بلوغ المرام - كتاب الحج (5)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحديث الذي ذكر بالأمس: ((الحجر الأسود يمين الله)) في كتاب القواعد المثلى للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- يقول: "المثال الأول: ((الحجر الأسود يمين الله في الأرض)) الجواب عنه يقول الشيخ: أنه حديث باطل لا يثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم خُرّج، أخرجه الخطيب في تاريخه، وابن عدي في الكامل، وعزاه الألباني في الضعيف لأبي بكر بن خلاد، وابن بشران في الأمالي، وفي إسناده إسحاق بن بشر الكاهلي، كذبه أبو بكر بن أبي شيبة إلى آخر ما قال، والحديث ضعفه المناوي في فيض القدير، ونقل هناك تضعيف ابن الجوزي في العلل المتناهية يقول ابن الجوزي: هذا حديث لا يصح، قال ابن العربي: حديث باطل، فلا يلتفت إليه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: روي عن النبي -عليه الصلاة والسلام- بإسناد لا يثبت، يقول الشيخ: وعلى هذا فلا حاجة للخوض في معناه؛ لكن قال شيخ الإسلام ابن تيمية: والمشهور -يعني في هذا الأثر- إنما هو عن ابن عباس، قال: "الحجر الأسود يمين الله في الأرض، فمن صافحه وقبله فكأنما صافح الله، وقبل يمينه" يقول أيضاً: ضعيف، الأثر ضعيف، أخرجه ابن قتيبة في غريب الحديث، ثم نقل عنه الألباني -رحمه الله- أنه قال: "إذا عرفت ذلك فمن العجائب أن يسكت الحافظ بن رجب عن الحديث في ذيل الطبقات، ويتأول ما روي عن ابن الفاعوس الحنبلي أنه كان يقول: الحجر الأسود يمين الله حقيقة، بأن المراد بيمينه أنه محل الاستلام والتقبيل، وأن هذا المعنى هو حقيقة في هذه الصورة، وليس مجازاً، وليس فيه ما يوهم الصفة الذاتية أصلاً، وكان يغنيه عن ذلك كله التنبيه على ضعف الحديث، وأنه لا داعي لتفسيره أو لتأويله؛ لأن التفسير فرع التصحيح، كما لا يخفى، هذا كلام الشيخ الألباني -رحمه الله-، الشيخ ابن عثيمين كأنه ينقل عن الفتاوى يقول: لكن قال شيخ الإسلام ابن تيمية: والمشهور -يعني في هذا الأثر- إنما هو عن ابن عباس قال: "الحجر الأسود يمين الله في الأرض، فمن صافحه أو قبله فكأنما صافح الله، وقبل يمينه" ومن تدبر اللفظ المنقول تبين له أنه لا إشكال فيه، فإنه قال: يمين الله في الأرض، ولم يطلق فيقول: يمين الله، وحكم اللفظ المقيد يخالف حكم المطلق، ثم قال: فمن صافحه وقبله فكأنما صافح الله، وقبل يمينه، وهذا صريح في أن المصافح لم يصافح يمين الله أصلاً؛ ولكن شبه بمن يصافح الله، فأول الحديث وآخره يبين أن الحجر ليس من صفات الله تعالى، كما هو معلوم عند كل عاقل.

يعني التأويل الذي ذكره شيخ الإسلام هو نفس ما انتقد على ابن رجب، يعني إذا كان الحديث بهذه المثابة من الضعف فلا يتكلف اعتباره، ولا يتكلف تأويله، ولا يتكلف التوفيق بينه وبين غيره من النصوص، هذه الجادة، لكن كأن الشيخ يميل إلى أن الخبر عن ابن عباس يعني قد يقبل، وإذا ثبت عن ابن عباس مثل هذا الخبر، وهو لا مجال للرأي فيه فإنه له حكم الرفع، وهذا بحث من بعض الإخوان يقول: ذكر الحديث عن حديث عبد الله بن عمرو مرفوعاً، أخرجه ابن خزيمة والطبراني والحاكم والبيهقي، وجميع أسانيدها مدارها على عبد الله بن المؤمل، وهو ضعيف، ثم حديث جابر بن عبد الله مرفوعاً أخرجه ابن عدي والخطيب وأبو بكر بن خلاد وابن بشران جميع أسانيدهم مدارها على إسحاق بن بشر الكاهلي، وهو وضاع؛ لكن لم ينفرد به فقد تابعه أحمد بن يونس الكوفي، وهو ثقة كما عند ابن عساكر، وفي إسناد المتابعة أبو علي الأهوازي، وهو متهم، على كل حال إذا كان في طريق وضاع وفي طريق متهم هذا لا يقبل الانجبار شديد الضعف، حديث ابن عباس مرفوعاً، أخرجه الفاكهي في تاريخه، وإسناده ضعيف جداً، حديث أنس مرفوعاً، أخرجه الديلمي في مسند الفردوس بإسناد فيه متهم أيضاً، حديث ابن عباس موقوفاً، أخرجه عبد الرزاق في المصنف، وفي إسناده إبراهيم بن يزيد، وهو منكر الحديث، وأخرجه عبد الرزاق بعده من حديث ابن جريج عن محمد بن عباد عن ابن عباس به، ورواه ابن جريج عن علي بن عبد الله عن ابن عباس، وأخرجه الفاكهي إلى آخره، ولعل هذا هو الراجح في الحديث، أنه من قول ابن عباس، حتى ما نسب إلى ابن عباس ما يسلم طريق من ضعف؛ لكن لتعدد الطرق عن ابن عباس يمكن احتماله موقوفاً عن ابن عباس، كما يفهم من كلام شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى-، وإذا ثبت عن ابن عباس وهو مما لا مجال للرأي فيه يكون له حينئذ حكم الرفع، يقول: ولعل هذا هو الراجح في الحديث أنه من قول ابن عباس، حديث أبي هريرة مرفوعاً أخرجه ابن ماجه والفاكهي وابن عدي، وإسناده فيه حميد بن أبي سوية، وهو ضعيف، هذا الذي بحث يقول: الخلاصة أن الحديث ضعيف مرفوعاً، صحيح موقوفاً، هذا ما ترجح لي في هذه العجالة، والأمر يحتاج إلى بحث وتأمل؛ لكن من ضعف المرفوع والموقوف باعتبار أن جميع طرقه لا تسلم له وجه، وممن نظر إلى اعتبار تعدد هذه الطرق، ولو كان ضعفها شديداً، فإن بعض أهل العلم إذا تعددت الطرق وتباينت وكثرت، ولو كان الضعف شديداً، وفي اصطلاح أهل العلم أن الضعف الشديد لا ينجبر، بعضهم يرى أنه ينجبر، على كل حال لو صح فمعناه مثل ما ذكر شيخ الإسلام أنه من باب أن من صافحه فكأنما كما هو نص الخبر، وحينئذ إذا كان من صافحه فكأنما صافح يمين الله، وبعدين هو يمين الله في الأرض، والله -جل وعلا- في السماء، فلا يخطر على البال أنه هو اليمين التي ثبتت في النصوص، في نصوص الكتاب والسنة، وإثباتها لله -جل وعلا-، فاليد ثابتة على ما يليق بجلال الله وعظمته، وهذا من باب التقريب والتشبيه، "فكأنما" ومعلوم أن المشبه لا يلزم منه مطبقة المشبه به من كل وجه، ففي رؤية الباري -جل وعلا- شبهت بالحديث الصحيح كأنما ترون القمر ليلة البدر، لا تضامون في ذلك، المقصود أن تشبيه رؤية الباري برؤية القمر ليست من كل وجه، إنما في الوضوح والظهور، وإن كان المشبه غير المشبه به.

