اللؤلؤ المكنون في أحوال الأسانيد والمتون (04)

اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك...

طالب:........

ما فيه إلا هذه، حفظ منهج المتقدمين المتأخرين ونُسخ بلوغ المرام، هذا بيجي مرة في مناسبات كثيرة، يعني الكلام على منهج المتقدمين والمتأخرين، وأشرنا إليه في بداية الدرس، وهو موجود مسجل.

يقول -رحمه الله تعالى-:

وما به الواحد قد تفردا
فالمطلق الفرد به الصحابي
وغيره النسبي من دون خفا
     

 

فالفرد مطلقاً ونسبياً غدا
عن النبي عن سائر الصحابِ
وبالغريب عندهم قد عرفا

الحديث الفرد والغريب شيءٌ واحد، وهو ما يتفرد بروايته شخصٌ واحد، يعني عندنا فرق بين الحديث الفرد وبين الآحاد، وعندنا بين الغريب من الحديث وغريب الحديث، لا بد من التنبه لهذه الفروق، فالغريب والفرد ما يتفرد به راوٍ واحد ولو في طبقة واحدة من طبقات الإسناد، فإن كان التفرد في أصل السند أي طرفه الذي فيه الصحابي فهي غرابة مطلقة، وأكثر ما يطلق عليه الفرد، وإن كان التفرد في أثناء السند دون طرفه الذي فيه الصحابي أو في آخره من جهة المؤلف فالغرابة نسبية، وأكثر ما يقال فيه: غريب، تفرد به فلان.

عندنا من أوضح ما يمثل به للفرد المطلق أو الغريب غرابة مطلقة حديث: ((إنما الأعمال بالنيات)) يرويه الإمام البخاري عن شيخه الحميدي عبد الله بن الزبير عن سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة بن وقاص الليثي عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، لا يثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- إلا من طريق عمر -رضي الله عنه-، ولا يثبت عن عمر إلا من طريق علقمة، ولا يثبت عن علقمة إلا من طريق محمد بن إبراهيم التيمي، ولم يروه عنه سوى يحيى بن سعيد الأنصاري، وعنه انتشر حتى قال بعضهم: إنه يروى عن يحيى بن سعيد من طريق من أكثر من سبعمائة وجه، يرويه عن يحيى بن سعيد أكثر من سبعمائة راوي، وإن كان الحافظ ابن حجر يشكك في هذا العدد، ويقول: إنه يجمع الطرق لهذا الحديث منذ بداية الطلب إلى وقتِ تأليف فتح الباري، وقال: إنه لم يقدر على تكميل المائة فضلاً عن مائتين وثلاثمائة وسبعمائة، فالحديث كما سمعتم فردٌ مطلق، تفرده في أصل السند، لم يروه عن النبي -عليه الصلاة والسلام- إلا صحابي واحد، ولم يروه عن هذا الصحابي إلا تابعي واحد، وهكذا في أربع طبقات.

يشبهه آخر حديث في الصحيح: ((كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن، سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم)) هذا الحديث يرويه أبو هريرة لا يشركه في روايته أحد، ويرويه عنه أبو زرعة بن عمرو بن جرير البجلي، ويرويه عنه عمارة بن القعقاع لا يرويه غيره، وتفرد بروايته عنه محمد بن فضيل لا يرويه غيره، وعن محمد بن فضيل انتشر، هذان حديثان من الأفراد من أفراد البخاري، وإن شئت فقل: من غرائب الصحيح، التفرد في أصل السند.

أصل السند طرفه الذي فيه الصحابي، ويحتمل أن يكون المراد بذلك الصحابي نفسه، أو من يرويه عن الصحابي، وجاء عند ابن حجر -رحمه الله تعالى- تنزيل الفرد المطلق على تفرد الصحابي، وجاء أيضاً في تعريف الفرد المطلق أن يتفرد بروايته عن الصحابي شخصٌ واحد، وكأنه في هذا الموضوع رأى أن تفرد الصحابي لا يضر؛ لأن الواحد من الصحابة يعدل أمة، على كل حال هذا هو الفرد في اصطلاحهم، وهذا هو الغريب.

يقول ابن حجر: إن الفرد والغريب مترادفان لغةً واصطلاحاً، لكن إذا بحثنا في معنى الفرد في اللغة، ومعنى الغريب في اللغة وجدنا الفرق، فلا ترادف، اغترب: بعد عن وطنه فهو غريب، اغترب فهو غريب، وتفرد إذا استقل عن غيره فلم يشاركه أحد، فهما من حيث اللغة ليسا بمترادفين، قد يسافر مجموعة من بلدهم من بلدٍ واحد إلى بلدٍ ثانٍ هل يقال لهم: أفراد وهم مجموعة؟ لكن يصح أن يقال: إنهم مغتربون، وقد يكون الواحد المتصف بصفةٍ لا يشاركه فيها أحد فرد، وإن لم يكن مغترباً بعيداً عن وطنه، والغربة والاغتراب معروفة المعنى، والتوحد والتفرد معروف المعنى، هذا من حيث اللغة الذي ذكر الحافظ أنهما مترادفان في اللغة.

أما من حيث الترادف الاصطلاحي الذي أشار إليه ابن حجر ففي كلامه ما يدل على خلافه، في كلامه ما يدل على اختلافه، وأنهم غايروا يعني أهل الحديث غايروا بينهما في الاصطلاح، فأكثر ما يطلق الفرد على كذا، وأكثر ما يطلق الغريب على كذا، ومعلومٌ أن هذا من حيث إطلاق الاسمية الفرد والغريب، أما من حيث إطلاق الفعل فلا فرق بينهما، تفرد به فلان وأغرب به فلان، لا فرق حينئذٍ.

فكلام الحافظ يلاحظ عليه مثل هذا -رحمه الله-، هناك غرابة مطلقة وغرابة نسبية، فالفرد مطلقاً ونسبياً غدا، إذا تفرد راوٍ من بين جميع الرواية برواية هذا الخبر بحيث لا يشركه في روايته أحد فهو غرابته مطلقة، وهو إن كانت الغرابة في أصل سنده فردٌ مطلق، وإن تفرد به شخص تفرد بروايته عن راوٍ وإن رواه آخرون عن راوٍ آخر فغرابته نسبية، يعني تفرد برواية هذا الحديث بالنسبة لهذا الشيخ، وإن روي عن غير هذا الشيخ من طرق هذه غرابة نسبية.

إذا تفرد أهل بلد برواية حديث مثل ما يقال: هذه سنة غريبة تفرد بها أهل مصر، أو تفرد بها أهل العراق أو تفرد بها أهل الحجاز هذه غرابة نسبية ليست حقيقية؛ لأنه قد يكون هذا الخبر يرويه جمع من أهل هذه البلاد، فليست الغرابة حقيقية بل نسبية.

فالمطلق الفرد به الصحابي
وغير النسبي من دون خفا

ج

 

عن النبي عن سائر الصحابِ
...................................

يعني ما كان التفرد فيه دون أصله في أثناء السند.

...................................
ج

 

 

وبالغريب عندهم قد عرفا
ج

يعني إذا كانت الغرابة في ..... السند يقال له: الغريب، إذا كانت الغرابة في أصل السند وهو مخرج الخبر يكون أكثر ما يطلق عليه الفرد.

وباعتبار موضع التفردِ
ج

 

أربعة أنواع فرد فاعددِ
ججج

يعني يقسم إلى أربعة أنواع.

فمنه فردٌ متنه والسندُ
ج

 

 

...................................

 يعني تكون الغرابة في المتن والسند، التفرد في المتن والسند، بمعنى أنه لا يوجد هذا الحديث بهذا اللفظ إلا عن هذا الراوي.

...................................

