شرح منسك شيخ الإسلام ابن تيمية (16)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: ومن حمل شيئا من ماء زمزم جاز فلقد كان السلف يحملونه وأما التمر الصيحاني فلا فضيلة فيه بل غيره من التمر البرني والعجوة خير منه والأحاديث إنما جاءت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في مثل ذلك كما جاء في الصحيح من تصبح بسبع تمرات عجوة لم يصبه ذلك اليوم سم ولا سحر ولم يجيء عنه في  الصيحاني شيء وقول بعض الناس إنه صاح بالنبي -صلى الله عليه وسلم- جهل منه بل إنما سمي ذلك ليبسه فإنه يقال تصوح التمر إذا يبس وهكذا قول بعض الجهال أن عين الزرقاء جاءت معه من مكة ولم يكن بالمدينة على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- عين جارية لا الزرقاء ولا عيون حمزة ولا غيرهما بل كل هذا مستخرج بعده.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:ومن حمل شيئًا من ماز زمزم جاز" ماء زمزم هو الماء المبارك المعروف الذي ينبع بالمسجد الحرام، دخل فيه بعد أن كان خارجًا منه، دخل هذا الماء المبارك الذي سببه العطش الذي ألمَّ بإسماعيل وسعي أمه في جهات بين الصفا والمروة لتبحث عمن ينقذه من هذا العطش فنبع من تحت قدمه والقصة معروفة، على كل حال هو ماء مبارك وجاء فيه نصوص منها: " ماء زمزم لما شرب له"، "وماء زمزم طعام طعم وشفاء سقم"، فجاءت فيه هذه النصوص فيحرص كثير من الناس أن يحمله من مكانه إلى بلده، يتزود به وله خصائص كثيرة جدًا أثبتت الأبحاث العلمية ما كان خافيًا في الأول، ومع ذلك أبو ذر-رضي الله عنه- مكث ثلاثين بين يوم وليلة وقوته وزاده من ماء زمزم حتى سمن بسببه وتكسرت عُكن بطنه فهو ماء مبارك، ومن خصائصه أنه لا يحوج الإنسان إلى الخروج من المسجد وهذا شيء جربناه، يعني الإنسان إذا شرب ماء كثيرًا من غيره احتاج إلى الدورة ليقضي حاجته، وأما ماء زمزم فجربناه وجربه غيرنا فلم يحوجهم لذلك فهو ماء مبارك، وكان طعمه أشد مرارة من طعمه الآن، الآن يستساغ، كان طعمه لا يستسيغه إلا من يتعبد بشربه فيتضلع منه كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- الآن كأنه يُتسرب إليه من جهات من يمين ومن شمال من ماء مكة مما غير طعمه فجعله مستساغًا، على كل حال هو يبقى ماء زمزم، حتى أن الأبحاث تثبت أن الماء المتسرب إليه بمجرد ما يلامس حجارة البئر ينقلب إلى زمزم، هذا شيء عجيب، هذا شيء لا يدركه الناس و لا يدركه البشر، هذه بركة عظيمة، منذ آلاف السنين وملايين البشر تشرب منه وتستقي منه وتتروى منه ومع ذلك لم ينضب، الناس يتزودون منه ويأخذون منه إلى بلدناهم ومازالوا يفعلون ذلك وهذا جائز لا بأس به، فقد جاء الأثر بذلك "وقد كان السلف يحملونه"وكانت عائشة تحمله -رضي الله عنها- ويذكر عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه حُمل له من ماء زمزم،"وأما التمر الصيحاني"من أنواع التمور بالمدينة، وقد أوصلها ابن الجوزي إلى قريب من ستمائة نوع منها التمر الصيحاني قال "فلا فضيلة له"، أما من يزعم من العامة أنه صاح بالنبي -عليه الصلاة والسلام- فصارت له مزية بهذه الصيحة فلا أصل له ولا يثبت هذا الخبر "فلا فضيلة له بل غيره من التمر البرني، والعجوة خير منه"خير منه لأنه جاء في العجوة ما جاء في الحديث الصحيح: "من تصبح بسبع تمرات عجوة لم يضره في ذلك اليوم سم ولا سحر" وجاء في حديث بلال لما باع التمر الردي قال بع الجمع واشتري به جنيبًا، هذا أيضًا يدل على أنه نوع فاضل عندهم، والبرني أيضًا كذلك نوع جيد معروف عندهم في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى يومنا هذا،"قال بل غيره من التمر البرني والعجوة خير منه والأحاديث لما جاءت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في مثل ذلك،كما جاء في الصحيح من تصبح بسبع تمرات عجوة لم يصبه ذلك اليوم سم ولا سحر" السين مثلثة قالوا أفصحها الفتح سَم ولا سحر، قوله: عجوة وجاء في أحاديث من غير تقييد أو تخصيص بالعجوة مما جعل بعض أهل العلم يستروح إلى أن التصبح بسبع تمرات أيا كان لا سيما لمن لم يجد العجوة أنه يدخل في هذا الحديث وأنه لا يضره في ذلك اليوم سم ولا سحر، وعلى كل حال على الإنسان أن يحرص على التصبح بسبع تمرات إن وجد العجوة فبها ونعمت؛ لأن التنصيص عليها يدل على تميزها، لكن ذكرها على وجه الخصوص مع وجود النص العام لا يقتضي التخصيص؛ لأن العجوة فرد من أفراد التمر، وجاء النص بالعموم وجاء النص بالخصوص، التخصيص يدل على أن لها مزية ليس لغيرها وأنها أولى من غيرها لكن لا ينفي أن يكون لغيرها مثل ما جاء فيها من أنه لا يضره سم ولا سحر.

