شرح الموطأ - كتاب الحدود (3)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم.

أحسن الله إليك.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لشيخنا والحاضرين والسامعين برحمتك يا أرحم الراحمين.

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما لا حد فيه

قال مالك -رحمه الله-: إن أحسن ما سمع في الأمة يقع بها الرجل، وله فيها شرك أنه لا يقام عليه الحد، وأنه يلحق بها الولد، وتقوّم عليه الجارية حين حملت، فيعطى شركاؤه حصصهم من الثمن، وتكون الجارية له.

قال مالك -رحمه الله-: وعلى هذا الأمر عندنا بالمدينة.

قال مالك -رحمه الله- في الرجل يحل للرجل جاريته: إنه إن أصابها الذي أحلت له قومت عليه يوم أصابها حملت أو لم تحمل، ودرئ عنه الحد بذلك، فإن حملت ألحق به الولد.

قال مالك -رحمه الله- في الرجل يقع على جارية ابنه أو ابنته: إنه يدرأ عنه الحد، وتقام عليه الجارية حملت أو لم تحمل.

حدثني مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن عمر بن الخطاب قال لرجل خرج بجارية لامرأته معه في سفر فأصابها فغارت امرأته فذكرت ذلك لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، فسأله عن ذلك، فقال: وهبتها لي فقال عمر: لتأتيني بالبينة أو لأرمينك بالحجارة" قال: فاعترفت امرأته أنها وهبتها له.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما لا حد فيه

"قال مالك -رحمه الله-: إن أحسن ما سمع في الأمة يقع بها الرجل وله فيها شرك" يعني له نصفها، له ربعها، له ثلثها، له ثلثاها، المقصود أنه شريك فيها "أنه لا يقام عليه الحد" لوجود الشبهة؛ لأنه يظن أنها ملك يمينه، وأنها أمته، وملك اليمين والأمة إنما تتم إذا كانت كاملة، لكن الحد يدرأ بمثل هذه الشبهة إذا ادعى أنها أمته باعتبار أن له نصيب منها.

"أنه لا يقام عليه الحد، وأنه يلحق به الولد" كسائر نكاح الشبهات، نكاح الشبهة يلحق به الولد، يلحق الولد بأبيه، ولو أمر بتجديد العقد، ولو فرق بينهما لوجود الشبهة.

لو تزوج رجل امرأة فولدت منه أولاد، ثم تبين أنها أخته من الرضاعة يفرق بينهما؛ لأنها أخته، والأولاد؟ الأولاد له، ينسبون إليه؛ لأن النكاح نكاح شبهة، وهكذا في سائر الأنكحة التي من هذا القبيل، هذا له شبهة ملك فوطئها على هذا الأساس فيلحق به الولد.

طالب: يا شيخ بالنسبة لبعض الأنكحة المنهي عنها يعني هل تلحق بالشبهة مثل نكاح الشغار أو المتعة، أو ما يسمى الآن....؟

يعني على الخلاف في نكاح الشغار هل هو باطل أو غير باطل؟ نكاح المحلل هل هو باطل أو غير باطل؟ فنكح بالتحليل فحملت، نكح مريداً التحليل، نكح شغار المسألة بين أهل العلم خلافية، والصواب أنه باطل، لكن مع ذلك إذا ادعى أنه اقتدى بإمام يرى صحة مثل هذا النكاح، وبنى على هذا الأمر، أو جهل حقيقة الحال، وأن النكاح باطل شبهة يلحقون به، نكاح شبهة يلحقون به.

من ظن أن نسكه قد تم، وأنه يجوز له أن يعقد، ثم عقد ودخل بها وحملت منه، نقول: نكاح شبهة، وإن كان النكاح باطلاً، لكن الأولاد يلحقون به.

يقول: "وأنه يلحق به الولد" وتقوم عليه الجارية حين حملت، يعني وقت الحمل كم تسوى؟ فيعطى شركاؤه حصصهم من الثمن، أن له الثلث، وقومت بثلاثة آلاف يعطي شريكيه كل واحد ألف، وتكون خالصة له، "وتكون الجارية له" يعني خالصة "وعلى هذا الأمر عندنا" يعني في بلدهم ومذهبهم وهذا ظاهر أنه وطء شبهة، والولد يلحقون به، ويدرأ عنه الحد، وتقوم عليه؛ لأنه أفسدها على شريكيه، صارت أم ولد بالنسبة له، فأفسدها على شريكيه فيضمن نصيبهم منها، نعم هل يفرق بين العالم والجاهل إذا ادعى أنه لا يدري أن هذا مجرد ملك يمين؟ هناك دعوى تقبل ودعوى لا تقبل، هنا الدعوى مقبولة، باعتبار أن له نصيب منها، لكن لو نكح أي مملوكة له بمسمى ملك اليمين كما يذكر عن بعضهم في كتب الأدب من المجان وغيرهم أنه نكح دابة له قال: هذه ملك يمين، أو غلاماً له قال: هذا ملك يمين، مثل هذا لا يقبل مثل هذه الدعاوى، هذه دعاوى باطلة، لكن مثل الصورة التي ذكرها الإمام -رحمه الله تعالى- الدعوى ظاهرة، فهل يفرق بين من علم ومن جهل؟ هو يعرف أنه لا يجوز له أن يطأ ما دام له شركاء، وعرف ذلك، هل يدرأ عنه الحد أو لا يدرأ عنه الحد؟ نقول: له نصيب منها، له الثلث، أو يقام عليه من الحد بقدر ما لشريكيه إن كان له النصف يدرأ عنه حد النصف؟ هل يمكن أن يقال بمثل هذا؟ إذا كان له نصف الأمة يقال: عليه نصف حد؟ نعم؟ لا، إذا حرمت عليه يقام عليه الحد كامل، لكن شريطة أن يعلم أنها لا تحل له.

"قال مالك في الرجل يحل للرجل جاريته: إنه إن أصابها الذي أحلت له قومت عليه يوم أصابها" أهل العلم يقولون: يسن القرض في كل شيء إلا في بني آدم، يعني ما تقرض زيد من الناس جارية عندك قرض، لماذا؟ خشية عليها؛ لأنها ليست محرماً له، فإذا أحلها له الرجل يحل للرجل جاريته أنه إن أصابها الذي أحلت له قومت عليه يوم أصابها، كيف يحلها له؟ يحل له وطئها أو يحل له منفعتها؟ إذا أحل المنفعة هل هناك شبهة؟ نعم؟ ما في شبهة، إذا قال: تخدم في بيت آل فلان، فجاء فلان فوطئها صاحب البيت هل هناك شبهة؟ ما في شبهة، لكن إن أحل له وطئها، والمحل والمحل له كلاهما جاهل في حقيقة الحال، لا شك أن مثل هذا شبهة، قال: الذي أحلها له ممن يملك، هو يملك بضعها فأباحه له، أحل له الوطء فقط، ما أوهبه إياها.

