بلوغ المرام - كتاب الجامع (10)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم.

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام: باب الترغيب في مكارم الأخلاق عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقًا وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وما يزال يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابًا» متفق عليه وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال «إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث» متفق عليه وعن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «إياكم والجلوس على الطرقات» قالوا يا رسول الله ما لنا بد من مجالسنا نتحدث فيها قال «فأما إذا أبيتم فأعطوا الطريق حقه» قالوا وما حقه قال «غض البصر وكف الأذى وردُّ السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» متفق عليه وعن معاوية رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين» متفق عليه وعن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «ما من شيء في الميزان أثقل من حسن الخلق» أخرجه أبو داود والترمذي وصححه وعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «الحياء من الإيمان» متفق عليه وعن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «إن مما أدرك».

وعنه وعن في الأخير.

سم رعاك الله.

عن.

وعن ابن مسعود.

ابن مسعود الطبعات الثانية فيه شيء؟

طالب: ............

على كل حال نسخ البلوغ كلها ابن مسعود والصواب عن أبي مسعود.

أحسن الله إليك.

وعن أبي مسعود رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت» أخرجه البخاري وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا كان كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان» أخرجه مسلم وعن عياض بن حمار رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «إن الله تعالى أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يبغي أحد على أحد ولا يفخر أحد على أحد» أخرجه مسلم وعن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال «من رد عن عرض أخيه بالغيب رد الله عن وجهه النار يوم القيامة» أخرجه الترمذي وحسنه ولأحمد من حديث أسماء بنت يزيد رضي الله تعالى عنها نحوه وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «ما نقصت صدقة من مال وما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلا عزًا وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله تعالى» أخرجه مسلم وعن عبد الله بن سلام رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «يا أيها الناس أفشوا السلام وصلوا الأرحام وأطعموا الطعام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام» أخرجه الترمذي وصححه وعن تميم الداري رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «الدين النصيحة» ثلاثا قلنا لمن هي يا رسول الله قال «لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم» أخرجه مسلم وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «أكثر ما يدخل الجنة تقوى الله وحسن الخلق» أخرجه الترمذي وصححه الحاكم وعنه رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «إنكم لا تسعون الناس بأموالكم ولكن ليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق» أخرجه أبو يعلى وصححه الحاكم وعنه رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «المؤمن مرآة أخيه المؤمن» أخرجه أبو داود بإسناد حسن وعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم» أخرجه ابن ماجه بإسناد حسن وهو عند الترمذي إلا أنه لم يسم الصحابي وعن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «اللهم كما حسنت خلْقي فحسن خلُقي» رواه أحمد وصححه ابن حبان.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف رحمه الله تعالى: باب الترغيب في مكارم الأخلاق بعد أن قدَّم الترهيب من مساوئ الأخلاق لأن الأخلاق منه أو منها ما هو محمود ومنها ما هو مذموم من الأخلاق ما يُذم ويعاب وقد أتى في الشرع الترهيب والتنفير منه وهذا تقدم وقسيمه ما يُحمد من الأخلاق ما يُحمد من الأخلاق وقد جاء في الشرع مدحه والترغيب فيه وهو محل الدرس والمراد من الأخلاق الأخلاق الغريزية التي يجبل عليها الإنسان وما يكتسبه الإنسان بالتخلق قد يقول قائل الأخلاق الغريزية التي جُبل عليها الإنسان التي لا يستطيع التخلي عنها ما دوره فيه بحيث يذم أو يمدح؟ والعلماء في تعريف الحمد والمدح يربطونه بالأمور الاختيارية بالجميل المدح يكون مناطه الجميل الاختياري لا الجمال الإجباري الجمال الاختياري الذي يستطيع الإنسان أن يتخلى عنه أو يوجده هذا مناط المدح والذم عندهم وأما الإجباري الذي لا يستطيع أن يتخلى عنه فإنه لا يناط به ولا يعلق به مدح ولا ذم لكن هذا يلاحَظ في الخَلْق لا في الخُلُق ولذلك تجدون أمثلتهم على هذا يقولون إن الإنسان لا يمدح بجمال القد ولا ببياض الخد وما أشبه ذلك ما يذم فلان لأنه قصير أو يمدح لأنه طويل أو العكس أو لأنه أبيض أو لأنه أحمر أو أسود أو غير ذلك هذا إجباري ليس له به يد فليس محلاً للذم ولا للمدح أما الاختياري وهو ما يتعلق بالخلُق لا بالخلْق فمنه أيضًا الغريزي الذي جبل الإنسان عليه ومنه المكتسب فالغريزي الذي جبل عليه الإنسان يطلب من الإنسان أن يتخلق بضده إذا كان مذمومًا أو يتخلق به إذا كان محمودًا ولو جبل على خلافه كما قالوا العلم بالتعلم والحلم بالتحلُّم يعني الإنسان يمرّن نفسه ومع الوقت يجد نفسه متصفًا به ولذا جاء ذم الغضب والوصية النبوية التي تحدثنا عنها في دورة مضت الرجل الذي قال للنبي -عليه الصلاة والسلام- أوصني قال «لا تغضب» كثير من الناس يقول أنا خلقت على هذا جبلت على هذا كيف أذم بالغضب وأنا مجبول عليه نقول لا تغضب مع ذلك لا تغضب لأن هذا مع التخلُّق ومع الوقت ومع التمرن يزول بإذن الله ولو لم يزل بالكلية المقصود أنك تجاهد فتؤجر على هذا الجهاد وتعان على أن تتخلق بضده ولذا في حديث في وفد عبد القيس لما جاؤوا إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- ومدح سيدهم قيس بن عاصم قال «إن فيك خصلتين يحبهما الله ورسوله الحلم والأناة» هل يتسنى  لكل الناس أن يكونوا أو يكون فيهم حلم وأناة بحيث يمدحون بها أو يتخلقون بضدها جبلة وخلقة فيذمون بذلك؟ ما يتسنى لكل الناس إلا بعض من جبل على ذلك أو تخلق بذلك وأطر نفسه على ذلك وأخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- أن أنه جبل على هذين الخلقين الذَين يحبهما الله ورسوله وهذا من توفيق الله جل وعلا للإنسان وإلا لو جبل على ضده ما ما بيده حيلة إلا بالتخلُّق هذا يستطيع مع الوقت أنه يتصف بالوصف ولو لم يكن من أهله ابتداءً فعلى الإنسان الذي جبل على شيء من مساوئ الأخلاق ألا يستسلم يقول والله أنا جبلت على هذا أنت مأمور بحسن الخلق فاسع لذلك وإذا علم الله جل وعلا منك صدق النية أعانك أما أن تستسلم للغضب تقول والله أنا ما أقدر أنا جبلت على هذا نقول ما يكفي تخلق تحلم كما يقال لك وقد كنت ظلومًا جهولاً كما يقال لك تعلَّم إذا قيل لشخص جبل على الغضب تحلَّم قد يرد برد قوي أنا لا أستطيع لكن من كان جاهلاً وقيل له تعلَّم هل يقول أنا لا أستطيع لاسيما وأن العلم قد ربط به كثير من أمور الدنيا في عصرنا أي واحد يبي يستسلم من من من بلوغه التمييز إلى العشرين يقول والله أنا ما أنا جبلت على الجهلة خلاص كما جبل فلان على الغضب وغيره نقول تعلم وللثاني نقول تحلم فهذه ما جبل عليه الإنسان وفطر عليه الإنسان لا بد أن يسعى إلى الكمال قال رحمه الله عن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «عليكم بالصدق» والصدق شأنه عظيم في الإسلام «عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر» يهدي إلى البر يهدي إلى الخير وأصل البِر مأخوذ من البَر المكان الواسع فيقال في البِر هو التوسع في فعل الخير والبِر يشمل جميع أنواع الخير البقرة: ١٧٧  إلى آخره هذا هو البر فإذا كانت الوسيلة إلى هذا البر المطلوب المحمود هي الصدق فالصدق مطلوب محمود يعني فإنه يهدي صار وسيلة هل يطلب لذاته أو لغايته؟ «عليكم بالصدق فإنه يهدي إلى البر» في هذا النص دليل على أن الصدق وسيلة إلى البر والبر مطلوب ووسيلته مطلوبة من باب أن الوسائل لها أحكام الغايات وجاء في كثير من النصوص ما يجعل الصدق غاية مطلوبة لذاتها وما من غاية إلا وهي وسيلة لما هو أعظم منها من الغايات تجد وسائل متدرجة هذا وسيلة إلى هذا وهذا وسيلة إلى هذا مثل ما نقول التكسب وسيلة إلى الحصول على الماء والماء وسيلة إلى الوضوء والاغتسال به إلى الطهارة والطهارة وسيلة إلى الصلاة فالصدق مطلوب لذاته وجاء مدحه في نصوص كثيرة لكنه هنا طُلب لأنه يهدي إلى البِر ولا يعني أنه لا أجر فيه لذاته إنما هو مطلوب لذاته ولما يؤدي إليه من البر ولذا جاء بصيغة الإغراء «عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة» صار البر وسيلة إلى غاية أخرى وهي دخول الجنة وهل يحسن بالمسلم المؤمن أن تكون الغاية عنده الجنة؟ أو يكون غايته وهدفه تحقيق مرضاة الله جل وعلا بتحقيق الهدف الذي من أجله خلق وهو العبودية لله جل وعلا النظر إلى الغاية وهي دخول الجنة هل يخدش في أصل القصد أو لا يخدش؟ لا يخدش يعني بعض المتصوفة قالوا إن من من كان هدفه الجنة فقد أشرك مع الله جل وعلا وناقض آخر سورة الكهف   الكهف: ١١٠  هذا أشرك الجنة نقول مثل هذا التشريك شرعي ولو لم يكن شرعيًا لما وردت به النصوص التي تربط هذه الطاعات بدخول الجنة ولو أنه كان مؤثرًا في القصد لما جاءت به النصوص نصوص الكتاب والسنة «وإن البر يهدي إلى الجنة وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق» يتحرى يهتم لما ينطق به يحسب للكلمة التي تصدر منه ألف حساب أن تكون مطابقة للواقع لتكون صدقًا «وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقًا» منزلة الصديقين بعد منزلة ﭿ النساء: ٦٩  قبل الشهداء وقبل الصالحين منزلة رفيعة إذا كان الإنسان يصدق في جميع أقواله وأفعاله أقواله وأفعاله مطابقة للواقع ويتحرى ذلك يتثبت ما يلقي الكلام  على عواهنه ولا يتحدث بكل ما سمع ليكون ليكتب عند الله صديقًا فتحصل له هذه المنزلة العظيمة «وإياكم والكذب» هذا تحذير الأول إغراء والثاني تحذير من الخلق الذميم المنافي المناقض للصدق «وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور» الفجور كما قالوا أصله الشق كما تفجر الساقية ونحوها تشقها من أجل أن يخرج منها الماء إلى جهة أخرى    ﮈﮉ البقرة: ٦٠  الفجور أصله الشق وهو في عُرْف الشرع شق الديانة والإخلال بها «وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار» نسأل الله السلامة والعافية كما أن الصدق يهدي إلى البر والبر يهدي إلى الجنة «وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب» يكذب في حديثه إذا قال كلامًا وجد مخالفًا للواقع ويتحرى ما يكفيه أنه يكذب في كلمة عابرة أو في جملة عابرة لا، إنما يتحرى ذلك بحيث يكون خلقًا ملازمًا له فيكتب عند الله كذابًا متفق عليه قال وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال «إياكم والظن» وهذا أيضًا تحذير «والظن فإن الظن أكذب الحديث» وهذا الحديث تقدم قبل ثلاثين صفحة فما أدري كرره الحافظ لمناسبته للباب مع أنه ليس من مكارم الأخلاق وإنما هو من مساوئ الأخلاق قال في الحديث الثامن الحديث الثامن من مساوئ الأخلاق قال وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث» وفي الحديث الثاني من مكارم الأخلاق قال وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال «إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث» متفق عليه ولا شك أن هذا تكرار والحديث لا يناسب الباب لأن الظن المذكور هنا ليس من مكارم الأخلاق بل هو من مساوئ الأخلاق ولذا جاء التحذير عنه والظن كما ذكرنا في دروس مضت متفاوت يبدأ من كونه أكذب الحديث كما هنا ويمر بكونه لا يغني من الحق شيئًا ثم يتجاوز ذلك إلى أن يكون هو الاحتمال الراجح ويُعمل به بل يجب العمل به في النصوص التي ثبوتها أو دلالتها ظنية يجب العمل به وينتهي بكونه يقين لا يقبل التردد كما في قوله جل وعلا البقرة: ٤٦  فهل الإيمان بالبعث الذي هو من أركان الإيمان يقبل النقيض يظن يعني يغلب على ظنه وفي احتمال أنه ما يبعث وما يلاقي ربه مثل هذا يغني من الله شيئًا؟ لا، ولو كان الاحتمال الراجح بل لا بد من اليقين الذي لا تردد فيه ولا يحتمل النقيض فالظن متفاوت وعلى كل حال مثل وجود هذا الحديث في في هذا الموضع يعني المفترض أنه ما يوجد لأنه مضى في الترهيب من مساوئ الأخلاق والمناسب هناك قال رحمه الله وعن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «إياكم والجلوس بالطرقات» هذا أيضًا تحذير لماذا؟ لأنها لا تسلم من مخالفة إما أن يحصل منك منكر أو ترى منكرًا لا تستطيع تغييره فالجلوس في الطرقات لا بد أن تُعرِّض نفسك فيه لمخالفة إما أن تصدر منك أو من غيرك فلا تستطيع الإنكار «إياكم والجلوس في الطرقات أو بالطرقات» قالوا يا رسول الله ما لنا بد من مجالسنا نتحدث فيه نعم كانت البيوت ما تستوعب أن يجتمع فيها الناس والأقران والخِلان يتحدثون بيوت صغيرة وما فيها وسائل راحة من تبريد أو تدفئة عند الحاجة إليها وما فيه أيضا تعدد منازل بحيث تستوعب الأسرة وتستوعب الضيوف وتستوعب الذين يتحدثون فيحتاجون إلى أن يتحدثوا بالطرقات ولذلك قال أو قالوا يا رسول الله ما لنا بد من مجالسنا نتحدث فيها قال «فأما إذا أبيتم» مما يدل على أنهم فهموا التحذير بقوله «إياكم والجلوس بالطرقات» إلى أنه لا يصل إلى حد المنع الجازم الذي يصلي إلى التحريم ولو فهموا منه ذلك لما راجعوه -عليه الصلاة والسلام- قالوا يا رسول الله ما لنا بد من مجالسنا نتحدث فيها قال «فأما إذا أبيتم فأعطوا الطريق حقه» نعم إذا تحققت المصلحة فلا ترتكبوا مفسدة «أعطوا الطريق حقه» إذا تجاوزتم المفسدة الموجودة