شرح الموطأ - كتاب الحج (09)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم.

أحسن الله إليك.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا ذا الجلال والإكرام.

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في التمتع:

حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن محمد بن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن عبد المطلب، أنه حدثه أنه سمع سعد بن أبي وقاص والضحاك بن قيس عام حجّ معاوية بن أبي سفيان، وهما يذكران التمتع بالعمرة إلى الحج، فقال الضحاك بن قيس: "لا يفعل ذلك إلا من جهل أمر الله -عز وجل-" فقال سعد -رضي الله تعالى عنه-: بئس ما قلت يا ابن أخي، فقال الضحاك: فإن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- قد نهى عن ذلك، فقال سعد: قد صنعها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصنعناها معه".

وحدثني عن مالك عن صدقة بن يسار عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: "والله لأن أعتمر قبل الحج وأهدي أحب إلي من أن أعتمر بعد الحج في ذي الحجة".

وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه كان يقول: "من اعتمر في أشهر الحج في شوال أو ذي القعدة أو في ذي الحجة قبل الحج، ثم أقام بمكة حتى يدركه الحج فهو متمتع إن حج، وعليه ما استيسر من الهدي، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع".

قال مالك -رحمه الله تعالى-: "وذلك إذا أقام حتى الحج ثم حج من عامه".

قال مالك -رحمه الله- في رجل من أهل مكة انقطع إلى غيرها وسكن سواها، ثم قدم معتمرًا في أشهر الحج، ثم أقام بمكة حتى أنشأ الحج منها: إنه متمتع يجب عليه الهدي أو الصيام إن لم يجد هديًا، وأنه لا يكون مثل أهل مكة.

وسئل مالك عن رجل من غير أهل مكة دخل مكة بعمرة في أشهر الحج وهو يريد الإقامة بمكة حتى ينشئ الحج، أمتمتع هو؟ فقال: نعم، هو متمتع، وليس هو مثل أهل مكة، وإن أراد الإقامة، وذلك أنه دخل مكة وليس هو من أهلها، وإنما الهدي أو الصيام على من لم يكن من أهل مكة، وأن هذا الرجل يريد الإقامة ولا يدري ما يبدو له بعد ذلك، وليس هو من أهل مكة".

وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب -رحمه الله- يقول: "من اعتمر في شوال أو ذي القعدة أو في ذي الحجة، ثم أقام بمكة حتى يدركه الحج فهو متمتع إن حج، وما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيقول: المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"باب: ما جاء في التمتع" مر بنا مرارًا أن التمتع هو الإتيان بالعمرة في أشهر الحج، ثم الحل منها، الحل الكامل، فالإحرام بالحج من عامه دون أن يرجع إلى أهله، فإذا اعتمر في أشهر الحج ثم حج تلك السنة ولم يرجع بينهما إلى أهله هذا هو التمتع، التمتع الخاص، الذي هو قسيم للإفراد والقران، أما بمعناه الأعم بحيث يكون قسيمًا للإفراد فقط، فهو شامل للقران، فمن حج تمتعًا وفصل بينهما بالحل أو جمع بينهما في سفرة واحدة هو متمتع بالمعنى الأعم، يعني أنه ترفه بسفر واحد، وجمع بين النسكين، ولزمه الدم، إن لم يكن من حاضري المسجد الحرام، وعلى هذا يحمل قول من روى عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه تمتع، وهذا ثابت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه تمتع يعني بالمعنى الأعم، أو أنه أمر أصحابه بالتمتع، والآمر قد ينسب إليه الفعل، ولغة العرب تحتمل ذلك، لكن المراد به هنا الفصل بينهما، الإتيان بالعمرة ثم الحج في سفر واحد، في سنة واحدة مع التحلل بينهما.

يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب" محمد بن مسلم الزهري "عن محمد بن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن عبد المطلب" الهاشمي "أنه حدثه أنه سمع" أنه حدثه أنه سمع، الضمائر أن محمد بن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن عبد المطلب حدث ابن شهاب أنه -يعني محمد بن عبد الله- سمع "سعد بن أبي وقاص" الزهري أحد العشرة المبشرين بالجنة.

سعيد وسعد وابن عوف وطلحة

 

وعامر فهر والزبير الممدح

 

هذا سعد بن أبي وقاص أحد العشرة المبشرين بالجنة.

