التعليق على تفسير القرطبي - سورة الإسراء (08)

...معروف، هذا مما يستدل به الجمهور، تضعيف قول الجمهور، ومن ذلك قوله: {وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ} [البقرة: 217]، إخراجهم من مكة، ما أخرجوهم من المسجد.

"قال ابن إسحاق: وحدثت عن الحسن أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «بينما أنا نائم في الحجر جاءني جبريل -عليه السلام- فهمزني بقدمه فجلست فلم أر شيئًا ثم عدت لمضجعي، فجاءني الثانية فهمزني بقدمه فجلست فلم أر شيئًا فعدت لمضجعي، فجاءني الثالثة فهمزني بقدمه فجلست فأخذ بعضدي، فقمت معه فخرج إلى باب المسجد، فإذا دابة أبيض بين البغل والحمار، في فخذيه جناحان يحفز بها رجليه، يضع حافره في منتهى طرفه فحملني عليه ثم خرج معي لا يفوتني ولا أفوته».

قال ابن إسحاق: وحدثت عن قتادة أنه قال: حدثت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لما دنوت منه لأركبه شمس فوضع جبريل يده على معرفته ثم قال: ألا تستحي يا براق مما تصنع؟ فوالله ما ركبك عبد لله قبل محمد أكرم عليه منه، قال: فاستحيا حتى ارفض عرقًا، ثم قر حتى ركبته».

قال الحسن في حديثه: فمضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومضى معه جبريل حتى انتهى إلى بيت المقدس، فوجد فيه إبراهيم وموسى وعيسى في نفر من الأنبياء، فأمهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فصلى بهم. ثم أُتي بإناءين: في أحدهما خمر وفى الآخر لبن، قال: فأخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إناء اللبن فشرب منه وترك إناء الخمر. قال: فقال له جبريل: هديت الفطرة وهديت أمتك وحرمت عليكم الخمر.

ثم انصرف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى مكة، فلما أصبح غدًا على قريش فأخبرهم الخبر، فقال أكثر الناس: هذا والله الأمر البين، والله إن العير لتطرد شهرًا من مكة إلى الشام، مدبرة شهرًا ومقبلة شهرًا، فيذهب ذلك محمد في ليلة واحدة ويرجع إلى مكة قال: فارتد كثير ممن كان أسلم، وذهب الناس إلى أبى بكر فقالوا: هل لك يا أبا بكر في صاحبك يزعم أنه قد جاء هذه الليلة بيت المقدس، وصلى فيه ورجع إلى مكة. قال فقال أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-: إنكم تكذبون عليه. فقالوا: بلى، ها هو ذا في المسجد يحدِّث به الناس. فقال أبو بكر: والله لئن كان قاله لقد صدق، فما يعجِّبكم من ذلك؟ فوالله إنه ليخبرني أن الخبر ليأتيه من السماء إلى الأرض في ساعة من ليل أو نهار فأصدقه، فهذا أبعد مما تعجبون منه. ثم أقبل حتى انتهى إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: يا نبي الله، أحدَّثت هؤلاء أنك جئت بيت المقدس هذه الليلة؟ قال: «نعم» قال: يا نبي الله، فصفه لي فإني قد جئته؟ فقال الحسن: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «رُفع لي حتى نظرت إليه»، فجعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصفه لأبي بكر، ويقول أبو بكر -رضي الله عنه-: صدقت، أشهد أنك رسول الله. كلما وصف له منه شيئًا، قال: صدقت، أشهد أنك رسول الله. قال: حتى إذا انتهى قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأبي بكر -رضي الله عنه-: «وأنت يا أبا بكر الصديق»، فيومئذ سماه الصديق.

قال الحسن: وأنزل الله -تعالى- فيمن ارتد عن الإسلام لذلك: {وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيانًا كَبِيرًا} [الإسراء: 60]. فهذا حديث الحسن عن مسرى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-".

وهو من مراسيله، ومراسيل الحسن من أضعف المراسيل، والمحفوظ أن النبي -عليه الصلاة والسلام- وصف بيت المقدس بطلب من قريش، لا بطلب من أبي الصديق -رضي الله عنه-، إنما أبو بكر صدَّق بمجرد سماع الخبر.

طالب: ..........

إي نعم، لا أبو بكر صدَّق.

طالب: ..........

