كتاب الجامع من المحرر في الحديث - 21

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين يا رب العالمين.

 قال الإمام ابن عبد الهادي -رحمه الله-: "وعن النواس بن سمعان الأنصاري -رضي الله عنه- قال: سألت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- عن البر والإثم، فقال: «البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس».

 وعن سعيد بن عبد العزيز عن ربيعة بن يزيد عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ذر -رضي الله عنه- عن النبي –صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن الله -تبارك وتعالى- أنه قال: «يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرمًا، فلا تظالموا، يا عبادي كلكم ضالٌ إلا من هديته فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عارٍ إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعًا فاستغفروني أغفر لكم، يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئًا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئًا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المَخيط»".

المِخيط.

"«المِخيط إذا أُدخل البحر، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيرًا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه».

 قال سعيد: كان أبو إدريس الخولاني إذا حدّث بهذا الحديث جثا على ركبتيه.

 وعن جابر بن عبد الله -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: «اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح، فإن الشح أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم، واستحلوا محارمهم».

 وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: «لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة، حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء»".

 والذي بعده؟

نعم.

"وعن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: «يا أبا ذر، إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها، وتعاهد جيرانك»".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد،

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في حديث النواس بن سمعان الأنصاري، ومضى في الدرس الماضي أنه كلابي، هذا الصواب في نَسبه، ولكن في صحيح مسلم الأنصاري، ومما يجاب به عن هذا كما قال أهل العلم: لعله كان حليفًا للأنصار، فنُسِب إليهم، وإلا فنسبه ينتهي إلى بني كلاب، فهو كلابي لا أنصاري، إلا إن كان حليفًا لهم فنُسِب إليهم، والنسبة بالحِلف كثيرة عند أهل العلم، قالوا في خالد الحذّاء أنه ليس بحذّاء، ولكنه يجلس إلى الحذّائين فنُسب إليهم، فالنسبة تكون لأدنى شيء، لأدنى ملابسة وأدنى سبب، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قال لأمهات المؤمنين اللواتي راجعنه في أن يصلي عمر بدلاً من أبي بكر؛ لأنه رجل أسيف: «إنكن صواحب يوسف»، يعني مثلهن في التحايل في إبداء غير المقصود.

 عائشة -رضي الله عنها- لما قالت: إن أبا بكر رجل أسيف، إذا قام مقامك لا يملك نفسه من البكاء، ولا يسمع الناس من البكاء، الذي في نفسها تخشى أن يتشاءَم بأبيها؛ لأنه إذا قام مقام الرسول -عليه الصلاة والسلام-، وتذكر الناس حال محمد -عليه الصلاة والسلام- وهو يصلي بالناس، ثم أي شخص يأتي من بعده لا يقوم مقامه، وهذا ملاحَظ فيما إذا كان هناك إمام جليل، وتولى أعمالًا ثم مات، وجاء من بعده من هو دونه بمراحل كثيرة فالناس يجدون في أنفسهم شيئًا.

 وعلى كل حال مرادنا أن النسبة تكون لأدنى شيء، وهذا الكلابي لعله كان حليفًا للأنصار فنُسب إليهم، وإلا فالصواب أنه كلابي.

"-رضي الله عنه تعالى-" سَمعان، وسِمعان ضُبِط بالفتح والكسر، والكسر أشهر، "قال: سألت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- عن البر والإثم"، هو يسأل عن شيء يكسب الحسنات، وآخر يكسب السيئات، الأول ليفعله ويلزمه، والثاني ليجتبنه.

 "قال: سألت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- عن البر والإثم" يُسأل عن الشيء القبيح ليُجتنَب، حذيفة -رضي الله عنه- يقول: كان الناس يسألون رسول الله –صلى الله عليه وسلم- عن الخير، وكنت أسأله عن الشر؛ مخافة أن أقع فيه، كثير من أسئلة الفتن السائل عنها حذيفة- رضي الله عنه-، السبب في ذلك أنه يسأل ليجتنب.