 

ومنه ما في السند التفردُ
 
ج

التفرد هذا الحديث لا يرويه إلا فلان، لكن متنه معروف برواية آخرين.

وفرد بعض المتن أو بعض السند

 

 

...................................

فرد بعض المتن بأن يكون هناك كلمة يتفرد بها راوي من الرواة، أو جملة في الخبر يتفرد بها راوي من الرواة، هذا التفرد فيه في بعض المتن، وقد يكون التفرد فيه في بعض السند كما إذا تفرد هذا الراوي بروايته عن هذا الراوي كما قلنا في النسبي.

...................................

 

ولم نجد غريب متنٍ لا سند
 
ج

يوجد غرابة في المتن، يوجد غرابة في المتن مع السند، يوجد غرابة في بعض المتن، يوجد غرابة في السند والمتن، يوجد غرابة في السند فقط، لكن غرابة في المتن فقط لا يمكن أن توجد، لماذا؟ هل يتصور أن يوجد متن..؟ نعم؟

طالب:........

غريب؟

...................................

 

ولم نجد غريب متنٍ لا سند
 
ج

كيف يجي غريب متن لا سند؟ نعم؟

طالب:........

قول إيش؟

طالب:........

ويش فيه؟

طالب:........

هم لا يبحثون في غريب الحديث، غريب الحديث الذي هو غرابة بعض الألفاظ، يعني اشتمال الحديث على ألفاظ غريبة تحتاج إلى إيضاح وبيان هذا بحث آخر، لكن هذا الغريب هذا اللفظ الذي وجد هذا اللفظ الغريب، الآن المسألة مفترضة في حديثٍ لا سند له، خلوكم معي يا الإخوان.

...................................

 

ولم نجد غريب متنٍ لا سند
 
ج

 يمكن يوجد متن لا سند له؟ السند كل حديث لا بد أن يروى بإسناد، أما الحديث الذي لا إسناد له يكون ليس بحديث لا أصل له، إذاً لا يمكن أن توجد غرابة في المتن دون السند، توجد غرابة في الإسناد دون المتن، ولذا قال:

...................................
وفرد بعض المتن أو بعض السند

 

 

ومنه ما في السند التفردُ
...................................
ج
 
ج

هذا كله تقدم، لكن تتميم القسمة العقلية غرابة المتن فقط، غرابة المتن لا بد أن يصاحبها غرابة السند.

وقيد النسبي أيضاً بثقةْ
ج       

 

كذا براوٍ أو بمصرٍ حققه
جج

يعني لا يروي هذا الحديث من الثقات إلا فلان، لا يروي هذا الحديث من الثقات إلا فلان، وإن شاركه في الرواية أناس لكنهم ضعفاء، فتفرد هذا الثقة لا شك أنه تفرد نسبي، بمعنى أنه يوجد من يروي الحديث غيره، يوجد غير هذا الراوي يروي الحديث، لكن بهذا الوصف هو فرد، فهو فردٌ نسبي، غريب غرابة نسبية.

فإذا تفرد برواية الخبر ثقة من بين سائر الثقات لا يشاركه راوٍ ثقة غيره وإن شاركه بعض الضعفاء فإنه يسمى غريب لكن الغرابة نسبية.

"كذا براوٍ" لا يرويه عن فلان إلا فلان، لا يروي هذا الحديث عن أبي هريرة إلا أبو زرعة، لا يروي هذا الحديث عن عمر إلا علقمة "كذا براوٍ" هذا تفرد بالرواية عن عمر، تفرد بالرواية عن أبي هريرة "أبو بمصرٍ حققه" هذه سنة..، كثيراً ما يقولون: هذه سنة تفرد بها أهل البصرة مثلاً، أو المدينة، أو مكة، أو ما أشبه ذلك، هذه كلها غرابة نسبية.

وإن تجد متابعاً أو شاهداً
زال بها تفرد عن فرد
وازداد شهرةً بها الذي اشتهر

فإنما يحصل ذا لمن سبر
ج

 

لخبر الآحاد كان عاضدا
واشتهر العزيز دون رد
وكشفه بالاعتبار قد ظهر
طرق الحديث ثم إياه اعتبر
ج

عندنا مصطلحات، شيء اسمه: الاعتبار، وشيء اسمه: المتابع، وشيء اسمه: الشاهد، عنون لهذه المصطلحات الثلاثة في ابن الصلاح وغيره: الاعتبار والمتابعات والشواهد، وإن استدرك وانتقد العنوان؛ لأن نسق المتابعات والشواهد على الاعتبار يوهم بأن الاعتبار قسيم للمتابعات والشواهد، وهو في الحقيقة ليس بقسيم، ليس عندنا إلا متابعات وشواهد، الاعتبار ما هو؟ هيئة التوصل إلى المتابعات والشواهد، طريقة البحث هذا هو الاعتبار.

الاعتبار سبرك الحديث هل

 

شارك راوٍ غيره فيما حمل؟
ججججج

فسبرك هيئة التوصل طريقة التوصل عن المتابعات والشواهد يسمى: اعتبار.

نأتي إلى المتابعات والشواهد، هذا الحديث الفرد بحثت ما وجدت له شاهد، فإذا خلا عن المتابعات والشواهد كما يقول الحافظ:

....................................
ج

 

وما خلا عن كل ذا مفارد
ج
ججججج

يعني الذي لا يوجد له متابع ولا شاهد فهو من المفردات من الغرائب، لكن إذا بحثنا في الكتب فوجدنا من يتابع الحميدي على رواية الحديث حديث: (الأعمال بالنيات) عن سفيان، وجدنا من يتابع الحميدي هذه متابعة، متابعة تامة وإلا قاصرة؟ تامة؛ لأنها من ابتداء السند، المتابعة في الشيخ مباشرة، إذا لم نجد من يتابع الحميدي وجدنا من يتابع سفيان في الرواية عن يحيى بن سعيد هذه متابعة لكنها قاصرة، وجدنا من يتابع يحيى بن سعيد في روايته عن محمد بن إبراهيم وهذا مسألة افتراضية، وإلا أهل العلم يقررون أنه لا يرويه عن محمد بن إبراهيم التيمي إلا يحيى بن سعيد، أو وجدنا متابع فيما بعد أو هكذا إلى الصحابي، ما دامت هذه المتابعات وهذه الموافقات على رواية الحديث عن صحابيٍ واحد، الحديث ما زال يروى عن عمر، سواءً كانت المتابعة في الشيخ أو شيخه أو شيخ شيخه أو الثالث أو الرابع أو الخامس إلى أن يتفقوا في الصحابي هذه تسمى: متابعات، يعني مشاركة الراوي في رواية الحديث من طريق الصحابي نفسه هذه يسمونها إيش؟ متابعات.

إذا لم يجد من يتابع هؤلاء كلهم، وجدنا هذا الحديث يروى كما يروى عن عمر يروى عن أبي هريرة، إذا اختلف الصحابي فإيش؟ فالشاهد، هذا هو القول المعتمد عند المتأخرين من أهل العلم، وعليه الأكثر، يجعلون المتابع فيما يروى عن طريق الصحابي نفسه، والشاهد فيما يروى عن طريق غيره من الصحابة من غير نظرٍ إلى اللفظ والمعنى، فإن جاء الحديث عن الصحابي نفسه سواءٌ اتحد اللفظ أو اختلف مع اتحاد المعنى فالمتابع، وإذا روي من طريق صحابي آخر بغض النظر عن معناه ولفظه سواءً اتحد اللفظ أو اختلف فالشاهد.