ليطمئن قلبه، ليطمئن قلبه؟ لا هو مبادر بالتصديق قبل ذلك.

"وما دخل فيه من حديث قتادة، وذكر باقي الإسراء".

حتى قتادة يرويه مرسلًا، قتادة يرويه مرسلًا.

"عمن تقدم في السيرة.

وقال ابن عباس: هذه الشجرة بنو أمية، وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- نفى الحكم. وهذا قول ضعيف محدث، والسورة مكية، فيبعد هذا التأويل، إلا أن تكون هذه الآية مدنية ولم يثبت ذلك. وقد قالت عائشة لمروان: لعن الله أباك وأنت في صلبه، فأنت بعض من لعنة الله. ثم قال: {وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ} [الإسراء: 60] ولم يجز في القرآن لعن هذه الشجرة، ولكن الله لعن الكفار وهم آكلوها. والمعنى: والشجرة الملعونة في القرآن آكلوها. ويمكن أن يكون هذا على قول العرب لكل طعام مكروه ضار: ملعون.

وقال ابن عباس: الشجرة الملعونة فيها هي هذه الشجرة التي تلتوي على الشجر فتقتله، يعني الكشوث. {وَنُخَوِّفُهُمْ} [الإسراء: 60] أي بالزقوم. {فَما يَزِيدُهُمْ} [الإسراء: 60] التخويف إلا الكفر".

يعني لعن الشجرة، لعن الشجرة يقتضي لعن من يأكل الشجرة، كما أن الحكم للإزار بالنار إذا كان أسفل من الكعبين المراد لابسه، «كل ضلالة في النار» المراد أصحابها، وهذه الشجرة الملعونة يعني يُلعن من كُتب عليهم الأكل منها.

طالب: ..........

تخبر، تخبر وليس دعاءً.

طالب: ..........

يعني العبارة تفسير، نقل عن عائشة في تفسير الرازي هكذا، فأنت بعض من لعنة الله، والذي في أصول هذا التفسير -تفسير القرطبي- يعني قطعة، لعلها قطعة من لعنة الله، والقطعة هي البعض.

"قوله -تعالى-: {وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ} [الإسراء: 61] تقدم ذكر كون الشيطان عدو الإنسان، فانجر الكلام إلى ذكر آدم. والمعنى: اذكر بتمادي هؤلاء المشركين وعتوهم على ربهم قصة إبليس حين عصى ربه وأبى السجود، وقال ما قال، وهو ما أخبر الله -تعالى- في قوله -تعالى-: {فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا} [الإسراء: 61] أي من طين. وهذا استفهام إنكار. وقد تقدم القول في خلق آدم في البقرة والأنعام مستوفًى. {قالَ أَرَأَيْتَكَ} [الإسراء: 62] أي قال إبليس. والكاف توكيد للمخاطبة. {هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ} [الإسراء: 62] أي فضلته عليّ. ورأى جوهر النار خيرًا من جوهر الطين، ولم يعلم أن الجواهر متماثلة، وقد تقدم هذا في الأعراف".

متماثلة يعني في الأصل، في أصولها متماثلة؛ لأنها من خلق الله -جلَّ وعلا-، وخلقه كله على قولهم: إذا كانت جواهر فهي متماثلة، وإبليس ينكر أن يكون الطين أفضل من النار، بل يزعم أن النار أفضل من الطين، ولذلك استنكف واستكبر، وقال: {أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا} [الإسراء: 61]، {أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ} [ص: 76]، فجعل مرد الخيرية إلى خيرية العنصر، وهو الأصل، فهذا أصله وهذا أصله طين.

{هذَا} [الإسراء: 62] نصب بـ(أرأيت). {الَّذِي} [الإسراء: 62] نعته. والإكرام: اسم جامع لكل ما يحمد. وفى الكلام حذف تقديره: أخبرني عن هذا الذي فضلته عليّ، لم فضلته وقد خلقتني من نار وخلقته من طين؟ فحُذف؛ لعلم السامع. وقيل: لا حاجة إلى تقدير الحذف، أي أترى هذا الذي كرمته عليّ لأفعلن به كذا وكذا. ومعنى {لَأَحْتَنِكَنَّ} [الإسراء: 62] في قول ابن عباس: لأستولين عليهم. وقاله الفراء. وقال مجاهد: لأحتوينهم. وقال ابن زيد: لأضلنهم. والمعنى متقارب، أي لأستأصلن ذريته بالإغواء والإضلال، ولأجتاحنهم.