 عن البر والإثم، فقال: «البر حسن الخلق» البر حسن الخلق، الحصر هنا حصر البر في حسن الخلق، والبر أبواب كثيرة جدًّا جميل ما أُمر به في الدين من البر، ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر إلى آخره، وهو شامل لجميع ما أُمر به، والحصر هنا كالحصر في قوله -عليه الصلاة والسلام-: «الحج عرفة»، الحج عرفة، الحج طواف وسعي وإحرام ووقوف في عرفة، فهو من الحج، ولكن الحصر هنا للاهتمام بشأنه، للاهتمام بشأنه، وهنا حصر البر في حسن الخلق للاهتمام بشأنه، وما وُضِع في الميزان أثقل من حسن الخلق، ما وضع في الميزان أثقل من حسن الخلق، كما جاء في الحديث الصحيح، فمعاملة الناس بالخلق الحسن، بما تحب أن يعاملوك به لا شك أنها علامة التوفيق، والموفق الذي يعامل الناس بحسن الخلق؛ لأنه إذا كان حسن الخلق فإنه إذا قال سُمِع له، وإذا دعا إلى شيء بودر إلى فعله، فحسن الخلق من أعظم ما يقربك إلى الناس، ويقربهم إليك، ويجعلهم يقتدون بك، ويجعل أقوالك مقبولة عندهم، ولهذا العالم والداعية يجب عليه أن يتحلى بحسن الخلق، ليُقبَل قوله، ويعظُم تأثيره في الناس، ويقتدون به، ويكون له من الأجور مثل أجر من عمل بقوله.

 لكن قد يقول قائل: إن حسن الخلق قد يكون الإنسان مجبولاً على ضد الحسن سيئ الخلق، مجبول على هذا، كما أنه قد يكون مجبولًا على حسن الخلق، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قال لأشج عبد القيس: «إن فيك لخصلتين يحبهما الله ورسوله، الحلم والأناة»، هذه جبلة، جبلة، الإنسان ما يستطيع إذا كان سيئ الخلق أن ينقلب إلى حسن الخلق، لا يستطيع، هذا ليس بيده. لكن هذه الأخلاق وهذه السجايا بالتطبع، ولذا قال النبي -عليه الصلاة والسلام- لمن طلب النصيحة أو الوصية قال: «لا تغضب»، كثير من الناس يقول: هذا ليس بيدي، أنا مجبول على هذا، يغضب لأدنى سبب، العلم بالتعلم، والحلم بالتحلم، يعني بالتدريب، وتمرين النفس على هذا، لأن هناك غرائز لا يمكن التحكم بها، وهناك مكتسبات.

جميع الصفات والطبائع تنقسم إلى قسمين منها ما هو غريزي، ومنها ما هو مكتسب، فالغريزي ليس بيدك، عليك أن تخفف هذا إذا كان سيئًا، بما تكتسبه مما يعينك على دفعه، دفع السيئ، ما يمكن أن يقول قائل، تقول له: والله ما تعلم تطلب العلم تقول: والله هذا الذي كتب الله لي. غير صحيح، كتب الله لك هذا في الأصل أنت ظلوم وجهول، ما عندك علم، لكن اكتسب، كما اكتسب غيرك.

 فالذي يغضب يقال له: تحلّم وتصبّر، واحمل نفسك على ما يريد الله -جل وعلا-، قد يفلت منه شيء في وقت من الأوقات، مثل هذا لا يلام فيه، لكن إذا كان في حياته أسلم الزمام لنفسه ما عنّ له قاله، وما عنّ له فعله، يقول: والله أنا ما أقدر. بلى، تقدر.

 البر حسن الخلق، هذا يقال فيه: الحصر إضافي، حصر إضافي؛ لأن الحصر الحقيقي لا يخرج منه شيء، هذا من باب حصر المسند إلى المسند إليه حصر المبتدأ على الخبر، لكنه إضافي، كما تقول: الشاعر حسان، هذا فيه حصر، لكن ما فيه شعراء غير حسان؟ ألوف مؤلفة من الشعراء، لكن الحصر هنا إضافي، وليس بحقيقي؛ لوجود العدد الكبير والجمع الغفير الذي يخرج عن هذا، ولكن اقتصر عليه؛ للاهتمام بشأنه، للاهتمام بشأنه.