"أنه سمع سعد بن أبي وقاص والضحاك بن قيس" بن خالد بن وهب الفهري أمير شهير "عام حج معاوية بن أبي سفيان" يعني حجته الأولى في ولايته سنة أربع وأربعين "وهما يذكران التمتع بالعمرة إلى الحج"، "سمع سعد بن أبي وقاص والضحاك بن قيس عام حج معاوية بن أبي سفيان وهما" يعني سعدًا والضحاك "يذكران التمتع بالعمرة إلى الحج، فقال الضحاك بن قيس: "لا يفعل ذلك إلا من جهل أمر الله -عز وجل-"؛ لأن الله -جل وعلا- يقول: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} [(196) سورة البقرة] فكيف يتم امتثال هذا الأمر مع أن الإنسان إذا أحرم بالحج يحل حلًّا تامًّا قبل وقت حلول، قبل وقت الحلول في يوم النحر؟ يقول: لا يفعل ذلك إلا من جهل أمر الله -عز وجل-؛ ولذا يقول عمر -رضي الله عنه-: "إن نأخذ بكتاب الله فإنه يأمرنا بالتمام، وإن نأخذ بسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- فإنه لم يحل حتى بلغ الهدي محله" فدلالة الكتاب والسنة على عدم التمتع، على عدم التحلل بينهما، هذا معنى ما دار في المحاورة، ورأي عمر -رضي الله عنه- وعثمان، كلهم على هذا، هم يرون أن التمتع الذي فيه الحل كله ينافي قول الله -جل وعلا-: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} [(196) سورة البقرة] لأنك تحل من إحرامك قبل أن يبلغ الهدي محله.

"لا يفعل ذلك إلا من جهل أمر الله -عز وجل-" يعني في الآية "فقال سعد: بئس ما قلت يا ابن أخي" يعني جمع بين اللفظ الذي فيه الذم للقول بئس، وبين الملاطفة بقوله: يا ابن أخي لبيان أن رد القول لا يقتضي القدح في صاحبه؛ لأن يا ابن أخي هذه ملاطفة وتأنيس، ومثل هذا الأسلوب أدعى للقبول، مثل هذه الملاطفة والتأنيس تجعل الكلام مقبولاً، بئس ما قلت يا ابن أخي، ماذا يقول؟

طالب:.........

بئس هي تقابل نعم، فعل جامد أنشئ للذم، والمراد هنا ذم القول لا القائل، يعني كون الإنسان يقف على كلام مردود، أو كلام على خلاف سنة يبين الحق، عليه البيان، لكن لا يتعدى ذلك إلى تجريح الأشخاص، وهنا قال: "بئس ما قلت -بئس القول الذي قلته- يا ابن أخي، هذه ملاطفة وتأنيس للرجل، لو قال: بئس ما قلت يا ضحاك، هذه فيها شيء من الجفاء، فكون الكلام يؤدي الغرض مع اشتماله على أمر يجعله مقبولًا هذا هو الحكمة.

"بئس ما قلت يا ابن أخي، فقال الضحاك: فإن عمر بن الخطاب قد نهى عن ذلك" يعني التمتع "فقال سعد: قد صنعها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصنعناها معه" أنت تستدل بقول عمر، وأنا أستدل بفعل النبي -عليه الصلاة والسلام- وإقراره فالحق مع من؟ قد يقول قائل: إن عمر أمرنا بالاهتداء بهديه والاستنان بسنته، ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ)) قد يقول قائل هذا الكلام لكن مثل هذا متى يكون مقبولًا؟ إذا خلت المسألة عن الدليل المرفوع، وإلا إذا ثبت في المسألة نص من كتاب أو سنة فلا كلام لأحد؛ ولذا يقول ابن عباس في هذه المسألة: "يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول: قال رسول الله وتقولون قال أبو بكر وعمر؟" وهذا قد يرد على ألسنة كثير من الناس يشعر أو لا يشعر، تورد عليه النص يقول: شيخ الإسلام يقول كذا، تورد عليه النص يقول: المذهب كذا، وهذا الذي عمل وهذا...، يا أخي إن كان عندك جواب عن النص عندك معارض راجح من نص أقوى منه، أو متأخر عنه، أو يمكن حمله على أي وجه من الوجوه المقبولة عند أهل العلم، فعلى العين والرأس وإلا ما يقابل النص بمثل هذا الكلام.

"فقال سعد: "قد صنعها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصنعناها معه" وهذه هي الحجة الملزمة، وهي مقدمة على الرأي والأقيسة.

الاستدلال بالآية على منع التمتع {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} [(196) سورة البقرة] طيب من أحرم بالعمرة، وجاء بها كاملة ثم حل من الحل كله، ثم أحرم بالحج وأتى بجميع أعماله نحل الحل كله، هذا ما أتم الحج والعمرة؟ أتم الحج والعمرة، يعني لو قيل: إن هذه الآية دلالتها على التمتع أوضح من دلالتها على القران؛ لأن كون العمرة يؤتى بها داخلة في الحج هل هذا تمام؟ ما فيه تمام إلا إن الدليل الصحيح الصريح دل على جوازها، وأن العمرة دخلت في الحج إلى يوم القيامة، وإلا دلالة الآية على التمتع أظهر من دلالتها على القران، "أتموا الحج" أتممنا الحج ماذا صار؟ بجميع أفعاله وحللنا منه "أتموا العمرة" أتممنا العمرة، يعني لو قيل: إن التمتع هو الذي ينطبق على هذه الآية، مع أنه ينطبق على الإفراد، وينطبق أيضًا على الإتيان بالعمرة دون حج، وينطبق على ما إذا جمع بينهما، نعم؟

طالب:........

يأتي الخلاف في هذا إن شاء الله.