وروي عن العرب: احتنك الجراد الزرع إذا ذهب به كله.

وقيل: معناه لأسوقنهم حيث شئت وأقودنهم حيث أردت. من قولهم: حنكت الفرس أحنكه وأحنكه حنكًا إذا جعلت في فيه الرسن. وكذلك احتنكه".

مر بنا مرارًا أنه إذا جاء التفسير بإذا فتحت، وإذا جاء بأي ضممت التاء.

"وكذلك احتنكه، والقول الأول قريب من هذا؛ لأنه إنما يأتي على الزرع بالحنك.

وقال الشاعر:

أشكو إليك سنة قد أجحفت
 

جهدًا إلى جهد بنا وأضعفت
 

واحتنكت أموالنا واجتلفت
 

{إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 62] يعني المعصومين، وهم الذين ذكرهم الله في قوله: {إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ} [الإسراء: 65]، وإنما قال إبليس ذلك ظنًا، كما قال الله -تعالى-: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ} [سبأ: 20]، أو علم من طبع البشر تركُّب الشهوة فيهم، أو بنى على قول الملائكة: {أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها} [البقرة: 30].

وقال الحسن: ظن ذلك؛ لأنه وسوس إلى آدم -عليه السلام-، فلم يجد له عزمًا.

قوله -تعالى-: قال: {اذْهَبْ} [الإسراء: 63] هذا أمر إهانة".

طالب: ..........

ماذا؟

طالب: ..........

يعني ارجع إلى، راجع كذا وكذا، كلها واحد، الإحالة تحت تشمل الثلاثة كلها، عندك هنا واحد والأنعام، البقرة والأنعام، جيد؟ راجع (1/279) لـ(61) هذا البقرة، والأنعام في (7/168)، وعندك أيضًا الرقم الثاني أين؟

طالب: ..........

في الأعراف، الأنعام جزء السابع، أما الأعراف فما تجيء، الأعراف بعد.

طالب: ..........

البقرة، هذا تبع الجزء الأول، تبع الجزء الأول، لكن الكلام في الأعراف، فرق ثلاث صفحات (168)، و (171)، ما تجيء، لا، لا.

طالب: ..........

لا يمكن (271)، يمكن (271)، ما يمنع.

"قوله -تعالى-: قال: {اذْهَبْ} [الإسراء: 63] هذا أمر إهانة، أي اجهد جهدك فقد أنظرناك. {فَمَن تَبِعَكَ} [الإسراء: 63] أي أطاعك من ذرية آدم. {فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ جَزاءً مَوْفُورًا} [الإسراء: 63] أي وافرًا، عن مجاهد وغيره. وهو نصب على المصدر، يقال: وفرته أفره وفرًا، ووفر المال بنفسه يفر وفورًا، فهو وافر، فهو لازم ومتعدٍّ".

{جَزاءً مَوْفُورًا} [الإسراء: 63]، موفور اسم مفعول، المقصود به وافر، مثل {حِجَابًا مَّسْتُورًا} [الإسراء: 45]، يعني ساترًا، ويأتي العكس، اسم الفاعل ويراد به اسم المفعول، {عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ} [الحاقة: 21]، يعني مرضية، وهو وافر بمعنى كثير، وموفور لا يمنع أن يكون أيضًا اسم مفعول على بابه؛ لأنه لم يُوفر نفسه وإنما أوفره غيره.

"قوله -تعالى-: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلاَّ غُرُورًا} [الإسراء: 64].

فيه ست مسائل:

الأولى: قوله -تعالى-: {وَاسْتَفْزِزْ} [الإسراء: 64] أي استزل واستخف. وأصله القطع، ومنه تفزز الثوب إذا انقطع. والمعنى استزله بقطعك إياه عن الحق".

هنا المعلق يقول: لم نجد في كتب اللغة: تفزز الثوب، بزايين بهذا المعنى، يقول: إنما هو تفزر بالراء، وتفزر بمعنى تشقق وتقطع معروف.

"واستفزه الخوف أي استخفه. وقعد مستوفزًا أي غير مطمئن. {وَاسْتَفْزِزْ} [الإسراء: 64] أمر تعجيز، أي أنت لا تقدر على إضلال أحد، وليس لك على أحد سلطان".

