شرح الموطأ - كتاب قصر الصلاة في السفر (2)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

نعم، سم.

باب: صلاة الإمام إذا أجمع مكثًا:

حدثني يحيى عن مالك عن عطاء الخرساني أنه سمع سعيد بن المسيب قال: "من أجمع إقامة أربع ليال وهو مسافر أتم الصلاة" قال مالك: "وذلك أحب ما سمعت إلي" وسئل مالك عن صلاة الأسير، فقال: "مثل صلاة المقيم إلا أن يكون مسافرًا".

يقول: "باب: صلاة الإمام إذا أجمع مكثًا" أي عزم على المكث، إذا أجمع مكثًا، وهناك الترجمة التي قبلها: "ما لم يجمع مكثًا" فهذه الترجمة تؤكد مفهوم الترجمة السابقة.

قوله: "حدثني يحيى عن مالك عن عطاء -بن أبي مسلم- الخرساني" وثقه ابن معين، وتكلم بل أدخله الإمام البخاري في الضعفاء، خرّج له الإمام مسلم، على كل حال فيه كلام، لكنه أقل ما يقال فيه: إنه صدوق "أنه سمع سعيد بن المسيب قال: "من أجمع إقامة أربع ليالٍ وهو مسافر أتم الصلاة" لأن من أجمع يعني عزم ونوى على الإقامة أربع ليالٍ وهو مسافر أتم الصلاة؛ لأن ذلك قطع حكم السفر.

"قال مالك: "وذلك أحب ما سمعت إلي" من الخلاف في ذلك، وبهذا قال الشافعي وأحمد، يعني أربع ليالٍ هو قول مالك، أحب إلي يعني قوله واختياره، وهو أيضًا قول الشافعي وأحمد وداود وجماعة، وحجتهم حديث: ((يمكث المهاجر بعد قضاء نسكه بمكة ثلاثًا)) ومعلومٌ أن مكة لا يجوز لمهاجرٍ أن يتخذها دار إقامة فدل على أن ما زاد على الثلاثة كالأربع تسمى إقامة.
وقال الثوري وأبو حنيفة: إذا نوى إقامة خمسة عشر يومًا أتم الصلاة ودونها يقصر، على كل حال التحديد بمدة هو قول الأئمة الأربعة، وهو قولٌ أيضًا التحديد بالمسافة، الخلاف في المسافة تقدم، الثلاثة يرون أربعة برد، أبو حنيفة يرى ثلاثة أيام يعني ستة برد.

بالنسبة للإقامة الأربعة على التحديد، الثلاثة على أربعة أيام، وأبو حنيفة يرى خمسة عشر يومًا، وعلى كل حال التحديد هو قول الأئمة الأربعة سواءً في المسافة وفي المدة، والقول بالإطلاق كما هو مقتضى النصوص هو الأصل، لكن يبقى أنه وإن كان هو الأصل إلا أن عمل السلف على خلافه، فدل على أنهم فهموا من هذا الإطلاق أن مراد الشارع هذا التقييد، وذلكم باللوازم التي ترتبت على الإطلاق.

"وسئل مالك عن صلاة الأسير، فقال: مثل صلاة المقيم" يعني يتم، يعني إذا كان في بلده، إذا كان في بلد وهو أسير "مثل صلاة المقيم إلا أن يكون مسافرًا" هو أسير وماكث، لكنه من غير طوعه ولا اختياره، فهل يمكن أن يكون أسيرًا وهو في بلده؟ يصير أسيرًا وهو في بلده؟ يعني أسروه في بلده، وحينئذٍ يصلي صلاة مقيم، إذا كان مسافرًا يعني أسر في غير بلده وإن زادت المدة على أربعة أيام فإنه يصلي صلاة مسافر فيقصر؛ لأن إقامته ليست باختياره، وقل مثل هذا فيمن صار عليه حادث مثلًا في بلدٍ ما وسجن، ارتكب مخالفة وسجن شهر شهرين ثلاثة لا يزال مسافرًا؛ لأن إقامته من غير عزمٍ منه، ولا من طوعه ولا من اختياره، وحينئذٍ له أن يترخص.
الآن الآثار التي ساقها الإمام مالك عن الصحابة وعند غيره أضعاف ما ذكره الإمام مالك من تقدير المسافة بأربعة برد دل على أن المسافة بهذا التقدير معتبر عند أهل العلم عند السلف على وجه الخصوص، وهي أربعة برد، والأربعة برد معروفة هي ثمانين كيلو، فدل على أن المسافة تحديدها بالكليوات أو بالبرد أو بالأميال أو بالفراسخ معروف عندهم، وإن كان جاء بعض النصوص تقديرها بالمدة باليوم والليلة والثلاثة أيام وباليومين؛ لأن هذه أمور منضبطة عندهم، فاليوم والليلة مسافة ما يقطع في يوم وليلة عندهم منضبط، في يومين منضبط وهم يحددون بهذا، بين مكة وجدة يومان، بين مكة والطائف يومين، بين مكة وعسفان يومين، بين مكة و.. إلى آخره، هم يحددون بين مكة وذي الحليفة عشر مراحل، يعني عشر ليال منضبطة عندهم، نعم، سم.

"باب: صلاة المسافر إذا كان إمامًا أو كان وراء إمام:

حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه -رضي الله عنه- أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كان إذا قدم مكة صلى بهم ركعتين، ثم يقول: يا أهل مكة أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر.

وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- مثل ذلك.
وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يصلي وراء الإمام بمنى أربعًا فإذا صلى لنفسه صلى ركعتين.

وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن صفوان أنه قال: جاء عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- يعود عبد الله بن صفوان فصلى لنا ركعتين ثم انصرف فقمنا فأتممنا.
يقول -رحمه الله تعالى-: "باب: صلاة المسافر إذا كان إمامًا أو كان وراء إمام" يريد -رحمه الله تعالى- أن يقرر أن العبرة بالإمام، فإن كان مسافرًا صلى قصرًا، كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- لما صلى بمكة وقال:
((أتموا)) واقتدى به عمر -رضي الله عنه-، كما في الخبر الذي ساقه الإمام مالك، هذا بالنسبة للإمام لا يلزمه الإتمام إذا أمَّ مقيمين، لكن إذا كان وراء إمام المسافر؛ فإن كان الإمام مسافرًا فلا إشكال يقصر الصلاة كلٌ من الإمام والمأموم، لكن إذا كان الإمام مقيمًا والمأموم مسافرًا فمن ائتم بمقيم فإنه يلزمه الإتمام، وقد أورد الإمام مالك ما يدل على الشقين، إن ائتم بمقيم لزمه الإتمام هذا قول عامة أهل العلم، إن ائتم المسافر بمقيم لزمه الإتمام.

لكن هل الملاحظ في وصف الإمام شخص الإمام أو صلاة الإمام؟ هل الملاحظ صلاته أو شخصه؟ زيد من الناس مقيم وهو إمام دخل مسافر ليصلي العشاء، وهذا الإمام المقيم في صلاة التراويح يصلي ركعتين، نقول: يا مسافر أنت ائتممت بمقيم يلزمك الإتمام؟ أو دخل هذا المسافر وراء زيد وهو يصلي العشاء أربع ركعات نقول: يلزمك الإتمام لأنك صليت خلف مقيم، هذه ما فيه إشكالية ائتم بمقيم لزمه الإتمام، لكن هل المنظور وصف الإمام الشخصي أو وصفه الحكمي المرتبط بالصلاة؟
طالب:......
نعم الثاني، وعلى هذا لو دخل مسافر وصلى خلف مقيم يصلي التراويح صلى العشاء ركعتين يلزمه الإتمام أم لا؟ ما يلزمه، لكن لو صلى خلفه العشاء يصليها أربع ركعات يلزمه يأتي بركعتين، إن ائتم بمقيم لزمه الإتمام.

لكن من الصور النادرة أن يأتي شخص مسافر ويؤم مقيمين، مسافر يؤم مقيمين، ويدخل مسافر ولا يدري هل الإمام مسافر أو مقيم فيصلي خلف هذا، أدرك ركعة الإمام صلى ركعتين وسلم، وهذا أدرك ركعة من هاتين الركعتين وقام الناس يقضون، وعلى اعتبار أن هذا الإمام مقيم يصلي كم ركعة هذا المسافر؟ نعم؟

طالب:......
لا، هذا ظهر وإلا عصر، بناءً على أن المكان مكان إقامة، الغالب أن الإمام مقيم، يعني في مسجد في داخل أحياء مكة، جاء شاب من الشباب وتقدم وصلى بهم ركعتين -هذا حاصل- فلما سلم قال: أتموا فإنا قومٌ سفر، وليست له أي صفة تميزه بين هؤلاء المأمومين، فقاموا بدءًا من المؤذن إلى آخر واحد في المسجد يتمون، وواحد من المسافرين لحق بهم وصلى معهم أربع ركعات والإمام مسافر مثله، مثل هذه التصرفات لا شك أنها توقع المصلين في حرج، المسجد كله عشرة صفوف يقضون للصلاة؟!

طالب:......
لا، هذه حصلت في مسجد داخل مكة، وشاب ليست له أي صفة تميزه، وإلا الرسول -عليه الصلاة والسلام- صلى بمكة وقال: أتموا، عمر -رضي الله عنه- كما هنا صلى وقال: أتموا، إذا كانت له صفة تميزه لا بأس، لكن إذا لم يكن له صفة تميزه فكيف يجعل الناس كلهم في حكم المسبوقين؟!
هنا يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن -أباه- عمر بن الخطاب كان إذا قدم مكة صلى بهم إمامًا" لأنه هو الخليفة وهو السلطان وهذا سلطانه، صلى بهم ركعتين "ثم يقول: يا أهل مكة أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر" سَفر بفتح فسكون جمع سافر كركب جمع راكب، عمر -رضي الله عنه- امتثل فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، قال عمران بن الحصين: "شهدتُ مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الفتح فأقام مكة لا يصلي إلا ركعتين ثم يقول لأهل مكة:
((صلوا أربعًا فإنا قومٌ سفر)) فالإمام لا يلزم بالإتمام إذا أمَّ المقيمين، لكن المسافر إذا ائتم بمقيم لزمه الإتمام.

