شرح الموطأ - كتاب الحج (27)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، سم.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم ألهمنا رشدنا، وقنا شر أنفسنا، واغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين.

قال الإمام مالك -رحمه الله تعالى-: باب الإفاضة

حدثني يحيى عن مالك عن نافع وعبد الله بن دينار عن عبد الله -رضي الله عنهما- أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- خطب الناس بعرفة وعلمهم أمر الحج، وقال لهم فيما قال: إذا جئتم منًى فمن رمى الجمرة فقد حل له ما حرم على الحاج إلا النساء والطيب، لا يمس أحد نساءً ولا طيبًا حتى يطوف بالبيت.

وحدثني عن مالك عن نافع وعبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن عمر الخطاب -رضي الله عنه- قال: من رمى الجمرة ثم حلق أو قصر ونحر هديًا إن كان معه فقد حل له ما حرم عليه إلا النساء والطيب حتى يطوف بالبيت.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب الإفاضة، يعني طوال الإفاضة الذي هو الركن المعروف من أركان الحج، وأركان الحج أربعة: الإحرام وهو نية الدخول في النسك، والوقوف بعرفة، والطواف، والسعي، هذه أركانه الأربعة، والإفاضة أحدها. يقول -رحمه الله تعالى-: حدثني يحيى عن مالك عن نافع وعبد الله بن عمر وعن عبد الله بن دينار، كلاهما مولى لابن عمر، نافع مولى ابن عمر، عبد الله بن دينار مولى أيضًا لابن عمر، عن عبد الله بن عمر، عن سيدهما عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- خطب الناس بعرفة اتباعًا لسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- وعلمهم أمر الحج كما فعل -عليه الصلاة والسلام-، وقال لهم فيما قال، يعني في هذه الخطبة: إذا جئتم منى، يعني بعد انصرافكم من عرفة ومبيتكم بمزدلفة، إذا جئتم منى فمن رمى الجمرة فقد حل له ما حرم على الحاج إلا النساء والطيب، لا يمس أحد نساء ولا طيبًا حتى يطوف بالبيت. والخبر الثاني: حدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر: أن عمر بن الخطاب، نفس الإسناد، قال: من رمى الجمرة ثم حلق أو قصر ونحر هديًا إن كان معه فقد حل له ما حرم عليه إلا النساء والطيب، حتى يطوف بالبيت، التحلل الأول الذي يحصل به استباحة المحظورات محظورات الإحرام ما عدا النساء، وما يدعو إلى النساء من طيب محل خلاف بين أهل العلم، فالخبر الأول عن عمر بن الخطاب يدل على أنه يحصل بواحد، وهو رمي جمرة العقبة، فمن رمى جمرة العقبة قد حل له ما حرم على الحاج إلا النساء والطيب. والخبر الثاني قال: من رمى الجمرة، ثم حلق أو قصر ونحر هديًا عمن كان معه فقد حل له ما حرم عليه إلا النساء والطيب. في الخبر الثاني جعل الحل مرتبًا على فعل أمرين وإن شئت فقل ثلاثة وهي رمي جمرة العقبة والحلق أو التقصير والنحر، على أن أهل العلم لم يجعلوا النحر من أسباب التحلل، مع أنه لو جُعل لكان له وجه وَلَا تَحۡلِقُواْ رُءُوسَكُمۡ حَتَّىٰ يَبۡلُغَ ٱلۡهَدۡيُ مَحِلَّهُۥ } البقرة: ١٩٦  فلا أحل حتى أنحر هديي، المقصود أن النحر لم يجعله أهل العلم من أسباب التحلل، لماذا؟ لأنه ليس بلازم لكل حاج، وما دام يعفى منه من لا يلزمه فلا يرتب عليه حكم بالنسبة لمن لزمه، فإذا كان مفردًا ولا نحر عليه يتحلل بدونه فليكن المتمتع والقارن يتحلل بدونه كالمفرد، وهذه وجهة نظر أهل العلم في قولهم: إن النحر لا يرتب عليه تحلل إنما التحلل يحصل بثلاثة أمور: هي الرمي والحلق أو التقصير والطواف، هذه الثلاثة التي يحصل بها التحلل.

طالب: ...............

تقصد التحلل الثاني.

طالب: ...............

الآن الخلاف في التحلل الأول، أما التحلل الثاني فلا يحصل إلا بعد انتهاء أعمال الحج، لا بد من انتهاء الأعمال، أعمال يوم النحر التي هي الرمي والحلق والطواف، لكن الكلام في التحلل الأول هل يحصل بواحد أو باثنين؟ الخبر الأول مفاده أنه يحصل بواحد؛ لأنا نقول: إذا جئتم منى فمن رمى الجمرة فقد حلَّ له ما حرم على الحاج إلا النساء والطيب، والشافعي أيضًا يقول: حل له كل شيء إلا النساء، خاصة يعني أن الطيب لا يحرم عليه إذا تحلل التحلل الأول، هل له أن يَنكح أو يُنكِح أو يَخطِب له ذلك أو ليس له ذلك؟

طالب: ...............

الآن الشافعي -رحمه الله- يرى أن أنه لا يحرم عليه إلا وطء النساء فقط، أما بالنسبة للطيب فلا يمنع منه، وهو من دواعي الحاجة إلى النساء والنكاح العقد الخطبة والنكاح، سواء كان له أو لغيره بواسطة مثل ماذا؟

طالب: ...............

يعني يباح له، وهذا فيه فرج عظيم، وهذا يقول به جمع من أهل العلم؛ لأن بعض النساء يحصل منها أنها تطوف -طوافًا غير صحيح مثلاً- وهي متلبسة بمانع وهو الحيض مثلاً جاهلة أو مستعجلة أو مستحيية، ثم ترجع إلى بلدها، ثم تتزوج، الزواج فيه إشكال أم ليس فيه إشكال؟

طالب: ...............

