شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح (293)

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمدٍ وآله وصحبه أجمعين.

أيها الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم إلى حلقة جديدة في شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح.

في بداية حلقتنا يسرنا أن نرحب بصاحب الفضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير، فأهلاً ومرحبًا بكم فضيلة الشيخ.

حياكم الله، وبارك فيكم، وفي الإخوة المستمعين.

المقدم: قال –رحمه الله-: عن عائشة –رضي الله عنها-: «أن أزواج النبي –صلى الله عليه وسلم- كُنَّ يخرجن بالليل إذا تبرزن إلى المناصع، وهو صعيد أفيح، فكان عمر يقول للنبي– صلى الله عليه وسلم-: احجب نساءك، فلم يكن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يفعل، فخرجت سودة بنت زمعة زوج النبي –صلى الله عليه وسلم- ليلة من الليالي عشاءً، وكانت امرأة طويلة، فناداها عمر: ألا قد عرفناكِ يا سودة، حرصًا على أن ينزل الحجاب، فأنزل الله– عزَّ وجلَّ- الحجاب».

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد،

فراوية الحديث أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق، زوج النبي –عليه الصلاة والسلام- مر ذكرها مرارًا.

 وعمر الوارد في المتن هو أمير المؤمنين ابن الخطاب –رضي الله عنه- أشهر من أن يُعرَّف. وسودة أم المؤمنين التي ذُكرت في متن الخبر بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس، تزوجها النبي– صلى الله عليه وسلم- بمكة بعد موت خديجة، وقبل العقد على عائشة، وقيل: تزوجها بعد عائشة، وتوفيت في آخر زمان عمر بن الخطاب، كذا في الاستيعاب.

وهذا الحديث ترجم عليه الإمام البخاري بقوله: باب خروج النساء إلى البراز.

يقول ابن حجر: قوله: باب خروج النساء إلى البراز أي: الفضاء، كما تقدم، وهو بفتح الموحدة ثم راءٌ وبعد الألف زاي. قال الخطابي: أكثر الرواة يقولونه بكسر أوله البِراز، وهو غلط؛ لأن البراز بالكسر هو المبارزة في الحرب، يعني: أكثر الرواة يقولونه رواية.

المقدم: أو لغةً؟

أو نطقًا، مجرد نطق من غير تحليل للرواية؛ لأن قوله أكثر الرواة، يقول هنا بكسر أوله وهو غلط لا يمكن تغليطهم إذا كانوا هم الأكثر، إذا كانوا يروونه بالسند إلى آخره، فعلى كل حال هذا كلامه، ولو قال: أكثر الناس يقولونه بغض النظر عن الرواية ومنهم الرواة سليقةً ومطاوعةً للسان، أمكن تغليطهم.

قلت -أي ابن حجر القائل ابن حجر-؛ لأن النقل عنه كلام الخطابي في ضمنه، قلت: بل هو مُوجهٌ لأنه مُطلق بالكسر على نفس الخارج. قال الجوهري: البِراز المبارزة في الحرب، والبِراز أيضًا كناية عن سفل الغذاء وهو الغائط. والبَرَاز بالفتح هو الفضاء الواسع، انتهى.

لو نظرنا في الترجمة: باب خروج النساء إلى البَراز إذا كان يُطلق على سِفل الغذاء وهو الغائط، فخروجهن من أجله إلى البِراز، وقد يُطلق الشيء وقد يراد محله كالغائط صح التعبير بالكسر، وتوجيه ابن حجر وجيه، على هذا إذا قلنا: البراز نفس الخارج الذي هو سفل الغذاء كما ذكر الجوهري.

والبَراز بالفتح الفضاء الواسع، فالبِراز الحال الذي هو الغائط، والبَراز بالفتح المحل، ويُطلق المحل ويراد الحال، والعكس، كما قالوا في الغائط: المكان المطمئن صار يطلق على الخارج.

قال ابن حجر: فعلى هذا من فتح أراد الفضاء، فإن أطلقه على الخارج فهو من إطلاق المحل على الحال، كما تقدم مثله في الغائط ومن كسر أراد نفس الخارج.

العيني تعقب ابن حجر في عمدة القاري، بعد أن نقل ما تقدم، قال: قلت الذي قاله غير موجه، يعني غير وجيه؛ لأن ابن حجر قال: بل هو موجه، يعني: الكسر، قلت: الذي قاله غير موجه والتوجيه مع الخطّابي، يعني: الكسر خطأ.