ثم قال: "وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب مثل ذلك" فله طريقان كلٌ منهما صحيح.

"وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يصلي وراء الإمام بمنى أربعًا" يصلي أربعًا؛ لأن الإمام متم، النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يقصر الصلاة بمنى وجرى على هذا أبو بكر ثم عمر وعثمان في أول أيامه ثم أتم، وتأول -رضي الله عنه- فصار الصحابة معه يتمون، ابن عمر يتم ابن مسعود يتم فيتمون لوجوب متابعة الإمام، وترك الخلاف له، وإن اعتقد أن القصر أفضل؛ ولذا يقول ابن مسعود: ليت حظي من أربع ركعات ركعتان متقبلتان "فإذا صلى لنفسه صلى ركعتين" يعني على أصل لأنه مسافر.

ثم قال: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن صفوان -بن عبد الله بن صفوان بن أمية القرشي- أنه قال: جاء عبد الله بن عمر يعود عبد الله بن صفوان" جاء عبد الله بن عمر يعود عبد الله بن صفوان بن أمية "فصلى -ابن عمر- لنا" يعني صلى بنا ركعتين؛ لأنه مسافر "ثم انصرف" يعني سلم من الصلاة "فقمنا فأتممنا" لأن المقيم يلزمه إتمام الصلاة ولو صلى خلف من يقصرها، فصلى بهم وهو مسافر ركعتين وهم مقيمون، وحينئذٍ إذا سلم يقومون لإتمام الصلاة.
طالب:......
نعم، يعود عبد الله بن صفوان، ابن عمر من أين جاء؟ جاء عبد الله بن عمر يعود عبد الله بن صفوان، عبد الله بن صفوان معروف أنه بمكة، وابن عمر جاء من المدينة فجاء يعوده، عبد الله بن صفوان كان مع عبد الله بن الزبير وقتل معه وهو متعلقٌ بأستار الكعبة، وعبد الله بن عمر جاء يعوده فهو مسافر، وعبد الله بن صفوان مقيم بمكة.

طالب:......
يعني شخص مقيم لزمه صلاة نسيها، نسي صلاة ظهر وهو مقيم، ثم تذكرها حال السفر أو العكس، أهل العلم يرجحون أن تصلى صلاة مقيم؛ لأنه أحوط.
طالب:......
لا، الصلاة صلاة مقيم؛ لأنها لزمته في حال الإقامة، نعم.

"باب: صلاة النافلة في السفر بالنهار والليل والصلاة على الدابة:
حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه لم يكن يصلي مع صلاة الفريضة في السفر شيئًا قبلها ولا بعدها إلا من جوف الليل، فإنه كان يصلي على الأرض وعلى راحلته حيث توجهت.

وحدثني عن مالك أنه بلغه أن القاسم بن محمد وعروة بن الزبير وأبا بكر بن عبد الرحمن كانوا يتنفلون في السفر، قال يحيى: وسئل مالك عن النافلة في السفر فقال: لا بأس بذلك بالليل والنهار، وقد بلغني أن بعض أهل العلم كان يفعل ذلك.

وحدثني عن مالك قال: بلغني عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يرى ابنه عبيد الله بن عبد الله يتنفل في السفر فلا ينكر عليه.

وحدثني عن مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبي الحباب سعيد بن يسار عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي وهو على حمار، وهو متوجه إلى خيبر.

وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي على راحلته في السفر حيث توجهت به، قال عبد الله بن دينار: وكان عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- يفعل ذلك.

وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد قال: رأيت أنس بن مالك -رضي الله عنه- في السفر وهو يصلي على حمار، وهو متوجه إلى غير القبلة يركع ويسجد إيماءً من غير أن يضع وجهه على شيء.

يقول -رحمه الله تعالى-: "باب: صلاة النافلة في السفر بالنهار والليل والصلاة على الدابة"
"حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه لم يكن يصلي مع صلاة الفريضة في السفر شيئًا قبلها ولا بعدها" والنفي هذا يتناول الرواتب كما أنه يتناول النفل المطلق "لم يكن يصلي مع صلاة الفريضة في السفر شيئًا لا قبلها ولا بعدها" وهذا يشمل الرواتب ويشمل المطلق، ويشمل أيضًا ما جاء فضله بخصوصه كأربع ركعات قبل العصر، "إلا من جوف الليل" فقيام الليل النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يترك الوتر ولا ركعتي الصبح سفرًا ولا حضرًا، وما عدا ذلك فلم يحفظ عنه أنه كان يتنفل إلا ما ذكرته أم هانئ، يعني في البخاري عن أم هانئ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى في بيته يوم الفتح ثمان ركعات، والعلماء يختلفون هل هذه تسمى صلاة الفتح أو تسمى سبحة الضحى؟ وثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى السبحة بالليل في السفر على ظهر راحلته حيث توجهت به، فقيام الليل له شأن ينبغي ألا يترك سفرًا ولا حضرًا، الرواتب هي التي أثر عن كثير من السلف تركها كما قال ابن عمر -رضي الله عنهما-: "لو كنتُ مسبحًا لأتممت" وحفظ عنه أنه كان لا يصلي مع صلاة الفريضة شيئًا إلا ما كان في جوف الليل.

في البخاري عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "صحبت النبي -صلى الله عليه وسلم- فلم أره يسبح في السفر، وقال الله -جل ذكره-: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [(21) سورة الأحزاب]" وعلى هذا الأولى ترك التنفل في السفر لا سيما الرواتب، والسبب في ذلك أن المسافر يكتب له ما كان يعمله في إقامته كما أن المريض يكتب له ما كان يعمله في صحته، فإذا كان الله -جل وعلا- رخص للمسافر وخفف عنه صلاة الفريضة من أربع إلى ركعتين، وهذه رخصة يحب الله -جل وعلا- أن تؤتى، فلأن يترك التطوع في السفر من باب أولى؛ ولذا يقول ابن عمر: "لو كنتُ مسبحًا لأتممت" يعني لو كنت متنفلًا بشيء من النوافل لصليت الفريضة كاملة، الفريضة أولى بالمحافظة من النافلة.

يقول: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن القاسم بن محمد وعروة بن الزبير وأبا بكر بن عبد الرحمن كانوا يتنفلون في السفر" الثلاثة كلهم من الفقهاء السبعة، وكانوا يتنفلون في السفر "قال يحيى: وسئل مالك عن النافلة في السفر فقال: لا بأس بذلك بالليل والنهار، وقد بلغني أن بعض أهل العلم كان يفعل ذلك" يعني ليس ترك النافلة في السفر من باب العزيمة ومن باب اللازم، بمعنى أن من فعل هذه النوافل يأثم، لا، النصوص العامة تشمل الإكثار من النوافل ((أعني على نفسك بكثرة السجود)) لكن النبي -عليه الصلاة والسلام- من باب التخفيف والتيسير في السفر الذي الأصل فيه المشقة كان لا يتنفل في السفر.
"وحدثني عن مالك قال: بلغني عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يرى ابنه عبيد الله بن عبد الله يتنفل في السفر فلا ينكر عليه" وعلى هذا الأمر فيه سعة، والنوافل المطلقة ينبغي أن يحرص عليها، ولا سيما قيام الليل، وأما الوتر وركعتي الصبح فالنبي -عليه الصلاة والسلام- كان يلازمها حضرًا وسفرًا.

بعضهم يفهم من قول ابن عمر: "لو كنتُ مسبحًا لأتممت" أن من يصلي الصلاة كاملة في السفر؛ لأن الإتمام مع التسبيح مع النافلة فإذا كان يصلي خلف مقيم في السفر فالمطلوب منه أن يتنفل، ما كان يفعله مقيم؛ لأنه يصلي صلاة مقيم، إذًا يفعل ما كان يفعله مقيمًا فيأتي بالرواتب، لكن كلام ابن عمر ما يفهم منه ذلك، لا يفهم منه ذلك، نعم.

طالب:......
يعني بلغني أن عبد الله بن عمر كان يرى ابنه عبيد الله بن عبد الله؟ على كل حال الذي قبله: "وسئل مالك عن النافلة في السفر قال: لا بأس، قد بلغني أن بعض أهل العلم كان يفعل ذلك" يغني عن هذا، بلغني أن عبد الله بن عمر.

طالب:......
إذًا قال: عن نافع أن عبد الله بن عمر مباشرة؟ هل المقصود حذف بلغني أو حذف عن نافع؟ الآن أعد الكلام من جديد.

طالب:......
نعم، كلمة نافع.

طالب:......
لا، بـ "بلغني" لكن بدون عن نافع، على كل حال الخبر لسنا بحاجة إليه؛ لأن ما قبله يغني عنه.
طالب:......
الرخصة: ما ثبت على خلاف دليل شرعي لمعارض راجح، والعزيمة: ما ثبت على وفق دليل شرعي، مع أن الرخصة لا بد لها من دليل شرعي، لكن هذا الدليل معارض لدليل أو لقاعدةٍ مستقرة.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وحدثني عن مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبي الحباب سعيد بن يسار عن عبد الله بن عمر أنه قال: رأيتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي وهو على حمار، وهو متوجه إلى خيبر" الحديث في صحيح مسلم، لكن قال الدارقطني وغيره: هذا غلط، وهمٌ من عمرو بن يحيى المازني، قالوا: وإنما المعروف في صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- على الراحلة على البعير، والصواب أن الصلاة على الحمار من فعل أنس، كما ذكر ذلك البخاري ومسلم، وسيأتي في هذا الباب "يصلي على حمار أنس"، "رأيتُ أنس بن مالك في السفر يصلي على حمار وهو متوجه إلى غير القبلة" النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يصلي على راحلته في السفر، وهذا سيأتي أيضًا وهو في الصحيحين، والثابت في الصحيحين وغيرهما أن الذي يصلي على الحمار هو أنس بن مالك -رضي الله عنه-.
"رأيتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي وهو على حمار وهو متوجهٌ إلى خيبر" وهو ثابتٌ عن أنس، وثبوته عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أعني الصلاة على الحمار في هذا الحديث وهو في صحيح مسلم، فالذي يرى صيانة الصحيح يقول: ما دام ثبت في صحيح مسلم فليس لأحد كلام لا للدارقطني ولا لغيره، والذي لا يرى مانع من أن يقع الوهم حتى من رواة الصحيح يحكم على هذا بأنه غلط، وهم ليسوا بمعصومين، لكن إذا أمكن حمل رواية الصحيح على وجهٍ يصح فهو الأولى.