على كل حال يقول: "إنه إن أصابها الذي أحلت له قومت عليه يوم أصابها، حملت أو لم تحمل، ودرئ عنه الحد بذلك، فإن حملت ألحق به الولد لأنه وطء شبهة" تزوج اثنان أختين في ليلة واحدة دخل بهما في ليلة واحدة، وهذا يقع، والأب وهو يوصل الاثنين إلى الغرفتين غلط فأدخل هذا على زوجة أخيه، والثاني على زوجة أخيه، فحصل الوطء، لا سيما وأن الناس في السابق على المذهب الإجبار وعدم الرؤية، ما يدري ويش زوجته؟ لأنها بنت فلان، صحيح هذه بنته، نعم؟

طالب:......

إيه بعضهم يعني ممن بقي على طبعه وطريقته، وسنة البلد المعمول بها، لكنها تغيرت الأحوال الآن، تغيرت تغير جذري، بل توسع الناس أكثر من...، ياليتهم لما اتبعوا الشرع اقتصروا عليه، لا، زادوا عليه، المقصود أنه يحصل مثل هذا وقد حصل، تزوج اثنان أختين، فأدخل كل واحد منهما على زوجة الآخر، وحصل الوطء والحمل، ما الحل؟ نعم؟

طالب:......

الآن الوطء وطء شبهة، والولد يلحق بأبيه، ثم بعد ذلك يفرق بينهم، فإما أن يطلق كل واحد منهما زوجته، ويكون طلاقه لها قبل الدخول، تحتاج إلى عدة وإلا ما تحتاج؟ ما تحتاج إلى عدة.

الموطوءة بشبهة تحتاج إلى استبراء وإلا ما تحتاج؟ نعم؟

طالب:......

إيه تقدم لنا بدرس الأمس أن عدتها عدة المطلقة، لكن المطلقة في هذه الصورة قبل الدخول لا عدة عليها، أما بالنسبة للاستبراء للعلم ببراءة الرحم لا بد منه، ولو بحيضة، فإذا تبين الحمل فكيف يصنع كل واحد منهما؟ ينتظر تسعة أشهر؟ نعم؟ الآن المسألة افترضت في رجلين دخل كل واحد منهما على زوجة أخيه، وحصل الوطء، وحصل الحمل، الأولاد لهم، بلا شك؛ لأنهم أولاد شبهة، والوطء وطء شبهة، ويقال لكل واحد منهما، طلق زوجتك، والطلاق حينئذٍ يكون قبل الدخول، هذا إذا تطاوعا وإن اختلفا، قال: طلق، قال: أنا لا أطلق، قال: واحد أنا لا أريد إلا زوجتي التي عقدت عليها، ويش الحل؟

طالب:......

فإن تبين حملها تنتظر حتى تضع، ثم بعد ذلك تعود إليه، بعقد جديد وإلا بالعقد الأول؟ بالعقد الأول، يلزمها أن تطهر من النفاس وإلا ما يلزم؟ نعم؟ لا يلزم، بمجرد الوضع تخرج من عدة الشبهة.

على كل حال يحصل مثل هذا، وإن تطاوعا بأن طلق كل واحد منهما زوجته، وعقد على هاتين الزوجتين الموطوءتين بشبهة؛ لأنه لا يلزم عدة من النكاح الأول؛ لأنه قبل الدخول، نعم؟

طالب:......

إيه لا بد من استبراء.

طالب:......

لا، لا بد من استبراء في حالة الرفض، تبين حامل الولد له، وأخوه طلقها قبل الدخول ما له عدة، فيعقد له من جديد.

"قال مالك في الرجل يقع على جارية ابنه أو ابنته: إنه يدرأ عنه الحد" للحديث: ((أنت ومالك لأبيك)) فإذا تشبث بهذا، وقال: جارية ابني جاريتي، وجارية ابنتي جاريتي، لا شك أنه يدرأ عنه الحد، وتقوّم عليه الجارية حملت أو لم تحمل، وإذا تنازل الابن عن قيمتها، أو البنت تنازلت عن قيمتها، فالأمر لا يعدوهم.

ثم بعد ذلك قال: "حدثني مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن عمر بن الخطاب قال لرجل خرج بجارية لامرأته معه في سفر فأصابها فغارت امرأته" جارية المرأة تحتاج إلى محرم في السفر وإلا ما تحتاج؟

طالب:......

لكن ما زال الناس يملكون الجواري لهم ولأولادهم ولنسائهم، المرأة تملك الجارية، فإذا أرادت أن تسافر ما تصنع بها؟ تقول: ابحثوا لها عن محرم أبوها أو أخوها، أو تزوج من أجل أن تسافر بها؟ أو ما زال الأمر عند المسلمين على التسامح في مثل هذا يسافر؟ لكن شريطة أن تكون معه سيدتها، هل أنكر عليه أنه خرج بجارية امرأته في السفر فأصابها؟ هو المحظور من الإصابة وقد حصل، هل قال عمر -رضي الله عنه-: لماذا لم تسافر بها بدون محرم لها؟ حصل إنكار وإلا ما حصل؟ لأن بعض من ينتسب إلى العلم يقيس الخادمات على الجواري، ويقول: يسافر بها من غير محرم، مع الأسرة، وحكمها حكم الجارية، هل هذا القياس صحيح وإلا لا؟ ليس صحيح؛ لأنهن أحرار، أحرار لا يجوز السفر بهن من غير محرم، لكن إذا نظر الإنسان إلى مصلحة ومفسدة، هي جاءت ووصلت إلى البلد لا يلزم أن في بقائها البلد يكون عندها محرم، إنما يمتنع الخلوة في مسألة بقائها في البلد، أما السفر فلا بد من المحرم.