من أهل العلم من يرى العكس، أن المنظور إليه اللفظ والمعنى، الحديث إذا روي ولو من طريق صحابي آخر إذا روي بلفظه فالمتابع، إن روي بمعناه ولو اتحد الصحابي فالشاهد، فمنهم من ينظر إلى اللفظ والمعنى ويجعل المتابع في اللفظ، والشاهد في المعنى بغض النظر عن الصحابي، ومنهم من يرى العكس، النظر إلى الصحابي بغض النظر عن اتحاد اللفظ واختلافه.

وعلى كل حال الأمر سهل، سواءٌ سمينا هذا متابع أو سميناه شاهد الوضع لا يختلف، لماذا؟ لأن الهدف من البحث عن المتابعات والشواهد التقوية، والتقوية تحصل بهذا وتحصل بهذا، فالمغايرة بينهما مجرد اصطلاح ولا مشاحاة في الاصطلاح.

وإن تجد متابعاً أو شاهداً
زال بها تفرد عن فردِ

 

 

لخبر الآحاد كان عاضداً
...................................

يعني خلاص انتهى التفرد، انتهى التفرد لا يرويه إلا فلان وجدناه خلاص انتهى التفرد.

"واشتهر العزيز" لأنه صار بدلاً من أن يرويه اثنان الذي هو حد العزيز زدنا ثالث وصار إيش؟ صار مشهوراً.

...................................

وازداد شهرةً بها الذي اشتهر
ج       

 

واشتهر العزيز دون رد
...................................


الذي يروى من طريق ثلاثة وجدنا رابع يزداد شهرة.

وازداد شهرةً بها الذي اشتهر
ج       

 

وكشفه بالاعتبار قد ظهر

كشف هذه المتابعات وهذه الطرق وهذه الشواهد إنما يكون بالاعتبار الذي هو السبر والنظر في الكتب، وتتبع الطرق.

يقول:

فإنما يحصل ذا لمن سبر     

 

...................................

  ما يحصل لغير من سبر، ما يمكن أن تجد حديث وأنت ما بحثت، يمكن؟ يمكن تجد حديث وأنت ما بحثت؟ ما يمكن، السماء لا تمطر ذهب ولا فضة، أنت تجلس بفراشك ومن مجلس إلى مجلس وقيل وقال واستراحات وروحات وجيات ونزه ورحلات، وتبي تجمع طرق الحديث وأنت على هذه الطريقة؟! ما يمكن.

فإنما يحصل ذا لمن سبر
ج       

 

...................................

من وجد وجد.

....................................
ج
ج       

 

 طرق الحديث ثم إياه اعتبر
ج

ج

"من سنن" تبحث في السنن، والسنن هي في الغالب ما يجمع أحاديث الأحكام، ما يجمع أحاديث الأحكام المرفوعة، يشاركها المصنفات، تجمع أحاديث الأحكام لكنها تضم إلى المرفوع الموقوفات والآثار.

"ومن جوامع" السنن فيها أحاديث الأحكام غالباً قد يوجد أبواب يسيرة من أبواب الدين الأخرى في فتن وما أشبه ذلك، قد توجد كما في سنن أبي داود من الآداب والفتن فيها أشياء يسيرة، لكن الغالب على الكتاب أحاديث الأحكام.

"من سنن ومن جوامع" السنن يمثل لها بسنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، البيهقي، سعيد بن منصور، الدارقطني، كتب السنن كثيرة.

"ومن جوامع" الجوامع هذه هي كتب الحديث التي تجمع جميع أبواب الدين، جميع ما يحتاج إليه من أبواب الدين، ففيها العقائد، فيها الإيمان، فيها العلم، فيها العبادات، فيها المعاملات، فيها الأنكحة والأقضية والجنايات، وفيها السير والمغازي والشمائل والمناقب، فيها الزهد الرقاق التفسير فيها كل شيء، كل ما يحتاجه المتعلم من أبواب الدين، هذه تسمى إيش؟ جوامع.

من أمثلتها: (الجامع الصحيح للبخاري)، (الجامع الصحيح للإمام مسلم)، (جامع الترمذي) هذه تجمع أبواب الدين.

"ومن معاجم" معاجم: هي التي ألفت على طريقة المسانيد، مسانيد الصحابة، أو على الشيوخ شيوخ المؤلف، قد تؤلف على طريقة المسانيد مسانيد الصحابة وتجتمع في هذا مع المسانيد وتختلف معها في أن ترتيب هذه المسانيد أو أحاديث هذه المسانيد على شيوخ المؤلف.

"ومن مسانيد" المسانيد التي يذكر فيها أحاديث كل صحابي على حدة، ثم ترتيب أحاديث الصحابة على ما يختاره المؤلف، والغالب أنهم يرتبون المسانيد الصحاب على حسب الأفضلية، كما فعل الإمام أحمد في المسانيد العشرة ثم من يليهم.

من سنن ومن جوامع ومن
ج       

 

معاجم ومن مسانيد فدن
ج

دن: اعترف، دن بالفضل لهؤلاء الذي تعبوا وجمعوا وألفوا، دن لهم واعترف بالفضل، وادعُ لهم أن يسروا لك هذا العلم، وجمعوا في هذه المصنفات، واحمد ربك واشكره والهج بذكره وشكره أن يسر لك هذا الطريق.

فما على مرويه قد تابعه
ج

 

عن ذا الصحابي آخر متابعةْ
ججج

"فما على مرويه قد تابعه ** عن ذا الصحابي.." يعني عن نفس الصحابي "آخر" تابعه آخر عن الصحابي عن نفسه "فمتابعة" وهذا قررناه.

فإن تكن لنفسه فوافرة  

 

...................................
جج

 يعني: تامة، إذا كانت المتابعة للشخص نفسه الراوي يعني آخر السند، بمعنى أن المتابعة حصلت في جميع السند في شيخ نفس الراوي فالمتابعة وافرة يعني تامة.

...................................   

 

أو شيخه فصاعداً فقاصرة

ومثلنا: أن الحميدي توبع في رواية حديث: (الأعمال بالنيات) هذه متابعة تامة، وهذا التمام والقصور نسبي، هذه المتابعة الوصف بالتمام والقصور نسبي، إذا توبع البخاري على رواية الحديث عن الحميدي متابعة تامة لكن بالنسبة لمن دون البخاري، إذا توبع شيخ البخاري الحميدي بالنسبة للبخاري تامة، لو خرج الحديث الحميدي في مسنده وتوبع سفيان على روايته صارت تامة بالنسبة للحميدي، فهذه الأمور نسبية، هذه الأمور نسبية.

فإن تكن لنفسه فوافرةْ
ج       

 

أو شيخه فصاعداً فقاصرةْ
ج

وتقرب من التمام كل ما قربت إلى نهاية الإسناد، وتقرب من القصور كلما قربت إلى نهاية الإسناد من أعلى.

وما له يشهد متنٌ عن سوى
في اللفظ والمعنى أو المعنى فقط
ج
ج

 

ذاك الصحابي فشاهد سوا
لكنما مرتبة الثاني أحط
ججج

المؤلف -رحمه الله تعالى-: جرى على التفريق بين المتابع والشاهد بأي شيء؟ بالصحابي، بالصحابي بغض النظر عن اللفظ والمعنى، ولذا قال:

وماله يشهد متنٌ عن سوى

 

ذاك الصحابي فشاهدٌ سوا
ج

"في اللفظ والمعنى" يعني سواءً كان الشهادة من ذلك الصحابي الآخر وافقت وطابقت في اللفظ أو في المعنى فقط.

.................... أو المعنى فقط

 

لكنما مرتبة الثاني أحط
جج

مرتبة الثاني الذي هو إيش؟ الشاهد أو الموافقة في المعنى فقط؟ الاحتمالات ثلاثة "لكنما مرتبة الثاني" الموافق في المعنى فقط، أو الثاني الذي هو الشاهد والاختلاف في الصحابي، أو الثاني الذي هو الآحاد قسيم المتواتر؟ هذه احتمالات، وعوده إلى الأقرب أقرب، لا شك أن الموافقة في اللفظ والمعنى أتم وأقوى من الموافقة في المعنى فقط، يعني كون الحديث مضبوط متقن من جهات من طرق بلفظه أليس أقوى من أن يوجد فيه اختلاف من بعض رواته في بعض الألفاظ؟ ولذا قال:

...................................