وعلى كل حال هما مسلكان عند أهل العلم، منهم من يرى صيانة الصحيح عن مثل هذا الكلام، وأن جميع ما في الصحيحين صحيح، ومنهم من يرى أنه يحكم للراجح، ويحكم على المرجوح بالوهم ولو كان في الصحيح، وهنا لا يوجد ما يعارض، لا يوجد رواية تخالف هذه الرواية، يعني لم ينفِ أحدٌ من الصحابة كونه يصلي -عليه الصلاة والسلام- وهو على حمار، حتى ولو قدر بل إن وجد من ينفي قيل: هذا على حسب علمه، والمثبت مقدم على النافي، فمثل هذا الموضع الذي يحصل فيه الخلاف بين صاحبي الصحيح ومن ينتقد أحاديث الصحيح كالدارقطني الغالب أن الإصابة مع الشيخين الغالب، فإذا أمكن حمل ما في الصحيح مما حكم عليه الدارقطني أو غيره بأنه خطأ على وجهٍ يصح فلا مناص من القول به، وهنا يمكن ولا معارض ومثل ما ذكرت هما مسلكان لأهل العلم؛ منهم من يحمل جميع ما جاء في الصحيح على أنه هو الصواب وما عداه هو الوهم، ومنهم من لا يرى مانع من القول بأنه قد يقع في الصحيح من الخطأ؛ ولذا استثنى ابن الصلاح من القطع بصحة ما أخرجه الشيخان قال: سوى أحرف يسيرة تكلم فيها بعض الحفاظ.

في مثل صلاة الكسوف في الصحيحين أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلاها ركعتين في كل ركعة ركوعان، وفي صحيح مسلم ثلاثة ركوعات وأربعة، وفي غيره خمسة ركوعات، والحادثة لم تقع إلا مرة واحدة مما يتفق عليه أهل السير، فالذي يرى صيانة الصحيح يقول: ما المانع أن يكون الكسوف وقع أكثر من مرة؟ والذي يرى الترجيح يحكم لما في الصحيحين بأنه الراجح وما عداه مرجوح، ولا مانع من أن يقع من الراوي الحافظ الضابط المتقن الوهم.
في الصحيحين من حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله:
((ورجلٌ تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه)) هذا على الجادة لأن الإنفاق باليمين، في صحيح مسلم: ((حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله)) قالوا: هذا قلب، والمقلوب معروف أنه خطأ، والذي يرى صيانة الصحيح يقول: لا مانع من أن تصحح هذه الرواية، كيف تصحح هذه الرواية؟ نقول: يمكن أن تصحح، وأن الرجل المخلص المكثر من الإنفاق قد يحتاج أحيانًا أن ينفق بيمينه وهذا هو الكثير الغالب، وقد يحتاج أن ينفق بشماله هذا لا يمنع.
وثبت في الصحيح أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لو كان عنده مثل أُحُد ذهبًا ما يسره أن تأتي عليه ثالثة يعني ليلةٍ ثالثة وعنده منه شيء إلا دينار يرصده لدَين إلا أن يقول به هكذا وهكذا وهكذا وهكذا، عن يمينه وعن شماله ومن أمامه ومن خلفه -عليه الصلاة والسلام-، فيمكن تصحيحها بهذه الطريقة.
وقد تصدى الشراح لرد هذه الانتقادات وجاءوا بأوجه وكلٌ على حسب ما يسر له، وما فُتح عليه به، وبعض الأوجه الرد فيها واضح صريح، والإصابة مع الشيخين، وبعضها لا يسلم من تكلف، لكن صيانة الصحيحين أمرٌ لا بد منه؛ لأن الأمة تلقتهما بالقبول؛ ولذا جزم غير واحد من أهل العلم بأنه لو حلف شخصٌ بالطلاق أن جميع ما في الصحيحين صحيح لما حنث.
على كل حال إذا ثبتت هذه الرواية في صحيح مسلم لا كلام لأحد، لا الدارقطني ولا غيره، نعم إذا وجدت مصادمة صريحة لا يمكن المحيد من القول بالوهم على الراوي، ما فيه مانع، ليس بمعصوم، لكن لا نفتح ونتوسع في هذا الباب توسع يجعل صغار المتعلمين يتطاولون على الصحيح، بل لا بد من صيانة الصحيحين.

الصلاة على الدابة سواءً كانت بعير –راحلة- أو حمار أو فرس أو سيارة خاصٌ بالنافلة، لما في البخاري وغيره من حديث عامر بن ربيعة بن عمر وجابر بن عبد الله وغيرهم أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان لا يفعل ذلك في المكتوبة، قال ابن البطال: أجمع العلماء على اشتراط ذلك، وأنه لا يجوز لأحدٍ أن يصلي الفريضة على الدابة من غير عذرٍ حاشا ما ذكر في صلاة شدة الخوف، فالصلاة على الراحلة خاص بالنافلة دون الفريضة.
يقول: "وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي على راحلته في السفر حيث توجهت به" استقبال القبلة شرط من شروط صحة الصلاة، شرطٌ لصحة الصلاة استقبال القبلة، لكن في هذا دليلٌ على عدم الاشتراط استقبال القبلة حينئذٍ مع التيسير على هذا الوجه في النافلة، كما أنها صححت النافلة من قعود مع أن القيام في الفريضة ركن من أركانها مع القدرة، حيث توجهت به
{فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ} [(115) سورة البقرة] وهذا خاص بالنافلة.
"قال عبد الله بن دينار: "وكان عبد الله يفعل ذلك" يقتدي ويأتسي بالنبي -عليه الصلاة والسلام-....... الحديث الذي يليه.

يقول: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد قال: رأيت أنس بن مالك في السفر وهو يصلي على حمار وهو متوجه إلى غير القبلة يركع ويسجد إيماءً" الحديث السابق ترجم عليه الإمام البخاري: "باب: الإيماء على الدابة" يعني للركوع والسجود لمن لم يتمكن من ذلك.
"إيماءً" يقول ابن دقيق العيد: الحديث يدل على الإيماء مطلقًا في الركوع والسجود معًا، والفقهاء قالوا: يكون الإيماء في السجود أخفض من الركوع، يكون الانحناء في السجود أخفض منه للركوع؛ ليكون البدل على وفق المبدل، على وفق الأصل؛ لأن السجود أشد وأقرب إلى الأرض من الركوع، يقول: وليس في الحديث ما يثبته ولا ينفيه، لكن وقع عند الترمذي من طريق أبي الزبير عن جابر بلفظ: فجئت وهو يصلي على راحلته نحو المشرق، السجود أخفض من الركوع، وهو معروف أن في رواية أبي الزبير عن جابر بصيغة العنعنة من الكلام وهذا خارج الصحيح يتجه في هذا الكلام، وعلى كل حال البدل له حكم المبدل، وقول الفقهاء يكون السجود أخفض من الركوع له وجه، وتسنده هذه الرواية وإن أعلت بعنعنة أبي الزبير.
"من غير أن يضع وجهه على شيء" في السجود مثلًا هل يقال له: اجعل بين يديك شيء ترفعه إذا أردت السجود لتضع وجهك عليه؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- لما رأى الذي يسجد على الوسادة نزعه، وهل يقال لمن يصلي على السيارة: اسجد على الطبلون أو على الدركسون؟ ما يلزم، لكن تومئ إيماءً، يكون سجودك أخفض من ركوعك.

طالب:......
نعم ممكن مع القيام والقعود والسجود سهل، والاتجاه كل هذا ممكن، النافلة على الكرسي سهل إن أمكن نعم، إذا لم يمكن فلا، الحديث الأخير الموقوف على أنس: "رأيت أنس بن مالك في السفر يصلي على حمار" ترجم عليه الإمام البخاري: "باب: صلاة التطوع على الحمار" وفي الحديث الأول رفع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، عبد الله بن عمر قال: "رأيتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي وهو على حمار" وفي مسلم، وهنا من فعل أنس بن مالك -رضي الله عنه-، وترجم عليه البخاري: "باب: صلاة التطوع على الحمار".

يقول ابن حجر نقلًا عن ابن رشيد: مقصوده -يعني البخاري بهذه الترجمة- أنه لا يشترط في التطوع على الدابة أن تكون الدابة طاهرة الفضلات، التطوع على الدابة لا يشترط أن تكون طاهرة الفضلات، لكن هل يشترط أن تكون عينها طاهرة؟ طهارة الفضلات لا يشترط، حتى لو أن شخصًا حمل أباه أو أمه وأراد أحدهما أن يتطوع في سفر هو بمثابة الدابة هو طاهر لكن فضلاته ليست بطاهرة، فلا ينظر إلى الفضلات، لكن الإشكال في طهارة عين المركوب، يقول: مقصوده أنه لا يشترط في التطوع على الدابة أن تكون الدابة طاهرة الفضلات، وهذا عندهم عند الشافعية يشمل حتى الراحلة؛ لأن أبوال الإبل وما يؤكل لحمه عندهم نجس، فيستوي هذا مع الحمار، لكن الفرق بين الراحلة وبين الحمار، الراحلة طاهرة إجماعًا عرقها وريقها، لكن الحمار مختلفٌ فيه.