«البر حسن الخلق والإثم» مقابله، وهو ما ما يكسِب السيئات والـأوزار، «ما حاك في صدرك»، ما حاك في صدرك، «وكرهت أن يطلع عليه الناس» حاك أي تردد، ما حاك في صدرك أي تردد في صدرك، وتحرك صدرك من أجله، فما ترتاح له، ولا ينشرح صدرك؛ خشية أن يكون ذنبًا، بعض الناس ما يهمه، ولا يلتفت إلى ذنب أو إثم أو وزر أو أجر، ما يتلفت، مثل هذا ما يقال له مثل هذا الكلام، لكن الذي هو على طبيعته وسجيته وفطرته السليمة لم تجتله الشياطين يقال له: استفت قلبك، استفت قلبك، وبعض الناس ما يقال له هذا الكلام؛ لأن قلبه لا يدله على الخير؛ لكثرة مزاولته للشر والمنكرات، مثل هذا ما يقال له: استفت قلبك؛ لأن قلبه يقول له ما فيه شيء، الناس كلهم على هذا، ولا فيه شيء، لكن العبرة بمن بقي على فطرته، ولم تجتله الشياطين، وصار ديدنه الخير والابتعاد عن الشر، ومتانة الديانة؛ لأن بعض الناس رقيق الديانة، ما يهتم لشيء، سواء كان حلالًا أو حرامًا، ما يهمه.

 وأما متين الديانة وديانته صادقة مع الله -جل وعلا-، فهذا إذا أراد أن يقدم على عمل نظر فيه، فإن كان قلبه منشرحًا له، قلبه الذي استمر على فطرة الله التي فطره الله عليها أقدم عليه، وإن كان خلاف ذلك أحجم عنه، وإن كان فيه كان محرمًا ظاهرًا فهذا لا يمكن أن يباشره، وإن كان فيه شبهة أو تردد فهذا يتركه، بعض الناس وإن كان بعض طلاب العلم الذين تصدروا لإفتاء الناس بعضٌ منهم ويُسمَع كلامه في القنوات، وسائل الإعلام تجده يجرؤ على الفتيا، وقد يفتي بما يخالف فيه الدليل الصحيح الصريح؛ لشبهة حاكت في صدره، وهذا يكثر في آخر الزمان؛ لأنه في آخر الزمان، كما قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من صدور الرجال، ولكن يقبضه بقبض العلماء»، يقبضه بقبض العلماء، «فإذا لم يُبقِ عالمًا اتخذ الناس رؤساء جهالًا، سئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا»، مثل هؤلاء لا يقال لهم: الإثم ما حاك في صدرك؛ لأنهم تعدوا مرحلة الشبهات، تعدوا مرحلة الشبهات، الذين يفتون في بعض الأبواب من الاقتصاد، الذي يسمونه الاقتصاد، تجاوزوا مرحلة الشبهات، أفتوا بالربا الصريح، نسأل الله العافية؛ لأنهم أفتوا بالشبهات مددًا متطاولة، ثم تجاوزوها؛ لأن السيئة كما في الخبر تقول: أختي أختي! والذي يتحرج ويتحرج، ويضع لنفسه سياجًا لا يمكن أن يتجاوزه، يحفظه الله من التجاوز.

 وهنا مثال بشر المريسي قال في سجوده: سبحان ربي الأسفل، هل يمكن أن يقول عاقل هذا الكلام، ولو كان من عوام الناس، ولو كان من شر الناس يقول هذا الكلام لأول مرة؟ لا، قال كلامًا قبله كثيرًا وشبهات، وأُلزِم بلوازم، والتزم بها إلى أن وصل إلى هذا الحد، فعلى الإنسان أن يحتاط في أقواله وفي أفعاله، لا يستعجل في الأمور، وإذا كان الأمر فيه شبهة فليتق الشبه، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه.

والسلف عُرِف عن كثير منهم: إنا لنترك تسعة أعشار الحلال؛ خشية أن نقع في الحرام، ومن هذا باب سد الذرائع، تُترك كثير من الأمور؛ لئلا توصل إلى أولًا: المكروه، ثم الشبهة، ثم تستمر ثم يستمر على ذلك فيقع في المحرم، وقد يقع في الشرك، ويقول كلامًا يخرج به من الملة؛ لأنه ما احتاط لنفسه واتقى الشبهات من أول الأمر.