الآن هي جاءت وعصت وخالفت، ومن أقدمها عصى وخالف وحصل المقصود هنا، وأراد أن يسافر، جاءت العطلة، وقالوا: ما إحنا بجالسين في الرياض، تترك في البيت وحدها أو يسافر بها؟ يعني من باب ارتكاب أخف الضررين، ولا شك أن مثل هذا يلجأ له لمثل هذه الظروف، وإلا فالأصل أن المقدمات إذا كانت غير شرعية لا يرجى منها نتائج شرعية، فتكون هذه حالة ضرورة وحاجة تقدر بقدرها، ما يتوسع فيها، يسافر بالخادمة وهو مرتاح، لا، يسافر بها وهو على مخالفة شرعية، لكن هو أمام الأمر الواقع، يرتكب أخف الضررين، وقد قال بهذا من أهل العلم من قال، ومنهم من قال: أبداً، لا تسافر إلا بمحرم على أي حال كان، نعم الضرورات تبيح المحظورات، يعني لو مات المحرم في منتصف الطريق، نقول: تجلس بالبر ولا تسافر إلا بمحرم، أو تسافر إلى أقرب بلد تأمن فيه على نفسها؟ أو تسافر مع أهلها وذويها ومن تنتسب إليهم إلى أن يأتي محرمها؟

سافر شخص من الوافدين مع زوجته من الرياض إلى مكة، لما وصلوا منتصف الطريق حصل لهم حادث مات الزوج، فكلم أخوها من بلده ليحضر، فلما وصلوا إلى...، حضر أخوها إلى هذا المكان، وسافر بها ليكمل الطريق من أجل أن يصلوا إلى مكة ثم إلى جدة، ثم يسافرون إلى بلدهم، في أثناء الطريق حصل حادث ومات الأخ، نعم المسألة واقعة، فمثل هذه الظروف لا شك أن لا بد لها من حل شرعي، لا يمكن أن يقال: تمكث هذه في منتصف الطريق ولا أهل لها ولا أنيس، فمثل هذه يطلب لها من الأقوال الأخرى، أو من القواعد العامة، أو من قواعد الشرع العامة، هذه ضرورة، تجلس في البر بعد؟ لا، لا هذه ضرورة.

طالب:......

إيه المسألة التي طرحت بالأمس وخرجت على نكراً وإمراً، لا شك أن من المفاسد المحققة، محقق، لكنه مغمور في بحار المفاسد المظنونة، فتتفاوت هذه المصالح والمفاسد، هناك مفسدة يسيرة تكون مغمورة في مفسدة عظمى، وإن لم تكن محققة، والعكس قد تكون المفسدة المحققة منكية، مع أن المفسدة المظنونة عظيمة، لكن لا تغمر في بحارها هذه المفسدة المحققة، فلا بد من النظر في المفسدتين قوة وضعفاً.

طالب:......

إيه ما في إشكال، ما في إلا أن مسألة انتفاء الخلوة بس، إيه لكن إذا ما وجدوا أو قالوا: يحتاجونها بأسفارهم، وبدل ما هي جالسة عند أسرة تسير معهم، على كل حال للنظر في هذا مجال، وأهل العلم قد يفتون بشيء من هذا، والله المستعان، وكل هذا نتيجة للمقدمات غير الشرعية، يعني مع الأسف أنه يسافر الآن جمع من المدرسات مع سائق ليس بمحرم لهن، وقد وجد من يفتيهن، لكن هذه مقدمة لا شك أنها غير شرعية، وما العمل الذي يبيح ارتكاب مثل هذا المحرم، هذا من أجل الكسب كما هو مقرر، ما عند الله لا ينال بسخطه، يا أخي إذا كان ما هناك وظيفة إلا أن تسافر بغير محرم بدون الوظيفة، ومع الأسف أنه من منتصف الليل والسائق يدور بأحياء الرياض يجمع هذه المدرسات على طول الرياض وعرضه ثم يخرج بهن مسافة مائتين كيلو أو أكثر أو أقل، ثم يقول: لا نستطيع أن نقف في أثناء الطريق لأداء الصلاة، أنا واحد ومعي عشر مدرسات خائف عليهن، فلا يصلون إلا إذا وصلوا المدرسة بعد طلوع الشمس، ويسأل عن هذه النتيجة، نقول: أبداً المقدمة مرفوضة شرعاً فكيف بالنتيجة؟ وهذا من شؤم المخالفة، يوقع في مثل هذه الأمور، والله المستعان.

طالب:......

الإنسان يفتي بما يدين الله به، إذا كان المحرم شرط لوجوب الحج ما تحج، لكن لو حجت وخالفت وعصت هو سقط عنها الواجب، لكن لو قالت: هي مذهبها مذهب الشافعي -رحمه الله-، الغالب اللي يجون من اندونيسيا وغيرهم على مذهب الإمام الشافعي ويجيزون السفر مع جمع من النسوة، مع أمن الفتنة.

طالب:......

شوف العقد إذا خالف الشرع لاغي، كل شرط يخالف كتاب الله فهو باطل، هذا باطل من حيث الجملة، لكن لو قيل: إن هذا مذهبها، ولو كانت في بلدها جاءت مع نسوة، وتفتى في بلدها بهذا، وتبرأ ذمتها بتقليد من أفتاها، هل نلزمها بما نعتقد؟ أو نقول: مذهبها يسعها وهم عايشين على هذا، والله المستعان، المسألة تحتاج إلى أنظار ما هو بنظر، نعم، طيب.

يقول: "حدثني مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن عمر بن الخطاب قال لرجل خرج بجارية لامرأته في سفر فأصابها فغارت امرأته، فذكرت ذلك لعمر بن الخطاب، فسأله عن ذلك، فقال: وهبتها لي" يعني تهبها له وتغار عليه، يحصل وإلا ما يحصل؟ يحصل، يحصل نعم، تهبها له وتغار عليه "فقال عمر: لتأتيني بالبينة أو لأرمينك بالحجارة" لأنه محصن يحتاج إلى إقامة الحد عليه وهو الرجم، لكن لو ادعى أن جارية زوجته جارية له، كما لو ادعى أن جارية ابنه أو جارية ابنته في المسألة السابقة جارية له، يوافق وإلا ما يوافق؟ لا يوافق؛ لأن ولده وابنته هو وما يملك لأبيه، لكن الزوجة لا.

بعض العامة يتحايل على الزوجة في مثل هذا، فامرأة طلبت من زوجها أن يكتب البقرة باسمها، ما دام بقرة قالت: لازم تصير لي، قال: تراها لك، قالت: لازم يكتب المطوع، وراحوا للمطوع قال: اكتب أن البقرة لها، وهي والبقرة لي، هذا ما هو بشرعي هذا، لن تكون له بحال من الأحوال، لكن حديث: ((أنت ومالك لأبيك)) بالنسبة للولد والبنت هذا معروف وظاهر.

"أو لأرمينك بالحجارة، قال: فاعترفت امرأته أنها وهبتها له" وهبتها له يعني قبل الوطء، لكن لو وهبتها له بعد الوطء ينفع وإلا ما ينفع؟ ما ينفع، نعم؟

طالب:......