يقول: بل الباب في المركوبات واحد بشرط ألا يمس النجاسة، الحمار مختلفٌ فيه هل هو نجس العين أو طاهر؟ لما حرمت الحُمر الأهلية وأمر بإطفاء القدور، وقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((إنها رجس)) أخذ من هذا جمعٌ من أهل العلم أن الحمار نجس العين، وتبعًا لذلك يكون لعابه وعرقه نجس، يقول ابن دقيق العيد: يؤخذ من هذا طهارة عرق الحمار؛ لأن ملابسته مع التحرز منه متعذر لا سيما إذا طال الزمان في ركوبه واحتمل العرق، والمتجه أنه طاهر، طاهر العين وإن حرم أكله؛ لأنهم يلابسونه من غير نكير، والأمة جرت على هذا من عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى يومنا هذا، ولم يعهد على أحدٍ أنه أمر بغسل ما يصيبه من عرقه أو ما أشبه ذلك، لكن فضلاته نجسة مثل الآدمي، ولا يجوز أكله.

خص الإمام مالك الصلاة النافلة على الدابة في السفر، في السفر الذي تقصر فيه الصلاة، لكن لو كان السفر دون مسافة قصر فإنه لا يصلي على الدابة، والجمهور على جواز ذلك في كل سفر، المسألة في صلاة النافلة وفي السفر، لكن السفر مطلق أي سفر، وهذا من باب التيسر، كأن السر في ذلك تيسير تحصيل النوافل على العباد وتكثيرها تعظيمًا لأجورهم، ورحمةً من الله بهم، لكنه خاص بالنافلة وفي السفر أيضًا، وطرد أبو يوسف ومن وافقه التوسعة في ذلك، فجوزه في الحضر أيضًا، وقال به من الشافعية أبو سعيد الإصطخري، المسألة نافلة مبناها على التيسير، فإذا جازت في السفر جازت في الحضر عند هؤلاء، فإذا كان الإنسان في سيارة وإلا شيء وأراد أن يتنفل يجوز عند هؤلاء عند أبي يوسف وعند الإصطخري من الشافعية.
طالب:......
لا مانع من تطبيق السنة على الراحلة على السيارة إذا لم يترتب على ذلك ضرر عليه أو على غيره؛ لأنه يمكن أن يقود السيارة ويجعل ركوعه بانحناء وسجوده أخفض من ذلك وهو يرى.
طالب:......
نعم، يلزم على ذلك بعض المخالفات مما يقتضيه الحال من كونه يشخص رأسه أثناء الركوع لينظر أمامه، يعني لو خفض وطأطأ رأسه وما نظر إلى أمامه ترتب على ذلك الضرر عليه، وعلى كل حال النافلة مبناها على التيسير، وارتكبت فيها هذه المخالفات تجوز فيها تحصيلًا للأجر.
طالب:......
يكون متباعًا عن أنس شاهد هذا، شاهد، يعني حديث أنس جاء رفعه، لكن وقفه أرجح، وقفه في الصحيحين.
طالب:......
لا ما له علاقة بحديث ابن عمر هذا، يعني هو كيف؟ هذا يسمى شاهد؟

طالب:......
لا، اختلاف هذا، نعم اختلاف في الوقف والرفع.

طالب:......
إذا ثبت، يعني نحن ننظر في مخالفة الرفع والوقف، فإذا أثبتنا الرفع قلنا: إن هذا شاهد لحديث ابن عمر، قد يقول قائل: لماذا لا يترجح رواية الرفع ترجح رواية الرفع برواية ابن عمر؟ لا مانع من ترجيح الرفع لما يشهد له من حديث ابن عمر أبدًا، بل هو فعل الصلاة على الدابة بلا شك، لكن هل هو على الحمار، على كل حال الاختلاف في رفعه ووقفه، وترجيح الرفع برواية ابن عمر وجه، وإلا هذا أصله اختلاف، ما يقال: إن هذا متابع، ما يقال: إن الرواية متابعة لما هنا لما في الصحيح من الموقوف، هذا اختلاف في الرفع والوقف فإذا أثبتنا الرفع قلنا: يشهد له حديث ابن عمر، ولا مانع من أن يرد الحديث مرفوعًا وموقوفًا، وأن يفعل الصحابي أو يقول قول يقفه على نفسه ويرويه عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ينشط فيرفع ويكسل فيقف، ما في مانع.
لكن الأئمة نظرهم أبعد من هذا، إذا حكموا على رواية بالوهم فنظرهم أبعد من هذه القواعد التي نسلكها، يحكمون بقرائن أشياء ما ندركها.

طالب:......
لا، هو إذا أمكن استقبال القبلة هو الأولى إذا أمكن، إذا أدرك الوقت وهو نازل أفضل بلا شك؛ لأن هذا أكمل، لكن لو أوتر على الدابة؛ لأنه لا يدرك الوقت يكفي، أوتر النبي -عليه الصلاة والسلام- على الدابة.

طالب:......
الصلاة على الراحلة؟ حاجة، الأكمل أن يصلي على الأرض، لكنها حاجة لبيان الجواز، والله الحجر على الصلاة على الراحلة في الحضر الأصل أن الراحلة مبناها على التيسير، فالقول بجوازه له وجه.

"باب: صلاة الضحى:

حدثني يحيى عن مالك عن موسى بن ميسرة عن أبي مرة مولى عقيل بن أبي طالب أن أم هانئ بنت أبي طالب -رضي الله عنها- أخبرته أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلى عام الفتح ثماني ركعات ملتحفًا في ثوب واحد.

وحدثني عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله أن أبا مرة مولى عقيل بن أبي طالب أخبره أنه سمع أم هانئ بنت أبي طالب -رضي الله تعالى عنها- تقول: ذهبت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام الفتح فوجدته يغتسل وفاطمة ابنته تستره بثوب، قالت: فسلمت عليه فقال: ((من هذه؟)) فقلتُ: أم هانئ بنت أبي طالب، فقال: ((مرحبًا بأم هانئ)) فلما فرغ من غسله قام فصلى ثماني ركعات ملتحفًا في ثوب واحد ثم انصرف، فقلت: يا رسول الله زعم ابن أمي علي أنه قاتل رجلًا أجرته فلان ابن هبيرة؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ)) قالت أم هانئ: وذلك ضحى.
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة -رضي الله عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي سبحة الضحى قط، وإني لأسبحها، وإن كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليدع العمل وهو يحب أن يعمله خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم.

وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- أنها كانت تصلي الضحى ثماني ركعات ثم تقول: لو نشر لي أبواي ما تركتهن".

يقول -رحمه الله تعالى-: "باب: صلاة الضحى" الضحى معروف من ارتفاع الشمس إلى الزوال هذا الضحى، وهو وقت صلاة الضحى، صلاة الضحى، وسبحة الضحى، نافلة الضحى هي الصلاة التي تقع في هذا الوقت مؤداة غير مقضية، بمعنى أنه لو صلى ركعتي الصبح التي فاتته في هذا الوقت ما صارت صلاة ضحى، هذه سبحة الصبح مقضية، ولو قضى وتره الذي فاته بالليل في هذا الوقت لما أغنى ولا أجزأ عن صلاة الضحى؛ لأن العبادات المؤداة لا تدخل في المقضية، فإذا صلى في هذا الوقت من ارتفاع الشمس إلى قرب الزوال إلى دخول وقت النهي حين يقوم قائم الظهيرة فقد صلى الضحى ركعتين، أربع ركعات، ست ركعات، ثمان ركعات كلها صلاة ضحى، والصلاة المسماة بصلاة الإشراق هي صلاة الضحى؛ لأنها واقعة في هذا الوقت، وسواءٌ ثبت الأجر المعلق على البقاء في المصلى بعد صلاة الصبح أو لم يثبت وهو المتجه أنه حسن فهذه الصلاة صلاة الضحى التي يصليها من يمكث في مصلاه حتى ترتفع الشمس.
المكث في المصلى حتى تنتشر الشمس من فعله -عليه الصلاة والسلام- ثابت في الصحيح، لكن الأجر المرتب على ذلك هو محل الخلاف، وابن القيم -رحمه الله- لما شرح حال الأبرار في طريق الهجرتين قال: يمكث في مصلاه حتى يصلي ركعتين، ولما شرح حال المقربين قال: ينتظر حتى تنتشر الشمس فإن شاء صلى وإن شاء خرج من غير صلاة، أيهما أكمل الأبرار أو المقربين؟
طالب:......
نعم المقربون أكمل، لماذا يقول: هؤلاء يصلون ركعتين قبل أن يخرج من المسجد وهؤلاء إن شاءوا صلوا وإن شاءوا لم يصلوا؟

طالب:......
نعم الأبرار قد ينشغلون بدنياهم فينسون ركعتي الضحى، وأما المقربون فعملهم كله عبادة.
طالب:......
لا شيء، صلاة الأوابين حين ترمض الفصال، إذا اشتد الحر، ومقتضى هذا أنهم يمكثون حتى ترمض الفصال، أو يصلون في هذا الوقت الذي رتب عليه الأجر ثم بعد ذلك يصلون حين ترمض الفصال، فإن صلوها مرتين أو مكثوا حتى ترمض الفصال فهو أكمل وأفضل.
طالب:......
لا، هو إذا أراد أن لا يجمع بين الأمرين، إذا كانت المفاضلة بين الصلاة في مكانه الذي صلى فيه لا سيما إذا كان لا يرى ثبوت الأجر المرتب على ذلك يقال له: انتظر حتى ترمض الفصال، وإذا كان ثبوت الأجر فلا كلام، وإن كان يريد البقاء إلى أن ترمض الفصال فهو أكمل، وإن كان يريد أن يصلي في هذا الوقت وحين ترمض الفصال فهو أكمل.