معنى استفزز، تفسيرها ب(استخف) ظاهر، المقصود بـ{اسْتَفْزِزْ} [الإسراء: 64] يعني استنفرهم على عجل، استنفرهم على عجل، واستخف بهم، واجعلهم يخفون لما تأمرهم به إن استطعت، من يجيبك إلى طلبك.

"أي أنت لا تقدر على إضلال أحد، وليس لك على أحد سلطان فافعل ما شئت.

الثانية: قوله -تعالى-: {بِصَوْتِكَ} [الإسراء: 64]، وصوته كل داعٍ يدعو إلى معصية الله -تعالى-، عن ابن عباس. وقال مجاهد: الغناء والمزامير واللهو. وقال الضحاك: صوت المزمار. وكان آدم -عليه السلام- أسكن أولاد هابيل أعلى الجبل، وولد قابيل أسفله، وفيهم بنات حسان، فزمر اللعين فلم يتمالكوا أن انحدروا فزنوا، ذكره الغزنوي.

وقيل: {بِصَوْتِكَ} [الإسراء: 64] بوسوستك".

ذكره مجرد ذكر، وهذا من الإسرائيليات، إسرائيليات.

"الثالثة: قوله -تعالى-: {وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ} [الإسراء: 64] أصل الإجلاب السوق بجلبة من السائق".

يعني يكون معه صوت، بجلبة يعني صوت، فالسوق الذي يكون معه صوت يكون إجلابًا.

"يقال: أجلب إجلابًا. والجلب والجلبة: الأصوات، تقول منه: جلّبوا بالتشديد. وجلب الشيء يجلبه ويجلبه جلبًا وجلبًا. وجلبت الشيء إلى نفسي واجتلبته بمعنى. وأجلب علي العدو إجلابًا، أي جمع عليهم. فالمعنى أجمع عليهم كل ما تقدر عليه من مكايدك.

وقال أكثر المفسرين: يريد كل راكب وماشٍ في معصية الله -تعالى-.

وقال ابن عباس ومجاهد وقتادة: إن له خيلًا ورجلًا من الجن والإنس، فما كان من راكب وماشٍ يقاتل في معصية الله فهو من خيل إبليس ورجالته".

يعني كل من يسعى في الشر ويدعو إليه، فهو من نواب إبليس، فهو من نوابه، يبعثهم الشيطان، إبليس يبعثهم؛ ليضلوا البشر نيابة عنه، وإلا في الأصل هذه وظيفته، وينوب عنه من كُتبت عليه الشقاوة، نسأل الله السلامة والعافية.

"وروى سعيد بن جبير ومجاهد عن ابن عباس قال: كل خيل سارت في معصية الله، وكل رجل مشى في معصية الله، وكل مال أُصيب من حرام، وكل ولد بغية فهو للشيطان. والرجل جمع راجل، مثل صحب وصاحب. وقرأ حفص {وَرَجِلِكَ} [الإسراء: 64] بكسر الجيم، وهما لغتان، يقال: رجل ورجل بمعنى راجل. وقرأ عكرمة وقتادة (ورجالك) [الإسراء: 64] على الجمع.

الرابعة: {وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ} [الإسراء: 64] أي اجعل لنفسك شركة في ذلك. فشركته في الأموال إنفاقها في معصية الله، قاله الحسن.

وقيل: هي التي أصابوها من غير حلِّها، قاله مجاهد. قال ابن عباس: ما كانوا يحرِّمونه من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام. وقاله قتادة. وقال الضحاك: ما كانوا يذبحونه لآلهتهم. والأولاد قيل: هم أولاد الزنى، قاله مجاهد والضحاك وعبد الله بن عباس. وعنه أيضًا: هو ما قتلوا من أولادهم وأتوا فيهم من الجرائم. وعنه أيضًا: هو تسميتهم عبد الحارث وعبد العزى وعبد اللات".

المشاركة، مشاركة الشيطان في ما لم يذكر اسم الله عليه من أكل، وشرب، وذبح، وجماع، وغير ذلك، يشارك الشيطان في هذه الأمور، ويظهر أثره فيها كلها ما لم يُذكَر اسم الله عليه، الشيطان يأكل مع الشخص الذي لا يذكر اسم الله، لا يسمي على أكله، ويشرب مع من لا يسمي، لا يذكر اسم الله على الشرب، وهكذا، والجماع مثله، فالذي لا يسمي على جماعه، ولا يدعو بالدعاء المأثور يشاركه الشيطان، فيخرج الولد وفيه شيء من أثر الشيطان، نسأل الله السلامة والعافية.

