كتاب البيوع من المحرر في الحديث - 11

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

نعم.

"بسم الله، والحمد الله، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ومشايخه والحاضرين والمستمعين.

 قال الإمام ابن عبد الهادي -يرحمه الله تعالى- في كتابه المحرر:

باب الحوالة والضمان:

 عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «مطل الغني ظلم، وإذا أتبع أحدكم على مليٍّ فليتبع»، متفق عليه.

 وعن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر قال: توفي رجل منا فغسَّلْناه وحنطناه وكفَّنَّاه، ثم أتينا به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلنا: تصلي عليه، فخطا خطى ثم قال: «أعليه دَين؟» قلنا: ديناران، فانصرف فتحمَّلها أبو قتادة فأتينا به فقال أبو قتادة: الديناران عليَّ، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «قد أوفى الله حق الغريم، وبرئ منهما الميت؟» قال: نعم، فصلى عليه، ثم قال بعد ذلك بيوم: «ما فعل الديناران؟» فقال: إنما مات أمس، قال: فعاد إليه من الغد فقال: قد قضيتهما، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «الآن بردت جلده»، رواه أبو داود الطيالسي والإمام أحمد، وقد اختُلف في الاحتجاج بابن عقيل، ورواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه."

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد،

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى- "باب الحوالة والضمان، باب الحوالة والضمان"، الحوالة تحوُّل المال والدَّين من ذمة إلى ذمة، فعندنا مُحِيْل ومُحَال ومُحَال عليه، فالمحِيْل من عليه الدَّين، والمحال صاحب الدَّين، والمحَال عليه المدين للمدين الأول، فإذا افترضنا أن لزيد على عمرو وفي ذمته له مبلغ ألف ريال، جاء زيد إلى عمرو فقال: ديني حالٌّ، فاقضني إياه، قال: لي دين على بكر قيمته ألف ريال، أحيلك به عليه، هذه هي الحوالة، فإذا كان المحال إليه أو المحال عليه مليئًا موسرًا فهو موضوع بابنا، وهل يلزم قبول الحوالة، أو لا يلزم؟

خلاف بين أهل العلم، وحديث الباب يدل على اللزوم والوجوب؛ لأنه أمر، والأصل في الأمر الوجوب، والضمان تحمُّل الدين، الضمان تحمل الدين، فإذا كان لزيد على عمرو مال، وطلب من يضمنه أو يكفله، فتبرَّع بكر بضمانه فالضمان والكفالة والزعامة والحمالة في الأصل هي بمعنى واحد، لكن فرَّق العلماء بين الضمان والكفالة تفريقًا عرفيًّا اصطلاحيًّا، وإن كانت في الأصل بمعنى واحد، لكن جعلوا الضمان في المال والبدن بمعنى أن صاحب الدين لو طالب الضامن للزمه الوفاء، ولا يكفي أن يحضره، يحضر المدين ببدنه، بخلاف الكفالة، الكفالة للبدن، والضمان للمال مع البدن.

 "عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «مطل الغني ظلم»"، وفي حديث سبق «ليُّ الواجد ظلم»، «مطل الغني ظلم»، وفي الحديث السابق «ليُّ الواجد ظلم»، وهو بمعناه؛ لأن الذي هو المطل والواجد هو الغني الذي يجد الوفاء، ويستطيع سداد الدين، ظلم، وهناك قال: «يبيح عرضه وعقوبته»، «ليُّ الواجد ظلم يبيح عرضه وعقوبته»، المطل التردد في الدفع، وترديد المدين إذا جاء الدائن هو ترديد المدين للدائن، فإذا جاءه يطلب الوفاء في دين قد حل قال: ائتني غدًا، فيأتيه من الغد فيقول: بعد غد، ويقول: بعد أسبوع، فيأتيه بعد أسبوع فيقول: بعد شهر، ثم يردد، وهكذا، هذا ظلم، لا شك؛ لأنه إذا حل الدَّين، وجب الوفاء.