الآية دلت على وجوب إتمام العمرة، وقد تمت بجميع أفعالها، ثم الإحرام بالحج وإتمامه أيضًا، وقد تم في صنيع المتمتع، وقال -عليه الصلاة والسلام-: ((لولا أن معي الهدي لأحللت وجعلتها عمرة)) فهذا نص في موطن النزاع، وعمر -رضي الله تعالى عنه- كان ينهى عن فسخ الحج إلى العمرة، وأيضًا ينهى عن المتعة، ثبت عنه النهي عن المتعة، وعن عثمان -رضي الله تعالى عنه-.

وكان عمر ينهى عن فسخ الحج إلى العمرة؛ لأنه يرى الخصوصية، يرى أن الأمر بالفسخ وجواز الفسخ خاص بأهل تلك الحجة مع النبي -عليه الصلاة والسلام- من الصحابة، وكان يقول كما في البخاري: "إن نأخذ بكتاب الله فإنه يأمرنا بالتمام، وإن نأخذ بسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- فإنه لم يحل حتى بلغ الهدي محله" وعرفنا ما في هذا الكلام والإجابة عنه.

يقول: "وحدثني عن مالك عن صدقة بن يسار عن عبد الله بن عمر أنه قال: "والله لأن أعتمر قبل الحج -في أشهره- وأهدي -يعني متمتعًا- أحب إلي من أن أعتمر بعد الحج في ذي الحجة" أقول: هذا مبالغة في جواز التمتع وإن كان الاعتمار بعد الحج في ذي الحجة لا بأس به؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر عائشة أن تعتمر بعد الحج بعد طلبها، وكلام ابن عمر هذا للمبالغة في فضيلة التمتع، وإن كان أبوه لا يرى هذا.

"وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار عن -مولاه- عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه كان يقول: "من اعتمر في أشهر الحج في شوال أو ذي القعدة أو ذي الحجة قبل الحج -لا بعده- ثم أقام بمكة حتى يدركه الحج فهو متمتع" أدركه الحج فهو متمتع، "إن حج"، لكن لو أدركه الحج ولا حج متمتع وإلا لا؟ هذا ليس بمتمتع؛ ولذلك يقول: "ثم أقام بمكة حتى يدركه الحج فهو متمتع إن حج، وعليه ما استيسر" ما تيسر من الهدي، وأقله شاة "فإن لم يجد الهدي" لعدم وجوده حقيقة أو لعدم وجود ثمنه "فعليه صيام ثلاثة أيام في الحج" في الحج يعني في أيام الحج ولو في أيام التشريق، وصيام أيام التشريق جاء النهي عنه، وهو محرم، ولم يستثنَ من ذلك إلا من لم يجد الهدي، فيصوم هذه الثلاثة الأيام؛ لأنه لم يبق من الحج سواها، نعم؟

طالب: يوم النحر؟

لا، يوم النحر إجماع أنه لا يُصام لا للحاج ولا لغيره.

"فعليه صيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع" إلى بلده ومصره، كما هو المعروف عن ابن عباس، أو إذا رجع من منى، فله أن يصومها بمكة أو في طريقه إلى بلده، وهما قولان معروفان.

"قال مالك: "وذلك إذا أقام حتى الحج ثم حج من عامه" فلو لم يحج من عامه فليس بمتمتع، وإن عاد لبلده؛ لأنه يقول: وذلك إذا أقام حتى الحج، إذا عاد لبلده ثم حج، عاد لبلده ثم حج في عامه لم يكن متمتعًا، إنما هو مفرد، إذا سافر بين الحج والعمرة لغير بلده، ينقطع التمتع وإلا ما ينقطع؟ أما على كلام الإمام مالك ثم حج من عامه وسيأتي، أو ما هو أوضح من هذا، نعم، ثم يأتي في الباب الذي يليه ما هو أوضح من هذا، وأنه قيد الرجوع إلى بلده، ومفهوم هذا أنه إذا سافر سفرًا ولو مسافة قصر أو أكثر لغير بلده فإنه لا ينقطع التمتع؛ لأنه ما أنشأ سفرًا بينهما، فأتى بهما في سفر واحد، والحنابلة عندهم أنه إذا سافر بينهما سفر مسافة تقصر فيها الصلاة فإنه ينقطع التمتع.

"قال مالك في رجل من أهل مكة انقطع إلى غيرها وسكن سواها" تركها، ترك مكة، وذهب إلى أي بلد من البلدان، جاء إلى الرياض مثلًا للدراسة، وسكن الرياض "ثم قدم معتمرًا في أشهر الحج" سكن الرياض، وانقطع عن مكة، "ثم أقام بمكة حتى أنشأ الحج منها: إنه متمتع" لأنه لا ينطبق عليه ما جاء في قوله -جل وعلا-: {ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(196) سورة البقرة] نعم، على الخلاف المعروف، نعم؟

طالب:.........

