بلوغ المرام - كتاب الطهارة (15)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: بلوغ المرام – كتاب الطهارة (15)
الشيخ: عبد الكريم الخضير
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد قال المصنف -رحمه الله تعالى-:
باب: الغسل وحكم الجنب
عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الماء من الماء)) رواه مسلم، وأصله في البخاري.
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل)) متفق عليه، زاد مسلم: ((وإن لم ينزل)).
وعن أم سلمة أن أم سليم وهي امرأة أبي طلحة قالت: يا رسول الله إن الله لا يستحيي من الحق، فهل على المرأة الغسل إذا احتلمت؟ قال: ((نعم، إذا رأت الماء)).. الحديث، متفق عليه.
وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل؟ قال: ((تغتسل)) متفق عليه، زاد مسلم: فقالت أم سليم: وهل يكون هذا؟ قال: ((نعم فمن أين يكون الشبه؟)).
وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يغتسل من أربع: من الجنابة، ويوم الجمعة، ومن الحجامة، ومن غسل الميت، رواه أبو داود، وصححه ابن خزيمة.
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- في قصة ثمامة بن أثال عندما أسلم، وأمره النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يغتسل، رواه عبد الرزاق، وأصله متفق عليه.
وعن أبي سعيد -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((غسل الجمعة واجب على كل محتلم)) أخرجه السبعة.
وعن سمرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل)) رواه الخمسة، وحسنه الترمذي.
وعن علي -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقرئنا القرآن ما لم يكن جنباً، رواه الخمسة، وهذا لفظ الترمذي وحسنه، وصححه ابن حبان.
وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ بينهما وضوءاً)) رواه مسلم، زاد الحاكم: ((فإنه أنشط للعود)).
وللأربعة عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينام وهو جنب من غير أن يمس ماء، وهو معلول.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المصنف -رحمه الله تعالى-:
باب: الغسل وحكم الجنب
الغسل: عندنا الفعل غسل والفعل اغتسل، عندنا غسل مصدره إيش؟ غسل يغسل غسلاً، الغسْل مصدر غسل، واغتسل يغتسل اغتسالاً، إذاً الغُسل ما نوع الاشتقاق؟ هل هو مصدر؟ وإذا قلنا: مصدر قلنا: مصدر لأي شيء؟ هاه؟ عرفنا أن مصدر غسل الغسل، غسل يغسل غسلاً، ومصدر اغتسل اغتسالاً، فالغسل..؛ لأن عندنا غُسل وغَسل وغِسل، فالغَسل مصدر غسل، والغُسل إيش؟ إذا عرفنا أن الاغتسال مصدر اغتسل، والغسل مصدر غسل، إذاً الغُسل؟ إيش؟
طالب:.......
كيف؟
طالب:.......
يعني هو مغسل ثاني لاغتسل، أو اسم مصدر؟ نعم؟ اسم المصدر؟ {وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا} [(17) سورة نوح] هذا إيش؟ مصدر وإلا اسم مصدر؟ اسم مصدر، والمصدر؟ إنباتاً، فمصدر اغتسل: اغتسالاً، والغسل اسم مصدر، فالغُسل والاغتسال بمعنى، وأما الغَسل فهو مصدر غسل، غسلت الثوب غَسلاً، وأما الغِسل فهو ما يجعل مع الماء، يُغسل به، ويغتسل به، فهو غِسل كالصابون والشامبو، والأشنان وغيرها من المواد التي توضع مع الماء يقال لها: غِسل.
"وحكم الجنب" أي الأحكام المتعلقة بمن أصابته جنابة؛ لأن الجنب من أصابته جنابة، وهو ملازم لهذا اللفظ زيد جنب، وهند جنب، والزيدان جنب، والزيدون جنب.. إلى آخره، ومنهم من يطابق على قلة، يقول: جنبان وجنبون، المقصود أن الجنب من أصابته جنابة، وهذا الباب معقود لأحكام الغسل، وما يوجب الغسل، وصفة الغسل، وما يستحب له الغسل، ومن يلزمه الغسل، فهو جنب.
يقول المصنف -رحمه الله تعالى-:
"عن أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الماء من الماء)) رواه مسلم، واصله في البخاري" الماء من الماء، الماء الأول المراد به الماء الذي يغتسل به، الماء الأول الماء المعروف الذي يغتسل به، من الماء الذي هو إيش؟ نعم؟ الذي يخرج، الماء الموجب للاغتسال، سواء كان من الرجل أو من المرأة، الماء من الماء، هذا الحديث يدل بمنطوقه أنه إذا حصل الإنزال سواء كان من الرجل أو من المرأة فإنه حينئذٍ يجب غسل الجسد بالماء، إذا حصل الماء بسبب الإنزال فإنه يجب غسل البدن بالماء، ولذا يقول: ((الماء من الماء)) مفهومه إنه إذا لم يحصل إنزال فإنه حينئذٍ لا غسل، يكفي في ذلك أوله، منطوق الحديث منطوقه أنه إذا حصل الإنزال وجب الاغتسال، ومفهومه أنه إذا لم يحصل الإنزال فإنه لا يجب الاغتسال، والأسلوب أسلوب حصر ((الماء من الماء)) لأن المسند إليه الذي هو المبتدأ معرف ((الماء من الماء)) وهذا أسلوب يقتضي الحصر عند أهل العلم، فلا ماء، يعني لا اغتسال، كأنه قال: لا ماء، يعني لا اغتسال إلا من الماء، من الإنزال، وكان هذا في أول الأمر، كان هذا في أول الأمر، أنه لا اغتسال إلا من الإنزال، ثم بعد ذلك نسخ، وأن الاغتسال يجب بمجرد التقاء الختانين، ولذا جاء الحديث الذي يليه:
"وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل)) متفق عليه، زاد مسلم: ((وإن لم ينزل))" إذا جلس يعني الرجل بين شعبها، يعني شعب المرأة الأربع، ثم جهدها فقد وجب الغسل، متفق عليه، زاد مسلم: ((وان لم ينزل)) هذا الحديث ناسخ للحديث الذي قبله، فالحديث الأول كان في أول الأمر رخصة، كان الحديث في أول الأمر السابق رخصة ((الماء من الماء)) كانت قبل هذا الحديث ((إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل، وإن لم ينزل)) كما في رواية مسلم، وقد بين أهل العلم أن الأول حديث منسوخ والثاني حديث ناسخ، من نص على ذلك جمع من أهل العلم، الترمذي قال: إنه حديث منسوخ، وكان ذلك في أول الأمر، وفي العلل ذكر الحديث قال: وبينا علته في الكتاب، فسمى النسخ علة، النسخ علة أو ليست بعلة؟ نعم؟ الحديث صحيح ما فيه إشكال، لما بين الترمذي في كتابه علة هذا الحديث وهي النسخ، ذكر أنه منسوخ، ثم قال في العلل -علل الجامع-: "وقد بينا علته في الكتاب" فسمى الترمذي النسخ علة، وهل صحيح أن النسخ علة؟ نعم؟ ذكرنا سابقاً أن العلة عبارة عن سبب خفي غامض يقدح في صحة الخبر الذي ظاهره السلامة منها، هذا الأصل في العلة أنها سبب خفي، لكن هذا سبب جلي، يقدح في صحة الخبر، هذا لا يقدح في صحة الخبر، الخبر صحيح، كيف قال الترمذي: إن النسخ علة؟ هاه؟
طالب:.......