«مطل الغني» مطل مصدر مضاف إلى فاعل أو إلى مفعول؟ الفاعل الذي هو الماطِل، الماطِل الذي هو المدِيْن أو إلى المفعول؟ الأظهر أنه إلى الفاعل، فالماطل الذي هو المدِيْن الذي يماطِل ويتردد في دفع المال، ويتأخَّر في دفعه لصاحبه هذا ظلم، فالماطِل أو المماطِل موصوف بكونه غنيًّا، هذا الذي يُطلَق عليه أنه ظلم، ويستحق الوصف بهذا، والظلم كما جاء في الخبر ظلمات يوم القيامة، والظلم في حقوق العباد شأنه عظيم، فإذا مَطَل الغنيُّ صاحب الدَّين استحق الوصف بأنه ظلم، وأُبِيْح تبعًا لذلك ما كان محرَّمًا من العِرْض والبَدَن، يبيح عرضه وعقوبته، يبيح العرض من قِبَل الدائن، فلا مانع من أن يقول: فلان مطلني، وفلان تأخَّر في تسديد دَيني، لاسيما إذا كان يشكو حاله إلى مَن يملك استخراج الحق كالوالي، ويبيح للوالي عقوبته وتعزيره وحبسه حتى يسدِّد الدين.

 «مطل الغني ظلم» يبيح عرضه وعقوبته، هذا على التقدير الأول أن الغني المراد به المدين، لكن ماذا يكون المعنى إذا كان الغني صاحب الدَّين الدائن غنيًّا، الدائن غني، فمطل الغني ظلم، فماذا عن مطل الفقير إذا كان الدائن فقيرًا، وحاجته أشد من حاجة الغني يكون أشد، يكون أشد، وعلى التقدير الأول إذا قلنا: مطل الغني الذي هو المدين يكون مفهومه أن مطل الفقير لا يسمى ظلمًا وإنما الفقير يُنظَر، {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [سورة البقرة:280]، وعلى كلا التقديرين سواء كان الدائن غنيًّا أو فقيرًا فالمماطل ظالم، وعلى التقدير الأول إذا قلنا: إن المضاف إلى المماطل وهو المدين فإن مطل الفقير وترديد الدائن لا يسمى ظلمًا، أخذًا من مفهوم هذا الحديث «مطل الغني ظلم»، إذًا مطل الفقير لا يسمى ظلمًا، لا يسمى ظلمًا، وإنما يجب إنظاره إلى ميسرة، {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ} [سورة البقرة:280]، يعني فالواجب نَظِرَة إلى ميسرة.

 وإذا أُتْبِع، وفي رواية: إذا أُحِيْل، وهو المناسب للترجمة. «وإذا أُتْبِع أحدكم» يعني أو إذا أحيل، جاء الدائن إلى المدين فقال: أدِّ دَيني، فقال له: لي دَين على فلان، وهو غني وباذل، ما هو مماطل، «وإذا أُتْبِع أحدكم على مليء فليتبع»، والرواية الأخرى: «إذا أحيل أحدكم على مليء فليحتل»، فليحتل يعني المعنى واحد، فالمعنى واحد، المليء يقابله المفلس الذي لا يستطيع السداد ولا الوفاء، وهذا لا يلزم قبول الحوالة في هذه الصورة؛ لأنه يضيع الحق بهذه الحوالة، لكن إذا كان مليًّا غنيًّا باذلًا غير مماطل فإنه حينئذ يلزم أن يتبع المحال من أحيل عليه بهذا النص؛ لأن اللام لام الأمر في فليتبع، وفي فليحتل، والأصل في الأمر الوجوب، وحمله بعضهم على أنه أمر استحباب، على أنه أمر استحباب، لكن ظاهر الخبر أنه للوجوب.

 يعتري مثل هذا الحديث أمور وأحوال، أحيل صاحب الدين على مليء موسر غني باذل، لكنه غائب، يترتب عليه تأخير السداد، هل تلزم الحوالة حينئذ؟ وصاحب الدين محتاج لدينه يقول لك: مليء، والرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: «وإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع»، لا شك أن الإحالة من باب دفع الضر،ر والضرر لا يزال بالضرر، إذا ترتب على قبول الحوالة ضرر على المحال فإن الضرر لا يزال بالضرر، والشرع لا يلاحظ مصلحة طرف على حساب طرف آخر، هذا أمر مقرر في الشريعة أن الضرر تجب إزالته، لكن بما لا ضرر فيه، فإذا كان المدين الأول يتضرر بسداد الدين، وله دين على آخر، وأحال الدائن على آخر تلزمه، لكن إذا كان المحال يترتب عليه ضرر الحوالة، ضرر وتأخر سداد دينه بانتظار المسافِر أو بانتظار ماله يقول: أنا نعم غني، لكن أموالي ستقدم، استوردت بها بضائع، وبعد شهر ستقدم، يقول: أنا لن أنتظر شهرًا؛ لأن الدين حال.

 على كل حال قول الجمهور قول الأكثر ما يوافق صريح الأمر بأنه للوجوب، لكن ما لم يترتب على المحال ضرر فلا يُدفَع ضرر المحيل بضرر المحال كما هو مقرَّر في الشرع.