إذا كان أهله وبقيته ومجيئه وسفره هذا السفر طارئ، نعم، وإقامته بمكة، لا شك أن الحكم يختلف وسيأتي في كلام الإمام مالك من مر بميقات وهو من أهل مكة، سافر ومر بميقات وهو من أهل مكة، إذا جلس للدراسة بالرياض مثلًا سنة كاملة أقام، نعم؟

طالب:..........

يعتبر إقامة، وكونه ينوي الرجوع بعد نهاية الدراسة لا يخل بهذا.

طالب: يتم في البلدين.

يتم في البلدين، نعم.

يقول: "حتى أنشأ الحج منها أنه متمتع" لأنه ليس من حاضري المسجد الحرام، وإن كان أصله منها "فيجب عليه الهدي أو الصيام إن لم يجد هديًا، وأنه لا يكون مثل أهل مكة" لانقطاعه وسفره عنها.

"وسئل مالك عن رجل من غير أهل مكة دخل مكة بعمرة في أشهر الحج وهو يريد الإقامة بمكة حتى ينشئ الحج أمتمتع هو؟ قال: نعم هو متمتع" يعني عليه الهدي "وليس هو مثل أهل مكة" وإن نوى الإقامة بها، "وإن أراد الإقامة، وذلك أنه إذا دخل مكة وليس هو من أهلها" وليس هو من أهلها، لماذا؟ لأنه ما يدري، الحين ما بعد سكن، ما زالت علاقته وارتباطه ببلده، لكن لو افترض أن هذا جاء بعفشه واستأجر بيتًا، وأحرم من الميقات بالعمرة واستوطن مكة، ثم أحرم بالحج بعد ذلك، نقول: هذا من حاضري المسجد الحرام أو ليس من حاضريه؟ يعني كلام الإمام مالك: "وليس هو مثل أهل مكة وإن أراد الإقامة بها، وذلك أنه دخل مكة وليس هو من أهلها، وإنما الهدي والصيام على من لم يكن من أهل مكة" وقت فعل العمرة والحج، وأن هذا الرجل يريد الإقامة ولا يدري ما يبدو له بعد ذلك، هل يقيم أو يرجع إلى أهله بعد الحج؟ هو ليس من أهل مكة حين الاعتمار فوجب عليه الهدي لدخوله في الآية، يعني ما يدري ما يبدو له بعد ذلك، طيب إذا صار يدري، جاء بالعفش كامل واستأجر وسكن، أضف إلى ذلك أنه إن كان له عمل ونُقل إلى مكة، هذا يدري، أنها محل إقامته، لكن هل يقال: إنه ليكون من حاضري المسجد الحرام أن يحرم بالأصل الذي هو العمرة المقدمة قبل الحج، والوصف لازم له؛ لأن الهدي مرتبط بالنسكين، العمرة والحج، فهو متصف حال الإحرام بالعمرة أنه ليس من حاضري المسجد الحرام، ما بعد صار منهم، وحينما أحرم بالحج صار من حاضري المسجد الحرام، قيل له: أنت في الفصل الثاني لا بد أن تباشر بمكة، انتهى من الاختبارات وبقى شهر على الحج انتقل، وفي طريقه أحرم من الميقات واعتمر وحل الحل كله، ونوى الإقامة بمكة، لكنه حينما أحرم بالعمرة ليس من حاضري المسجد الحرام؛ لأن حاضر المسجد الحرام المقيم بمكة ومن أهل مكة إذا أراد أن يعتمر يخرج إلى الحل لا شك، لكن لا يعني أنه وفد من بلد خارج المسجد الحرام "وأن هذا الرجل يريد الإقامة، ولا يدري ما يبدو له بعد ذلك، وليس هو من أهل مكة" لأنه حين الاعتمار ليس منهم، ليس من حاضري المسجد الحرام، والدم إنما يسقط عن جمع بين النسكين، والحال أنه من حاضري المسجد الحرام، فمثل هذا لا يحكم له بأن من الحاضر حتى يستوطن.

"وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد الأنصاري أنه سمع سعيد بن المسيب يقول: من اعتمر في شوال أو ذي القعدة أو في ذي الحجة ثم أقام بمكة حتى يدركه الحج فهو متمتع إن حج" وحينئذٍ يكون عليه "ما تيسر من الهدي" شاة فأعلى "فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله" قال ابن عباس: إلى مصره، وقال بعضهم: الرجوع من منى إلى مكة، فيصومها في الطريق، له أن يصومها في الطريق، في مكة، قبل أن يصل إلى أهله.

"فسبعة إذا رجع" هذه يتجه فيها الخلاف هل هو إلى مصره أو إلى مكة؟ نعم، وسبعة إذا رجعتم إلى أين؟ {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [(196) سورة البقرة] يعني الرجوع يطلق على الشروع فيه أو على تحققه بتمامه؟ نعم؟

طالب:..........