طالب: ...................

  العجوة فرد وليس بوصف، فرد خصوص وعموم، يبقى أن العجوة هذه إذا زُرعت في غير المدينة وقد زرعت وأنتجت هل تأخذ الخصيصة التي لها إذا زرعت بالمدينة، بالأرض الطيبة هذا محل نظر، هي تمر عجوة ولا يشك في ذلك وأنها هي هي بجميع خصائصها، جاء في بعض النصوص ما يدل على أنها من عجوة المدينة، ومع ذلك مثل ما قلنا في العجوة أنه فرد من الأفراد لا يقتضي التخصيص، فعلى الإنسان أن يحرص على أن يتصبح بسبع تمرات ومعنى يتصبح يأكلها صباحًا، وظاهر النص أنه لا يأكل قبلها شيء يعني يبدأ بها "ولم يجيء عنه في الصيحاني شيء وقول بعض الناس أنه صاح بالنبي -صلى الله عليه وسلم-جهل منه" هذا خبر لا أصل له،"بل إنما سمي بذلك ليبسه" ليبسه "فإنه يقال تصوح التمر إذا يبس"،تصوّح الزرع إذا يبس، تصوّح النبت إذا يبس، ولكن البلاد إذا اقشعرت وصوح نبتها رعي الهشيم يعني يبس،"وهذا كقول بعض الجهال إن عين الزرقاء جاءت معه من مكة" جاءت مع النبي -عليه الصلاة والسلام- من مكة، كيف تجي عين الزرقاء من مكة؟ يعني مشت من تحت الأرض ونبعت هناك معه، هذا كما قيل أن سفينة نوح طافت بالبيت سبعًا وصلت خلف المقام ركعتين مثل هذا كثير على ألسنة الوضاعين جاءت معه من مكة "ولم يكن بالمدينة على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- عين جارية لا الزرقاء ولا عيون حمزة" عيون حمزة هذه قريبة من أُحد يعني بقرب مدافن الشهداء فنسبت إلى سيدهم وهو حمزة ولا غيرهما،"لا الزرقاء ولا عين حمزة ولا غيرهما بل كل هذا مستخرج بعده " يعني العيون أو الآبار التي في عهده -عليه الصلاة والسلام- مثل بئر بضاعة وبئر حاء وغيرهما من الآبار كلها موجودة آبار لكنها ليست عيون جارية .

