شرح الموطأ - كتاب المكاتب (4)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لشيخنا والحاضرين والسامعين برحمتك يا أرحم الراحمين.

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

حدثني مالك في رجل كاتب عبده بذهب أو ورق، واشترط عليه في كتابته سفراً أو خدمة أو ضحية، إن كل شيء من ذلك سمى باسمه، ثم قوي المكاتب على أداء نجومه كلها قبل محلها، قال: إذا أدى نجومه كلها وعليه هذا الشرط عتق فتمت حرمته، ونظر إلى ما شرط عليه من خدمة أو سفر، أو ما أشبه ذلك مما يعالجه هو بنفسه، فذلك موضوع عنه، ليس لسيده فيه شيء، وما كان من ضحية أو كسوة أو شيء يؤديه فإنما هو بمنزلة الدنانيرَ والدراهمَ.

الدنانيرِ.

فإنما هو بمنزلة الدنانيرِ والدراهم يقوم ذلك عليه فيدفعه مع نجومه، ولا يعتق حتى يدفع ذلك مع نجومه.

قال مالك -رحمه الله-: الأمر المجتمع عليه عندنا الذي لا اختلاف فيه أن المكاتب بمنزلة عبد أعتقه سيده بعد خدمة عشر سنين، فإذا هلك سيده الذي أعتقه قبل عشر سنين، فإن ما بقي عليه من خدمته لورثته، وكان ولاؤه للذي عقد عتقه ولولده من الرجال أو العصبة.

قال مالك -رحمه الله- في الرجل يشترط على مكاتبه أنك لا تسافر، ولا تنكح، ولا تخرج من أرضي إلا بإذني، فإن فعلت شيئاً من ذلك بغير إذني فمحو كتابتك بيدي، قال مالك -رحمه الله-: ليس محو كتابته بيده إن فعل المكاتب شيئاً من ذلك، وليرفع سيده ذلك إلى السلطان، وليس للمكاتب أن ينكح ولا يسافر، ولا يخرج من أرض سيده إلا بإذنه، اشترط ذلك أو لم يشترطه، وذلك أن الرجل يكاتب عبده بمائة دينار، وله ألف دينار أو أكثر من ذلك فينطلق فينكح المرأة فيصدقها الصداق الذي يجحف بماله، ويكون فيه عجزه، فيرجع إلى سيده عبداً لا مال له، أو يسافر فتحل نجومه وهو غائب فليس ذلك له، ولا على ذلك كاتبه، وذلك بيد سيده إن شاء أذن له في ذلك، وإن شاء منعه.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب الشرط في المكاتب:

الشرط الذي يشترطه السيد على عبده إذا كاتبه.

يقول: حدثني مالك في رجل كاتب عبده بذهب أو ورق، على مائة دينار، أو على ألف درهم، واشترط عليه في كتابته سفراً أو خدمة أو ضحية" اشترط عليه أن يسافر إلى البلد الفلاني؛ لأمر من الأمور، أو أن يخدمه، وكأن يوصل أولاده إلى المدارس مثلاً مدة الكتابة، إضافة إلى الأقساط والنجوم التي هي من أصل الكتابة، أو ضحية، بمعنى أنه يكاتبه على ألف كل سنة مائة وضحية، ألف وعشر أضاحي في عشر سنوات، في كل سنة ألف درهم أو دينار وضحية أيضاً "إن كل شيء من ذلك سمى باسمه" يعني ذكر باسمه، سمى المكاتب ذلك المسمى باسمه "ثم قوي المكاتب على أداء نجومه كلها قبل محلها" يعني إذا أدى النجوم قبل محلها "قال: "إذا أدى نجومه كلها وعليه هذا الشرط عتق فتمت حرمته، وعليه هذا الشرط عتق" ونظر إلى الشرط نفسه، إن كان متعلقاً ببدنه الذي تمت حريته، فهذا لا يوفى به، وإن كان مما يؤول إلى المال، أو كان مالاً أو يؤول إلى المال فإن ذلك يلزمه كنجوم الكتابة.

يقول: "ونظر إلى ما شرط عليه من خدمة أو سفر أو ما أشبه ذلك مما يعالجه هو بنفسه" مما يعالجه هو بنفسه يعني مما يتعلق ببدنه الذي تمت حريته، وإذا تمت حريته لا كلام لأحد عليه "فذلك موضوع عنه" يعني ينتهي هذا الشرط بتمام حريته "ليس لسيده فيه شيء، وما كان من ضحية أو كسوة أو شيء يؤديه فإنما هو بمنزلة الدنانيرِ والدراهم يقوم ذلك عليه فيدفعه مع نجومه" يعني عشرة أقساط كل سنة ألف، وعشر أضاحي، كم هذه الأضاحي؟ تقوم بقيمتها وتدفع عن النجوم، وكذلك الكسوة، وما عدا ذلك مما يتعلق بالبدن فلا يقوم، وإنما ينتهي بعتقه، وهذه المسألة مفترضة فيما إذا قدم النجوم قبل محلها، ولا يعتق حتى يدفع ذلك مع نجومه، لأنه كأنه بقي عليه شيء من نجومه؛ لأن هذه مال إذا قومت صارت مالاً، تلزمه مع النجوم.

قد يقول قائل: إن هذه الأمور البدنية يمكن أن تؤول إلى المال، إذا اشترط عليه أن يوصل الأولاد إلى المدارس كل يوم مع النجوم لمدة عشر سنين، وقدم النجوم خمس سنين، ما يتعلق بالبدن يسقط، ليس له أن يكلفه بالخدمة، لكن هذه تؤول إلى المال، ألا يمكن أن يقال: هذه مثل الأضحية، ما دام الأضحية تقوم، ويدفعها مع النجوم لماذا لا تقوم هذه الخدمة وتؤول إلى المال فتدفع مع النجوم؟

أولاً: هي كما هو الظاهر متعلقة بالبدن، صح وإلا لا؟ هي متعلقة بالبدن، فهل يمكن أن نقول: إن ما يلزمه هو المال المتفق عليه، وأما ما يؤول إلى المال من منفعة ونحوها فإنها لا تلزم، المنفعة متعلقة بالبدن، ليست متعلقة بالمال، فالمال حكمه حكم النجوم، والمنفعة حكمها حكم البدن، ينتهي بانتهاء السلطة على البدن، فإذا قلنا: إن المقصود الذي يلزمه ويؤديه هو المال وقت العقد دون ما يؤول إلى المال من منفعة ونحوها، اتجه التفريق على قول الإمام -رحمه الله تعالى-، وإذا قلنا: إنه يلزمه المال وما يؤول إلى المال فالمنفعة تؤول إلى المال، يمكن أن تقوم خدمة السنين الباقية، ثم بعد ذلك يدفعه، أو ينيب عنه من يقوم بهذه الخدمة، لكن رأي الإمام متجه إلى أن ما يتعلق بالبدن ينتهي بالعتق، وما هو في حقيقته مال حكمه حكم النجوم يلزمه أداءه، نعم؟

طالب:......