كله رجوع؛ لأن الشروع يطلق على الفعل؛ لأن رجع فعل ماض، ومر بنا مرارًا أن الفعل الماضي يطلق ويراد به الإرادة، ويطلق ويراد به الشروع، ويطلق ويراد به تحقق الفعل والفراغ منه، هنا إذا تحقق الفعل وفرغ منه، فرغ من الرجوع لا إشكال، أنه يسمى رجع، حج من الرياض ثم وصل إلى الرياض نقول: رجع،، وإذا شرع في الحج ولم يفرغ من أعماله، لنتصور أنه صام الثلاثة قبل العيد وبقيت السبع قال: أصومها أيام التشريق؛ لأنني أريد الرجوع، والله -جل وعلا- يقول: {إِذَا رَجَعْتُمْ} [(196) سورة البقرة] يعني أردتم الرجوع، كما في قوله: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ} [(98) سورة النحل] {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [(6) سورة المائدة] إذا أردتم، وأنا أريد الرجوع، يصلح وإلا ما يصلح؟ نعم؟

طالب:..........

لأنه في الحج، ما زال في الحج، وحكم ما كان في الحج يختلف عن حكم ما كان بعد الرجوع، إذا رجع، يعني إذا رخص في صيام أيام التشريق الثلاثة لمن لم يجد الهدي فإنما يرخص في الثلاثة الأولى؛ لأنها آخر فرصة له، آخر فرصة له أيام التشريق، فإذا صامها أحرم من اليوم الخامس مثلًا، وصام السادس والسابع والثامن لا يجوز له أن يصوم أيام التشريق، وإن كان ممن يريد الرجوع فلا يرد مثل هذا، إنما الاحتمال قائم بين الشروع في الرجوع وبين تحقق الرجوع والفراغ منه، نعم؟

طالب:.........

لا، الكلام ما هو في هذا، هذا إذا اعتمر وهو لم ينو إلى الآن، هذا ما في إشكال أنه ليس من حاضر، لكن إذا قادم بنية الإقامة.

طالب:.........

لا، هو مقبول، قالوا في ترجمته: مقبول.

طالب:.........

نعم، مقبول، مر بنا هذا أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان مفردًا، مروي، هذه الأحاديث وكون وجوه الإحرام الثلاثة كلها مروية عن النبي -عليه الصلاة والسلام- من فعله، كلها صحيحة، ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه أفرد، أهل مفردًا، نعم، وثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه تمتع، فتمتعوا معه، والمرجح في حجته -عليه الصلاة والسلام- أنه كان قارنًا، وهذا أكثر، نعم، وأجبنا عن هذا سابقًا مرارًا يعني ما هي بمرة ولا مرتين، نعم؟

طالب:.........

نصوص صريحة في كونه أفرد -عليه الصلاة والسلام-....... قرن، وجاء أيضًا أنه تمتع وتمتعنا معه.

طالب:.........

ما فيه إلا أنه ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه أهل مفردًا، نعم، ومن رجح التمتع قال: إن الله -جل وعلا- اختار لنبيه القران ولا يختار لنبيه إلا الأكمل، ومن رجح التمتع قال: لأنه أمر به أصحابه، واعتذر عن كونه لم يهل بالعمرة، المسألة مسألة استرواح يعني ميل من أهل العلم، ورجحان يلوح لهم ما لا يلوح لغيرهم، كلهم -إن شاء الله- مجتهدون مأجورون، نعم؟

طالب:........

يحرم من أين؟

طالب:........

هو لما جاء من وطنه مريدًا الاستيطان لا يجوز له أن يتعدى الميقات.

طالب:........

يحرم من الميقات، من أين يحرم؟

طالب:..........

كيف؟

طالب:...........

لا، إذا ما أراد الحج، ممن أراد الحج والعمرة، وسبق الخلاف في هذا، منهم من يلزم كل داخل إلى مكة بالإحرام، هذا معروف عند الحنابلة، بل لكثير من أهل العلم يقولون بهذا، لكن النص الصحيح الصريح في البخاري وغيره: ((هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة)) أما إلزامه وهو لا يريد معروف عند الحنابلة وغيرهم، يعني قول مشهور عند أهل العلم.

سم.

أحسن الله إليك.

باب: ما لا يجب فيه التمتع:

قال مالك: من اعتمر في شوال أو ذي القعدة أو ذي الحجة ثم رجع إلى أهله ثم حج من عامه ذلك فليس عليه هدي، إنما الهدي على من اعتمر في أشهر الحج، ثم أقام حتى الحج ثم حج، وكل من انقطع إلى مكة من أهل الآفاق وسكنها، ثم اعتمر في أشهر الحج، ثم أنشأ الحج منها فليس بمتمتع وليس عليه هدي ولا صيام، وهو بمنزلة أهل مكة إذا كان من ساكنيها.

سئل مالك -رحمه الله- عن رجل من أهل مكة خرج إلى الرباط أو إلى سفر من الأسفار، ثم رجع إلى مكة وهو يريد الإقامة بها كان له أهل بمكة أو لا أهل له بها فدخلها بعمرة في أشهر الحج ثم أنشأ الحج، وكانت عمرته التي دخل بها من ميقات النبي -صلى الله عليه وسلم- أو دونه، أمتمتع من كان على تلك الحالة؟ فقال مالك -رحمه الله تعالى-: "ليس عليه ما على المتمتع من الهدي أو الصيام، وذلك أن الله -تبارك وتعالى- يقول في كتابه: {ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(196) سورة البقرة].