لا هو الكلام في الزواج دعونا من مسألة الوطء، الوطء لا يجوز، لكن مسألة عقد النكاح الذي يقول: لا يحرم عليه إلا الوطء، النكاح صحيح، وهذا يحصل كثيرًا وإلزامه أيضًا بعقد ثان غير الأول فيه ما فيه، وكأن شيخ الإسلام يميل إلى أنه لا يمنع إلا من الوطء فقط، الذي هو أعظم المحظورات، وهو الذي جاء فيه كلام الصحابة. الخبر الثاني عن عمر -رضي الله عنه- بنفس الإسناد، علّق التحلل الأول بالرمي والحلق، وإن شئت فقل: والنحر، علّق التحلل بأمرين وأنه لا يحصل بواحد فقط، هل من ترجيح بين الخبرين؟ أما من حيث الإسناد فيمكن أم لا يمكن؟ لا يمكن؛ لأنه واحد الإسناد، واحد روي عنه من نفس الطريق الذي روي عنه القول الأول، ولعل اجتهاده تغير في هذه المسألة. وعلى كل حال المسألة خلافية بين أهل العلم، فمذهب أحمد والشافعي وأصحاب الرأي أن التحلل الأول لا يحصل إلا باثنين من ثلاثة، وعن أحمد إذا رمى الجمرة فقد حل، وإذا وطئ بعد جمرة العقبة فعليه دم ولم يذكر الحلق، وهذا قول عطاء ومالك وأبي ثور، قال ابن قدامة -وهو الصحيح إن شاء الله تعالى- يعني أن التحلل يحصل بواحد، الآن عندنا مذهب أحمد هذا مشهور عند الحنابلة وهو قول الشافعي، أصحاب الرأي أن التحلل الأول لا يحصل إلا باثنين من الثلاثة، قول مالك وأحمد في رواية أنه يحصل بواحد، وقول أيضًا عطاء وأبي ثور وغيرهما رجحه ابن قدامة أنه يحصل بالواحد، وجاء في الحديث: «إذا رميتم فقد حللتم»، وجاء في رواية أخرى: «إذا رميتم وحلقتم فقد حللتم». فالمسألة الأدلة فيها متعارضة وهي على حد سواء كما سمعنا عن عمر -رضي الله تعالى عنه-، والذي يرجح قول الأكثر وأنه لا يتحصل إلا باثنين، وأنه لا يحصل التحلل إلا بالاثنين، قول عائشة -رضي الله تعالى عنها-: كنت أطيّب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت، وعلى هذا الوصف هذا الذي اتصف به وهو الحل إنما وقع قبل الطواف ووقع بعد فعل اثنين، ظاهر أم ليس بظاهر؟ فالراجح القول الأول وهو قول الأكثر، وأن التحلل لا يحصل إلا باثنين لا بواحد، والمرفوع فيه شيء من التعارض والموقوف على عمر أيضًا فيه شيء من التعارض، والمرجِّح قول عائشة، الصحيح الذي هو ظاهر في المسألة، ظاهر لا أقول: نصًّا، إنما هو ظاهر في المسألة، ولحله قبل أن يطوف بالبيت، ما طيبته لحله قبل أن يحلق، إنما طيبته لحله قبل أن يطوف بالبيت، فدل على أنه قبل أن يطوف بالبيت قد حل، وما عدا ذلك قبل الذي قبله لم يحل، فدل على أنه لا بد من فعل اثنين، نعم.

طالب: ...............

إنما قالت: لحله، فالوصل لا شك أنه مقصود، فطيبته لحله قبل أن يطوف، أنا لا أقول: إن الحديث نص في الموضوع، أنا أقول: هو ظاهر، فهذا الذي يغلب على الظن أن الوصف هذا مؤثر في هذا الوقت وهو مرجِّح.

طالب: ...............

ويقيسون عليه ما يجوز تقديمه عليه من أسباب التحلل، يعني لو طاف فقط أو حلق فقط تحلل. على كل حال مثل ما سمعنا الإمام الشافعي يرى أنه لا يمنع إلا النساء خاصة، وغيره من أهل العلم يرون أن الطيب كذلك مثل ما سمعنا في كلام مالك إلا النساء والطيب، وهو معروف عند الحنابلة، ومعروف عند غيرهم.

طالب: ...............

بنفس الطريق لكنهما في مناسبتين يعني تغير اجتهاد عمر -رضي الله عنه-؛ لأنه لا تستطيع أن ترجح هذا على هذا، على حد سواء، إن شئت أن تجعله من باب الاضطراب، وتقول: هذا حديث واحد روي على أوجه مختلفة متساوية، فيحكم عليه حينئذٍ بالاضطراب، هي أوجه وهي مختلفة وهي متساوية في الثبوت، إذًا هذا حد المضطرب عندهم، لكن لا يمنع أن يكون تغير اجتهاد، لا يُدرى السابق من اللاحق، وحينئذٍ يرجع إلى المرجحات، يرجع إلى ما يرجح، والمرجح هو حديث عائشة، نعم.

باب دخول الحائض مكة

حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن قاسم عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنها قالت: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام حجة الوداع فأهللنا بعمرة، ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من كان معه هدي فليهلل بالحج مع العمرة، ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعًا» قالت: فقدمت مكة وأنا حائض فلم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة، فشكوت ذلك إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: «انقضي رأسك وامتشطي وأهِلِّي بالحج ودعي العمرة» قالت: ففعلت، فلما قضينا الحج أرسلني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- إلى التنعيم فاعتمرت، فقال: هذا مكان عمرتك، فطاف الذين أهلوا بالعمرة بالبيت وبين الصفا والمروة، ثم حلوا منها، ثم طافوا طوافًا آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم، وأما الذين كانوا أهلوا بالحج أو جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافًا واحدًا.

وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن عروة ابن الزبير عن عائشة -رضي الله عنها- بمثل ذلك.

حدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: قدمت مكة وأنا حائض فلم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة، فشكوت ذلك إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: «افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت ولا بين الصفا والمروة حتى تطهري» قال مالك في المرأة التي تهلُّ بالعمرة، ثم تدخل مكة موافية للحج وهي حائض، لا تستطيع الطواف بالبيت، إنها إذًا خشيت الفوات، أهلت بالحج وأهدت، وكانت مثل من قرن الحج والعمرة، وأجزأ عنها طواف واحد، والمرأة الحائض إذا كانت قد طافت بالبيت وصلت فإنها تسعى بين الصفا والمروة، وتقف بعرفة والمزدلفة، وترمي الجمار، غير أنها لا تفيض حتى تطهر من حيضتها.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب دخول الحائض مكة، يعني إذا دخلت مكة وهي حائض، وغلب على ظنها أنها لا تطهر قبل الوقوف كما حصل لعائشة -رضي الله عنها- قد أحرمت بعمرة أنها ترفض العمرة، يعني الهيئة المستقلة للعمرة التامة التي يأتي بها المتمتع وتدخل الحج على العمرة، وتكون حينئذٍ قارنة، وقد أوصى النبي -عليه الصلاة والسلام- عائشة بذلك. قال: حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام حجة الوداع، فأهللنا بعمرة، ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من كان معه هدي فليهلل بالحج مع العمرة» الذي يسوق الهدي وقد منع من حلق الرأس والتحلل قبل أن ينحر هديه، فإنه يتعين في حقه القران كما حصل للنبي -عليه الصلاة والسلام- وما منعه من أن يتمتع إلا أنه ساق الهدي: «لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولجعلتها عمرة»، «من كان معه هدي فليهلل بالحج مع العمرة، ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا» يعني: من حجه وعمرته بالتحلل الأول المعروف والثاني، وحينئذٍ تدخل العمرة في الحج وتكون أعمال القارن هي أعمال المفرد، قالت: فقدمت مكة وأنا حائض فلم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- منعها من الطواف: «افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت» والسعي من لازمه أن يتقدمه طواف صحيح عند أهل العلم، طواف صحيح ولو مسنونًا، فشكوت ذلك إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: «انقضي رأسك وامتشطي وأهِلِّي بالحج، ودعي العمرة» وفي رواية: «ارفضي عمرتك»، ومعلوم أن النسك لا يمكن رفضه، لكن المقصود أنها ترفض الأعمال الكاملة للعمرة التي يأتي بها من جاء للاعتمار، أو من تمتع في سفرة واحدة، «ودعي العمرة» قالت: ففعلت أدخلت الحج على العمرة فصارت قارنة، فلما قضينا الحج أرسلني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع عبد الرحمن بن أبي بكر، مع أخيها عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، إلى التنعيم، فاعتمرت، فقال: «هذه مكان عمرتك» يعني هل في هذا أن عائشة حجت مفردة، وأنها رفضت العمرة الأولى وأتت بعمرة مكانها، أو أنها رفضت أعمال العمرة المتكاملة المستقلة وأدخلت الحج عليها، فصارت في الصورة كالمفرد وهي في الحقيقة قارنة، نعم الثاني، إذًا: «هذه مكان عمرتك» يعني مكان العمرة التي نويت أن تأتي بها مستقلة بجميع أفعالها، ثم تحلين منها الحل كله، «هذه مكان عمرتك» هذه العمرة مكان عمرتك، فطاف الذين أهلوا بالعمرة، وعلى هذا هي معتمرة قبل هذه العمرة التي مع الحج؛ لأنها قارنة، هذه عمرة ومن عمره -عليه الصلاة والسلام- التي حسبت له من الأربع التي كانت مع حجته -عليه الصلاة والسلام-، فالقارن جاء بحج وعمرة مجتمعين.

قوله: «هذه مكان عمرتك» يعني التي هي متكاملة بجميع أفعالها، والتي يحلل منها الحل كله، وعلى هذا تكون عائشة أتت بعمرة واحدة أو بعمرتين؟ أتت بعمرتين؛ هذه العمرة المستقلة بعد أداء النسك، والعمرة الأولى التي دخلت في الحج وعلى هذا يقال: لا مانع من تكرار العمرة في سفرة واحدة، لا مانع من تكرار العمرة في سفرة واحدة، طيب النبي -عليه الصلاة والسلام- ما فعل، النبي -عليه الصلاة والسلام- ترك كثيرًا من الأمور المشروعة؛ رفقًا بأمته وبيانًا للجواز، «والعمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما» فعلى الإنسان أن يكثر من هذا العمل الصالح، نعم قد يترتب على هذا تضييع بعض الأمور التي هي أهم من الخروج إلى أداء العمرة، نقول: تأتي المفاضلة يعني ما هي المسألة مفترضة بين شخص يبغي يذهب إلى التنعيم ذاهب وآيب ويأتي بعمرة ثم مستقلة في ساعتين أو ثلاث ساعات، أو يصلي في هذه الساعات عشرات الركعات، أو يقرأ في عشرة أجزاء أو أكثر، المسألة مفاضلة بين العبادات، لكن في هذا دليل لمن قال بجواز تكرار العمرة في سفرة واحدة، وهو ظاهر، أما كونه -عليه الصلاة والسلام- أعمرها تطييبا لخاطرها، نعم تطييبًا لخاطرها، لكن مع ذلك لا يمنع أن يعتمر غيرها؛ لأن المسألة الخاطر لا يطيب بالممنوع شرعًا، ولا مانع من المداراة التي لا يترتب عليها ترك مأمور أو فعل محظور، وأما المداهنة فلا، أما أن تدارى بفعل أمر لا يجوز، ويطيب خاطرها بفعل أمر لا يجوز فلا، نعم راعى خاطرها وجبر خاطرها وأتت بعمرة مستقلة هي في الأصل جائزة، وحبس الناس من أجلها لا مانع، أما أن يقال: إنها جاءت بعمرة لا تجوز لغيرها، إنما جاءت لتطييب خاطرها فلا، نعم.

طالب: ...............

أين؟

طالب: ...............

لا، هذا ليس بواجب، كونه ما حصل.

طالب: ...............

كثير من الناس حتى من طلاب العلم يروحون إلى تلك الأماكن ولا يعتمرون؛ لأن هذا ما هو بواجب.

طالب: ...............

هم قالوا خاص بعائشة وتطييبًا لخاطرها، وهذا كله تطييب الخاطر، لا يُفعل بارتكاب محظور، لا يفعل، لا يمكن أن يفعله النبي -عليه الصلاة والسلام- بارتكاب محظور، قد يحبس الناس عليها مراعاة لخاطرها وينتظرها لا مانع؛ لأن هذا لا يترتب عليه ارتكاب محظور.

طالب: ...............

لا، أبدًا «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة» وعائشة اعتمرت بعد عمرتها في سفرة واحدة، ما فيه أدنى إشكال إن شاء الله تعالى، كونه -عليه الصلاة والسلام- ما فعل وكون أكثر خيار الأمة ما فعلوا، لا يعني المنع، يعني الحكم الشرعي يثبت بدليل واحد، نعم.

طالب: ...............

هي حجت متمتعة، هي قارنة في حجها هي التي جاءت بهذه الحجة، هذه الأصل أنها أحرمت بعمرة، فحاضت وينتهي وقت الوقوف والحيض ما انتهى، هل تستطيع أن تؤدي عمرة مستقلة في هذه الصورة؟ لا يمكن، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قال لها: «افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت» وهل يمكن أن تؤدى عمرة بغير طواف؟ ما يمكن، إذًا ما فيه حل إلا أن تحرم بالحج فتدخله على العمرة التي لم تتمكن من فعلها، وحينئذٍ تكون قارنة، فإذا مقتضى كونها قارنة أنها جاءت بعمرة مع هذا الحج، ثم بعد ذلك أعمرها النبي -عليه الصلاة والسلام- بصحبة أخيها من التنعيم، هذه عمرة ثانية، فما فيه أدنى إشكال إن شاء الله تعالى على حج مفرد، يعني حج، يعني بدون عمرة مستقلة، الناس يرجعون بنسكين كاملين بأفعالهما وأعمالهما الكاملة، يعني كأنها تقالّت شأن هذه العمرة التي دخلت في الحج، ولا وجود لها في الحقيقة، هذه العمرة من نظر إليها بعين النظر إلى فعل المكلف ما فيه فرق بين حج القارن وبين حج المفرد، ما فيه أدنى فرق، ما فيه إلا النية، لكن فيه عمرة؛ ولذا وجب عليها الدم؛ لأنها جمعت بين النسكين في سفرة واحدة، فالعمرة حاصلة موجودة، النبي -عليه الصلاة والسلام- ما اعتمر مع حجته وهو قارن؟ يعني ما حسبت من عمره عليه الصلاة والسلام؟ حسبت وهو قارن.