ورفع الصوت في المساجد منهي عنه وقد ثبت أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- رأى رجلين يرفعان أصواتهما في المسجد فقال لو أعلم أنكما من أهل البلد لأوجعتكما ضربًا إن الأصوات لا ترفع في مسجده فما يفعل بعض جهال العامة من رفع الصوت عقب الصلاة من قولهم السلام عليك يا رسول بأصوات عالية من أقبح المنكرات، ولم يكن أحد من السلف يفعل شيئًا من ذلك عقيب السلام بأصوات عالية ولا منخفضة بل ما في الصلاة من قول المصلي السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته هو المشروع كما أن الصلاة عليه مشروعة في كل زمان ومكان، وقد ثبت في الصحيح أنه قال من صلى علي مرة صلى الله عليه بها عشرًا، وفي المسند أن رجلاً قال يا رسول الله أجعل عليك ثلث صلاتي قال إذًا يكفيك الله ثلث أمرك فقال أجعل عليك ثلثي صلاتي قال إذًا يكفيك الله ثلثي أمرك قال أجعل صلاتي كلها عليك قال إذًا يكفيك الله ما أهمك من أمر دنياك وأمر آخرتك وفي السنن عنه أنه قال لا تتخذوا قبري عيدا وصلوا علي حيثما كنتم فإن صلاتكم تبلغني وقد رأى عبدالله بن حسن شيخ الحسنيين في زمنه رجلاً ينتاب قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- للدعاء عنده قال يا هذا إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لا تتخذوا قبري عيدًا وصلوا علي حيثما كنتم فإن صلاتكم تبلغني فما أنت ورجل بالأندلس إلا سواء ولهذا كان السلف يكثرون الصلاة والسلام عليه في كل مكان وزمان ولم يكونوا يجتمعون.

قال -رحمه الله-:"ورفع الصوت في المساجد منهي" عنه وهو في مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- أشد، رفع الصوت في المساجد منهي عنه، وترجم الإمام البخاري -رحمه الله- باب ماجاء في رفع الصوت في المسجد وذكر ما يدل على المنع وذكر ما يدل على الجواز مما يدل على أنه عند الحاجة لا بأس به، وعند عدم الحاجة يثبت فيه النهي وهل يلحق بهذا رفع الصوت بالعلم مثلاً أكثر من الحاجة يعني إذا كان الطلاب عددهم قليل يبلغهم الصوت فلا داعي للمكبر مثلاً، وكذلك في الصلاة أحيانًا يكون الجماعة خمسة، ستة، عشرة، صف أو صفين ثم يرفع الصوت بحيث لا يخرج الواحد من المسجد إلا وقد أصيب بالصداع هذا من المنهي عنه، ولا شك أن هذا داخل في المنهي عنه؛ لأنه لا داعي له ولا حاجة إليه، ومع ذلك هو مؤذي، وبعض الأئمة لا سيما الشباب يتكلف في اختيار الأنواع التي هي أرفع صوتًا ويدخل عليها من المؤثرات ومن الأشياء التي تحسن صوته، الله المستعان، فمثل هذا المسجد يكفيه أقل من الموجود فيه، بعض المساجد يحتاج إلى شيء من رفع الصوت؛ لأنه كبير والجماعة كثيرون فالمسألة مقدرة بالحاجة، والأصل أن هذا الأمر محدث يستعمل في عبادة دعت إليه الحاجة فالحاجة تقدر بقدرها وما زاد على ذلك يبقى في حيز المنع، فرفع الأصوات في المساجد امتهان لها، يعني لو كنت عند شخص تجله وتعظمه تجد بعض كلامك ما يُسمع لا سيما إذا كان بيده أمر ونهي ومسؤولية وترجوه وتخافه فخفض الصوت دليل على التعظيم والتوقير، ورفع الصوت بضده، و ((إن أنكر الأصوات لصوت الحمير))، مع أنه ذكر عن العباس بن عبدالمطلب -رضي الله عنه- وأرضاه عم النبي -عليه الصلاة والسلام- أن صوته يصل إلى تسعة فراسخ، ذكر هذا في ترجمته، ذكر في كتب أهل العلم، لكن يبقى أن الصوت الزائد على الحاجة لا داعي له ويدخل في حيز الذم، وهو في مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- أشد، لما جاء في الآية: ((لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي))، وإذا كان في مسجده أشد، فأمام حديثه وكلامه -عليه الصلاة والسلام- إذا كان شخصٌ يحدث بكلام النبي -عليه الصلاة والسلام- فإنه حينئذٍ لا يجوز رفع الصوت أكثر من الصوت الذي يؤدى به حديث النبي -عليه الصلاة والسلام-وقد ثبت أن عمر -رضي الله عنه- رأى رجلين يرفعان أصواتهما في المسجد فقال لو أنكما من أهل البلد سألهما أنتما من أهل المدينة قالوا لا من أهل الطائف، قال: لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما ضربًا، يعني الغريب الذي لا يعرف العادات والتقاليد وسلوم الناس مثل هذا يعذر، لكن مثل الذي نشأ في البلد وعرف عادة الناس ونشأوا على هذا الأمر مع ما فيه من كونه شرعي مثل هذا يؤدب ويعزر،إن الأصوات لا ترفع في مسجده قال فما يفعل بعض جهال العامة من رفع الصوت عقب الصلاة من قولهم الصلاة عليك يا رسول الله سلموا مباشرة يسلمون على النبي -عليه الصلاة والسلام-بأصوات عالية يقول هذا من أقبح المنكرات ولم يكن أحد من السلف يفعل شيئًا من ذلك عقب السلام بأصوات عالية ولا منخفضة؛إنما معروف أن طريقتهم أنهم يذهبون إليه ويتوجهون إلى وجهه فيسلمون عليه -عليه الصلاة والسلام- إذا قدموا من سفر كما يسلم القادم من السفر.