إيه لأنه لو انتظر إلى المحل لزمه كل ما قيل عليه، أنت الآن النجوم عشر سنين، إذا قدمها في خمس سنين نقول: تعال اخدمه وأنت حر؟ عتق وانتهى ما يخدمه وهو حر، ضحِ له وأنت حر؟ على كلام الإمام مالك يقدم الأضاحي.

طالب: لو عليه خدمة في أثناء النجوم، لكن هو تأخر في تنفيذ هذه الخدمة، وسدد النجم الأخير

إيه

طالب: ..... الباقي يخدمه؟

طيب.

طالب:......

لا، لا هو على المنصوص عليه، على ما نص عليه، لو قال مثلاً: النجوم عشر سنين، والخدمة عشر سنين تنتهي الخدمة بعشر سنين، لكن لو تأخر بتسديد النجم أخذ في كل نجم سنتين، وبدل ما هي بعشر سنين صار عشرين سنة، نقول: يخدمه عشرين سنة؟ لا هو نص في الخدمة على عشر سنين.

طالب: لكن ما كان ارتباط الخدمة بالنجوم؟

لا، الخدمة مرتبطة بما اتفق عليه، عشر سنين، فإذا قدمت فما يتعلق بالبدن ينتهي بالحرية، وما يتعلق بالمال حكمه حكم النجوم، وواضح كلام الإمام -رحمه الله-، إلا إذا قلنا: إن الخدمة تؤول إلى المال باعتبارها منفعة، ولذا يجوز أن تدفع في مقابل المال، في كثير من الأبواب.

"قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا الذي لا اختلاف فيه أن المكاتب بمنزلة عبد أعتقه سيده بعد خدمة عشر سنين، فإذا هلك سيده الذي أعتقه قبل عشر سنين فإن ما بقي عليه من خدمته لورثته" يعني هو يخدم عشر سنين، والنجوم عشرة سنين، يوصل الأولاد للمدارس عشر سنين، معناه يوصل أولاد الورثة؛ لأن الحكم انتقل إليهم عشر سنين، والنجوم يؤديها إلى الورثة؛ لأن الملك انتقل إليهم عشر سنين "وكان ولاؤه للذي عقد عتقه" ولاؤه للميت أو للحي؟ يعني ننظر الكلام بمجموعة، كلام الإمام -رحمه الله تعالى-، هل جعل العبرة بالحال؟ يعني حال العقد أو بالمآل؟ انتبهوا يا الإخوان، يعني عندك القاعدة، هل العبرة بالحال أو بالمآل؟ إذا قلنا: بالحال كل شيء للميت، كل ما تضمنه العقد للميت، وإذا قلنا: العبرة بالمآل كلما يتعلق بالعقد للوارث، لكن هو في الحقيقة بالحال، وكله للميت، ويورث عنه، يورث عنه كسائر متروكاته.

"فإذا هلك سيده الذي أعتقه قبل عشر سنين، فإن ما بقي عليه من خدمته لورثته" يورث عنه هذا كالأموال، "وكان ولاؤه للذي عقد عتقه" للميت وأيضاً؟ نعم؟ "ولولده من الرجال أو العصبة" لأن الذي يرث من الموالي هو المعتق فقط، أو عصبته المتعصبون بأنفسهم.

"قال مالك في الرجل يشترط على مكاتبه أنك لا تسافر، ولا تنكح، ولا تخرج من أرضي إلا بإذني، فإن فعلت شيئاً من ذلك بغير إذني فمحو كتابتك بيدي" معناه: أني ألغي الكتابة.

"قال مالك: ليس محو كتابته بيده إن فعل المكاتب شيئاً من ذلك، وليرفع سيده ذلك إلى السلطان" يعني كما رفع أمر مكاتب الفرافصة إلى مروان بن الحكم إن شاء أمضى، وإن شاء أبقى "وليرفع سيده ذلك إلى السلطان، وليس للمكاتب أن ينكح، ولا يسافر" يعني ليس الحكم متجه إلى الطرفين، الحكم متجه إلى الطرفين، بالنسبة للذي التزم بهذا الشرط عليه أن يفي، وليس له أن يسافر ولا ينكح ولا يخرج من أرضه إلا بإذن سيده.

الطرف الثاني باعتبار هذا حكم شرعي لا يستطيع أن يلزم بنفسه إنما هذه من اختصاصات ولي الأمر السلطان، وليس للمكاتب أن ينكح، لماذا؟ لأن من لازم النكاح بذل المال، والانشغال، فقد يعود رقيقاً، يعجز بسبب النكاح، وبسبب بذل المال للنكاح، ولا يسافر أيضاً؛ لأنه قد يحل عليه القسط والنجم وهو غير حاضر.

"ولا يخرج من أرض سيده إلا بإذنه اشترط ذلك أو لم يشترطه" فيمنع المكاتب من جميع ما يضر بمكاتبه، كما يمنع المدين من جميع ما يضر بدائنه، يقول له: لا يحج إلا بإذنه، ولا يجاهد إلا بإذنه، ولا يتصدق إلا بإذنه، وهذا مثله "اشترط ذلك أو لم يشترطه، وذلك أن الرجل يكاتب عبده بمائة دينار، وله ألف دينار، أو أكثر من ذلك" يعني له مال، العبد له مال، على اعتبار أنه يملك على رأي الإمام مالك، فمثل هذا لا يرد على قول الجمهور "يكاتب عبده وله ألف دينار أو أكثر من ذلك، فينطلق فينكح المرأة فيصدقها الصداق الذي يجحف بماله" هو له ألف دينار، يمكن أن يعمل بهذا الألف فيكسب كل سنة مائة دينار النجم، ولا يتأثر المال، وحينئذٍ يمشي في أقساطه على ما اتفق عليه، لكن إذا دفع منها خمسمائة، وما بقي إلا خمسمائة، احتمال يضعف كسبه هذا هو الأصل أنه يضعف كسبه ثم يعجز عن أداء ما اتفق عليه.

"فينطلق فينكح المرأة فيصدقها الصداق الذي يجحف بماله، ويكون فيه عجزه" يعجز يسدد "فيرجع إلى سيده عبداً لا مال له، أو يسافر فتحل نجومه وهو غائب فليس ذلك له، ولا على ذلك كاتبه" يعني لو أنهم اتفقوا على هذا الأمر، قال: لا مانع أن تتزوج، ولا مانع أن تسافر، المسلمون على شروطهم "وذلك بيد سيده إن شاء أذن له في ذلك، وإن شاء منعه" كما أن المدين لا يحج إلا بإذن الدائن، والأمر إليه إن شاء أذن له، وإن شاء منعه، نعم.