 البرُّ حسن الخلق، سبب حصر البر في حسن الخلق؛ لأنه إن كان حسن الخلق في المعاملات فقط فهذا مثل ما قلنا سابقًا، وقد يقال: إن حسن الخلق أعم من ذلك، إن حسن الخلق أعم من ذلك، فيشمل حسن الخلق مع الخالق، وحسن التعامل معه بفعل ما أمر به، وترك ما نهى عنه، وتعظيم الله وتعظيم حرمات الله، وتعظيم شعائر الله، هنا يكون حصرًا حقيقيًّا مع حسن الخلق مع الخلق والتعامل معهم، فيكون شاملًا لكل شيء.

ما حاك في صدرك، والإثم ما حاك في صدرك، وكرهت أن يطلع عليه الناس، كرهت أن يطلع عليه الناس، كراهية أن يطلع الناس على فعل العبد إذا كان خيرًا؛ خشية أن يدخل عليه الرياء، خشية أن يدخل عليه الرياء وهذا مطلوب، فيكون ليكون عمله سرًا؛ لئلا يطلع عليه الناس فيخشى على نفسه من الرياء، وإذا كان يخشى من النقد، خاف أن ينتقده الناس، فيخشى الناس ويخشى من اطلاع الناس، والله مطلع عليه، هذا لا شك أنه مذموم، هذا مذموم، إذًا لماذا قال: «كرهت أن يطلع عليه الناس»؟

لأنه كره أن يطلع عليه الناس؛ لئلا يدخل عليه الرياء هذا ممدوح، وإذا خشي أن يطلع عليه الناس فيذموه وينتقدوه فهذا مذموم، يخشى الناس ولا يخشى الله، والله أحق أن تخشاه، لكن هذا ضابط إجمالي، هذا العمل هل تحب أن يراه الناس منك أو لا تحب؟ والخطاب لمن؟ لمن بقي على فطرته، ليس كل الناس.

في الحديث الصحيح: «إن مما أدرك الناسُ من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت»، إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت، قريب من هذا، إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت، هل هو إذن له أن يفعل كل ما لا يًستحيى منه؟ الذي يستحيى منه الحرام مما يُستحيى منه، لا شك أنه مما يُستحيى منه عند ذوي الفطر السليمة، ولذا بعض الناس ممن مُسِخ -نسأل الله العافية- تجده يفتخر بما يفعل، يستره الله ويفضح نفسه في المجالس يقول: فعلت، فعلت، فعلت ما حرم الله عليَّ، والذين سافروا إلى الخارج، وتمكَّنوا من فعل الفواحش والكبائر بعضهم يتحدث بذلك إذا رجع –نسأل الله العافية-.

إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت، وهذا الحديث سيأتي، ونترك الكلام عليه في وقته.

 قال -رحمه الله تعالى- : "وعن سعيد بن عبد العزيز عن ربيعة بن يزيد عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ذر" هو الغفاري، "عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن، فيما يرويه عن الله -تبارك وتعالى- أنه قال" عندنا الرواة عن أبي إدريس الخولاني، واسمه عائذ الله بن عبد الله، الخولاني من كبار التابعين، وأحد الرواة المشاهير الثقات، واعظ فقيه قاضي دمشق، وعالمها في عهد الخليفة عبد الملك بن مروان، ولد عام الفتح، ولم ير النبي -صلى الله عليه وسلم- فليس بصحابي، وإنما هو من كبار التابعين، يقال لمثله: مخضرم، مخضرم، وهو في عداد كبار التابعين، واعظ مشهور معروف، وعظه مؤثر في القلوب، مات سنة ثمانين، وقد يلتبس أبو إدريس الخولاني هذا بأبي مسلم الخولاني، خولان قبيلة معروفة أين؟

طالب: ...

صنعاء؟

طالب: ...

في اليمن على كل حال، ولما أراد الرجل أن يعتق منهم من خولان، أراد رجلٌ أن يعتق من خولان، قال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: «أعتق من بني تميم، فإنهم أشد أمتي على الدجال».

طالب: ...