طالب: ...............

ما هي مفردة أدخلت الحج على العمرة، فصارت قارنة، كيف مفردة؟ نعم.

طالب: ...............

نعم، بلا شك.

طالب: ...............

هو الذي يظهر؛ لأن التمتع أفضل من القران، وتأسف النبي -عليه الصلاة والسلام- على سوق الهدي، وتمنى أنه لم يسق الهدي ويجعلها عمرة.

طالب: ...............

يعني عمرتك التي بأفعالها المستقلة، لكنها اعتمرت والنبي -عليه الصلاة والسلام- يعلم أنها اعتمرت مع حجها.

طالب: ...............

ما يلزم، يعني على هذا نجوز للقارن أن يعتمر ونمنع المتمتع، مقتضى كلامك ما فرق بينهم، القارن معتمر وكرر العمرة بعد حجه، نعم.

طالب: ...............

لماذا؟

طالب: ...............

«العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما».

طالب: ...............

ما فيه، أقول: ما يرد على هذه المسألة إلا مسألة المفاضلة بين الأعمال، يعني كون الإنسان يترك عملاً أفضل ويأتي بمفضول من هذه الحيثية نمنع، لكن هل هو جبران هذا أم شكران؟ الدم هذا دم جبران ما هو بدم جبران، شكران، هذا طيب لكنه عمل شرعي، عليه أمر النبي -عليه الصلاة والسلام-، فلا بد من ترتب الأثر عليه وهو الأجر، ويدخل في عموم: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما» لكن الإكثار من العمرة كما يفعله بعض الناس يأخذ عمرتين، ثلاث، أربع، هذا الذي يضيع بسببه أعمال أفضل وإلا الأصل أن التكرار ما فيه إشكال، نعم، سم.

طالب: ...............

كيف؟

طالب: ...............

هذا هو الأصل أنها أدخلت الحج على العمرة فصارت قارنة.

طالب: ...............

نعم، تمتشط، وما المانع؟

طالب: ...............

لا، أجل لماذا ألزمناها بالهدي، وأهدى النبي -عليه الصلاة والسلام- عن نسائها كلهن قارنات.

طالب: ...............

لا، فيه أدلة على أنها قارنة، لا فيه تصريح في بعض الروايات أنها قارنة والعمرة المرفوضة ومكانها، هذه كلها هي تريد عمرة مثل صواحبها، عمرة مستقلة بطوافها وسعيها والحل منها الحل كله مثل غيرها؛ لأنك تعرف النفوس البشرية لا سيما في مثل ظرف عائشة، امرأة لها ضرات وجاءت تقصد عملاً مثل عمل صواحبها، ثم يحصل لها ما يمنع، لا شك أنها يحصل في نفسها ما يحصل، معروف، ما فيه إشكال إن شاء الله.

طالب: ...............

وما المانع؟ ما فيه ما يمنع: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما» بعضهم يحدها بشهر، وبعضهم يحدها بطلوع الشعر، كل هذا ما يضبطه ضابط.

طالب: ...............

يأتي بعمرة ثانية بينهما، لا.

طالب: ...............

ما وجه المخالفة بينها وبين غيره؟ يعني الإشكال في غير ألا تطوفي ولا تسعي؟ أين السعي؟ فطاف الذين أهلوا بالعمرة بالبيت وبين الصفا والمروة هذا الإشكال، أين وجه الإشكال في هذا، أين المخالفة؟

طالب: ...............

هي من لازم السعي أن يتقدمه طواف وما يتبعه، يعني تبغي تصلي الركعتين بعد مثله كلها من توابع الطواف، يعني توابع الطواف حكمها حكم الطواف.

طالب: ...............

أين؟

طالب: ...............

الجمهور على أن الركعتين سنة.

فطاف الذين أهلوا بالعمرة بالبيت وبين الصفا والمروة، ثم حلوا منها، يعني الحل كله، ثم طافوا طوافًا آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم، وأما الذين كانوا أهلوا بالحج أو جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافًا واحدًا، الذين جمعوا الحج والعمرة أهلوا بالحج وحده مفردين أو جمعوا بين الحج والعمرة، فإنما طافوا طوافًا واحدًا، المفرِد لا يلزمه إلا طواف واحد، القارن كذلك لا يلزمه إلا طواف واحد، لكن إن كان قد طاف للقدوم وسعى بعده يلزمه طواف الإفاضة، والسعي لا يلزمه؛ ولذا قال: أو جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافًا واحدًا، وهذا في بعض الروايات جاء ما يدل على أن المراد به السعي؛ لأنهم هم طافوا طوافين لا الذين أهلوا بالحج وحده ولا الذين جمعوا طافوا للقدوم وطافوا للإفاضة كفعله -عليه الصلاة والسلام-، لكن جاء في بعض الروايات: وأما الذين أهلوا بالحج أو جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا بين الصفا والمروة طوافًا واحدًا، فالمراد به أن القارن والمفرد لا يلزمهم إلا سعي واحد، وخلافًا للحنفية الذين يرون أن القارن يلزمه سعيان، وخلافًا لشيخ الإسلام رحمه الله الذي يرى أن المتمتع يكفيه سعي واحد كالقارن؛ لأن قوله: جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا بين الصفا والمروة طوافًا واحدًا مفهومه أن الذين لم يجمعوا أتوا بالنسكين من غير جمع بينهما كالمتمتع، فإنه يلزمه سعيان.

حدثني عن مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة بمثل ذلك، وكأن شيخ الإسلام يفهم أيضًا أنهم جمعوا سواء كانوا على وجه القران أو التمتع، شيخ الإسلام يفهم من هذا مثل هذا.

حدثني عن مالك عن ابن شهاب عن عروة ابن الزبير عن عائشة بمثل ذلك.

قال: وحدثني أو حدثني عن مالك عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أنها قالت: قدمت مكة وأنا حائض فلم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة، فشكوت ذلك إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: «افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت ولا بين الصفا والمروة حتى تطهري» هذا الإشكال؟ هذا عند البخاري، الحائض، نعم.

طالب: ...............