طالب: ..................

على كل حال الزائد عن الحاجة مذموم.

طالب: ....................

نفس الشيء الذي يشغل الناس ويؤذيهم هذا أذى، هذا الذي يؤذي المؤمنين بأصوات عالية ولا منخفضة بل ما في الصلاة من قول المصلي السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته هو المشروع يعني إضافة إلى ما تقدم من أن الغريب إذا دخل المسجد يسلم على النبي -عليه الصلاة والسلام-كما أن الصلاة عليه مشروعة في كل زمان ومكان،وقد ثبت عنه في الصحيح أنه قال «من صلى علي مرة» يعني واحدة كما جاء في الخبر «صلى الله عليه بها عشرًا» صلى الله عليه بها عشرًا»، الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- مرغب فيها ويختلف أهل العلم في وجوبها إذا ذكر، والأمر بها ثابت في الكتاب والسنة أيضًا، المقصود أن العلماء يختلفون في وجوبها لكن عامتهم على أنها مستحبة استحبابًا مؤكدًا والبخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي،وفي المسند أن رجلاً قال يا رسول الله أجعل لك ثلث صلاتي فقال إذن يكفيك الله ثلث أمرك، فقال: أجعل عليك ثلثي صلاتي قال إذًا يكفيك الله ثلثي أمرك، قال أجعل صلاتي كلها عليك، قال إذًا يكفيك الله ما أهمك من أمر دنياك وأمر آخرتك،جاء أيضًا في السنن عند الترمذي أجعل لك من صلاتي الثلث النصف الثلثين أجعل لك صلاتي كلها قال إذًا يكفيك الله ما أهمك ما معنى أجعل لك صلاتي؟

طالب: ................