بالطرقات الصادرة منكم أو من غيركم مما لا يستطاع إنكاره ولا يقدر على إنكاره «أعطوا الطريق حقه» لا ترتكبوا معاصي ولا تكونوا سببًا لتعريض أنفسكم لمنكرات لا تقدرون على إزالتها قالوا وما حقه قال «غض البصر» لأنه لا بد أن يمر بالطريق امرأة فعليك حينئذٍ أن تغض البصر ﭿ النور: ٣٠  هذا حق للطريق «وكف الأذى» والآن جاءت هذه الفتن إلى البيوت إياكم والطرقات ما نجلس في الطرقات نجلس في بيوتنا وبواسطة هذه الآلات المحظور الأول بدل ما هو في الطريق جاءك في بيتك من خلال هذه الآلات وحينئذٍ يجب عليك أن تغض البصر أول ما بدأ بغض البصر لأنه وسيلة إلى شرور وغايات لا تحمد غض البصر جلس في بيته يتحدث مع أولاده ما جلس في الطرقات الرسول يقول «إياكم والجلوس في الطرقات» أنا جالس في بيتي طيب عندك هذه القنوات نسأل الله السلامة والعافية وقد يكون مرور المرأة في الطريق متحجبة لا يلفت مثل ما تلفت هذه الصور التي في القنوات المزينة بكامل الزينات وتجد الإنسان يتبع بصره ويقول هذه ليست امرأة هذه صورة ويفتن بها وتسلبه لبه وعقله ويقول ليست صورة نقول هي صورة بل صورة متبرجة وفاتنة فأعط هذا المجلس حقه الأصل أن تدرأ الفتنة من أصلها ولا تمكن نفسك من ولا تعرض نفسك وولدك للفتن فتمكنهم من النظر إلى هذه الوجوه التي تفتن وأصحاب هذه الآلات يحاولون جذب الناس بكل وسيلة وأعظم ما يجذب الناس حسب استقرائهم المرأة بكامل زينتها لشدة ميل الرجل إليها غض بصرك ولو لم تكن في الطريق الأصل ألا تعرض نفسك للفتن فلا تدخل هذه القنوات وإذا حصل لك مثل هذا يجب عليك أن تغض البصر «وكف الأذى» كف الأذى سواء كان بالقول أو بالفعل لأن بعض الناس ما يترك أحد يمر عليه إلا وقد ناله منه سوء فتجد الناس يتجنبون هذا الطريق مادام موجودًا فيه «وشر الناس من تركه الناس اتقاء شره» «وكف الأذى» سواء كان باللسان أو بالفعل «ورد السلام» إذا سلم عليك أحد وأنت جالس في الطريق يجب عليك أن ترد السلام «والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» إذا رأيت منكرًا فلا بد من تغييره «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان» فمادام أنت جلست في هذا المكان الذي يتوقع أن يكون فيه منكر يجب عليك أن تنكر المنكر متفق عليه قال رحمه الله وعن معاوية رضي الله عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين» متفق عليه وهذا الحديث حديث عظيم فيه الحث على التفقه التفقه هو الفهم للدين بجميع أبوابه وليس المراد منه الفقه الاصطلاحي الذي يقصر هذا العلم على الحلال والحرام في الأبواب المعروفة من العبادات والمعاملات والمناكحات والجنايات لا يقتصر الفقه على هذا «يفقهه في الدين» والدين يشمل جميع أبواب الدين كما جاء في حديث جبريل وسؤاله النبي -عليه الصلاة والسلام- حينما سأله عن الإيمان والإسلام والإحسان قال «هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم» فكل هذه من الدين «يفقهه في الدين» لا يكفي أن يكون عالم بالحلال والحرام متفقه في الصلاة والزكاة وغيرهما إنما يتفقه بجميع أبواب الدين وأعظم ذلك الفقه الأكبر وهو الاعتقاد الصحيح المتلقى من الكتاب وما صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على فهم سلف هذه الأمة وأئمتها «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين» الذي لا يتفقه في الدين لم يرد الله به خيرًا لكن هل من لازم ذلك أن يكون الله قد أراد به شرًا؟ إن استبدل هذا الخير بالشر نعم، لكن قد يكون لم يتصف بالخير الذي دل عليه هذا الحديث لكنه ليس من أهل الشر ككثير من عامة المسلمين الذين فيهم خير كثير أهل صلاة وأهل عبادة وأهل صيام وأهل ذكر لكنهم لم يتفقهوا في الدين لا يقرؤون ولا يكتبون هل نقول أن هؤلاء أراد الله بهم شرًا؟ وقد يكون من أثرياء المسلمين وهو عامي لم يتفقه ومع ذلك لا يترك بابًا من أبواب الدين أو من من أبواب الخير لا يترك بابًا من أبواب الخير إلا وله فيه سهم وافر يجود فيه بماله بنفس طيبة بطيب نفس هل نقول أن مثل هذا أراد الله به شرًا؟ لا، لكن الله لم يرد به خيرًا من هذه الحيثية في باب التفقه وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما من شيء في الميزان أثقل من حسن الخلُق» نعم حسن الخلق يقابله سوء الخلق الذي يضر صاحبه ويضر غيره سوء الخلق شره متعدي وليس بقاصر ويقابله حسن الخلق من الأخلاق التي جاء الحث عليها بالكتاب والسنة هذا إذا وضع في الميزان رجح به وصار أثقل من غيره قال رحمه الله تعالى وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «الحياء من الإيمان الحياء من الإيمان» والحياء خير كله وسمع النبي -عليه الصلاة والسلام- رجلاً يعظ أخاه في الحياء وكثيرًا ما يعاتب الرجلُ ولدَه لكونه يستحيي ويلومه ويذمه ويحثه على ترك هذا الحياء لأنه يمنعه من مصالح كثيرة ولا شك أن الحياء الذي يكف صاحبه عن فعل ما يذم به شرعًا أو عرفًا هذا حياء مطلوب وهو خير كله لكن الحياء الذي يُسمى حياء ويكف صاحبه عن أفعال الخير إذا قلت له قم أنت طالب وعلم وعظ الناس ووجههم وأفدهم قال يستحيي نقول هذا ليس هو الحياء الشرعي انتظر الخطيب يوم الجمعة وفي المسجد طلاب علم لكنهم ما تعودوا الخطابة طُلب من أحدهم أن يخطب قال والله يستحيي هذا ليس بحياء هذا خجل مذموم فالحياء لا يأتي إلا بخير والحياء خير كله لكن الذي يمنع من الخير وفعل الخير هذا مذموم ولا يستحق أن يسمى حياء تجد الإنسان يسمع المنكر أو يرى المنكر ولا يستطيع تغييره ويقول يستحيي ويرى المخالف ومن يحتاج إلى توجيه يستحيي أن يوجهه يرى من يصلي بجانبه وفي صلاته خلل ولا يوجهه مع علمه بذلك الخلل يقول يستحيي نقول هذا ليس بحياء لأن الحياء خير كله والحياء من الإيمان لأن الإيمان بضع وستون شعبة أو بضع وسبعون شعبة أعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء من الإيمان قال رحمه الله وعن ابن مسعود وصوابه أبي مسعود عقبة بن عمرو البدري الصحابي الجليل مر بنا مرارًا ونسبته إلى بدر لأنه سكنها لا أنه شهد الوقعة عند الجمهور وإن أدرجه البخاري فيمن شهد بدرًا قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «إن مما أدرك الناسُ من كلام النبوة الأولى» يعني مما توارثه الناس من النبوات السابقة من الكلام المفيد «إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى» يعني كون الناس بدّلوا وغيروا وحرفوا ألا يمكن أن يبقى معهم شيء ينتفعون به؟ يعني لما نقول حرف اليهود والنصارى معناه أنهم طمسوا معالم اليهودية ومعالم النصرانية ما بقي عندهم ولا جمل يسيرة ممكن وش اللي يمنع يحرفون الكلم عن مواضعه لكن قد يوجد فيهم أو يوجد بينهم كلام ينفع لكنه في حقيقته لا ينفع لماذا؟ لأن حتى ما عندهم من كلام صحيح هو منسوخ مما أدركه وتوارثه الناس من النبوات السابقة «إذا لم تستح فاصنع ما شئت» خرجه البخاري «إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستحي فاصنع ما شئت» خرجه الإمام البخاري «إذا لم تستحي» صوابه بياء إذا لم تستحيي بياء وهو مجزوم والجزم حذف ياءً وبقيت أخرى لأنه بياءين البقرة: ٢٦  لا يستحيي بياءين فالجازم يحذف واحدة ويبقى الأخرى ولو كانت ياء واحدة لا يستحي لحذفت وهو بياءين في لغة قريش وبياء واحدة بلغة تميم استحى يستحي تميم استحيا يستحيي بلغة قريش ولذا البخاري رحمة الله عليه أورد هذا الحديث في صحيحه وترجم له بلغة تميم «إذا لم تستح فاصنع ما شئت» بدون ياء وأورد الخبر على لغة قريش فقال «إذا لم تستحي فاصنع ما شئت» وهذا الحديث يحتمل أمرين الأول أنك تنظر إلى العمل الذي تريد عمله فإن كنت لا تستحيي من فعله فاصنع وافعله مأذون لك أن تفعله إذا كان مما لا يستحى منه والاحتمال الثاني أنه تهديد تهديد إذا نُزع منك جلباب الحياء فاصنع كما في قوله جل وعلا: ﭿ ﮁﮂ فصلت: ٤٠  هذا ليس لهم أمر أن يعملوا ما يطيب لهم وما يشاؤونه بقدر ما هو تهديد للعامل بما لا يرضي الله جل وعلا قال رحمه الله وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف» المؤمن القوي في إيمانه في بدنه في عقله لا شك أنه إذا اتصف بالقوة سواء كان بالإيمان أو بالبدن أو بالمال أو بجميع ما يكون سببًا لقوته وغلبته غيرَه لا شك أن هذا أحب إلى الله من المؤمن الضعيف لأن أثره في نصر الدين وأهله أبلغ من الضعيف استفاد منه كيف استفاد الإسلام والمسلمون من إسلام عمر لأنه رجل قوي استفادوا والا ما استفادوا؟ استفادوا لأنه قوي لكن لو أسلم رجل ضعيف وفيه خير على ما سيأتي «وفي كلٍّ خير» لكن يكون أثر هذا المؤمن الضعيف قد يكون قاصر على نفسه لا يستطيع أن ينفع غيره ولا ينتفع به الإسلام لضعفه وهذا أمر ظاهر المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف لأن المؤمن القوي يتعدى نفعه ويستفيد منه غيره بخلاف الضعيف وفي كل خير المؤمن لا شك أنه فيه خير سواء كان قويًا أو ضعيفًا ولا يمكن أن يقال أن هذا المؤمن الضعيف وجوده مثل عدمه أبدًا لا بد أن يتعدى نفعه إلى غيره وإن كان بنسبة أقل من المؤمن القوي «وفي كل خير احرص على ما ينفعك» احرص على ما ينفعك في دينك بالدرجة الأولى الذي من أجله خلقت وفي دنياك التي تعينك على تحقيق الهدف الذي من أجله خلقت «احرص على ما ينفعك واستعن بالله» لأن هذا الحرص وحده لا يكفي إلا بمعونة الله جل وعلا وكم من شخص حريص لكن لم يحالفه التوفيق الإلهية فتجد هذا الحرص يكون وبالاً عليه.