معروف، فشكوت ذلك إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: «افعلي ما يفعل الحاج» بعض الناس يذهب به الذهن إلى الإغراق في العموم، فيستدل بمثل هذا النص أن الحائض تقرأ القرآن، لماذا؟ لأن الحاج يقرأ القرآن ولا استثني من أعمال الحاج إلا الطواف، إذًا الحائض تقرأ القرآن، هذا ما يلزم أبدًا، يعني من متطلبات الحج يعني افعلي ما يفعل الحاج من أعمال الحج غير ألا تطوفي بالبيت. قال مالك: وفي المرأة التي تهل بالعمرة ثم تدخل مكة موافية للحج وهي حائض لا تستطيع الطواف بالبيت، أنها إذا خشيت الفوات أهلت بالحج وأهدت، أهلّت بالحج وأهدت الهدي من أجل ماذا؟ أنها أدخلت الحج على العمرة فصارت قارنة، وأهدت وكانت مثل من قرن الحج والعمرة وأجزأ عنها طواف واحد، والمرأة الحائض إذا كانت قد طافت بالبيت وصلّت فإنها تسعى بين الصفا والمروة، إن كانت طافت بالبيت وصلت تسعى؛ لأن السعي لا يشترط له طهارة، مفهومه أنها إذا لم تطف بالبيت ولم تصلِّ أنها لا تسعى، فإنها تسعى بين الصفا والمروة، تقف بعرفة والمزدلفة وترمي الجمار، كل هذه أمور وأعمال جليلة ومناسك عظيمة إلا أنها لا يشترط لها طهارة، غير أنها لا تفيض حتى تطهر من حيضها.

طالب: ...............

من مجموع الشهر.

طالب: ...............

من مجموعها كله.

طالب: ...............

هذا إذا كان اقتدى بإمام كالشافعي وأبو حنيفة يرى الناس، جاهل، معذور إن شاء الله.

طالب: ...............

لا ما يلزمها نعم.

طالب: ...............

طافت طواف القدوم وحاضت وأرادت أن تسعى، الآن إذا طافت طواف القدوم معناه أنها إما قارنة أو مفردة، ماذا تريد أن تفعل؟

طالب: ...............

لا، طواف القدوم قبل الوقوف والإفاضة، لا يكون إلا بعد الوقوف.

طالب: ...............

نعم، متى هذا؟ أجزأ عنها طواف واحد، هذا فيما بعد إذا أتت به، نعم.

باب إفاضة الحائض

حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أن صفية بنت حيي -رضي الله عنها- حاضت، فذكرت ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: «أحابستنا هي؟» فقيل: إنها قد أفاضت فقال: «فلا إذًا».

وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن أبيه عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنها قالت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يا رسول الله إن صفية بنت حيي قد حاضت، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لعلها تحبسنا، ألم تكن طافت معكن بالبيت؟» قلن: بلى، قال: «فاخرجن».

وحدثني عن مالك عن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن عن عمرة بنت عبد الرحمن أن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- كانت إذا حجت ومعها نساء تخاف أن يحضن قدمتهن يوم النحر فأفضن، فإن حضن بعد ذلك لم تنتظرهن فتنفر بذلك وهن حيض إذا كن قد أفضن.

وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبي عن عائشة أم المؤمنين أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذكر صفية بنت حيي، فقيل له: قد حاضت، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لعلها حابستنا» فقالوا: يا رسول إنها قد طافت، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «فلا إذًا».

قال مالك: قال هشام: قال عروة: قالت عائشة رضي الله عنها ونحن نذكر ذلك فلم يقدموا، فلم يقدم الناسُ نساءهم إن كان ذلك لا ينفعهن، ولو كانوا الذي يقولون لأصبح بمنى أكثر من ستة آلاف امرأة حائض، كلهن قد أفاضت.

وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه أن أبا سلمة بن أبي عبد الرحمن أخبره أن أم سليم بنت ملحان -رضي الله عنها- استفتت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحاضت، أو ولدت بعدما أفاضت يوم النحر، فأذن لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فخرجت، قال مالك: والمرأة تحيض بمنًى تقيم حتى تطوف بالبيت، لا بد لها من ذلك، وإن كانت قد أفاضت فحاضت بعد الإفاضة فلتنصرف إلى بلدها، فإنه قد بلغنا في ذلك رخصةٌ من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للحائض. قال: وإن حاضت المرأة بمنًى قبل أن تفيض فإن كربها يُحبس عليها أكثر مما يَحبس النساء الدم.

يقول رحمه الله تعالى: باب إفاضة الحائض.

قال: حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين أن صفية بنت حيي حاضت، فذكرت ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: «أحابستنا هي؟» فقيل: إنها قد أفاضت، فقال: «فلا إذًا». عائشة -رضي الله تعالى عنها- لما حاضت في أول الأمر قبل أن تفعل شيئًا من أعمال العمرة، ودخل عليها النبي -عليه الصلاة والسلام- وهي تبكي، فقال لها «أنفستِ؟» وتلطف في الخطاب، وقال: «إن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم»، وصفية لما انتهوا من أعمال الحج وحلّت المرأة لزوجها، أرادها النبي -عليه الصلاة والسلام- فيما يريده الرجل من امرأته، فقالت: إنها حائض، فقال لها: «عقراء، حلقاء، أحابستنا هي؟» واختلف الخطاب من عائشة إلى خطابه من حفصة، وبعضهم يرد ذلك إلى اختلاف منزلة المرأتين في نفسه -عليه الصلاة والسلام-. والصواب أن ذلك مرده إلى اختلاف الحالين، عائشة لما تلطف بها؛ لأنه يجزم يقينًا أنها لن تحبسه، ففيه مدة بين حيضها وبين رجعوهم إلى بلدهم، هذه لن تحبسهم، صفية لما حاضت في آخر الأمر يوم النحر حاضت لو لم تكن طافت طواف الإفاضة لا بد أن تحبسهم، فهذه لها خطابها وهذه لها خطابها، صفية أيضًا أرادها النبي -صلى الله عليه وسلم- لما يريده الرجل من امرأته، فلا شك أنه إذا وجد العذر يؤثر في نفس الرجل بعد أن تطلع لهذا الأمر، ومثل قولهم: عقراء حلقاء دعاء، لكنه لا يراد به حقيقته، فالمقام يختلف. عائشة -رضي الله عنها- حاضت في أول الأمر، فلا يتصور أن تحبسهم، وصفية حاضت في آخر فيتصور أنها تحبسهم، مع علمه -عليه الصلاة والسلام- أن نساءه قد أفضن، طفن للإفاضة، فأرادها لنفسه -عليه الصلاة والسلام- باعتبار أن جميع النساء أفضن وهي واحدة منهن، لكن لما قيل له: إنها حائض، فقال: هذا الحيض يمنعني منها، ولعلها تكون بعدما أفاضت تكون هنا مشكلة أخرى، فقالوا: إنها أفاضت، وإلا فالأصل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يعرف أنها أفاضت، باعتبار أن مجموع النساء أفضن، مجموع نسائه أفضن، وإلا كيف يطلبها لنفسه وهو يعرف أنها لم تطف طواف الإفاضة؟ لا، الذي يغلب على ظنه أنها أفاضت مع أخواتها؛ ولذلك طلبها لنفسه -عليه الصلاة والسلام- فلما قالت: إنها حائض، خشي أنها أيضًا لم تطف بعد، فكونه يطلبها بناء على غلبة ظنه أنها أفاضت، وكونها تقول: إنها حاضت، ثم يسأل: «أحابستنا هي؟» دل على أن مسألة الحكم بأنها أفاضت غلبة ظن، ثم ورد عليه الوارد الآخر أنها لم تفض بعد أيضًا، فقالوا: إنها قد أفاضت، قال: «فلا إذًا»، نعم.