نعم علة مؤثرة من حيث عدم العمل بالحديث، فهي تجامع العلة المؤثرة في صحة الخبر بأن كل من الحديث المعل الذي اشتمل على علة مؤثرة لا يعمل بها، والحديث المنسوخ لا يعمل به، وإن كان صحيحاً، فأشبه المعل من هذه الحيثية.
يقول في حديث أبي هريرة: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا جلس))" يعني الرجل، وحذف للعلم به، ((بين شعبها)) الضمائر ضمير المذكر للمذكر، وضمير المؤنث للمؤنث، لو أراد المرأة لقال: إذا جلست بين شعبه، تتغير الضمائر، لكن الجلوس مسند إلى الرجل، إذا جلس يعني الرجل بين شعبها يعني المرأة، الأربع.
الشعب الأربع قيل: هي يداها ورجلاها، وقيل: غير ذلك، فالمقصود أن الكل كناية عن الجماع، ما يحتاج إلى مزيد تفصيل في هذا الباب؛ لأنه واضح، نعم، أقول: ما نحتاج إلى تفصيل، وقد كان الناس يخفى عليهم الشيء الكثير من بداهيات هذا الأمر إلى وقت قريب، ثم جاءت وسائل الشر المقروءة والمسموعة فصار يطلع على مثل هذه الأمور حتى الصبيان، فإلى الله المشتكى، وكان الناس إلى وقت قريب مثل هذه الأمور قبل الدخول بليلة يعرف مثل هذه الأمور، قبل ذلك لا يدري.
النووي -رحمة الله عليه- مكث شهرين يغتسل من قرقرة البطن، يقرأ في كتب الفقه أن الموجب للغسل إيجاب حشفة أصلية في فرج...، فظن هذا هو، قرقرة قال: هذا موجب للغسل، ما يعرفون هذه الأمور، في غفلة تامة عن هذه الأمور، لكن الآن لو تسأل أصغر الصبيان ذكر لك بالتفصيل شيء لا تعرفه، كله بسبب هذه الوسائل الوافدة التي القصد منها والهدف تدمير الأخلاق، وهي من أقوى وسائل الهدم وإفساد البيوت والمجتمعات، من المؤسف والأسف شديد أن بعض الناس ممن يتصف بالعقل، أو يدعي لنفسه العقل يجلب هذه الأمور وهذه الشرور إلى بيته، فيجني على نفسه أولاً، وعلى من تحت يده، وكم مُني الناس بالكوارث والمصائب بسبب اتخاذ هذه الآلات واستعمالها، نسأل الله السلامة والعافية، والغش ظاهر للرعية، فيمن يقتني مثل هذه الآلات، وإن ادعى ما ادعى أنه يراقبها، وأنه يستعملها فيما يباح من أخبار وما أشبه ذلك، لكن حتى الأخبار هل تسلم من الشر؟ من الذي يقدم الأخبار في هذه القنوات؟ من الذي يسلط عليه الضوء في هذه الأخبار من اللقطات، تجد هؤلاء الأشرار يسلطون الأضواء على المومسات الفاتنات، نسأل الله العافية، وتجد الإنسان يزعم أنه ينظر إلى الأخبار، ويستمع الأخبار، ويعتني بالأخبار، وقد أصابته دعوة أم جريج، ينظر في وجوه المومسات صباح مساء، ويظن هذا أمر عادي، ولا يدري كيف أثر هذا الأمر على قلبه وعلى ولده؟ والأسئلة كثيرة، والمصائب كبيرة التي جرتها هذه الآلات، فكم من امرأة تتصل تشتكي زوجها، أنه يمكث الأشهر لا ينام مع امرأته في فراشها، فإذا رأى هذه الصور الفاتنة الماجنة ازدرى زوجته، وزهد بها، وكم من مصيبة وقعت بين الأب وبنته، والابن وأمه، وبين الأخ وأخته، حدث ولا حرج من المصائب والكوارث التي امتلأت بها البيوت، والمعصوم من عصمه الله، والجاني الأول هو المتسبب، ولا يعذر المباشر، على كل حال الذي جرنا إلى هذا أننا لا نحتاج إلى تفصيل معنى ((إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها)) لأن هذا كان غير معروف عند الناس، فيشرح في كتب الحديث، ويوضح ويبين إيش معنى هذا الكلام؟ لأن مثل هذا الكلام وإن كان كلاماً في الأصل قبيح ينبغي أن لا يباح به، إلا أن الحاجة تقتضي ذلك، كيف يبين الحكم الشرعي المستنبط من هذا الحديث والحديث ما فهم أصلاً؟ لا بد منه، لكن في مثل هذه الأوقات كثير من الناس لا يحتاج إلى بيان، يعرفه.
((ثم جهدها)) وهذا كناية عن الجماع، ومعالجة الإيلاج، ((فقد وجب الغسل)) متفق عليه، زاد مسلم: ((وإن لم ينزل)) وهذا الحديث ناسخ للحديث الذي سبقه.