 "متفق عليه.

 وعن عبد الله بن محمد بن عقيل، وعن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر" عبد الله بن محمد بن عقيل مختلف في توثيقه وتضعيفه، وقد رمي بسوء الحفظ، يعني في حفظه ضعف، لكن لا يصل إلى حد من ترد روايته، ولذا القول الوسط فيه أنه ممن يحسَّن حديثه، أنه ممن يحسن حديثه.

 "عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر قال: توفي منا، أو توفي رجل منا فغسلناه" تغسيل الميت معروف حكمه كما تقدم، وأنه فرض كفاية، "فغسلناه، وحنطناه" الحنوط أخلاط من الطيب توضع في كفن الميت وفي مغابن بدنه؛ لتطيب رائحته، وحنطناه، ويكون في هذا الطيب نوع من أنواعه مما يحفظ البدن من سرعة التعفُّن وإلا فمآله إلى ذلك، مآله إلى التعفن وأكل الدود ما لم يكن مما جاء النص بأن الأرض لا تؤثر فيه، فغسلناه، وعرفنا أن تغسيل الميت فرض كفاية، وحنطناه، وجاء الأمر بوضع الكافور في حديث أم عطية في غسل ابنته -عليه الصلاة والسلام-: «واجعلن في آخرها كافورًا أو شيئًا من كافور»، لكن مثل هذا لا يرقى إلى مرتبة التغسيل والتكفين، فيكون فرض كفاية، حمله الجمهور على الاستحباب، يعني لو غسل بدون تحنيط ما أثم المغسِّل، لكن يبقى أنه مستحب.

 "فغسلناه وحنطناه وكفناه" وأيضًا التكفين ومواراة بدن الميت بالأكفان، كفنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ثلاثة أثواب بيض سحولية، هذا تقدم في كتاب الجنائز.

 "وكفناه ثم أتينا به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلنا: تصلي عليه؟ فقلنا: تصلي عليه؟ فخطا خطى" من أجل أن يصلي عليه، "ثم قال: «أعليه دين؟ أعليه دين؟»" وهذا يدل على عِظَم شأن الدَّين، وأنه يمنع من الصلاة عليه، كما في هذا الحديث، والصلاة شفاعة لمن يصلى عليه، فكيف إذا صلى عليه النبي -عليه الصلاة والسلام- وشفاعته لا ترد، والشهادة في سبيل الله تكفر كل شيء إلا الدين؟

"فقال: «أعليه دين؟» قلنا: ديناران، فانصرف" وفي رواية قال: «صلوا على صاحبكم»؛ لأن الصلاة على الميت فرض كفاية، لا تترك من أجل الدين، لكن لا يصلي عليه الإمام؛ للتنفير من هذا الصنيع الذي هو تحمل الديون، وقد يكون المدين تحمل هذا الدين لحاجة، وقد استدان النبي- عليه الصلاة والسلام- ومات -عليه الصلاة والسلام- ودرعه مرهون عند يهودي، كما تقدم في باب الرهن، فالدين للحاجة لا شيء فيه، الإشكال في التفريط، وهذا الحديث جاء في معرض الزجر والتنفير من شغل الذمة بدون مقتضٍ ولا موجِب، فأموال الناس لها حرمة في الشرع، لها شأن في الشرع، لا تحل إلا بطيب نفس من أهلها، لكن إذا وجدت الحاجة فالله- جل وعلا- يقول: {يا أيها الذين آمنوا إذا تداينت بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه}، والدين جائز بالكتاب والسنة والإجماع إذا كان لحاجة، أما إذا كان تكثرًا فقد جاء الوعيد على من أخذ أموال الناس يتكثر بها، وإضاعة المال محرمة، جاء النهي عنها، إضاعة المال نفسه، فكيف إذا تسبب بإضاعة مال غيره؟

 "«أعليه دين؟» قلنا: ديناران" اثنان فقط، ديناران، الآن غالب المسلمين متحمِّل لديون يغلب على الظن عدم الوفاء بها، وظلموا أنفسهم بذلك، وعرضوا أنفسهم للوعيد الوارد في ذلك، تساهل الناس في ذلك؛ لأن أمور الديون تيسرت، تيسرت مداخلها، وصعبت مخارجها، إذا أغرق الإنسان بالدَّين وحاول أن ينام بالليل فلم يستطع، واستخفى عن الناس بالنهار، وطولب وتوبع حينئذ يندم، ولات ساعة مندم، وتتابع الناس في هذا، والبنوك والتجار يشجعون على هذا ويتسابقون ويتسارعون في تقليل الأرباح؛ من أجل أن يقدم الناس على هذا، ثم بعد ذلك إذا حلت الديون ضاقت الأرض بالمدين بما رحبت.

