شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (23)

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، سم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

قال الإمام مسلم -رحمه الله تعالى-: "حدثنا يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك عن ابن شهاب عن سليمان بن يسار عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: كان الفضل بن عباس رديف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجاءته امرأة من خثعم تستفتيه، فجعل الفضل ينظر إليها، وتنظر إليه، فجعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر، قالت: يا رسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً، لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: «نعم» وذلك في حجة الوداع.

حدثني علي بن خشرم قال: أخبرنا عيسى عن ابن جريج عن ابن شهاب قال: حدثنا سليمان بن يسار عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن الفضل أن امرأة من خثعم قالت: يا رسول الله إن أبي شيخ كبير عليه فريضة الله في الحج، وهو لا يستطيع أن يستوي على ظهر بعيره، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «فحجي عنه»".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "حدثنا يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالكٍ عن ابن شهابٍ عن سليمان بن يسار" تقدم الكلام على هؤلاء، وسليمان بن يسار أحد الفقهاء السبعة من التابعين، من فقهاء المدينة "عن عبد الله بن عباس -حبر الأمة، وترجمان القرآن- أنه قال: "كان الفضل" يعني أخاه الفضل بن عباس "رديف رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" رديف يعني وراءه، ركب خلفه على الدابة، وفي هذا جواز الإرداف على الدابة إذا كانت مطيقة لذلك، بحيث تتحمل الإرداف، وهذا أمرٌ ينظر فيه إلى الراكب والمركوب، فإن كان الراكب من وزنٍ يحتمل الإرداف فلا بأس به، وإذا كان المركوب يطيق ذلك..، فبعض الناس تحتمل الدابة منه جمعاً اثنين وثلاثة وأربعة، وبعض الناس لا تحتمله بمفرده، فالمسألة ينظر فيها إلى كل حالة بمفردها، وجُمع من أردف النبي -عليه الصلاة والسلام- فبلغوا نحو الثلاثين، وألف فيهم ابن مندة جزءً، كل هذا يدل على جواز الإرداف، وعلى تواضعه -عليه الصلاة والسلام-، وبعض الناس ينتطي دابة بمفرده أنفةً أن يركب معه أحد، لئلا يظن أن فيه المساواة، ومنهم من يركب السيارة بمفرده، ومنهم من يستقل الطائرة بمفرده، كل هذا من باب الأنفة؛ لئلا يركب مع الناس، أو يُركب معه الناس، والنبي -عليه الصلاة والسلام- ركب على الحمار، أشرف الخلق، وأكرمهم على الله، وأردف وراءه ما يزيد على الثلاثين من صحابته -رضوان الله عليهم-.

"فجاءته امرأةٌ من خثعم تستفتيه" فدل على حرص ذلك الجيل على أمور الدين، وأن المرأة تستفتي فيما ينوبها من الأحكام الشرعية، ولا تترك ذلك كما يفعله كثيرٌ من نساء الوقت، وإن كان الآن ظهر شيء من ذلك من كثرة الاستفتاء لسهولة وسائل الاتصال، يعني المرأة لا يشق عليها أن ترفع التلفون وتستفتي، لكن قبل كان النساء تموت المرأة وحاجتها ومسألتها في صدرها ما تستفتي أحد؛ لأنه يلزم عليها الخروج من بيتها إلى من تستفتيه، هذه خرجت للحج، فجاءت إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- تستفتيه.

"فجعل الفضل ينظر إليها" أمرٌ جبلي، طبع عليه البشر، الرجال فيهم ميلٌ إلى النساء، والنساء فيهن ميلٌ إلى الرجال، "وتنظر إليه" أيضاً، مع أنه لا يجوز شرعاً، فجاء الأمر للرجال والنساء على حدٍ سواء بغض البصر، {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [(30) سورة النــور] {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [(31) سورة النــور] فجعل ينظر إليها وتنظر إليه، وكانت وضيئة، وكان الفضل حسناً جميلاً، فتنظر إليه، وينظر إليها، وهذا لا شك أنه منكر بين يدي الرسول -عليه الصلاة والسلام- فغيره بيده، "فجعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصرف وجه الفضل" لأنه به يتم الإنكار، يعني لئلا يقول قائل: لماذا لم يصرف وجهها؟ إذا صرف وجهه عنه انتهى المنكر، تنظر إلى أي شيء؟

كونها وضيئة كما جاء وصفها في بعض الروايات الصحيحة، وكونه حسن جميل هذا لا شك أن الطباع تميل إلى مثل هذا، والنظر إليه، ووضاءتها تبين من شيء يسير منها، ولو أصبع منها، والمرأة إذا ركبت الدابة مهما احتاطت لنفسها لا بد أن يظهر منها شيء يسير، ولا يقال: إنها كاشفة أو حاسرة عن وجهها أبداً، لا يلزم هذا، وضاءتها تبين من خلال أصبع من أصابعها، ولولا هذا الوصف لقلنا أنه ينظر إلى حجمها، وجرمها وطولها وعرضها، ولا شك أن مثل هذا يستهوي الرجال، والكلام في الحديث طويل يستدل به من يرى جواز كشف الوجه، ولا دليل فيه؛ لأن الوضاءة تبين من أدنى شيء، لا سيما مع ركوب الدابة، على خلاف الوضع الطبيعي للمرأة، يعني الوضع الطبيعي للمرأة أنها لا يرى منها شيء، لكن إذا ركبت، الآن والناس في السيارات التي هي أشبه ما تكون بالغرف لا بد من أن يبين من المرأة شيء، يعني إذا أرادت أن تركب لا بد أن يبين من رجلها شيء، إذا أرادت أن تنزل، إذا أرادت أن تتصرف أي تصرف لا بد أن يبين منها شيء، مهما بالغت في الاحتياط، فهذا على خلاف الأصل، وعلى خلاف العادة، ولا يقرر مثل هذا ما يحصل في مثل هذه الظروف على الأحوال العادية أبداً.

فالمرأة مطالبة بتغطية وجهها، ومن يدعي أن تغطية الوجه خاص بنساء النبي -عليه الصلاة والسلام- فقد ادعى التفريق بين المتماثلات، وزعم أن الشرع يقول بذلك، والشرع لا يأتي بالتفريق بين المتماثلات أبداً، كما أنه لا يجمع بين المختلفات، وإذا كان نساء النبي -عليه الصلاة والسلام- بحاجة إلى التطهير، فنساء المؤمنين، وبنات المؤمنين كذلك، وإلا كان التنصيص على العلة لغواً من الكلام {لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ} [(33) سورة الأحزاب] طيب ونساء المؤمنين لا مانع أن يقترفن الرجس، لسن بحاجة إلى التطهير؟ هن بحاجة إلى التطهير، فالعلة مشتركة بين نساء النبي -عليه الصلاة والسلام- ونساء المؤمنين على حدٍ سواء، كلٌ منهم مطلوبٌ منه اجتناب الرجس، وإذهاب الرجس، والتطهير، فالحكم واحد.

"فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه" سكت النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ تركهم؟ لا، "فجعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصرف وجه الفضل" في بعض الروايات: "فلوى عنق الفضل" وقال له العباس عم النبي -عليه الصلاة والسلام-: "لويت عنق ابن أخيك" هذا إنكار المنكر باليد لمن يستطيع، وهذا هو المتعين على المستطيع «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فمن لم يستطع فبقلبه» النبي -عليه الصلاة والسلام- يستطيع تغيير المنكر بيده فغيره.

طالب:.......

إذا لم يترتب عليه منكر أعظم منه، أيوه.

طالب:.......

يجب عليه، يجب عليه أن يغير بيده.

طالب:.......

لا ما ينتقل، ما يكفي إلا إذا كان باللسان يتغير، إذا كان باللسان يتغير، فالبداءة بالأسهل لا شك أنه مطلوب.

طالب:.......

هو المرتبة الأولى باليد، إذا لم يستطع اليد فباللسان، لكن أحياناً بكل بساطة يستطيع أن يأخذ من ولده الآلة المحرمة، أو الصورة المحرمة ويكسرها، هذا تغيير باليد، ويستطيع ذلك، بل بماله اشتري، اشتري هذا المنكر، لكن إذا قال له: يا بني أتلف الآلة هذه، فجاء إليها وكسرها من باب التمرين على تغيير المنكر.

طالب:.......

يتلفها بيده، بلا شك.

طالب:.......

لا ما يكفي، ما يكفي، إذا كان يستطيع التغيير باليد لا يكفي القول.

طالب:.......

إيه استدلوا بهذا الحديث.

طالب:.......

هذا قيل، وجاء في بعض الروايات ما يدل على أنها جاءت لتعرض نفسها على النبي -عليه الصلاة والسلام- فأبدت شيئاً مما يبين عن وضاءتها هذا قيل به، على كل حال هذا فيه ضعف، فيه أبو معشر نجيح السندي وله وجه، ولعل الفضل حينما نظر إليها لما رأى النبي -عليه الصلاة والسلام- ليس بحاجة إليها، كما في حديث الواهبة: "زوجنيها يا رسول الله إن لم تكن لك بها حاجة" على كل حال قيل بهذا، لكن فيه ضعف، وهو وجيه، لو كان مجرد استنباط لا بأس، لكن جاء من طريق فيه ضعف.

طالب:.......

لا، النظر للمرأة تنظر بكل بساطة وهي متحجبة، تنظر وهي متحجبة، المرأة تنظر وهي متحجبة، يعني ما يبين منها شيء ومع ذلك تنظر، وإلا لكان تكليفها بالحجاب تكليف بما لا يطاق، بالحجاب تمشي وما تشوف ما هو بصحيح، الحجاب ما يمنع نظر المرأة إلى غيرها، وفرق بين الحجاب حينما يكون قريب جداً إلى الوجه وبينه حينما يكون بعيد، حينما يكون قريب لا يحجب ما وراءه، وإذا يكون بعيد يحجب، والتجربة ظاهرة، النساء كلهم يمشون بالحجاب، ويرون الذي أمامهم.

"فجعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر، قالت: "يا رسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً، لا يستطيع أن يثبت على الراحلة" فريضة الله على عباده، الحج فريضة، بل ركن من أركان الإسلام، لكن هل هي فريضة بالنسبة لهذا الرجل أو ليست فريضة؟ الرجل لا يستطيع الرجل بنفسه لا يستطيع، لكنه مستطيع بغيره، فهي فريضة عليه لاستطاعته بغيره، إما بماله أو بولده البار الذي يتبرع بالحج عنه، "إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً" حال كونه شيخاً كبيراً "لا يستطيع أن يثبت على الراحلة" هل مثل هذا يمكن أن يشد على الراحلة؟ يثبت بالشد، لكن هذا تكليف بما لا يطاق، يعني ما هو بمعنى أنه يشد بحزام الأمان، لا، حزام الأمان لا يجدي شيئاً بالنسبة للراحلة، إنما اللي يلزم منه أن يربط مثل تربيط العفش، وهذا يضره، يعني لو قلنا: بالشد ولا يثبت على الراحلة لازم يربط تربيط عفش، علشان ما يطيح، لكن حزام الأمان ما يكفي؛ لأن حزام الأمان فيه شيء من الحرية، ولا يتضرر به مستعمله، ولهذا الذي لا يثبت على الراحلة يسقط عنه الحج، وجوب الحج بنفسه، لكن إن كان مستطيعاً بماله أو بولده المتبرع لا تسقط عنه الفريضة، ولذلك قالت: "إن فريضة الله على عباده أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: «نعم» وذلك في حجة الوداع" قال: «نعم» ففيه دليلٌ على النيابة في الحج، وأنه يقبل النيابة، هذا الركن من أركان الإسلام يقبل النيابة، وفيه أيضاً جواز حج المرأة عن الرجل، خلافاً لمن منع ذلك؛ لأن المرأة يعتريها من النقص من الحج ما لا يعتري الرجل، فعلى هذا لا يصح حج المرأة عن الرجل عند بعضهم، والحديث دليلٌ صحيح صريح في الرد عليهم، فتحج المرأة عن الرجل والرجل عن المرأة.

النيابة في الحج في مثل هذه الصورة لا إشكال في جوازه، غير المستطيع في الفريضة، هذا تقبل النيابة، والنيابة في النصوص ظاهرة، لكن النيابة عن المستطيع، أو النيابة عن المستطيع وغيره في النافلة، يعني مما لم يرد به خبر، هل نقول: ما دام الحج قبل النيابة فليقبل في جميع الصور قياساً على هذه؟ أو نقول: هذا خاص بغير المستطيع العاجز عن تأدية الفريضة وقوفاً مع النص؟ وعلى هذا لا نيابة في النفل، ولا نيابة عن المستطيع، إذا أردنا أن نطبق هذه الأوصاف المذكورة في الحديث، ونقول: إنها أوصاف مؤثرة لها مفهوم، "إن فريضة الله" فقال: «حجي عنه» لو كانت نافلة يقول: حجي وإلا ما يقول؟ "أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يستطيع" لو كان يستطيع يقبل النيابة وإلا لا؟ الفريضة لا تقبل، لكن هل النافلة تقبل وإلا ما تقبل؟ يعني إذا قلنا: أن هذه أوصاف مؤثرة، ولها مفهوم، قلنا: نقتصر على هذه الأوصاف فقط، لكن من أهل العلم يقول: أبداً، ما دامت الفريضة، والركن من أركان الإسلام قبل النيابة، فلأن يقبل النفل من باب أولى، أما المستطيع في الفريضة هذا محل اتفاق، المستطيع في الفريضة محل اتفاق أنه لا يقبل النيابة، المستطيع في النافلة هذا أيضاً محل خلاف بين أهل العلم، المقصود أن مثل هذا ما دام قبل النيابة في الركن من أركان الإسلام، فلأن يقبل في التطوع من باب أولى؛ لأن التطوع أخف من الفريضة.

وذلك في حجة الوداع...

طالب:.......

لا، لا، ما دام جاءت هذه الصورة وغيرها من الصور «حج عن أبيك واعتمر»، وجاء في أيضاً النيابة في أبعاضه، النيابة في أبعاضه جاءت، فمما يدل على أن الأمر فيه شيء من السعة، لا سيما في النفل، النفل ما دام هذه الفريضة التي هي ركن الإسلام، فلا أرى ما يمنع -إن شاء الله تعالى- من قبوله كالصيام، «من مات وعليه صوم صام عنه وليه» وهذا أقرب إلى العبادات البدنية من العبادات التي تقبل النيابة، الصيام، ولذا خصه بعضهم بالنذر لا ما أوجب الله عليه، "وذلك في حجة الوداع" نعم،...

طالب:.......

إن شاء الله، للمستطيع في النفل، ولغير المستطيع مطلقاً.

"وذلك في حجة الوداع" إذا أوصى، ميت وأوصى، في وصيته أن يحج عنه حج الفريضة أيش نقول؟ يحج عنه وإلا ما يحج عنه؟ الذين يقولون: أنه لا يقبل النيابة ما يحج عنه، يعني هذا على خلاف الأصل، قيل: بأن النيابة لا تدخل إلا في مثل هذه الصورة، والأوصاف المذكورة في الحديث أوصاف مؤثرة، قيل بهذا، وأنه لا يقبل النيابة مطلقاً إلا في هذه الصورة المخصوصة، على كل حال الأمر فيه سعة -إن شاء الله تعالى-.

"قال: حدثني علي بن خشرم، قال: أخبرنا عيسى عن ابن جريج عن ابن شهاب قال: حدثنا سليمان بن يسار عن ابن عباس عن الفضل" هناك عن عبد الله بن عباس أنه قال: كان الفضل بن عباس رديف النبي -عليه الصلاة والسلام-، كان الفضل بن عباس، وهنا: عن الفضل أن امرأة، الفرق بين الصيغتين؟ هنا سند معنعن، وهناك سند مؤنن، ولا فرق بينهما عند أهل العلم، وكلهما محمولٌ على الاتصال بالشرطين المعروفين عند أهل العلم، كون الراوي غير معروف بالتدليس، وأن يثبت لقاؤه لمن روى عنه، فلا فرق بينهما.

عن ابن عباس عن الفضل أن امرأة، وهذا ينبني على كون عبد الله بن عباس حضر حجة الوداع، حضر وإلا ما حضر؟

طالب:.......

لما جاء وهم بمنى على الأتان؟ نعم حضر.

"عن الفضل أن امرأة من خثعم قالت: يا رسول الله إن أبي شيخ كبير عليه فريضة الله في الحج" يعني وجبت عليه فريضة الله في الحج، "وهو لا يستطيع أن يستوي على ظهر بعيره، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: «فحجي عنه».

الآن النووي -رحمه الله تعالى- قال: باب الحج عن العاجز لزمانة وهرمٍ ونحوهما أو للموت، كون الإنسان مقعد لا يستطيع أن يحج فهذا يحج عنه، لزمانة الزمِن هو المقعد، أو الهرم كبير لا يستطيع أن يحج بنفسه، ونحوهما أو ميت، وجبت عليه الفريضة، ثم مات قبل أن يؤديها فحينئذٍ يحج عنه من ماله، وجوباً تجب عليه في ماله.

يعني من باب «أنت ومالك لأبيك» يعني بدن..، الولد هل يلزمه أن يحج عن والده وإلا ما يلزمه؟ الولد مستطيع والوالد غير مستطيع هل يجب على الولد أن يحج عن والده؟ وهل يجب عليه إذا مات وليس لديه مال والولد عنده مال أن يحجج عن أبيه؟ هذه فرع عن تلك، لا يجب عليه إلا من باب البر.

طالب:.......

إيه يملكه في حياته، أما بعد وفاته فلا، في حياته يملك أن يأخذ من مال ولده فيحج، ما في ما يمنع «أنت ومالك لأبيك» وجوباً، نعم، وإلا لا يلزمهم إلا من باب البر، لا يجب عليهم إلا من باب البر.

طالب:.......

كذلك.

طالب:.......

المقصود أنه لا يجب عليهم إلا من باب البر، لكن لو كان حي وأخذ منهم له ذلك، لو كان حياً فأخذ منهم ما لا يضر بهم بهذا الشرط ما لا يضر بهم له ذلك، ومن أبر البر بالوالدين أن تسدد ديونهم.

"حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب، وابن أبي عمر جميعاً عن ابن عيينة قال أبو بكر: حدثنا سفيان بن عيينة عن إبراهيم بن عقبة عن كريب مولى ابن عباس عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لقي ركباً بالروحاء فقال: «من القوم؟» قالوا: المسلمون، فقالوا: من أنت؟ قال: «رسول الله» فرفعت إليه امرأة صبياً، فقالت: ألهذا حج؟ قال: «نعم، ولك أجر».

حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء قال: حدثنا أبو أسامة عن سفيان عن محمد بن عقبة عن كريب عن ابن عباس قال: رفعت امرأة صبياً لها فقالت: يا رسول الله ألهذا حج؟ قال: «نعم، ولك أجر».

وحدثني محمد بن المثنى قال: حدثنا عبد الرحمن قال: حدثنا سفيان عن إبراهيم بن عقبة عن كريب أن امرأة رفعت صبياً فقالت: يا رسول الله ألهذا حج؟ قال: «نعم، ولك أجر».

وحدثنا ابن المثنى قال: حدثنا عبد الرحمن قال: حدثنا سفيان عن محمد بن عقبة عن كريب عن ابن عباس بمثله".

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وابن أبي عمر جميعاً عن ابن عيينة، قال أبو بكر: حدثنا سفيان بن عيينة" مثل ما تقدم أنه إذا أعاد واحد من الجماعة، وساق الحديث بإسناده فإنه يكون صاحب اللفظ، هذا هو الغالب، قال: "حدثنا سفيان بن عيينة عن إبراهيم بن عقبة عن كريب مولى ابن عباس، عن ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لقي ركباً بالروحاء، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-" هل هذه رواية يرويها ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ بمعنى أن النبي -عليه الصلاة والسلام- حدثه بهذا الكلام، أو عن قصة النبي -عليه الصلاة والسلام- لما لقي ركباً بالروحاء؟ وتأتي (عن) ويراد بها القصة، تأتي (عن) لا يراد بها التحديث، وإنما يراد بها القصة، عن أبي الأحوص أنه خرج عليه خوارج فقتلوه، هذه رواية وإلا قصة؟ قصة، ما يمكن أن تكون رواية، ما يمكن أن يحدث بعد موته.