طالب:......
صلاة الضحى سنة فعلها النبي -عليه الصلاة والسلام- كما في حديث أم هانئ، وأوصى بها أبا هريرة وأبا ذر وأبا الدرداء، أوصى بها بعض الصحابة، وقال: إنهما تجزيان عن الصدقة على كل عضو من أعضاء الإنسان
((يصبح على سلامى كل أحدٍ منكم صدقة)) وعدد السلامى كم؟ المفاصل (360) كل واحد منها يحتاج إلى صدقة، ويجزي من ذلك ركعتان تركعهما من الضحى، وأوصى بها أبا هريرة وأبا ذر وأبا الدرداء صلاة الضحى، وصلاها كما تقول أم هانئ ثماني ركعات عام الفتح، على الخلاف بين أهل العلم هل هذه الثمان تسمى صلاة الفتح أو صلاة الضحى؟ ومع هذا كله لا مجال بالقول بأن صلاة الضحى ليست مشروعة، وإن قال بذلك بعض الصحابة أو بعض السلف؛ لأنه إذا ثبت المرفوع لا كلام لأحد.
يقول -رحمه الله تعالى-: "حدثني يحيى عن مالك عن موسى بن ميسرة -الديلي- عن أبي مرة -يزيد وقيل: عبد الرحمن- مولى عقيل بن أبي طالب" ويقال: مولى أمِّ هانئ "أن أم هانئ -مولاته فاختة- بنت أبي طالب -بن عبد المطلب ابنة عم النبي -عليه الصلاة والسلام- أخبرته أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلى عام الفتح -بمكة سنة ثمان في رمضان- ثماني ركعات ملتحفًا في ثوب واحد" وسيأتي أن ذلك ضحىً، يعني في الحديث اللاحق: "وذلك ضحى" فالنبي -عليه الصلاة والسلام- صلى ثماني ركعات، يسلم من كل ركعتين كما سيأتي.
"وحدثني عن مالك عن أبي النضر -سالم بن أبي أمية- مولى عمر بن عبيد الله أن أبا مرة مولى -أم هانئ- عقيل بن أبي طالب أخبره أنه سمع أم هانئ بنت أبي طالب تقول: ذهبت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام الفتح فوجدته يغتسل -يغتسل حال- وفاطمة ابنته تستره -حالٌ ثانٍ- بثوب" المغتسل عليه أن يستتر "قالت: فسلمت عليه" قالت: السلام عليك يا رسول الله "فقال: من هذه؟" هذا الاستفهام هل يلزم مثل هذا الاستفهام لرد السلام؟ لا يلزم الاستفهام لرد السلام، وإنما مثل هذا السؤال من أجل التنزيل، تنزيل الإنسان منزلته؛ ليجاب بما يليق به، وإلا من سلم لا مندوحة ولا مفر من أن تقول: وعليك السلام ورحمة الله، وليس لك أن تنظر في هذا الشخص هل هو موافق أو مخالف؟ لا، نعم إذا شككت في إسلامه قل: وعليك، لكن لا بد من الرد، أما إذا كان مسلمًا:
{وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى..} [(94) سورة النساء] نعم، لا بد من الرد، البداءة بالسلام وهو سنة لك مندوحة فيما يغلب على ظنك أن هذا مسلم أو غير مسلم، أو هذا مبتدع أو غير مبتدع يمكن أن يردع ويهجر، البداءة بالسلام أمرها أخف من رد السلام، على أن البداءة بالسلام إذا كان الإنسان ظاهره الإسلام فقد جاء في الحديث: ((وخيرهما الذي يبدأ بالسلام)) وبعض الناس تسول له نفسه وشيطانه يقول: لا الحق لي، خله هو يبدأ، أنا أكبر منه، أنا عمه، أنا خاله، خله هو الذي يبدأ، نقول: لا، القاعدة الشرعية: ((خيرهما الذي يبدأ بالسلام)) مع أنه من جهة أخرى الطرف الآخر مطالب بأن يبدأك، لكن إذا لم يبادر والخيرية للبادئ ابدأ أنت ولا يضيرك؛ لأن بعض الناس لا سيما من العامة تأخذه العزة بالإثم يقول: أنا خاله، أنا عمه، أنا أكبر منه، لا، لا الحق لي، دعه هو الذي يسلم، نعم الصغير يسلم على الكبير، لكن إذا قصر نرجع إلى القاعدة العامة: ((خيرهما الذي يبدأ بالسلام)) فله ما يخصه من النصوص، ولك ما يخصك من النصوص.

"فقال: ((من هذه؟)) فقلتُ: أم هانئ" ما قالت: أنا، جاء النهي عن ذلك، فمن سئل عن اسمه يخبر باسمه الصريح أو الكنية أو اللقب المفصح، المقصود أنه يخبر بوضوح "فقلتُ: أم هانئ بنت أبي طالب، فقال: ((مرحبًا بأم هانئ)) ولم يذكر في شيء من الرواية أنه قال: وعليكِ السلام مرحبًا بأمِّ هانئ، فأكثر أهل العلم يقولون: إنه رد السلام ولم ينقل للعلم به، رد السلام قال: وعليك السلام، لكنه لم ينقل للعلم به، امتثالًا للأمر {وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [(86) سورة النساء] ومنهم من قال: إن كلمة مرحبًا تغني عن رد السلام، ولم يذكر في رواية من الروايات أو في طريق من الطرق أنه رد السلام صراحة، لكن من رأى أن مرحبًا لا تكفي قال: إنه رد السلام، ولم ينقل للعلم به، ويكفينا في ذلك النصوص الأخرى.

"فلما فرغ من غسله قام فصلى ثماني ركعات" في رواية ابن خزيمة: "يسلم من كل ركعتين"، "ملتحفًا في ثوب واحد" الصلاة في الثوب الواحد الساتر كافي يستر العورة ويستر المنكب يكفي، والصلاة في الثوبين أكمل، ولما سئل عن الصلاة في الثوبين قال: ((أو لكلكم ثوبان؟)) لأن بعض الناس لا يجد إلا ثوبًا واحدًا، والصلاة في الثوب الواحد ويستر العورة والمنكب كاملة، بعض الصحابة كأبي هريرة وجابر صلوا في ثوب واحد والثياب على المشجب.
"ملتحفًا في ثوبٍ واحد، ثم انصرف من صلاته، فقلت: يا رسول الله زعم ابن أمي علي"، زعم ابن أمي علي، طيب، زعم ابن أمي شقيقٌ أم أخ لأم؟

طالب:......
وما الدليل على هذا؟ أنها أم هانئ بنت أبي طالب وهو علي بن أبي طالب، فهذا معلوم أنها أختٌ له من أبيه، وفي قولها: زعم ابن أمي هي أختٌ له من أمه فهو شقيقٌ لها "أنه قاتلٌ رجلًا" إعراب رجلًا؟
طالب:......
لأي شيء؟ لاسم الفاعل، مفعول به لاسم الفاعل، يجوز أن نقول: إنه قاتلُ رجلٍ يجوز؟
طالب:......
نعم قاتلُ رجلٍ يصح أم لا يصح؟ يصح، وأيهما أرجح؟
{إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا} [(45) سورة النازعات] ويجوز الوجهان على كل حال، والأفضل يختلف بحسب دلالة اسم الفاعل على الحال أو الاستقبال.

"زعم بأنه قاتلٌ رجلًا أجرته" زعم ابن أمي علي لبيان الشفقة؛ لأنهما يشتركان في هذه الجهة المشفقة، ومع ذلك يريد أن يقتل من أجرته، ناسيًا هذه الشفقة وهذه المودة التي بيننا، تستثيره بهذا، أجارته يعني أمنته "فلان بن هبيرة" هبيرة هو من؟ هبيرة زوجها وفلان بن هبيرة من أولاد هبيرة ابن زوجها، مع أن المحفوظ أنه ليس لزوجها ولدٌ من غيرها، إذًا يكون من أولادها، كأن الشراح ما ارتاحوا إلى أن يكونوا من أولادها، كلام الشراح كثير في هذا، حتى أن بعضهم قدر فلان ابن عم هبيرة، وعلى كل حال هذا لا يعيننا تعينه بقدر ما يعنينا قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((قد أجرنا من أجرتِ يا أمَّ هانئ)).

طالب:......
لا أبدوا وجوهًا من الكلام، وجاءت روايات أنها أجارت حموين لها، وأجارت، بعيد.... تبع الروايات الأخرى.
((قد أجرنا من أجرتِ يا أمَّ هانئ)) قالت: أم هانئ: وذلك ضحى" في الحديث جواز أمان المرأة، وبهذا قال الأئمة الأربعة.

طالب:......
يعني بالتبني يعني متبنيه ابنه بالتبني، وهو في الأصل ابن أخيه أو ابن عمه مثلًا، على كل حال كلام الشراح كثير، وهذا لا يعنينا ولا أثر له، لا أثر له في متن الحديث الذي يثبت صلاة الضحى.
يقول: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي سبحة الضحى -أي نافلة الضحى صلاة الضحى- قط"، "ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي سبحة الضحى قط، وإني لأسبحها" في رواية: "لأستحبها" في رواية..، يقول الشراح: إن رواية يحيى: "لأستحبها" ورواه غيره: "لأسبحها" وهو رواية الصحيح "لأسبحها".
وجاء عن عائشة نفي بعض الأمور عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ونفيها على حد علمها -رضي الله عنها وأرضاها-، ولعل ما نفته وأثبته غيرها مما لا يتصور غيبتها عنه؛ لأنها زوجته، وهي في آخر أيامه لها يومان من التسعة، فإذا نفت في مثل -عليه الصلاة والسلام- من فعله، أو نفت صيام العشر نقول: لعلها أخبرت بذلك بعد زمنٍ طويل؛ لأنها عمرت بعد النبي -عليه الصلاة والسلام- ما يقرب من نصف قرن فنسيت وحفظ غيرها.
"ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي سبحة الضحى قط، وإني لأسبحها، وإن كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليدع العمل -يعني يترك العمل- وهو يحب أن يعمله؛ خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم" قد يقول قائل: حث النبي -عليه الصلاة والسلام- وبين فضل العمرة في رمضان وما اعتمر في رمضان، وبين فضل صيام داود وهو ما فعل -عليه الصلاة والسلام- جوابه هنا: "وإن كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليدع العمل -يترك العمل- وهو يحب أن يعمله خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم" الآن عائشة تخشى أن تفرض صلاة الضحى، وهناك خشية من أن تفرض صلاة قيام رمضان جماعة؛ لأنه تركها خشية أن تفرض عليهم، هذه الخشية مع ما ثبت في حديث الإسراء من قوله تعالى في الحديث القدسي:
((هن خمسٌ وهن خمسون، لا يبدل القول لدي)) يعني لا تزيد على الخمس فما معنى هذه الخشية؟ فإذا أمن التبديل بالزيادة أو بالنقص فكيف يقع الخوف من الزيادة؟ نعم؟
طالب:......
ليست بمنزلة الصلوات الخمس، وهذا جواب من يوجب الوتر وصلاة العيد بدليل أن الإنسان قد يوجب على نفسه شيء فيلزمه، ينذر أن يصلي فيقال له: إن الصلاة ليست بواجبة بالنذر؛ لأن الصلوات خمس، وجاء في حديث الأعرابي: "هل علي غيرها؟ قال:
((لا، إلا أن تطوع)) هذا إخبار عن الواقع، على كل حال هذا من خشيته وشفقته -عليه الصلاة والسلام- على أمته، وهذا أيضًا يستشف منه المبالغة في هذه الشفقة حتى خشي على أمته أن تكلف بما أمن منه -عليه الصلاة والسلام- ظاهر؟ عليه الصلاة والسلام، خشي -عليه الصلاة والسلام- شفقةً على أمته أن يفرض عليهم ما أمن من فرضه، وهذا من تمام شفقته -عليه الصلاة والسلام-، والحديث مخرجٌ في الصحيحين.