قال في العباب: قال ابن الأعرابي: برِز بالكسر إذا ظهر بعد خمول، وبرز بفتحها إذا خرج إلى البراز للغائط، وهو الفضاء للواسع.

قال الفرّاء: هو الموضع الذي فيه شجر ولا غيره. والبِراز الحاجة، سُميت الصحراء به كما سميت بالغائط، ومنه: حديث النبي –صلى الله عليه وسلم-: «اتقوا الملاعِن الثلاث: البِراز في الموارد، وقارعة الطريق، والظل».

الآن عرفنا كلام الخطابي وتغليطه للرواة وتوجيه ابن حجر لكلام الرواة، وأنه لا يختلف تمامًا عن الغائط أنه يطلق على المحل والحال، فإذا أطلقناه بالفتح أو الكسر فإن أطلقناه بالكسر أطلقناه على الحال، ويشمل المحل، والعكس.

العيني تعقب كلام ابن حجر ووجه كلام الخطابي وأيده وصوبه، وعلى كل حال المسألة الخلاف فيها يسير؛ لأن اللغة تتسع لمثل هذا.

والمناسبة بين البابين كما يقول العيني ظاهرة؛ لأن في الباب الأول: باب من تبرز على لبنتين حكم التبرز، وهنا حكم البراز. قاله العيني، ومطابقة الحديث للترجمة في قوله: «إذا تبرزنا إلى المناصع». وأشار البخاري بهذا الباب إلى أن تبرز النساء إلى البراز كان أولًا لعدم الكنف في البيوت، وكان رخصة لهن، ثم لما اتخذت الكنف في البيوت مُنعن من الخروج منها إلا عند الضرورة، وعقد على ذلك الباب الذي يلي أو الذي يأتي عقب هذا الباب.

المقدم: عندنا محذوف.

نعم معروف، لكن في الأصل: باب التبرز في البيوت، يعني لما اتخذت الكنف في البيوت مُنعن من الخروج منها، من البيوت، إلا عند الضرورة، وعقد على ذلك الباب الذي يأتي عقب هذا الباب، يعني باب التبرز في البيوت ممن لم يذكر المختصر حديثه.

قال ابن حجر على الترجمة الثانية "باب التبرز في البيوت": عقَّب المصنف بهذه الترجمة ليشير إلى أن خروج النساء للبَراز لم يستمر، بل اتخذت بعد ذلك الأخلية في البيوت، فاستغنين عن الخروج إلا للضرورة. انتهى.

عن عائشة –رضي الله عنها-: «أن أزواج النبي –صلى الله عليه وسلم-» يقول الكرماني: أي أمهات المؤمنين، ثم قال: فإن قلت: فهل يدخل نفس الراوي -أي: عائشة- تحت لفظ الأزواج، عائشة ماذا تقول: «أن أزواج النبي –صلى الله عليه وسلم- يخرجن بالليل يتبرزن إلى المناصع» هل تدخل في هذا الخطاب كانت تخرج معهم؟ أو هي تتحدث عن غيرها؟

المقدم: أكيد معهم، هي من الأزواج.

«أن أزواج النبي –صلى الله عليه وسلم- كن يخرجن بالليل يتبرزن إلى المناصع» يقول الكرماني: فهل يدخل نفس الراوي –يعني: عائشة- تحت لفظ الأزواج في هذا الحكم أو هي خارجة منها بقرينة كونها راوية له؟

المقدم: الأظهر أنها من الأزواج، ما الذي يمنع؟

إلا إذا دلَّ الدليل أو قرينة على أنها لم تدخل.

المقدم: دليل على أنها لم تخرج.

لو مثلًا: أنت قلت: إن المذيعين يفعلون كذا وكذا، أنت منهم، لكن لو كان على سبيل الانتقاد دلت القرينة على أنك لست منهم، فعائشة –رضي الله عنها- هل هناك قرينة تخرجها من السياق؟ وهذه مسألة أصولية فيها خلاف كبير، هل يدخل المخاطب في خطابه أو لا يدخل؟ هل المخاطب يدخل في خطابه أو لا يدخل؟ انظر ماذا يقول أهل العلم؟ قلت: هذه مسألة أصولية –هذا كلامي- اختلف فيها، والأكثر على أن المخاطِب بكسر الطاء داخل تحت عموم متعلق خطابه أمرًا أو نهيًا أو خبرًا.