"عن النبي -صلى الله عليه وسلم-" يعني أنه "لقي ركباً بالروحاء" الروحاء: مكانٌ على ستةٍ وثلاثين ميلاً من المدينة، كما قال ذلك الإمام مسلم في كتاب الأذان، ستة وثلاثين ميلاً، يعني قريب من ستين كيلو، لقي ركباً بالروحاء، "فقال: «من القوم؟» قالوا: المسلمون" والسؤال عن الشخص أو عن الجماعة سنة، النبي -عليه الصلاة والسلام- يسأل من فلان؟ والصحابة يسألون؛ لكي ينزل المسئول عنه في منزلته اللائقة به، وكم من حرج وقع بسبب ترك السؤال، كم من حرج يقع بسبب ترك السؤال، فيسأل عن الداخل سواءٌ كان واحد أو عن جماعة؛ لأننا أمرنا أن ننزل الناس منازلهم، ويعامل كل إنسان بما يليق به.

"فقال: «من القوم؟» قالوا: المسلمون" يعني هم من المسلمين، وليس كل المسلمين، "فقالوا: من أنت؟" ما عرفوه -عليه الصلاة والسلام-، إما لكونهم بالليل في الظلام، فلم يروا وجهه الشريف -عليه الصلاة والسلام-، أو لكونهم أسلموا في بلدانهم، ولم يهاجروا إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولم يروه قبل ذلك، فما عرفوه، ولذا سألوا عنه "فقالوا: من أنت؟ قال: «رسول الله» -صلى الله عليه وسلم-، "فرفعت إليه امرأة صبياً، فقالت: ألهذا حج؟ قال: «نعم، ولك أجر»".

الآن هذا الصبي أمه أحرمت به أو لم تحرم به؟

طالب: أحرمت به، وسألت عن الأجر.

هل السؤال قبل الإحرام أو بعده؟

طالب:.......

إيه تعدينا الميقات.

طالب:.......

إيه، لكن ألا يحتمل أن هؤلاء الركب بعد الميقات، هي لا يمكن أن تتصرف وتحرم به قبل أن تسأل، طيب لو قال: ما له حج، إيش تبي تسوي؟ الأصل أن يكون السؤال قبل الفعل، هذا الأصل، وأن الإنسان لا يتعبد بشيء إلا على بصيرة، ومعه عليه دليل، تحرم به وتحج به من غير سؤال؟

طالب:.......

لا ما يلزم إذا كان مكانهم الروحاء، يحرمون من مكانهم دون الميقات هم.

طالب:.......

هي محرمة هي، هي تسأل عن الصبي، الآن ما تعرض لها بشيء.

طالب:.......

لا، لا، ما يلزم لا، لا، أبداً ما يلزم، اللي يظهر أن السؤال قبل أن تحرم به، والركب: جمعه راكب كصحب وصاحب، وهم القوم الركبان، يحددونهم بما دون العشرة.

"فرفعت إليه امرأة صبياً، فقالت: ألهذا حج؟ قال: «نعم، ولك أجر»" هذا يدل على صحة حج الصبي الذي لم يبلغ، والصبي يشمل ما كان قبل التمييز، وما بعد التمييز، ما قبل التمييز وما بعده، وبهذا قال جمهور أهل العلم بصحة حج الصبي، وجمهور من قال بصحته قالوا: لا يجزئه عن حجة الإسلام، بل لا بد أن يحج بعد أن يكلف، وشذ قومٌ قالوا: بأنه يجزئه، ولا حظ لهذا القول من النظر، وأيضاً جمهور من قال بصحة حجه قالوا: تترتب عليه الآثار المترتبة على حج الكبير من ترك المحظورات، وما يلزم على فعلها، وقال أبو حنيفة: لا يلزم شيء من مخالفات الصبي؛ لأنه غير مكلف، فلا يلزم عليه فداء ولا كفارات ولا شيء، كما أنه لا تجب عليه الزكاة في ماله، يعني طرداً لمذهبه -رحمه الله-، والجمهور على أنه يلزمه، تلزمه الزكاة في ماله، تجب الزكاة في مال الصبي والمجنون عند الجمهور، وتجب عليه أروش الجنايات والكفارات، المقصود أنه في الحج وما يلتزمه؛ لأنه من باب ربط الأسباب بالمسببات، وليست من باب التكليف، فهي من باب الحكم الوضعي لا الحكم التكليفي، يعني لو أن صبياً كسر آلة لشخص من الأشخاص، وطالبه بقيمتها يلزمه دفعها، فهذا من باب ربط الأسباب بالمسببات.

قال: «نعم، ولك أجر» فحجه صحيح، وتلزمه، ويلزمه ما يلزم الكبير من اجتناب المحظورات، ويحرم له وليه في المال؛ لأنه هو الذي سوف يتولى هذه التبعات، وليه في المال هو الذي يحرم له، وهنا امرأة التي سألت، فتكون وليةً عليه بالوصاية، بالوصاية تكون ولية له.

طالب:.......

هذا قول الحنفية فقط، وإلا من دخل في الحج يلزمه الإتمام.

قال: «ولك أجر» لها أجر باعتبار أنها تعبت على حجه، فلها أجر المشقة اللاحقة بها بسبب حجه، وإدخاله في هذه العبادة، وتحملها المشاق بسببه، فلها أجر، ماذا عن الصبي؟ الصبي له حج، معنى له حج قلنا: إنه لا يجزئه عن حجة الإسلام، وقلنا: إن القلم مرفوعٌ عنه، لكن تكليفه بتبعات المحظورات من باب ربط الأسباب بالمسببات، فهل له أجر؟ الصبي غير المكلف لا يكتب عليه إثم ولا وزر، وهذا أمر متفق عليه، لكن هل له أجر أو ليس له أجر؟ من أهل العلم من يقول: لا له ولا عليه، ما دام ما كلف؛ لأن القلم مرفوعٌ عنه، وإذا رفع القلم إيش معناه؟ معناه ما يكتب شيء، لا في الأجور، ولا في الأوزار، ومنهم من قال: تكتب الحسنات فضلاً من الله -جل وعلا-، ولا يكتب عليه سيئات، فإذا ثبت له أن أجر له حج، هل لوليه في المال أن يصرف هذا الحج لغيره كما يفعله كثير من الناس؟ الآن إذا ركبوا إلى مكة، وأدوا عمرة، أحرموا بالعمرة، فقال الأب: عمرة فلان لوالدي، وفلان لوالدتي، وفلانة لجدتي، وفلان لخالي، يفعلون هذا الناس، يفعلونه، هل معنى كونه له حج يعني أن الحج ما دام هو ما يكتب له ولا عليه هذا الصبي فلا يضيع سدى، لا بد أن نصرفه لشخصٍ ينتفع به من المكلفين، هذه وجهة نظر من يفعل مثل هذا الصنيع، بعض الناس لما يفهم أن الصبي غير مكلف، صبي غير مكلف أيش معنى غير المكلف؟ لم يجر عليه قلم التكليف، فلا يكتب له ولا عليه، وهذا له حج هل هذه الحجة تذهب سدى؟ لا سيما على قول من يقول: إنه لا يكتب له ولا عليه، ليس له أجر، الأجر لأمه، لكن له حج، أيش معنى له حج؟

طالب:.......

الآن الصبي هذا رفع عنه القلم، أيش معنى رفع القلم؟ أنه لا يكتب له شيء، لا ملك اليمين، ولا ملك الشمال، لا ملك الحسنات، ولا ملك السيئات.

طالب:.......

أجر لمن؟

طالب:.......

إذا قلنا: له رجعنا إلى ما استشكلنا.

طالب:.......

الآن بحث ما بعد قررنا شيء، نحن نمشي على خطوة خطوة، علشان تستقر المسألة، الأم لها أجر، وعرفنا لماذا صار لها أجر؟ وليُّ الصبي الذي يحج به، أو يعتمر به له أجر، لكن الصبي له عمرة إذا اعتمر، له حج إذا حج بالنص، أيش معنى له حج وهو مرفوعٌ عنه القلم؟ ورفع القلم يقتضي أن لا يكتب له ولا عليه؛ لأننا لو قلنا: إنه يكتب له أثبتنا عدم رفع القلم.

طالب: صحة وقوع الفعل منه.

يصح لمجرد التمرين، كأمره بالصلاة، هذا قول كثير من أهل العلم أنه لا له ولا عليه؛ لأن القلم مرفوع، وهذا مقتضى رفع القلم، يعني لو قلنا: إنه يكتب له ما قلنا: إنه رفع القلم، هل نقول: إنه يكتب له الحسنات ولا تكتب عليه السيئات كما قال بعضهم؟ أو نقول: لا يكتب له شيء وإنما هذا لمجرد التمرين، كما يؤمر بالصلاة لسبع ويضرب عليها لعشر؟

طالب: تكتب له الحسنات ولا تكتب السيئات

هذا قول، وفضل الله واسع لا يحد، لكن أيش مقتضى رفع القلم؟

طالب:.......

شاب، يعني مكلف، ما هو بطفل ولا صبي.

طالب:.......

أي نشأ من تكليفه، ما يمنع، نبي كلام تلتئم فيه النصوص.

طالب: لما صح وقوع الفعل منه كان الأجر لأمه الذي حجت به، والأجر الذي حصل لأمه من حجه ومن فعله.

ها إيش في يا عمر؟

طالب:.......

مسلم بغير شك.

طالب:.......

