التعليق على تفسير القرطبي - سورة الكهف (10)

"بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، قال الإمام القرطبي- رحمه الله تعالى-:

قوله تعالى : {ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا} [الكهف: 92].

{حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ} [الكهف:93] وهما جبلان من قبل أرمينية وأذربيجان. روى عطاء الخراساني عن ابن عباس :بين السدين الجبلين أرمينية وأذربيجان.

{قَوْمًا لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا} [الكهف:93] وقرأ حمزة والكسائي: "يُفقِهون" بضم الياء وكسر القاف من أفقه إذا أبان أي لا يفقهون غيرهم كلامًا. وقرأ الباقون بفتح الياء والقاف، أي يعلمون. والقراءتان صحيحتان، فلا هم يفقهون من غيرهم، ولا يفقهون غيرهم ."

لأن هذه متلازمة، الذي لا يفقه عن غيره لا يفقه غيره، هذه متلازمة؛ لأن هذا الكلام مصدره السمع. الكلام وإن كان في اللسان، فإن الذي يغذيه السمع، مثل ما يودع في الحافظة من مسموع ينطق إذا فيه تلازم بين الصمم، والبكم يمثلون لهذا بمثل الشريط إذا سجلت عليه مادة سمعتها، نعم مثال تقريبي عندهم، فإذا كانوا لا يفقهون قول غيرهم، فإنهم بالتالي لن يُفقِهوا غيرهم، ولذا لا تجد أحدًا يعرف لغة يستطيع أن يعبر عنها إلا ويستطيع أن يتكلم بها، فإذا كان لا يستطيع أن يتكلم بها، فإنه لا يستطيع أن يفهمها، وهناك تلازم وثيق، وهذه الآية في القراءتين الصحيحتين يفقهون يعني يفهمون، أو يفقهون أي يفهمون، فمن لا يفقه، ولا يفهم لا يستطيع أن يفهم.

"قوله تعالى: {قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ} [سورة الكهف:94] أي قالت له أمة من الإنس صالحة.

{إنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ} [سورة الكهف:94].

 قال الأخفش: من همز يأجوج، فجعل الألفين من الأصل يقول: يأجوج يفعول، ومأجوج مفعول، كأنه من أجيج النار. قال: ومن لا يهمز ويجعل الألفين زائدتين يقول: ياجوج من يججت، ومأجوج من مججت، وهما غير مصروفين، قال رؤبة:

 لو أن ياجوج ومأجوج معًا             وعاد عاد واستجاشوا تبعًا

ذكره الجوهري. وقيل: إنما لم ينصرفا لأنهما اسمان أعجميان، مثل طالوت وجالوت غير مشتقين، علتاهما في منع الصرف العجمة والتعريف والتأنيث. وقالت فرقة: هو معرب من أج وأجج".

 

فتكون ثلاث علل؛ العجمة والعلمية والتأنيث ثلاث علل.

طالب: ...........

نعم.

طالب: ...........

 كيف؟

طالب: ...........

 قالوا يا ذا القرنين قالت له أمة. من الذي يقول؟

طالب: ...........

 يأجوج أنفسهم يتحدثون؟

طالب: ...........

 ما يفقهون، كيف يقولون وهم لا يفقهون، ولا يُفقهون؟ قد يكون مقالهم بلسان الحال أو بلغتهم، ولهجتهم، وإشاراتهم التي تُرجمت له، احتمال نعم إشاراتهم التي يتفهمون بها، ويتبادلون بينهم قد تكون الإشارات تُرجِمت لذي القرنين أن يأجوج، ومأجوج كذا، وإلا ففي الأصل أنهم لا يفهمون نعم.

"وقالت فرقة: هو معرب من أج وأجج علتاه في منع الصرف التعريف، والتأنيث. وقال أبو علي".

يعني انتفعت علة بقيت علتان، والعلتان كافيتان لمنعهما من الصرف.

"وقال أبو علي: يجوز أن يكونا عربيين; فمن همز يأجوج، فهو على وزن يفعول مثل يربوع، من قولك: أجت النار أي ضويت، ومنه الأجيج، ومنه ملح أجاج، ومن لم يهمز أمكن أن يكون خفف الهمزة، فقلبها ألفًا مثل رأس".

مثل راس.

"مثل راس، وأما مأجوج".

كثير من الكلمات المهموة تخفف مثل الذئب الذيب قيل للكسائي: لمَ لا تهمز الذيب؟ قال: أخاف أن يأكلني، فكثير من الكلمات المهموزة تخفف؛ منها الرأس راس تأريخ تاريخ، وهكذا.