 نعم؟

طالب: ...

ولا يعني أننا نقول لشخص تميمي أفضل من فلان من أبي إدريس أو غيره، لا، هذا كلام إجمالي، كالمفاضلة بين المدن وكذا وكذا، وكل إنسان محاسب عن نفسه، أبو إدريس يندر وجوده في القبائل مثله، وكذلك أبو مسلم، واسمه؟

طالب:...

أين طلاب العلم؟ هذا عائذ الله أبو إدريس، الذي معنا عائذ الله بن عبد الله، والثاني اسمه عبد الله بن ثُوَب، عبد الله بن ثُوَب، وكلاهما مما يفتخر به، أبو مسلم أُدخِل في النار ولم تحرقه، الذي عنده جوال ويقدر أن يخرج ترجمته عبد الله بن ثوب، ثُوَب فُعَل، لكن لو تكتب ثوب ما يضر، يطلع إن شاء الله.

عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي ذر الغفاري اسمه؟ أبو ذر؟

طالب:...

أين دراسة السنين؟

اسمه جندب بن جنادة، الغفاري، وقصة إسلامه مشهورة، واقتصاره على ماء زمزم ثلاثين ما بين يوم وليلة، بدون أكل ولا شرب غير زمزم ثلاثين ما بين يوم وليلة، يعني خمسة عشر يومًا بلياليها، يقول: تكسرت عُكَن بطني، يعني من الشحم، وما عنده إلا ماء زمزم، وماء زمزم طعام طعم وشفاء سقم، كما هو معروف، عن النبي –صلى الله عليه وسلم-.

 فيما يرويه عن الله -تبارك وتعالى-، فيما يرويه عن الله -تبارك وتعالى-، ومثل هذا يسمى بالحديث القدسي، الحديث القدسي، فالحديث الخبر الذي يرويه النبي -عليه الصلاة والسلام- عن الله -جل وعلا- يسمى الحديث القدسي، أو الحديث الإلهي، وجُمِع في الأحاديث القدسية مؤلفات، جُمِعت فيها الأحاديث القدسية، فهذا الحديث القدسي- كما يقول أهل العلم- لفظه من الرسول -عليه الصلاة والسلام-، ومعناه من النبي -صلى الله عليه وسلم-، فهو يشبه الأحاديث النبوية باعتبار جواز روايته بالمعنى، والذي يجعل العلماء يقولون ذلك؛ لأن هذا الحديث مروي في دواوين الإسلام بألفاظ مختلفة، فدل على أنه تجوز روايته بالمعنى، كالحديث النبوي.

طالب:...

معناه من الله؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- رواه عن الله، طيب الأحاديث النبوية ماذا يقال فيها والله -جل وعلا- يقول: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى. إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3-4]؟ {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى. إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3-4]، فهو وحي من الله -جل وعلا- سواء كان الحديث قدسيًّا أو القرآن الكريم، سواء كانت الأحاديث النبوية، الرسول -عليه الصلاة والسلام- لا ينطق عن الهوى، لكنه لو تُرِك له مساحة يجتهد فيها يجتهد فيها، ومنها الأحاديث النبوية، وهذا يرويه عن ربه -جل وعلا-، وأما القرآن فهو عن الله -جل وعلا- بواسطة جبريل- عليه السلام-، وهو لفظه وحروفه من الله -جل وعلا-، مصون محفوظ عن الزيادة والنقصان.

"فيما يرويه عن الله -تبارك وتعالى- أنه قال: «يا عبادي»" يا عبادي نداء، لجمع العبد عباد، «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي» يقول الشاعر:

ومما يزيدني فخرًا وتيهًا         دخولي تحت قولك يا عبادي

 دخولي تحت قولك يا عبادي

 ثم قال: وأن صيرت أحمد لي نبّيًا

 مما يزيدني شرفًا وتيهًا، دخولي في قولك: يا عبادي، وأن صيرت أحمد لي نبيًّا -عليه الصلاة والسلام-.

