فقه الإمام البخاري في الحج (11)

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الأمين محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلاً وسهلاً بكم مستمعينا الكرام إلى هذا اللقاء الذي يجمعنا بفضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير حفظه الله فمرحبًا به وأهلاً وسهلاً بكم يا شيخ عبد الكريم.

حياكم الله وبارك فيكم وفي الإخوة المستمعين.

أيها الإخوة ولا يزال الحديث حول فقه الإمام البخاري في الحج في هذا اللقاء لعلكم فضيلة الشيخ تحدثونا عما ذكره الإمام البخاري رحمة الله تعالى عليه في ترجماته حول طواف الإفاضة.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين يقول الإمام البخاري رحمه الله تعالى باب الزيارة في يوم النحر وقال أبو الزبير عن عائشة وابن عباس رضي الله عنهم أخر النبي صلى الله عليه وسلم الزيارة إلى الليل ويذكر عن أبي حسان عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يزور البيت أيام منى والمراد بالزيارة زيارة الحاج البيت للطواف به وهو طواف الإفاضة ويسمى أيضًا طواف الركن والمحفوظ من حديث ابن عمر وجابر في طوافه عليه الصلاة والسلام يوم النحر أنه طاف نهارًا الإمام البخاري وقال أبو الزبير عن عائشة وابن عباس رضي الله عنهم أخر النبي صلى الله عليه وسلم الزيارة إلى الليل والمحفوظ أنه طاف يوم النحر نهارًا وكأن البخاري رحمه الله تعالى عقب حديثي عائشة وابن عباس بطريق أبي حسان عن ابن عباس ليجمع بين الأحاديث فيحمل حديث جابر وابن عمر وأنه طاف نهارًا على اليوم الأول طاف نهارًا هذا اليوم الأول الذي هو يوم النحر وحديث ابن عباس على بقية الأيام يزور البيت في الليل يعني في أيام التشريق لا في يوم النحر وحديث أبي الزبير عن عائشة وابن عباس مخرج في المسند والسنن بإسناد لا بأس به بإسناد لا بأس به لكن كونه معارَض بما هو أقوى منه هل يقدح هذا في صحته؟ إذا أمكن حمله على وجه يصح لا يقدح فيه يعني أن تكون الجهة منفكة لكن  إذا كان التعارض صريح وواضح لو كان في حديث عائشة وابن عباس أن النبي طاف طواف الإفاضة في الليل لكان التعارض صريح لكن أخّر النبي صلى الله عليه وسلم  الزيارة إلى الليل حمل هذا عند أهل العلم على الزيارة فيما عدا اليوم الأول أن النبي عليه الصلاة والسلام تردد على البيت في أيام التشريق قالوا وهو محمول على أنه من من من أهل العلم من قال إنه محمول على أنه أذن في ذلك بالليل فنسب إليه أخّر الزيارة إلى الليل يعني أذن بها فمن أذن فكأنه فعل كما يقال مثلاً على سبيل التجوز بنى الأمير أو قال الأمير أو أمر الأمير وهو يعني بنى الأمير يعني يبني بيده؟ إنما أمر بذلك ونسب إليه فكونه أذن في ذلك أنه نسب إليه وله نظائر كما قال ابن القيم لا أنه طوافه صلى الله عليه وسلم كان ليلاً وقال النووي أخّر طواف نسائه إلى الليل أخر طواف نسائه إلى الليل فهنا أخر الزيارة إلى الليل يعني زيارة نسائه عليه الصلاة والسلام الإمام البخاري لما جاء بهذه الترجمة الزيارة يوم النحر وذكر خبر عائشة وابن عباس كأنه يريد أن يضعف ما رواه أبو داود وغيره من حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت كانت ليلتي التي يصير بها إلي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم مساء يوم النحر فصار إلي فدخل علي وهب ابن زمعة ومعه رجل من آل أبي أمية متقمصين يعني لابسي قميص فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لوهب: «هل أفضت أبا عبد الله؟» قال: لا والله يا رسول الله، قال: «انزع عنك القميص» فنزعه من رأسه ونزعه صاحبه قميصه من رأسه ثم قال ولم يا رسول الله؟ قال: «إن هذا يومٌ رخص لكم إذا أنتم رميتم الجمرة أن تحلوا» يعني من كل ما حرمتم منه إلا النساء فإذا أمسيتم قبل أن تطوفوا بهذا البيت صرتم حُرمًا كهيئتكم قبل أن ترموا الجمرة حتى تطوفوا به الإمام البخاري لما قال النبي عليه الصلاة والسلام أخّر الزيارة إلى الليل مع إمكان الجواب عنه أنه أذن بذلك أو أنه أخر طواف نسائه وإلا فالمحفوظ أنه عليه الصلاة والسلام طاف في النهار كأنه يريد أن يضعف هذا الحديث والحديث مخرج في سنن أبي داود والمسند والمستدرك والبيهقي وغيرها أبو داود نفسه أردف هذا الحديث بحديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أخّر طواف يوم النحر إلى الليل حديث ابن عباس أن النبي عليه الصلاة والسلام أخّر طواف يوم النحر إلى الليل فكأنه يضعفه بهذا أبو داود أيضًا أشار إلى ضعفه بإردافه بحديث ابن عباس ولنستصحب ما أجيب به عن حديث ابن عباس في البخاري يجاب به عن حديث ابن عباس في سنن أبي داود.