يعني كما يؤمر بالصلاة لسبع، ويضرب عليها لعشر، لكن مقتضى كون الصلاة صحيحة من الصبي، والحج صحيح من الصبي هل يترتب عليه ثواب أو لا ثواب له؟ الأجر لأمه، والحج له، وإنما يؤمر به لمجرد التمرين، ولذا الأمر بالأمر هل هو أمرٌ به أو لا؟ «مروا أولادكم بالصلاة لسبع» هذا أمر، وهل هذا الأمر متجه للصبي أو متجه للولي؟ هو متجه للولي بلا شك، الأمر بالأمر متجه للولي، لكن الأمر المباشر؟ الآن عندنا «مروا» يعني يا أيها الولي قل لولدك: صلِ، فأنت مأمور بأن تقول للولد: صلّ، والولد مأمورٌ بقولك: صلّ، فإذا عصى الولد مثلاً ولا صلى هل هو عاصٍ لوليه أو عاصٍ لربه؟ شوية شوية علشان تتقرر المسألة؛ لأن المسألة كبيرة في الأصول، ويبحثونها بقوة، الأمر بالأمر بالشيء، الآن أنت مأمور أن تقول لولدك: صل، «مروا أولادكم بالصلاة» فزيد يجب عليه أن يقول لولده: صلّ، الأمر المتجه إلى الأب الأصل فيه الوجوب أو الاستحباب؟ الوجوب، الأمر الأصل فيه للوجوب، لكن أمر الصبي بقول وليه: صلّ وجوب وإلا استحباب؟

طالب:.......

لأن مثل هذه الصيغة تشتمل على أمرين: أمر من الشارع للأب أن يأمر ولده بالصلاة، فإذا عصى، الشارع ما أمر ولده، إذا عصى الولي لم يأمر ولده فهو عاصٍ لله -جل وعلا-، إذا عصى الولد، قال: صلّ، قال: ما أنا بمصلي، قال: لا، هل يكون عاصياً لله -جل وعلا- أو عاصياً لوالده الذي أمر بأمره؟ الذي أمره بقوله: صل؟ ولذا نتصور مسألة الأمر بالأمر بالشيء هل هو أمرٌ به أو لا؟ وهل يختلف مثل هذا بين مأمور ومأمور أو لا يختلف؟ يعني إذا قلت لولدك الكبير: قل لأخيك يأتي بخبز لنا، إذا قال الأب لولده الأكبر: قل لأخيك الأصغر يجيب لنا خبز، الولد امتثل وقال لأخيه الأصغر: هات لنا خبز، الأصغر ما جاب خبز، هل هو عاصٍ لأبيه أو هو عاصٍ لأخيه الكبير؟

طالب:.......

الظاهر أن المسألة ما تحررت في الأذهان.

طالب: التصور واضح يا شيخ.

إذا تصورنا المسألة، وهي شائكة ما حسموها الكبار ترى، لكن..، ولذا ينبغي أن ينظر إلى كل مسألة بعينها، فإذا كان هذا العمل، هذا الأمر يليق بالصغير له حكم، إذا كان لا يليق به إنما يليق بالكبير له حكم.

طالب:.......

فينظر إلى كل مسألة بحالها، فننظر إلى ما عندنا، الآن الصلاة مثلاً، الصبي غير مكلف، ومرفوع عنه القلم، ولا يأثم إذا عصى هذا الأمر، يأثم وإلا ما يأثم؟ ما يأثم، إنما أمره على سبيل الاستحباب من أجل التمرين، فالأمر بهذا الأمر استحباب وإلا وجوب؟

طالب:.......

طيب «مروا» هذا الأمر للوجوب، أن يأمر الأب ابنه بالصلاة.

طالب: والولد ليس ملزم، ليس مكلف.

لأنه مرفوعٌ عنه القلم.

طالب:.......

طيب، نأتي إلى ما عندنا، هل نقول: إن قولها: ألهذا حج؟ يكون مثل الصلاة من باب التمرين فقط ليس له أجر؟ وإذا كان له أجر..، وإلا خلينا مع الاحتمال الأول أنه ليس له أجر فيه، الأجر للأم، وحجه صحيح للتمرين فقط، ولا يترتب عليه حسنات، هل لوليه الذي تعب عليه أن يصرف هذا الحج الصحيح لمن يقبل الأجر، لجهة قابلة؟ الآن الصبي جهة غير قابلة باعتبار أيش؟ أنه مرفوعٌ عنه القلم، جهة غير قابلة، فهل له أن يصرفه إلى جهة قابلة؟

طالب:.......

لأن المباشر لا يستحق، على هذا القول لا يستحق، إذاً ما دام ليس له أجر فيكيف يهدى هذا الأجر؟ عكس ذلك مسألة إهداء الثواب، شخص يقرأ القرآن وإذا انتهى قال: أجره لوالدي أو لوالديّ، الذي يقول بأن مثل هذا العمل صحيح، ويجوز إهداء القرب والثواب ويصل    هذا ما فيه إشكال، لكن عند من يقول: إنه لا يصل! الأصل قابل والفرع غير قابل، عكس مسألتنا، الأصل غير قابل والفرع قابل.

طالب:.......

ويش المانع؟ اقرأ لوالديك ما يضرك -إن شاء الله-، اقرأ لوالديك -إن شاء الله- ما يضرك، مو بتقرأ قراءة، إذا قرأت لنفسك أنت تقرأ، وثبت لك الثواب، تهدي الثواب لوالديك هذا ما فيه إشكال، أما تقرأ لوالديك هذه المسألة البدعية ندخل بها، أما المسألة مسألة إهداء الثواب مسألة كبيرة، ومختلف فيها اختلاف بين أهل العلم بيِّن.

أنا أتيت بمسألتين متقابلتين، هنا الأصل غير قابل والفرع قابل، وفي مسألة إهداء الثواب عند من يقول: بأنه لا يصل، الأصل قابل والفرع غير قابل، عكس هذه المسألة، نعم يا شيخ.

طالب: أقول: بالنسبة للصغير في الإهداء، في دليل يدل على عدم صحة ذلك، دليل من السنة، النبي -صلى الله عليه وسلم- لما سمع الرجل يلبي عن شبرمة، قال: «من شبرمة؟» قال: أخي، قال: «هل حججت عن نفسك؟» قال: لا، قال: «حج عن نفسك ثم عن شبرمة» الصغير لم يحج عن نفسه حتى الآن حجته...

هو ما حج عن أحد، هو لن يحج عن أحد.

طالب:........

الثواب؟

طالب:إيه هو نفسه.......

لا، لا، مجرد ثواب، ثواب، شخص ما يجب عليه حج أصلاً، مات وهو فقير عاجز عن الحج، هذا شخص ما بعد كلف في الحج...

طالب:.......

خلونا نمشي المسائل على مسألة مسألة، هل نقرر أن له حج، هذا الصبي له حج، فكونه له حج، دعونا من قول: إنه يكتب له الحسنات، إذا كتبت له الحسنات انتهينا منه، لكن على مقتضى رفع القلم عنه أنه لا حسنات ولا سيئات، فما معنى: «ألهذا حج؟ قال: «نعم» لماذا إذا كان لا يقبل هذه العبادة ما تصرف إلى شخص يقبل كما يفعله كثير من الناس الآن؟ ما دام طفل ما جرى عليه القلم، وهذا حجٌ صحيح شرعاً، لماذا لا يصرف ثوابه لجهة قابلة؟ تقبل الثواب؟ يأتي أن الفرع تابع للأصل، فإذا كان الأصل غير قابل، فالفرع من باب أولى، أنه لا أجر له ما دام قررنا أنه ليس له أجر باعتبار أن القلم مرفوعٌ عنه، إذاً ما الذي يهدى لغيره؟ هو ما كتب له ثواب من أجل أن يهدى، وهذا مقتضى قول من يقول: إنه لا أجر ولا وزر على غير المكلف، نعم.

طالب: المسألة فيها عام وخاص رفع القلم هذا عام، له أجر تخصيص.....

لا ما له أجر لو حج، الأجر للأم «ولكِ أجر».

طالب:.......

يعني باعتبار إثبات الحج من لازمه إثبات الأجر، يعني من لازم صحة الحج وقوع الأجر المرتب عليه.

طالب: يا شيخ أعطى واحد حجة، وقال: حج عن نفسك -أعطاه مبلغ من المال- ما يكون له أجر هذا؟

له أجر.

طالب: وذاك؟

لو حج، بس هذا ما رفع عنه القلم، قلم التكليف يجري عليه، يكتب له، ويكتب عليه غير الصبي، أنت تصور شخص حج بمجنون، مرفوع عنه القلم، هل هو مثل الصبي؟ الصبي أثبت الشرع أن له حج، المجنون ليس له حج، لا يصح منه الحج..

طالب:.......

التعب.

طالب: إذاً التعب هو فعل الصبي، حج الصبي فيعود على أمه.

لا، لا، تعبها هي.

طالب: أيضاً يا شيخ من فعل ابنها.

من فعلها بابنها، ما هو من فعله هو، أنت لا تتصور الصبي أبو اثنا عشر سنة يروح ويجي ولا مكلفها شيء، لا، تصور صبي أبو سنة، لها أجر على هذا.

طالب:.......

والله ما يبعد أنه لو أثبتنا صحة العبادة أن نثبت الثواب المرتب عليها، مقتضى ذلك أن نثبت الثواب المرتب عليها.

طالب:.......

لا، لا، لا، ما هو بأجر الولي، الولي يقول: أنا مكلف، ويكتب لي، ويكتب علي، ما أنا بصارف أجري، نبي ها الصبي الذي لا يكتب له ولا عليه ما تروح الحجة سدى.

يعني بالنسبة لإهداء الثواب في قصة لواحد من العباد، وهو ليس من أهل العلم، يختم القرآن كل يوم...

طالب:.......