الأكثر على أن المخاطب بكسر الطاء داخل تحت عموم متعلق خطابه أمرًا أو نهيًا أو خبرًا، نحو: من أحسن إليك فأكرمه، يعني: هل إذا قلت لولدك مثلًا: من أحسن إليك فأكرمه، إذا أحسنت إليه أنت تدخل في هذا الخطاب عليه أن يكرمك؟

المقدم: بلى، من باب أولى.

فإن المتكلِّم يدخل تحته حتى لو أحسن إليك يجب عليك إكرامه، يقول الشيخ تقي الدين الفتوحي في مختصر التحرير وشرحه، تحرير المرداوي في أصول الفقه عند الحنابلة، متن من أمتن المتون عندهم، ومختصره معتصر، من هذا المتن، بحيث صارت عبارته مستغلقة على كثير من طلاب العلم، شرحه مؤلفه، شرح الكوكب المنير، طُبِع طبعة قديمة، طبعه الشيخ حامد الفقي قبل خمسين سنة، لكنها طبعة اعتمدت على نسخة سيئة جدًّا، فيها سقط في موضعٍ واحد أكثر من مائتي صفحة، وفيها أكثر من ثلاثين ورقة خطأ وصواب، ثم بعد لك حُقق الكتاب في جامعة أم القرى، في أربعة مجلدات.

يقول الشيخ تقي الدين الفتوحي في مختصر التحرير وشرحه: والمتكلِّم داخل في عموم كلامه، أي كلام نفسه مطلقًا، سواء كان الكلام خبرًا أو إنشاءً أو أمرًا أو نهيًا إن صلح عند دخوله، هكذا كلامه، أو إن صلح دخوله -عندك كأنها زائدة- عند أكثر أصحابنا، يعني: الحنابلة، وبعض الشافعية وغيرهم نحو: {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [البقرة:282] إذا قلنا بصحة إطلاق لفظ الشيء عليه – وتعالى-، وقول السيد لعبده: من أحسن إليك فأكرمه أو فلا تهنه، ذكره الآمدي عن الأكثر، ولأن اللفظ عام، ولا مانع من الدخول، والأصل عدمه، يعني: والأصل عدم المانع.

وعن الإمام أحمد رواية أخرى: لا يدخل إلا بدليل، لماذا؟ لأن الأصل أن المتحدث يتحدث عن غيره، يعني يخبر غيره، يأمر غيره، ينهى غيره، هذا الأصل.

قال: وعند الإمام أحمد رواية أخرى: لا يدخل إلا بدليل وقيل: لا يدخل مطلقًا، وقال أبو الخطاب: والأكثر لا في الأمر ولا في النهي، يعني: لا يدخل في الأمر ولا في النهي.

انظر إلى كلام الآمدي، الآمدي في الأحكام يقول: اختلفوا في المخاطب، هل يمكن دخوله في عموم خطابه لغةً أو لا؟

المقدم: أبطل كتاب الأحكام أصول الإحكام؟

لا، أصلها الإحكام في أصول الأحكام، يعني إذا قُرئ كاملًا.

المقدم: إذا قُرئ كاملًا، وإذا أطلقوه يقولون في كتاب الإحكام.

إما الأحكام باعتبار أنه في أصول الأدلة أو الإحكام.

والمُختار دخوله –المختار دخوله في خطابه يعني- وعليه اعتماد الأكثرين، وسواء كان كتابه العام أمرًا أو نهيًا أو خبرًا؛ أما الخبر: فكما في قوله تعالى: {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} فإن اللفظ بعمومه يقتضي كون كل شيء معلومًا لله تعالى، وذاته وصفاته أشياء، فكانت داخلة تحت عموم الخطاب، يعني: لا شيء أغير من الله، فدل على أنه يطلق الشيء، فكانت داخلة تحت عموم الخطاب. والأمر يعني: كما لو قال السيد لعبده: من أحسن إليك فأكرمه فإن خطابه لغةً يقتضي إكرام كل من أحسن إلى العبد، فإذا أحسن السيد إليه صدق عليه أنه من جملة المحسنين إلى العبد، فكان إكرامه على العبد لازمًا بمقتضى عموم خطاب السيد.

يعني: لو أن شخصًا أوقف أرضًا أو ما يمكن إيقافه وتسبيله وله غلة، وقال: غلته تُصرف على العلماء، وهو واحد منهم، هل له أن يأخذ من هذه الغلة أو ليس له؟ يعني: يدخل في عموم كتابه أو لا يدخل؟

المقدم: على حسب مراده من الوضع.