جاء في المسند وغيره عن أبي بن كعب أنه قال: إن الفتيا التي كانوا يقولون: إن الماء من الماء رخصة، كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رخص بها في أول الأمر ثم أمر بالاغتسال بعد، هذا نص على أن هذا الحديث ناسخ للذي قبله، وصححه ابن خزيمة وابن حبان، قال الإسماعيلي: إنه........ على شرط البخاري.
المقصود أنه لم يخالف في هذه المسألة، وأنه يجب الغسل بمجرد الإيلاج، ولو لم يحصل إنزال إلا داود الظاهري، فقال: ((إنما الماء من الماء)) فلا اغتسال إلا بالإنزال.
الحديث الذي يليه:
"وعن أنس -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل، قال: ((تغتسل)) متفق عليه. زاد مسلم: فقالت أم سلمة" أو أم سليم؟ قالت: أم سلمة وإلا أم سليم؟ نعم؟
طالب:.......
نعم؟
طالب:.......
طيب "فقالت أم سلمة: وهل يكون هذا؟ قال: ((نعم، فمن أين يكون الشبْه أو الشبَه؟))" المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل، الرجل يرى في منامه أنه يجامع امرأة كما أن المرأة ترى -وهن شقائق الرجال- ترى أنه يجامعها رجل، في المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل من الاحتلام والاجتماع في المنام، قال: ((تغتسل)) المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل، يعني فما الحكم؟ جاء الجواب منه -عليه الصلاة والسلام- قال: ((تغتسل)) يعني إذا حصل منها كما يحصل من الرجل من احتلام.
وفي الحديث الصحيح: هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ قال: ((نعم إذا رأت الماء)) في اليقظة الاغتسال معلق بمجرد الإيلاج، ولم يحصل إنزال، زاد مسلم: ((وإن لم ينزل)) في المنام؟ الاغتسال معلق بإيش؟ برؤية الماء، بالإنزال، وقد قال بعضهم: إن حديث: ((الماء من الماء)) محمول على الاحتلام؛ لكن جماهير أهل العلم على أنه محمول على اليقظة في أول الأمر، لكنه منسوخ.
"المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل؟ قال: ((تغتسل))" عرفنا أنه مقيد برؤية الماء، ((نعم إذا هي رأت الماء)) والرجل كذلك، لا يغتسل إذا احتلم إلا إذا رأى الماء.
"زاد مسلم: فقالت أم سلمة: وهل يكون هذا؟" تستبعد مثل هذا، نعم الاحتلام في الرجال أكثر منه في النساء؛ لكنه موجود في النساء.
"قالت أم سلمة: وهل يكون هذا؟ قال: ((نعم))" يعني هل ترى المرأة الماء كما يرى الرجل الماء؟ قال: ((فمن أين يكون الشبه؟)) إن المرأة يخرج منها الماء، كما أن الرجل يخرج منه الماء، والشبَه والشِبْه الذي يوجد في المولود المخلوق من هذه العملية عملية التقاء الرجل مع المرأة الشبه حينما يشبه أمه وأخواله، أو يشبه أباه وأعمامه، إذا علا ماء الرجل ماء المرأة أذكر، ويكون أشبه أعمامه، وإذا علا ماء المرأة وسبق ماء المرأة ماء الرجل آنث، وحينئذٍ يشبه أخواله، وليست المسألة باليد، يعني... سواءً تقدم وتأخر، وعلا هذا شيء يملكه الناس؟ لا، القدر إذا كان المكتوب ولد سبق هذا، إذا كان المكتوب أنثى سبق هذا، وإلا إذا كان المسألة سبق، أتأخر وأتقدم، أو تتقدم وهكذا، ما يمكن، هذا ليس بيد الإنسان، فقد يقول قائل: هذا الخبر إيش معناه؟ سبق ماء المرأة سبق علا نزل، إيش؟ إذن الأمر بيد المخلوق، يتأخر فلها أن تتقدم إذا أرادوا الأنثى أو العكس، نقول: لا، هذا ليس باليد، ليس المراد به ما تفهمون.
"وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يغتسل من أربع: من الجنابة" يغتسل من الجنابة، وهذا محل إجماع، ويغتسل أيضاً "يوم الجمعة" لصلاة الجمعة، وسيأتي الكلام فيها، وهل هو واجب أو مستحب؟ "ومن الحجامة" يغتسل من الحجامة "ومن غسل الميت" فالحديث رواه أبو داود، وصححه ابن خزيمة، لكنه ضعيف، نص على ضعفه أبو داود، قال أبو داود: الحديث ضعيف فيه خصال ليس العمل عليها، فالغسل من الجنابة العمل عليه وإلا لا؟ العمل عليه، الغسل يوم الجمعة العمل عليه وإلا ليس عليه العمل؟ عليه العمل، الغسل من الحجامة ما الذي تقدم لنا في الحجامة؟ هاه؟ من نواقض الوضوء؟ نعم؟ نعم؟ إنها لا تنقض الوضوء، فلا توجب الوضوء، فكيف توجب غسلاً؟ قال أبو داود: ضعيف، فيه خصال ليس العمل عليها، من غسل الميت، تقدم لنا الحديث: ((من غسله فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ)) الحديث صحيح وإلا ضعيف؟ ضعيف عند أهل العلم، فالغسل من الجنابة إجماع، والغسل يوم الجمعة جماهير أهل العلم على أنه مستحب، وقيل: بوجوبه، وأما الغسل من الحجامة، ومن تغسيل الميت فلا، هذه التي أشار إليها أبو داود أن فيه خصال ليس العمل عليها، فقال: ليس العمل عليها عند أهل العلم، وهذا كناية عن تضعيفه، فصرح بالتضعيف.
"وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- في قصة ثمامة بن أثال عندما أسلم وأمره النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يغتسل، رواه عبد الرزاق" وأصله متفق عليه، قصة ثمامة بن أثال لما جاء وهو مشرك فربطه النبي -عليه الصلاة والسلام- في المسجد، ثم لما أسلم انطلق إلى حائط فاغتسل، لكن هل كان غسله بأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- أو باجتهاد منه؟ هنا في رواية عبد الرزاق: أمره النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يغتسل، إذاً كيف في الرواية في الرواية الأخرى انطلق إلى حائط فاغتسل؟ كونه انطلق إلى حائط هذا يعني أنه اجتهاداً منه، أو أنه امتثال لهذا الأمر؟ نعم؟ امتثال لهذا الأمر، فالغسل من موجبات الغسل الإسلام، فإذا أسلم الرجل بعد أن كان كافراً عليه أن يغتسل؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر ثمامة أن يغتسل، فيأتي أو سيأتي في أبواب المساجد أن النبي -عليه الصلاة والسلام- بعث خيلاً فجاءت برجل، الذي هو ثمامة، فربطوه في سارية من سواري المسجد، الحديث متفق عليه، يعني أصل القصة متفق عليها، لكن أمره -عليه الصلاة والسلام- لثمامة أن يغتسل هذا عند عبد الرزاق فقط، ولذا اختلف العلماء في الغسل بعد الإسلام، هل هو واجب أو ليس بواجب؟ فمنهم من يقول: إنه واجب مطلقاً، ولو لم يصب ما يوجب الغسل قبل إسلامه، فالإسلام بمجرده موجب للغسل؛ لأنه هنا رتب الأمر بالغسل على إسلامه، أسلم فأمره النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يغتسل، ومنهم من يقول: إن كان قد أصابته جنابة قبل أن يسلم فعليه أن يغتسل سواء كان اغتسل قبل إسلامه أولم يغتسل؟ لأن الغسل لا بد له من نية، وغسله قبل إسلامه ليس بالصحيح، لتخلف شرطه، فالكافر لا نية له ولا طهور، وعلى كل حال المرجح أن من أسلم يأمر بالاغتسال سواء كان ممن أصابته الجنابة أو لم تصبه بهذا الحديث.
أخرج أبو داود من حديث قيس بن عاصم، قال: أتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أريد الإسلام، فأمرني أن أغتسل بماء وسدر، وأخرجه أيضاً الترمذي والنسائي بنحوه، على كل حال أمر من أسلم أن يغتسل هذا لا إشكال فيه، فعلى هذا كل من أسلم يؤمر بالاغتسال، هذا من أسلم بعد أن كان كافراً.
وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((غسل الجمعة واجب على كل محتلم)) أخرجه السبعة، المراد بالسبعة؟ البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد، سبعة ((غسل الجمعة واجب على كل محتلم)) واجب إيش معنى واجب؟ الواجب في الاصطلاح؟ نعم؟ ما يثاب فاعله امتثالاً، ويعاقب تاركه، هناك ألقاب وإطلاقات شرعية وألفاظ اصطلاحية، فهل يتفق الاصطلاح الآن مع مراد الشارع من هذه اللفظة أو لا؟ ((غسل الجمعة واجب)) الواجب عند أهل الاصطلاح، الذي استقر عليه الاصطلاح أنه ما يثاب فاعله امتثالاً، ويعاقب تاركه، هذا الذي اتفق عليه الاصطلاح، والسنة ما يثاب فاعلها امتثالاً، ولا يعاقب تاركها، مع أنه جاء إطلاق السنة في النصوص ويراد بها الواجب؛ لأن الصلاة من سنن الهدى، هل يستطيع أحد أن يقول: إن الصلاة لا يأثم تاركها؛ لأنها من سنن الهدى؟ نعم؟ المكروه الذي استقر عليه الاصطلاح عند المتأخرين: أنه ما يثاب تاركه، ولا يعاقب فاعله، جاء في النصوص ما يدل على أن من فعل المكروه معاقب، فهناك إطلاقات شرعية، وإطلاقات اصطلاحية، قد يستقر الاصطلاح على غير ما جاء به النصوص، فالمكروه جاء في النصوص ويراد به أنه المحرم المجزوم تحريمه، جاء في سورة الإسراء {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيٍّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا} [(38) سورة الإسراء] بعد أن عدد الكثير من المحرمات، المقطوع بتحريمها، فلا شك أن توافق الاصطلاح مع مراد الشارع هذا هو الأصل، وينبغي أن تقنن هذه الاصطلاحات، وتسير حسب ألفاظ الشارع، كل ما قرب الاصطلاح من إطلاق الشرع هذا هو الأصل؛ لأن هذه الاصطلاحات إنما هي في عرف المتشرعة، وإلا فما معنى أن يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((غسل الجمعة واجب)) والجمهور يقولون: ليس بواجب، ما معنى قول ابن عمر: "فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر من رمضان" والحنفية يقولون: زكاة الفطر ليست بواجبة، هل هذا عناد؟ أو نقول: اصطلاحات ولا مشاحة في الاصطلاح؟ نعم؟ هل نقول: هذه محادة ظاهرة؟ ابن عمر يقول: "فرض رسول الله" وأنتم تقولون: ليس بفرض؟ الرسول يقول: ((غسل الجمعة واجب)) والجمهور يقولون: ليس بواجب؟ أو أن للوجب معنى غير ما يتضمنه الاصطلاح؟ وللفرضية معنى غير ما يتضمنه الاصطلاح عندهم فلا اختلاف؟
الطالب:......
إيه نعم، لا أنا قصدي اللفظة، استعمال الوجوب على لسان الشرع، واستعماله في الاصطلاح، واستعمال الفرض في لسان الشرع، وعدم استعماله في الاصطلاح، هل نقول: إن هذه محادة؟ الجمهور يقولون: غسل الجمعة ليس بواجب، الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((غسل الجمعة واجب)) نعم؟ الآن إذا اختلف الفهم على مورد واحد، الإبل وش تسمي العرب ألوانها؟ نعم؟ اللون الكثيف هذا وش يسمونه الناس؟ نعم؟ اللون العادي، الأسود وش يسمونه؟ اللون الأسود في الإبل مثلاً؟ أملح، وش معنى أملح؟ لو قال: لا يا أخي هذا ليس بأملح هذا أسود، والنبي -عليه الصلاة والسلام- ضحى بكبشين أقرنين أملحين، يقول: لا ما هو أملح هذا أسود، نقول: كلامك صحيح وإلا غير صحيح؟ نعم؟ ما معنا أحد يعرف من الإبل ألوانها، اللون المعروف هذا الكثير ذا؟ هاه؟ الظاهر ما عندنا أحد....