إذا لم يكن عون من الله للفتى 

 

فأول ما يقضي عليه اجتهاده 

«واستعن بالله ولا تعجز» استعن كن صاحب همة وحرص على ما ينفعك واستعن بالله على تحقيق ما تريد ولا تعجز ولا تقولن هذا العمل مُكلِف تقول هذا العمل مكلف صحيح حفت الجنة بالمكاره ما فيه عمل نافع في دين أو دنيا إلا ومن ورائه التعب «ولا تعجز وإن أصابك شيء وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا» احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز وابذل الأسباب التي أمر الشرع ببذلها ولها أثر بإذن الله جل وعلا «ولا تعجز وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا كان كذا وكذا وقل قدّر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان» جلس في بيته وما خرج من بيته لبذل السبب فقيل له من الغد بالأمس جاءت فرصة سلعة نادرة وفاتت ثم يقول لو أني فعلت لو أني خرجت أمس ما فاتت يأسف على ما مضى تفتح عمل الشيطان لأن هذه لا تنتهي يبدأ يلوم نفسه إلى ما لا نهاية لو لو جاز له أن يقول مثل هذا الكلام لو أني فعلت كذا ما صار اليوم ما ذهبنا إلى المحل وجاء أناس يسألون عن البضائع التي أغلق عليها في محلنا فقال لو أني والله فتحت الدكان لو أني فعلت كذا لو أن فعلت كل هذا ما ينفع لو تفتح عمل الشيطان في أمور الدين الندم على فوات ما ينفع الإنسان في دينه يرخِّص فيه أهل العلم ويستدلون له «لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما ما سقت الهدي ولجعلتها عمرة» هذا ندم على ندم على ما مضى لكنه ندم على شيء يرضي الله جل وعلا وقد فات فلا مانع من أن يندم الإنسان على ما فاته مما يقربه إلى الله جل وعلا «فإن لو تفتح عمل الشيطان».

طالب: الأصل رعاك الله تشديد الدال والا تخفيفها؟

وش فيه؟

طالب: فيه قدّر والا قدَر الله؟

هذا وهذا لكن الأكثر قدّر الله وما شاء فعل الضبط الثاني قدَر الله وما شاء فعل والمعنى واحد قال رحمه الله وعن عياض بن حِمَار بن محمد بن سفيان بن مجاشِع التميمي المجاشعي البصري صحابي جليل واسمه بلفظ اسم الحيوان المعروف عياض بن حِمَار ومازال الناس يتسمون بهذا لكن لا بلفظ الحمار بما هو أصغر من الحمار يعني كما سمي عبد الله بن جحش الآن ما يسمون لا بحمار ولا بجحش قد يسمون بالتصغير وموجود في البادية جحش بالتصغير موجود إلى الآن وهو موجود فالعرب طريقتهم واحدة في القديم والحديث نعم تأثروا بالمجاورين وجاءتهم أسماء وافدة بعضها ممدوح وبعضها فيه شيء.. المقصود أن المحظور من ذلك ما كان فيه من تشبه أو معنى باطل أو تعبيد لغير الله جل وعلا وأما الألفاظ المستبشعة هذه الأولى تغييرها وقد غير النبي -عليه الصلاة والسلام- أسماء وعن عياض بن حمار رضي الله عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «إن الله أوحى إلي أن تواضعوا إن الله أوحى إلي أن تواضعوا» التواضع لا شك أنه خلق ممدوح يجعل الإنسان يعرف قدر نفسه وينكسر بين يدي ربه ويتعامل مع الناس على هذا الأساس بخلاف ما إذا تكبر وترفع على الناس وازدراهم وغمطهم حقوقهم فمثل فمثل هذا الكبر نسأل الله العافية والإعجاب بالنفس كل هذه أخلاق مذموم ويقابلها التواضع.

    تواضع تكن كالنجم لاح لناظر

 

            على صفحات الماء وهو رفيع

 

 

ولا تك كالدخان يعلو بنفسه .

 

إلى طبقات الجو وهو وضيع    .

       

فالكبر والعجب والإعجاب بالنفس أخلاق ذميمة.

والعجب فاحذره إن العجب مجترف 

 

أعمال صاحبه في سيله العرم         .

«إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يبغي أحد على أحد» يعني مع التواضع لا يمكن أن يوجد بغي، التواضع.. البغي والعدوان والظلم سببها الكبر ورؤية النفس وغمط الناس والكبر بطر الحق وغمط الناس «حتى لا يبغي أحد على أحد ولا يفخر أحد على أحد» هي يمكن أن يقول المتواضع المتصف بهذا الخلق العظيم أنا من قبيلة كذا وأنت من كذا؟! لا يمكن أن يقول هذا إلا شخص غُرس في قلبه الكبر نسأل الله السلامة والعافية وعن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال «من رد عن عرض أخيه بالغيب رد الله عن وجهه النار يوم القيامة» من رد عن عرض أخيه يُسمع تُسمع الغيبة ويسمع من يتحدث ويثلب الناس ويقع في أعراضهم وأنت تسمع ولا تحرك ساكنًا أنت شريك أنت مغتاب ومن سمع الغيبة فلم ينكر فهو أحد المغتابَين المغتابِين يعني شريك له في الإثم كمن حدث بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبِين أو الكاذبَين «من رد عن عرض أخيه بالغيب» سمعت من يتكلم بأخيك المسلم فترد على المتكلم «رد الله عن وجهه النار يوم القيامة» النبأ: ٢٦  هذا رد برد «رد الله عن وجهه النار يوم القيامة» أخرجه الترمذي وحسنه ولأحمد من حديث أسماء بنت يزيد نحوُه والطريق الأول حديث أبي الدرداء حسن كما حسنه الترمذي وانجبر بحديث أسماء عند أحمد فلا يمتنع أن يصل إلى درجة الصحيح لغيره وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «ما نقصت صدقة من مال» وفي لفظ «ما نقص مال من صدقة» «ما نقصت صدقة من مال» طيب قد يقول قائل أنا معي ألف فإذا أخرجت زكاة هذا الألف خمس وعشرين نقص الألف صار تسعمائة وخمس وسبعين والرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول «ما نقصت صدقة من مال» النقص موجود والا غير موجود؟ ألف نقص خمس وعشرين ريال وصار تسعمائة وخمس وسبعين النقص الحسي موجود لكن هذا النقص الحسي اليسير يكون في مقابل البركة وتطهير المال الذي بسببه قد يتضاعف هذا المال مضاعفات كثيرة إما بالبركة أو بالثواب الذي يحصل للمتصدق الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف فهل الخمس والعشرين تقابل السبعمائة السبعمائة ضعف في خمسة وعشرين؟ وفي المسند «إن الله ليضاعف لبعض عباده الحسنة إلى ألفي ألف ضعف» فهل يسمى هذا نقص مع هذه الأجور العظيمة والحديث فيه مقال لأهل العلم هل يكون نقص مع هذه المضاعفات؟ لا نقص، والإنسان قد يبخل بما أوجب الله عليه من شيء يسير من الزكاة ويشترط عليه في البيع والشراء مضاعفة السمسرة الآن الزكاة اثنين ونصف بالمائة والسمسرة اثنين ونصف بالمائة تجده إذا قيل له الزكاة وذُكِّر بالزكاة تميّز غيظًا وإذا قيل له ادفع السعي اثنين ونصف بالمية دفع وهو يضحك ولو اشترط ضعف السعي لبذل وهو مرتاح «ما نقصت صدقة من مال» بعض من يسوق الحديث للحث على  الصدقة يصل به «بل تزده بل تزده» وهذا ليست موجودة في الخبر وسياقها خطأ لغة لو ثبتت لقيل بل تزيده بل تزيده لكن ليست بثابتة «وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزًا وما زاد الله بعفو إلا عزًا» يعفو عمن ظلمه فيسول له نفسه وشيطانه أنه غلب وذُل من قبل هذا الذي ظلمه أصابه الذل من هذا الذي ظلمه وعفا عنه نقول لا «وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزًا» وموجود في المسلمين الآن وفي غيرهم إذا عفا وصفح قيل مسكين هذا يؤخذ حقه من بين يديه ويسكت أو إذا قتل له أحد جاءه من يقول له بالمطالبة بالثأر ويحث عليه لئلا يقال عجز عن أخذ حقه فيتراءى له الضعة من هذا العفو ولذا جاء نفي هذا التصور بقوله -عليه الصلاة والسلام- «وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًا وما تواضع أحد لله إلا رفعه» لأن الناس قد يتراءى لبعضهم أنه إذا تواضع وقدم فلان عليه وفلان وأعطى فلان وسمح لفلان أن يتقدم عليه قالوا هذا وضيع لكن جاء الأمر على خلاف ذلك ويشهد له الواقع مع الحديث الصحيح «ما تواضع أحد لله إلا رفعه» قال رحمه الله وعن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «يا أيها الناس أفشوا السلام» أفشوا السلام يعني أشيعوا السلام فيما بينكم لأن السلام مأخوذ من السلامة وهو يزيل الوحشة بين المسلمين ويجلب المحبة والمودة «ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم» أشيعوه «أفشوا السلام بينكم وصلوا الأرحام» وجاء في صلة الأرحام التشديد والوعيد الأكيد وهذا تقدم في أول الكتاب الجامع على صلة التأكيد الشديد على صلة الأرحام والوعيد الشديد على قطيعة الأرحام وصلوا الأرحام «وأطعموا الطعام» وجاء مدح من يطعم الطعام على حبه فكيف مع عدم الحاجة إليه، الطعام زائد على قدر الحاجة وتجد بعض الناس محروم يبخل به ويلقيه في الزبايل «وأطعموا الطعام وصلوا بالليل والناس نيام» منهم من قال أن المراد بالصلاة هذه صلاة العشاء لكن ظاهر السياق أنها صلاة الليل هي التي تؤدى والناس نيام والحث عليها في نصوص الكتاب والسنة بحيث لا يمكن حصر ما جاء فيها السجدة: ١٦  جاء مدح أهل القيام بنصوص كثيرة وجاء ما يدل على أنها سمة أهل العلم الزمر: ٩  ثم قال ﯺﯻ الزمر: ٩  مما يدل على أن قيام الله صفة أهل العلم «تدخلوا الجنة بسلام» يعني إذا حققتم هذه الأشياء أفشيتم السلام ووصلت الأرحام وأطعمتم الطعام وصليتم بالليل والناس نيام دخلتم الجنة بسلام     الحجر: ٤٦  إذا حققتم هذه الأمور ولا شك أن من يحقق هذه الأمور لا يظن به أنه يترك واجبًا أو يترك محرمًا قال رحمه الله وعن تميم الداري.

إن كان في الوقت فسحة ممكن نزيد؟

والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"
هذا يقول ما رأيك في هذا الكتاب؟ ويشير إلى كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي.