"وعبد الشمس ونحوه، وقيل: هو صبغة أولادهم في الكفر حتى هوَّدوهم ونصَّروهم، كصنع النصارى بأولادهم بالغمس في الماء الذي لهم، قاله قتادة. وقول خامس: روي عن مجاهد قال: إذا جامع الرجل ولم يسمِّ انطوى الجان على إحليله فجامع معه، فذلك قوله -تعالى-: {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ} [الرحمن: 56]، وسيأتي.

وروي من حديث عائشة قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن فيكم مغربين»، قلت: يا رسول الله، وما المغربون؟ قال: «الذين يشترك فيهم الجن». رواه الترمذي الحكيم في نوادر الأصول. قال الهروي: سُموا مغربين؛ لأنه دخل فيهم عرق غريب. قال الترمذي الحكيم: فللجن مساماة بابن آدم في الأمور والاختلاط، فمنهم من يتزوج فيهم، وكانت بلقيس ملكة سبأ أحد أبويها من الجن. وسيأتي بيانه -إن شاء الله تعالى-".

يعني في سورة النمل، سيأتي، قيل: إن أحد أبويها من الجن، التزاوج بين الجن والإنس يثبته كثير من أهل العلم، ويجوِّزه بعضهم، وينفيه آخرون، وأما بالنسبة للوطء فهو واقع، الوطء واقع؛ لأن الجنية تتشكل بصورة الإنسية، وهناك قصص تدل على شيء من هذا، والعكس حاصل، الجني يتمثّل فيقع على المرأة، وأحيانًا يغتصب من يلابسها، وأحيانًا يهدِّدها بالقتل إن لم يقع عليها، وأحيانًا يهدِّدها بمنعها من الصلاة إن لم تمكنه من نفسها، المقصود أن مثل هذا يقع بين الجن والإنس.

"الخامسة: قوله -تعالى-: {وَعِدْهُمْ} [الإسراء: 64] أي منِّهم الأماني الكاذبة، وأنه لا قيامة ولا حساب، وأنه إن كان حساب وجنة ونار فأنتم أولى بالجنة من غيركم. يقويه قوله - تعالى-: {يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُورًا} [النساء: 120] أي باطلًا. وقيل: {وَعِدْهُمْ} [الإسراء: 64] أي عدهم النصرة على من أرادهم بسوء. وهذا الأمر للشيطان تهدد ووعيد له.

وقيل: استخفاف به وبمن اتبعه".

{وَعِدْهُمْ} [الإسراء: 64]، لكن الواقع أنهم لا يعدهم الشيطان إلا غرورًا، {اسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُم بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ} [الإسراء: 64]، يعني واصنع ما شئت، {وَعِدْهُمْ} [الإسراء: 64]، لكن كل هذا بالنسبة لمن وفَّقه الله -جلَّ وعلا- لطاعته وامتثال أوامره وعصيان الشيطان، هذا كله غرور، وحتى من يوافق الشيطان فيما يعده به وما يمنيه به أيضًا غرور، ماذا يستفيد من الأماني؟ إذا منّاه الشيطان بأنه سوف ينتصر على عدوه، وأنه سوف يحصل له كذا، وأنه يسعد في حياته، وأنه ينجو بعد مماته، هل هذا واقع؟ كثير من الناس يفرط ويتمنى الأماني، لكن هل يحصل له شيء منها؟ لا يحصل منها شيء، كلها غرور.

"السادسة: في الآية ما يدل على تحريم المزامير والغناء واللهو؛ لقوله: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ} [الإسراء: 64] على قول مجاهد، وما كان من صوت الشيطان أو فعله وما يستحسنه فواجب التنزُّه عنه.

وروى نافع عن ابن عمر أنه سمع صوت زمارة فوضع إصبعيه في أذنيه، وعدل راحلته عن الطريق وهو يقول: يا نافع! أتسمع؟ فأقول: نعم، فمضى حتى قلت له: لا، فوضع يديه وأعاد راحلته إلى الطريق وقال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سمع صوت زمارة راعٍ فصنع مثل هذا.