 المقصود أن دخول الشخص في يا عبادي، فخر، فخر، لكن متى يكون فخرًا؟ إذا حقق العبودية لله -جل وعلا- التي من أجلها خُلق، {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]، وما خلقت، إذا حقق هذه العبودية صار له فخرًا في الدنيا والآخرة، ولو لم يكن إلا قوله -جل وعلا- في الدنيا: يا عبادي، ودخل في هذا النداء، الآن الأب إذا قال لأولاده: يا أولادي، يا أولادي، أضافهم إلى نفسه، فهذا يدل على شيء من الشفقة والحنو، بخلاف ما إذا أمرهم بدون هذا اللفظ، اذهبوا إلى كذا، روحوا إلى كذا، يحس الإنسان بشرف هذه الإضافة من الله -جل وعلا-.

«يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي»، إني حرمت الظلم على نفسي، «وجعلته بينكم محرمًا»، {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ} [فصلت: 46]، {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} [النساء: 40]، فالله حرَّم الظلم على نفسه، فلا يحصل ولا يقع منه شيء من هذا ولو قلّ؛ لأن الله لا يظلم مثقال ذرة، والتحريم على الله -جل وعلا- ليس معناه أنه ملزم بذلك، بل إنه التزم به -سبحانه وتعالى- والظلم وضع الشيء في غير موضعه، وتصرُّف الإنسان في غير ملكه، والله -جل وعلا- حكيم، لا يضع الشيء إلا في موضعه، ولا يخرج عن ملكه شيء، كل مخلوق فهو مملوك لله -جل وعلا- فالظلم لا يُتَصَوَّر، ولا يقال: إنه محال على الله -جل وعلا-؛ لأنه هو، يعني إذا قلنا: إنه محال قلنا: إنه ممتنع بنفسه، وإذا قلنا إنه حرمه على نفسه أنه ممكن، لكنه لا يقع منه- جل وعلا-؛ لأنه حرمه على نفسه، وحكم بالامتناع منه على نفسه، وجل علا وتعالى وتقدس عما يقوله بعض طوائف المبتدعة في مثل هذا المقام.

«إني حرمت الظلم» وهو وضع الشيء في غير موضعه، «على نفسي» على نفسي، النفس هي الذات، وهي ثابتة لله -جل وعلا-، يقولون: النفس معناها الذات الإلهية، لكن ثبوت لفظ الذات لله -جل وعلا- دليله؟ مجمع على إطلاق الذات على الله -جل وعلا- لكن ما دليله؟

طالب:...

ما أسمع؟

طالب: ...

 ماذا؟

طالب:...

وذلك في ذات الإله، هذا من قوله في شعر، على كل حال الصحابي لا يمكن أن يطلق هذا اللفظ من تلقاء نفسه، وإبراهيم -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الصحيح في البخاري: كذب في ذات الله ثلاث كذبات، في ذات الله، في ذات الله، يعني ما معنى في ذات الله؟ وذلك في ذات الإله؟

طالب:...

يعني في سبيله، في سبيله.

 على كل حال إطلاق أهل العلم من أهل السُّنَّة اتفاقهم على إطلاق الذات على الله -جل وعلا- كافٍ في ثبوته، ولذلك يحيلون عليه، الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات، وهنا نفسي قالوا: ذاته المقدسة.

 «وجعلته بينكم محرمًا، وجعلته بينكم محرمًا» يعني لا يجوز لكم فعله؛ لأنه ظلم، الظلم ظلمات يوم القيامة كما سيأتي، «وجعلته بينكم محرمًا فلا تظّالموا» أصله فلا تتظالموا، أصلها تتظالموا، وإذا حذفت إحدى التائين شُدِّدت الظاء فلا تظّالموا، يعني فلا تتظالموا، وتحذف تخفيفًا فيقال: لا تظالموا، وتعاونوا على البر والتقوى، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان، ولا تتعاونوا. على كل حال فلا تظالموا. يا عبادي كسابقه، المنادى إذا أُضيف إلى ياء المتكلم، المنادى إذا أضيف إلى ياء المتكلم فما الأحوال الجائزة فيه؟ من وجوه الإعراب؟

طالب:...

أنا ما ما أسمع.

طالب: ...

 نعم، تحذف الياء، وماذا يكون للدال؟ هي محل الأحوال.

 طالب: ...

 ماذا؟

طالب:...