 

لكنما مرتبة الثاني أحط
جج

جاء في المسألة التي هي من أهم ما يبحث في هذا الفن.

وهو يفيد العلم أعني النظري
ثلاثة أحكام نقلٍ تعرفُ
جج

 

عند ثبوته فبعد النظرِ
قبوله والرد والتوقفُ
جج

يعني الخبر منه ما هو مقبول، ومنه ما هو مردود، ومنه ما يتوقف فيه.

نأتي إلى ما يفيده خبر الواحد، ما يفيده خبر الواحد -انتبهوا يا الإخوان- يقول:

وهو يفيد العلم أعني النظري
جج

 

عند ثبوته فبعد النظرِ
ج

تقدم في المتواتر أنه يفيد العلم الإيش؟ الضروري الذي لا يحتاج إلى نظرٍ ولا استدلال، ولا مقدمات، وإن خالف في ذلك طائفة فقالوا: إنه يفيد العلم النظري، إذا سمعت الخبر المتواتر وجدت نفسك مضطراً إلى تصديقه دون مقدمات، ولذا يحصل العلم به لمن ليس من أهل النظر، يحصل العلم به لمن ليس من أهل النظر، لو تسأل أجهل شخص من المسلمين فتقول له: هل يجوز الكذب على النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ قال: لا يجوز، فمجرد ما يسمع هذا الخبر يؤمن به ويتيقنه؛ لأنه متواتر.

هنا "وهو" يعني ما مضى الحديث عنه وهو الآحاد؛ لأنه انتهى الكلام بالمتواتر......

.... يفيد العلم أعني النظري
جج

 

عند ثبوته فبعد النظرِ
ج

يعني خبر الواحد إذا صح أو غلب على الظن ثبوته في مسألة الحسن يفيد العلم النظري.

ذكرنا سابقاً المراد بالعلم والظن والشك والوهم، هل نحن بحاجة إلى إعادتها؟ العلم ما لا يحتمل النقيض بوجهٍ من الوجوه، بمعنى أنك تحلف عليه وإن كان من أهل العلم من يرى جواز الحلف على غلبة الظن، لا يحتمل النقيض بوجهٍ من الوجوه، الظن هو الاحتمال الراجح، الشك هو الاحتمال المساوي، والوهم هو الاحتمال المرجوح.

خبر الواحد إذا صح إذا صح، يشترط لصحة الخبر على ما سيأتي أن يكون رواته ثقات عدولاً ضابطين، وأن يكون بسندٍ متصل، ويسلم المتن من الشذوذ والعلل، هذا الخبر الذي توافر فيه هذا الوصف على ضوء تعريف العلم والشك على تعريف العلم والظن والشك والوهم ماذا يفيد؟ هل نستطيع أن نقول: ما يخبر به الإمام مالك يفيد العلم اليقيني النظري؟ بمعنى أن نتيجته مائة بالمائة، ويترتب عليه أن الإمام مالك لا يخطئ؛ لأنه إذا احتمل الخطأ ما صار علم بهذا التقرير، واضح وإلا ما هو بواضح؟

نسوق الأقوال أولاً، أولاً: داود الظاهري، حسين الكرابيسي، ابن حزم، رواية عن مالك، وابن حزم أطال في تقرير هذا القول: وهو أن خبر الواحد يفيد العلم مطلقاً، يفيد العلم مطلقاً، والإطلاق هنا يقابل ما سيأتي في القول الثالث، والقول الثاني: أنه لا يفيد العلم مطلقاً وإنما يفيد الظن، وعزاه النووي للجمهور، وفي موضعٍ للأكثر، وفي موضع للمحققين.

هذان القولان متقابلاً: يفيد العلم مطلقاً يفيد الظن مطلقاً، هناك قولٌ ثالث: وهو أنه يفيد العلم إذا احتفت به قرينة، الآن البحث مع من يوافق على هذا التقسيم وعلى هذه التعريفات التي ذكرنا في تعريف العلم والظن.

القول الأول: يفيد العلم مطلقاً، يقولون العمل به واجب، فكيف نعمل بما يفيد الظن؟ والظن {لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [28 سورة النجم] {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [36 سورة الإسراء] لا تتبع ما ليس لك به علم، الظن لا يغني من الحق شيئاً، إذاً هذا الذي يوجب العمل إذاً يوجب العلم، لكن هل يمكن أن يستجيب إذا قال شخص: إن خبر الثقة يوجب العلم، إذا قال له زيد من الناس وهو من أوثق الناس عنده هل يمكن أن يستجيب شخص قال له زيد من الناس وهو من أوثق الناس عنده أن الشمس طالعة، الآن هو متردد في طلوع الشمس، وهو في مكانٍ مظلم ما فيه ما يدل على طلوع الشمس، ثم يأتي فلان يقول: الشمس طالعة، هل يستطيع أن يطلق امرأته أن الشمس طالعة؟ نقول: حلف وحلف لأنه يجوز الحلف على غلبة الظن عند بعض أهل العلم.

يعني إذا أخبرك زيد من الناس قال: إن الشمس طالعة وأنت تثق به تحلف أن الشمس طالعة، لكن هل يستطيع أن يطلق أن الشمس طالعة؟ أو في نفسه شيء احتمال أخطأ؟ ألا يرد أن يكون احتمال أخطأ؟ هذا الاحتمال ينزل الخبر من مائة إلى تسعة وتسعين ثمانية تسعين سبعة وتسعين على حسب ثقتك بالرجل، لكن الاحتمال في نفسك موجود، عرفنا القول الأول وهو أنه يوجب العلم مطلقاً، وهو قول داود الظاهري وحسين الكرابيسي، الحارث المحاسبي، ابن حزم أطال في تقريره وشدد فيه، أحمد شاكر رجحه أيضاً، لكن هؤلاء أجزم أننا نختلف معهم في تعريف العلم والظن، وإلا ما في أحدٍ يبي يقر الخبر في قلبه بحيث لا يحتمل النقيض.

أليس عندنا الإمام مالك -رحمه الله- نجم السنن في قمة الحفظ والضبط والإتقان؟ ألم يحفظ عنه أخطاء وأوهام؟ وهذا الاحتمال من الإمام مالك ينزل خبره من مائة بالمائة إلى تسعة وتسعين؛ لأنه نجم السنن، لكن غيره قد ينزل إلى خمسة وتسعين، قد ينزل إلى تسعين، قد ينزل إلى ثمانين حسب توافر شروط القبول من عدمه.

القول الثاني: لا يفيد العلم مطلقاً يفيد الظن؛ لوجود هذا الاحتمال، ما في شخص معصوم ما يخطئ، فما دام هذا الاحتمال احتمال النقيض موجود إذاً كيف نجزم بأنه مائة بالمائة والاحتمال موجود؟ إذا قلنا: إنه مائة بالمائة فكأنك تراه، الخبر المتواتر منزل منزلة الرؤية، الرؤية البصرية، يعني لو طلق شخصٌ امرأته أن واقعة الفيل حاصلة تطلق امرأته وإلا ما تطلق؟ تطلق وإلا ما تطلق؟ ما تطلق؛ لأنه حاصل، وجاء التعبير عنها في سورة الفيل: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ} [1 سورة الفيل] قال: الرسول ما رأى، لكن {ألم ترَ} لأنه نُزِّل هذا الخبر المتواتر المستفيض عندهم منزلة المرئي المشاهد.