قال علماؤنا: إذا كان هذا فعلهم في حق صوت لا يخرج عن الاعتدال، فكيف بغناء أهل هذا الزمان وزمرهم؟".

وإذا كان هذا قبل سبعة قرون أو أكثر من سبعة قرون، فكيف بما يشتمل عليه الغناء من المجون والفحش مع من يؤدّيه من رجال ونساء، رجال في أحكام النساء، ونساء في أحكام العراة، كيف لو رأوا مثل ما يوجد في هذه الأعصار، وما تيسَّر لجميع الناس إلا من عصمه الله -جلَّ وعلا-، كانت المنكرات هذه تدخل مع الأبواب، والآن تتسوَّر الأسوار بدون إذن تدخل البيوت، فالبيوت كلها مملوءة إلا ما ندر، إلا من رحم ربك، من مثل هذه المحرمات وهذه الفواحش التي تبعث إلى ما فوقها من فحش وفجور وخنا، حتى وُجد بسبب وجود هذه الآلات المشتملة على هذه المحرمات وقوع الفواحش بالمحارم -نسأل الله السلامة والعافية-، فمثل هذا لا يشك أدنى عاقل بتحريم اقتناء مثل هذه الآلات -نسأل الله السلامة والعافية-، وإن تذرَّع، وإن زعم بعضهم أن فيها أخبارًا، وفيها شيء من العلم، وفيها شيء من كذا، ما عند الله لا يُنال بسخطه، والدين دين مصالح ومفاسد، وهذه اشتملت على المفاسد، ودرء المفاسد عند أهل العلم مقدَّم على جلب المصالح.

الخبر هذا مخرج عندكم؟

طالب: ..........

يعني في أواخر السنن.

"وسيأتي لهذا مزيد بيان في سورة لقمان -إن شاء الله تعالى-".

عند قوله -تعالى-: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ} [لقمان: 6]، الذي يحلف ابن مسعود وغيره أنه الغناء.

"قوله -تعالى-: {إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ} [الإسراء :65]، قال ابن عباس: هم المؤمنون. وقد تقدم الكلام فيه. {وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلًا} [الإسراء :65] أي عاصمًا من القبول من إبليس، وحافظًا من كيده وسوء مكره.

قوله -تعالى-: {رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ} [الإسراء: 66] الإزجاء: السوق، ومنه قوله -تعالى-: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحابًا} [النور: 43].

وقال الشاعر:

يا أيها الراكب المزجى مطيته
 

 

سائل بنى أسد ما هذه الصوت
 

وإزجاء الفلك: سوقه بالريح اللينة. والفلك هنا جمع، وقد تقدم. والبحر الماء الكثير عذبًا كان أو ملحًا، وقد غلب هذا الاسم على الملح، وهذه الآية توقيف على آلاء الله وفضله عند عباده، أي ربكم الذي أنعم عليكم بكذا وكذا فلا تشركوا به شيئًا. {لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} [الإسراء: 66] أي في التجارات، وقد تقدم. {إِنَّهُ كانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [الإسراء: 66].

قوله -تعالى-: {وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ} [الإسراء: 67]، {الضُّرُّ} [الإسراء: 67] لفظ يعم خوف الغرق والإمساك عن الجري، وأهوال حالاته اضطرابه وتموجه. {ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء: 67]، {ضَلَّ} [الإسراء: 67] معناه تلف وفقد، وهى عبارة تحقير لمن يدعى إلهًا من دون الله".

يعني كمن ضل في الطريق، فُقِد وضاع، ضلّ في الطريق يعني فُقد وتلف؛ لأن من فُقد مآله إلى التلف، مآل من فُقد إلى التلف.

"والمعنى في هذه الآية: أن الكفار إنما يعتقدون في أصنامهم أنها شافعة، وأن لها فضلًا. وكل واحد منهم بالفطرة يعلم علمًا لا يقدر على مدافعته أن الأصنام لا فعل لها في الشدائد العظام".

ولا في الأمور اليسيرة، ولا في الأمور اليسيرة، لكن السياق في الآيات مساق أهوال وعظائم.

"فوقّفهم الله من ذلك على حالة البحر حيث تنقطع الحيل".