يعني في الدعاء لا يخلي أي دعاء من دعائه من الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- يعني حُمل على هذا عند أهل العلم وإلا ما معنى أنه يترك الأدعية كلها إلا الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ أولاً الصلاة ليست الصلاة الشرعية ذات الركوع والسجود؛ إنما المقصود بها الدعاء، فهل يجعل جميع أدعيته صلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- أو أنه لا يخلي من دعائه من صلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ هذا هو المتجه، وهو الذي يرجحه كثير من أهل العلم مع أن الحديث حسن يعني مقبول في الجملة ليس فيه -إن شاء الله- إشكال.

طالب: ........................

في قلبه لا يتكلم.

طالب: ....................

المهم لا تترك الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- عند ذكره وعند الدعاء لابد أن تختم دعائك بالصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- أي دعاء تدعو به لا بد أن تختمه بالصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام-ما  لم يكن في داخل الصلاة، يعني ما تقول: اللهم صل على محمد وأنت ساجد وأنت تدعو لا، المقصود أن هذا أولى ما حُمل عليه الحديث وإلا فهو مشكل، يعني معناه أن الناس يتركون ما يدعون بشيء إنما يصلون على النبي -عليه الصلاة والسلام- وهناك أدعية جاءت بها النصوص في الكتاب والسنة وفي السنن عنه أنه قال «لا تتخذوا قبري عيدًا وصلوا علي حيثما كنتم فإن صلاتكم تبلغني»نعم تبلغه، يبلغ الصلاة يبلغ السلام -عليه الصلاة والسلام-وقد رأى عبدالله بن حسن في الأصول التي ذكرت الأثر حسن بن حسن هكذا في نسخة ثانية عندكم تعليق.

طالب: ..................

عندكم مخرج الأثر؟

طالب: .................

يعني عن حسن بن حسن.

طالب: .................

الحديث معروف، لكن من القائل حسن بن حسن أو عبدالله بن حسن، على كل حال الأصول التي خرجت الخبر فيها أنه حسن بن حسن بن علي، قال وقد رأى عبدالله بن حسن شيخ الحسنيين في زمانه رجلاً ينتاب قبر النبي -عليه الصلاة والسلام-يعني يتردد عليه للدعاء عنده فقال يا هذا إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لا تتخذوا قبري عيدًا يعني مع التكرر في أوقات محددة يكون عيدا، وصلوا علي حيثما كنتم، في أي مكان في أقصى المشرق أو في أقصى المغرب فإن صلاتكم تبلغني يبلغ النبي -عليه الصلاة والسلام- قال عبدالله بن حسن أو حسن بن حسن انتهى الحديث يبلغني قال فما أنت ورجل بالأندلس إلا سواء هذا ليس من المرفوع فما أنت ورجل من الأندلس إلا سواء؛ لأن الصلاة والسلام يبلغانه -عليه الصلاة والسلام- ولهذا كان السلف يكثرون الصلاة والسلام عليه -عليه الصلاة والسلام- في كل زمان ومكان وجاء الحث عليها بما لا يرتبط لا بزمان ولا بمكان.

ولهذا كان السلف يكثرون الصلاة والسلام عليه في كل مكان وزمان ولم يكونوا يجتمعون عند قبره لقراءة ختمة ولا إيقاد شمع وإطعام وإسقاء ولا إشهاد قصائد ولا نحو ذلك، بل هذا من البدع بل كانوا يفعلون في مسجده ما هو المشروع في سائر المساجد من الصلاة والقراءة والذكر والدعاء والاعتكاف وتعليم القرآن والعلم وتعلمه ونحو ذلك وقد علموا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- له مثل أجر كل عمل صالح تعمله أمته، فإنه -صلى الله عليه وسلم- قال من دعا إلى هدى فله من الأجر مثل أجور من اتبعه من غير أن ينقص من أجورهم شيئًا وهو الذي دعا أمته إلى كل خير فكل خير يعمله أحد من الأمة فله مثل أجره فلم يكن -صلى الله عليه وسلم- يحتاج إلى أن يهدى إليه ثواب صلاة أو صدقة أو قراءة من أحد فإن له مثل أجر ما يعملونه من غير أن ينقص من أجورهم شيئًا، وكل من كان له أطوع وأتبع كان أولى الناس به في الدنيا والآخرة قال –تعالى-: ((قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي))، يوسف: ١٠٨ وقال -صلى الله عليه وسلم-:«إن آل أبي فلان ليسوا لي بأولياء إنما وليي الله وصالح المؤمنين» وهو أولى بكل مؤمن من نفسه وهو الواسطة بين الله وبين خلقه في تبليغ أمره ونهيه ووعده ووعيده فالحلال ما حلله والحرام ما حرمه والدين ما شرعه والله هو المعبود المسؤول المستعان به الذي يخاف ويرجى ويتوكل عليه قال –تعالى-: ((وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ))، النور: ٥٢ فجعل الطاعة والرسول كما قال –تعالى-: ((مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ))، النساء: ٨٠ وجعل الخشية والتقوى لله وحده لا شريك له فقال –تعالى-: ((وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ))، التوبة: ٥٩ فأضاف الإيتاء إلى الله والرسول كما قال تعالى: ((وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا))، الحشر: ٧