على الخلاف، فكان إكرامه على العبد لازمًا بمقتضى عموم خطاب السيد، وكذلك في النهي كما إذا قال له: من أحسن إليك فلا تسئ إليه، وهذا في الوضوح غير محتاج إلى الإطناب، ثم ذكر دليل المخالف. {وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الأنعام:101] يعني: مقتضى القول بدخوله أنه يعلم عن نفسه وعن صفاته وعن جميع ما يتعلق به، هذا لا إشكال فيه.

لكن في قوله: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الرعد:16] لأن هذه من أدلة المخالفين، هذا دل الدليل القطعي على أنه غير داخل في خطابه؟ ولذلك إذا قيدنا الخلاف وقلنا: يدخل إلا إذا دل الدليل على عدم دخوله، انتهى الإشكال.

المقدم: ما يمتنع دخوله.

ما يورده الخصم ما يرد.

المقدم: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ} [الأحقاف:25].

يقولون هذا تخصيص بالعقل، هناك أشياء لا تقبل التدمير، السماوات والأرض يمتنع دخولها، {وأوتيت من كل شيء}، يعني: ما أوتيت مما أوتيه سليمان –عليه السلام-.

«كنَّ يخرجن بالليل؛ لأنه أستر لهن بخلاف النهار» وجاء في حديث الإفك: «وكنا لا نخرج إلا ليلًا»، «لأنه أستر لهن بخلاف النهار» والباء ظرفية.

«إذا تبرزن» أي: إذا أردنا البراز كما هو معلوم، «إلى المناصع» وهو صعيد أفيح يقول الكرماني: المناصع بالنون والصاد والعين المهملتين، جمع المنصع، مفعل من النصوع وهو الخلوص. والمراد منه: ما فُسر به وهو الصعيد؛ لأنه فسره في الحديث: وهو صعيد أفيح، وهو الصعيد الأفيح، والصعيد التراب، وقيل: وجه الأرض، والأفيح بالفاء والحاء المهملة الواسع، ودار فيحاء أي: واسعة، وفاحت المفازة أي: اتسعت، وكأنه سُمي بالمناصع لخلوصه عن الأبنية والأماكن.

وقيل: «المناصع» موضع معروف بالمدينة، والجار والمجرور متعلق بيخرجن، ويحتمل أن يتعلق بقوله: «يبرزن» يخرجن إلى المناصع أو يبرزن إلى المناصع، ولا فرق، يعني: يجوز تعلقه بأحدهما بلا فرق.

في شرح الخطابي يقول: «المناصع» موضع معروف، والصعيد وجه الأرض، والأفيح الواسع، ودار فيحاء أي: واسعة. الآن الخطابي رجح أنه موضع بعينه يخرجن إليه، وإن كان النص "يتبرزن إلى المناصع وهو صعيد أفيح" لا يقتضي تحديده بمكان معين.

في فتح الباري: «المناصع» بالنون وكسر الصاد المهملة، بعدها عين.. بمناسبة ذكر فتح الباري، بعض الإخوان يقول: إنكم أهملتم فتح الباري لابن رجب، ما نسمعكم تذكروه منذ أمدٍ طويل، نقول: فتح الباري لابن رجب فيه خرم أكثر من خمسين حديثًا، وكنا نأتي على جميع كلامه في أول الأمر، فلما وُجد هذا الخرم ننتظر عودة الكتاب، فما أهملناه، بل هو منا بمنزلة الجلدة بين العين والأنف، يعني: هو أقرب الكتب إلى قلبي، لكنه فيه خرم، من أين نأتي بكلام ابن رجب وهو غير موجود؟! لأن بعض الإخوان ذكره في مجلس من المجالس، فأريد أن أبين هذا الأمر، وإلا فشرح ابن رجب معروف قدره.

أقول: في فتح الباري –يعني: لابن حجر- «المناصع» بالنون وكسر الصاد المهملة، بعدها عين مهملة، جمع منصع، بوزن مقعد، وهي: أماكن معروفة من ناحية البقيع.