أخره إلى الليل بمعنى أمره به أو أذن لنسائه.

أذن أذن أذن الحديث الذي رواه أبو داود ومقتضاه أن من لم يطف طواف الإفاضة قبل غروب الشمس أنه يرجع حرام صرح جمع من الحفاظ بشذوذه وقال ابن حزم لا يصح وقال البيهقي لا أعلم أحدًا من الفقهاء قال به وقال النووي في المجموع لما ذكر كلام البيهقي وأنه لا يعلم من الفقهاء قال به يقول فيكون الحديث منسوخًا فيكون الحديث منسوخا كيف يكون منسوخ؟ وما الناسخ؟ يقول النووي: دل الإجماع على نسخه يعني دل على وجود ناسخ وإن لم نطلع عليه دل الإجماع على نفسه فإن الإجماع لا ينسخ ولا يُنسخ ولكن على وجود ناسخ الحديث مضعّف بلا شك لأن في إسناده ابن إسحاق وفيه كلام كثير لأهل العلم مع أنه يقويه إذا صرح بالتحديث لكن مثله مع الخلاف الطويل في الاحتجاج به لا يقبل مع المخالفة كيف وقد خالف حديثه خالف وفي إسناده أيضًا أبو عبيدة بن عبد الله بن زمعة قال عنه ابن حجر في التقريب مقبول ومثله لا يقبل إلا مع المتابعة لأن ابن حجر في المقدمة نص أنه إذا الراوي إذا لم يكن إذا كان مقل لم يكن له من الأحاديث إلا القليل ولم يثبت في حقه ما يترك حديثه من أجله يقول فإن توبع فمقبول وإلا فلين هذا يحتاج إلى متابع وهو مخالف أيضًا لحديث عائشة رضي الله عنها كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه حين يحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت ولحله فأثبتت الحل وفي زاد المستقنع وأول وقته يعني طواف الإفاضة بعد نصف ليلة النحر ويسن في ليله وله تأخيره يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في الشرح الممتع علم من كلام المؤلف أنه لا يجب أن يطوف طواف الإفاضة يوم العيد.

وله أن يؤخره.

نعم ولقوله ويسن في يومه وله تأخيره وعلم منه أنه يبقى.

لحظة يا شيخ... تريد أن تشير إلى ماذا؟... لا توى باقي ثلاث دقايق.

نجيب كلام مالشيخ من قبل؟

كلام ابن عثيمين؟ طيب.

وفي زاد المستقنع وأول وقته يعني طواف الإفاضة بعد نصف ليلة النحر ويسن في يومه وله تأخيره يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في الشرح الممتع علم من كلام المؤلف أنه لا يجب أن يطوف طواف الإفاضة يوم العيد لقوله ويسن في يومه وله تأخيره وعُلم منه أنه يبقى على حله الأوّل يعني خلافًا لما جاء في الحديث الذي رواه أبو داود وعلم منه أنه يبقى على حله الأول إذا أخّر طواف الإفاضة عن يوم العيد وهذا هو الذي عليه جمهور العلماء بل حُكي إجماعا أنه لا يعود حراما لو أخره حتى تغرب الشمس من يوم العيد ولكن ذكر في هذا خلاف عن بعض التابعين لحديث ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام في ذلك مقتضاه أنه لو غابت الشمس يوم العيد ولم يطف فإنه يعود حرامًا كما كان بالأمس ولكن يقول الشيخ رحمه الله ولكن لا يعوّل عليه لشذوذه وعدم عمل الأمة به وذلك أن الأمة لا يمكن أن تخالف مثل هذا الحديث الذي تتوافر الهمم والدواعي على نقله والعمل به لأنه من المعلوم أنه ليس كل الحجيج يطوفون طواف الإفاضة في يوم العيد ثم إنه إذا انتهى من إحرامه فقد حل ولا يعود للإحرام إلا إذا عقد إحرامًا جديدًا أما مجرد عدم المبادرة بطواف الإفاضة فإنه لا يكون سببًا لعود الإحرام بلا نية لقول الرسول صلى الله عليه وسلم «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى» الخلاصة أن الحديث مضعّف وفيه علتان وأيضًا هذا من حيث السند من حيث المتن فيه شذوذ مخالف لأحاديث صحيحة في متنه وهو أيضًا مما تتوافر الدواعي على نقله فلم ينقل بطريق ملزم وعلى هذا من حل من إحرامه وكل على مذهبه بواحد أو اثنين والمرجح أنه لا يحل إلا بفعل اثنين من أعمال يوم النحر بالرمي والحلق فإذا حلّ حلّ فلا يعود إلى إحرامه أبدا نعم يبقى فيما يتعلق بالنساء لا بد أن يتحلل التحلل الثاني.

أحسن الله إليكم فضيلة الشيخ ونفع بما قلتم أيها الإخوة المستمعون الكرام بهذا نصل إلى ختام هذه الحلقة أتقدم في ختامها بالشكر الجزيل لفضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير وفقه الله شكر الله له ولكم أنتم مستمعينا الكرام نلقائكم بإذن الله تعالى في لقاء مقبل والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.