طالب: .............

لا، حائض.

طالب: .............

والله الأصل المنع، والجمهور على المنع، لكن وجد من يفتي بقراءة القرآن للحائض عند الحاجة؛ كونها متعلمة أو معلمة أو ما أشبه ذلك يفتون بهذا، وجدوا من يفتيهم، المسألة التي ذكرناها؛ لأنه قد يقول قائل: لا يخلو إما أن يكون النبي -عليه الصلاة والسلام- يعرف أنها أفاضت أو لا يعرف، فإن كان لا يعرف  فكيف طلبها لنفسه؟ وإن كان يعرف فلماذا يدعو عليها؟ هو طلبها لنفسه بناء على غلبة ظنه أنها مع سائر النسوة قد أفاضت، ثم لما قيل له: إنها حاضت حصل عنده إشكال، أنها احتمال أيضًا أنها ما أفاضت، فقيل له: إنها أفاضت، قال: «فلا إذًا».

وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن أبيه عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يا رسول الله إن صفية بنت حيي قد حاضت، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لعلها تحبسنا، ألم تكن طافت معكن بالبيت؟» قلن: بلى، قال: «فاخرجن» في هذا ما يدل على أن الحائض تحبس الرفقة على أنها تحبس الرفقة، وأنها لا حل غير أن تنتظر حتى تطهر، ثم تطوف، ولو ترتب على ذلك حبس الرفقة.

طالب: .............

يمشون أم يبقون؟ المقصود أنها ركن ركين من أركان الإسلام، والنبي -عليه الصلاة والسلام- نص: «لعلها تحبسنا»، فدل على أن الحائض لا تطوف ولو ترتب على ذلك حبس الرفقة.

نعم.

طالب: .............

ما فيه خيار إلا أن تبقى حتى تطوف..، تطهر فتطوف أو تسافر معهم وتعود للطواف، ما فيه حل غير هذا.

طالب: .............

هيّن، موانع قبل أن تنزل لا بأس.

طالب: .............

لا، ترفع؟ إذا ارتفع لا بأس، ورأت الطهر على العادة لا بأس.

طالب: .............

ما يقال، الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: لعلها تحبسنا، وشيخ الإسلام يقول: ما تحبسهم، ما يمكن أبدًا، يعارض هذا بهذا.

طالب: .............

ولو كانت تجلس حتى تطهر، أو ترجع إذا سافرت.

طالب: .............

نص هذا: «أحابستنا هي؟» دلَّ على أنها تحبس الرفقة، ما أعظم من هذا؟! نص، ما هو استنباط هذا؟

طالب: .............

لا، أبدا، ما التساهل؟ التساهل ما يجدي.

يقول: وحدثني عن مالك عن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن عن عمرة بنت عبد الرحمن أن عائشة -أم المؤمنين- كانت إذا حجت ومعها نساء تخاف أن يحضن قدمتهن يوم النحر فأفضن، تقدم الطواف على الرمي وعلى النحر وعلى الحلق وعلى التقصير. المقصود أنها تقدم هذا الذي يخشى منه الحبس فتقدم هذا، فقدمتهن يوم النحر فأفضن، فإن حضن بعد ذلك لم تنتظرهن فتنفر بهن وهن حيض ولو لم يطفن للوداع؛ لأنه خُفف عن الحائض بالنسبة لطواف الوداع، فإذا لم تطف للوداع تنفر شريطة أن تكون قد أفاضت.

وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذكر صفية بنت حيي، فقيل له: قد حاضت، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «لعلها حابستنا؟» فقالوا: يا رسول الله، إنها قد طافت،ـ قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- «فلا إذًا»؛ لأنها  أفاضت، والحيض لا يمنع إلا إذا كانت المرأة قد طافت طواف الإفاضة، فيخفف عنها بالنسبة لطواف الوداع.

قال مالك: قال هشام: قال عروة: قالت عائشة: ونحن نذكر فلم يقدم الناسُ نساءهم إذا كان ذلك لا ينفعهن، نعم ينفعهن إذا طفن وأدركن الطواف كاملاً في حال الطهر، نفعن ذلك ولو كان الذي يقولون: إنه لا ينفع، لأصبح بمنى أكثر من ستة آلاف امرأة حائض، كلهن قد أفاضت، أفضن، طفن طواف الإفاضة، وإذا كن يحبسن من أجل الحيض حتى يطفن للوداع أصبح بمنى أكثر من ستة آلاف امرأة حضن بعد أن أفضن، ويحبسن حتى يطهرن ليطفن طواف الوداع، لكن هذا لا يحبسهن، بل ذلك ينفعهن.

طالب: .............

إذا كان عنده ستة آلاف يمكن ستمائة ألف.

وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه أن أبا سلمة بن عبد الرحمن أخبره أن أم سليم بنت ملحان استفتت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحاضت أو ولدت بعدما أفاضت يوم النحر، فأذن لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فخرجت بعدما أفاضت حاضت أو ولدت، ما بقي عليها مما يشترط له الطهارة إلا طواف الوداع، وهذا يخفف عنها من أجله، يقول ابن عبد البر: لا أعرفه عن أم سليم إلا من هذا الوجه. يقول: إن فيه انقطاع، يعني أبو سلمة بن عبد الرحمن لم يسمع من أم سليم، حكى قصتها التي لم يشهدها.

قال مالك: والمرأة تحيض بمنى تقيم حتى تطوف بالبيت لا بد لها من ذلك، وإن كانت قد أفاضت فحاضت بعد الإفاضة فلتنصرف إلى بلدها فإنه قد بلغنا في ذلك رخصة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للحائض أنها يعفى عنها، ويسامح عنها في طواف الوداع، ويخفف عنها. قال: وإن حاضت المرأة بمنى قبل أن تفيض، فإن كربها يعني استمر بها الدم يحبس عليها أكثر مما يحبس أو ماذا؟ يحبس عليها أكثر مما يَحبس النساء الدم، يعني تجلس كربها استمر بها وزاد عن وقته المحدد فإنها تجلس أكثر ما يجلسه النساء، أكثر مدة الحيض تجلسه إذا لم ينقطع، فإذا انتهت أكثر مدة الحيض تطوف؛ لأنها حينئذٍ تكون مستحاضة والمستحاضة تصلي والطواف من باب أولى.