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

فيقول الإمام الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في كتابه بلوغ المرام في باب صفة الحج ودخول مكة:

وعن يعلى بن أمية -رضي الله عنه- قال: "طاف النبي -صلى الله عليه وسلم- مضطبعاً ببرد أخضر" رواه الخمسة إلا النسائي، وصححه الترمذي.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- وعن يعلى بن أمية -رضي الله تعالى عنه- قال: "طاف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مضطبعاً ببرد أخضر" بالنسبة للون ليس هناك لو متعين بحيث لا يجوز سواه، إلا ما ورد النهي عنه من الأصفر، المعصفر المزعفر، الأحمر، كل هذه ورد النهي عنها بالنسبة للرجال، وما عدا ذلك يجوز لبسه، "مضطبعاً" حال كونه مضطبعاً، والاضطباع كما ذكرناه بالأمس أن يبدي ضبعه الأيمن، ويدخل الرداء من تحته، من تحت إبطه الأيمن، ويرسل طرفيه على منكبه الأيسر؛ ليكون طرف على صدره، وطرف على ظهره من جهة الظهر، الاضطباع سنة في جميع الأشواط السبعة، يلاحظ أن بعض الناس منذ أن يعقد النية يضطبع حتى يتحلل ويلبس ثيابه، ولذا تلاحظون أن بعض الحجاج اليد اليمنى قد أثرت عليها الشمس، وضعها على هيئة ولم يغيرها، مع أن الاضطباع في الطواف، في السبعة الأشواط، ومنهم من خصه بالثلاثة الأُول كالرمل؛ لكن المرجح أنه في السبعة، فإن انتهى من الطواف ستر منكبيه؛ ليصلي ركعتي الطواف، وجاء في الحديث الصحيح: ((لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقيه منه شيء)) والرواية الأخرى: ((ليس على عاتقه)) فعلى هذه الرواية يكفي أحدهما، فلا ينكر على من فعله؛ لكن الأصل أن الاضطباع ينتهي بانتهاء الطواف.

وعن أنس -رضي الله عنه- قال: "كان يهل منا المهل فلا ينكر عليه، ويكبر المكبر فلا ينكر عليه" متفق عليه.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن أنس -رضي الله تعالى عنه- قال: "كان يهل منا" يعني الصحابة في مسمع منه -عليه الصلاة والسلام-، "كان يهل منا المهل"، والإهلال رفع الصوت بالتلبية، "فلا ينكر عليه" لماذا؟ لأنه محرم، والتلبية بالنسبة للمحرم سنة، ويأتي متى يقطع التلبية، "ويكبر منا المكبر فلا ينكر عليه" لأن أيام الحج أيام تكبير، فمن كبر فقد أحسن، ومن أهل ولبى فقد أحسن، وهذا صنيع بمسمعه -عليه الصلاة والسلام-.

وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "بعثي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الثقل، أو قال: في الضعفة من جمع بليل"، وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "استأذنت سودة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليلة المزدلفة أن تدفع قبله، وكانت ثبطة -تعني ثقيلة- فأذن لها" متفق عليهما.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "بعثني النبي -صلى الله عليه وسلم- في الثقل" في المتاع، ثقل المرء متاعه، "أو قال: في الضعفة" يعني من أهله من نساء وذرية "من جمع" يعني من مزدلفة "بليل" يعني بعد منتصفه، وبعد مغيب القمر يسوغ لأهل الأعذار أن ينصرفوا من جمع بعد أن يجلسوا فيها غالب الليل، والحكم للغالب، في حديث أسماء أنها كانت ترقب القمر، ولا يغيب القمر إلا بعد مضي غالب الليل، فإذا غاب انصرفت، وهنا بعثهم النبي -عليه الصلاة والسلام- بليل، يعني قبل طلوع الفجر، وعلى هذا من كان معذوراً بحيث لا يستطيع مزاحمة الناس له أن ينصرف، ومنهم من يطرد يقول: الحكم للغالب، فإذا جلس، مكث الحاج بمزدلفة إلى نصف الليل، وزاد على ذلك قليلاً فطرداً لقولهم: أن الحكم في المسائل للغالب أنه ينصرف الجميع، هذا القول معروف عند الحنابلة والشافعية، الانصراف من منتصف الليل، والنبي -عليه الصلاة والسلام- كما تقدم مكث في مزدلفة حتى صلى الصبح، اضطجع حتى طلع الفجر، ثم صلى الصبح، وذهب إلى المشعر، فقام يذكر الله عند المشعر الحرام، حتى أسفر جداً، ثم دفع، وهذه هي السنة، وأوجب بعضهم البقاء إلى صلاة الصبح، بل جعل صلاة الصبح بعضهم بمزدلفة ركن من أركان الحج، لما سيأتي في حديث عروة بن مضرس، وفيه ما فيه على ما سيأتي، وفي الحديث الذي يليه حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: "استأذنت سودة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليلة المزدلفة أن تدفع قبله، وكانت ثبطة" الأصل في الثبط: البطيء الحركة، وفي الحديث الصحيح: "وكانت ثبطة ثقيلة" وهنا يقول "وكانت ثبطة" تعني ثقيلة، ولا شك أن الثقل سبب لبطء الحركة، فكونها ثبطة سببه أنها كانت ثقيلة، ومعروف أن الثقل في البدن سواء كان بسبب الزيادة في الوزن أو بسبب الإرهاق، أو بسبب المرض، أو كبر السن كل هذا يجعل الإنسان ثبطاً، يعني بطيء الحركة، وعلى كل حال هي كبيرة السن، وهي ثقيلة، فنشأ عن ذلك بطء الحركة، فصارت من الضعفاء، فاستأذنت، فأذن لها، وعائشة في ذلك الوقت كانت شابة نشيطة قوية ما استأذنت؛ لكنها تمنت فيما بعد أنها استأذنت كما استأذنت سودة، فاستدل بعضهم من كلامها أن المرأة عموماً لها أن تنصرف، ولا شك أن جل النساء ضعيفات، والضعف ملازم لهن، فمن قال: أن النساء عموماً ينصرفن، لهن الانصراف، فله وجه؛ لأن عائشة ما لاحظت كونها ثقيلة كون سودة ثقيلة، وإنما تمنت لو استأذنت كما استأذنت سودة، ومع ذلك هي شابة خفيفة نشيطة، ليست بثبطة، ولا ثقيلة، ففهمت أن سبب الانصراف هو كونها من جنس النساء، وعلى كل حال من احتاج إلى أن ينصرف قبل الناس هذا عذره، أو كان معه من الضعفة ما يستحق أن ينصرف من أجله له ذلك؛ لكن لا يُتحايل بهذا على إسقاط السنن، لا يُتحايل بهذا على التنصل من السنن والاتباع، قد رأينا باص فيه ما يقرب من خمسين شخص، وليس معهم إلا امرأة واحدة، مكثوا قليلاً، قالوا: ننصرف، كيف تنصرفون وأنتم أقوياء أشداء؟ قالوا: معنا امرأة، وليس في الباص إلا هذه المرأة، وكأنهم جعلوها معهم للاحتيال على تطبيق السنة، ديننا -ولله الحمد- ليس بدين آصار، ولا أغلال، الدين يسر -ولله الحمد والمنة- لكن التحايل على التنصل من الأحكام الشرعية لا شك أنه مذموم، وما حرف اليهود -بنو إسرائيل- ما حرفوا النصوص إلى بالحيل، بالتحايل عليها، لارتكاب المحرمات، والتنصل على الواجبات، فكون الإنسان يحتال من أجل أن ينصرف الأمور بمقاصدها، وأنت تتعامل مع من لا تخفى عليه خافية، يعلم السر وأخفى؛ لكن إذا وجد معك من له الانصراف بالدليل الشرعي، وليس له من يقوم به سواك حينئذ لا بأس أن تنصرف معه، المبيت بالمزدلفة محل خلاف بين أهل العلم، منهم من يرى أنه ركن من أركان الحج، وهذا معروف عن علقمة والنخعي وبعض السلف لحديث عروة بن المضرس، وسيأتي، ومنهم من يرى أنه سنة كالمبيت في منى، والأكثر على أنه واجب من واجبات الحج، كونه واجب هو القول الوسط، ويدل له الإذن؛ لأن السنة لا يحتاج إلى إذن ولا استئذان، المندوب إذا احتيج إليه لا يحتاج إلى إذن ولا استئذان، والركن لا يؤذن فيه، مهما بلغ العذر، لو أن شخصاً في طريقه إلى عرفة حصل له ما حصل حادث أدخل إلى المستشفى إلى أن انتهى الوقوف، نقول: هذه حاجة؟ هذه ضرورة؛ لكن أدرك الحج وإلا فاته الحج؟ فاته الحج، الركن لا يؤذن فيه، والسنة لا يحتاج إلى إذن ولا استئذان، إذاً المبيت بمزدلفة واجب من واجبات الحج، وهذا هو القول المعتمد، ومن فاته الوقوف بتفريط منه يلزمه عند أهل العلم دم يجبره به، وأما مقداره فمن إمكان الوصول؛ لأن من الناس من لا يصل إلى مزدلفة إلا قرب الفجر، يُلزم بشيء؟ ما يلزم بشيء، ومنهم من يصل إلى المزدلفة بعد غروب الشمس بقليل على كل حال من إمكان الوصول إلى أن يسفر جداً، كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، وإن دفع بعد منتصف الليل، بحيث يمضي غالب الليل فالأمر فيه سعة عند جمع من أهل العلم، ولكن الاقتداء به -عليه الصلاة والسلام-، ومبيته بها من وصوله إلى الإسفار مع قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((خذوا عني مناسككم)) هذا يجعل الأمر مما ينبغي أن يهتم به، ويعتنى به، ومن الناس لا سيما من يرتبط بحملة أو غيرها، تجد صاحب الحملة مجرد ما ينزلون قليلاً يركبهم في السيارات، ويتأهبون للانصراف، مع أنه في الطريق يوجد أناس كثير منهم نايم، ولن يتهيأ، ولن يتيسر له أن ينطلق إلى منى لوجود من في الطريق من النوام وغيرهم؛ لكن بعض الناس يحرص على أن يتخلص من هذه العبادة بأي وسيلة، ليس البر بالإيضاع، الكلام في تطبيق السنة، وأن يأتي بهذه العبادة على وجه كامل بقدر الإمكان، أهل الحملات أحياناً يلزمون من يحج معهم بمثل هذا، تجدهم من صلاة العصر أو من وقت صلاة العصر يبدؤون بركوب الناس وإشغالهم عن أذكارهم بعرفة على ما أشرنا أمس، ثم بعد ذلك يدفعونهم إلى مزدلفة، ثم يشغلونهم قبل منتصف الليل بالركوب، وهذا حصل، يركبون من الساعة الحادي عشرة، وينطلقوا لا يمكن المسير بحال من الأحوال ولا خلال ثلاث ساعات؛ لأن الناس نوام قدامك في الطرق؛ لكن مع ذلك تجد صاحب الحملة يحرص أن تنتهي هذه الحجة بأقرب فرصة، مع أنه لن ينته، يعني هذا نظير الذي يسابق الإمام، هل يمكن أن يسلم قبل الإمام؟ ما يمكن يسلم قبل الإمام، وهذا الذي أركب الناس، والناس نوام قدامه في الطرقات لا يمكن أن ينصرف قبل الناس؛ لكن بعض الناس عنده طبع، طبع في نفسه قبل الموعد المحدد بأوقات لا بد يصير جاهز، وهذا يتعب نفسه، ويتعب غيره، وخير الأمور أوسطها، أيضاً التريث الزائد على المطلوب يفوت كثير من المصالح، فخير الأمور أوسطها.

وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "قال لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس)) رواه الخمسة إلا النسائي، وفيه انقطاع.

وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "أرسل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر، ثم مضت فأفاضت" رواه أبو داود وإسناده على شرط مسلم.

حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- يقول: "قال لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا ترموا الجمرة)) وابن عباس في الحديث السابق الذي يقول فيه: أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعثه في الثقل، أو قال: في الضعفاء من جمع بليل، وهو ما يحتاج إلى عذر، يناهز الاحتلام، يعني شاب قوي نشيط؛ لكن بعثه معهم، وهو ليس من أصحاب الأعذار، ولذا قال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لا ترمي الجمرة حتى تطلع الشمس)) مثل فعله -عليه الصلاة والسلام-، النبي -عليه الصلاة والسلام- ما رمى إلا بعد ما طلعت الشمس، فمثل هذا القوي النشيط يرتكب العزيمة، وليس بحاجة إلى رخصة، على أن في الخبر انقطاعاً؛ لكن له أكثر من طريق، بحيث يصل إلى أن يحكم عليه بأنه صحيح لغيره، فالذي ليس بحاجة إلى رخصة الأولى أنه لا ينصرف قبل الإسفار، ولا يرمي إلا بعد طلوع الشمس كفعله -عليه الصلاة والسلام-، وهنا قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لا ترموا حتى تطلع الشمس)) ومنهم من يحمل هذا النهي على الكراهة، والانتظار إلى طلوع الشمس من باب الاستحباب، بدليل حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: "أرسل النبي -صلى الله عليه وسلم- بأم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر، ثم مضت فأفاضت" فإذا أذن بالانصراف بليل كما هو شأن سودة وأم سلمة، إذا أذن بالانصراف بالليل من مقتضى هذا الانصراف أن تكون التحية بمجرد وصول منى برمي الجمرة، ثم بعد ذلك أفاضت، وعلى هذا من انصرف بعد منتصف الليل، ثم مر بالجمرة فرماها، ثم ذهب إلى البيت فطاف قبل الفجر فعله صحيح أم ليس بصحيح؟ يعني عند من يقول بالانصراف بمضي غالب الليل، فعله صحيح وإلا ليس بصحيح؟ صحيح؛ لأن أم سلمة إسناده على شرط مسلم، رواه أبي داود وإسناده على شرط مسلم، وأنكره الإمام أحمد وغيره؛ لكن يقول البيهقي وغيره: إسناده صحيح لا غبار عليه، إسناده جيد ما فيه إشكال -إن شاء الله تعالى-؛ لكن يبقى أنه بالنسبة لمن له الانصراف، وعرفنا أن من أهل العلم من يرى أنه لا يجوز الانصراف إلا بعد الإسفار، لفعله -عليه الصلاة والسلام-، وقوله: ((خذوا عني مناسككم)) إلا للمعذورين، وقد أذن النبي -عليه الصلاة والسلام- لسودة وغيرها، وممن أذن له أم سلمة، وعرفنا أن المعروف عند الشافعية والحنابلة أن الانصراف بعد منتصف الليل لا إشكال فيه للجميع، فإذا ساغ الانصراف تبعه ما بعده من الأعمال، رمي الجمرة تحية منى، إذا انصرف من منتصف الليل له أن يرمي قبل الفجر، كما فعلت أم سلمة، وله أيضاً أن يطوف قبل الفجر؛ لكن هل له أن ينحر قبل الفجر وإلا لا؟ أنت افترض عندنا أعمال يوم النحر: الرمي والنحر والحلق أو التقصير والطواف، فإذا استصحبنا هذه الأشياء، وأجزنا بعضها قبل الفجر، ثم استصحبنا أيضاً حديث ما سئل عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: ((افعل ولا حرج)) على ما سيأتي شخص انصرف بعد منتصف الليل له أن يرمي قبل الفجر، له أن يطوف قبل الفجر، افترض أن هذا قدم الحلق، أو قدم النحر قبل رمي الجمرة، يعني لو قدم النحر قبل الرمي بعد طلوع الشمس، وبعد صلاة الإمام هذا ما فيه إشكال؛ لكن لو قدم قبل طلوع الفجر هل له ذلك أو ليس له ذلك؟ يعني ما سئل عن شيء قدم ولا أخر.

طالب:.......

طيب أنت الآن المتقرر عند جمع من أهل العلم على حديث عائشة في قصة أم سلمة أن لها أن ترمي قبل الفجر، والرسول -عليه الصلاة والسلام- ما سئل عن شيء قدم، يعني لك أن تقدم النحر قبل الرمي؟ نحرت قبل أن أرمي، قال: ((افعل ولا حرج)) هل يدخل في مثل هذا أو لا يدخل؟

طالب:.......

خلنا نتعامل مع نصوص الآن عندك شيء، أنت افترض مثلاً أن هذه الآلة جيدة، وهذه أجود منها، فجيء بآلة ثالثة صارت أجود من هذه، ألا يمكن أن تقول: أنها أجود من هذه؟ لك أن تقول، هذه رقم واحد اثنين أجود منها، ثلاثة أجود من اثنين، إذاً ثلاثة أجود من واحد، صح وإلا لا؟ الرمي يجوز قبل الفجر، والنحر يجوز تقديمه على الرمي بدليل: ((افعل ولا حرج)) إذاً يجوز النحر قبل...، ما سئل عن شيء قدم ولا أخر في ذلك اليوم إلا قال: ((افعل ولا حرج)) لكن هل المقصود باليوم النهار، أو يبدأ اليوم الشامل لليل والنهار من غروب الشمس؟ الآن الرمي ما هو من أعمال يوم النحر؟ من أعمال يوم النحر، ليلة العيد تابعة ليوم عرفة وإلا تابعة ليوم النحر؟

طالب:.........

هو الأصل، الأصل في أن اليوم الشرعي يبدأ بغروب الشمس؛ لكن هم استثنوا ليلة النحر باعتبار أنه يصح فيها الوقوف، والوقوف لا يصح إلا في يوم عرفة، فقالوا: أن ليلة عيد النحر تابعة ليوم عرفة حكماً، وإلا حقيقة بغروب الشمس يبدأ اليوم، فما سئل عن شيء قدم ولا أخر في ذلك اليوم إلا قال: ((افعل ولا حرج)) يعني من أعمال يوم النحر، فإذا أجزنا الرمي قبل الفجر، وأجزنا في النحر أن يقدم عليه.

طالب:.........