لحظة خلونا نكمل القصة هذه؛ لأنها تبين بعض الشيء، شخص من العباد يقرأ القرآن كل يوم الختم، وإذا انتهى قال: أجرها وثوابها لوالدي، ومن الغد: لوالدتي، ومن بعده: لجدي فلان، ومن بعده.. إلى آخره، إمام المسجد من أهل العلم، ولا يرى صرف الثواب، قال: ترى عملك هذا بدعة يا أخي، قال: هذا الكلام موجه إلى حكمٍ عدل، إن قبلها عن والدي وإلا رجعت إليّ ما هي بضائعة -إن شاء الله-، يعني إن كان الجد أو الأب جهة قابلة، يعني على القول الآخر الذي يفتى به عند كثيرٍ من الناس أن مثل هذا مقبول، ومعتمد عند الحنابلة وغيرهم، أي عبادة فعلها ثم صرف ثوابها لحيٍ أو ميت وصلت، أو قُربة..، هذا كلام الحنابلة، فهذا ماشي على هذا القول، وإمام المسجد ماشي على القول الآخر، فماذا قال هذا الشخص الكبير سنه، وعابد هو وتوفي -رحمه الله-، قال: الكلام أنا أخاطب حكم عدل، إن كانت الجهة قابلة، المصروف إليها وصلت، وإلا رجعت لي، لن تضيع، فهل يتصور مثل هذا؟ هل الكلام مقبول وإلا غير مقبول؟

طالب:.......

لا، هو باعتبار أنه مشي على قول معتبر عند أهل العلم ما يلام، لكن جوابه لهذا، نقول: إذا كانت الجهة غير قابلة، والقول قول من يعتد به من أهل العلم، وأنت مقتنع بهذا القول صرت مبتدع.

طالب:.......

شوف يا أخي لو كان غير مقبول ممن لا يرى هذا الرأي، يعني لو شخص يرى أنه لا يصل الثواب، الثواب المهدى لا يصل، ثم قال مثل هذا الكلام هذا تردد في النية، وحينئذٍ يكون غير مقبول، لكن شخص يرى القول الآخر ويريد أن يقنع غيره يقبل من هذه الحيثية.

المقصود لعل المتجه من إثبات الحج وأمره بالصلاة، وتحميله المشاق من أجل الصلاة في الأيام الشديدة البرد، والأيام الشديدة الحر أن الله -جل وعلا- لا يخيبه دون ثواب، ولهذا يتجه القول بأنه يثاب على الطاعات، ولا يعاقب على السيئات.

طالب:.......

مدخر، نعم.

طالب:.......

مثله، مثله، نعم.

طالب:.......

والله هو إذا ضمنها لنفسه وأهداها لغيره، الثواب، جاء «لا يصلي أحد عن أحد» تصلي عنه لا، تصوم عنه لا، لكن إذا ملكت الثواب، وحزت عليه، وأهديته هذا قول معتبر عند أهل العلم.

طالب:.......

إذا عمله، واجتهد فيه بشروطه وواجباته وأركانه ويش اللي يمنع؟ هذا مسألة عمل ظاهر، والنتائج عند الله -جل وعلا-، فكأنه مشروط، يعني إن كان هذا العمل مقبولاً فاجعل ثوابه لوالدي.

طالب:.......

بس ما تقرأ للأموات، إهداء الثواب غير القراءة للأموات، مسألة ثانية هذه، يعني مثل تصلي لأبيك؟ ما تصلي، ما يجوز، «لا يصلي أحدٌ عن أحد» لكن مقتضى المذهب عند الحنابلة أنك إذا صليت نافلة، وقلت: اللهم اجعل ثوابها...، الآن العوام إذا قال: لا إله إلا الله، قال: ثوابها لوالدي، فالثواب غير الفعل، لا بد أن نفرق بين هذا وهذا، وهذا قول معتبر عند أهل العلم، عند الحنابلة، وعند الشافعية، وعند جمع غفير من أهل العلم، إهداء الثواب، وهو قول الجمهور.

طالب:.......

الأعمال التي قبلت النيابة...

طالب:.......

شوف الآن الذي ورد فيه النص الدعاء، الصدقة، الحج، الحج والعمرة والصيام، هذه قبلت النيابة...

طالب:.......

لا، لا، الواجب، الواجب بالنذر بعد، المُرجح أنه ما وجب بالنذر، لا بأصل الشرع «من مات وعليه صوم صام عنه وليه» مصروف...

طالب:.......

وأين؟

طالب:.......

هذه من الصدقة، تلحق بالصدقات.

طالب:.......

صيام رمضان، ما يصام، لا لا، يكفر عنه.

طالب: إذا فرط في الصيام في صحته ثم مرض ومات، وقد استطاع الصيام ثم أخر، ثم مرض...

صيام الفرض؟ هذا ما عليه يطعم عنه.

طالب: عليه صيام رمضان ثم أخر ومات....

يجوز له التأخير إلى شعبان.

طالب: لكن ما يصام عنه.

ما يصام عنه، يكفر عنه، إطعام، يطعم عنه، يعني القول المتجه في الحديث: «من مات وعليه صوم صام عن وليه» وهذا ما قرره شيخ الإسلام وابن القيم أنه في النذر؛ لأن ما وجب في أصل الشرع ما يقبل النيابة إلا ما خصه الدليل.

طالب:.......

لا، ما يلزم، لا لا.

طالب:.......

هذا قول أيضاً عند أهل العلم، وهو أحوط بلا شك، وهو أحوط.

طالب:.......

هو أحوط، وقد جاء النهي أنه «لا يصلي أحدٌ عن أحد» ويشمل هذا أصل الصلاة، ويشمل ثوابها أيضاً.

طالب:.......

بالصحابة.

طالب:.......

تصح، على هذا يؤخذ من هذا صحة إمامة الصبي، وصحت صلاته لنفسه، إذاً تصح لغيره، ومن صحت صلاته صحت إمامته.

طالب:.......

صلاته صحيحة بلا شك، وأن من صحت صلاته صحت إمامته.

طالب: مطلقاً يا شيخ؟

وين؟

طالب: من صحت صلاته صحت إمامته.

من صحت صلاته صحت إمامته، أيوه مطلقاً إلا في ما لا...، امرأة برجال، أو شيء من هذا، لا، لكن هم يقولون عند الحنابلة: لا تصح إمامة فاسق مثلاً، الفاسق لا تصح إمامته، والمرجح عند أهل العلم أنه ما دام تصح صلاته لنفسه تصح إمامته.

طالب: ولو أبو سبع سنين؟

ولو صغير، غير مكلف.

طالب:.......

نكرة بلى، متى تعم النكرة؟

طالب:.......

إيه، لكن النكرة متى تكون عامة؟ إذا كانت في سياق: النفي أو نهي أو شرط.

طالب:.......

إيه، لكن النكرة لا تقتضي العموم إلا إذا كانت في سياق النهي أو النفي أو ما يتبع ذلك، هنا ما في شيء، في سياق الإثبات، في سياق الإثبات، لكن لك أن تقول: أنها نكرة في سياق امتنان فتعم، لكن أجر تعم إيش؟ هي ما تعم، هي سيقت لحج هذا الصبي، أجر في مقابل حج هذا الصبي الذي السياق يحدده، ولو قلنا: لك أجر، أيش أجر؟ أجر جهاد بعد، وإلا أجر صيام وإلا أجر صلاة؟ أجر حج يتعلق بهذا الصبي.

طالب:.......

هم أهل العلم ماذا قالوا بالنسبة لأجر الأم، قالوا: أجرها بسبب تعبها على ولدها، وإدخاله في النسك، وحمله إياه، وتكبد المشاق بسببه، يعني ما يدرك معاناة الأم إذا أحرمت بولدها، أنا رأيت واحد من المشايخ في الحرم الناس مجتمعين عليه، لماذا؟ معه صبي عمره ثمان سنوات يبي يطوف نكس، عجز عنه، هذا من المعاناة هذه، يعانون لا سيما في أوقات الزحام، وبعض الأطفال فيهم شر، فمتعبين لآبائهم، فهذا لا شك أن الأجر أعظم، فلها أجر بسبب هذه المشقة، والصبي له حج، ومن لازم كونه له حج أن يكتب له أجر.

طالب: قول المرأة ألهذا أجر؟ أما يشعر الإحرام.......

لا، لا، أصل الإحرام للحج، الإحرام للحج، يعني ألهذا حجٌ فنحرم له؟ وإلا ما له حج نتركه؟

طالب:.......

ما يمنع، ما يمنع، قال: له حج.

طالب:.......

إيه، بسبب حجه.

طالب:.......

لا، ما يمكن أن تقدم بدون دليل، ما تدري، هي تسأل هي، يعني تحرم وهي ما تعرف أن له حج أو ما له حج؟ لا، لا، ما هو من طبعهم، لا، الآن يتصرفون قبل أن يسألون، وإلا قبل ما كان الإنسان يتعبد إلا بدليل، إلى أن كثر المبتدعة والبدع.

طالب:......... صدر النبي -صلى الله عليه وسلم- فلما كان بالروحاء لقي قوم فقال.......

يعني بعد رجوعه من الحج؟ هل يتصور أنها تدخله في الحج، وتحج به وهي لا تدري أن له حج؟

طالب: قد يكون للاطمئنان يا شيخ، هي عملت بعموم النصوص، وأرادت أن تطمئن، كم من إنسان يفعل الشيء ويسأل، ما يلزم يا شيخ أن تكون جاهلة وفاعلة، قد تكون مطمئنة ومتأكدة؛ لأن الرسول يقول: «ولك أجر» لماذا لا يكون «ولك أجر» قد قرر هذا تقريراً وليس...

لا، أما من اللفظ ما يلزم منه هذا، من اللفظ ما يلزم، والأصل أن يكون السؤال قبل الفعل لا سيما وأن هذه عبادة توقيفية، فكيف تقدم من غير سؤال؟

طالب: الذي ما وقف بعرفه....

وما ترك جبل...

طالب: وما ترك جبل ولا وادياً....

احتياط؛ لأن هذا يفوت، شيء يفوت...

طالب:.......

شيء يفوت، لا بد أن يفعل.

طالب: والحج يفوت...

انتهينا، هذه الاحتمالات التي نذكرها قطعتها رواية النسائي وغيره أن السؤال بعد القفول، وإلا مجرد اللفظ ما يلزم منه ذلك، مجرد اللفظ ما يلزم منه.

طالب: سؤال خارج الموضوع هذا في مسألة المسح رجل.. في المغرب، وهو قد توضأ في العصر ومسح  فانتهى المسح المغرب وهو على طهارة فهل يستمر في الصلاة أم....

خلاص، صلي بغير طهارة هو، يصلي بغير طهارة الآن.

طالب:.......