ترى يا إخوان نبي ودنا نمشي شوي، ننتهي من أبواب المكاتب والرق كله، نعم، وهو ما بقي فيه إلا الشيء اليسير -إن شاء الله-، ونقف على الحدود يعني، الحدود أهم من هذا؛ لأن....

طالب:......

إن شاء الله الأربعاء في درس، نعم.

أحسن الله إليك.

باب ولاء المكاتب إذا أعتق:

قال مالك -رحمه الله-: إن المكاتب إذا أعتق عبده إن ذلك غير جائز له إلا بإذن سيده، فإن أعتق بلا إذنه وأجاز ذلك سيده له، ثم عتق المكاتب، كان ولاؤه للمكاتب، وإن مات المكاتب قبل أن يعتق كان ولاء المعتق لسيد المكاتب، وإن مات المعتق قبل أن يعتق المكاتب ورثه سيد المكاتب.

قال مالك -رحمه الله-: وكذلك أيضاً لو كاتب المكاتب عبداً فعتق المكاتب الآخر قبل سيده الذي كاتبه، فإن ولاءه لسيد المكاتب ما لم يعتق المكاتب الأول الذي كاتبه، فإن عتق الذي كاتبه رجع إليه ولاء مكاتبه الذي كان عتق قبله، وإن مات المكاتب الأول قبل أن يؤدي، أو عجز عن كتابته، وله ولد أحرار لم يرثوا ولاء مكاتب أبيهم؛ لأنه لم يثبت لأبيهم الولاء، ولا يكون له الولاء حتى يعتق.

قال مالك -رحمه الله- في المكاتب يكون بين الرجلين فيترك أحدهما للمكاتب الذي له عليه، ويشح الآخر ثم يموت المكاتب، ويترك مالاً، قال مالك -رحمه الله-: يقضي الذي لم يترك له شيئاً ما بقي له عليه، ثم يقتسمان المال كهيئته لو مات عبداً؛ لأن الذي صنع ليس بعتاقة، وإنما ترك ما كان له عليه.

قال مالك -رحمه الله-: ومما يبين ذلك أن الرجل إذا مات وترك مكاتباً، وترك بنين رجالاً ونساءً، ثم أعتق أحد البنين نصيبه من المكاتب، إن ذلك لا يثبت له من الولاء شيئاً، ولو كانت عتاقة لثبت الولاء لمن أعتق منهم من رجالهم ونسائهم.

قال مالك -رحمه الله-: ومما يبين ذلك أيضاً أنهم إذا أعتق أحدهم نصيبه ثم عجز المكاتب لم يقوم على الذي أعتق نصيبه ما بقي من المكاتب؛ ولو كانت عتاقة قوم عليه حتى يعتق في ماله، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من أعتق شركاً له في عبد قوم عليه قيمة العدل، فإن لم يكن له مال عتق منه ما عتق)).

قال -رحمه الله-: ومما يبين ذلك أيضاً أن من سنة المسلمين التي لا اختلاف فيها أن من أعتق شركاً له في مكاتب لم يعتق عليه في ماله، ولو عتق عليه كان الولاء له دون شركائه، قال: ومما يبين ذلك أيضاً أن من سنة المسلمين أن الولاء لمن عقد الكتابة، وأنه ليس لمن ورث سيد المكاتب من النساء من ولاء المكاتب وإن أعتقن نصيبهن شيء، إنما ولاؤه لولد سيد المكاتب الذكور أو عصبته من الرجال.

يقول -رحمه الله تعالى-:

باب ولاء المكاتب إذا أعتق:

يعني المكاتب أعتق عبداً له، لمن يكون ولاء العبد المعتق؟ هل يكون للمكاتب أو يكون لمكاتبه، لسيده؟

يقول: قال مالك: "إن المكاتب إذا أعتق عبده إن ذلك غير جائز له إلا بإذن سيده" لأن عتقه لعبده يضر به من حيث المال، كما قيل في نكاحه، وكما قيل في سفره، وكما قيل في هبته وصدقته؛ لأنه مدين لسيده، فإذا أعتق عبده تضرر السيد، فإذا أذن فالأمر لا يعدوه "فإذا أجاز ذلك سيده له ثم عتق المكاتب" يعني بعد أن أدى نجوم الكتابة كلها عتق "كان ولاؤه للمكاتب" لماذا؟ لأنه صار قابلاً للولاء، صار حراً يقبل الولاء، إذا عتق، لن لو أعتق بإذن سيده ثم عجز عن أداء الكتابة الولاء له؟ هو رقيق! هو رقيق لا يكون له الولاء.

"ثم عتق المكاتب كان ولاؤه للمكاتب، وإن مات المكاتب قبل أن يعتق كان ولاء المعتق لسيد المكاتب" وكذا لو أعجز نفسه، فإنه يكون لسيد المكاتب؛ لأن المولى لا يكون مولى، وإن مات المعتق قبل أن يعتق المكاتب ورثه سيد المكاتب، لماذا؟ لأن المعتق وهو المكاتب حكمه حكم الرقيق، ما زال إلى الآن، ما تحرر، والمكاتب عبد ما بقي عليه درهم.

"قال مالك: وكذلك أيضاً لو كاتب المكاتب عبداً" عنده عبد في الصورة الأولى أعتقه قلنا: لا ينفذ إلا بإذن سيده، الثانية ما أعتقه، كاتبه، يعني هل يتضرر السيد بمكاتبة عبده؟ يتضرر بعتقه، لكن لو كاتبه، سيد كاتب عبده على ألف في الشهر، والمكاتب كاتب عبده على خمسمائة في الشهر، يتضرر السيد أو ينتفع؟ ينتفع نعم ما يتضرر.

وكذلك أيضاً لو كاتب المكاتب عبداً فعتق المكاتب الآخر قبل سيده الذي كاتبه؛ لأن عندنا السيد الأصلي رقم واحد، المكاتب الأول رقم اثنين، المكاتب الثاني رقم ثلاثة، لو كاتب المكاتب اللي هو رقم اثنين عبداً رقم ثلاثة فعتق المكاتب الآخر رقم ثلاثة قبل سيده الذي كاتبه، رقم إيش؟

طالب: اثنين.

نعم، فإن ولاءه لسيد المكاتب، رقم كم؟ رقم واحد، ما لم يعتق المكاتب الأول الذي كاتبه، فإن عتق الذي كاتبه رجع إليه ولاء مكاتبه الذي عتق قبله، يرجع إليه؛ لأنه صار أهل، أهل لأن يكون مولى من أعلى.

طالب: يا شيخ حتى لو تأخر؟

لو تأخر، نعم؛ لأنه صار أهل، أما إذا لم يكن أهل فإن ولاءه يكون لسيده.