لا بد من هذا نعم، يقيدونه بهذا، نعم.

أحسن الله إليك.

باب: ما يجب فيه القطع

حدثني مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قطع في مجن ثمنه ثلاثة دراهم.

وحدثني عن مالك عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين المكي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا قطع في ثمر معلق، ولا في حريسة جبل، فإذا آواه المراح أو الجرين فالقطع فيما يبلغ ثمن المجن)).

وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه عن عمرة بنت عبد الرحمن أن سارقاً سرق في زمان عثمان أترجة فأمر بها عثمان بن عفان أن تقوم، فقومت بثلاثة دراهم من صرف اثني عشر درهماً بدينار، فقطع عثمان يده.

وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: "ما طال عليّ وما نسيت، القطع في ربع دينار فصاعداً".

وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن عمرة بنت عبد الرحمن أنها قالت: خرجت عائشة -رضي الله عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى مكة، ومعها مولاتان لها، ومعها غلام لبني عبد الله بن أبي بكر الصديق، فبعثت مع المولاتين ببرد مرجل قد خيط عليه خرقة خضراء، قالت: فأخذ الغلام البرد ففتق عنه فاستخرجه، وجعل مكانه لبداً أو فروة، وخاط عليه، فلما قدمت المولاتان المدينة دفعتا ذلك إلى أهله، فلما فتقوا عنه وجدوا فيه اللبد، ولم يجدوا البرد، فكلموا المرأتين فكلمتا عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم-، أو كتبتا إليها، واتهمتا العبد، فسئل العبد عن ذلك فاعترف، فأمرت به عائشة -رضي الله عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- فقطعت يده، وقالت عائشة: "القطع في ربع دينار فصاعدا".

وقال مالك -رحمه الله-: أحب ما يجب فيه القطع إلي ثلاثة دراهم، وإن ارتفع الصرف أو اتضع، وذلك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قطع في مجن قيمته ثلاثة دراهم، وأن عثمان بن عفان قطع في أترجة قومت بثلاثة دراهم، وهذا أحب ما سمعت إلي في ذلك.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما يجب فيه القطع

يعني في السرقة، ما يجب فيه القطع، والقطع حد للسرقة إذا توافرت الشروط، والسرقة أخذ المال خفية من حرز، فإذا لم يكن ثم حرز فلا سرقة، وهل الحرز قيد شرعي لمسمى السرقة، أو قيد لغوي؟ يعني على قولهم: من حرز، من حد السرقة اللغوي، يعني لا تسمى سرقة لغة إلا إذا كان في حرز، أو أنه مما أضافه الشرع لحقيقة السرقة الشرعية؟ ومعلوم أن الحقائق الشرعية تأتي على الحقائق اللغوية، وتضيف لها بعض القيود، فالحرز هل هو من إضافة الشرع لتسمية الفعل سرقة، أو أنه من مسماها اللغوي؟ بعض اللغويين يقول هذا، يقول: إنها لا تسمى سرقة إلا إذا كانت من حرز؛ لأن هناك فرق بين النهبة، وبين السرقة، وبين الغصب، فرق بين هذه الأمور، فالذي يؤخذ خفية لا شك أنه سرقة، لكن هل يشترط في ذلك الحرز أو لا يشترط؟ ولا إشكال في كونه مشترطاً في الشرع، وإن قال الظاهرية: إنه لا يشترط، الحرز، لكن عامة أهل العلم على اشتراطه، وأن حرز كل شيء بحسبه، فالأموال لا بد من الإغلاق عليها، بما تحفظ به عادة، وبهيمة الأنعام بما تحفظ به غالباً، وهكذا سائر الأموال.

يختلف العلماء في السيارة، حرز السيارة هل يكفي أن تكون مغلقة، مقفل الباب والزجاج، وتترك في الشارع للمارة الرائح والغادي، أو لا بد من إحرازها في البيوت، يعني لو جاء شخص وكسر زجاج السيارة وسرقها يقطع وإلا ما يقطع؟ هل هذا حرزها؟ كما نقول في حرز الإبل أنه لو وضع أربع خشبات وقرنها، قرن هذه الأخشاب ووضعها فيها، أنها حرز؛ لأن هذا حرز مثلها، فهل حرز السيارات إبقاؤها خارج البيوت أو لا بد من الإغلاق عليها؟ ولا يتيسر لكل الناس، يعني ما كل الناس عندهم بيوت كبيرة واسعة تستوعب هذه السيارات، ولا شك أن أبواب السيارات، إغلاق الأبواب والزجاج يمنع من استعمالها إلا بقدر زائد على الاستعمال الصحيح، الاستعمال الصحيح يمنع منه الباب والغلقة، بالزجاج وغيره، لكن القدر الزائد على الاستعمال الصحيح الكسر وما الكسر، هل هذا من مما يتيسر لسائر الناس؟ لا، لو ضاع المفتاح لا بد من الكسر، فمثل هذا لعله كاف في إحرازها، ولا شك أن من أهل العلم من أفتى أن وجودها في الشوارع ليس بحرز، وأنه لا قطع فيها، لكن الذي يظهر -والله أعلم- أن هذا حرزها، وحرز كل شيء بحسبه.

ما يجب فيه القطع، يعني المقدار المسروق، متى يبلغ ما يجب فيه القطع؟ عامة أهل العلم على أنه في ربع دينار أو ثلاثة دراهم، وكلاهما أصل، إذا سرق ما قيمته ربع دينار قطع، إذا سرق ما قيمته ثلاثة دراهم قطع، إذا تفاوت الصرف، يعني إذا كان الدينار اثنا عشر درهم، يستوي الأمران، سواءً سرق فضة وإلا ذهب ما في فرق، لكن إذا تفاوت الصرف بأن كان الدينار خمسة عشر درهماً، أو عشرة دراهم، فكيف تقوم السلع؟ يعني سرق ما قيمته أربعة دراهم، لكن سألنا عن الدينار فإذا به خمسة عشر، يقطع وإلا ما يقطع؟ يقطع، لماذا؟ لأن الأربعة أكثر من الربع دينار، أكثر وإلا أقل؟ أكثر، لكن لو كان الدينار عشرين درهم، الأربعة خمس ليست بربع، وحينئذٍ لا يقطع، فهل الأصل الدراهم بغض النظر عن الدنانير، أو الدنانير بغض النظر عن الدراهم؟ أو كلاهما أصل؟ وإذا اختلف المسروق قيمة بالنظر إلى الدراهم أو الدنانير فكيف نعمل؟ الذي يظهر أن كلاً منهما أصل؛ لأن كلاً منهما ورد في النصوص، لكن مع ذلك إذا سرق ما قيمته أقل من ربع الدينار ولو زاد على ثلاثة دراهم فإنه إيش؟ يقطع وإلا ما يقطع؟ لا يقطع درءاًَ للحد بالشبهة، والعكس لو سرق ما قيمته ربع دينار لكنه لا يبلغ ثلاثة دراهم، بمعنى لو كان الدينار عشرة دراهم فإنه حينئذٍ لا يقطع، ومنهم من يقول: الأصل الذهب، ومنهم من يقول: الأصل الفضة، وكل على أصله، ومنهم من يرى أن النصاب خمسة دراهم، وقال: لا تقطع الخمس إلا في خمس، ومنهم من يقيس اليد على الفرج فيجعل النصاب عشرة دراهم؛ لأن عنده أن أقل الصداق عشرة دراهم، وكل هذه الأقوال لا تستند إلى دليل، والأقوال كثيرة في هذا.