"وأما مأجوج فهو مفعول من أج، والكلمتان من أصل واحد في الاشتقاق، ومن لم يهمز، فيجوز أن يكون خفف الهمزة ، ويجوز أن يكون فاعولاً من مج، وترك الصرف فيهما للتأنيث، والتعريف كأنه اسم للقبيلة.

واختلف في إفسادهم".

هم مفسدون في الأرض، لكن كيفية هذا الإفساد مختلف فيه.

"سعيد بن عبد العزيز: إفسادهم أكل بني آدم. وقالت فرقة: إفسادهم إنما كان متوقعًا، أي سيفسدون، فطلبوا وجه التحرز منهم،. وقالت فرقة: إفسادهم هو الظلم، والغشم، والقتل، وسائر وجوه الإفساد المعلوم من البشر، والله أعلم. وقد وردت أخبار بصفتهم، وخروجهم، وأنهم ولد يافث روى أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال:» ولد لنوح سام، وحام، ويافث، فولد سام العرب وفارس والروم والخير فيهم، وولد يافث يأجوج ومأجوج، والترك والصقالبة ولا خير فيهم، وولد حام القبط والبربر والسودان». وقال كعب الأحبار".

مخرج؟

طالب: ...........

 ماذا يقول؟

طالب: ...........

 لفظه أيضًا، متنه منكر؛ لأن الحكم على العموم هؤلاء لا خير فيهم، وهؤلاء فيهم خير، أقول: هذا لا يرد به الخبر.

"وقال كعب الأحبار: احتلم آدم - عليه السلام - فاختلط ماؤه بالتراب، فأسف، فخلقوا من ذلك الماء، فهم متصلون بنا من  جهة الأب لا من جهة الأم. وهذا فيه نظر".

هذا أضعف من سابقه.

"لأن الأنبياء - صلوات الله عليهم - لا يحتلمون".

لأن الاحتلام من تلاعب الشيطان.

"وإنما هم من ولد يافث، وكذلك قال مقاتل وغيره. وروى أبو سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: لا يموت رجل منهم حتى يولد لصلبه ألف رجل. يعني يأجوج ومأجوج،  وقال أبو سعيد: هم خمس وعشرون قبيلة من وراء يأجوج ومأجوج، لا يموت الرجل من هؤلاء، ومن يأجوج، ومأجوج حتى يخرج من صلبه ألف رجل ذكره القشيري.  وقال عبد الله بن مسعود:  سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن يأجوج ومأجوج، فقال - عليه الصلاة والسلام: «يأجوج ومأجوج أمتان، كل أمة أربعمائة ألف أمة، كل أمة لا يعلم عددها إلا الله لا يموت الرجل منهم حتى يولد له ألف ذكر من صلبه كلهم قد حمل السلاح قيل: يا رسول الله صفهم لنا. قال: «هم ثلاثة أصناف صنف منهم أمثال الأرز - شجر بالشام طول الشجرة عشرون ومائة ذراع.

أين الأرض التي تحملهم؟ كل أمة أربعمائة ألف أمة، سبحان الله.

طالب: ...........

 أين الأرض التي تحملهم؟ شجر طوال، شجر الأرز معروف كبار، والله المستعان.

"وصنف عرضه، وطوله سواء نحوًا من الذراع، وصنف يفترش أذنه، ويلتحف بالأخرى لا يمرون بفيل، ولا وحش، ولا خنزير إلا أكلوه، ويأكلون من مات منهم، مقدمتهم بالشام، وساقتهم بخراسان، يشربون أنهار الشرق، وبحيرة طبرية، فيمنعهم الله من مكة والمدينة وبيت المقدس».

وقال علي - رضي الله تعالى عنه -: (وصنف منهم في طول شبر، لهم مخالب، وأنياب السباع، وتداعي الحمام، وتسافد البهائم، وعواء الذئاب، وشعور تقيهم الحر والبرد، وأذان عظام إحداها وبرة يشتون فيها، والأخرى جلدة يصيفون فيها، ويحفرون السد حتى كادوا ينقبونه، فيعيده الله كما كان، فيقولون: ننقبه غدًا إن شاء الله - تعالى - فينقبونه ويخرجون، ويتحصن الناس بالحصون، فيرمون إلى السماء، فيرد السهم عليهم ملطخًا بالدم، ثم يهلكهم الله - تعالى - بالنغف في رقابهم)".