"وإن مات المكاتب الأول قبل أن يؤدي، أو عجز عن كتابته وله ولد أحرار لم يرثوا ولاء مكاتب أبيهم" لأنهم في حكمه، إنما يرثون من أبيهم، وأبوهم ليس عنده ما يورث؛ لأنه عجز وصار رقيق، الرقيق يورث وإلا ما يورث؟ ما يورث ماله لسيده "لأنه لم يثبت لأبيهم الولاء، ولا يكون له الولاء حتى يعتق".

"قال مالك في المكاتب يكون بين الرجلين فيترك أحدهما للمكاتب الذي له عليه، ويشح الآخر ثم يموت المكاتب ويترك مالاً" يعني العبد بين زيد وعمرو، كاتباه على ألف في كل شهر أو في كل سنة لكل واحد منهما أحدهما تنازل، والثاني تمسك بماله، شح بماله، قال مالك: يقضي، يترك مالاً "ثم يموت المكاتب ويترك مالاً" قال مالك: "يقضي الذي لم يترك له شيئاً ما بقي له عليه" يعني ما بقي من نجومه وأقساطه يأخذها؛ لأنه ما تنازل عن شيء "ثم يقتسمان المال" يعني الباقي "بعد أخذ الذي شح نصيبه، كهيئته لو مات عبداً؛ لأن الذي صنع ليس بعتاقة، وإنما ترك ما كان له عليه" إيش معنى هذا الكلام؟ لأن الذي صنع ليس بعتاقة؟

طالب: عن ماله ولم يتنازل عن نصيب من الإرث؟ نعم؛ لأن الذي صنع، الذي تنازل، الذي ترك ما تنازل عن حقه في الولاء، وإنما تنازل عن نصيبه من المال.

"قال مالك: ومما يبين ذلك أن الرجل إذا مات وترك مكاتباً، وترك بنين رجالاً ونساءً، ثم أعتق أحد البنين نصيبه من المكاتب إن ذلك لا يثبت له من الولاء شيئاً، ولو كانت عتاقة لثبت الولاء لمن أعتق منهم من رجالهم ونسائهم" مو قلنا: إنه لا يرث إلا العصبة من الرجال؟ إذا باشر العتق من الرجال أو النساء له الولاء كما في حديث بريرة: ((اشترطي لهم الولاء، فإن الولاء لمن أعتق)) والولاء لعائشة بالنسبة لبريرة، المقصود أن تخصيص الذكور بالذكر، العصبة من الرجال المتعصبون بأنفسهم لا بغيرهم ولا مع غيرهم، هذا في حال إرث الولاء، نعم إذا أعتقه من يرثونه، فلا يدخل معهم النساء، أما النساء يرثن بالولاء إذا أعتقن.

يقول: "ومما يبين ذلك أن الرجل إذا مات وترك مكاتباً، وترك بنين رجالاً ونساءً، ثم أعتق أحد البنين نصيبه من المكاتب أن ذلك لا يثبت له من الولاء شيئاً، ولو كانت عتاقة لثبت الولاء لمن أعتق منهم من رجالهم ونسائهم" مات وترك مكاتب، ترك بنين، رجال ونساء، يعني ورثوا المكاتب، ورثوا، يعني نزلوا منزلة أبيهم بالنسبة للمكاتب، ثم أعتق أحد البنين نصيبه من المكاتب، أعتق أحد البنين نصيبه من المكاتب، يعني كيف أعتق نصيبه من المكاتب؟ تنازل عن النجوم التي تخصه، تنازل عن نصيبه "تنازل عن نصيبه أن ذلك لا يثبت له من الولاء شيئاً، ولو كانت عتاقة لثبت الولاء لمن أعتق منهم من رجالهم ونسائهم" كيف؟ أعتق أحد البنين نصيبه من المكاتب "أن ذلك لا يثبت له من الولاء شيئاً، ولو كانت عتاقة لثبت الولاء لمن أعتق منهم من رجالهم ونسائهم".

طالب: الظاهر أنه تنازل عن نصيبه من المال فقط يا شيخ؟

من المال إيه.

طالب: ولو أراد أن يتنازل عن العتاقة الحقيقية.......

ويش لون يعني؟

طالب: قد يكون تنازل العبد بينهم بين إخوة ذكور وإناث فما تنازل عن المال فقط، وإنما تنازل كذلك عن...

يعني وهب نصيبه لإخوانه من الورثة؟ حينئذٍ لا يكون له شيء، لا يكون له إرث، لكن لو تنازل عن نصيبه من الكتابة فقط ما صار هذه عتاقة، فيثبت له نصيبه من الإرث كما في الصورة السابقة.

"ثم أعتق أحد البنين نصيبه من المكاتب، أن ذلك لا يثبت له من الولاء شيئاً، ولو كانت عتاقة لثبت الولاء لمن أعتق منهم من رجالهم ونسائهم" أظن الصورة ما هي بواضحة وإلا واضحة؟ نعم؟

طالب:......

كيف؟

طالب:......

واضحة وإلا ما هي بواضحة؟

يقول: "ومما يبين ذلك" يعني انتهينا من المسألة، وهي أن العبد بين زيد وعمرو، كاتباه على نجوم عشرة، لكل واحد منهم ألف، أدى نجمين، ثلاثة، خمسة، ثم تنازل زيد، وبقيت نجوم عمرو، ثم مات العبد وعنده عشرة آلاف، بقي لعمرو خمسة آلاف، يأخذ الخمسة آلاف من هذه العشرة ويقسم الباقي بينهما.

قال: "ومما يبين ذلك أن الرجل إذا مات وترك مكاتباً" يعني قبل أن تنتهي نجوم الكتابة "وترك بنين رجالاً ونساءً، ثم أعتق أحد البنين نصيبه من المكاتب إن ذلك لا يثبت له من الولاء شيئاً، ولو كانت عتاقة لثبت الولاء لمن أعتق منهم من رجالهم ونسائهم".

طالب: مفهوم أعتق نصيبه؟

أعتق نصيبه من المكاتب، يعني تنازل عنه، كأنه وهبه، الآن لو أعتق نصيبه في الصورة السابقة التنازل ظاهر في المال، وهنا التنازل عن المال والولاء، والولاء لحمة كلحمة النسب، لا يباع ولا يوهب.

طالب: تنازل ليس للعبد.

تنازل لإخوانه؟ لا هو يقول: "ثم أعتق أحد البنين نصيبه من المكاتب إن ذلك لا يثبت له من الولاء شيئاً، ولو كانت عتاقة لثبت الولاء لمن أعتق منهم من رجالهم ونسائهم" هو كلامه "ولو كانت عتاقة لثبت الولاء لمن أعتق منهم" يدل على أنه ليس بعتق حقيقي، وإنما هو تنازل عن نصيبه من نجوم الكتابة كالسابقة.

طالب: إنما سموا عتاقة اسماً فقط؟

نعم، إي مثل الصورة السابقة.