على كل حال الذي تدل عليه النصوص الصريحة أنه ثلاثة دراهم أو ربع دينار، كما في هذا الباب.

"حدثني مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قطع في مجن" المجن هو ما يجن المقاتل، يعني يستره كالترس "ثمنه ثلاثة دراهم" فجعل المجن حد لما يقطع فيه، فإذا بلغت قيمته قيمة المجن قطع فيه، فضلاً عن كونه يزيد على ذلك.

قال: "وحدثني عن مالك عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين المكي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا قطع في ثمر معلق))" معلق في شجره، التمر، لو جذ من النخل ما قيمته ثلاثة دراهم أو ربع دينار لا قطع فيه، ((في ثمر معلق، ولا في حريسة جبل)) وهي الدابة إذا أواها الليل إلى جبل، ولجأت إليه فاحتمت به لا قطع؛ لأنه ليس بحرز ((فإذا آواه المراح أو الجرين)) فإذا آواه المراح الذي هو الموضع الذي يبيت فيه الإبل والغنم والبقر وبهيمة الأنعام، أو الجرين الموضع الذي يجفف فيه الثمار ((فالقطع فيما يبلغ ثمن المجن)) يعني ما دام على رؤوس النخل، وما دام في الجبل يرعى فإنه لا قطع فيه، لكن إذا آواه المراح وهو مكان المبيت المحوط بما يحفظ مثل هذه الدواب أو الجرين الذي تجفف فيه الحبوب والثمار فحينئذٍ يكون القطع فيما يبلغ النصاب، نعم؟

طالب:......

وجاء بالنسبة للثمار والحيطان أن المار له أن يأكل غير متخذاً خبنة، له أن يأكل بفمه ولا يتخذ منه شيئاً، فهذه الإباحة أن يأكل لا شك أنها شبهة تدفع عنه الحد، الثمر المعلق على الشجرة ما فيه قطع، نعم؟

طالب:......

عاد إن كان محتاجاً له حكم، وإن كان غير محتاج...، إن كان مفسد له حكم، وإن كان...، ينظر في كل إنسان بحسبه.

قال: "وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه عن عمرة بنت عبد الرحمن أن سارقاً سرق في زمان عثمان أترجة" الأترج معروف وإلا ما هو معروف؟ معروف يا الإخوان وإلا غير معروف؟ يعني أقرب ما يكون إلى الليمون، الليمون الأصفر إلا أن حجمه كبير، وقشره غليظ، "فأمر بها عثمان أن تقوم" كم تسوى الأترجة؟ "فأمر بها عثمان أن تقوم، فقومت بثلاثة دراهم من صرف اثني عشر درهماً بدينار، فقطع عثمان يده" هل السرقة تمت وهي في الشجرة أو بعد جنيها ووضعها في المكان الذي تحفظ به؟

طالب:......

بلا شك أنه بعد قطعها من الشجرة، وحفظها في مكانها اللائق بها، وإلا ما دامت على الشجرة فلا قطع.

طالب:......

ورآه ما يوجد، يوجد.

طالب:......

وين؟

طالب: الناس ما يعرفون.

ها الحين ما يعرفون؛ لأنه شوي، وفي الحديث: ((مثل المؤمن يقرأ القرآن مثل الأترجة)) هاه؟

طالب:......

إيه معروف كان كثير جداً، وهو فاكهة الناس يعصر، ويضع عليه شيء من السكر والماء ويشربونه، ويقطع شحم قشره ويوضع فيه، أبو عبد الله يذكر هذه الأمور ما شاء الله عليه.

طالب:......

لا، لا ما هو إلى الآن، خلاص انتهى.

طالب:......

هو موجود لكن استعماله على الطريقة السابقة ما...

طالب:......

إيه معروف، كان المسألة يعوزهم التمر فضلاً عن الفاكهة، لكن يسر الله على المسلمين، نعم؟

طالب:......

هو موجود وجوده ما أحد ينكره، لكن استعماله على ما كان الاستعمال عليه سابقاً أكثر ما يستعمل بهذه الطريقة أو مع الحنيني، يعرف أبو عبد الله هذا، الآن استغنى الناس عنه بالليمون، ووظيفته وظيفة الليمون، نعم كان الشحم الذي في القشر؛ لأن القشر سميك، الظاهر أصفر هذا يلقى، يقشر ويلقى، شحمه الأبيض وهو أيضاً سميك يقطع، فإذا عصر هذا الليمون ووضع عليه الماء والسكر، وطرح فيه هذا الأبيض اللي هو شحم القشر، وتشرّب من هذا الماء صار من أطيب الفواكه.

قال: "فقومت بثلاثة دراهم من صرف اثني عشر درهماً بدينار" هذا يتوافق فيه الفضة مع الذهب، لكن لو كان قوبل ثلاثة دراهم من صرف خمسة عشر درهم للدينار الواحد، يكون فيه قطع وإلا ما في؟ ما فيه قطع، إلا على القول بأن الأصل الفضة.

"وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: "ما طال علي وما نسيت" ما الداعي لهذا الكلام؟ لأنها عاشت بعد النبي -عليه الصلاة والسلام- ما يقرب من نصف قرن "ما طال علي وما نسيت، القطع في ربع دينار فصاعداً" وجاء عنها أنها كانت تقول: "لا قطع في الشيء التافه" يعني الذي يقل عن الربع دينار.

طالب:......

يعني قطع من الشجر وهو يزيد، الخبرة، نعم؟

طالب:......

طيب خضراء بعد، خضراء تبقى وتصفر، ما شاء الله، ترى الذي يقرأ القرآن هو شُبه من حيث الرائحة والطعم، إيه لا يعني أنه يكبر، بعد المسلمين تبي تكبر أنت بعد؟

طالب:......