أنا أقول: اللون اللي في مثل هذا في البهائم أسود، يقال: أملح، أملح بعيد كل البعد عن لون الملح، الملح أبيض وهذا أسود،...... يقول: لا أنا ما أقول: أملح، أقول: أسود، يصير كلامه صحيح وإلا ليس بصحيح؟ نعم؟ وراء ما هو بصحيح؟ أسود، في أحد يخالف أن هذا أسود؟ نعم؟ الملح أبيض نعم، لكن أنت تقول لي: هذا أملح، أقول لك: لا أسود صحيح وإلا لا؟ نعم؟ يا أخي لو رأيت بعير باللون العادي مثل لون الباب ذا، وقلت له أنت: هذا اللون الذي يعرفه الناس، الذي ما وجدنا أحد.......... إلى الآن، وقلت له: لا ما هو بهذا اللون، هذا لونه بيج، وش يقول؟ نعم؟ وش نريد أن نقرر؟ نقرر أن حقيقة....... المورد الواحد قد تختلف فيه الاصطلاحات والأعراف، كلمة واجب في لغة العرب وعلى لسان الشرع أعم مما خصه جل الاصطلاحيين، إذا قلت مثلاً: حقك واجب علي، طاعتك فرض علي، وش معنى هذا؟ معنى هذا أنك تأثم إذا عصيته، وهو زميلك مثلك؟ يعني أن حقك متحتم علي، وهو عندي بمنزلة الفرض، الذي لا أستطيع أن أتنصل عنه، وهنا جمهور أهل العلم ليس من باب المعاندة، ولا من باب المحادة، الرسول يقول: واجب وأنتم تقولون: مستحب، لأن لفظ الواجب في لغة العرب، وفي عرف الشارع أوسع من الاصطلاح الذي أستقر عند أهل العلم، ولذا جاء في الحديث الذي يليه: ((واجب على كل محتلم)) وش معنى محتلم؟ ((غسل الجمعة واجب على كل محتلم)) يعني بالغ، أو المحتلم من احتلم وأصابته جنابة؟ ممكن؟ يمكن أن نقول: المحتلم من أصابته جنابة؟ من احتلم؟ أو مثل ما قلنا في ((لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار)) يعني من بلغت المحيض؟ وهنا من بلغ الاحتلام، وإلا إذا قلنا: إن غسل الجمعة واجب على كل محتلم، من احتلم بالفعل أي أصابته جنابة، صار الحديث لاغي ما له قيمة، الحديث ما له قيمة لاغي، نعرف الحكم من غير هذا الحديث، نصوص كثيرة تؤكد هذا الكلام من غير ورود هذا الحديث، وكون الحديث مؤسس لحكم جديد أولى من كونه مؤكد لأحكام سابقة، جاء الحديث الذي يليه في الكتاب:
"عن سمرة بن جندب -رضي الله عنه- قال، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت))" فبها يعني السنة أخذ، ونعمت السنة ((ومن اغتسل فالغسل أفضل)) يدل على إيش؟
الطالب:......
على الاستحباب، وهذا عمدة الجمهور في حمل الحديث الأول على الاستحباب المتأكد، وأنه لا يؤثم تاركه، وأن الشرع استعمل الوجوب في أعم من الاصطلاح، قول جمهور أهل العلم أن غسل يوم الجمعة مستحب، جاء عثمان -رضي الله عنه- وعمر يخطب، والقصة في الصحيح، انتقده عمر، متأخر، عثمان مشهود له بالجنة، وقدم رأس في الإسلام، وقدوة، إذا رآه الناس يقولون: عثمان ما جاء إلا مع الخطبة، أو بعد الخطبة، عمر استنكر عليه، بين أنه ما أن توضأ وحضر، يعني أدرك الوضوء وجاء، يعني ما اغتسل، فقال عمر: والوضوء أيضاً؟ يعني مع ذلك ما اغتسلت؟ ولم يقول له عمر: ارجع فاغتسل، فهذا الفعل من عثمان والإقرار من عمر بمحضر الصحابة يدل على أن الغسل ليس بواجب، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ مع الحديث: ((من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل)) وعلى كل حال قول جمهور أهل العلم على أن الغسل سنة مؤكدة لصلاة الجمعة، ومنهم من يحمل الحديث السابق ((غسل الجمعة واجب)) على ما كان عليه الأمر في أول الإسلام، قبل أن يوسع على الناس، كانوا يلبسون الثياب من الصوف، والصوف إذا أصابه البلل والعرق صارت له روائح كريهة، فأمروا وأكد عليهم في الغسل، لما وسع على الناس صاروا يلبسون الأنواع الثانية من الألبسة، وخفت هذه الروائح، من توضأ فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل، وكأن رأي الإمام مالك ممزوج من هذا كله، أنه يلزم أهل الحرف والمهن ومن تنبعث روائح كريهة يلزمه الغسل، يجب عليه أن يغتسل دون غيره.
وأما ابن القيم فقد أكد على تأكد الغسل، وإن لم يصرح بوجوبه، إنما قال: الأمر بالغسل يوم الجمعة مؤكد جداً، يعني كأنه يقرب من الوجوب، فلم يصرح بالوجوب، ووجوبه أقوى من وجوب الوتر يعني عند من يقول بوجوب الغسل كالحنفية، مع أنه جاء الأمر: ((أوتروا يا أهل القرآن)) وأقوى من قراءة البسملة في الصلاة يعني عند الشافعية، ووجوب الوضوء من مس النساء إما مطلقاً عند الشافعية، أو مع شهوة عند الحنابلة، ووجوبه لمس الذكر كما يقول الحنابلة على ما تقدم، ووجوبه من القهقهة في الصلاة كما يقول الحنفية، عند الحنفية القهقهة مبطلة للوضوء، ومن الرعاف، ومن الحجامة وغيره، المقصود أن ابن القيم لم يصرح بالوجوب، إنما قال بالاستحباب المؤكد جداً، بل هو قريب من الوجوب، فإذا قلنا: بوجوب هذه الأمور فهو أوجب منها وآكد.