خلاص انتهت الطهارة، يصلي بوضوء ناقص، يصلي بقدمٍ لا مغسولة ولا مأذون بمسحها، كأنه توضأ وضوء ولا غسل رجليه، ولذلك لا نقول: ناقض، انتهاء الوضوء ناقض، ما هو بناقض، نفس الوضوء الذي مسح فيه غير مأذون فيه غير صحيح؛ لأنه وضوء ناقص، الرجل غير مغسولة، والخف غير مأذون بمسحها.

طالب:.......

لا تقل لي فلان، ولا ابن تيمية ولا غيره، أنت تسألني أنا وإلا هم...

طالب:.......

خلاص، شوف اللي تطمئن له وافعله.

طالب:.......

لا، لا، في طواف الصبي، وهذه مسألة يكثر فيها الخطأ لا بد أن يكون البيت عن يساره كالكبير، وأن ما يستطاع أن يفعل به مثل الكبير على الوجه الشرعي لا بد أن يقع، كونه صبي أبو سنة و سنتين، وركعتي الطواف ولا يستطيع أن يؤديها تسقط، لكن ما يستطاع لا بد من فعله.

طالب:إذا أنت ألزمته المحظورات فلماذا لا يؤدي ولي الأمر الركعتين عنه؟

لا، لا، لا يصلي أحد عن أحد.

طالب:.......

يوجه سهل، يحمل على الصدر، وفيه الآن حوامل تحط على...، نشوفها يعني ما يشق.

طالب:.......

كذلك إيه ما في إشكال، لا مجرد وجوده في المطاف ودورانه هذا هو الطواف بنيته، خلينا نكمل يا إخوان ترى صيفنا ولا..، الله المستعان.

طالب:.......

يعني صبي ما يفعل محرمات، يمتثل، يمتثل هو مقدم على المحرم، فرق بين المقدم والغافل، يعني لو قلنا: إن الغافل قلنا: إن كلكم مأجورون على ترك السرقة، لكن ما هي بذهنكم السرقة، لكن هل قال بهذا أحد من أهل العلم؟ ما قال به أحد، لكن مقدم على السرقة فنبه فكف هذا الذي يؤجر عليها، ففرقٌ بين الذاكر للمعصية والتارك لها من أجل الله -جل وعلا- وبين من غفل عنها.

طالب:.......

هذا قول معروف عند أهل العلم، لكن هذا تكليف بما لا يطاق، ما له داعي، لا سيما في أوقات الزحام، لا ما يلزم.

"حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء قال: حدثنا أبو أسامة عن سفيان عن محمد بن عقبة عن كريب عن ابن عباس قال: رفعت امرأة صبياً لها، فقالت: يا رسول الله ألهذا حج؟ قال: «نعم، ولك أجر».

وحدثني محمد بن المثنى قال: حدثنا عبد الرحمن قال: حدثنا سفيان عن إبراهيم بن عقبة عن كريب أن امرأة رفعت صبياً فقالت: يا رسول الله ألهذا حج؟ قال: «نعم، ولك أجر».

وحدثنا ابن المثنى قال: حدثنا عبد الرحمن قال: حدثنا سفيان عن محمد بن عقبة عن كريب عن ابن عباس بمثله".

المقصود أن حج الصبي صحيح، ويلزمه ما يلزم الكبير من اجتناب المحظورات، وفعل ما يستطيعه من المأمورات، ولا يجزئه عن حجة الإسلام، وشذ من قال بذلك، ويلزمه ما يلزم خلافاً لأبي حنيفة -رحمه الله تعالى-، ويلزمه إتمامه كالكبير، ويقع من بعض من يشرف على المكتبات، مكتبات الشباب يقع في بعض المخالفات، يعتمر بهم مثلاً، شباب غير مكلفين، ثم إذا وصل إلى الحرم وجد زحام قال: البسوا ثيابكم ومشينا، حصل كثير هذا، أقول: حصل هذا كثير، وهو ما يدري أنهم ما زالوا محرمين عليهم أن يؤدوا هذه العمرة.

"وحدثني زهير بن حرب قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا الربيع بن مسلم القرشي عن محمد بن زياد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: خطبنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: «أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا» فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟ فسكت حتى قالها ثلاثاً، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لو قلت: نعم لوجبت، ولما استطعتم» ثم قال: «ذروني ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه»".

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وحدثني زهير بن حرب قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا الربيع بن مسلم القرشي عن محمد بن زياد عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: خطبنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: «أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج..»" الشارح يقول: باب فرض الحج مرةً في العمر، «قد فرض الله عليكم الحج..» والحج فريضة من فرائض الإسلام، وركن من أركانه، {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [(97) سورة آل عمران]، وهذا تقدم الكلام فيه، وفي حديث ابن عمر المتفق عليه: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله..» إلى آخره.

"«قد فرض الله عليكم الحج فحجوا»" قوله: «فحجوا» أمرٌ منه -عليه الصلاة والسلام- تأكيداً للأمر الثابت عن الله -جل وعلا-، "فقال رجل" وهو الأقرع بن حابس، "أكل عام يا رسول الله؟" الأقرع تردد في قوله -جل وعلا-: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [(97) سورة آل عمران] المقتضية لفريضة هذا الركن العظيم، هل يلزم من هذا النص، وما جاء في معناه التكرار في كل عام، أو أنه مرة واحدة؟ أم ماذا؟ فقال: «أكل عامٍ يا رسول الله»؟ الصيغة صيغة الأمر هل تقتضي التكرار؟ أو يتأدى الأمر، ويسقط الطلب بمرة واحدة، من أهل العلم من يرى أن الأمر يقتضي التكرار، ومنهم من يرى أنه يسقط الطلب بفعله مرةً واحدة، ومنهم من يتوقف في مثل هذا، ومنهم من يرى أن كل نصٍ له حكمه، فمن النصوص، ومن الأوامر ما يقتضي التكرار بدلائل وقرائن أخرى، ومنها ما لا يقتضي التكرار.

ما دام هذه الاحتمالات موجودة، فلما فرض الله -جل وعلا- الحج، فمثلاً الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام-، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [(56) سورة الأحزاب] الفرض يتأدى بمرة واحدة أو كلما ذكر، امتثال الأمر؟ كلما ذكر، بدلائل أخرى، «البخيل من ذكرت عنده فلم يصلِ عليّ» فدل على أنه يُصلى عليه كلما ذكر -عليه الصلاة والسلام-، ومن الأوامر لا شك أنها تتأدى ويسقط الفرض بها مرة واحدة، ومنها ما يكون متردداً بين هذا وهذا، ويكون الترجيح للدلائل الأخرى، كل هذا يجعل السائل يسأل.

"أكل عامٍ يا رسول الله؟ فسكت حتى قالها ثلاثاً.." سكت النبي -عليه الصلاة والسلام- عن الجواب، لماذا سكت؟

طالب: حتى يأتي الوحي من السماء.

الآن في مناسبات كثيرة يسأل النبي -عليه الصلاة والسلام- ويسكت، أحياناً ينتظر الوحي، وأحياناً...

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

لا هذا حديثنا هذا، أحياناً ينتظر الوحي -عليه الصلاة والسلام-، وأحياناً يضع منهج للمفتين بعده ألا يستعجلوا في الجواب حتى يتأملوا السؤال، وأن العجلة في الجواب مظنة للخطأ في فهم السؤال والإجابة عليه، وبعض من يتصدى للفتوى ما يكمل السؤال أصلاً، ما يكمل السؤال، سائل يسأل يقول: إن ابنه يضربه، وقبل أن يكمل السؤال، قال: نعم التأديب شرعي، وللوالد أن يضرب ولده، وألا يرفع عصاه عنه، هذا جواب؟! سببه أيش؟ العجلة، ما تأمل السؤال، يعني قلب الجواب قلب، يا أخي تأمل، ويش أنت عجلان عليه؟ افهم السؤال، واستفصل إذا كان هناك ما يستدعي الاستفصال، ثم أجب على بينة.

سكت النبي -عليه الصلاة والسلام-، ينتظر وحي؟ لأنه يقول: «لو قلت: نعم لوجبت» الآن ما كان ينتظر وحي، هذا من عنده -عليه الصلاة والسلام-، في مواطن أخرى لا شك أنه ينتظر الجواب، ينتظر الوحي، هنا: «لو قلت: نعم لوجبت» فدل على أن الجواب من عنده -عليه الصلاة والسلام-، ولذا يقولون: النبي -عليه الصلاة والسلام- له أن يجتهد، وهو المؤيد بالوحي، كثير من الأسئلة يسأل عنها فيجيب بالوحي، ويؤيده الوحي، وينزل عليه الوحي، وأحياناً يجيب باجتهاده، وقد يجيب بخلاف الأولى -عليه الصلاة والسلام-، وهذا دليلٌ على أنه يجتهد، يجيب بخلاف الأولى، وحينئذٍ يسدد ويصوب، بل قد يعاتب كما في قصة الأسرى، وهذا لا يحط من منزلته عند ربه، بل هو أشرف الخلق على الإطلاق، وهو أفضل الرسل فضلاً عن غيرهم.

طالب:.......