يقول: "وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن عائشة -رضي الله عنها- أنها كانت تصلي الضحى ثماني ركعات ثم تقول: لو نشر لي أبواي" تصلي الضحى ثمان ركعات عائشة -رضي الله عنها-، مستندها في هذا العدد ما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهناك تقول: "ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي سبحة الضحى" نعم هي ما رأت، لكنها بلغها أنه صلى الضحى ثماني ركعات.

"لو نشر لي أبواي" يعني أحيي أبواها بعد أن ماتا، وهما أبو بكر -رضي الله عنه- الصديق أفضل هذه الأمة بعد نبيها، وأمها أم رومان "ما تركتهن"، "لو نشر لي أبواي ما تركتهن" هذا مبالغة في المحافظة على هذه الصلاة، أسلوب المبالغة مطروق "لو نشر لي أبواي" أحيانًا يقول الإنسان: لو تنزل السماء على الأرض مبالغة يبالغ ويريد بذلك لزوم هذا العمل مهما كلفه من مشقة، مهما خرقت له به العادة.

الحاكم روى عن عقبة بن عامر قال: "أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نصلي الضحى بسورٍ منها: والشمس وضحاها، والضحى" مناسبة السورتين للوقت "وضحاها" "والضحى"، ظاهرة جدًّا المناسبة، لكن يبقى النظر في ثبوت الخبر "أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نصلي الضحى بسورٍ منها: والشمس وضحاها والضحى" أحد يعرف عنه شيء؟
طالب:......
سكت عنه الحافظ، ما أحد بحثه على وجه الخصوص؟

إذا أعطى المسلم والمسلمون يسعى بذمتهم أدناهم العهد...؟

إذا كان الحق لله -جل وعلا- في غير حقوق العباد، أما إذا أجير الإنسان في حقوق العباد ما ينفع، لا بد من أخذها منه مهما كلف الأمر، أما إذا كان في حقٍّ من حقوق الله وأجير ما لم يترتب على ذلك تعطيل للحدود، ورأى الإمام الإجارة، ولم يرَ أن الاقتصاص من هذا الشخص متعين؛ لأنه أحيانًا يفسد في الأرض ثم يستجير، يفسد في الأرض ويلجأ إلى الحرم.
النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول:
((قد أجرنا من أجرتِ يا أمَّ هانئ)) إذا كان الحق الذي عليه لله -جل وعلا- يعمل بهذه الإجارة، أما حقوق العباد لو قتل شخص واستجار بك يعفى؟ ما يعفى حقوق العباد، لا، لو سرق ولجأ إلى شخص فأجاره تترك هذه السرقة ويعطل الحد من أجله؟ لا.

طالب:......
إجارة الكافر إذا..، لكن لو استجار جمعٌ كبير من الكفار بشخص من المسلمين فأجارهم، وهم محاربون ما حكم إجارتهم؟ على كل حال المسألة إذا لم يترتب فيها حق من حقوق العباد المبنية على المشاحة فلا مانع من الإجارة.

طالب:......
على كل حال ثبتت من فعله -عليه الصلاة والسلام-، وحث عليها، وبين ما يدل على الدوام عليها؛ لأنه يصبح، فيه أحد يمكن يصبح ويمكن ما يصبح يصلي ضحى؟
((يصبح على كل سلامى أحدٍ منكم صدقة)) يعني كل يوم، مقتضاه أنها كل يوم.

"باب: جامع سبحة الضحى:

حدثني يحيى عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنه- أن جدته مليكة -رضي الله تعالى عنها- دعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لطعام فأكل منه، ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((قوموا فلأصلي لكم)) قال أنس: فقمت إلى حصير لنا قد أسود من طول ما لبس فنضحته بماء، فقام عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصففت أنا واليتيم وراءه والعجوز من ورائنا، فصلى لنا ركعتين ثم انصرف.

وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أنه قال: دخلت على عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- بالهاجرة فوجدته يسبح فقمت وراءه فقربني حتى جعلني حذاءه عن يمينه، فلما جاء يرفأ تأخرت فصففنا وراءه".

يقول -رحمه الله تعالى-: "باب: جامع سبحة الضحى"

"حدثني يحيى عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة -زيد بن سهل الأنصاري- عن أنس بن مالك أن جدته" جدة من؟ يقولون: إنه يعود على إسحاق، جزم به ابن عبد البر وعياض وصححه النووي، وجزم ابن سعد بأنها جدة أنس، وهو ظاهر السياق أن الضمير يعود إلى أقرب مذكور، وإذا قلنا: إنها جدة أنس كانت أيضًا جدةً لإسحاق، مليكة دعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لطعام أي لأجله صنعته للنبي -عليه الصلاة والسلام-، فأكل منه، في رواية: "ثم دعا بوضوء فتوضأ"، "ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((قوموا فلأصلي لكم))" أي لأجلكم، هنا أكل ثم توضأ ثم صلى، يعني الصلاة بعد الأكل، هنا قدم الأكل على الصلاة، وفي حديث عتبان في قصة عتبان بدأ بالصلاة قبل الطعام، بدأ -عليه الصلاة والسلام- بما دُعي له، هنا دُعي لطعام فبدأ بالطعام ثم صلى، وهناك دعي للصلاة فبدأ بالصلاة ثم أكل -عليه الصلاة والسلام-.

"قال أنس: فقمت إلى حصير لنا قد أسود من طول ما لبس" يعني من كثرة الاستعمال، ولبس كل شيء بحسبه، لبس الفرش بافتراشه، لبس الثوب باستعماله، لبس الآلات باستعمالها، أحضر سيارة قديمة يقول لك: هذه تعبانة منتهية من كثرة ما لبست، فلبس كل شيء بحسبه "فنضحته" معلوم أن هذا للنظافة لا للنجاسة، "فنضحته بماء" فقد يقول قائل: إن هذا الذي طال استعماله واسود من طول ما لبس هل نضح هذا ما ينفعه، قد يكون بدون نضح أولى، لكنه نضح يحقق الهدف من النضح؛ لأن منهم من قال: إن هذا النضح من أجل أن يلين، وإلا لو كان أسود من طول ما لبس مجرد النضح الذي هو الرش ما يكفي يزيد، وينقل هذا السواد من مكان إلى مكان.
"فنضحته بماءٍ، فقام عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني يصلي "وصففت أنا واليتيم وراءه" أنا واليتيم، مَن اليتيم؟ أخوه ولد لأبي طلحة "وصففت أنا واليتيم وراءه، والعجوز من ورائنا" العجوز مَن هي؟ مليكة، العجوز من ورائنا في هذا صحة مصافة الصبي؛ لأن اليتيم لم يبلغ سن التكليف، إذ لو بلغ سن التكليف ما سُمي يتيمًا، لأنه لا يُتم بعد احتلام، فمصافة الصبي صحيحة، ومن هذا الحديث أيضًا صحة صلاة المرأة خلف الصف وإن كانت وحدها، وأما ما ثبت من حديث:
((لا صلاة لمنفردٍ خلف الصف)) هذا خاصٌ بالرجال الذين تلزمهم الجماعة، أما هذه المرأة في الأصل لا يلزمها جماعة فهي سواءً صفت بمفردها أو معها نساء لا يختلف.
"والعجوز من ورائنا، فصلى لنا ركعتين" قوله: صلى لنا يعني صلى بنا ركعتين "ثم انصرف".
هل نحن بحاجة إلى أن نقول: في الحديث جواز الصلاة على الحصير كما قاله أهل العلم؟ جواز الصلاة على الحصير، الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- ترجم: "باب: الصلاة على الحصير" يحتاج إلى ترجمة؟ كره الصلاة على الحصير، يقول الحافظ: النكتة في ترجمة الباب "باب: الصلاة على الحصير" الإشارة إلى ما رواه ابن أبي شيبة وغيره من طريق شريح بن هانئ أنه سأل عائشة: أكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي على الحصير والله يقول:
{وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا} [(8) سورة الإسراء]؟ فقالت: لم يكن يصلي على الحصير، فالبخاري -رحمه الله- أراد بهذه الترجمة أن مثل هذا الخبر لا يثبت، وأنه لا أثر لكون جهنم حصيرًا، فعيل، حصير بمعنى اسم الفاعل أم اسم المفعول؟ يعني محصورة أم حاصرة؟ فعيل بمعنى مفعول أو بمعنى فاعل؟ قتيل بمعنى مقتول، جريح بمعنى مجروح {لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا} [(8) سورة الإسراء] ما هي لنفسها، نحن عندنا جهنم الآن هل هي حصير بمعنى حاصرة؟ حاصرة لمن يدخلها مانعةٌ له من الخروج منها؟ أو هي محصورة ومحددة؟ يعني هل يمكن أن نقول: إن حصير هنا بمعنى اسم الفاعل واسم المفعول باعتبارين، فنستعمل اللفظ الواحد في معنييه، أو لا بد أن نرجح أحد المعنيين؟
طالب:......
لا، هو إذا نظرنا باعتبار أصل المادة كل مادة يجتمع فيها هذا وهذا أصل المادة، تأتي حاصرة وتأتي محصورة، لكن إذا نظرنا وربطناها بما جعلت له
{وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ} [(8) سورة الإسراء] هل تحتمل معنيين؟ واحد، لا بد من معنى واحد، استعمال اللفظ في معنييه لا يجيزه جمهور أهل العلم، يجوز عند الشافعية لكنه لا يجوز عند الجمهور.