لا، كان يعني هناك أشياء أبو عبد الله يدرك ريشة النعام هذه إذا وضعوها في المصحف تكبر وإلا ما تكبر؟ إيه عندهم تصورات كانت موجودة، لكن ما لها حقيقة هذه.

طالب:......

لا، لا هاه؟

طالب:......

إيه تنتفش لا سيما إذا سحبت بقوة، أبو عبد الله مخضرم يعرف كل هذه الأمور ما شاء الله.

يقول: "وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن عمرة بنت عبد الرحمن أنها قالت: خرجت عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى مكة، ومعها مولاتان لها، ومعها غلام لبني عبد الله بن أبي بكر" لبني أخيها عبد الله بن أبي بكر "فبعثت مع المولاتين ببرد مرجل" أو برد مرحل، وهذا الأكثر بالحاء المهملة، يعني فيه تصاوير رحال التي توضع على ما يركب "قد خيط عليه خرقة خضراء" هذا البرد خيطت عليه خرقة خضراء "قالت: فأخذ الغلام البرد ففتق عنه فاستخرجه، وجعل مكانه لبداً أو فروة" جعل مكانه شيء ثاني، أخذ البرد ووضع مكانه لبداً، إما صوف أو شعر أو ما أشبه ذلك، أو قطن، المهم أنه وضع فيه شيء يستوعب الظرف، أو فرو "وخاط عليه، فلما قدمت المولاتان المدينة دفعتا ذلك إلى أهله" وهذه جناية بلا شك وخيانة.

واحد من المشايخ جلس في مصر مدة طويلة يدرس، وهو في هذه المدة ينتقي عيون الكتب، وجمعها في كراتين كثيرة جداً، فلما بعثها وصلت إليه الكراتين بنفسها مكتوب عليها كتابته، لكن هذه الكتب شيلت كلها ووضع مكانها القاموس العصري، ما أدري يمكن ألف نسخة من القاموس العصري، ...... بالمستودع وعبأ الكراتين وشال الكتب هذه، مثل صنيع الغلام ذا، لكن أخذ الكتب وتغيير الكتب كارثة، وهذا يحصل أحياناً في المكتبات العامة، يأتي اللص ويأخذ الكتاب النفيس، ويضع في مكانه كتاباً آخر لا يسوى شيء بالنسبة له، لا شك أن هذه خيانة مع كونها سرقة خيانة.

"وجعل مكانه لبداً أو فروة، وخاط عليه، فلما قدمت المولاتان المدينة دفعتا ذلك إلى أهله" هو أمانة يوصل إلى بني فلان "فلما فتقوا عنه وجدوا فيه اللبد ولم يجدوا البرد، فكلموا المرأتين" يعني المولاتين، فكلمتا عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنها بالمدينة، أو كتبتا إليها؛ لأنها لم تصل المدينة، واتهمتا العبد؛ لأنه ما في معهما إلا هو "فسئل العبد عن ذلك فاعترف، فأمرت به عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- فقطعت يده" هذا دليل على أن السيد يقيم الحد على مولاه، سواءً كان ذكر أو أنثى، ((إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحد ولا يثرب عليها)) يقيم الحد عليها ولو بالقطع، أما الأحرار فلا يقيم الحد عليهم إلا السلطان.

"وقالت عائشة: "القطع في ربع دينار فصاعدا" لأنه قوم البرد فإذا بقيمته أكثر من ربع دينار.

"وقال مالك: أحب ما يجب فيه القطع إلي ثلاثة دراهم، وإن ارتفع الصرف أو اتضع" فجعل الأصل في النصاب الفضة، ارتفع الصرف أو اتضع، يعني سواءً كان الدينار بعشرة دراهم أو بعشرين درهماً، فالقطع في ثلاثة دراهم عملاً بحديث المجن، وهذا رأي الإمام مالك.

"أحب ما يجب فيه القطع إلي ثلاثة دراهم، وإن ارتفع الصرف أو اتضع، وذلك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قطع في مجن قيمته ثلاثة دراهم، وأن عثمان بن عفان قطع في أترجة قومت بثلاثة دراهم، وهذا أحب ما سمعت إلي في ذلك" ومن أهل العلم من يرى أن الأصل الذهب فلا يقطع إلا في ربع دينار، ولو كان المسروق قيمته أكثر من ثلاثة دراهم ما لم تصل إلى ربع دينار، ومنهم من يقول: إن كلاً منهما أصل برأسه.

طالب:......

كيف؟

طالب:......

الدرهم؟

طالب:......

الدرهم ويش يساوي من الريال؟ أنت إذا شفت ربع الدينار، الدينار أربعة أسباع الجنيه، فربعه سبع الجنيه، ربع الدينار سبع الجنيه، والجنيه الآن يمكن بخمسمائة وإلا بستمائة؟ كم الجرام؟

طالب: خمسمائة وستين.

خمسمائة وستين الجنيه؟ خمسمائة وستين، سبعها؟ سبعة في ثمانية كم؟

طالب:......

إي نعم ثمانين، يسرق البيضة فتقطع يده، يسرق الحبل فتقطع يده، هذا على التنفير من السرقة والتحذير منها، ومنهم من يقول: إن المراد بالبيضة البيضة تضع على الرأس في الحرب، وقيمتها أكثر من ثلاثة دراهم، والحبل حبل السفينة وقيمته أكثر، لكن السياق يأبى هذا التأويل.

نعم.

سم.

أحسن الله إليك.

باب: ما جاء في قطع الآبق والسارق

حدثني عن مالك عن نافع أن عبداً لعبد الله بن عمر -رضي الله عنه- سرق وهو آبق، فأرسل به عبد الله بن عمر إلى سعيد بن العاص وهو أمير المدينة ليقطع يده، فأبى سعيد أن يقطع يده، وقال: "لا تقطع يد الآبق السارق إذا سرق" فقال له عبد الله بن عمر: "في أي كتاب الله وجدت هذا؟ ثم أمر به عبد الله بن عمر فقطعت يده".

وحدثني عن مالك عن زريق بن حكيم أنه أخبره أنه أخذ عبداً آبقاً قد سرق قال: فأشكل علي أمره، قال: فكتبت فيه إلى عمر بن عبد العزيز أسأله عن ذلك وهو الوالي يومئذ، قال: فأخبرته أنني كنت أسمع أن العبد الآبق إذا سرق وهو آبق لم تقطع يده، قال: فكتب إلي عمر بن عبد العزيز نقيض كتابي، يقول: كتبت إلي أنك كنت تسمع أن العبد الآبق إذا سرق لم تقطع يده، وإن الله -تبارك وتعالى- يقول في كتابه: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [(38) سورة المائدة] فإن بلغت سرقته ربع دينار فصاعداً فاقطع يده.