لكن لو جاءك خبر قيل لك: إن فلان حضر فلان مات من أوثق الناس عندك، هل تستطيع أن تخبر شخص وتطلق امرأتك أن فلان حضر؟ لأن زيد أخبرك زيد من الناس أخبرك، وجود هذا الاحتمال ينزل الخبر، ينزل الخبر من مائة بالمائة لا يحتمل النقيض بوجهٍ من الوجوه إلى نسبةٍ تناسب الشخص المخبر، وعرفنا حجة هؤلاء، الاحتمال قائم.

القول الثالث: أنه يفيد الخبر -خبر الواحد- يفيد العلم إذا احتفت به قرينة، لماذا؟ الآن الاحتمال ما هو بضعيف؟ احتمال النقيض ما هو بضعيف؟ هذه القرينة جبرت هذا الاحتمال، فجعلنا نقطع ونجزم به؛ لوجود هذه القرينة التي صارت في مقابل هذا الاحتمال، إذا لم تحتف به قرينة لا يفيد إلا الظن؛ لأن الظن هو غلبة الراجح، الاحتمال الراجح.

أولئك يقولون: الظن لا يغني من الحق شيئاً، نقول: صحيح، لكن الظن جاء في النصوص بإزاء اعتبارات وإطلاقات، جاء الظن ويراد به اليقين والاعتقاد الجازم، وسمعنا في قراءة الإمام: {إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيهْ} [20 سورة الحاقة] لو نقول: الظن لا يغني من الحق شيئاً في هذا الباب ينفع؟ {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ} [46 سورة البقرة] ينفع؟ على الاعتبار الثاني: أنه لا يغني من الحق شيئاً؟ ما ينفع يا أخي، ما ينجيك من عذاب النار، أن مجرد تأتي بكلام لا يغني من الحق إذاً هو باطل، إذا كان لا يغني من الحق، الظن جاء في النصوص ويراد به اليقين، ويراد به ما يغلب على الظن، ويراد به الوهم، وهو الذي لا يغني من الحق شيئاً.

طالب:........

هم يقولون: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [(36) سورة الإسراء] إذا أنت عملت بما لا يوجب العلم أنت قفوت ما ليس لك به علم، نقول: العلم إنما يضاده الجهل، ما ليس لك به علم الذي تجهل فيه، الذي تجهله هذا الذي ليس لك به علم، وحمل بعضهم هذه الآية على مسائل الاعتقاد، والذي يرجحه شيخ الإسلام ويقرره أنه لا فرق بين مسائل الاعتقاد ومسائل الأحكام، ما يثبت بهذا يثبت بهذا، لا فرق.

نسمع كلام شيخ الإسلام فيما يفيده خبر الواحد، شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- في مواضع كثيرة من كتبه يقول -منهاج السنة الجزء الثامن صفحة ثلاثمائة-: "القرآن لا يثبت بخبر الآحاد، بل لا بد أن يكون منقولاً بالتواتر" هذا نقل.

في الجزء السابع صفحة خمسمائة وخمسة عشر وستة عشر: "اتفق المسلمون على أنه لا يجوز أن يكون المبلغ عن العلم واحداً، بل يجب أن يكون المبلغون أهل التواتر الذين يحصل العلم بخبرهم للغائب، وخبر الواحد لا يفيد العلم إلا بقرائن" هذا كلام من؟ الإمام القدوة شيخ الإسلام "وخبر الواحد لا يفيد العلم إلا بقرائن، وتلك قد تكون منتفية أو خفية عن أكثر الناس".

ابن رجب في شرح البخاري في شرح حديث تحويل القبلة في الجزء الأول صفحة مائة وتسعة وثمانين: "وما يقال من أن هذا يلزم منه نسخ المتواتر وهو الصلاة إلى بيت المقدس بخبر الواحد فالتحقيق في جوابه: أن خبر الواحد يفيد العلم إذا احتفت به القرائن، فنداء الصحابي -شوف القرينة الآن التي احتفت بخبر الصحابي- فنداء الصحابي في الطرق والأسواق بحيث يسمعه المسلمون كلهم بالمدينة ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- بها موجود لا يتداخل من سمعه شكٌ في أنه صادقٌ فيما يقوله وينادي به، والله أعلم".

وقال في الجزء التاسع صفحة أربعمائة وثمانية وثلاثون: "وقول اثنين فصاعداً من المأمومين -إذا نبهوا الإمام اثنين يجب أن يرجع، حجة شرعية- يقول: "وقول اثنين فصاعداً من المأمومين حجةٌ شرعية، فيجب العمل بها وإن لم يوجب العلم -لماذا؟ لأنه ما زال خبر واحد آحاد؟- كسائر الحجج الشرعية التي يجب العمل بها من البينات وغيرها".

لماذا أطلنا في هذا؟ قررنا في مناسبات كثيرة، أنا أقول: الذي يخالف في هذا قد يخالف في تعريف العلم والظن، لكن الظن والعلم على ما شرح وقرر سابقاً الراجح هو القول الأخير، وشيخ الإسلام له كلام كثير، ابن القيم في (الصواعق) أطال في تقرير إفادة خبر الواحد العلم، أطال إطالة كثيرة جداً، وهو بصدد الرد على المبتدعة الذين يردون خبر الواحد، وصرح في مواضع أنه إذا احتفت به قرينة أفاد العلم، وكلام شيخ الإسلام هنا: "وخبر الواحد لا يفيد العلم إلا بقرائن" كلام صريح وإلا محتمل؟

يا الإخوان نحن نؤكد على هذه المسألة؛ لأنه يوجد من يخالف، ويبعث الرأي الثاني: أن خبر الواحد إذا صح يفيد العلم، وهو من خيار من يتعاطى هذا الشأن علم الحديث، وتقرير هذه المسألة مسألة يعني إذا تقررت لدينا لا نشك في أنهم يذهبون إلى أن الظن غير ما نذهب إليه، والعلم غير ما نذهب إليه، المتقدمون داود الظاهري، حسين الكرابيسي وغيرهم قالوا: يوجب العلم، ليش؟ لأنه ما يمكن نعمل بجهل، يقول ما نعمل بالجهل، الأحكام مبنية على إيش؟ على غلبة ظن، الآن لو استفيت مثلاً شخص نعم..، ذهبت لأعلم من في البلد وأفتاك بفتوى، أفتاك بقول، قال: هذا حرام، ثم ذهبت إلى آخر أقل منه منزلة فأفتاك بكلامٍ آخر غير هذه الفتوى، الآن تستطيع أن تحلف أن الموافق لما عند الله -عز وجل- العلم اليقيني الذي لا يحتمل النقيض هو ما قاله الأول؟ ألا يحتمل أن يكون المصيب هو الثاني وإن كان أقل منزلة؟ فهذا هو الاحتمال الموجود عندنا في خبر الواحد، نظيره سواء بسواء، ونسمع من يشنع على ابن حجر أن خبر الواحد لا يفيد العلم إلا إذا احتفت به قرائن.

يعني إذا شنعنا على ابن حجر وفيه شوب بدعة كيف نشنع في شيخ الإسلام، أشد الناس على المبتدعة؟ يقال شيخ الإسلام ليس بمعصوم، ورجل..، نعم ليس بمعصوم هو، لكن من المعصوم؟ المسألة فيها حساسية، وهي أن المبتدعة يشغشغون بمثل هذا الكلام لأن لهم مقصد ثاني غير ما نقصده، عندهم هم يقررون أن العقائد لا تثبت بأخبار الآحاد لأنها لا تفيد إلا الظن، نقول: لا يا أخي، العقائد تثبت بخبر الواحد، ويش الفرق بين العقائد والصلاة و...؟ كله شرع، إذاً القرائن ذكروا بعض القرائن، مثل ما ذكر ابن رجب الآن قرينة قبول خبر واحد جاءهم يقول: إن القبلة قد حولت وهم على قبلة قطعية، كيف تحولوا من قبلة قطعية إلى قبلةٍ مظنونة بخبر هذا الواحد؟ ألا يحتمل أن يكون أخطأ ألا يحتمل أن يكون وهم؟ بالقرائن.