يلزم من هذا جوازه؛ لكن الخلاف في وقت النحر معروف بين أهل العلم، وهو تابع لقاعدة شرعية؛ لأن له سبب وجوب، ووقت وجوب، سبب وجوبه الإحرام بالعمرة في التمتع، أو الإحرام بهما معاً في القران، ووقت وجوبه بعد صلاة العيد كالأضحية، والعبادة إذا كان لها وقت وجوب وسبب وجوب القاعدة أنه لا يجوز فعلها قبلهما، لا يجوز أن تذبح الهدي وتقول: أنا لم أحرم بعد؛ لكن أقدمها وأرتاح منهاـ كما أنه لا يجوز لك أن تدفع كفارة اليمين قبل أن تنعقد اليمين قبل ما تحلف تقول: والله فرصة أنا عندي الآن طعام كثير أوزع كفارات احتمال أني أحلف فيما بعد ولا أجد كفارة، قبل انعقاد السبب لا يجوز اتفاقاً، وبعد السبب والوقت يجوز اتفاقاً؛ لكن الخلاف فيما بينهما، الآن السبب منعقد، والوقت لم يحن، فهل يجوز أن تفعل هذه العبادة بينهما أو لا تجوز؟ افترض أنت حلفت وقلت: والله لا أدخل هذه الدار، رأيت من المصلحة أنك تدخل، ((إني والله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا كفرت عن يميني، وأتيت ما هو خير)) وفي رواية: ((لأتيت الذي هو خير، ثم كفرت عن يميني)) يجوز عند أهل العلم أن تكفر قبل أن تحنث، وهذا من فروع هذه القاعدة، فهل يجوز لك أن تنحر قبل وقت النحر، وألف في هذا رسالة: (القول اليَسِر في جواز نحر الهدي قبل وقت النحر) لكنها رد عليها، ما نحتاج إلى اسمه، رد عليها برسالة اسمها: (إيضاح ما توهمه صاحب اليسر في يسره) على كل حال القول بالجواز هو قول الشافعي، تنحر قبل يوم النحر، ومقتضى القاعدة العامة أنه ما سئل عن شيء قدم ولا أخر، وما دام يجوز تقديم الرمي قبل الفجر إذاً يجوز تقديم الذي يجوز تقديمه عليه، تبعاً للقول العام الشامل على ما سيأتي؛ لكن أهل العلم يقررون أن وقت النحر هو وقت الأضحية، والمسألة ما تسلم من خلاف، ومردها القاعدة التي أوردناها من أرادها يرجع إلى قواعد بن رجب.

طالب:.......

إحنا قلنا لك: إن الشافعية والحنفية أطلقوا أهل الأعذار غيرهم ينصرفون بعد منتصف الليل؛ لأن الحكم للغالب وهم جلسوا غالب الليل، والمكث بعد ذلك مستحب، وعلى كل حال على المسلم أن يعنى بعباداته، وأن يؤديها على الوجه الكامل بقدر الإمكان، وأن يقتدي بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، لا سيما فيما أكد عليه ((خذوا عني مناسككم)) والنبي -عليه الصلاة والسلام- وقف إلى أن أسفر جداً، ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) فالأصل هو القدوة والأسوة -عليه الصلاة والسلام-، فالانصراف وقت انصرافه -عليه الصلاة والسلام- لا يسوغ لا سيما لطلاب العلم الذين هم قدوة للناس وأسوة، يعني إذا لم يقتدِ بالنبي -عليه الصلاة والسلام- أهل العلم وطلاب العلم من يقتدي به، يقول: "أرسل النبي -عليه الصلاة والسلام- بأم سلمة ليلة النحر، فرمت الجمرة قبل الفجر، ثم مضت فأفاضت" رواه أبو داود، وإسناده على شرط مسلم، سيأتي وقت قطع التلبية، وفيه إشكال أيضاً نورده في محله، وله ارتباط بهذا الحديث.

وعن عروة بن مضرس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من شهد صلاتنا هذه -يعني بالمزدلفة- فوقف معنا حتى ندفع، وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه، وقضى تفثه)) رواه الخمسة، وصححه الترمذي وابن خزيمة.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: عن عروة بن مضرس الذي جاء من جبل طي، وذكر أنه أتعب نفسه، وأكل راحلته، ولم يترك جبل إلا وقف عنده، فيسأل هذا حجه صحيح وإلا؟ يقول: فهل لي من حج؟ فقال النبي -عليه الصلاة والسلام- بجواب عام شامل يشمله ويشمل غيره ((من شهد صلاتنا هذه)) صلاة الصبح بالمزدلفة، ((من شهد صلاتنا هذه)) يعني بالمزدلفة ((فوقف معنا حتى ندفع)) إلى هذه الغاية ((وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه، وقضى تفثه)) والحديث مصحح عند أهل العلم، ما ذُكر، الآن عندنا شرط وجزاء من شهد، فوقف إلى هذه الغاية، شهود الصلاة، والانتظار حتى يدفع النبي -عليه الصلاة والسلام- بعد الإسفار مع الوقوف، من فعل هذا فحجه صحيح، فقد تم حجه، مفهومه مفهوم الشرط أن من لم يشهد الصلاة، ولم ينتظر حتى يدفع النبي، أو في وقت دفعه -عليه الصلاة والسلام- وهو الإسفار، أو لم يقف بعرفة قبل ذلك أن حجه صحيح وإلا ليس بصحيح؟ ليس بصحيح، وهذا الحديث حجة من يزعم أن المبيت بمزدلفة ركن من أركان الحج كالوقوف بعرفة، وهو أيضاً حجة من يرى ركنية الصلاة -صلاة الفجر- بالمزدلفة، هذا مفهوم الشرط، ((من شهد صلاتنا، فوقف معنا حتى ندفع، وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه، وقضى تفثه)) هذا مفهوم الشرط، فماذا عن مفهوم الشرط؟ هل هو حجة أو ليس بحجة؟ وماذا عن دلالة الاقتران في مثل هذه الأمور؟ يعني لو قيل مثلاً: شخص أحرم من الميقات، أو قال شخص من أحرم من الميقات، وطاف وسعى وحلق وبات وجمع جميع أفعال الحج، الأركان والواجبات والمستحبات نسقها كلها، عد عشر خصال، منها الأركان، ومنها والواجبات، ومنها المستحبات، فحجه صحيح، هل يفهم من هذا أن من أخل بشيء منها أن حجه ليس بصحيح؟ يعني لو قال قائل: من كبر للإحرام ثم دعا دعاء الاستفتاح، ثم قرأ الفاتحة وسورة بعدها، ثم ركع، ثم رفع، ثم سجد، ثم كذا صلاته صحيحة، هل المفهوم من هذا أنه إذا لم يستفتح صلاته غير صحيحة؟ من لم يقرأ سورة بعد الفاتحة صلاته ليست بصحيحة؟

طالب:.........