"قال مالك: ومما يبين ذلك أنهم إذا أعتق أحدهم نصيبه ثم عجز المكاتب لم يقوم على الذي أعتق نصيبه ما بقي من المكاتب؛ ولو كانت عتاقة قوم عليه حتى يعتق في ماله" يعني لو كانت المكاتبة على عشر سنين، كل سنة نجم ألف والورثة خمسة، كل واحد له مائتين، واحد من الورثة تنازل، فبقي عليه نجوم كل سنة ثمانمائة، بعد أن أدى خمسة نجوم، أربعة آلاف، قال: والله عجزت ما أقدر، يقوم على الذي أعتق ويقال: ادفع لإخوانك؛ لأنك تنازلت وهو عجز والعبد رجع إلينا أو لا يقوم؟

يقول الإمام: "ثم عجز المكاتب لم يقوم على الذي أعتق نصيبه ما بقي من المكاتب؛ ولو كانت عتاقة" يعني يريد الإمام أن التنازل في كل هذه الصور إنما هو تنازل عن المال فقط "ولو كانت عتاقة قوم عليه حتى يعتق في ماله" كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من أعتق شركاً له في عبد قوم عليه قيمة العدل)) يعني يدفع لإخوانه، يلزمه أن يدفع لإخوانه لو كانت عتاقة، كما لو كان العبد بين اثنين بدون كتابة، جاء واحد قال: أنا نصيبي حر لله -جل وعلا-، يقوم عليه ويدفع نصيب صاحبه، هذا إذا كان يستطيع ذلك، وإذا كان لا يستطيع يستسعى العبد، فإن كان لا يستطيع السعي يكون مبعضاً.

((من أعتق شركاً له في عبد قوم عليه قيمة العدل، فإن لم يكن له مال عتق منه ما عتق)) يعني يكون مبعض.

طالب: أحسن الله إليك، الحديث هذا ما يرد على كلام الإمام مالك الأول؟

ويش هو؟

طالب: أنه لا يجوز العتق البعض، بعض العتق؟

لا، الإمام مالك كل كلامه يدور على أنه ليس بعتق.

طالب: ما في تبعيض؟

إيه، الإمام مالك يريد أن يبين أن عتق الشقص الخمس مثلاً ليس بعتق، هو ما قصد عتق، إنما قصد التنازل عن نجم من نجوم الكتابة، يعني الظاهر بالنسبة للمكاتب في حياة سيده، أو وارثه الذي يستوفي نجوم الكتابة نعم أنه مدين، كالحر المدين، يعني ما يلوح في الأفق أنه متى ما مات ورثناه، ما يحسبون الناس لمثل هذا الأمر، نعم، إنما حسابهم للشيء المحقق الذي هو النجوم التي تدفع كل شهر وكل سنة، أما كونه يتعلقون ويأملون بإرث يكون ما يدرى من يموت الأول ومن الآخر؟ وهل يوجد له ورثة؟ هل يتزوج ويولد له فيحرم؟ لا، ما يحسبون لهذا، فالصورة الظاهرة عند هؤلاء نجوم الكتابة، يعني مسألة ولاء وإرث بالولاء كثير من الناس ما يحسب لها، كما أن حياة الناس اليومية الآن تجد الولد يتدين وعلى راتبه، ويحسب حساب لدين وكذا، لا يخطر على باله أن أبوه يموت، ويبي يرث أموال، ويبي..، فلذلك هؤلاء الخمسة الذين ورثوا الكتابة عن أبيهم حينما يعتق أحدهم نصيبه إنما يريد أن يحرر هذا العبد من نصيبه من نجوم الكتابة، لا يلتفت إلى مسألة أنه متى ما مات يكون لي ولاؤه، وأرث وما أشبه ذلك، والتنظير ظاهر، يعني كثير..، يندر أن يوجد لئيم، ولد لئيم يتدين على أساس أنه يرث من والده وكذا، يعني هذا حمق، نعم، حمق، ما يدرى من يموت الأول، فكثير من الناس يتصرف ولا يخطر بباله أنه سوف يرث من والده، أو يسدد هذه الديون من تركة والده، وهذا الذي يخطر على البال بالنسبة لهؤلاء الخمسة، في تصوير الإمام مالك.

قال: "ومما يبين ذلك أيضاً" بخلاف ما إذا كان العبد بين زيد وعمرو وأعتق أحدهما، في نجوم ينتظرها ثم يعفو عنها؟ لا، اللي فيها النص ما فيها نجوم، تحول دون القصد، هو حينما أعتقه يريد بذلك وجه الله -جل وعلا-، يريد أنه يعتق به من النار؛ لأن من أعتق عبداً أعتقه الله به من النار، الرجل يعتق الرجل، يعتقه الله بكل عضو منه عضو من النار، ويعتق امرأة يعتق نصفه من النار، وذكرنا أن هذه من المواضع الخمسة التي تكون فيها المرأة على النصف من الرجل.

قال: "ومما يبين ذلك أيضاً أن من سنة المسلمين التي لا اختلاف فيها أن من أعتق شركاً له في مكاتب لم يعتق عليه في ماله" لم إيش؟ "أن من سنة المسلمين التي لا اختلاف فيها أن من أعتق شركاً له في مكاتب" شركاً له في مكاتب، ما هو في عبد "لم يعتق عليه في ماله، ولو عتق عليه كان الولاء له دون شركائه" يعني ما يقال: أنت والله أعتقته وشركائك كاتبوه، يلزمك عتقه، ما يدخل في الحديث، يعني الذي في الحديث أن واحد من الشركاء يعتق، والبقية يتمسكون بالرق، ولا يدخل في الحديث أن واحد منهم يعتق، والبقية يكاتبوه، لكن لو حصل العتق قبل المكاتبة صار الحكمة للعتق، حصلت المكاتبة قبل العتق صار الحكم للمكاتبة، للسابق منهما.

"ولو عتق عليه كان الولاء له دون شركائه، ومما يبين ذلك أيضاً أن من سنة المسلمين أن الولاء لمن عقد الكتابة" مثلما تقدم أن العبرة بالحال "وأنه ليس لمن ورث سيد المكاتب من النساء من ولاء المكاتب"؛ لأنه لا يرث الولاء إلا العصبة المتعصبون بأنفسهم، وهذا لا يدخل فيه النساء.

وليس في النساء طراً عصبة
 

 

إلا التي منت بعتق الرقبة

والمراد بذلك بعصبة يعني بالنفس، أما العصبة بالغير أو مع الغير يوجد في النساء كما ذكرنا أن البنت مع أخيها عصبة بالغير، والأخت مع البنت عصبة مع الغير.

"وأنه ليس لمن ورث سيد المكاتب من النساء من ولاء المكاتب، وإن أعتقن نصيبهن شيء، ليس لهن نصيب في الولاء، إنما ولاؤه لولد سيد المكاتب الذكور أو عصبته من الرجال" نعم.