المشكلة حاصلة أني ما أسمع، والضم؟ نعم وعباديا وقائلٌ.

طالب: ...

 ما أسمع كلامك، صحيح أنا أسمع بعضه، أسمع بعضه، كلامك صحيح، هذا من ألفية ابن مالك، والله السماع ضعيف.

طالب:...

بعيد عني، والجو فيه تشويش.

طالب:...

هذا هو، لكن أنت لو تقرب يصير جوابك بالمكبر عند صالح، تنفع الإخوان، وودنا أن الإخوان يراجعون العربية، يعني علم بدون عربية مهزوز.

طالب: ...

 ماذا؟

الله المستعان لكن افعل، ما أنت بعاجز.

طالب:...

فيه في عبدُ، آخرها البيت الثاني، أول البيت الثاني.

طالب:...

جزاك الله خيرًا جزاك الله خيرًا، نحتاج إلى مثل هذا، العربية يا إخوان لا يستهان بها، شخص لا يعرف العربية ما بدأ يطلب العلم، عليه أن يبدأ من جديد، وأنا أعرف بعض الإخوان بعد أن حصل على الشهادة العليا الدكتوراة، ووجد نفسه ضعيفًا في هذا الباب انتقل من بلده سنة كاملة لمعلم بارع في العربية، ولازمه حتى حفظ الألفية، وسمع شرحها منه، النقص لا بد أن يكمل، كما يرحل الإنسان إذا وجد نفسه بعد التأهل والشهادات وما الشهادات لم يحفظ القرآن، يعني ولا يمكن أن يحفظه في بلده للمشاغل والمتاعب، ينتقل وينصرف، ينعزل في بلد آخر حتى يحفظ، فالعربية تستحق الانتقال من البلد؛ للتفرغ لها، الواحد منكم يحدث نفسه أنه في يوم من الأيام يأتي بهذه الأبيات وهو على حاله؟ ما فيه إلا بالحفظ.

"«يا عبادي كلكم ضالٌ إلا من هديته، كلكم ضال إلا من هديته»" الأصل هنا الضلال أم الهداية؟

طالب: ...

ما الأصل؟ الأصل أن الإنسان ظلوم جهول، هذا الأصل، عجول، والمنة على من هداه الله، «يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته»، {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَىٰ} [الضحى: 4]، من هو هذا؟ الرسول- عليه الصلاة والسلام-، {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَىٰ} [الضحى: 4] كلكم ضال إلا من هديته، يجعلنا نكون على خوف ووجل من هذا الضلال، ونلزم اللجوء والانكسار بين يدي الله -جل وعلا- أن يهدينا، وأن يثبتنا على الهداية، كلكم.

"«فاستهدوني»" يعني اطلبوا مني الهداية، اطلبوا مني الهداية، قد يقول قائل: أنا مسلم، هداني الله -جل وعلا- للإسلام، وهداني للإيمان، وامتن علي بذلك، يقول: اطلب الهداية، قال الله -جل وعلا-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ} [النساء: 136] هم مؤمنون، ويطلبون الإيمان، يعني الاستمرار على الإيمان، ونطلب الاستمرار على الهداية، ونسأل الله -جل وعلا- أن يحيينا مسلمين، وأن يميتنا مسلمين، وأن يميتنا وهو راضٍ عنا؛ لأن الحي لا تُؤمن عليه الفتنة. «فاستهدوني أهدكم»، بعض النسخ فيها ياء، أهديكم هذا خطأ، عندك ياء؟

طالب: ...

نعم، خطأ؛ لأنه جواب الطلب، استهدوني أهدكم، أو جواب شرط مقدر كما يقول بعضهم: إن تستهدوني أهدكم.

"«يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته، كلكم جائع إلا من أطعمته»"، الرازق هو الله -جل وعلا-، والأصل أن الإنسان ما بيده شيء، وما بيده فمن الله، قد يموت جوعًا وهو من أذكى الناس وأبرع الناس في التجارة، لكن ما كُتِب له العون من الله -جل وعلا- والتوفيق، فبات جائعًا ثم مات جائعًا، فاستطعموني، الجؤوا إلى الله -جل وعلا- في طلب الطعام، ومثله الشراب، أطعمكم.