وعلى كل حال قول جماهير أهل العلم على أن غسل الجمعة يتأكد استحبابه، ولا يليق بالمسلم تركه، والغسل أفضل، قصة عثمان سمعناها، الحديث هذا الذي يعتمد عليه عامة أهل العلم حديث سمرة بن جندب درجته؟ هو من رواية الحسن عن سمرة، من رواية الحسن عن سمرة، والخلاف بين أهل العلم معروف في صحة سماع الحسن من سمرة، منهم من يرى أن الحسن سمع من سمرة بإطلاق، وتحمل عنعنته عن سمرة على الاتصال، ومنهم من يقول: إنه لم يسمع عنه مطلقاً، والحسن مدلس -رحمه الله تعالى-، ومنهم من يقول كما جاء في صحيح البخاري: سمع من سمرة حديث العقيقة، قال حبيب بن الشهيد كما في صحيح البخاري: قال لي ابن سيرين: ممن سمع الحسن حديث العقيقة؟ فقال: من سمرة، فبهذا النص، أي على هذا النص يعتمد من يثبت سماع الحسن من سمرة مطلقاً، يقول: إنه سمع منه حديث واحد، والأصل أنه ثقة، ولماذا لا نحمل البقية على السماع؟ والمعروف أن الحسن مدلس، بل كثير التدليس -رحمه الله تعالى-.
على كل حال سماع الحسن من سمرة فيه خلاف، أما حديث العقيقة فلا إشكال فيه، وما عداه محل خلاف، ومنه ما عندنا، لكن الحديث حسنه الترمذي، حسنه جمع من أهل العلم، وله طرق أخرى تشهد له، والله المستعان.
نعم، الأسئلة يا إخوان كثيرة جداً، فهل ترون أن نجيب على الأسئلة ويترك باقي الدرس للغد؟ أو نكمل على أن المقرر يعني إلى كتاب الصلاة إن شاء مقدور عليه إلى يوم الخميس، في المدة المقررة -إن شاء الله-، وهذه الأسئلة أنا قلت مراراً: إن مثل هذه الأسئلة لا سيما بعض الأسئلة التي لا علاقة لها بما نشرح تحال على الشيخ، ما دام موجود فرصة، وش رأيكم؟ نجيب على الأسئلة الأسئلة فيها كثرة؟
قد تأخذ أكثر من برنامج بالنسبة لنور على الدرب، حلقتين أو أكثر، هاه؟
الطالب:......
كيف؟
الطالب:......
إن رأيتم أن نجيب على الأسئلة ونترك، من هذه الأسئلة أول الأسئلة هذا السؤال:
"يأتي كيفية الغسل الكامل والمجزئ -إن شاء الله تعالى-.
عند الإنزال، سواء كان من احتلام أو من تكرار فكر، أو تكرار نظر أو جماع.
على كل حال التفريق ممكن بين أنواع الماء، فالبول له صفات، والمذي له صفات، والودي له صفات، والمني له صفات، فإن استطاع أن يفرق فهو مطلوب، إن لم يستطع التفريق ولم يتذكر شيء فالأصل العدم لا يلزمه غسل، أقل الأحوال أن يلزمه غسل ما أصابه هذا البلل؛ لأنه إذا لم نوجب عليه الغسل، والبلل متحقق، لم نوجب عليه الغسل للشك، والبلل متحقق، إن لم يكن مني موجب للغسل فإنه مذي أو بول موجب للغسل، وعلى كل الأحوط في مثل هذا إذا كان لا يتكرر عنده ولا يشق عليه أن يغتسل ويغسل معاً.
إذا حصل ما يوجب الغسل مما ذكر فإنه جنب.
المذي موجب للوضوء ولا يوجب الغسل كالبول فهو نجس مثله، لكنه أخف نجاسة من البول، مع أنه يشترك معه في وجوب الوضوء ولا يوجب الغسل، بينما المني موجب للغسل، وهو طاهر، والحكم في ذلك النصوص، هو يطلب العلة، الحكم في ذلك النصوص "كنت رجلاً مذاءً، فأمرت المقداد أن يسأل النبي... قال: ((يغسل ذكره ويتوضأ)) ما قال يغتسل، يغسل ذكره ويتوضأ، فكونه نجس لا يعني أنه موجب للغسل، كما أن البول نجس ولا يوجب الغسل، وكون المني طاهر لا يعني أنه لا يوجب الغسل، فالمعول على النصوص هي التي فرقت بين هذا وذاك، منهم من يقول: ملتمساً العلة أن المني في الغالب أنه يخرج بشهوة، والشهوة تضعف البدن وترهقه، والغسل يعيد إليه شيء من القوة والحيوية.
اغتسل ولو فاتتك الجماعة، بل الجمهور على أنك تغتسل ولو فاتك الوقت، اغتسل ولو فاتك الوقت، استيقظت قبل طلوع الشمس بربع ساعة مثلاً، إن اغتسلت فات الوقت طلعت الشمس، وإن لم تغتسل أدركت الوقت، نقول: اغتسل ولو خرج الوقت، هذا ما عليه الجمهور فضلاً عن الجماعة، المالكية عندهم الوقت أهم من الطهارة، يعتنون بالوقت أكثر من الطهارة، بينما الجمهور على العكس، ولذا قدم الإمام مالك في الموطأ باب وقوت الصلاة، وجماهير العلماء في مؤلفاتهم يقدمون الطهارة على الوقت.
اللي هو معنا، قلنا: إنه حسن بمجموع طرقه، وإلا ففيه رواية الحسن عن سمرة، وفيها كلام طويل، هذه ذكرناها.
وهذا يقول: ذكر الشيخ بن عثيمين -رحمه الله- أن لفظة: ((من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت)) فيها ركاكة، ولا يتصور صدورها عن النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى أن قال.....