البحر ليس للإنسان فيه حيلة، البر يسعى ويمشى، لكن البحر إذا اضطربت أمواجه، وأحدقت به الأخطار من كل جانب، مع أن البر قد يُشبه البحر لا سيما مع اشتداد الرياح، وعدم ما يُتقى به منها، لا يد للإنسان بذلك، نرى ونسمع أخبار الأعاصير التي تذهب بالفئام من الناس، تتلف الممتلكات، وتهلك الأرواح، لكن من يتعظ ومع يعتبر؟!

"{فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ} [الإسراء: 67] أي عن الإخلاص. {وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُورًا} [الإسراء: 67] الإنسان هنا الكافر. وقيل: وطبع الإنسان كفورًا للنعم إلا من عصمه الله، فالإنسان لفظ الجنس".

إما أن يراد بالإنسان الكافر من باب العموم الذي أُريد به الخصوص، أو يكون المراد به الجنس، وهذا جنس الإنسان كفور جحود، جحود للنعم، إما بلسان حاله أو بلسان مقاله، ولو كان مسلمًا، قد يحصل شيء من الجحد في بعض الأحوال وبعض الظروف، وهؤلاء الذين يتحدث عنهم القرآن من مشركي العرب إذا مسَّهم الضر في البحر ضل من يدعون إلا إياه، يوحِّدن الله -جلَّ وعلا- في الشدائد، {فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى البَرِّ أَعْرَضْتُمْ} [الإسراء: 67]، يشركون إذا وصلوا إلى الساحل، وإلى بر السلامة والأمان، يعودون إلى شركهم، والقاعدة الرابعة عند شيخ الإسلام الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله-: أن مشركي زماننا أعظم شركًا من الأولين، مشركي زماننا أعظم شركًا من الأولين؛ لأن الأولين يشركون في الرخاء، ويخلصون في الشدة، وأما مشركو زماننا فهم مشركون في الرخاء والشدة، إذا ألمَّت به نائبة أو وجد من الأحوال ما يقتضي الاستنجاد والاستغاثة استغاث بغير الله -عزَّ وجلَّ- في أحلك الظروف، نسأل الله العافية.

"قوله -تعالى-: {أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جانِبَ الْبَرِّ} [الإسراء: 68] بيّن أنه قادر على هلاكهم في البر، وإن سلموا من البحر. والخسف: أن تنهار الأرض بالشيء، يقال: بئر خسيف إذا انهدم أصلها. وعين خاسف أي غارت حدقتها في الرأس. وعين من الماء خاسفة أي غار ماؤها. وخسفت الشمس أي غابت عن الأرض.

وقال أبو عمرو: والخسيف البئر التي تُحفر في الحجارة، فلا ينقطع ماؤها كثرة. والجمع خسف. وجانب البر: ناحية الأرض، وسماه جانبًا؛ لأنه يصير بعد الخسف جانبًا. وأيضًا فإن البحر جانب والبر جانب.

وقيل: إنهم كانوا على ساحل البحر، وساحله جانب البر، وكانوا فيه آمنين من أهوال البحر، فحذّرهم ما أمنوه من البر كما حذَّرهم ما خافوه من البحر".

يعني ليس البحر وحده هو المخوف، ليس البحر وحده هو المخوف، المفاوز والمهامه والبراري والقفار أيضًا مخوفة، وما يوجد فيها من هوام ودواب وسباع أيضًا مخوف، قد يكون الإنسان بمستوى من الأرض لا يدري لعله يُخسف به في هذا المأمن آمن ما يكون، وجاء في الحديث الصحيح: إنه يبيت أناس على الخمر والمعازف فيُخسف بهم، «ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف» إلخ.

 المقصود أن الخسف مخوف، ويكثر في آخر الزمان، ويُخسف ببعض العصاة من هذه الأمة، لا سيما مع الأمن من مكر الله -جلَّ وعلا-، لا سيما مع الاستخفاف بحق الله -جلَّ وعلا-، فمن يأمن مع وجود هذه الأمور سواء في البر أو في البحر؟

فإذا كان النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو الذي غُفر له ما تقدم من ذنبه، ويعرف العاقبة -عليه الصلاة والسلام- بتعليم الله إياه -جلَّ وعلا-، وأنه سيد ولد آدم في الدنيا والآخرة، ومع ذلكم لما كسفت الشمس خرج يجر رداءه من الخوف -عليه الصلاة والسلام-، ومع علمه وعمله وكونه أتقى الناس، وأخشاهم، وأعلمهم بالله، يخاف، ولصدره أزيز كأزيز المرجل، والناس في هذه الأزمان مع تفريطهم، وتضييعهم، وارتكابهم المنكرات والمعاصي والمحرمات، شدة الأمن، آمنون من مكر الله، هذه موبقة من الموبقات، الأمن من مكر الله، عظيمة من العظائم، نسأل الله العافية.