نعم هذا نظير ما عندنا، فقد ينسق المستحب على الواجب، وقد يعطف الواجب على الركن، ولذا يرى أهل العلم ضعف دلالة الاقتران، أنتم معي وإلا لا؟ يعني كون الإنسان يعطف أمور: واجبات وأركان ومستحبات، ويبين الهيئة الكاملة للفعل، ويحكم بأن هذا صحيح، هل معنى هذا أنه لو أخل بشيء منه أنه ليس بصحيح؟ ولذا ينازعون في مفهوم الشرط، ويضعفون دلالة الاقتران، الآن التنظير بالصلاة ((من شهد صلاتنا)) يعني الصلاة التنصيص عليها باعتبارها الحد الفاصل لإدراك الحج من عدمه، صلاة الصبح ليلة المزدلفة، أنت افترض أنه جاء قبيل طلوع الصبح ووقف بعرفة، يترتب عليه أن لا يشهد صلاته، تقول: حجه صحيح وإلا ليس بصحيح؟ ((وكان قد وقف قبل ذلك ليلاً أو نهاراً)) بعض الروايات: ((أية ساعة من ليل أو نهار)) يعني أدنى جزء من ليل أو نهار، وأنت افترض أن شخص جاء في آخر جزء من أجزاء الليل، مقتضى الجملة هذه الأخيرة ((وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه)) يريد أن يجعل صلاة الصبح هي الحد الفاصل للإدراك والفوات؛ لأن من لم يدرك صلاة الصبح خلاص فاته الحج، تأملوا في الحديث يا إخوان؛ لأنه من يتمسك به للقول بركنية المبيت بمزدلفة، أو ركنية صلاة الصبح يقول مثل هذا، مفهومه أن من لم يشهد الصلاة، أو يقف معهم حتى يدفعون، هذا مقرون بالوقوف بعرفة، والوقوف بعرفة ركن بالإجماع، إذاً ما ذكر معه ركن مثله، هذه حجة من يقول بالركنية؛ لكن النبي قال: ((من شهد صلاتنا)) باعتبار أن الصلاة هي الحد الفاصل لإدراك الحج من فواته، ((من شهد صلاتنا، وقد وقف قبلها)) يعني قبل الصلاة وقف بعرفة، افترض أنه قبل الصلاة وقف بعرفة بلحظة قبل طلوع الفجر، هل يدرك الصلاة بالمزدلفة معهم؟ لن يدرك الصلاة معهم، لا سيما والنبي -عليه الصلاة والسلام- صلاها في أول وقتها، فدل على أن الحج كما في الحديث الآخر عرفة، والحد الفاصل للإدراك والفوات هو صلاة الصبح، يعني من صلى الصبح وما وقف بعرفة قبل ذلك فاته الحج، أرجو أن يكون الكلام واضح ومفهوم؛ لأن الاستدلال بعضهم يرى فيه قوة بهذا الحديث، فكون الأمور تُذكر، تُبسط العبادة مثلاً إذا قلت مثلاً: إذا أمسك الشخص من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وأدى الصلوات مع الجماعة، ولا كذب، ولا اغتاب، ولا فعل، ولا قال زور صومه صحيح، هل معنى هذا أنه لو أخل بشيء من هذه الأمور أن صيامه غير صحيح؟ لا يلزم، وهذا نظير ما عندنا.

وعن عمر -رضي الله عنه- قال: "إن المشركين كانوا لا يفيضون حتى تطلع الشمس، ويقولون: "أشرق ثبير" وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- خالفهم، ثم أفاض قبل أن تطلع الشمس" رواه البخاري.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن عمر -رضي الله تعالى عنه- قال: إن المشركين كانوا لا يفيضون" يعني من مزدلفة إلى منى "حتى تطلع الشمس" ويقولون مقالتهم: أشرق ثبير، وهو جبل أكبر، أو من أكبر جبال مكة، أشرق ثبير، أمر بالإشراق، ثبير يعني يا ثبير، الزيادة في بعض الروايات: "كي ما نغير" وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- خالفهم فأفاض بعد أن أسفر جداً، ودعا الله، وذكره عند المشعر الحرام امتثالاً للأمر، ومع ذلك خالف المشركين فأفاض قبل أن تطلع الشمس، فيحرص الإنسان على تطبيق السنة بقدر إمكانه؛ لكن لو طلعت الشمس وهو بمزدلفة نظراً لزحام سيارات، المقصود أنه يتهيأ للانصراف قبل طلوع الشمس، ويركب دابته أو سيارته قبل طلوع الشمس، فإذا أعاقه أمر خارج عن إرادته فلا شيء عليه.

قال المصنف -رحمه الله- وعن ابن عباس وأسامة بن زيد -رضي الله عنهم- قالا: "لم يزل النبي -صلى الله عليه وسلم- يلبي حتى رمى جمرة العقبة" رواه البخاري.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن ابن عباس وأسامة بن زيد" ابن عباس هو الفضل، مع أنه إذا أطلق ينصرف إلى عبد الله حبر الأمة، وترجمان القرآن، والمراد به هو الفضل، وأسامة بن زيد وابن عباس يروي عنهما، يروي عن أخيه الفضل وأسامة ابن زيد؛ لأن أسامة كان رديف النبي -عليه الصلاة والسلام- من عرفة إلى مزدلفة، والفضل رديفه من مزدلفة إلى منى -رضي الله عنهم-، الترضي عن أربعة، قالا والرواية عن اثنين، لم يزل النبي -عليه الصلاة والسلام- يلبي حتى رمى جمرة العقبة، رواه البخاري، لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة، استمر في التلبية إلى أن رمى، وهل المقصود برمى شرع أو فرغ؟ قولان لأهل العلم، الأصل في الفعل الفراغ منه؛ لأنه فعل ماضي، يعني هل الفعل الماضي حتى رمى، يعني حتى شرع يقطع التلبية مع بداية الرمي أو في نهايته؟ الفعل محتمِل؛ لأنه جاء الفعل الماضي مع إرادة الفعل، إذا قرأت القرآن، إذا قمتم إلى الصلاة، يعني إذا أردتم قبل وقوعه، ويأتي الفعل الماضي -وقد ذكرنا هذا مراراً- ويراد به الشروع، إذا ركع فاركع، إذا شرع في الركوع، والأصل في الماضي أنه الفراغ منه، يعني بعد فراغه، إذا قلت: جاء زيد، خلاص انتهى جاء، إذا قلت: شربت الماء، تقول: هذا والماء في الكوب أم في جوفك؟ خلاص منتهي، الفراغ من الفعل، هذا الأصل فيه، وهنا حتى رمى جمرة العقبة، هل المراد به شرع بالرمي فيقطع التلبية مع أول حصاة، أو فرغ منه فلا يزال يلبي حتى يفرغ من الرمي؟ على كل حال الجمهور يقولون: يقطع التلبية بالشروع، كما أنه في العمرة يقطع التلبية برؤية البيت، أو بالشروع في الطواف؛ لكن لا يلبي وهو يطوف، وهنا لا يلبي وهو يرمي، وإلى الثاني ذهب أحمد وبعض الشافعية إلى أنه لا يزال يلبي حتى يفرغ من الرمي، ويدل له رواية عند النسائي: "فلم يزل يلبي حتى رمى الجمرة، فلما رجع قطع التلبية" فدل على أنه كان يلبي وهو يرمي، لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة، الذي يبدأ برمي جمرة العقبة من أعمال يوم النحر هذا ما عنده إشكال، ما فيه مشكلة أن الإنسان لا يزال يلبي حتى يرمي؛ لكن افترض المسألة في شخص قدّم، أول ما بدأ بالطواف، ثم الحلق، ولبس ثيابه هل يلبي حتى يرمي جمرة العقبة، أو يقطع التلبية قبل ذلك؟ مقتضى الحديث: "لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة" يعني فيه احتمال أن الإنسان يلبي وعليه ثيابه؟

طالب:.......