 ويغرونهم بأساليب وقد يقول قائل: إن البنوك من بنودها في عقودها أنه إذا مات أُسقط عنه الدين فلا يدخل في هذا الحديث، لكن ما الداعي للمسلم أن يذل نفسه؟

 امرأة تملك أكثر من أربعمائة ألف تريد أن تشتري وتسأل تقول: سأدفع الأربعمائة مقدمًا أو وجدت بيتًا يبقى علي أقساط من قيمته خمسة آلاف شهريًّا لمدة ستة عشر عامًا بعد الأربعمائة، لكن لو بحثت عن بيت مناسب بأربعمائة وجدت، ما الداعي لمثل هذا اللهم إلا أن يقال: بيت فلانة أو بيت فلان، وما كان المسلمون يحملون همًّا لمثل هذه الأمور التي أرهقت الناس الآ، في عرف الناس أن من ملك بيتًا ارتاح، الباقي سهل، الأكل والشراب أمره يسير، لكن الإشكال في البيت، ما كان الناس يقولون ويحملون همومًا للبيوت إلى وقت قريب إلى أن انفتحت الدنيا على الناس، وتنافسوها، صاروا يتباهون بها.

 ابن عمر بأسبوع واحد بنى بيته بنفسه، بنى بيته بنفسه في مدة أسبوع، وكبار السن الذي فوق الخمسين والستين يذكرون أنه إذا كان عند أحد عمارة لبيته، أو في بعضه أو جزء منه يقولون: كان يقف على باب المسجد، في باب المسجد إذا خرج الناس قال: أعان الله من يعين، وهذا يجيء بالطين، وهذا يخلط الطين، وهذا يمد اللبن وهذا.. وينتهي البيت، لماذا؟

لأن النظر إلى الدنيا اختلف في الوقت الحاضر عنه في الوقت السابق، كانت الدنيا ممرًّا وليست مقرًّا، «كن في الدنيا كأنك غريب، أو عابر سبيل»، راوي الحديث ابن عمر كان يقول: إذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، يتباهى الناس بالبيوت والقصور، يعمر شخص متوسط الحال عشرة ملايين وعشرين مليونًا، ويبقى مدينًا ذليلًا في عمره كله، ويعرَّض للسجن، ويعرَّض للإهانة، ومقل ومستكثر، منهم من يزيد، ومنهم من ينقص، لكن ما فيه بيت الآن في عرف الناس وتقديرهم أقل من مليون، بيوت صغيرة مساحتها ثلاثمائة متر على مليون ونصف ومليونين.

 فيه بيوت كانت مسكونة إلى قريب من خمس وعشرين أو ثلاثين سنة مساحة البيت ستين مترًا، توسع الناس بعد ذلك إلى أربعمائة متر، ثم بعد ذلك قالوا: أربعمائة، هذا سجن، ما هو بيت، توسع أكثر من ذلك، الدنيا لا تنتهي، والنفس إذا استشرهت فلا حد لها، وابن آدم لو أعطي واديًا من ذهب تمنى واديًا ثانيًا، وهكذا، ولن يقنع أحد بهذه الدنيا، لن يقتنع إلا من رُزِق القناعة واليقين بوعد الله -جل وعلا-، ونظر إلى الدنيا بعين البصيرة، وأنها مزرعة الآخرة، وإلا افترض أنك عمرت بيتًا، وتكلفت بعشرة ملايين، ونقوش وزخارف، وأعجبك، وأعجب من دخل، ثم دخلت بيتًا ثانيًا، وصار أفضل من بيتك، يضيق صدرك، تحسبك وصلت السماء، لا، والله المستعان. هذا الإشكال أننا لا نقدر الأمور قدرها ولا..

الإنسان يتصرف بقدر ما يستطيع، ولا يحمل نفسه بأكثر من طاقته.

 ديناران فقط، "قلنا: ديناران، فانصرف" ترك الصلاة عليه، "فتحملهما أبو قتادة" يعني ضمنهما أبو قتادة، وهذا المناسِب للترجمة، الضمان، والضمان كما يكون للحي يكون أيضًا للميت، كما في هذا الحديث.