وحدثني عن مالك أنه بلغه أن القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وعروة بن الزبير كانوا يقولون: "إذا سرق العبد الآبق ما يجب فيه القطع قطع".

قال مالك -رحمه الله-: وذلك الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا، أن العبد الآبق إذا سرق ما يجب فيه القطع قطع.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في قطع الآبق والسارق

في قطع الآبق والسارق كذا بالعطف كأنه عطف تفسير، كأن هذا عطف تفسيري، قطع الآبق، الآبق يقطع بمجرد إباقه أو يقطع إذا سرق؟ إذا سرق، والسارق لا شك أنه يقطع، يعني لو قلنا: إن العطف على نية تكرار العامل، وقلنا: باب قطع الآبق وقطع السارق يقطع بدون سرقة، والسارق يقطع بدون إباق.

قال الشارح شيء؟ شوف الترجمة.

هو لا شك أن الباب معقود للعبد إذا أبق عن سيده وسرق أثناء إباقه.

الشبهة التي ترد على العبد الآبق إذا سرق أن السرقة بالنسبة له الذي يدعوه إليها في الغالب الحاجة، فقد يقال: إن هذا العبد البعيد عن سيده لا يجد من ينفق عليه، فيضطر إلى السرقة، فيدرأ عنه الحد، ولا شك أن درأ الحد بالحاجة عمر -رضي الله عنه- لم يقطع عام الرمادة للمجاعة والحاجة، لكن هل هذا عزيمة وإلا رخصة؟ رخصة، والرخص لا تستعمل في حق من عصى الله -جل وعلا-، ولذا الجمهور على أن العاصي في سفره لا يترخص، والآبق عاصي، فيقطع إذا سرق، ويضيق عليه، ولا يمكن من البقاء حال كونه آبقاً عن سيده، بل يضيق عليه حتى يرجع إلى سيده، وقل مثل هذا في الولد إذا هرب عن أبويه، لا يجوز إيوائه، وقد يقال بمثل هذا في العامل إذا كانت إقامته غير نظامية، فلا شك أن المسألة ينتابها أمور، يعني هؤلاء الذين يأتون بغير... مع مخالفة النظام، ويقيمون لا شك أنهم لا يجدون أعمال، لا يمكنون من العمل بغير إقامة، وكثيراً ما يتعرضون لسؤال الناس من الصدقات والزكوات، فإن أعطوا أعينوا على البقاء مع المخالفة، وإن لم يعطوا حملوا على السرقة، يعني إذا لم يعطوا حملوا على السرقة، وإن أعطوا أعينوا على هذه المخالفة، ففي مثل هذا هل يقال بارتكاب أخف الضررين؟ وأن إقامتهم بدون إقامة نظامية أسهل من كونهم يسطون على البيوت ويسرقون، أو أن عدم إعانتهم على البقاء يضطرهم إلى الرجوع إلى بلدانهم؟ يعني هذه...، نعم؟

طالب:......

لا هم في الغالب يأتون من أجل الكسب، من أجل الرزق يأتون، فمثل هذا لا شك أنه ينتابه الأمران، وكلاهما مُر، يعني لو فتح المجال للعمالة، وفتح الباب على مصراعيه، وكل واحد تستر على عامل، لا شك أن هذا التنظيم مثل هذا لمصلحة الناس؛ لأنه لو أعين مثل هذا...، العامل الذي في كفالة شخص، وهو مسئول عنه وعن جميع تصرفاته؛ لأن العمال يأتون من بلدان شتى، أعرافهم تختلف عن أعراف البلد، وهناك عندهم أمور ليست بشيء في نظرهم، وهي عندنا عظائم، وهناك أمور بالعكس اختلاف الأعراف لا شك أنه موجود، فإذا ترك من دون رقيب أو هرب من كفيله وآواه شخص آخر وعطف عليه، هذه أيضاً يعني لا بد من أن يكون أمام المسئولين، شخص مسئول عن هذا الشخص، وإلا تكون المسألة فوضى.

يعني تصور أن عندنا من العمالة أكثر من خمسة ملايين مثلاً، واضطربت أحوالهم، هذا هرب عن كفيله، وهذا استتر بمكان، وهذا...، يعني معروفة أوضاعهم والتزامهم بالدين، وعدم التزامهم، كثير منهم يأتي من بلدان شبه إباحية، فتركهم بدون رقابة، وبدون حسيب، وبدون كفيل يكون مسئول عن تصرفاتهم هذا فيه إخلال بالبلد، هذا ما فيه شك أن هذه الأنظمة إنما سنت للمصلحة، روعي فيها المصالح، ولا شك أن المصالح المرعية لها شأن في الشرع.

على كل حال هل من المصلحة أن يعطى هذا العامل لا سيما إذا ظهرت عليه أمارات الصلاح، وأنه ما جعله يقيم إقامة غير نظامية إلا الشدة التي طردته من بلده، لكن إن لم يعط ماذا يصنع؟ لا شك أنه قد يضطر إلى سرقة أو انتهاب أو شيء من هذا وقد حصل، فمثل هذه الأمور لا شك أنها تحتاج إلى دراسة واعية ممن يقوم على هؤلاء، سواءً كان من المسئولين، أو من غيرهم ممن يقدمهم إلى هذه البلاد.

يقول: "حدثني عن مالك عن نافع أن عبداً لعبد الله بن عمر سرق وهو آبق، فأرسل به عبد الله بن عمر إلى سعيد بن العاص وهو أمير المدينة ليقطع يده" الآن الأصل أن ابن عمر يقيم عليه الحد؛ لأنه سيده، لكنه من باب احترام السلطان وصاحب الأمر بعث به إليه.

"فأبى سعيد أن يقطع يده، وقال: "لا تقطع يد الآبق السارق إذا سرق" لعل الشبهة في ذلك أنه يحتاج لبعده عن سيده الذي ينفق عليه "إذا سرق، فقال له عبد الله بن عمر: "في أي كتاب الله وجدت؟" يعني عندك دليل على هذا وإلا ما عندك إنما هو مجرد اجتهاد؟ "ثم أمر به عبد الله بن عمر فقطعت يده" نعم؟

طالب:......

وين؟

طالب:......

في أي كتاب الله وجدت هذا، في أي كتاب يعني من كتب الله -جل وعلا-.