لا، ما نقول: أخطأ، لا، لا، ما يقول: أخطأ، لماذا؟ لأن كلامه كله وحي، {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [(3، 4) سورة النجم] ما نقول: أخطأ، المسألة تحتمل، المسألة اجتهادية، فقد -وهذا الكثير والغالب- يفتي بالأولى، وبما يوافق ما عند الله -جل وعلا-، وقد يفتي بخلاف الأولى، فيسدد ويصوب، ولا يقر على ذلك، وهذا كله كأمره -عليه الصلاة والسلام- بالاستغفار، يعني توجيه له ولأمته من بعده، توجيه له ولأمته، فحينما يخطئ أو ما... "أستغفر الله، وأتوب إليه" حينما يفتي بخلاف الأولى في مسألة الأسرى هذا يفتح آفاق، ويسلي المفتين من بعده، إذا كان المؤيد بالوحي حصل له مثل هذا، يعني لو لم يحصل مثل هذا للنبي -عليه الصلاة والسلام- لكان المفتي لا سيما صاحب التحري والتثبت الحريص على براءة ذمته يقع في حرجٍ عظيم إذا أخطأ، فيحصل منه ما يحصل من الفتوى بخلاف الأولى، والحكم به، «إنما أنا بشرٌ أحكم على نحو ما أسمع» وأيضاً يسهو في الصلاة، سهى ليسن ويشرع، وأيضاً نام عن صلاة الفجر، وإن كان الأصل فيه أنه تنام عيناه، ولا ينام قلبه، كل هذا فيه تسلية لمن يقوم مقامه من أمته -عليه الصلاة والسلام-، وإذا تصور العباد الحريصون على أداء الصلاة في أوقاتها، لولا أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما صلى صلاة الفجر إلا بعد ما طلعت الشمس، إيش يصير وضعهم؟ يتقطعون أسى وحسرة، لكن لو عرفوا أنه هو المعصوم الذي تنام عينه، ولا ينام قلبه ما أيقضه إلا حر الشمس، هذا فيه تسلية لهم، لكن لا يعني هذا أنه حصلت مرة واحدة أن الإنسان لا يبذل الأسباب، ولا ينفي الموانع، يوجد الموانع، ولا يبذل الأسباب، وينام عن صلاة الفجر يومياً، أو في الأسبوع مرتين ثلاث، نقول: لا يا أخي أنت مفرط آثم بصنيعك هذا، لكن لو حصل لك مرة في الشهر، مرة في السنة لك قدوة، وكل هذا كله تسلية، وهذا كله للتسلية وللتشريع، وهو في حقه أفضل وأولى، حينما سهى أفضل مما لم يسهُ؛ لأنه تشريع، فهو في حقه أكمل، حينما يؤمر بالاستغفار ويستغفر في اليوم أكثر من مائة مرة، وفي المجلس يحفظ عنه أكثر من سبعين مرة، وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، لماذا؟ ليقتدي به خيار الناس فضلاً عن المفرطين في هذا، ولذا لما طلب منه أبو بكر دعاءً يقوله في آخر صلاته، فقال: «قل: ربي إن ظلمت نفسي ظلماً كثيراً» أبو بكر ظلم نفسه ظلماً كثيراً، فكيف بنا؟ لذلك يكون الإنسان في عمله باستمرار يلاحظ مثل هذه المواقف؛ لئلا يعجب بنفسه وبعمله، النفس أمارة، والنية والإخلاص شرود، فلا بد من تعاهده بمثل هذه الأحوال.

فالمقرر عند أهل العلم، وإن كانت المسألة خلافية أنه يجتهد، واجتهاده منزلٌ منزلة الوحي، الوحي إما أن يكون قرآن أو غير قرآن، فاجتهاده وهو كلامه وهو حديثه، لا ينطق عن الهوى {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [(4) سورة النجم] إما باللفظ الإلهي في القرآن، أو بالإقرار الإلهي، فكله وحي، إما باللفظ أو بالإقرار، يعني مثل ما نقول مثلاً: الرؤيا لا يترتب عليها حكم شرعي، لكن رؤيا عبد الله بن زيد في الأذان لماذا رتبنا عليها حكم شرعي؟ اكتسبت الشرعية بإقرار النبي -عليه الصلاة والسلام-، فهي من هذه الوجهة من الوحي.

طالب:.......

لا، الله -جل وعلا- كما جاء في حديث عائشة يحقق له ما يحب -عليه الصلاة والسلام-، كما جاء في حديث عائشة، يحقق له ما يحب، في أمور، بس ترى الوقت تأخرنا قليلاً، وإلا في أشياء تلتحق بهذا، في كلام العباس في استثناء الإذخر، فقال العباس: "إلا الإذخر" فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: «إلا الإذخر» هذا استثناء يسمونه تلقيني، وهل النبي -عليه الصلاة والسلام- في مثل هذه الأمور يقبل التلقين؟ تلقيني وافق الوحي، نزل الوحي بمقتضاه، أو كأن النص جاء مشروطاً، كما قال بعض الشراح بالاستدراك، وهذا غير ظاهر، يعني كون الوحي نزل مباشرة إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- بالاستثناء هذا ظاهر، وهذا يقول به أكثر أهل العلم.

أيضاً مسألة «إنكم تقولون قولاً ما يمنعني من إنكاره إلا الحياء» لما قالت اليهودية لعائشة إنكم تشركون، تقولون: ما شاء الله وشاء محمد، تشركون، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: «إنكم تشركون تقولون: ما شاء الله وشئت، لولا الحياء..» يعني يمنعه من إنكارها الحياء، هل نقول: إن الحياء يمنع النبي -عليه الصلاة والسلام- من الإنكار، ترى النص مشكل، ودقيق جداً، يحتاج إلى فهم وانتباه، ننتبه يا الإخوان؛ لأنه مشكل، ويثار أحياناً، وقل مثل هذا في «أردت أن أنهى عن الغيلة، فإذا فارس والروم يغيلون فلا يضيرهم، أو فلا يضرهم» والآن نشوف الصحف والقنوات تبحث مثل هذه الأمور، فلا بد من بيانها.

واحد يكتب أن الديانة الإسلامية مزيج من الحضارات السابقة، بدليل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- استفاد هذا الحكم من فارس والروم، قالوا، والله بصحفنا كتب هذا، قي الصحف كتب مثل هذا الكلام، لكن كيف نجيب عن هذا؟ الرسول -عليه الصلاة والسلام- أراد أن ينهى عن الغيلة باعتبار أنها مضرة، وضررها ظاهر، لكن مضرة بمن؟ في بيئته -عليه الصلاة والسلام-، وهل الرسول مبعوث لبلاده في الحجاز، أو في نجد أو في غيرها؟ مبعوث إلى العالمين كلهم، وكم نسبة من يسكن الحجاز بالنسبة لفارس والروم، فأراد أن ينهى عنها لضررها، فإذا هي لا ما تأثر، أكثر الناس ما يتضررون بها، فترك النهي عنها؛ لأن أكثر الناس لا يتضرر بها، والحكم للغالب، فكون بعض الناس يتضرر من شيء لا يقتضي النهي العام عنه، يعني كون أهل الحجاز، أو أهل نجد يتضررون بالغيلة، وهي إرضاع الحامل، وعامة الناس دول فارس والروم وأوروبا، والجهات كلها ما تتضرر، الرسول -عليه الصلاة والسلام- بعث للعالمين كلهم، فما ينهى لأن بعض الناس يتضرر، ما ينهى لا لأن أولئك أثروا عليه، لا، العلة، علة النهي أيش هو؟ ما هي؟ الضرر، إذاً الضرر كونه في أناس معينين هل يقتضي أن يعمم الحكم على الجميع؟ لا، يعني كون بعض الناس يتضرر من التمر نقول: حرام التمر، قطاع كبير من الناس يتضرر من التمر، لكن الأصل مباح، لكن من يضره هذا الأمر يمتنع منه، لوجود الضرر، فأراد النبي -عليه الصلاة والسلام- أن ينهى عن الغيلة ظناً منه أن الناس كلهم يتضررون بها، فلما رأى فارس والروم وهم السواد الأعظم ممن على وجه الأرض، ورسالته عالمية للناس كلهم عدل عن هذا؛ لأن العلة غير متحققة.

نعود إلى حديث: «ما شاء الله وشئت» شرك هذا، وأراد النبي -عليه الصلاة والسلام- ينهى عنه، فكان يمنعه منه الحياء، ينهى عنه لا لأنه شرك، أراد النبي -عليه الصلاة والسلام- أن ينهى عنه لا لأنه شرك؛ لأنه لم ينزل عليه فيه وحي، إنما ينهى عنه لأنه مبالغة في تعظيمه، والإنسان سوي الطبع الذي على الفطرة لا شك أنه يحرج من زيادة التعظيم، أي شخص سوي الفطرة يحرج من زيادة التعظيم، فيريد أن ينهى، ولا يريد أن يفعل به مثل هذا، فأراد أن ينهى عن هذا، ومن باب أنه احترامٌ له يمنعه الحياء، يعني لو جاء واحد بيقبل يدك، وهذا ما فعله بك إلا احتراماً لك وتقديراً لك، وأنت تكره هذا الأمر؛ لأنه زيادة، ونفسك تنفر منه، وما عندك نص يحرم، يمنعك الحياء أن تنكر عليه؛ لأنه ما فعله إلا من باب الاحترام، مع أن في نفسك ما فيها من زيادة هذا التعظيم والمبالغة فيه، فيمنعك الحياء أن تنكر عليه، لكن إذا نزل الخبر بالتحريم ما تردد، ولذلك لما قالت اليهودية ما قالت، ونزل الوحي مؤيداً لكلامها ما تردد في بيان أنه شرك، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ والمسألة دقيقة، تحتاج إلى شيء من التأمل، وفيها إشكال كبير، يعني هؤلاء الفسقة الذين يتصيدون مثل هذه الأمور يحتاجون إلى مواجهة، ولا بد من أن توضح مثل هذه الأمور، وإن كان فيها شيء من الخفاء لكن لا بد من توضيحها.

عرفنا أنه منعه الحياء أن ينكر على شخص يريد تقديره وتعظيمه في شيء لم ينزل فيه عليه شيء، وإلا لو نزل عليه وحي ما تردد، لما نزل عليه الوحي ما تردد في الإنكار، وبين أنه شرك، لكن قبل ذلك يريد أن ينكر عليهم؛ لأن نفسه تأبى الزيادة، إحراج، زيادة الإكرام إحراج، هذا الحاصل وإلا ما هو بحاصل؟ إحراج، فكون الإنسان ينفر من هذا الإحراج، ولا ينكر على صاحبه؛ لأنه ما بعثه عليه إلا زيادة التقدير والاحترام.

نعود إلى مسألة تقبل اليد، ومعروف ما صدر فيها من أمر، وأن ولي الأمر منعها بالنسبة له، ثلاثة أحاديث صحيحة تثبتها، وعلى هذا لا شيء فيها، وشيوخنا كلهم يكرونها باعتبار أنها من هذا الباب، أنها زيادة في التعظيم لا لأنها حرام، بل فيها ثلاثة أحاديث صحيحة.