 "فتحملهما أبو قتادة فأتينا به"، وفي بعض النسخ: فأتيناه يعني فأتينا النبي -صلى الله عليه وسلم- به، يعني بأبي قتادة، "فقال أبو قتادة: الديناران علَي، الديناران علَي، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «قد أوفى الله حق الغريم؟»" استفهام حمالة وضمان يبرأ بها الغارم، ويكون الغريم قد استوفى حقه حكمًا، وإن لم يكن في يده يعني تحول المال من ذمة الميت إلى ذمتك، «وبرأ منهما الميت» قال: نعم، قال: نعم، فصلى عليه، فصلى عليه ثم قال بعد ذلك اليوم: «ما فعل الديناران؟» يعني مقتضى الضمان أن الدائن يطالِب من شاء من الغريم الأصلي أو الضامن؟ يطالِب بالمال من شاء منهما، ويبقى الدين له تعلُّق في ذمة المدين الأصلي، فقوله- عليه الصلاة والسلام-: «قد أوفى الله حق الغريم، وبرئ منهما الميت؟» قال: نعم" الأصل في هذا أنه انتهت علاقة الدائن بالميت، والميت برئت ذمته، لكن -عليه الصلاة والسلام- "قال بعد ذلك اليوم: «ما فعل الديناران؟»" يقول لأبي قتادة، "فقال: إنما مات أمس"، يوم واحد ما بعد صار شيء، "ثم قال بعد ذلك اليوم: «ما فعل الديناران؟» فقال: إنما مات أمس، فعاد إليه من الغد فقال: قد قضيتهما".

 كونه يكرر عليه اليوم وغدًا؛ من أجل أن يحرص على السداد.

 "فقال: قد قضيتهما، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «الآن بردت عليه جلده، الآن بردت عليه جلده»لأن المدين بصدد أن يحاسَب على الدين.

 "رواه أبو داود الطيالسي والإمام أحمد، وقد اختلف في الاحتجاج بابن عقيل"، وعرفنا أن القول الوسط فيه أن حديثه حسن صالح للاحتجاج، "ورواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، والله أعلم، صحيح الإسناد؛ لأن ابن عقيل عنده ثقة، هذا الحديث الذي فيه ترك الصلاة على المدين هذا كان في أول الأمر، ثم نُسِخ بعد أن فتح الله على النبي -عليه الصلاة والسلام- الفتوح، وكثرت المغانم، ووجد في بيت المال ما تسد به الديون؛ «من مات وله مال فلورثته، ومن مات وعليه دَين فعلي» علي ضمان، يعني من بيت المال، ولذا يرى جمع من أهل العلم أنه يجب على ولي الأمر أن يسدد الديون عن الأموات، على الأموات، لكن قد يقول في هذا: إن في هذا تساهل في أمر الديون، يجعل الناس يتساهلون في أمر الديون، ويجعلهم يستدينون لأشياء يحتاجونها، ولأشياء لا يحتاجونها، لا شك أن مثل هذه الأمور تقدر بقدرها، والمصالح مراعاة، والمفاسد مدفوعة، وإذا كان مثل هذا عرف من هذا المدين أنه تساهل في أخذ الأموال لغير حاجة فإن هذا قد يعزر هو وأمثاله بعدم الوفاء عنه، وإلا إذا كان الدين لحاجة، وبقدر الحاجة فإنه يسدد من بيت المال، كما جاء في الحديث الصحيح.

أحسن الله إليك.

"قال -رحمه الله تعالى-:

باب الصلح:

 عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني عن أبيه عن جده، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحًا حرم حلالاً أو أحل حرامًا، والمسلمون على شروطهم إلا شرطًا حرم حلالاً أو أحل حرامًا»، رواه الترمذي وصححه، ولم يتابَع على تصحيحه؛ فإن كثيرًا تكلم فيه الأئمة وضعفوه، وضرب الإمام أحمد على حديثه في المسند، ولم يحدث به، وقد روي نحو هذا الحديث من غير وجه.

 وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبة في جداره»، ثم يقول أبو هريرة: مالي أراكم عنها معرضين، والله لأرمين بها بين أكتفاكم، متفق عليه."

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- "باب الصلح" الصلح جاء الحث عليه في الكتاب والسنة، وأخبر عنه الله -جل وعلا- بأنه خير، وجاء في الحديث الصحيح: «وأن تصلح بين اثنين صدقة»، وفي ذلك نصوص كثيرة شهيرة معروفة، والصلح يكون بين المسلمين مع الكفار، ويكون أيضًا بين المسلمين أنفسهم، صلح الحديبية بين المسلمين والكفار، وفي قوله- جل وعلا-: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [سورة الحجرات:9] هذا صلح بين طوائف المسلمين العادلة مع الباغية، فيجب الصلح بينهم، والصلح أيضًا بين الزوجين، والصلح بين أفراد الناس وآحادهم، كل هذا مما يشمله الصلح خير، {لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ} [سورة النساء:114].