طالب: .................

نعم، في بعض النسخ مكتوب: فإن كريها يحبس عليها، يعني من استأجر لحملها وحمل متاعها أو ما أشبه ذلك، يعني من كان معه دابة مثلاً وحجت عليها بالأجرة مثلاً فينتظر، لا بد أن ينتظرها، ما يقول: والله انصرفوا الحاج وأنا أمشي، يعني الكلام في المستحاضة وأنه استمر بها الدم فأخذت حكم الاستحاضة، فإن كانت معتادة فإنها تجلس أيام أقرائها، وإن كانت مميزة جلست الأيام التي فيها دم الحيض، وإلا تجلس غالب أيام الحيض ستة أو سبعة كما جاء في بعض الروايات، وإن كان لا هذا ولا ذا ولا عادة ولا كذا، تجلس غالب الحيض وهو المراد، سم.

باب فدية ما أصيب من الطير والوحش، حدثني يحيى عن مالك عن أبي الزبير أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قضى في الضبع بكبش، وفي الغزال بعنز، وفي الأرنب بعناق، وفي اليربوع بجفرة.

وحدثني عن مالك عن عبد الملك بن قرير عن محمد بن سيرين أن رجلاً جاء إلى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فقال: إني أجريت أنا وصاحب لي فرسين نستبق إلى ثغرة ثنية، فأصبنا ظبيًا ونحن محرمان، فماذا ترى؟ فقال عمر -رضي الله عنه لرجل إلى جنبه-: تعالى حتى أحكم أنا وأنت. قال: فحكم عليه بعَنز، فولى الرجل وهو يقول: هذا أمير المؤمنين لا يستطيع أن يحكم في ظبي حتى دعا رجلاً يحكم معه، فسمع عمر -رضي الله عنه- قول الرجل فدعاه فسأله هل تقرأ سورة المائدة؟ قال: لا، قال: فهل تعرف هذا الرجل الذي حكم معي؟ فقال: لا، فقال: لو أخبرتني أنك تقرأ سورة المائدة لأوجعتك ضربًا، ثم قال: إن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه: يَحۡكُمُ بِهِۦ ذَوَا عَدۡلٖ مِّنكُمۡ هَدۡيَۢا بَٰلِغَ ٱلۡكَعۡبَةِ } المائدة: ٩٥  وهذا عبد الرحمن بن عوف.

وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة أن أباه كان يقول: في البقرة من الوحش بقرة، وفي الشاة من الظباء.

وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيَّب أنه كان يقول: في حمام مكة إذا قتل شاة.

وقال مالك في الرجل من أهل مكة يحرم بالحج أو العمرة وفي بيته فراخ من حمام مكة، فيغلق عليها فتموت، فقال: أرى بأن يفدي ذلك عن كل فرخ بشاة. قال مالك: لم أزل أسمع أن في النعامة إذا قتلها المحرم بدنة. قال مالك: أرى أن في بيضة النعامة عشر ثمن البدنة كما يكون في جنين الحرة غرة عبد أو وليدة، وقيمت الغرة خمسون دينارًا وذلك عشر دية أمه، وكل شيء من النسور أو العقبان أو البزاة أو الرخم فإنه صيد يؤدى كما يؤدى الصيد إذا قتله المحرم، وكل شيء فدي ففي صغاره مثل ما يكون في كباره، وإنما مَثَل ذلك مثل دية الحر الصغير والكبير فهما بمنزلة واحدة سواء.

يقول المؤلف رحمه الله تعالى: باب فدية ما أصيب من الطير والوحش، والمراد بذلك صيد البر، أما صيد البحر فحلال، صيد البر إذا صاده المحرم فإنه يلزمه الجزاء فَجَزَآءٞ مِّثۡلُ مَا قَتَلَ مِنَ ٱلنَّعَمِ }المائدة: ٩٥ . قال: حدثني يحيى عن مالك عن أبي الزبير أن عمر بن الخطاب قضى في الضبع بكبش؛ لأنها أقرب بهيمة الأنعام إليها في الشكل والحجم، في الغزال بعنز أيضًا هي تشبهها من جهات، وفي الأرنب بعناق أيضًا بحيث الحجم قريبة منها، وفيها وجه شبه منها، وفي اليربوع بجفرة اليربوع، والجربوع دويبة تشبه الفأرة إلا أنها تختلف عنها اختلافًا يسيرًا، إلا أنها مأكولة اللحم، والفأرة لا يجوز أكلها. بجفرة، الجفرة ماذا؟ من أولاد المعز ما يبلغ أشهر ثلاثة أشهر أو أربعة صغيرة، لكن ما وجه الشبه بين اليربوع والجفرة، فيه وجه شبه؟ هم ينظرون إلى أوجه خفية دقيقة، نعم.

طالب: .................

لا الشكل ما هو بواحد.

طالب: .................

لا، ولا الحجم.

طالب: .................

نعم يمكن يلحظ هذا، هم يلحظون ملاحظ دقيقة، وإن اختلف الحجم فجعلوا في الشاة..، في الحمامة شاة بجامع أن كلا منهما يعب الماء عبًّا، فنظروا إلى طريقة الشرب.