"«يا عبادي كلكم عارٍ إلا من كسوته، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته»" الكساء معروف وهو ما يستر به البدن، "«فاستكسوني أكسكم»" اطلبوا مني الكساء أكسكم، "«يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار»" كلكم خطاء، وخير الخطائين التوابون خير الخطائين التوابون، إنكم تخطئون بالليل والنهار، "«وأنا أغفر الذنوب جميعًا، وأنا أغفر الذنوب جميعًا، فاستغفروني أغفر لكم»" استغفروه وتوبوا إليه، «إنه ليغان على قلبي فأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم مائة مرة»، ويحفظ له في المجلس الواحد من الاستغفار أكثر من سبعين مرة - عليه الصلاة والسلام-، هذا القدوة، هذا القدوة المعصوم، لكنه كما قال في حديث عائشة: «أفلا أكون عبدًا شكورًا»، فغيره المعرض للذنوب والخطايا أولى بهذا، عليه أن يتوب إلى الله ويستغفره، فاستغفروني أغفر لكم.  

"«يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني»" من يستطيع أن يضر الله -جل وعلا-؟ الخلائق كلها لا تستطيع ذلك، لا تستطيع ذلك، حصل من بعض الجهال أن صوَّبوا السهام إلى السماء، نسأل الله العافية، {يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ. أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَىٰ إِلَٰهِ مُوسَىٰ} [غافر: 36-37] هل يستطيع؟ لا يستطيع، «إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم»" يعني من آدم إلى قيام الساعة، "«لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئًا»".

 قال بعضهم: لو كان جميع خلق الله من الأولين والآخرين من الإنس والجن على مثل قلب محمد -عليه الصلاة والسلام- ما زاد في ملكه شيء، "«يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئًا»" لا تنفعه الطاعة ولا تضره المعصية، لو كانوا على قلب إبليس ما نقص ذلك من ملكي شيئًا، "«يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته»" جميع الإنس والجن من الأولين والآخرين من آدم إلى قيام الساعة قاموا في صعيد واحد كلهم، تصور هذه الخلائق وهذه الأمم السابقة واللاحقة قاموا يسألون الله -جل وعلا- كل واحد يسأل مسألته، كل واحد له مسألة خاصة، فسأله، "«قاموا في صعيد واحد فسألوني، فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط»".

«يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أُدخل البحر» المخيط الإبرة، وقد يطلق على الكبير منها. على كل حال إذا أُدخل هذا الشيء الصغير الصقيل الذي لا يعلق به شيء ينقص شيء من الماء من البحر؟

لا ينقص، كما قال الخضر: وما علمي وعلمك في علم الله إلا كما نقص هذا العصفور من البحر، «يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم» الحفظة تسجل على الإنسان ثم يواجه وله كتاب محصاة عليه جميع أعماله، في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، «يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها، ثم أوفيكم إياها» والتبعة عليكم، «فمن وجد خيرًا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه» أنت الذي كسبت الحسنات، وأنت الذي جنيت على نفسك بفعل السيئات، ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيرًا فليحمد الله، هذا كسبه وهذا عمله، وكل ذلك بتوفيق الله -جل وعلا- وما كُتب له وما قُدِّر له وعليه، فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك، يعني وجد شرًّا في مقابل الخير، فلا يلومن إلا نفسه، لا يقول مثل ما يقول بعض العجزة إذا تقاعس عن فعل الأسباب يحتج بالقدر أو فعل شيئًا يلام عليه يحتج بالقدر، هذا مكتوب علي، القدر يُحتج به في المصائب لا في المعايب، المعايب أنت لك قدرة وإرادة تلام على فعلها، وأما المصائب فما كتب الله عليك سيصيبك، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه، قال سعيد بن عبد العزيز الراوي: كان أبو إدريس الذي مر ذكره، إذا حدَّث بهذا الحديث جثا على ركبتيه، والإمام أحمد يقول: هذا الحديث أعظم حديث عند أهل الشام، أعظم حديث عند أهل الشام، وأبو إدريس التابعي الجليل إذا حدث بهذا الحديث جثا على ركبتيه من عظمة هذا الحديث.

 والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.