على كل حال الحديث مختلف فيه، وهو من رواية الحسن عن سمرة، ومن حسنه فنظراً لما يعضده من الشواهد، من نظر إليه بمفرده، وقال: الحسن رواه عن سمرة بالعنعنة والحسن مدلس لا بد أن يصرح، له أن ينازع في صحته، لكن الحديث له ما يشهد له، وله أيضاً من فعل الصحابة، وفعل عثمان وإقرار عمر -رضي الله عنه-، لكن بقي مسألة وهي أنه خالف داود وقال: بالوجوب وش معنى هذا الوجوب؟ هل وجوب الغسل يوم الجمعة عند من يقول بوجوبه مثل وجوب الغسل من الجنابة؟ بمعنى أنه لو جاء يوم الجمعة من غير غسل نقول: صحيحة جمعته وإلا غير صحيحة؟ الجمعة صحيحة لكنه آثم، ترك واجب، الغسل شرط، الغسل الواجب الأصلي الذي هو من الاحتلام أو جماع أ ما أشبه ذلك من الموجبات المعروفة شرط لصحة الصلاة، وهذا واجب وليس بشرط، حتى عند من يقول بوجوبه، الصلاة صحيحة لكنه آثم، يقرب منه ستر المنكب، ستر العورة شرط لصحة الصلاة، لكن هل المنكب من العورة؟ جاء في الحديث الصحيح في البخاري: ((لا يصل أحدكم بالثوب الواحد ليس على عاتقه)) في رواية: ((ليس على عاتقيه منه شيء)) فإذا صلى وليس على عاتقه صلاته صحيحة لكن هو آثم.
السنة بالنسبة للسفر جاءت الأخبار أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يحافظ على هذه السنن الرواتب عدا ركعتي الفجر والوتر، وجاء عن ابن عمر: لو كنت مسبحاً لأتممت، فالسفر باعتباره مظنة للمشقة، ورخص فيه في الجمع والقصر، والله يحب أن تؤتى رخصه، فإذا ترخص الإنسان وترك هذه الرواتب فقد أتى ما يحبه الله -عز وجل-، لكن لو أتى بهذه الرواتب ما يلام، وإن أكثر من النوافل المطلقة غير الرواتب أيضاً له أجرها.
طالب:......
وهو مع الإمام؟
طالب:......
طيب.
على كل حال إذا كان مبتلى بالشبق وشدة الشهوة، عليه بالصيام وعليه بأن لا يعرض نفسه للفتن، فلا يحضر مجامع الناس، ولا ينظر إلى صور ولا غيرها، عليه أن يحفظ فكره، وينشغل عن هذا الشيء، ينشغل بذكر أو بفكر في مخلوقات الله -عز وجل-، تلاوة وتدبر وطلب علم، ولا يخلو بنفسه إذا كان مبتلى بهذا، والله المستعان.
هذه سنة فات وقتها، إذا زالت الشمس من الغد انتهى وقت القضاء.
جماهير أهل العلم على أنها لا تجزئ إلا من الأصناف المحددة، توسع بعضهم فقال: إنه يجزئ من غالب قوت البلد، أما النقد فهو معروف في بعض المذاهب، لكن النقد موجود في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام-، وحدد وعين الأصناف، ولم يترك لأحد اجتهاداً، فإخراجها نقد لا يجزئ.
إذا كان في حال اليقظة لا بد أن يكون خروجه دفق بلذة، أما إذا خرج من غير لذة فلا، بخلاف النائم النائم لا يشترط له اللذة، مجرد خروجه علق عليه الاغتسال.
يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وإذا قال: اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين، فقد جاءت بذلك السنة، على الخلاف المعروف في ثبوت هذه الجملة، وفي الحديث الصحيح: ((من توضأ نحو وضوئي هذا ثم قال: أشهد أن لا إله الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله دخل من أي أبواب الجنة الثمانية شاء، ولا تغتروا)) كما جاء في الحديث، يعني إذا توضأ قال هذا الكلام وارتكب المنكرات، وترك الواجبات وقال: أبا أدخل من الأبواب الجنة الثمانية، نقول: لا، ((ولا تغتروا)) وهذا الجملة مرفوعة إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهي في البخاري ((ولا تغتروا)) يعني هذا من أحاديث الوعد، نعم؟
الطالب:......
ما يسمع الصوت.
اللحن إن كان يحيل المعنى فإنه يبطل الصلاة من القادر على التصحيح، أما العاجز فهو معذور، اللحن "صراط الذين أنعمتُ عليهم" هذا محيل للمعنى، "أَهدنا" محل للمعنى هذا يبطل الصلاة، إبدال حرف بحرف من القادر مبطل للصلاة، لو قال الذي يستطيع أن ينطق الحاء قال: الهمد لله مبطل للصلاة، الذي يستطيع أن ينطق الذال قال: الذين أنعمت عليهم، هذا موجود، هذا يبطل الصلاة، الذي يستطيع، أما من لا يستطيع فحكمه حكم عاجز هذا، لكن ماذا عن إبدال الضاد بالظاء؟ وهذا كثير جداً "ولا الظالين" بل من أهل العلم من يصنعه، إذا قال الإمام: ولا الظالين، أو المصلي، بدل الضاد، منهم من يقول: الصلاة باطلة، ومنهم من يقول: الصلاة صحيحة لتقارب المخرجين، ونص الأزهري في تهذيب اللغة أن من العرب من يبدل الظاء ضاد والعكس، فيقول: ظربني فلان، وآلمني ضهري، والأزهري إمام معتمد في هذا الباب، وكتابه التهذيب من أنفس كتب اللغة، على كل حال الذي يستطيع يتأكد في حقه إن لم نقل بإبطال الصلاة أن ينطق، واللغة العربية تميزت بإيش؟ بالضاد.
على كل حال إذا أسلموا أمروا بالاغتسال؛ لأن هذا الاغتسال واجب.
جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: ((أفطر الحاجم والمحجوم)) وجاء عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه احتجم وهو صائم محرم، فاختلف أهل العلم في الحجامة، لكن كأن بعض أهل العلم يميل إلى التوفيق بين الحديثين، فيلزم من تتعبه الحجامة وترهقه بالفطر، بخلاف من لا يتعبه ذلك، أو أن قوله: ((أفطر)) أي أنه صار مآله إلى الفطر؛ لأن الحجامة لا شك أنها تنهك البدن، بأخذ قدر مناسب من الدم، ومثلها التبرع بالكميات العادية تتعب البدن، فيكون مآله................