قال: وحدثني عن مالك عن عبد الملك بن قرير، ومنهم من يقول: عبد العزيز، وأن عبد الملك وهم، وعبد الملك هو أخو عبد العزيز، ولا مانع أن يكون من عنه، ومنهم من يقول: ابن قريب بالباء، ويزعم أنه الأصمعي، لكن يَرد عليه أن الأصمعي لم يسمع من محمد بن سيرين. عن محمد بن سيرين أن رجلاً جاء إلى عمر بن الخطاب، فقال له: إني أجريت أنا أجريت، أنا ضمير فصل يجاء به ليتمكن من العطف على الضمير، ضمير الرفع المتصل، أجريت أنا وصاحب لي فرسين نستبق إلى ثغرة، أو ثغرة ثنية فأصبنا ضبيًا ونحن محرمان، فماذا ترى؟ فقال عمر لرجل إلى جنبه يَحۡكُمُ بِهِۦ ذَوَا عَدۡلٖ } المائدة: ٩٥  اثنان، فقال عمر لرجل إلى جنبه: تعال حتى أحكم أنا وأنت، قال: فحكما عليه بعنز، وسبق أن عمر حكم بالغزالة بعنز، والظبي هو الغزال، فحكم عليه بعنز، فولى الرجل وهو يقول: هذا أمير المؤمنين لا يستطيع أن يحكم في ظبي حتى دعا رجلاً يحكم معه، الأصل أنه إذا كانت المسألة مسألة حكم فالحاكم واحد، لكن مسألة التقدير الذي يترتب عليه الحكم لا سيما وأن المسألة منصوص عليها لا مجال للاجتهاد { يَحۡكُمُ بِهِۦ ذَوَا عَدۡلٖ } المائدة: ٩٥  اثنان فلا كلام، فولى الرجل وهو يقول: هذا أمير المؤمنين لا يستطيع أن يحكم في ظبي حتى دعا رجل يحكم معه، فسمع عمر قول الرجل فدعاه فسأله: هل تقرأ سورة المائة؟ قال: لا. يعني مجرد قراءة القرآن تقيم الحجة لِأُنذِرَكُم بِهِۦ وَمَنۢ بَلَغَ } الأنعام: ١٩  لا سيما في الصدر الأول الذين يفهمون ما يقرؤون، أما الآن يمكن يقرأ القرآن ولا يدري ما يقرأ، هل تقرأ سورة المائدة؟ قال: لا، قال: فهل تعرف هذا الرجل الذي حكم معي؟ قال: لا، فقال: لو أخبرتني أنك تقرأ سورة المائدة لأوجعتك ضربا، لماذا؟ لأن الحجة قد قامت عليك بقراءة سورة المائدة، وفيها الدليل على هذه المسألة، ثم قال: إن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه:يَحۡكُمُ بِهِۦ ذَوَا عَدۡلٖ مِّنكُمۡ هَدۡيَۢا بَٰلِغَ ٱلۡكَعۡبَةِ } المائدة: ٩٥  فلا بد من اثنين، وهذا عبد الرحمن بن عوف، وأهل العلم يختلفون في كون الجاني أحد الاثنين، أو لا بد من اثنين غيره، مسألة خلافية بين أهل العلم.

وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة أن أباه كان يقول: في البقرة من الوحش بقرة؛ لأنها تقاربها، وفي الشاة من الظباء شاة؛ لأنها تماثلها. قال: وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول: في حمام مكة إذا قتل شاة، وعرفنا وجه الشبه بين الحمامة والشاة وهو عب الماء. وقال مالك في الرجل من أهل مكة يحرم بالحج أو العمرة وفي البيت فراخ من حمام مكة، فيغلق عليها فتموت، قال: أرى بأن يفدي ذلك عن كل فرخ بشاة، هذا لا شك أنه إذا قصد أنها تموت أو أغلق عليها الباب ويغلب على ظنه أنها تموت، فمثل هذا يفدي، لكن إذا كان ما شعر بها ولا علم بها، فمثل هذا أمره يختلف لا سيما في قوله جل وعلا: وَمَن قَتَلَهُۥ مِنكُم مُّتَعَمِّدٗا } المائدة: ٩٥  وهذا لم يتعمد، كيف؟

طالب: .................

ولماذا لا ينفع؟

طالب: .................

يحرم صيده.

طالب: .................

معروف طاهر إن شاء الله. يقول: أرى بأن يفدي ذلك عن كل فرخ بشاة. قال مالك: لم أزل أسمع أن في النعامة إذا قتلها المحرم بدنة؛ لأنها تشبهها في طول الرقبة. قال مالك: أرى أن في بيضة النعامة عشر ثمن البدنة، النعامة إذا قتلها المحرم يلزمه بدنة، طيب بيضة النعامة عشر ثمن البدنة، ويقول -وضح الوجه- قال: كما يكون في جنين الحرة غرةٌ عبد أو وليدة، وقيمة الغرة خمسون دينارًا، يعني عشر دية أمه، فإذا قتل الجنين مما يجب أن يُودى أو البيضة في بطن أمها، فإن قيمتها عشر ثمن أمها، وذلك عشر دية أمه، وكل شيء من النسور أو العُقبان أو البُزاة أو الرَّخم فإنه صيد يودى كما يودى الصيد، على خلاف بين أهل العلم، هل يودى المأكول وغير المأكول، أو أنه يقتصر على المأكول، لكنه داخل في مسمى الصيد إذا قتله المحرم، وكل شيء فدي في صغاره مثل ما يكون في كباره، يعني إذا انفصل عن أمه حيًّا فاعتدي عليه ففيه مثل ما في أمه من الجزاء، وذلك ما إذا ولد الطفل، يعني قبل ولادته ديته عشر دية أمه، لكن إذا ولد الدية كاملة وإنما مثل ذلك مثل دية الحجر الصغير والكبير، لا فرق، فهما بمنزلة واحدة سواء، تعطينا الجراد؟ نعم.

باب فدية ما أصاب شيئًا من الجراد وهو محرم، حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن أسلم أن رجلاً جاء إلى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، فقال: يا أمير المؤمنين، إني أصبت جرادات بسوطي وأنا محرم، فقال له عمر -رضي الله عنه-: أطعم قبضة من طعام.

وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن رجلاً جاء إلى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فسأله عن جرادات قتلها وهو محرم، فقال عمر -رضي الله عنه- لكعب -رضي الله عنه-: تعال حتى نحكم، فقال كعب: درهم، فقال عمر -رضي الله عنه- لكعب: إنك لتجد الدراهم لتمرة خير من جرادة.

يقول: باب فدية من أصاب شيئًا من الجراد وهو محرم، تقدم الكلام في الجراد، وهل هو بري أو بحري؟ تقدم أنه ثبت عن بعض من تقدم من الصحابة، وأنهم قالوا: إنه بحري، وأنه نثرة حوت، ولعل هذا مما تُلقي عن أهل الكتاب، إذا كان بحريًّا فكيف يودى، كيف يقاوم إذا كان بحريًّا؟ ما فيه شيء إذا كان بحريًّا، لكن إذا كان بريًّا هذا هو المراد بهذا الباب.

قال: حدثي يحيى عن مالك عن زيد بن أسلم أن رجلاً جاء إلى عمر بن الخطاب، قال: يا أمير المؤمنين، إني أصبت جرادات بسوطي وأنا محرم، فقال له عمر: أطعم قبضة من طعام عن كل جرادة، قبضة من طعام أو شيء يسير من المال يعادل قيمة هذه الجرادة.

وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن رجلاً جاء إلى عمر بن الخطاب فسأله عن جرادات قتلها وهو محرم، فقال عمر لكعب: تعال حتى نحكم؛ ليكونا اثنين. فقال كعب: درهم، فقال عمر لكعب: إنك لتجد دراهم يعني تيسر عليك أمر الدراهم، أنت عندك دراهم، والذي يجد يسهل عليه إخراجه، لكن المشكلة الذي لا يجد، إنك لتجد دراهم لتمرة خير من جرادة، وعلى هذا تقوّم بشيء يسير، ثم بعد ذلك يخرج هذا الأمر اليسير.

والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"