أنا عندي من أقوى القرائن كون النبي -عليه الصلاة والسلام- متشوف إلى تحويل القبلة، والصحابة على علمٍ بذلك {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} إلى أن جاء النسخ بقوله -جل وعلا-: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [144 سورة البقرة] هذه قرينة.

ابن رجب ماذا يقول: "فالتحقيق في جوابه أن خبر الواحد يفيد العلم إذا احتفت به القرائن، فنداء الصحابي في الطرق والأسواق بحيث يسمعه المسلمون كلهم بالمدينة ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- بها موجود لا يتداخله من سمعه شكٌ في أنه صادق فيما يقوله وينادي به" ولو ذهبنا ننقل كل ما قاله أهل العلم في هذه المسألة لطال بنا الكلام، وقال بإفادة الخبر الواحد -إذا احتفت به القرينة- العلم جمعٌ غفير من أهل العلم.

ابن الصلاح يرى أن خبر الصحيحين يفيد العلم.

واقطع بصحةٍ لما قد أسندا

 

...................................
ج

كذا له -يعني ابن الصلاح- وقيل: ظناً ولدى.

محققيهم قد عزاه النووي

 

وفي الصحيح بعض شيء قد روي
ج

المقصود أن هذه المسألة الذي دعانا إلى التأكيد عليها وبحثها هو أنه يوجد من خيار الناس من لديه حساسية شديدة في هذه المسألة، ولا شك أن هذا القول أو القول بأنه لا يفيد إلا الظن مطلقاً هذا استغل، لكن إذا لم نلتزم بلوازم..، إذا لم نلتزم باللوازم الباطلة انتهينا ما صار عندنا مشكلة، وإلا لو قيل: إن القول بأنه يفيد العلم مطلقاً يرده الواقع والعقل، كيف يفيد علم؟ إلا عند من يفسر العلم بمعنىً أعم بحيث يشمل الظن، بحيث يشمل الظن.

الآن إذا وجد نصوص نصوص بحثنا في مسألة فيها خلاف بين أهل العلم، ورجحنا نظرنا في أدلة القول الأول وأدلة القول الثاني ورجحنا، قل: نصيب الأول من الترجيح سبعين بالمائة؛ لأن أدلته قوية جداً، ونصيب الثاني ثلاثين بالمائة، فهل معنى هذا أن القول الأول هو الراجح هو المقطوع به أنه هو الموافق لحكم الله -عز وجل-؟ لأن نسبته سبعين بالمائة؟...... عندهم أدلة، عندهم أدلة، والأدلة التي تنتابها وجهات النظر سواءً كان ذلك في ثبوتها أو في دلالتها كيف تفيد علم؟ دعونا من العلم بالمعنى الأعم، لا يأتينا واحد يقول: هذا حديث: ((إنما الأعمال بالنيات)) لا يفيد علم، إذاً يفيد جهل! ما هو بصحيح يا الإخوان.

إن فسرنا العلم بما هو أعم من العلم المقطوع به والعلم غلبة الظن، والأحكام مبنية على غلبة الظن فممكن يمشي القول الأول، ولذا نتوسع في تعريف العلم، أما تعريف العلم الذي لا..، بأنه لا يحتمل النقيض كما هو مقرر عند أهل العلم لا يحتمل هذا الكلام.

من القرائن أن يكون الحديث مرويٌ في الصحيحين أو في أحدهما مما لم ينتقد، وذلكم لتلقي الأمة، الأمة تلقت الصحيحين بالقبول، من ذلك أن يكون حديث مشهور شهرة واسعة لم يصل إلى حد التواتر، لكن جاء من طرق متباينة، سالمة من العلل والقوادح يفيد علم، يعني أنه يلزمك بقبوله، الحديث المروي من طرق الأئمة الحديث الذي يتداوله الأئمة كالحديث الذي يرويه أحمد عن الشافعي عن مالك إلى آخره هذا مقطوعٌ بصحته يفيد علم، لماذا؟ لأن الاحتمال الذي وجد عند مالك لا يمكن أن يوافقه عليه الخطأ..، احتمال الخطأ الموجود عند مالك لا يوافقه عليه الشافعي لا يمكن يمر على الشافعي، إذا مر على الشافعي لا يمكن أن يفلت من أحمد، فوجود رواية هؤلاء الأئمة تتكامل بحيث تكون في مقابل النسبة التي..، نسبة الاحتمال النقيض التي ذكرت سابقاً.

ثلاثة أحكام نقلٍ تعرفُ
ج

 

قبوله والرد والتوقفُ
ج

فالخبر منه ما هو المقبول، ومنه ما هو المردود، ومنه ما يتوقف فيه، فالمقبول الصحيح بقسميه، والحسن بنوعيه على خلافٍ في الحسن سيأتي.

والمردود الضعيف فما دونه، المتوقف فيه ما يشك في ثبوته وعدمه على حدٍ سواء، لا يغلب على الظن ثبوته ولا يغلب على الظن رده هذا يتوقف فيه.

فالأصل في القبول صدق من نقل
ج

 

...................................
ج

الأصل في القبول صدق من نقل، يعني مدار الرواية على الصدق، على صدق اللهجة؛ لأن المسألة نقل كلام، فمن صدق في كلامه قبل قوله.

فالأصل في القبول صدق من نقل

 

والكذب أصل الرد يا من قد عقل
ج

إذا كان مدار القبول على الثبوت وعدمه فالصدق مدار القبول والكذب مدار الرد "يا من قد عقل".

"وللتباس الحال قف" لما قال: "قبوله والرد والتوقفُ" ثم جاء الأصل في القبول والأصل في الرد، ثم جاء إلى التوقف، "وللتباس الحال قف" بحثت حديث وعجزت أن تصل إلى نتيجته، الحكم فيه محير، هناك قرائن تدل على ثبوته وقرائن تدل على عدم ثبوته، فيه راوي من رواته عجزت أن ترجح بين أقوال أهل العلم فيه جرحٌ وتعديل تتوقف في الراوي، ثم تتوقف في المروي.

وللتباس الحال قف فيه إلى
ج

 

بيانه إن بالقرائن انجلا
ج

وأنت تتمرن في تخريج الأحاديث لا شك أن هذه الأقسام الثلاثة بتواجهك، سوف تواجهك هذه الأقسام الثلاثة، حديث لا إشكال فيه في تصحيحه، سنده واضح ومتنه ظاهر ما فيه مخالفات، ثم طابقت حكمك عليه على حكم أهل العلم مثل هذا لا تتردد في تصحيحه، وآخر العكس، الحكم عليه بالضعف والرد ظاهر، الثالث هذا الذي عجزت أن تحكم عليه، الكفة متساوية، مثل هذا تؤجله تؤجله، تؤجل الحكم عليه تتوقف في الحكم عليه حتى ترجح القرائن إن كنت من أهل القرائن، إذ كانت لديك أهلية النظر في الحديث من خلال القرائن، حتى تتوافر عندك القرائن المرجحة للقبول أو للرد.

وللتباس الحق قف فيه إلى
ج

 

بيانه إن بالقرائن انجلا
ج

وهذه طريقة أهل العلم الراسخين، ويبقى أن دور الطالب المتعلم الذي لم يتأهل يخرج لنفسه للتمرين، ويكثر من التخريج ودراسة الأسانيد، ويعرض عمله على أهل الخبرة والمعرفة، فإذا تأهل فيما بعد حصلت لديه الأهلية، صار من أهل هذا الشأن.