ما مسكت؟ ما مسك؟
على كل حال المسألة خلافية، فاللائق بالمسلم الحريص أن لا يحتجم في نهار رمضان، منهم من يقول: إن حديث شداد بن أوس: ((أفطر الحاجم والمحجوم)) منسوخ بحديث ابن عباس على ما قرره الشافعي -رحمه الله تعالى-؛ لأن حديث ابن عباس متأخر، هذه المسألة تأتي -إن شاء الله-.
الحديث هو ضعيف، حديث العجن في الصلاة هو ضعيف، وأما جلسة الاستراحة فسنة ثابتة في الصحيح عن النبي -عليه الصلاة والسلام- من حديث مالك بن الحويرث.
عليه أن يغسل ذكره وأنثييه وما أصابه ويتوضأ.
من أنزل بشهوة يجب عليه الغسل، بل الأول من موجبات الغسل عند أهل العلم موجبه خروج المني من مخرجه دفقاً بلذة من غير نائم، قوله: "من غير نائم" أن النائم لا يشترط له الشهوة ولا لذة.
أولاً: المستحاضة هي مطلوب منها أن تتوضأ لكل صلاة؛ لأن طهارتها طهارة ضرورة مبيحة للصلاة، كمن به حدث دائم، أما تغتسل لكل صلاة فلا، هي تغتسل إذا أنقطع عنها الدم.
إذا خشي الهلاك من استعمال الماء يتيمم، يعدل عنه إلى التيمم.
يقول: مع العلم بأن الماء متوفر، وأنه إذا سخن الماء قد يصاب البرد؟
على كل حال إذا خشي على نفسه فإنه يعدل عنه إلى التيمم.
خروج مثل هؤلاء لا يشك أنه يغرر بعامة الناس، هو يغرر بعامة الناس، إيش معنى يغرر بعامة الناس؟ عامة الناس يقولون: لو كانت هذه القنوات فيها شيء ما ظهر ولا خرج الشيخ فلان، فخروج الشيخ فلان دليل على جواز اقتنائها، وقد يقول القائل: أنا اقتني هذه الآلة لكي أتابع فلان، وهذا أيضاً من التغرير، يبقى أن هؤلاء الذين يخرجون لا يظن بهم إلا الخير -إن شاء الله تعالى-، وأنهم يقصدون مزاحمة الشر، وتقليل الشر، وبث الخير من خلال هذه القنوات، لكن نقول: درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وعندي أنا لو لم يكن فيها إلا التصوير، يعني لو كانت سليمة مائة بالمائة، ولو لم يكن فيها إلا التصوير فإنه لا يجوز المشاركة فيها.
مسألة التداخل، تداخل العبادات هذه نشير إليها في الغسل -إن شاء الله-، لعله في هذا الدرس -إن شاء الله تعالى-.
سيأتي حديث من أحاديث الباب، سيأتي الكلام عليه -إن شاء الله تعالى-.
التصوير بجميع صوره وأشكاله ثابتة ومتحركة سواء كان بالآلة أو باليد، سواء كان له ظل أو لا ظل له، داخل تحت النصوص التي تحرم التصوير، وداخل في الوعيد الشديد الذي جاء فيها.
عرفنا أن قول الجمهور أن غسل الجمعة سنة مؤكدة وليست بواجبة، وقيل بوجوبها، قال بالوجوب: داود، وأكد ابن القيم في حكمه، ولم يصرح بالوجوب، بل هو قال: هو أوجب من كذا وكذا في أمور ليست واجبة عنده، وإنما قال بوجوبها بعض الأئمة، وعلى كل حال من يقول بالوجوب هل يلزم المرأة إذا أرادت حضور الجمعة؟ يلزم من أراد شهودها ممن لا تجب عليه؟ عرفنا أن مسألة الوجوب هنا ليس معناها الاشتراط، معناها لا تصح الجمعة إلا بغسل، لا، الجمعة صحيحة بالوضوء، وعند من يوجب الغسل يأثم بتركه وصلاته صحيحة، من أراد شهود الجمعة يلزمه ما يلزم لها، يلزمه ما يلزم للجمعة، الذي قال بوجوب الغسل للجمعة يجب عليه أن يغتسل، والجمهور على قاعدتهم في عدم الوجوب، لا يلزم.
على كل حال العمرة، اعتمر وهو جنب، طاف وهو جنب، واعتمر وهو جنب، اكتفى بالوضوء اكتفى بالوضوء، فعليه أن يغتسل عن هذه الجنابة، وأن يؤدي العمرة على طهارة، لا سيما الطواف .
إذا دخل المسبوق والإمام في آخر الصلاة بحيث يجزم أنه لم يدرك ركعة كاملة، فلا يخلو من أمرين: إما أن يغلب على ظنه أنه يأتي معه من يصلي معه جماعة، وحينئذٍ نقول له: انتظر حتى يسلم الإمام فتقام الجماعة بيقين الجماعة الثانية؛ لأن إدراك الجماعة بإدراك أقل من ركعة مسألة خلافية بين أهل العلم، وإذا غلب على ظنه أنه لن يأتي أحد مسبوق مثله ينضم إليه، فإنا نقول له: ادخل مع الجماعة، وأدرك ولو جزء من الركعة، فعند جمع من أهل العلم أن من كبر تكبير الإحرام قبل سلام إمامه التسليمة الأولى فإنه يدرك الجماعة ولو لم يجلس، فتدرك الجماعة بأدنى جزء منها، فعلى هذا القول أفضل من كونه منفرد بيقين نقول: ادخل مع الجماعة، لا سيما وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((إذا جاء أحدكم والإمام على حال فليصنع كما يصنع الإمام)).
الشرع إذا أمر بأوامر ينفك بعضها عن بعض كما هنا، يستحب أن ينام على جنبه الأيمن، وأن يستقبل القبلة، وأن يكون على طهارة، وأن يقول هذا الذكر، فإذا أتى ببعض المندوب وترك البعض أجر على ما أتى به وحرم ما ترك؛ لأن هذه الأمور ليس بعضها مترتب على بعض، لم يرتب بعضها على بعض، بل مستحبات ينفك بعضها عن بعض، يأتي بهذا الذكر ولو استدبر القبلة، ولو نام على شقه الأيسر، ولو نام على غير طهارة، كما أنه ينام على شقه الأيمن مستقبل القبلة، ولو كان على غير طهارة، ولو لم يأتِ بهذا الذكر وهكذا.