أحسن الله إليك.

باب ما لا يجوز من عتق المكاتب:

قال مالك -رحمه الله-: إذا كان القوم جميعاً في كتابة واحدة لم يعتق سيدهم أحداً منهم دون مؤامرة أصحابه الذين معه في الكتابة، ورضا منهم، وإن كانوا صغاراً فليس مؤامرتهم بشيء، ولا يجوز ذلك عليهم.

قال: وذلك أن الرجل ربما كان يسعى على جميع القوم، ويؤدي عنهم كتابتهم؛ لتتم به عتاقتهم، فيعمد السيد إلى الذي يؤدي عنهم، وبه نجاتهم من الرق، فيعتقه فيكون ذلك عجزاً لمن بقي منهم، وإنما أراد بذلك الفضل والزيادة لنفسه، فلا يجوز ذلك على من بقي منهم، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا ضرر ولا ضرار)) وهذا أشد الضرر.

قال مالك -رحمه الله- في العبيد يكاتبون جميعاً: إن لسيدهم أن يعتق منهم الكبير الفاني، والصغير الذي لا يؤدي واحد منهما شيئاً، وليس عند واحد منهما عون ولا قوة في كتابتهم، فذلك جائز له.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب ما لا يجوز من عتق المكاتب:

ما لا يجوز من عتق المكاتب، الآن عتق مصدر، والمكاتب فاعل وإلا مفعول للمصدر؟

طالب: مفعول.

هل المقصود أن المكاتب يُعتِق أو المقصود أن المكاتب يُعتَق؟ نعم؟ ننظر في كلامه -رحمه الله-.

قال مالك: "إذا كان القوم جميعاً في كتابة واحدة" يعني خمسة ستة من الأرقاء في عقد واحد، كوتبوا على مائة ألف يدفعون منها كل شهر ألف، بعقد واحد، لم يعتق سيدهم أحداً منهم دون مؤامرة أصحابه الذين معه في الكتابة، يعني هم كم؟ قلنا: عشرة أو خمسة، أو أكثر أو أقل، أراد أن يمن على واحد منهم بالعتق، فيختار منهم.

طالب: بعد المكاتبة يا شيخ؟

بعد المكاتبة.

يقول: "لم يعتق سيدهم أحداً منهم دون مؤامرة أصحابه الذين معه في الكتابة، ورضاً منهم" لماذا؟

طالب: لا يكون في عقد ثاني...

لأنهم متضامنون "وإن كانوا صغاراً فليس مؤامرتهم بشيء" يعني أخذ إذنهم ليس بشيء؛ لأنهم لا يملكون الإذن، ولا يتصرفون في أنفسهم فضلاً عن غيرهم، ما يملكون الإذن، ولا يجوز ذلك عليهم.

المسألة إذا كانوا كبار واستأذنوا في أن يعتق واحد منهم، وأذنوا، الأمر لا يعدوهم، وإذا كانوا صغار لا يملكون الإذن، المكلف لا يأذن في مثل هذه الأمور.

"قال مالك: وذلك أن الرجل ربما كان يسعى على جميع القوم" يمكن هذا الذي أعتق هو اللي بيحررهم، هو الذي يسعى عليهم، هو أنشطهم، وأجودهم، وأعرفهم، وأفهمهم، فيتضررون بعتقه.

"وذلك أن الرجل ربما كان يسعى على جميع القوم، ويؤدي عنهم كتابتهم؛ لتتم به عتاقتهم، فيعمد السيد إلى الذي يؤدي عنهم، وبه نجاتهم من الرق فيعتقه" لكن لو قدر أنه عمد إلى أضعفهم، الذي ما فيه حراك للسعي، ولا للكسب ولا شيء، قال: هذا وجوده مثل عدمه نعتقه؟ يعتقه بدون إذنهم وإلا لا؟ لا بد من إذنهم، وهم بدورهم في الغالب أنهم يأذنوا؛ لأنهم ما يتضررون بعتقه، بخلاف الأول، نعم؟

طالب:......

ويش هو؟

طالب:......

دون مؤامرة أصحابه الذين معه.

طالب:......

طيب.

قال: "وذلك أن الرجل ربما كان يسعى على جميع القوم، ويؤدي عنهم كتابتهم؛ لتتم به عتاقتهم، فيعمد السيد إلى الذي يؤدي عنهم، وبه نجاتهم من الرق فيعتقه، فيكون ذلك عجزاً لمن بقي منهم، وإنما أراد بذلك الفضل والزيادة لنفسه، فلا يجوز ذلك على من بقي منهم، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا ضرر ولا ضرار))" ولا شك أن إعتاق مثل هذا يضر بالبقية، وهذا أشد الضرر.

"قال مالك في العبيد يكاتبون جميعاً: إن لسيدهم أن يعتق منهم الكبير الفاني، والصغير الذي لا يؤدي واحد منهما شيئاً، وليس عند واحد منهما عون ولا قوة في كتابتهم، فذلك جائز له" هذا كلام مالك باعتبار أنه مثل هذا لا يسمن ولا يغني من جوع، لكن لو أن الإمام مالك نظر إليهم من ناحية أخرى، أنه يمكن هذا الكبير الفاني هو الذي يعتقهم، وهو الذي يحررهم، باعتبار أن الناس يعطفون عليه، ويتصدقون عليه، ويسعى في تحريرهم، فهذا لا يختلف عنه، فلا بد من إذنهم؛ لأنهم متضامنون في الجميع، فكما أن القوي المكتسب يحررهم بكسبه، فإن الكبير الفاني الذي لا يستطيع الكسب يمكن أن..، بسببه يعتقون، نعم.

أحسن الله إليك.

باب ما جاء في عتق المكاتب وأم ولده:

قال مالك -رحمه الله- في الرجل يكاتب عبده ثم يموت المكاتب، ويترك أم ولده وقد بقيت عليه من كتابته بقية، ويترك وفاء بما عليه، قال مالك -رحمه الله-: إن أم ولده أمة مملوكة حين لم يعتِق المكاتب حتى مات

يُعتَق المكاتب.

أحسن الله إليك.

قال مالك -رحمه الله-: إن أم ولده أمة مملوكة حين لم يُعتَق المكاتب حتى مات، ولم يترك ولداً فيعتقون بأداء ما بقي فتعتق أم ولد أبيهم بعتقهم.

قال مالك -رحمه الله- في المكاتب يعتق عبداً له أو يتصدق ببعض ماله، ولم يعلم بذلك سيده حتى عتق المكاتب، قال مالك -رحمه الله-: ينفذ ذلك عليه، وليس للمكاتب أن يرجع فيه، فإن علم سيد المكاتب قبل أن يعتق المكاتب فرد ذلك ولم يجزه، فإنه إن عتق المكاتب وذلك في يده لم يكن عليه أن يعتق ذلك العبد، ولا أن يخرج تلك الصدقة، إلا أن يفعل ذلك طائعاً من عند نفسه.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب ما جاء في عتق المكاتب وأم ولده:

"قال مالك في الرجل يكاتب عبده ثم يموت المكاتَب" يعني قبل استكمال أداء نجوم الكتابة "ويترك أم ولده" التي وطئها، فولدت له ولداً "وقد بقيت عليه من كتابته بقية" الآن مات وهو حر وإلا مات وهو رقيق؟ نعم مات وهو رقيق؛ لأنه عبد ما بقي عليه درهم، وقد بقي عليه دراهم "وقد بقيت عليه من كتابته بقية، ويترك وفاء بما عليه" باقي عليه خمسة أقساط، وخمسة آلاف، وجد في تركته خمسة آلاف، وهذا كله بناءً على مذهب الإمام مالك في كونه يملك، نعم، أو كان هذا من كسبه، نعم، هذا من كسبه بعد الكتابة، المقصود أنه ترك وفاءً، وفاءً يمكن أن يسدد عنه، ويعتق به لو كان حياً، لكنه مات وهو رقيق لم يتحرر.

"يترك وفاءً بما عليه أن أم ولده أمة مملوكة حيث لم يعتق المكاتب حتى مات" لأن العبرة بالموت الذي تنتقل به الأموال من الميت إلى وارثه، وهو لما مات هو حر وإلا عبد؟ عبد، نعم، هل نقول: إنه حكمه حكم المبعض؟ يورث منه بقدر ما فيه من حرية؟ أو نقول: هو عبد ما زال عبداً؟ نعم؟ ما زال عبد، نعم، عبد ما بقي عليه درهم.

"أن أم ولده مملوكة حيث لم يعتَق المكاتب حتى مات، ولم يترك ولداً فيعتقون بأداء ما بقي فتعتق أم ولد أبيهم بعتقهم" إيش الفرق بين أم الولد والولد؟ يعني تقدم التفريق من جهة الإمام أنه إذا عجز عن الاكتساب وعنده أم ولد، وعنده أولاد أن أم الولد تباع، من أجل أن يعتق الجميع، فكيف هنا يقول: لو ترك ولداً يعتقون بأداء ما بقي بعد موت أبيهم.

طالب: يتابعون أبيهم، يؤدون ما عليهم...

يعني كوتبوا معه، أو كاتب عليهم معه؟ نعم ممكن أن يكون معه في عقد الكتابة، طيب لو كانت أم الولد معه في عقد الكتابة؟ نعم؟

طالب:......

نعم؟

طالب:......

نعم، قلنا في التفريق السابق: إن هذه أم الولد ما دام حياً فهي رقيقة تباع، بينما لو كان..، إذا مات حررها ولدها، يحررها ولدها الحر أو العبد؟ الحر، يحررها ولدها الحر، وهذه مات سيدها قبل أن يعتق، فلم تتحرر بموته، وبقيت ملكاً لسيده، وهو مات وهو لم تتم حريته، فيرثه سيده، بينما الأولاد ليسوا ملكاً لأبيهم بخلاف أم ولده، فيعتقون إذا أدوا بقية النجوم، ولو بعد موت أبيهم، هذا هو الفرق بينهم.

"قال مالك في المكاتب يعتق عبداً له، أو يتصدق ببعض ماله، ولم يعلم بذلك سيده حتى عتق المكاتب، قال مالك: ينفذ ذلك عليه" لماذا؟ لأنه لم يتضرر به، لو أن مديناً تصدق بصدقة لا تضر بدائنه، يجوز وإلا ما يجوز؟ لو حج، لو قال: أنا علي أقساط وماشية، أقساطي ماشية شهرية، كل شهر ألف، وأنا أدفع ألف من راتبي، وحج، هل يلام وإلا ما يلام؟ النجوم ما حلت عليه، لكن إذا كان حجه يؤثر على الأقساط، لا شك أنه يمنع، يمنع من الحج، فهذا مثله يقول: "في المكاتب يعتق عبداً له أو يتصدق ببعض ماله، ولم يعلم بذلك سيده حتى عتق المكاتب، قال مالك: ينفذ ذلك عليه"؛ لأن المنع إنما هو من أجل صيانة حق المكاتب، وليس للمكاتب أن يرجع فيه "فإن علم سيد المكاتب قبل أن يعتق المكاتب فرد ذلك ولم يجزه، فإنه إن أعتق المكاتب وذلك في يده لم يكن عليه عتق ذلك العبد" يعني إذا علم السيد أنه أعتق، له أن يمنع احتياطاً لنجوم الكتابة "لم يكن عليه أن يعتق ذلك العبد، ولا أن يخرج تلك الصدقة إلا أن يفعل ذلك طائعاً من عند نفسه".

ويش لون؟ لأنه الآن العبد أعتق بدون إذن السيد، ولا علم السيد حتى انتهت نجوم الكتابة، قال العبد: أنا ما دريت أنه لازم استأذن السيد، أبرجع الآن بالعبد، يرجع وإلا ما يرجع؟ لا يرجع.

"وليس للمكاتب أن يرجع فيه، فإن علم سيد المكاتب قبل أن يعتق المكاتب فرد ذلك ولم يجزه، فإنه إن عتق المكاتب وذلك في يده لم يكن عليه أن يعتق ذلك العبد" لا يلزمه أن يعتق ذلك العبد، والفرق بين الصورتين: أن السيد علم قبل العتاقة قبل تمام نجوم الكتابة في الصورة الثانية، في الصورة الأولى لم يعلم إلا بعد العتق، بعد تمام العتق، ولا أن يخرج تلك الصدقة إلا أن يفعل ذلك طائعاً من عند نفسه، إذا أخرجها طائعاً من عند نفسه الأمر لا يعدوه.

الوصية في المكاتب يمدينا عليها وإلا..؟

طالب:......

يا الله، يا الله أعطينا إياها؟

أحسن الله إليك.

باب الوصية في المكاتب:

قال مالك -رحمه الله-: إن أحسن ما سمعت في المكاتب يعتقه سيده عند الموت، أن المكاتب يقام على هيئته تلك، التي لو بيع كان ذلك الثمن الذي يبلغ، فإن كانت القيمة أقل مما بقي عليه من الكتابة وضع ذلك في ثلث الميت، ولم يَنظر إلى عدد الدراهم.

يُنظر، يُنظر

ولم ينظَر إلى عدد الدراهم التي بقيت عليه، وذلك أنه لو قتل لم يغرم قاتله إلا قيمته يوم قتله، ولو جرح لم يغرم جارحه إلا دية جرحه يوم جرحه، ولا ينظر في شيء من ذلك إلى ما كوتب عليه من الدنانير والدراهم؛ لأنه عبد ما بقي عليه من كتابته شيء، وإن كان الذي بقي عليه من كتابته أقل من قيمته لم يحسب في ثلث الميت إلا ما بقي عليه من كتابته، وذلك أنه إنما ترك الميت له ما بقي عليه من كتابته، فصارت وصية أوصى بها.