قال الداودي: سُميت بذلك لأن الإنسان ينصع فيها، أي: يخلص؛ لأنها فيحاء، يعني: واسعة يُرى فيها الإنسان، والظاهر –يقول ابن حجر- أن التفسير مقول عائشة، يعني: التفسير وهو صعيد أفيح، من كلام عائشة التي قالت: «يتبرزن إلى المناصع» فسرت المناصع قالت: «وهو صعيد أفيح». يقول ابن حجر: والظاهر أن التفسير مقول عائشة، والأفيح بالحاء المهملة المتسع.

تعقبه العيني بقوله: قلت: لا دليل على الظاهر، يعني: كون التفسير من عائشة، وإنما هو يحتمل أن يكون منها أومن عروة، يعني: الراوي عنها، عن عروة عن عائشة، يعني الرواي عنها، أو ممن دونه كابن شهاب، وهو معروف بتفسير بعض الألفاظ بالإدراج في أثناء النصوص، كما تقدم في الحديث، حديث الغار، يعني: حديث نزول الوحي، يتحنث وهو التعبد، يعني: فسر ابن شهاب التحنث بالتعبد، وهذا يوجد منه، يقول العيني: لا دليل على الظاهر يعني كون التفسير من عائشة، وإنما هو يحتمل أن يكون منها أو من عروة الراوي عنها أو ممن دونه كابن شهاب.

قال ابن حجر في انتقاض الاعتراض، يعني وموضوعه موضوع انتقاض الاعتراض الرد على إيرادات العيني واعتراضاته، قلت: التعبير بالظاهر لا يمنع الاحتمال، هل جزم ابن حجر؟

المقدم: أبدًا.

لم يجزم؛ لأنه قال الظاهر، قلت: التعبير بالظاهر لا يمنع الاحتمال، ودليل الظهور، ما دليل الظهور كونه أظهر من غيره وأولى، كون عائشة أولى من عروة ومن ابن شهاب؟ ودليل الظهور أن الأصل كلما عُطف على ما قبله فهو من كلام الذي نُسب إليه الأول حتى يقع التصريح بغيره، لكن مثل هذا كيف نصل إلى حقيقة الأمر، ونعرف الذي فسر بالتحديد وتعيين بالروايات الأخرى، ولو وقع ذلك في رواية من الروايات لاطلع عليها الحافظ، يعني: قد تخفى الروايات على العيني، قد تخفى عن الكرماني، قد تخفى عن غيرهما من الشراح، لكن ابن حجر ما يمكن، لا يُظن أنه حفظ الدنيا كلها، لكن من خلال الاستقراء من كتابه من أوله إلى آخره يدل على أنه واسع الاطلاع.

ودليل الظهور أن الأصل كلما عطف على ما قبله فهو من كلام الذي نُسب إليه الأول حتى يقع التصريح بغيره، فكان عمر –رضي الله عنه- يقول للنبي –صلى الله عليه وسلم-.

جملة: "كان عمر يقول" مكونة من كان واسمها، وخبرها جملة "يقول" «احجب نساءك» قال ابن حجر: أي امنعهن من الخروج من بيوتهن، بدليل أن عمر –رضي الله عنه- بعد نزول آية الحجاب قال لسودة ما قال كما سيأتي قريبًا، قال: «ألا قد عرفناكِ يا سودة» حرصًا على أن ينزل الحجاب، فأنزل الله –عزَّ وجل-الحجاب. في كلام ابن حجر.

المقدم: قالها بعد.

إي نعم، يقول: امنعهن من الخروج من بيوتهن بدليل أن عمر –رضي الله عنه- بعد نزول آية الحجاب قال لسودة ما قال وسيأتي قريبًا.

الخلاف في سبب نزول الحجاب معروف، هل هو ما جاء في هذا الحديث؟ أو هو في قصة زينب الثلاثة الذين تأخروا عنده بعد أن طعموا واستحيى منه النبي –عليه الصلاة والسلام-؟ أو هو بسبب قول عمر: «احجب نساءك فإنه يدخل عليهن..» على ما سيأتي تفصيله إن شاء الله تعالى.

المقدم: أحسن الله إليكم، إذًا نكتفي بهذا على أن نستكمل بإذن الله ما تبقى في حلقة قادمة.

أيها الإخوة والأخوات، لتذكير من يتابعنا من خلال كتاب مختصر صحيح البخاري التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح للإمام الزبيدي، نحن في الحديث (120) بحسب الأصل أو حسب المختصر (146) بحسب الأصل في باب خروج النساء إلى البراز.

 

نلقاكم بإذن الله تعالى في حلقة قادمة وأنتم على خير، شكرًا لطيب المتابعة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.