كتاب معروف مؤلفه إمام من أئمة السنة وموضوعاته مطروقة في كتب الحديث حتى في البخاري كثير منها موجود في سيرة النبي -عليه الصلاة والسلام- من الصحيح وعند غيره من الأئمة وفيه بعض الأحاديث الضعيفة وفي شروحه بعض ما ينتقد من الغلو بالنبي -عليه الصلاة والسلام- وعلى كل حال الكتاب في أصله لا غنية لطالب العلم عنه لأن بقراءته ومعرفة سيرة النبي -عليه الصلاة والسلام- وخصائصه وشمائله تتمكن محبته -عليه الصلاة والسلام- من القلوب ومحبته فرض «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين» والذي لا يقرأ في سيرة النبي -عليه الصلاة والسلام- ولا يعرف شمائله التي جُبل عليها وأخلاقه التي عُبِّر عنها بأنه كان خلقه القرآن -عليه الصلاة والسلام- الذي لا يعرف شيئًا من ذلك كيف يحبه كيف تحب شيء وأنت تجهله نعم يكون القدر مشترك بين المسلمين أنه هو سبب نجاة المسلم من الكفر ثم العذاب المؤدب في نار جهنم نجاته على يدي الرسول -عليه الصلاة والسلام- لأنه هو المبلغ عن الله جل وعلا لكن يبقى أن التفاصيل التي تكون سببًا في تمكن المحبة لهذا الرسول العظيم في قلب المسلم عن طريق قراءة السيرة النبوية العطرة من قراءة كتب الخصائص والشمائل والاعتناء بهذه الكتب المتعلقة به وبسيرته -عليه الصلاة والسلام- وبعيشه وحياته اليومية ومعاملته لمعاشرته لأهله ولغيرهم هذه تتفاوت من بلد إلى بلد آخر بعض البلدان تكون عنايتهم بهذا الجانب أكثر من عنايتهم بالقرآن والجوانب الأخرى مما جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- من الحلال والحرام والزهد والاعتصام والرقائق وغيرها ويصفون غيرهم بأنهم جفاة وقد يكون الاعتناء بكتب الشمائل والخصائص قد يكون في بعض البلدان يلاحَظ أن الكتب التي يعتنى بها في بلد ما من البلدان أو في كثير من بلدان المسلمين كالشمائل مثلاً أو الشفاء في حقوق المصطفى هذا له رواج في كثير من بلدان المسلمين وفيه فوائد عظيمة يستفاد منها ينبغي أن يعتنى بالكتاب لكن مع ما في الكتاب وما في شروحه من الغلو بالنبي -عليه الصلاة والسلام- فتجد في بعض البلدان هذه الكتب لا تعرف حفاظًا على العقيدة لما اشتملت عليه من شيء من الغلو بالنبي -عليه الصلاة والسلام- واكتفاءً بما صح عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في سيرته وخصائصه وشمائله فكثير مما في كتب الشمائل موجود في الكتب الستة وهي محل عناية من المسلمين في جميع الأقطار فالكتب التي لا تهتم مثلاً بالشفاء ما صح في كتاب الشفاء موجود في الصحيحين وغيرهما والصحيحان محل عناية من جميع المسلمين فلا يقال والله البلد الفلاني ما يقرأ فيه الشفاء لأنهم جفاة حتى نُسب القول بأن أنه قيل أن عصا أحدنا أنفع له من الرسول -عليه الصلاة والسلام- حاشا وكلا هل يقول هذا ممن يرى الصلاة -عليه الصلاة والسلام- ركن من أركان الصلاة لا تصح إلا بها؟! ما يمكن أن يتصور لكنها الدعايات ضد الدعوة السلفية التي تحمي جناب التوحيد من الغلو بالنبي -عليه الصلاة والسلام- ومع ذلك أؤكد على أن هذه الكتب لا بد من قراءتها ولو تولاها شخص مدرك في باب الاعتقاد ونظيف الاعتقاد سليم الاعتقاد وقرأها وعلق على المواضع التي فيها المخالفات انتفى انتفى المحذور انتفى المحذور فيقرأ في هذه الكتب ويعلق على ما فيها من مخالفات وشروح الشمائل فيها شيء من الغلو فيه -عليه الصلاة والسلام- ولذلكم لا تجدون لها رواج في بلادنا مثل رواجها في الأقطار الأخرى حماية لجناب التوحيد واكتفاءً بما صح عنه -عليه الصلاة والسلام- في الصحيحين وغيرهما أما المتون مثل الشمائل المتن الذي ألَّفه الإمام أبو عيسى الترمذي هذا محل عناية من الجميع لأنه ما فيه غلو كلها عن النبي -عليه الصلاة والسلام- كغيره من الكتب فيه ما صح وما ضعف وما هو في مرتبة متوسطة لكن الكلام في الشروح وما اشتملت عليه لا تسلم من شيء من المبالغة والغلو النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول «لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم» ومع ذلك أقول يتولى قراءة هذه الكتب وإقراء هذه الكتب عالم متمكن في العقيدة يعلق على ما فيها من مخالفات ويستفاد مما فيها مما لا يوجد في غيرها لا ننكر أن فيها فوائد، فيها فوائد ولا يخلو كتاب من فائدة لكن مع ذلك يعلق على المسائل التي فيها نوع مخالفة.

هذا يقول هل تأثم المرأة عند نظرها إلى الرجل كما يأثم الرجل حين ينظر إلى المرأة؟

نعم لأن أمر النساء بغض البصر كأمر الرجال «قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم» ثم قال «وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن» فهن مأمورات بغض البصر كما أمر الرجال كذلك سواء بسواء.