«لو قلت: نعم لوجبت، ولما استطعتم» تصور الآن كم نسبة من يحج من المسلمين؟ إذا قلنا: مليونين بالنسبة لمليار وزيادة، كم؟ اثنين بالألف، لو كان الناس كل هؤلاء المليار يحجوا كل سنة، أو قل: المستطيع منهم مائة مليون مثلاً كلهم يحجون، أي مكانٍ يسعهم، ولذلك قال: «ولما استطعتم» ثم قال: «ذروني» اتركوني، وجاء في الحديث الصحيح: «شر الناس من سأل عن شيء فحرم من أجله» هذا التضييق على الناس بسبب السؤال، أما الآن بعد انقطاع الوحي لا مانع من السؤال؛ لأنه المحظور المرتب على السؤال في حياته -عليه الصلاة والسلام- ارتفع، ولذا جاء النهي عن السؤال في حياته -عليه الصلاة والسلام-، مع أنه جاء في الآية: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ} [(43) سورة النحل] والعلماء سألوا، وفصلوا في المسائل، وشققوها وفرعوها، وليس هذا من التعنت، ولا من التكلف؛ لأن الإشكال وسبب المنع ارتفع.

«ذروني» اتركوني، هذا الفعل جاء فيه الأمر (ذروني) وجاء فيه أيضاً -ومعناه دعوني، وأقصد الفعل المفسر- جاء فيه (دع) الأمر، وجاء فيه: «من لم يدع» وجاء فيه: «لئن لم ينته المنافقون عن ودعهم الجمعات» يعني: تركهم، فجاء فيها الأمر والمضارع والمصدر، وأميت الماضي، وهنا ذر «ذروني» (ولم يذر) يعني لم يدع ولم يترك، لكن هل فيه ذر؟ ذره: يعني اتركه، أو دعه؟

طالب: ذرهم.

ذرهم، نعم، فيه أمر، و(ذروني) أمر، وهل فيه مضارع (من لم يذر)؟

طالب:.......

لا، هم قالوا بالنسبة لـ(وَدَعَ) الماضي من هذه المادة أميت، ما فيه (وَدَعَ)، وأما قراءة: {ما وَدَعَك} فهي شاذة، يعني تركك، «ذروني -يعني اتركوني- ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم».

طالب:.......

نعم، في شيء؟ «ذروني ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم» المسلم مأمور بالسؤال {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ} [(43) سورة النحل] وأيضاً: «ألا سألوا إذ لم يعلموا، فإنما شفاء العيِّ السؤال» فالذي يعرض للمسلم من إشكال في دينه يسأل عنه، وهنا باعتبار أن المترتب على السؤال أمراً شاق، وفيه عنت على الأمة، جاء مثل هذا الكلام، «ذروني ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم» اليهود لما أمروا بذبح البقرة، لو ذهبوا إلى السوق وأول بقرة رأوها اشتروها وذبحوها، انتهى، امتثلوا، لكن سألوا أسئلة حتى ضاق عليهم الأمر، وفي النهاية {فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ} [(71) سورة البقرة] أمة تؤمر بذبح بقرة ما كادوا يفعلون، فرق بين امتثال وامتثال، فرق بين من يؤمر بذبح ولده فيتله للجبين، وبين أمة بكاملها تؤمر بذبح بقرة فذبحوها وما كادوا يفعلون، كل إنسان يجد في نفسه مثل هذا، فإذا كان ينشط للأمر إذا أمر سمع وطاعة وامتثل فيه شبه من أبينا إبراهيم -عليه السلام-، وإذا كان يتثاقل ففيه شبه من الفرقة الثانية.

طالب: الأقرع لو قال: كل عام.......

أكل عامٍ.

طالب: أقول: لو قال لكان السؤال فيه وجيه، وفيه تخفيف على الأمة.......

لأنه سأل عما يقتضي التكرار؛ لأن سؤاله مبطنٌ بما يقتضي التكرار.

طالب: لكن لو قال: عام واحد يا رسول.....

بلا شك نعم.

«فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه» هذه قاعدة عامة وكبرى من قواعد الشريعة، ومن جوامع كلمه -عليه الصلاة والسلام-، وجاء الحديث مقلوباً عند بعض أهل الحديث: «فإذا نهيتكم عن شيء فذروا منه ما استطعتم، وإذا أمرتكم بشيء فافعلوه» جاء مقلوب، لكن صوابه هكذا: «إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه» والمعنى يؤيد هذه الرواية، والتي في الصحيح، الرواية الأخرى ليست في شيء من الصحيحين.

على كل حال هذه القاعدة العامة «إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم» لأن من الأوامر ما لا يستطيعه بعض الناس و{لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [(286) سورة البقرة] من الناس من لا يستطيع الصلاة من قيام، من الناس من لا يستطيع القراءة، من الناس من لا يستطيع الغسل، من الناس من لا يستطيع الوضوء، منهم من لا يستطيع غسل بعض أعضاء الوضوء، المقصود أن من الأوامر ما لا يستطاع، فجاء فيها هذا التخفيف «فأتوا منها ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه» ما في شيء من النواهي لا يستطاع، لا شيء من النواهي؛ لأنها ترك، والترك كلٌ يستطيعه، لكن قد تدع الضرورة إلى ارتكاب شيء من النواهي، قد تدع الضرورة إلى ارتكاب شيء من المنهيات، يضطر إلى أكل الميتة، فأبيح له، رخص له في أكل الميتة، مقابلة الأمر والنهي هنا، وتخفيف الأمر بتعليقه بالاستطاعة، وحسم المنهيات دون تعليق، جعل الجمهور يجعلون ارتكاب المحظور أشد من ترك المأمور، ويؤيده القاعدة العامة عندهم: أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، فارتكاب المحظور أشد من ترك المأمور، وهذا قول الجمهور، ويؤيده هذا الحديث؛ لأن الأمر علق بالاستطاعة، بينما النهي فيه الجزم، ما في تعليق باستطاعة.

شيخ الإسلام يرى عكس هذا، يرى أن ترك المأمور أعظم من ارتكاب المحظور، وحجته في ذلك معصية آدم، ومعصية إبليس، معصية إبليس بترك مأمور بترك السجود، ومعصية آدم بارتكاب محظور الأكل من الشجرة، ولا شك أن معصية إبليس أعظم من معصية آدم، أيُّ القولين أرجح؟

طالب:.......

ينظر إلى كل متقابلين على حدة، إيش معنى هذا الكلام؟ ننظر في المأمور وميزانه في الشرع، وننظر إلى المحظور وأثره في الفاعل وفي غيره، وما ورد فيهما من النصوص، فكم من مأمور أعظم من محظور، كم من ترك مأمور أعظم من ارتكاب محظور، وكم من ارتكاب محظور أعظم من ترك مأمور.

لو مثلنا بمثال وقلنا: الصلاة ركنٌ من أركان الإسلام، الصلاة فعلها ركن من أركان الإسلام، وفعلها في المسجد مع الجماعة واجب، أنت لا تستطيع أن تذهب إلى المسجد إلا مع طريق فيه بغي، وعندها ظالم، تجتاز هذا الطريق، تذهب إلى المسجد لا بد أن تقع على هذه البغي، عندنا ارتكاب محظور، وفعل مأمور، هل تترك الصلاة مع الجماعة أو تترك المحظور؟ تصلي ببيتك أسهل من وقوعك على هذه البغي؟ أو تقول: والله صلاة الجماعة واجبة، وبعض أهل العلم يقول: شرط، وهذه معصية ومكره عليها، ماذا تصنع؟ تصلي ببيتك يا أخي، وحينئذٍ ترك المأمور أسهل من ارتكاب المحظور.

أنت تذهب إلى المسجد لتؤدي الصلاة جماعة واجبة، وفي طريقك شباب يلعبون وتأمرهم ولا يأتمرون، في طريقك منكر لا تستطيع إزالته، تقول: أصلي بالبيت علشان ها اللي يلعبون؟ لا، تصلي مع الجماعة، تأمرهم، تبذل ما في وسعك، وإن لم يتغير المنكر هذا أخف بكثير، فالمسألة مسألة موازنة.

مثلما إذا أمرك أبوك ونهتك أمك، كيف تصنع؟

طالب: أنظر بم أمرني أبي، وعما نهتني أمي.

هم ينهونك عن شيء واحد، الجهة واحدة، قال أبوك: اذهب إلى المحل، قالت أمك: لا تذهب.

طالب: أسالها إيش المانع؟

إيش المانع؟ المانع نهي الوالدة، وأمر الوالد.

طالب: ليش منعتني الوالدة، ما السبب؟

الوالدة افترض أنها مطلقة، ولا تبيك تنفع أبوك، يالله.

طالب:.......

يعني جواب الإمام مالك -رحمه الله- في مثل هذا: "أطع أباك، ولا تعصِ أمك" أجاب وإلا ما أجاب؟ الإمام مالك؟

طالب:.......

يعني احرص أن تسدد وتقارب في مثل هذه الصور، هل يختلف الحكم فيما إذا كانت الأم في ذمة الأب، ويكون أمرها من أمره، وطاعته من طاعتها، أو كانت في غير ذمته، المشاحة إنما تكون في حالة الانفصال؛ لأن أمر الأب نافذ على الولد، وعلى الأم أيضاً إذا كانت في ذمته، أمر الأب نافذ على الجميع، وحينئذٍ يُلحظ الأب في مثل هذا، وترضى الأم أيضاً، ما يكون الإنسان جافي مع أحد من والديه، وعلى الإنسان عموماً أن يسدد ويقارب، وكل مسألة لها حكمها، ما يحكم على الجميع، كل مسألة لها ظروفها، أحياناً تكون حاجة الأم أشد من حاجة الأب في هذا الوقت، فتقدم حاجة الأم، إذا كانت حاجة الأم لا تفوت، بإمكانه أن يذهب إلى المحل، ويخدم أباه في هذا المحل، وإذا انتهى منه قضى حاجة أمه التي لا تفوت، ينظر فيها على حسب المصالح والمفاسد المرتبة عليها، والله أعلم.

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"