 والرجل يصلح بين الناس يجوز له أن يكذب في صلحه، فالكذب يجوز في الصلح، والصدق يحرم في النميمة، الصدق يحرم في النميمة، إذا نقلت كلامًا، ونقلك مطابق للواقع، هذا قال هذا الكلام، لكنك نقلته على جهة الإفساد، هذه نميمة، كلامك صحيح، ما خالفت الواقع، فهو صدق، لكنه حرام، والصلح أو الكذب في الصلح تقول: إن فلانًا يسلم عليك، ويدعو لك، ويثني عليك في المجالس؛ من أجل أن تزيل ما بينهما من شحناء وما حصل شيء، هذا كذب، لكنه جاء الإذن فيه.

 قال -رحمه الله-: "عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني عن أبيه عن جده" هذه سلسلة من السلاسل المشهورة فيما يرويه الراوي عن أبيه عن جده، وأشهرها عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، ثم بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، ثم كثير بن عوف بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده، وأقواها أولها عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده هذه أقوى هذه السلاسل، يليها بهز بن حكيم عن أبيه عن جده؛ لأن البخاري خرَّج لهذه السلسلة تعليقًا، وصحح للسلسلة الأولى فيما ذكره عنه الترمذي، وهذه السلسلة الأخيرة كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني ضعيفة عند أهل العلم، ضعيفة لا يحتج بها بمفردها، لكن الخبر له طرق وشواهد يرتقي بها إلى درجة الحسن لغيره.

 "عن أبيه عن جده أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «الصلح جائز بين المسلمين، الصلح جائز بين المسلمين»" جائز يعني هل هو لازم واجب أم جائز مباح مستوي الطرفين؟ هل قوله: جائز تساوي من الأحكام التكليفية مباح أو أن لها معنى آخر بمعنى ماضٍ بين المسلمين بغض النظر عن حكمه التكليفي الذي منه ما هو واجب، بل شديد الوجوب، ومنه ما هو مستحب، ومنه ما هو دون ذلك، فكلمة جائز بالحديث هل يراد به بأنه مباح مستوي الطرفين تصلح ولا تصلح سواء؟ تصلح مع غيرك أو ما تصلح سواء؟ ماضٍ «الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحًا حرم حلالاً أو أحل حرامًا».

 بينك وبين أو بين زيد وعمرو خصومة، فيُسعى بين الصلح بينهما، فيقول أحدهما: لا أصلح حتى تعيرنا جاريتك أستمتع بها، هذا يجوز أم ما يجوز؟ لا يجوز، هذا أحل حرامًا، فلا يجوز، «أو حرم حلالاً» يصالحه على ألا يستمتع بجاريته هو هذا يمنع من الحلال فلا يجوز الصلح ولا يمضي في مثل هذه الصورة. «إلا صلحًا حرم حلالاً أو أحل حراًما، والمسلمون على شروطهم إلا شرطًا حرم حلالاً أو أحل حرامًا» والمسلمون على شروطهم، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ} [سورة المائدة:1]، ومن العقود ما يتضمن شروطًا، والمسلمون على شروطهم، وهذا كسابقه «إلا شرطًا حرم حلالاً أو أحل حرامًا»، وتقدم الكلام في الشروط في البيع وما يجوز وما لا يجوز، لكن هنا على سبيل العموم «المسلمون على شروطهم إلا شرطًا حرم حلالاً»، القرض الأصل فيه أنه إرفاق بين المسلمين، إذا اتحد الصنف فإنه لا بد فيه من التماثل والتقابض، يعني إذا أقرضك زيد ألف ريال، هل فيه تقابض؟ ما فيه تقابض، إذا أقرضك ألفًا بألف ومائة إلى مدة، هذا يجتمع فيه نوعا الربا الفضل والنسيئة، لكن أقرضك بدون فائدة، وما فيه تقابض، فهل هذا من نوع ربا النسيئة؛ لعدم التقابض، أو أن نقول: هذا ليس بعقد، إنما هو إرفاق، وجاء الحث على القرض في الكتاب والسنة؟ نأتي إلى موضعنا، وهو أنه أقرضه ألفًا على أن يُنْظِرَه سنة يشترط عليه أن الوفاء بعد سنة، هل نقول: إن هذا الشرط حرم أو أحل حرامًا فلا يجوز، أو نقول: المسلمون على شروطهم؟

طالب: ........