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما لا يجب فيه التمتع" ما لا يجب فيه التمتع والمراد بذلك لازمه، الدم أو الصيام، يعني ما يلزم المتمتع.

ال مالك: من اعتمر في شوال أو ذي القعدة أو ذي الحجة ثم رجع إلى أهله" جاء وأدى العمرة ورجع إلى أهله من الرياض إلى مكة، اعتمر في شوال في القعدة في أول الحجة ثم رجع، وهذا بالإمكان، ومتيسر الآن، وإن كان في عهد مالك من يأتي بالعمرة في ذي الحجة، ثم يرجع إلى أهله لا سيما إذا كان أهله بالطائف مثلًا ممكن، نعم أو جدة أو ما قرب منهما، الإمكان قائم، لكن إذا كان بعيد لا يتصور.

المقصود أنه ممكن يعتمر في شوال أو القعدة أو ذي الحجة ثم يرجع إلى أهله، ثم حج من عامه ذلك، فليس عليه هدي ولا بدل الهدي من صيام؛ لأنه ليس بمتمتع، حقيقة التمتع تخلفت عن فعله، إنما الهدي على من اعتمر في أشهر الحج، ثم أقام حتى الحج ثم حج، وبهذا قال الجمهور؛ لأن من شرط التمتع الجمع بينهما في سفر واحد في أشهر الحج، في عام واحد، ومن شرطه أيضًا أن تقدم العمرة، لا أن يحج ثم يعتمر، ومن شرطه أن يكون آفاقيًّا، ليس من حاضري المسجد الحرام، فمتى اختل شرط من هذه الشروط لم يكن متمتعًا.

طالب:..........

لا، الكلام على لزوم الهدي، إذا اختلف شرط من هذه الشروط لا بد أن يجمع هذه الشروط أن يعتمر في أشهر الحج، وأن تكون العمرة متقدمة ويحج من عامه، وأن لا يسافر بينهما، متى اختل شرط من هذه الشروط لم يكن متمتعًا، وقال الحسن: يكون متمتعًا إذا اعتمر في أشهر الحج ولو عاد إلى بلده.

كثير من الحجاج إذا أتى وصل مكة واعتمر ذهب إلى المدينة، والمدينة مسافة طويلة، يعني بقدر مسافة القصر خمس مرات، عشر مراحل، فلا ينقطع التمتع حتى يرجع إلى أهله، ومنهم من قال: إن مجرد السفر بينهما يقطع التمتع ولو لم يعد إلى بلده.

"وكل من انقطع إلى مكة من أهل الآفاق وسكنها، ثم اعتمر في أشهر الحج، ثم أنشأ الحج منها فليس بمتمتع".

يقول: "وكل من انقطع إلى مكة من أهل الآفاق وسكنها" جاء في رمضان واستوطن، جاء في شعبان واستوطن، جاء في شوال واستوطن في رجب أو قبل ذلك، هل نقول: أنت لست من أهل مكة بناءً على أن أصلك مصري أو نجدي أو شامي أو يمني؟ نقول: لست من أهل مكة؟ لأن النسبة تستمر ولو تركت، يعني ألا يوجد في مكة من يقال: فلان المصري، فلان النجدي، فلان..، وهو ساكن، الشامي، نعم مجرد الانتساب، لا يؤثر في الحكم كما أنه في مصر حجازي مثلًا، فلان الحجازي، فلان النجدي.. إلى آخره، فمثل هذا الوصف لا يؤثر، العبرة بوجوده وحضوره المسجد الحرام.

ولذا يقول: "وكل من انقطع إلى مكة" يعني سكنها واستوطنها "من أهل الآفاق وسكنها، ثم اعتمر في أشهر الحج، ثم أنشأ الحج منها فليس بمتمتع، وليس عليه هدي ولا صيام وهو بمنزلة أهل مكة إذا كان من ساكنيها" لأنه من حاضري المسجد الحرام.

والإشارة في قوله -جل وعلا-: {ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(196) سورة البقرة] الإشارة هل هي للتمتع نفسه أو للدم؟ أو بدله المترتب على التمتع؟ يعني هل للمكي أن يتمتع؟ يعني يعتمر ثم يحج في سنة واحدة، أو ليس له ذلك؟ وليس على المكي عمرة؟

طالب:.........

المسألة خلافية، لكن المكي كغيره لا يمنع من أن يخرج إلى الحل ويعتمر للنصوص التي تحث على العمرة، في الباب الذي يليه، والمسألة في وجوبها عليه، وأما الأثر المترتب على التمتع فلا، فلا شيء عليه، نعم.

يعني ما أعده للإقامة، إنما أعده رفقًا به عن كثرة الانتقال من بيت إلى بيت، أو قد يجد وقد لا يجد، أو ليضع فيه أثاثه، نعم هم يقولون: إذا كان له بيت فهو في حكمه إن كان له بيت، أما إذا كان بيتًا أجره وإلا ملك؟ نعم؟ أو على الوجهين، من استأجر ملكًا، نعم؟

طالب:..........