"وأربعٌ مراتب المقبولِ" أربع مراتب المقبول: الصحيح لذاته، الصحيح لغيره، الحسن لذاته، الحسن لغيره.

وأربعٌ مراتب المقبول
ج

 

بينها أئمة النقولِ
جج

بينها أهل العلم في كتبهم، ثم بعد ذلكم يتكلم المؤلف -رحمة الله عليه- على هذه الأقسام الأربعة.

طالب:........

انتهى؟ الخميس في درس؟ الخميس في درس؟ علشان نقسم الباقي على...، والله أعلم.

 

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"
يقول: هل تعتبر معلقات الإمام البخاري في الصحيح أو من الصحيح؟

على كل حال الكتابة محتملة، نعم هي من صحيح البخاري، يعني هي واقعة في صحيح البخاري، لكن هل المعلقات صحيحة أو غير صحيحة؟ الحديث المعلق يأتي الكلام عليه، لكن المعلقات في صحيح البخاري عدتها ألف وثلاثمائة وواحد وأربعين، وصل منها في الصحيح نفسه أو قل كلها موصولة في الصحيح نفسه إلا مائة وستين، ومحل البحث في المعلقات هو هذه المائة والستين التي لم توصل في موضعٍ آخر، منها ما وصل في مسلم، منها ما وصل في أبي داود، منها ما وصل في الكتب الأخرى، وتولى وصلها الحافظ ابن حجر في فتح الباري وتغليق التعليق.
وهذه المعلقات على قسمين منها ما صدر بصيغة الجزم، روى فلان قال: فلان، ذكر فلان، ومنها ما صدر بصيغة التمريض، فما صدر بصيغة الجزم صحيحٌ مجزومٌ به إلى من عُلق عنه، ويبقى النظر والبحث فيمن حذف، وأما ما صدر بصيغة التمريض فلا يجزم بضعفه، والغالب أنه إذا صدر الخبر بصيغة التمريض أن في متنه أو في إسناده، إما في إسناده انقطاعٌ يسير، أو في متنه مخالفةٌ يسيرة من راويه، أو أن الإمام البخاري -رحمه الله- تصرف في متنه فعلقه بصيغة التمريض لا بصيغة الجزم.
ومما علق بصيغة التمريض ما روي موصولاً في الصحيح نفسه، وليس في صحيح البخاري حتى المعلقات بصيغة التمريض شيء شديد ضعفه، ما اشتد ضعفه لا يوجد، إذا وجد نبه عليه الإمام البخاري، يروى عن أبي هريرة: "لا يتطوع الإمام في مكانه" ولم يصح.
المقصود أن الإمام -رحمة الله عليه- انتقى هذه الأحاديث.
وفي الصحيح بعض شيء قد روي
مضعفاً ولهما بلا سند
ممرضاً فلا ولكن يشعر
...................................
أشياء فإن يجزم فصحح أو ورد
بصحة الأصل له كـ(يذكر)

يقول: هل يكفي حفظ اللؤلؤ والمرجان ثم يتم حفظ ما انفرد به البخاري ثم مسلم؟

نعم.

يقول: في بعض الأحاديث من كتاب سنن أبي داود سكت عنها فما حكمها؟

هذا مؤدى السؤال، أبو داود -رحمه الله- في رسالته إلى أهل مكة يصف السنن يقول: "ذكرت فيه الصحيح وما يشبهه ويقاربه، وما فيه وهنٌ شديد بينته"، فالضعف الشديد يبينه، ثم قال: "وما سكتُ عنه فهو صالح"، ومعلومٌ أن الصلاحية أعم من أن تكون للاحتجاج، وأن تكون للاستشهاد، فيدخل فيما سكت عنه الضعيف الذي ضعفه ليس بشديد؛ لأنه يصلح للاعتبار.

هل العلماء يعتمدون على تصحيح الترمذي للأحاديث؟

الترمذي نص الذهبي وغيره على أنه -رحمة الله عليه- متساهل، وقد صحح أحاديث فيها انقطاع، وحسن أحاديث كثيرة في أسانيدها بعض من ضُعف، وعلى كل حال هو إمام من أئمة المسلمين، فإذا صحح حديثاً فلما يشهد له من أحاديث أخرى، ولذا يردف الحديث بقوله: وفي الباب عن فلان وفلان وفلان من الشواهد، لا يعني أنه إذا قال: هذا الحديث حسن صحيح أنه يعدل يعني الحديث بمفرده لا يلزم من ذلك.

يقول: نرجو نصح بعض طلبة العلم الذين يتطاولون على ابن حجر، ويهولون من شرحه لصحيح البخاري، ويقولون: لديه أخطاء عقدية ولا ينبغي قراءته؟

الأخطاء موجودة في فتح الباري، وفي النووي على مسلم، وفي القاضي عياض على مسلم، وفي المفهم للقرطبي، وفي تفسير القرطبي، وفي التفاسير وفي شروح الأحاديث الأخطاء موجودة، فهل يعني هذا أننا لا نقرأ إلا ما سلم مائة بالمائة، إذاً نقتصر على القطعة التي شرحها الحافظ ابن رجب -رحمه الله- من البخاري، وشرح أيضاً للأربعين، وكلام ابن القيم على سنن أبي داود؛ لأن الخطابي عنده مخالفات عقدية، ابن حجر عنده، العيني عنده، القسطلاني عنده، الكرماني عنده، كل الشراح عندهم، يعني نقتصر على ما سلم مائة بالمائة، لا يمكن أن يسلم كتاب مخلوق من كل وجه، لا يمكن.
تفسير الحافظ ابن كثير من أسلم كتب التفسير، ونقب وبحث ووجد، لكنها خفيفة لا تظهر لكل الناس، فمن المعصوم، لكن المفترض في طالب العلم أن يعرف يسبر هذه الأخطاء أو تسبر له والحمد لله، الآن طلع طبعات بين فيها بعض الأخطاء، وإن لم تكن يعني مستوعبة، لكن وجد، وأحسن من لا شيء.
التطاول على أهل العلم مصيبة، وظهر في الآونة الأخيرة من بعض من ينتسب إلى طلب العلم، ومعلومٌ ما جاء في الكلام في المسلمين عموماً، وأهل العلم على وجه الخصوص، وبالأخص من مات منهم، فمن مات تذكر محاسنه، فالتطاول على أهل العلم تطاولٌ على العلم، وإفقاد الناس الثقة من أهل العلم يجعل الناس يعيشون بدون مرجع، وهل كل الناس يستطيع أن يستفيد من النصوص دون واسطة أهل العلم؟ لا يمكن، فإذا هولنا من شأن العالم الفلاني والثاني والثالث والرابع ماذا يبقى لنا؟ وتبقى أنها وجهات نظر، يعني إذا هون جمعٌ من الناس فلان، وقلنا: خلاص انتهى هذا احترق، وجمعٌ آخرون هونوا من شأن فلان وكذا وهكذا، ما الذي يصفو؟ ومن الذي يسلم من الأخطاء والأوهام؟ إذاً لا يسلم لنا أحد، ولا يعني هذا أن هؤلاء العلماء سواءً كانوا من المتقدمين أو من المتأخرين أنهم معصومون لا، يخطئون، من خطأ يبين خطأه بالطريقة المناسبة التي تؤدي الغرض ولا يترتب عليها مفسدة، لكن إذا كان تبيين الخطأ يترتب عليه مفسدة، وألف كتاب في أخطاء فلان، كثير من الناس ما يستحضر إلا هذه الأخطاء، فيقول: شخص عنده هذه الأخطاء كيف نستفيد منه؟! لكن إذا مرت هذه الأخطاء وجاء لها مناسبة في أثناء شرح أو في أثناء درس وقد زل فيها بعض أهل العلم يقال من غير تعيينٍ للشخص إلا إذا ترتب على تعيينه مصلحة، فالمسألة مسألة مصالح ومفاسد.
وإذا أردنا أن نحذر من كل كتاب يشتمل على خطأ، ومن الذي يضمن أن هذه الكتب التي رشحناها وقلنا: إنها خالية من الأخطاء أنها تعرو من الأخطاء، طيب ومن وجهة نظر آخرين فيها أخطاء، إذاً يترك العلم كله، العبرة بكون هذه المفسدة مغمورة في جانب ما يشتمل عليه الكتاب من فوائد، فإذا كانت المفسدة مغمورة بجانب ما اشتمل عليه من الفوائد، الفائدة لا بد منها، كيف تفهم النصوص من غير رجوعٌ إلى التفاسير تفاسير أهل العلم؟ عندنا القرآن كيف تفهم نصوص السنة من غير رجوع إلى ما قاله أهل العلم في شروح الأحاديث؟