"{أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِبًا} [الإسراء: 68] يعني ريحًا شديدة، وهي التي ترمى بالحصباء، وهي الحصى الصغار، قاله أبو عبيدة والقتبي.

وقال قتادة: يعني حجارة من السماء تحصبون، كما فعل بقوم لوط. ويقال للسحابة التي ترمى بالبرد: حاصب، وللريح التي تحمل التراب والحصباء حاصب وحصبة أيضًا. قال لبيد:

جرت عليها أن خوت من أهلها
 

 

أذيالها كل عصوف حصبه
 

وقال الفرزدق:

مستقبلين شمال الشام يضربنا
 

 

بحاصب كنديف القطن منثور
 

{ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا} [الإسراء: 68] أي حافظًا ونصيرًا يمنعكم من بأس الله".

تصوَّر إنسانًا في البرية، ينزل عليه برد، هل يجد وكيلًا أو نصيرًا أو أحدًا ينقذه، {ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا} [الإسراء: 68]، لا تجد لا حافظًا ولا نصيرًا، ما أنت إلا تنتظر ما يصنع الله بك، ومثله إذا جاءت ريح شديدة عاتية، والناس في البراري ما عندهم ما يؤويهم، مع أنه قد يرد من، من العقوبات ما يجتثهم من أصولهم مع قراهم وبلدانهم وعمائرهم وحصونهم، ما أهون الخلق على الله -عزَّ وجلَّ- إذا هم استهانوا بأوامره وارتكبوا محارمه.

"قوله -تعالى-: {أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تارَةً أُخْرى} [الإسراء: 69] يعني في البحر. {فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قاصِفًا مِنَ الرِّيحِ} [الإسراء: 69] القاصف: الريح الشديدة التي تكسر بشدة، من قصف الشيء يقصفه، أي كسره بشدة. والقصف: الكسر، يقال: قصفت الريح السفينة. وريح قاصف:

شديدة. ورعد قاصف: شديد الصوت".

وغالبًا القاصف يأتي من فوق، الذي يقصف يأتي من فوق.

"يقال: قصف الرعد وغيره قصيفًا. والقصيف: هشيم الشجر. والتقصف التكسر".

قصيف فعيل بمعنى مفعول، يعني مقصوف.

"والقصف أيضًا: اللهو واللعب، يقال: إنها مولدة. {فَيُغْرِقَكُمْ بِما كَفَرْتُمْ} [الإسراء: 69] أي بكفركم. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو: (نخسف بكم) [الإسراء: 68]، (أو نرسل عليكم) [الإسراء: 6]، (أن نعيدكم) [الإسراء: 69]، (فنرسل عليكم) [الإسراء: 69]، (فنغرقكم) [الإسراء: 69] بالنون في الخمس2356 7ة على التعظيم، ولقوله: {عَلَيْنا} [الإسراء: 69] الباقون بالياء، لقوله في الآية قبل: {إِيَّاهُ} [الإسراء: 69]. وقرأ أبو جعفر وشيبة ورويس ومجاهد: (فتغرقكم) [الإسراء: 69] بالتاء نعتًا للريح. وعن الحسن وقتادة: (فيغرّقكم) [الإسراء: 69] بالياء مع التشديد في الراء. وقرأ أبو جعفر (الرياح) [الإسراء: 69] هنا وفى كل القرآن.

وقيل: إن القاصف المهلكة في البر، والعاصف المغرقة في البحر، حكاه الماوردي".

الريح والرياح، الريح بالإفراد في الغالب لا تأتي بخير، والرياح بالجمع في الغالب هي التي تأتي بالخير؛ كما جاء في الدعاء: «اللهم اجعلها رياحًا ولا تجعلها ريحًا».

"{ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعًا} [الإسراء: 69] قال مجاهد: ثائرًا. النحاس: وهو من الثأر. وكذلك يقال لكل من طلب بثأر أو غيره: تبيع وتابع، ومنه {فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 178] أي مطالبة".

نقف على هذا.

اللهم صلى على محمدٍ.