"فصلى لنا ركعتين ثم انصرف -عليه الصلاة والسلام-" وهذا من حسن خلقه وتواضعه -عليه الصلاة والسلام- تدعوه امرأة عجوز يجيب الدعوة، الآن لو يدعى شخص من أوساط الناس فضلًا عن الملأ والأعيان وغيرهم، يدعوه شخص أقل منه في المنزلة قد يستنكف عن إجابة دعوته، قد يستنكف، والنبي -عليه الصلاة والسلام- تدعوه المرأة، ويدعوه الصغير، ويدعوه القريب، ويدعوه البعيد ويجيب الدعوة -عليه الصلاة والسلام-.

طالب:......
هي باعتبار أنها مجعولة للكفار بهذا الاعتبار حاصرة لهم، حاصرة.

يقول -رحمه الله تعالى-: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة -بن مسعود- أنه قال: دخلت على عمر بن الخطاب بالهاجرة" وهو في موضع لا يعتاد فيه الاستئذان، أو بعد الإذن "بالهاجرة -يعني وقت الحر- فوجدته يسبح أي يتنفل- فقمت وراءه" قام وراءه صف واحد، وراء المصلي، وموقف الواحد عن يمين الإمام لا وراءه "فقربني حتى جعلني حذاءه" يعني إزاءه في مصافته سواءً بسواء، وهذا هو اختيار الأكثر، والشافعية عندهم أنه لا بد أن يتقدم الإمام على المأموم بمقدار ما يتميز به المأموم عن الإمام "حتى جعلني حذاءه عن يمينه" لأن مقام الواحد عن يمين الإمام "فلما جاء يرفا -وهو حاجب عمر- تأخرت" وعلى هذا الذي يصاف الإمام إذا كان وحده وصف عن يمين الإمام ثم جاء ثاني يتأخر المأموم أو يتقدم الإمام، يتأخر المأموم أو يتقدم الإمام، فيقول: "فصففنا وراءه" يعني وقفنا خلفه، خلف عمر -رضي الله عنه وأرضاه-.

مسألة: وهي تبعًا لكون المأموم عن يمين الإمام وهي واقعة ومسؤول عنها، أظنها عرضت مرارًا في الدروس، لكن لا مانع من ذكرها، اثنان يصليان إمام ومأموم فدخل شخص مسبوق ودفع المأموم وتقدم وصلى بهم، دفع الإيمن وكمل الصلاة هذا وصف، صف هذا جنبه، هذه صورة لها حكم، لكن لو اثنان يصليان ودخل ثالث فتقدمهم وصار إمامًا لهم، هذه ما وقعت، لكن لو وقعت، ما يستغرب أن يقع مثل هذه الأمور أبدًا، ما يستغرب إطلاقًا، يعني هذا الشخص الذي دخل ودفع المأموم وتقدم المأموم ما خالف وافق على طول وكمل الصلاة، والإمام صار مأمومًا، يعني مثل هذه الصور مع الجهل يعني كون الإمام ينقلب إلى مأموم في صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- بعد أن شرع أبو بكر الصلاة بالناس، إمام، أبو بكر صار مأمومًا فيما بعد، والعكس المأموم يصير إمامًا في مسألة الاستخلاف يجوز، لكن الصورة الثانية جاء شخص مسبوق يمكن أنه ما أدرك إلا الركعة الأخيرة فتقدم وكمل، جاء وتقدم عليهم أو متأول يقول: أنا أقرأ وهم ولا يملكون أن يصلوا بي، قد يتصور مثل هذا، له ميزة عليهم فجاء وتقدم وصلى بهم، يعني الأصل كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- لما سبق في تبوك صلى خلف عبد الرحمن بن عوف وقضى الركعة التي فاتته، تصحح صلاته أم لا تصحح؟

طالب:......
لا هم ما هم يزيدون، ذا كملوا ركعتين ينوون الانفراد...

طالب:......
هم يطاوعون ما يخالفون الناس.

طالب:......
كثير من أمور الناس في الدين سمح، يعني سهل يؤثر، ولذلك بعض الناس يأتي والصف الأول فيه أماكن شاغرة فيجلس في آخر المسجد، لكن لو تقول له:...... عند خباز أقل الأحوال تقول له: اجلس آخر الناس ما رضي، يعني هل تنفك.........، هل هناك ارتباط بين المأموم والإمام في صلاته؟ نعم.

طالب:......
لا، هم يقولون تابعوه فيما بقي لهم من صلاتهم، نعم ينوون الانفراد، هم يزيدون على الصلاة المفروضة.
طالب:......
هذا الشخص الذي تقدم وصلى بهم هو لا شك إن تابعوه في جميع صلاته صلاتهم باطلة هذا لا إشكال فيه، لكن إن لم يتابعوه صلى بهم ركعة ونووا الانفراد وسلموا، أو جاءهم ما فات ركعات، أنا أقول: انتقال الإمام إلى مأموم أو العكس له أصله.

طالب:......
أبو بكر شرع قبل النبي -عليه الصلاة والسلام- ما في أدنى خصوصية، ترى بعض المذاهب ما يصحح الصلاة مع الافتئات على الإمام، واحد من القضاة دخل فإذا الصلاة قد أقيمت وهو الإمام الراتب انتظر حتى سلموا، قال: يالله صلوا، أعيدوا، أعيدوا الصلاة، لكن مثل هذا لو دخل من خارج المحراب وأخر الإمام وصلى بهم، يعني مثل هذا له وجه، هو الإمام الراتب و...
طالب:......
لا، هو الكلام على أن المسألة مفترضة ومسألة واقعة وانتهت، ومع الجهل يمكن تصحح، لكن يبقى أن الصلاة المحافظة عليها على هيئتها والاتباع فيها هو الأصل، الاتباع فيها هو الأصل، ولا يترك التلاعب إلى هذا الحد في الصلاة، لا يترك المجال للمتلاعب أن يتلاعب إلى هذا الحد في الصلاة، يعني المسألة لو أمروا بالإعادة من باب التأديب والتعليم له وجه.
سم.

"باب: التشديد في أن يمر أحدٌ بين يدي المصلي:

حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحدًا يمر بين يديه، وليدرأه ما استطاع، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان)).

وحدثني عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن بسر بن سعيد أن زيد بن خالد الجهني أرسله إلى أبي جهيم يسأله: ماذا سمع من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المار بين يدي المصلي؟ فقال أبو جهيم: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيرًا له من أن يمر بين يديه)).
قال أبو النضر: لا أدري أقال: أربعين يومًا أو شهرًا أو سنة؟

وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن كعب الأحبار قال: لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يخسف به خيرًا له من أن يمر بين يديه.
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يكره أن يمر بين أيدي النساء وهن يصلين.

وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- كان لا يمر بين يدي أحد ولا يدع أحدًا يمر بين يديه".