يقول: ظهر في المكتبات كتب السنة طبعت على مجلد واحد لكل كتاب فما رأيكم بهذا؟ وهل تغني عن الطبعات المعروفة؟ وما رأيكم بمختصر مسلم للقرطبي؟

هذه الطبعات التي ظهرت كل كتاب في مجلد هي خفيفة الحمل، لكن الطبعات القديمة تولى تصحيحها علماء، والواقع يشهد بأن هذه الطبعات فيها أخطاء بغض النظر عن إصدار فلان أو فلان أو فلان هي طبعت أكثر من مرة، فهذه الطبعات تشتمل على أخطاء والطبعات القديمة تولى تصحيحها علماء، فالذي أنصح به طالب العلم أن يقتني الطبعات القديمة، إلا إذا كان من الجديد ما يحققه من شهد له بالخبرة والدقة والضبط والإتقان، وبين أنه وقف على نسخ اكتشفها بنفسه لم يطلع عليها من طبع الكتاب غيره فلا بأس.

هذا يطلب أن يواصل في الشرح شرح الكتاب الأسبوع القادم حتى تتم الفائدة؟

المواصلة لا، غير ممكنة؛ لأنه في كتاب بديل عن هذا في الأسبوع القادم، في كتاب بديل في الأسبوع القادم، وعلى كل حال المسألة مترددة بين أن يجعل يترك المتبقي من الكتاب إلى دورةٍ لاحقة، أو أن نواصل في شرحه مع بداية الدراسة كما صنعنا في الورقات، وأتممنا شرحها، بدأنا شرحها في دورة ثم أتممناها وسجلت وموجودة يعني، أو نشرح ما نستطيع ونحيل الباقي على الشرح الموجود الآن، لا سيما وأن آخر المصطلح ما فيه إشكالات أمره سهل.

يقول: هناك مواقع في الإنترنت خاصة في تحريف المصحف الشريف، وإلقاء الشبه، وثبت أنها مواقع من صنع اليهود، فهل يوجب هذا التحذير من الخوض في مواقع الإنترنت بدون توجيه ومراقبة ممن لهم علمٌ بذلك

والاقتصار على المواقع الإسلامية الواضحة المعروفة، وخاصةً مواقع الكبار من أهل العلم؟
أقول: هذه المواقع أنواع، تتنوع أنواعاً، منها: ما هو ضررٌ محض، وشرٌ خالص، فهذه لا يجوز النظر فيها بحال إلا لمن يقدر على التغيير فمثل هذا من أجل التغيير والتأكد من حصول هذه المنكرات التي يجب تغييرها، هناك مواقع فيها شيء من النفع وضررها غالب وحكمها أيضاً التحريم؛ لأنه إذا زادت المفسدة على المصلحة فالمنع عند أهل العلم قاطبة، ومنها: ما هو سجال فيه وفيه، فإن أمكن التمييز بين خيره وشره، نفعه وضرره، وأمكن الانتفاع، ودون ذلك خرط القتاد؛ لأن مثل هذه الأمور تجر الإنسان ولو كان في نيته وقصده طلب الخير، فمثل هذا لماذا يعرض الإنسان نفسه للتأثر بمثل هذه الشرور وليست لديه القدرة على التغيير؟ ومن الذي يأمن على نفسه أن يتأثر؟ ويوجد الآن كبار سن في السبعينات كانوا عمار المساجد والآن لا يشهدون صلاة الفجر مع الجماعة تأثروا بهذه الآلات، ومن قناة إلى أخرى، ومن شبكة إلى أخرى، وموقع إلى آخر، ثم ماذا؟
الذي لا يميز بين الحق والباطل لا يجوز له النظر بحال، والذي يميز إن كان بنية التغير ولديه القدرة على ذلك أو بنية الرد كما في السؤال فهو مأجور -إن شاء الله تعالى-، ولذا نقل الإجماع على تحريم النقل من التوراة والإنجيل، وللسخاوي كتاب اسمه: (الأصل الأصيل في ذكر الإجماع على تحريم النقل من التوراة والإنجيل) وقصة عمر ظاهرة في الموضوع في تحريمه، ونرى بعض أهل العلم ينقلون من بعض الكتب المتقدمة، هل ينقلون هذا الكلام ليعتمدوا عليه أو ليردوا به على من يرى تقديس هذه الكتب؟ أو ليمثلوا به على شناعة تحريف هذه الكتب؟ شيخ الإسلام رد على النصارى ونظر في كتبهم، ورد على الطوائف والفرق ونظر في كتبهم.
وقل مثل هذا في حكم شراء هذه الكتب واقتناء هذه الآلات، الذي يستطيع أن يرد وينكر المنكر هذا يجوز له أن يشتري هذه الكتب بهذه النية، والذي لا يستطيع أن يرد ويخشى عليه من الانحراف بسببها لا يجوز له بحال أن يشتري هذه الكتب أو هذه الآلات، كما أنه لا يجوز بيعها عليه إذا شك في أمره.

هذا يقول: لو أعطيتنا حديث واحد عن المتواتر ومثلت لنا به رواه فلان عن فلان عن فلان؟

ما ينفع هذا في المتواتر، ما ينفع هذا في المتواتر؛ لأن المتواتر يشترط له الكثرة، فيكفينا أن نمثل بحديث: ((من كذب)) وأنه رواه أكثر من سبعين صحابياً، ورواه عن كل صحابي جماعة.
أحاديث الحوض رويت من أكثر من أربعين طريق، هذا المتواتر، لكن الغريب الفرد سهل التمثيل له، التمثيل للغريب سهل، العزيز سهل، المشهور سهل، لكن المتواتر قلنا: بلا حصر كيف تمثل؟ على كل حال:
مما تواتر حديث: ((من كذب))
ومن بنا لله بيتاً واحتسب
والمؤلفات في الأحاديث المتواترة متوافرة وموجودة.

هذا يرجو توضيح الأحرف السبعة في القرآن؟

الخلاف فيها طويلٌ جداً بينه أهل العلم، وأفاض الإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في مقدمة تفسيره فليرجع إليه.
وهذا يرجو أن توضح عن غرابة المتن من أوله أو من آخره؟
يأتي الغريب -إن شاء الله-.

يقول: هل بلاغات الزهري صحيحة أم ضعيفة؟

البلاغات لا بد لها من مبلغ وهو الواسطة بين من يذكر هذا البلاغ وبين من يرويه عنه، فإذا قال: بلغني عن فلان لا بد أن يكون هناك مبلغ واسطة، فإذا لم يمكن الاطلاع على هذه الواسطة من طرق أخرى فالبلاغ ضعيف؛ لأنه سقط من إسناده واحد أو أكثر.