طيب الأصل أنه لا بد من التقابض، فإذا لم يوجد التقابض وجد ربا النسيئة، والقرض عند الجمهور في حكم الحال، فلا يقبل التأجيل، فإذا أجل واشترط الأجل فإنه لا يجوز؛ لأنه يُدْخِل فيما استثني هنا أحل حرامًا، وهذا قول الأكثر، وهو أن القرض على أصله لا يقبل التأجيل، ولو أُجِّل فالقروض المؤجلة الطويلة الأجل سواء كانت لأفراد الناس أو من بيت المال، قروض الصناديق العقارية الصناعية والزراعية التي تستمر عشرين، ثلاثين سنة هذا تأجيل، فهل القرض يقبل التأجيل أو حكمه حكم الحال بأن يطالِب المقرض المقترض في أي وقت شاء؛ لأن القرض لا يقبل التأجيل؛ لأن التأجيل يتضمن إحلال ما حرم الله، وهو عدم التقابض المشروط، فإذا اتحدت الأجناس «إذا اختلفت الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدًا بيد»، وأما إذا اتحدت الأصناف فلا بد أن يكون مع ذلك التساوي.

طالب: ..........

ما يخالف، عندك نظرة إلى ميسرة، هذا ما فيه إشكال كونه ينظره، لكن كونه يشترط عليه أن السداد بعد سنة فهذا الكلام الذي أنا أقوله، قول الجمهور قد لا يقبل التأجيل، ولو اشترط فالشرط باطل؛ لأنه أحل حرامًا.

 مالك -رحمه الله- يقول: لا، المسلمون على شروطهم، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، المسلمون على شروطهم ويبقى اللفظ على عمومه بما فيه تأجيل القرض، ويعللون بأن المقترض يتضرر لو طولب بالقرض قبل حلول الأجل، لو افترضنا أن شخصًا اقترض مليون ريال؛ ليتاجر بها، اشترى بضاعة بمليون، ومتوقَّع أنها بعد سنة يبيعها بمليون ونصف مثلاً، قيل له: أنا الآن محتاج قال له المقرِض: والقرض لا يقبل التأجيل، أريد المليون الآن، وباع سلعته فيمن يزيد ما جاءت له إلا بخمسمائة أو ستمائة، يصلح مثل هذا أم لا؟ هذا لا شك أنه ضرر، وأيضًا من جهة أن حاجة المقترِض ليست بأولى من حاجة المقرِض، المحسِن قد يصاب بجائحة، المقرِض يحتاج المال، فالمسألة يكتنفها ما يترتب عليه الضرر بالمقرض، ويكتنفها ما يترتب عليها الضرر بالمقترض، ولذا رجح شيخ الإسلام رأي الإمام مالك في هذا وقال: المسلمون على شروطهم.

 طيب الاستثناء الذي معنا إلا شرطًاا حرم حلالاً حرم حلالًا أو أحل حرامًا ،ماذا تصنع بهذا الاستثناء؟

طالب: ........

القرض ما فيه تحديد أجل، الأصل فيه ما فيه تحديد أجل.

طالب: ........

شرعية القرض لا شك أن فيه تنفيسًا وتأخيرًا وتأجيلًا، لكن من غير شرط، الآن لو أن إنسانًا أقرض شخصًا، واشترط عليه أن يزيده في الوفاء يجوز أم ما يجوز؟ ما يجوز، لكن لو زاد من غير اشتراط يجوز مثل ذلك، الأجل مثله، الأجل بدون اشتراط يجوز وباشتراط لا يجوز، والمسألة مُتَّفِقَة.

طالب: ........

لأجل الأجل، لكن من دون إلزام للمقرِض؛ لأنه محسِن، ومع ذلك الضرر لا يزال بضرر، ما يلزم أن يؤجل السنة كاملة، إنما ينظر مدة يستطيع الوفاء بها من غير ضرر عليه، "رواه الترمذي وصححه، ولم يتابَع على تصحيحه" الترمذي -رحمه الله تعالى- في تصحيحه لهذا الحديث لا شك أنه من تساهله، وإلا فكثير بن عبد الله ضعيف جدًّا عند أهل العلم، ورمي بالكذب، وقيل فيه: إنه ركن من أركان الكذب، وإن قواه الإمام البخاري والترمذي وجمع من أهل العلم، لكنه لا يصل إلى حد من يُقبَل حديثه، هو يبقى ضعيفًا، والحديث له شواهد يرتقي بها إلى الحسن لغيره، لا يصل إلى التصحيح كما حكم الترمذي -رحمه الله-.