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: التشديد في أن يمر أحدٌ بين يدي المصلي" يعني بينه وبين سترته؛ تشديد لما جاء في ذلك من الوعيد، كما في الأحاديث الصحيحة: ((لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين)) يعني بدلًا من أن ينتظر خمس دقائق كان أن يقف أربعين من شدة ما رتب على ذلك من الإثم ((أربعين خريفًا)) في بعض الروايات، في خبر كعب: "لكان أن يخسف به" هذا تشديد في أن يمر بين يدي المصلي.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن أسلم -العدوي- عن عبد الرحمن بن أبي سعيد -سعد بن مالك- الخدري -الأنصاري الخزرجي- عن أبيه -أبي سعيد- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:
((إذا كان أحدكم يصلي)) في رواية: ((إلى شيء يستره)) في رواية: ((إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره فأراد أحدٌ أن يجتاز فليدفعه)) هنا يقول: ((إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحدًا يمر بين يديه، وليدرأه ما استطاع)) إذا كان أحدكم يصلي هذه الرواية تدل على أنه يستوي في ذلك من اتخذ السترة ومن صلى إلى غير سترة ((فلا يدع أحد يمر بين يديه)) لكن تبين ذلك الروايات الأخرى: ((إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره فأراد أحدٌ أنه يجتاز بين يديه فليدفعه)) يعني لا يتركه يمر بينه وبين سترته، فإذا لم يتخذ سترة مفهوم الحديث أنه ليس له أن يدفعه، وليس له أن يدرأ، لكن المار بين يديه مخاطب بنصوص أخرى؛ لأن كلًّا من المصلي والمار له ما يخصه من النصوص، المصلي يستتر، والجمهور على أن اتخاذ السترة سنة؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى بمنىً إلى غير جدار، يقول الشافعي وغيره: يعني إلى غير سترة، وهي مروية عن ابن عباس، فالجماهير على أن اتخاذ السترة سنة، فالمصلي مخاطب باتخاذ السترة، وقال بعضهم بوجوبها ((ليستتر أحدكم ولو بسهم)) هذا بالنسبة للمصلي فإذا صلى إلى سترة لا يجوز لأحدٍ أن يمر بين يديه، وعليه أن يدفع من أراد أن يجتاز بينه وبين سترته.
لكن إذا صلى إلى غير سترة هنا يقول:
((إذا أحدكم يصلي فلا يدع أحدًا يمر)) يعني سواءً استتر أو لم يستتر، لكن هذا مقيد بما في الروايات الصحيحة التي فيها التصريح بالاستتار، إذا لم يستتر المصلي فالمار بين يديه مأمور بأن لا يمر، منهيٌ عن المرور بين يديه، وهذا ما يخصه من النصوص ((إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحدًا يمر بين يديه)) لا يترك أحد يمر بين يديه، وعبّر باليدين لكونه أكثر الشغل إنما يكون باليدين، لا يدع أحد يمر أمامه بالقرب منه، فإن استتر فما وراء السترة لا بأس به، ويبقى ما دونه هو محل الدفع، وإذا لم يستتر فليس له أن يدفع، إنما إذا أشار إشارة لا تضر بصلاته؛ لأنه فرط في الأمر باتخاذ السترة، كما دلت على ذلك الروايات الأخرى، وليس للمار أن يمر بين يديه بالقرب منه ولو لم يستتر.
((فلا يدع أحدًا يمر بين يديه، وليدرأه ما استطاع)) يدفعه حسب استطاعته بالإشارة ولطيف العبارة، يعني بالإشارة المفهمة إلى أنه لا ينبغي أن يمر بين يديه ((فإن أبى فليقاتله)) يزيد في دفعه الأسهل فالأسهل، ثم بعد ذلك إن احتاج إلى الأشد فعل يدفعه إن لم يندفع إلا بقوة دفعه بقوة، حتى قال بعض أهل العلم: إنه لو مات من هذا الدفع دمه هدر، وليس معنى هذا أن يتخذ الإنسان السلاح يتوشح بسيف من مر بين يديه قاتله بالسيف أو بمسدس، لا، لا، هذا ينافي مقتضى الصلاة، إنما يدفعه بالأسهل فالأسهل، إن أصر على المرور بين يديه مع هذا الدفع لا شك أنه ليست له حرمة؛ لأنه شيطان يريد أن يفسد عليه صلاته، فالإجماع قائم على أنه لا يجوز المقاتلة بالسلاح، وزعم بعضهم أن قوله: ((فإن أبى فليقاتله)) معناه بالسب والشتم واللعن، قال بعضهم، قاتل الله فلانًا، قاتل الله اليهود والنصارى يعني لعن، فالمقاتلة من هذا الباب، وهذا القول لا شيء، كيف يسبه وهو في صلاته؟ كيف يلعنه وهو في صلاته؟ إذا كان ممنوعًا من الكلام المباح فكيف بالفحش والمحرم من الكلام؟! هذا كلام ليس بصحيح {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ} [(10) سورة الذاريات] يعني لعنوا، فهم يريدون أن يكون من هذا الباب.
بعض المالكية لهم تفاصيل، يفصلون حول هذا الموضوع، ويجعلون الإثم على المفرط من المصلي أو المار، إذا استتر المصلي وللمار مندوحة يعني له طريق آخر فمر بين يديه فالإثم على المار والمصلي لا إثم عليه، إذا لم يستتر المصلي والمار ليست له مندوحة فالإثم على المصلي، إذا استتر المصلي والمار ليست له مندوحة من هذا الطريق فلا إثم عليهما، إذا لم يستتر المصلي والمار له مندوحة وهناك طريق آخر يمكن أن يسلكه فالإثم عليهما، هذا التفصيل يذكره بعض المالكية.

لكن في حديث أبي سعيد في الصحيح وهو يصلي إلى سترة فجاء شابٌ من بني أبي معيط فأراد أن يجتاز فدفعه أبو سعيد، فنظر فلم يجد مساغًا لم يجد طريقًا يسلكه فدفعه أبو سعيد، هذا الحديث يرد هذا التفصيل وأورد الحديث، فدل على أن هذا الإثم المذكور، وهذه المدافعة، وهذه المقاتلة، والوصف بأنه شيطان مع كونه لم يجد مساغًا، فهذا التقسيم لا يوجد ما يدعمه ولا يشهد له.

وهو لو تقدم المصلي إلى سترته ومر من خلفه كان أولى؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- تقدم للسترة لو فعل لك فمر دونها لا بأس، المقصود أنه لا يمر بين المصلي وبين سترته.
((فإنما هو شيطان)) أي فعله فعل الشيطان، ولا يمنع أن يراد به حقيقة الشيطان، وفي هذا الحال يكون من شياطين الإنس، وكما أنه في الجن شياطين أيضًا في الإنس شياطين {شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ} [(112) سورة الأنعام] فهو منهم الذي يريد أن يفسد الصلاة على المصلي.
طالب:......
نعم، الحد الذي هو بين يدي المصلي عند أهل العلم يقدر بثلاثة أذرع، فإذا اجتاز من وراء ثلاثة أذرع لا يضر، الأمر الثاني: أن المشقة تجلب التيسير، إذا وجد في أماكن زحام شديدة في الحرمين في مواسم، ولم يستطع رد الناس لكثرتهم المشقة تجلب التيسير؛ ولذا صلى النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى غير سترة؛ لأن صلاته إلى سترة توقع الناس في حرج، وتقدر في حال القيام لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لما أراد أن يتجاز تقدم حتى صار بينه وبين سترته ممر الشاة، وهم يقدرون ثلاثة الأذرع، فإن قلنا: إنه في حال القيام ممر الشاة وفي حال السجود موضع ثلاثة أذرع كان العكس أولى؛ لأنه يبعد من موضع سجوده ثلاثة أذرع معناه يحتاج إلى أكثر من أربعة أذرع من موضعه، فلعله من موضع قيامه من قدميه ثلاثة أذرع من قدميه.
طالب:......
وتخطي الرقاب لا يجوز، لا شك أن هذا امتهان وهذا تعدًّ، وتخطي الرقاب لا يجوز، نعم جاء في الجمعة التشديد في ذلك، لكن هو في الجملة امتهان للمسلم من غير مبرر، نعم إذا وجد فرجة وأراد أن يصلها من غير أن يؤذي أحدًا لا بأس، نعم بعض الناس بقصد أو بغير قصد يؤذي الناس في الصلاة في مكان الطواف وفي مواضع الزحام، هذا لا حرمة له، لا ينتظر حتى يسلم مثل هذا لا ينتظر حتى يسلم.

طالب:......
نعم والخط
((إذا صلى أحدكم فلينصب شيء يستره)) يضع عصا ((فإن لم يجد فليخط خطًّا)) هذا الحديث مخرج في السنن، وأورده ابن الصلاح -رحمه الله- مثالًا للمضطرب، والمضطرب من قسم الضعيف، وإن حاول ابن حجر أن ينفي عنه الاضطراب، ويحكم عليه بالحسن، واستدل به الشافعية والحنابلة على أن الخط يكفي، ولا شك أنه إذا لم يوجد غيره فيرجى به، أما إذا وجد غيره فلا يكفي.

طالب:......
نعم، النساء أولى بالرد؛ لأنه هو المنصوص على أنهن يقطعن الصلاة، لا هو المشقة تجلب التيسير، كونه يصلي والناس يطوفون بين يديه فيهم الرجال وفيهم النساء دل على أن هذا الأمر إذا ترتب عليه مشقة شديدة ودفع الناس فيه أذية لهم وله أمر يتسع -إن شاء الله-، وطرف السجادة حكمها حكم الخط إذا لم يوجد غيره يرجى أن يكفي على أن الحديث قابل للتحسين، وإذا وجد غيره فلا بد أن يكون شاخصًا ماثل بين يديه، مثل مؤخرة الرحل.
طالب:......
لا، ما يلزم الخط فيه نزول ما فيه بروز، الخط في الرمل فيه بروز أم نزول؟ لا، لا، المقصود أن حكم هذه حكم هذه.

طالب:......
لا، لا، إذا وجد فيها خط من الأصل يكفي، عند القول بأن حديث الخط يصلح للاحتجاج.
طالب:......
لا، الحذاء لا ينبغي أن يكون في قبلة المصلي، ينبغي أن يكون عن يساره أو بين قدميه، لا ينبغي أن يكون في قبلة المصلي.

طالب:......
هذا الأصل أن تكون مثل مؤخرة الرحل، لها شيء يَشخص مرتفع، لكن إذا لم يوجد إلا الخط أو حكم الخط طرف السجادة مثلًا، وقلنا: بأن حديث الخط يصلح للاحتجاج، وأمكن ترجيح بعض طرقه على بعض كما قال الحافظ ابن حجر، وانتفى عنه الاضطراب يصلح؛ لأن المار يعرف أنك ما دمت تصلي إلى سجادة فيمر من ورائها.

على كل حال ما يقوم مقامه من طرف السجادة كاف، ومثله لو قصد هذا الخط يكفيه، وله أن يدفع من أراد أن يجتاز دونه.

 

طالب:......
إذا صلى إلى حائط أو إلى عمود سارية، جاء في الحديث عند أبي داود وغيره: أن لا يصمد إلى هذه السترة يجعلها عن يمينه أو عن شماله، لكن الحديث ضعيف، فيه ثلاثة علل، لا يثبت به حجة.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"
يقول: هل يختلف التعامل مع الكافر أو المشرك أو الكتابي؟

الكافر والمشرك..، الكتابي من يدفع الجزية، ويقر على البقاء بالجزية، والكافر والمشرك إن لم يكن معاهدًا أو مستأمنًا فهو حربي.

يقول بالنسبة للخروج للبراري هل يكون الثمانين كيلو ضابطًا للقصر والجمع ولو كان سيرجع من يومه؟

عند الجمهور نعم.

يقول: إذا خلع الرجل خفيه بعد أن مسح عليهما هل يكون لا زال على أصل الوضوء؟

لا؛ لأنه ليس متوضئًا وضوءًا شرعيًا، هو الآن باقي على طهارة ناقصة، يعني هو بقدمٍ لا مغسولة ولا ممسوحة، يعني كمن توضأ وضوءًا ونسي غسل رجليه.

يقول: ما هو الراجح في التيمم من تراب أم بغيره؟ وما هو غير التراب؟

كل ما على وجه الأرض يجوز التيمم به.

هل الجدار يعتبر من الصعيد؟

نعم إذا كان فيه غبار يعلق باليد إذا ضرب، والله أعلم.