ما فيه إشكال؟ الآن هو محرم؟ ما هي التلبية للإحرام؟

طالب:.......

كيف غير متصور؟ الآن طاف وحلق شعره ولبس ثيابه، له أن يلبس الثياب وإلا ليس له؟ له أن يلبس الثياب، مقتضى هذا الحديث أنه لا يزال يلبي وعليه ثيابه حتى يرمي جمرة العقبة؛ لأنه أخر الرمي، الرمي زحام، والبيت ما بعد وصل الناس فاضي، أريد أطوف أول، ثم أحلق، وألبس ثيابي، بعدين أروح وأنا مرتاح أرمي في العصر.

طالب:.......

من أسباب التحلل، أول عمل من أسباب التحلل يقطع التلبية فيه، صحيح وإلا مو صحيح؟ أو لا يزال يلبي حتى يرمي جمرة العقبة؟ لم يزل النبي -صلى الله عليه وسلم- يلبي حتى رمى جمرة العقبة، مقتضاه أنه لا يزال يلبي حتى ولو باشر جميع أسباب التحلل، ما عدا الرمي لا يزال يلبي، ولو كان عليه ثيابه، ومعلوم أن التلبية حال الإحرام، فإذا باشر أسباب التحلل والبدل له حكم المبدل، الأصل أن يبدأ بالرمي فإذا بدأ بالطواف قطع التلبية كالعمرة إذا بدأ بالحلق قطع التلبية.

وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أنه جعل البيت عن يساره، ومنى عن يمينه، ورمى الجمرة بسبع حصيات، وقال: "هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة" متفق عليه.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله تعالى عنه- أنه جعل البيت عن يساره، ومنى عن يمينه" واستقبل إيش؟ نعم استقبل الجمرة، يعني منى عن يمينه، والبيت عن يساره استقبل الجمرة، فرماها بسبع حصيات، هذا فعل ابن مسعود، ورفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- بقوله: "هذا مقام الذي أنزلت علي سورة البقرة" وأنزل عليه غيرها من السور؛ لكن التنصيص على البقرة باعتبار أنها أكثر الأحكام لا سيما أحكام الحج فيها، أو لأهميتها، أو لكونها أطول سورة في القرآن، المقصود أن التنصيص عليها له وجه، "هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة" هل قال أحد بكراهية أن يقول الإنسان: سورة البقرة؟ نعم عرف عن الحجاج وغيره أنهم قالوا بكراهية القول بسورة البقرة، وإنما يقال: السورة التي تذكر فيها البقرة، السورة التي يذكر فيها كذا؛ لكن جاء في النصوص في هذا وغيره، فدل على جوازه، والبخاري رد على من قال بمثل هذا الحديث، أدخل هذا الحديث في الرد على من كره أن يقال: سورة البقرة.

وعن جابر -رضي الله عنه- قال: "رمى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الجمرة يوم النحر ضحى، وأما بعد ذلك فإذا زالت الشمس" رواه مسلم.

نعم هذا وقت الرمي، النبي -عليه الصلاة والسلام- رمى الجمرة يوم النحر ضحىً؛ لأنه مكث عند المشعر حتى أسفر جداً، وطلعت عليه الشمس وهو في الطريق إلى منى، ووصل إلى الجمرة في وقت الضحى فرماها، وأما بعد ذلك في أيام التشريق فالرمي يكون بعد الزوال، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- رمى بعد الزوال، وقال: ((خذوا عني مناسككم)) وكانوا يتحينون الزوال فدل على أنه لا يجوز الرمي قبل الزوال، كانوا يتحينون الزوال، ولو جاز ذلك لفعلوه كما فعلوا في جمرة العقبة، ففعله النبي -عليه الصلاة والسلام-، وتحينوا وتحروه، مع ما يترتب على ذلك من مشقة شديدة، ومع ذلك قال: ((خذوا عني مناسككم)) فلا يجوز الرمي قبل الزوال، والرمي يستمر إلى غروب الشمس عند جمع من أهل العلم، ومنهم من يجعله يستمر حتى ولو دخل الليل لحديث: "رميت بعد ما أمسيت" قال: ((افعل ولا حرج)) (أمسيت) يعني دخل في المساء، كقوله: أظلمت دخلت في الظلام، والمساء يبدأ من زوال الشمس إلى اشتداد الظلام.

وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه كان يرمي الجمرة الدنيا بسبع حصيات يكبر على إثر كل حصاة، ثم يتقدم، ثم يسهل، فيقوم فيستقبل القبلة، فيقوم طويلاً فيدعو ويرفع يديه، ثم يرمي الوسطى، ثم يأخذ ذات الشمال فيسهل، ويقوم مستقبل القبلة، ثم يدعو فيرفع يديه ويقوم طويلاً، ثم يرمي جمرة ذات العقبة من بطن الوادي ولا يقف عندها، ثم ينصرف فيقول: هكذا رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفعله" رواه البخاري.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه كان يرمي الجمرة الدنيا" التي هي الصغرى، "الدنيا مما يلي منى بسبع حصيات يكبر على إثر كل حصاة، ثم يتقدم، ثم يسهل" يعني يصل إلى المكان السهل؛ لأن المنطقة كانت وعرة، فيقصد المكان السهل المريح البعيد عن محل الرمي؛ لئلا يتأذى بازدحام الحجيج؛ لأنه يريد أن يطيل الدعاء، "فيقوم مستقبل القبلة فيقوم طويلاً ويدعو" (طويلاً) وصف دعاؤه ومكثه في هذا الدعاء بأنه قريب من قراءة سورة البقرة، طويل جداً، أطال -عليه الصلاة والسلام- الدعاء، ولذا قال: "فيقوم طويلاً ويدعو ويرفع يديه" في هذا الدعاء "ثم يرمي الوسطى" التي تليها "ثم يأخذ ذات الشمال فيسهل" ويبعد عن مكان الرمي لئلا يصيبه شيء من الحصى أو يتأذى بازدحام الناس "ويقوم فيستقبل القبلة ويقوم طويلاً فيدعو ويرفع يديه" كما فعل بعد الأولى "ثم يرمي جمرة ذات العقبة من بطن الوادي ولا يقف عندها" ولا يدعو بعدها؛ لأن الدعاء القاعدة فيه أنه في أثناء عبادات لا بعدها "ثم ينصرف فيقول: هكذا رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفعله" هو الأصل فعل ابن عمر، ثم يرفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، فكل هذا مستحب الرمي والتكبير مع كل حصاة، والدعاء بعد الأولى والثاني، ورفع اليدين فيه، وإطالة الدعاء، والله المستعان.