 "رواه الترمذي وصححه، ولم يتابَع على تصحيحه" ذكرنا في مناسبات كثيرة أن العلماء يرون أن الترمذي متساهل في التصحيح، ونص على ذلك الذهبي وغيره، فهو واسع الخطو فيه، وأشد منه تساهلاً الشيخ أحمد شاكر، حيث قرر أن تصحيح الإمام الترمذي معتبَر، وتوثيق لرجاله، طيب يا أحمد شاكر كثير بن عبد الله ثقة عندك ذا؟! حفظ عن الشيخ أحمد في حاشيته على الترمذي أكثر من عشرين راويًا الجمهور على تضعيفهم، لكن ما يصلون إلى حد كثير بن عبد الله في الضعف، هو متساهل جدًّا أكثر تساهل من الترمذي، لكن كثير بن عبد الله من يوثقه؟ ومن لازم كلام الشيخ أحمد شاكر أنه ثقة تصحيح الترمذي معتبَر وتوثيق لرجاله، فمقتضى هذا أن كثير بن عبد الله ثقة عند الترمذي على رأي الشيخ أحمد شاكر، ولا يلزم أن يكون ثقة عند الترمذي، وإنما صحح الحديث بالمجموع، بمجموع الطرق، وهو مع ذلك متساهل.

 "فإن كثيرا" يعني ابن عبد الله "تكلم فيه الأئمة وضعفوه، وضرب الإمام أحمد على حديثه في المسند" طمس عليه مع أن الإمام أحمد خرج لضعفاء، لكن هذا شديد الضعف، "ولم يحدث به، وقد روي نحو هذا الحديث من غير وجه، وقد روي نحو هذا الحديث من غير وجه.

 وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يمنعْ»" وفي رواية «لا يمنعُ» باعتبار أن لا نافية، فالجزم، وإذا قلنا: إن لا ناهية فالرفع، «لا يمنع جار جاره أن يغرس خشبه في جداره»، «لا يمنع جارٌ» نهي، «جاره أن يغرس خشبه في جداره»؛ لأن الحاجة تدعو إلى ذلك بدلاً من أن يبني كل صاحب بيت جدارًا فهذا يبني جدارًا، وهذا يبني بجواره جدارًا، وهذا يغرس خشبه في جداره، وذاك خشبه في جداره، يكفي جدار واحد للجارين، ويكون عليه خشب هذا، وخشب هذا؛ لأن الجار يستفيد من غير ضرر، يستفيد من غير ضرر على صاحب الجدار، وما كان هذا شأنه يلزم أن يتبادله الناس، يتبادل الناس هذه المنافع من غير مقابِل، عندك كشاف ومرتفع يصل ضوؤه إلى الجار، فتأتي تضع حاجزًا ساترًا من غير داعٍ إلى هذا الساتر إلا منع الضوء، أو في سورك كهرباء، ويجلس واحد يطالع أو يقرأ ما لم يكن عليك ضرر، يعني لو كان هذا عند باب البيت، وجاء واحد يطالع على عتبة باب البيت فهذا فيه ضرر على صاحب البيت، يفتح الباب ويطلع على عورات كذا، هذا ما يصلح، لكن بعيد عن الباب، ولا يتضرر بحال من الأحوال فهذا يلزمه أن يبذل هذه المنفعة، ومثل هذا ما جاء فيه النص، «لا يمنع جار جاره أن يغرس جشبه في جداره»، ثم يقول أبو هريرة: ما لي أراكم عنها معرضين؟ والله لأرمين بها بين أكتافكم"، وفي رواية بين أكنافكم، أبو هريرة يقول هذا تهديدًا لهم لأرمين بها، يعني بالخشبة أو بالسنة التي نقلها عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهو يقول هذا من واقع المسؤولية؛ لأنه والٍ على المدينة في زمن مروان.

 "ثم يقول أبو هريرة: ما لي أراكم عنها معرضين؟ والله لأرمين بها بين أكتافكم"، والحديث "متفق عليه".

 فمثل هذا الأمور التي يستفيد منها المسلم من مال غيره من غير ضرر على صاحب المال فإنه يلزمه بذله، يلزمه بذله، وهذا من حقوق الجار على أخيه، «ومازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه»، «والله لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه»، «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره».