالمائة، لا يعني، قد يخطئ في تطبيق المقدمة، قد يخطئ في تقرير النتيجة، وهو بشر، فإذا كان المؤيَّد بالوحي يقول: إنما بشر، فكيف بمن دونه؟ {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [سورة النساء:65].

طالب: ........

{فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ} [سورة النساء:65] يعني تقصد الحكم بغير ما أنزل أو التحاكم إلى غير ما أنزل الله.

طالب: ........

أنا أقرر أصل المسألة، تقصد أن الحكم بغير ما أنزل الله، أو التحاكم إلى غير ما أنزل الله، هل هو منافٍ لأصل الإيمان أو لكماله؟

 بمعنى آخر: هل الحكم بغير ما أنزل كفر أكبر، {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [سورة المائدة:44] أو كفر دون كفر؟ ينشأ عنه التحاكم إلى غير ما أنزل الله، يلزم منه.

 المقصود أن هذه المسألة معروفة عند أهل العلم، وأنه كما قال ابن عباس: كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، وتفاصيلها معروفة في مظانّها.

طالب: ........

نعم.

طالب: ......

 يسأل يقول: إذا وجد تضرر على شخص رجل أو امرأة يقول: نذهب إلى حقوق الإنسان لأخذ الحق، طيب لماذا لا تذهب إلى المحكمة، ما السبب؟

طالب: ........

طيب حقوق الإنسان تحكم بإيش؟ إذا كانت تحكم بغير ما أنزل الله فهي مثل المحاكم الوضعية.

طالب: ........

ماذا؟

طالب: ........

المسلمون في بلاد الكفر لا شك أن لهم حقوقًا، وعليهم حقوقًا، وتحصل لهم خصومات، ويحتاجون إلى قضاء، ولا يوجد عندهم من يحكم بشرع الله، فهل يتحاكمون إلى محاكمهم وقضاتهم وهم يحكمون بغير ما أنزل الله؟

 من أهل العلم من يقول: إن هذه ضرورة، هذه ضرورة، ولو تركوا حقوقهم لتضرروا ضررًا بالغًا، لكن على الإنسان أن يتقي الله -جل وعلا-، فلا يأخذ ما لا يستحق، يسعى لتحصيل حقه، ويبرأ من حق غيره.

طالب: ........

ما غيَّر حُكْمًا، حَكَم بصلح أولاً، الصلح فضل، القاضي أول ما يعرض على الخصوم الصلح، وقد يكون فيه تنازل أو هضم لحق المحِق في أول الأمر برضاه إذا لم يرضَ إلا الحق والعدل خلاص ما فيه إلا الحكم، ما فيه شيء.

 "متفق عليه، واللفظ للبخاري.

 وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا ضرر ولا ضرار»، أو «لا ضرر ولا إضرار، وللرجل أن يضع خشبه في حائط جاره، وإذا اختلفتم في الطريق فاجعلوه سبع أذرع»".

 أولاً الحديث بهذا التركيب ضعيف جدًّا، لكن الجملة الأولى «لا ضرر ولا إضرار» لها طرق، ولها ما يشهد لها مما يجعلها تصل إلى درجة الاحتجاج، فحكم عليها جمع من أهل العلم بالحسن.

 للرجل أن يضع خشبه في حائط جاره، جاءت أيضًا من حديث أبي هريرة في الصحيحين: «ما لي أراكم عنها معرضين، والله لأرمين بها بين أكنافكم أو بين أكتافكم، لا يمنع أحدكم جار جاره حتى يضع الخشب في جداره»، هذا في الصحيحين، فهذه الجملة أيضًا صحيحة.

 الأخير «إذا اختلفتم في الطريق فاجعلوه سبع أذرع» هذه لا يوجد لها ما يشهد لهًا، فليست بصحيحة.

 "رواه أحمد وابن ماجه بإسناد غير قوي".

 «لا ضرر» يعني هذا ذكره بعد قصة الزبير، وبعد منع الماء، فضل الماء وبعد الحمى، لماذا؟ لأن هذه الأمور قد يترتب عليها أضرار الحمى، قد يترتب عليه ضرر، فسيق نفي الضرر، والنفي أبلغ من النهي، يعني {لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ} [سورة البقرة:233] هذا إيش؟ نهي أم نفي؟

نهي؛ لأنك لو فككت الإدغام لكان لا تضارِر والدة بولدها، ولا يضارِر مولود بولده، وأيضًا لو قرئ بالبناء على المجهول لا تضارَر والدة بولدها، ولا يضارَر مولود له بولده، المعنى صحيح، لكن هنا نفي، والنفي أبلغ من النهي، «لا ضرر ولا ضرار»، أي لا يضر الرجل أخاه فينقصه شيئًا من حقه، والإضرار المجازاة، ولا إضرار، يعني لا مجازاة بإدخال الضرر عليه كما قال صاحب القاموس، لكن بعض الشراح قال، كلام صاحب القاموس غير وجيه في تفسير الإضرار؛ لأن المجازاة بالمثل صحيحة، {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا} [سورة الشورى:40]، {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ} [سورة النحل:126].

 المقصود أن الجملة الأولى ثابتة، والثانية كذلك؛ لأن لها ما يشهد لها في الصحيحين وغيرهما، وأما الجملة الثالثة فلا يوجد لها ما يشهدها فهي ضعيفة «إذا اختلفتم في الطريق فاجعلوه سبع أذرع، فاجعلوه سبع أذرع»، يعني لا يزاد عن سبع أذرع ولا ينقص، الحاجة هي التي تحدد، قد تكون سبع الأذرع كثيرة على الحاجة، رأينا في المدن السابق في البلدان أزقة لا تزيد على ذراعين أو ثلاثة، وموجود أيضًا في المدن القديمة في العالم كله أزقة صغيرة جدًّا؛ لأن الحاجة قائمة، لكن احتاج الناس إلى طرق سريعة الآن نقول: لا تزيد على سبعة، الطرق السريعة تجعل الدائري سبعة أذرع ما تجيء، ولذلك هذا الأمر متروك للحاجة، وأما بالنسبة لما ذكر فيه من حديث فلا يثبت.

والله أعلم.

 وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

طالب: يا شيخ أحسن الله إليك نبههم غدًا ما فيه درس.

لا خلاص الغد واليوم قدم، الآن ما فيه، انتهينا.