والإمام مالك لا يرى رفع الدعاء في هذا الموطن؛ لكن الحديث حجة عليه.

وعنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((اللهم ارحم المحلقين)) قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ قال في الثالثة: ((والمقصرين)) متفق عليه.

وعنه يعني ابن عمر راوي الحديث السابق، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((اللهم ارحم المحلقين)) الذين حلقوا رؤوسهم تعبداً لله -جل وعلا-، ولذا رتب عليه الثواب الناشئ عن هذا الدعاء، قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ في قوله -جل وعلا-: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [(27) سورة الفتح] الواو هذه محلقين ومقصرين معناها؟

طالب: بمعنى (أو).

بمعنى أو التي هي للتنويع والتقسيم، فقسم منكم محلقون، وقسم منكم مقصرون، هذا ما يفهمه جمهور أهل العلم، وعليه هذا الحديث حيث جعل الحجاج والعمار أيضاً على قسمين: قسم محلقون، وقسم مقصرون، ودُعي للمحلقين ثلاثاً، وللمقصرين في الثالثة أو بعد الثالثة على اختلاف الروايات فدل على أن حلق الشعر أفضل من التقصير، وعلى هذا الفهم أن الواو بمعنى (أو) وتأتي الواو بمعنى (أو) وتأتي (أو) بمعنى الواو، ومن معاني (أو) التي الواو هنا بمعناها التقسيم، وهذا ما يفهمه الجمهور؛ لكن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- يرى أن هذه الواو للجمع، وأن من حج أو اعتمر عليه أن يجمع بين الحلق والتقصير، محلقين ومقصرين في آن واحد، وفعل ذلك -رضي الله تعالى عنه وأرضاه- كيف فعل ذلك؟

طالب:.........

لا، حلق رأسه، وقصر من لحيته، أخذ من لحيته ما زاد على القبضة، وهذا فهمه للآية، يعني إذا كان مقتضى العطف الجمع هنا، وأنه لا بد من فعل الأمرين فالحلق هل يتصور أن يقال: أن الحلق للحية والتقصير للرأس؟ ما يتصور، إذاً الحلق للرأس، والتقصير للحية، وهذا فهم فهمه ابن عمر من الآية، وتشبث به بعض الناس، وقصروا من لحاهم اقتداء بابن عمر، وتركاً للنصوص الصحيحة الصريحة الملزمة ((أعفوا)) ((أرخوا)) ((أكرموا)) تعرف قراءته -عليه الصلاة والسلام- باضطراب لحيته، كان كث اللحية، ومع ذلك يتشبثون بمثل هذا، وما الداعي لذلك إلا الهوى، ابن عمر مجتهد، هذا فهم للنص، وهو مأجور على هذا الاجتهاد؛ لكن من دفعه الهوى إلى أن يرجح هذا القول على غيره، ويعارض به النصوص الصحيحة المرفوعة الملزمة من القدوة والأسوة اتباعاً للهوى، مع الأسف أن إذا دخل المقص في اللحية لا شك أنه.. هذه أمثلة كثيرة في الواقع، تجده في أول الأمر ما شاء الله اللحية كثة، ثم بتأثير وضغوط يسميها ضغوط يقتدي بابن عمر هذا في أول الأمر، ثم بعد ذلك طال يمين اللحية، وقصر شمالها، ويواسي ويضبط، ويوظب ثم بعد ذلك يزعم أن القبضة غير قبضة اليد، وهذا قاله كثير ممن اتبع هذه الخطوات، وما حلق المسلمون لحاهم إلا بعد أن قصروها، يعني لو تشوف تواريخ الأمة المسلمة المصورة قبل مائة سنة ما تجد حليق؛ لكن اختلطوا بالأعاجم وبالمستعمرين، واقتدوا بهم، وبحثوا عن الأقوال المرجوحة، وأخذوا يتأولون، وطال اليمين، وقصر الشمال، والعكس وينظم ويوظب على ما يقولون إلى أن تنتهي، حتى وجد من يقول: أن القبضة بالأصبع هكذا، هذا وجد، وتخصصه شرعي، وهذه هي خطوات الشيطان.

 

((اللهم ارحم المحلقين)) قالوا: يا رسول الله، الحلق هو ما يكون بالموس بحيث لا يبقى شيء من الشعر، ولذا المكاين ولو كانت واحد، رقم واحد أو صفر ما دامت الجذور موجودة فهو تقصير، فالحلق إنما يكون بالموس، قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ قال: ((اللهم ارحم المحلقين)) ثم قال: ((اللهم ارحم المحلقين)) وفي الثالثة قال: ((والمقصرين)) عطفاً على المحلقين، بعض الروايات دعا للمحلقين ثلاثاً، ثم قال: ((والمقصرين)) المقصود أن الحلق والتقصير نسك واجب عند جماهير أهل العلم، يجب بتركه دم كسائر الواجبات، ومقتضى اللفظ العموم والشمول، فالحلق لجميع الرأس، والتقصير من جميعه، هذا هو المقتضى، كمسحه في الوضوء، ومنهم من يرى أنه يكفي قياساً على الوضوء حينما قالوا: إن الباء للتبعيض يمسح ما يطلق عليه مسح، منهم من حدده بالربع، ومنهم من حدده بأقل من ذلك، حتى قالوا: ثلاث شعرات، وقال بعضهم: شعرة؛ لكن هل يمكن أن يقال: لغة أو عرفاً أو شرعاً أن من حلق شعرة أو قصر شعرة أو ثلاث شعرات أنه محلق أو مقصر؟ لا يمكن، {مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [(27) سورة الفتح] يعني جميع الشعر، هذا مقتضى اللفظ، والحلق والتقصير واجب من واجبات الحج والعمرة، أيضاً يجب على من تركه دم، بعض الناس ينسى فإذا طاف وسعى لبس ثيابه، ورجع إلى بلده، هذا انتهى وقته يلزمه دم؛ لكن لو ذكر ذلك وهو في مكة بعد ما لبس ثيابه ما عليه إلا أن يخلع الثياب ويلبس الإحرام ويحلق شعره، هذا بالنسبة للرجال، وأما النساء فليس عليهن حلق، إنما هو التقصير، تقصر من كل ظفيرة مقدار أنملة.

"