قال مالك -رحمه الله-: وتفسير ذلك أنه لو كانت قيمة المكاتب ألف درهم، ولم يبق من كتابته إلا مائة درهم، فأوصى سيده له بالمائة درهم التي بقيت عليه، حسبت له في ثلث سيده، فصار حراً بها.

قال مالك -رحمه الله- في رجل كاتب عبده عند موته: إنه يقوم عبداً، فإن كان في ثلثه سعة لثمن العبد جاز له ذلك.

قال مالك -رحمه الله-: وتفسير ذلك أن تكون قيمة العبد ألف دينار فيكاتبه سيده على مائتي دينار عند موته، فيكون ثلث مال سيده ألف دينار، فذلك جائز له، وإنما هي وصية أوصى له بها في ثلثه، فإن كان السيد قد أوصى لقوم بوصايا، وليس في الثلث فضل عن قيمة المكاتب، بدئ بالمكاتب؛ لأن الكتابة عتاقة، والعتاقة تبدأ على الوصايا، ثم تجعل تلك الوصايا في كتابة المكاتب، يتبعونه بها، ويخير ورثة الموصي، فإن أحبوا أن يعطوا أهل الوصايا وصاياهم كاملة، وتكون كتابة المكاتب لهم، فذلك لهم، وإن أبوا وأسلموا المكاتب وما عليه إلى أهل الوصايا فذلك لهم؛ لأن الثلث صار في المكاتب؛ ولأن كل وصية أوصى بها أحد، فقال الورثة: الذي أوصى به المكاتب.

أوصى به صاحبنا

أحسن الله إليك.

فقال الورثة؟ نعم؟ الذي أوصى به صاحبنا أكثر من ثلثه.

فقال الورثة: الذي أوصى به صاحبنا أكثر من ثلثه، وقد أخذ ما ليس له، قال: فإن ورثته يخيرون فيقال لهم: قد أوصى صاحبكم بما قد علمتم، فإن أحببتم أن تنفذوا ذلك لأهله على ما أوصى به الميت، وإلا فأسلموا أهل الوصايا ثلث مال الميت كله، قال: فإن أسلم الورثة المكاتب إلى أهل الوصايا كان لأهل الوصايا ما عليه من الكتابة، فإن أدى المكاتب ما عليه من الكتابة أخذوا ذلك في وصاياهم على قدر حصصهم، وإن عجز المكاتب كان عبداً لأهل الوصايا، لا يرجع إلى أهل الميراث؛ لأنهم تركوه حين خيروه.

خُيروا، خُيروا.

أحسن الله إليك.

لا يرجع إلى أهل الميراث؛ لأنهم تركوه حين خيروا؛ ولأن أهل الوصايا حين أسلم إليهم ضمنوه، فلو مات لم يكن لهم على الورثة شيء، وإن مات المكاتب قبل أن يؤدي كتابته، وترك مالاً هو أكثر مما عليه، فماله لأهل الوصايا، وإن أدى المكاتب ما عليه عتق، ورجع ولاؤه إلى عصبة الذي عقد كتابته.

قال مالك -رحمه الله- في المكاتب يكون لسيده عليه عشرة آلاف درهم، فيضع عنه عند موته ألف درهم، قال مالك -رحمه الله-: يقوم المكاتب فينظر كم قيمته؟ فإن كانت قيمته ألف درهم فالذي وضع عنه عشر الكتابة، وذلك في القيمة مائة درهم، وهو عشر القيمة، فيوضع عنه عشر الكتابة فيصير ذلك إلى عشر القيمة نقداً، وإنما ذلك كهيئته لو وضع عنه جميع ما عليه، ولو فعل ذلك لم يحسب في ثلث مال الميت إلا قيمة المكاتب ألف درهم، وإن كان الذي وضع عنه نصف الكتابة حسب في ثلث مال الميت نصف القيمة، وإن كان أقل من ذلك أو أكثر فهو على هذا الحساب.

قال مالك -رحمه الله-: إذا وضع الرجل عن مكاتبه عند موته ألف درهم من عشرة آلاف درهم، ولم يسم أنها من أول كتابته أو من آخرها، وضع عنه من كل نجم عشره.

قال مالك -رحمه الله-: وإذا وضع الرجل عن مكاتبه عند موته ألف درهم، من أول كتابته أو من آخرها، وكان أصل الكتابة على ثلاثة آلاف درهم، قوم المكاتب قيمة النقد، ثم قسمت تلك القيمة، فجعل لتلك الألف التي من أول الكتابة حصتها من تلك القيمة بقدر قربها من الأجل وفضلها، ثم الألف التي تلي الألف الأولى بقدر فضلها أيضاً، ثم الألف التي تليها بقدر فضلها أيضاً، حتى يؤتى على آخرها تفضل كل ألف بقدر موضعها في تعجيل الأجل وتأخيره؛ لأن ما استأخر من ذلك كان أقل في القيمة، ثم يوضع في ثلث الميت قدر ما أصاب تلك الألف من القيمة على تفاضل ذلك إن قل ذلك أو كثر، فهو على هذا الحساب.

قال مالك -رحمه الله- في رجل أوصى لرجل بربع مكاتب أو أعتق ربعه فهلك الرجل، ثم هلك المكاتب، وترك مالاً كثيراً مما بقي عليه، قال مالك -رحمه الله-: يعطى ورثة السيد والذي أوصى له بربع المكاتب ما بقي...

ما بقي لهم.

أحسن الله إليك.

قال مالك -رحمه الله-: يعطى ورثة السيد والذي أوصى له بربع المكاتب ما بقي لهم على المكاتب، ثم يقتسمون ما فضل، فيكون للموصى له بربع المكاتب ثلث ما فضل بعد أداء الكتابة، ولورثة سيده الثلثان، وذلك أن المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء، فإنما يورث بالرق.

قال مالك -رحمه الله- في مكاتب أعتقه سيده عند الموت، قال: إن لم يحمله ثلث الميت عتق منه قدر ما حمل الثلث، ويوضع عنه من الكتابة قدر ذلك، إن كان على المكاتب خمسة آلاف درهم، وكانت قيمته ألفي درهم نقداً، ويكون ثلث الميت ألف درهم عتق نصفه ويوضع عنه شطر الكتابة.

قال مالك -رحمه الله- في رجل قال في وصيته: غلامي فلان حر، وكاتبوا فلاناً، قال: تُبدّأ العتاقة على الكتابة.

 

طويل إيه، غداً -إن شاء الله-...

"