نعم، أصل التمتع ما ينطبق، التمتع تعريفه، حقيقته ماذا؟

طالب:.........

بسفرة واحدة ما هي بسفرتين، هذا ينافي مقتضى التسمية، مسألتنا إذا كان للشخص أكثر من بيت، أما إذا كان البيت مسكونًا، فيه أهله أو بعض أهله فلا إشكال، فهو من حاضري المسجد الحرام، أما إذا لم يكن مسكونًا وإنما أعده له إذا حضر، فالذي يظهر أنه ليس من حاضري المسجد الحرام كأنه مستأجر، نعم؟

طالب:........

ولو كان ملكًا؛ لأنه لا يعده للإقامة.

طالب:........

كيف؟

طالب:........

فهو متأهل في البلدين، من أهل البلدين، ثم أنشأ الحج منها فليس بمتمتع وليس عليه هدي ولا صيام، فهو بمنزلة أهل مكة إذا كان من ساكنيها؛ لأنها حينئذٍ صار من حاضري المسجد الحرام.

"وسئل مالك عن رجل من أهل مكة خرج إلى الرباط بثغر من الثغور، أو إلى سفر من الأسفار" خرج يرابط على الحدود، أو سافر لتجارة أو طلب علم، "ثم رجع إلى مكة وهو يريد الإقامة بها" يقول: "سواءً كان له أهل بمكة أو لا أهل له بها، فدخلها بعمرة في أشهر الحج، ثم أنشأ الحج -من عامه-، وكانت عمرته التي دخل بها من ميقات النبي -صلى الله عليه وسلم- أو دونه -يعني من بقية المواقيت- أمتمتع من كان على تلك الحالة؟"، يعني أم لا؟ "فقال مالك: "ليس عليه ما على المتمتع من الهدي أو الصيام، وذلك أن الله -تبارك وتعالى- يقول في كتابه: {ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(196) سورة البقرة]" وهذا حاضر إنما خرج من المسجد الحرام وغاب عنه لحاجة ثم رجع، ومثل هذا السفر لا يعد إقامة.

 

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد...

هذه أسئلة من الإنترنت يقول في الماسنجر: عندي فتيات من المنتديات، فتاة من منتدى قديم، كل مرة أراها تستعرض الخواطر التي كتبتها وأبدي لها أنا الأخطاء البلاغية فيها، هذا مجمل حديثنا،

لنا سنتان على هذا الحال، ولا أعلم عنها إلا أنها من دولة خليجية فقط، فتاة سعودية من منتدى سابق حال تواجدها إلى آخره تسأل عني وعن أهلي ثم تخبرني بموضوع أو رد معيّن.
على كل حال الاسترسال في محادثة الشباب للشابات جر إلى ويلات وإلى كوارث، وقد تكون النوايا سليمة في أول الأمر، لكن المحادثة بين فتاة أغلقت على نفسها الباب باب الغرفة وشاب كذلك لا شك أنه في حكم الخلوة، والآثار المترتبة على الخلوة تترتب على مثل هذا، وإن لم يكن التحريم يصل إلى حد تحريم خلوة الأجساد؛ لأن هذا يجر إلى الخلوة المحرمة، وكثير من الناس يسترسل في هذه الأمور ويقول: إنه واثق من نفسه ولا يلبث أن ينحرف وينجرف، وهذا أمر مجرب، فليحرص الإنسان على سلامة دينه وعلى سلامة عرضه. وعلى أولياء الأمور سواء كانوا أولياء أمور الشباب أو الشابات ألا يغفلوا عن أولادهم، ومما يُذكر أنه ضبط شاب مع شابة في مكة وفي أشرف الأوقات، وتم الموعد من خلال الإنترنت، والشاب هذا في بلد بعيد جدا عن البلد الثاني عن بلد الفتاة، استرسلوا في الكلام ومواعيد وبعلاقة حب شريف، وما أدري ما فيه حب اسمه شريف أبدا، هذا الذي يجر الكوارث، فليحرص الإنسان على براءة يستبرئ لنفسه ودينه وعرضه ولا ينزل نفسه مواطن التهم، فالشيطان له خطوات وهذه من خطواته.
يقول: أنا أستمع لها وأحاول بطريقة مناسبة لا تنفرها من نصحي.
يا أخي مثل هذا الذي يجر إلى محرم، والوسائل لها أحكام المقاصد، ولها أحكام غاياتها، وهذا يريد ألا ينفرها من نصحه، والنصيحة هي الدين وبها ينال ما عند الله جل وعلا، وما عند الله لا ينال بسخطه.
ولا أخجل أبدا أن يأتي أحد ويجلس ويقرأ الحديث الذي يدور بيني وبين أي فتاة منهن، إنما أحرص فقط على خصوصية من يحدثني إن كان حديثه لي لا يجب أن يعلم به أحد، سؤالي هل أطردهن من ماسنجري؟
أي نعم، أولاً تخوفهن بالله -جل وعلا- تحرصهن على العفاف والانكفاف عن مثل هذه الأمور، ثم بعد ذلك تقطع العلائق بهن.