"فقطعت يده" الآن أيهما أفضل بالنسبة لعبد الله بن عمر أن يبعث به إلى الوالي ويجتهد الوالي، ويكون اجتهاد ابن عمر مخالف، أو من الأصل ابن عمر نفذ الحد وانتهى بدون ما يرفع؟ هو لا شك لو أنه اتفق الاجتهادان، وقطعت يده بأمر الوالي أن هذا ما في شك أنه من باب احترام الوالي وتقديره وإن كان الأصل أن الذي يقيم الحد السيد، لكن لما اختلف الاجتهاد؟

طالب:......

هو أصل المسألة مبنية على احترام الوالي صح وإلا لا؟ فاجتهاد الوالي ما وافق، فهل نقول: في مثل هذه الصورة أنت تبي تجتهد وتحترم الوالي وتقدم هذا الرقيق إلى الوالي ليقيم عليه الحد، ثم الوالي بعد ذلك يخالف اجتهادك، ثم تخالف اجتهاد الوالي؟ فأنت من الأصل لا ترفع؛ لوجود هذا الاحتمال؛ لأنه مع المخالفة ما الذي يكون نفسه الوالي؟ هل يبي يحفظ لعبد الله بن عمر هذا التقدير أو يبي ينعكس الوضع؟

طالب: يمكن ينعكس.

ما في شك أنه ينعكس؛ لأنه خالفه، لكن على كل حال الحق مقدم على كل أحد، فمثل هذا يحتاج إلى معرفة هذا الشخص هل هو من أهل الاجتهاد أو ليس من أهل الاجتهاد؟

طالب: يعني في زمان عبد الله بن عمر ما في والي يقيم الحدود فأقامه عليه....

لا، لا في والي، هذا سعيد أمير المدينة، هو أمير المدينة، فدفع به عبد الله بن عمر إلى الوالي سعيد بن العاص ليقطع يده، ما عنده تردد عبد الله بن عمر في أنه مستحق للقطع، فدفع به إليه لا ليجتهد في أمره إنما ليقطع يده، فالذي حصل أن الاجتهاد اختلف، اجتهاد الوالي عن اجتهاد ابن عمر، فرجع ابن عمر إلى اجتهاده وهو أن الرقيق في مثل هذه الصورة يقطع، تقطع يده؛ لأنه لا شبهة له.

"وحدثني عن مالك عن زريق بن حكيم أنه أخبره أنه أخذ عبداً آبقاً قد سرق قال: فأشكل علي أمره" يعني الشبهة واردة، الشبهة موجودة، الشبهة التي عرضت لسعيد بن العاص عرضت هنا، مما يدل على أنها لها حظ من النظر، يعني ما تفرد بها شخص، بل هي موجودة عند كثير من الناس أن العبد الآبق قد يحتاج، وإذا سرق محتاجاً لا قطع عليه.

"قال: فكتبت فيه إلى عمر بن عبد العزيز أسأله عن ذلك، وهو الوالي يومئذ" فمنهم من يقتضي نظره أنه يقطع، ولو كان محتاجاً، ولو كان بعيداً عن سيده؛ لأنه لا يعان في معصيته على السرقة، ولا تيسر أموره كالعاصي في بسفره، ومنهم من يقول: إنه ما دام مستحق للإعانة، وهو محتاج فلا مانع من أن يدرأ عنه الحد، وتكون حينئذٍ الجهة منفكة كالعاصي في سفره هل له أن يأكل من الميتة إذا اضطر؟ هذه المسألة معروف قول الجمهور لا، والحنفية يرون أن له أن يأكل، نعم؟

طالب: يا شيخ أحسن الله إليك ماذا يقال بإقامة الحد على العبد الآبق عندما يسرق تأديباً لغيره حتى ما يأبق؟

هو مقتضى النظر نظر عمر بن عبد العزيز، ونظر عبد الله بن عمر أنه يقطع، هذا الأصل فيه أنه يقطع، ولا يعان على إباقه، فيردع هو ويردع من يريد الاقتداء به، هذا الاجتهاد الذي حصل، لكن اجتهاد سعيد بن العاص واجتهاد غيره الذي في هذا الحديث، فأشكل علي أمره...

طالب: أنهم بحاجة إلى ذلك أصلاً.

نعم.

"فكتبت فيه إلى عمر بن عبد العزيز أسأله عن ذلك، وهو الوالي يومئذٍ، قال: فأخبرته أنني كنت أسمع أن العبد الآبق إذا سرق وهو آبق لم تقطع يده" يعني هذه الشبهة اشترك فيها أكثر من شخص، يعني مال إليها واستروح إليها أكثر من شخص، وهي شبهة ظاهرة أنه بعيد عن سيده الذي تلزمه نفقته فلا تقطع يده للحاجة.

قال: "فكتب إلي عمر بن عبد العزيز نقيض كتابي" يعني أنه تقطع يده؛ لأنه سارق، والآية تنطبق عليه، يقول: "كتبت إلي أنك كنت تسمع أن العبد الآبق إذا سرق لم تقطع يده، وأن الله -تبارك وتعالى- يقول في كتابه: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ} [(38) سورة المائدة] أل هذه جنسية تشمل الآبق وغير الآبق، {وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} فإن بلغت سرقته النصاب ربع دينار فصاعداً فاقطع يده.

قال: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وعروة بن الزبير" والثلاثة كلهم من الفقهاء السبعة "كانوا يقولون: "إذا سرق العبد الآبق ما يجب فيه القطع قطع" لأنه ما يوجد ما يستثنيه من النصوص.

"قال مالك: وذلك الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا" يعني هذا مما نتفق عليه مع علماء بلدنا أن العبد الآبق إذا سرق ما يجب فيه القطع قطع، وأنه لا يوجد ما يستثنيه من النصوص التي توجب إقامة الحد عليه، والله أعلم.

 

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"
واحد من الإخوان يقول: فهمنا أن المحصن لا يجلد، بل يكتفى برجمه هذا صحيح وإلا لا؟

قلنا: إن الجمهور على أنه لا يجلد، بل يكتفى برجمه؛ لأن الوقائع الخمس التي حصلت في عهده -عليه الصلاة والسلام- ليس فيها إشارة إلى الجلد، لكن الصواب أنه يجمع بينهما فيجلد ثم يرجم، بدليل حديث عبادة وهو صريح نص مفسر مفصل مبين، ((جلد مائة والرجم)) وعلي -رضي الله عنه- جلد شراحة يوم الخميس، ورجمها يوم الجمعة، هذا الذي قررناه، لا أذكر أني قلت غير هذا الكلام، لكن بعض الإخوان يقول: إنا فهمنا العكس، على كل حال يصحح الفهم.