هذا يقول: أنا من المغرب، وعندنا كثير من الصوفية، وهم يدعون أنهم على المذهب المالكي ولكنهم ضالون.

المذهب المالكي مذهب فرعي كالحنبلي والشافعي والحنفي، وفي المذاهب الأربعة من أتباع الأئمة الأربعة من هو على مذهبه في الفروع لكنه يخالفوه في الأصول؛ فتجد الجهمي وتجد المعتزلي وتجد الأشعري وتجد الصوفي وإن كان من أتباع هذه المذاهب.

هل يجوز طلب العلم عند صوفي ما بزاوية كذا وكذا؟

لا أبدًا، عليك بأهل العلم المحققين الذين جمعوا بين العلم والعمل؛ لأن العلم دين، فانظر عمن تأخذ دينك.

هذا من إيطاليا يقول: ما حكم الجلوس في النت؟

قتل الأوقات والعكوف على هذه الآلات، وإن كان فيها ما ينفع، وفيها دروس وفيها مواقع نافعة، لكن بالعتيق تمسك عليك بكتاب الله وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام-، ولا أحفظ ولا ألذ ولا أمتع من القراءة من الكتاب وإضاعة الأوقات في مشاهدة هذه المحدثات، لا شك أنه أقل ما فيه أنه يضيع الوقت، وقد يدخل عليك ما لا تريد، وقد تسترسل في البحث عن شيء لا يهمك ولا يعنيك إلى أن تقع فيما وراءه.

يقول: هل نثبت صفة التردد لله لحديث: «ما ترددت في شيء»؟

هذه الصفة أولا أنها جاءت على سبيل النفي «ما ترددت»، ثم بعد ذلك أثبتت مثل: «لا يمل الله حتى تملوا»، ومن أهل العلم من يثبت الصفة بمثل هذه النصوص؛ لأنها علقت على أمر محقق، فتثبت بهذا وليس في هذا ما يمنع إذا قلنا: إنها صفة تليق بالله جل وعلا ولا تشابه تردد المخلوق ولا ملل المخلوق، ومنهم من يقول: إن هذه جاءت على سبيل النفي، وتكون من باب المقابلة وتثبت على جهة المشاكلة فتدخل في حيّز الإخبار لا في حيّز الصفات، والإخبار أوسع من الوصف.

ثم يقول: ما حكم تفريغ دروس المشايخ وإنزالها على النت دون مراجعة الشيخ لها، وكتابة هذه الملاحظة على الدرس: أن الشيخ لم يراجعه، فضلا عن أننا لم نستأذن الشيخ.. إلى آخره؟

الأصل أن يستأذن الشيخ، يستأذن صاحب الشأن ويراجِع المادة التي فرغت من كلامه؛ لأن اللسان قد يسبق إلى ما لا يريده الشيخ، وبعض الذين يفرغون -وأنا أقول هذا من خلال تجارب- مشكلتهم مشكلة، يعني أحيانا يفرغون على حسب فهمهم للكلام، ويفرغون ما فهموه وإن فرغوه بحروفه، يبقى أن التفريغ يؤخذ على أساس أنه على صفة المسموع، فكونه يقرأ وهو في الأصل مسموع لا شك أنه قد يمج ويمل، فالإلقاء فن يختلف عن فن الكتابة أحيانا، تتلذذ بسماع كلام بعض المشايخ، لكن إذا فرغ لا تجد تلك المتعة، قد تجد تكرار في الكلام وإقحام كلمات وألفاظ وجمل واستطرادات لا يدري القارئ ما مناسبة هذا الكلام، لكن السامع قد يدرك من لفظ الشيخ أو من نبرة الشيخ، فلا شك أن التفريغ لا بد له من مراجعة من قبل الشيخ، نعم المشايخ يتفاوتون؛ فمنهم من هو قليل الاستطراد، وسبق لسانه إلى ما لا يريده نادر، فمثل هذا لا مانع من التفريغ له، ومنهم من يستطرد استطرادات قريبة وبعيدة، ومنهم من يسبق لسانه بكثرة، هذا مشاهد، مثل هذا التفريغ له فيه صعوبة إلا أن يراجعه بنفسه أو يكل من يثق به في مراجعته.

ما حكم نظر المرأة للرجل الأجنبي عن طريق شبكة يظهر فيها الرجل على عرض شاشة كبيرة جدا؟

المرأة كالرجل مأمورة بغض البص،ر فيحرم عليها أن ترسل بصرها في النظر لرجل أجنبي.

ما حكم سماع النشيد الذي فيه ضرب الدف والتصفيق؟

هذا كله لا يجوز، لا يجوز أبدا، الدف إنما رخص فيه على أضيق نطاق للنساء في الأفراح، في الأعراس، في الأعياد، وفي الدين فسحة لمثل هذا، أما أكثر من هذا فلا.