فليس لأحد أن يأخذ إلا ما أباحه الله والرسول، وإن كان الله آتاه ذلك من جهة القدرة والملك فإنه يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ولهذا كان -صلى الله عليه وسلم- يقول في الاعتدال من الركوع وبعد السلام اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد، أي من آتيته جدا وهو البخت والمال والملك فإنه لا ينجيه منك إلا الإيمان والتقوى، وأما التوكل فعلى الله وحده والرغبة فإليه وحده كما قال –تعالى-: ((وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ))، آل عمران: ١٧٣ ولم يقل ورسوله وقالوا: ((إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ))، التوبة: ٥٩ولم يقولوا هنا ورسوله كما قال في الإيتاء بل هذا نظير قوله فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب وقال تعالى: ((الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ))، آل عمران: ١٧٣ وفي صحيح البخاري عن ابن عباس أنه قال حسبنا الله ونعم الوكيل قالها إبراهيم حين ألقي في النار وقالها محمد -صلى الله عليه وسلم- حين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانًا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل، وقد قال تعالى يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين أي الله وحده حسبك وحسب..، أي الله وحده حسبك وحسب المؤمنين الذين اتبعوك، ومن قال إن المعنى اللهُ والمؤمنون حسبك فقد ضل، بل قوله من جنس الكفر فإن الله هو وحده حسب كل مؤمن به.

فإن الله وحده هو حسب كل مؤمن به.

فإن الله وحده هو حسب كل مؤمن به والحسب الكافي كما قال تعالى: أليس الله بكاف عبده، ولله تعالى حق لا يشركه فيه مخلوق كالعبادات والإخلاص والتوكل والخوف والرجاء والحج والصلاة والزكاة والصيام والصدقة والرسول له حق كالإيمان به وطاعته واتباع سنته وموالاة من يواليه ومعاداة من يعاديه وتقديمه في المحبة على الأهل والمال والنفس كما قال -صلى الله عليه وسلم- والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين، بل يجب تقديم الجهاد الذي أمر به على هذا كله

كماقال تعالى: ((قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ))، التوبة: ٢٤ وقال تعالى: ((وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُوا مُؤْمِنِينَ))، التوبة: ٦٢ وبسط ما في هذا المختصر وشرحه مذكور في غير هذا الموضع والله -سبحانه وتعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:ولم يكونوا يجتمعون عند قبره يعني السلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، لم يكونوا يجتمعون عند قبره -عليه الصلاة والسلام-لا لقراءة ختمة بمعنى أن كل واحد يختم القرآن عنده، أو يجتمعون على ختمة واحدة يتناوبونها، هذا لم يحصل في عهد السلف وإن وجد في بعض العصور المتأخرة مما لا يوجد الآن، يعني لا يوجد الآن من يجتمعون لختم القرآن عنده، ووجد في عصور مضت مما لم يكن في عهد السلف من الصحابة ومن تبعهم بإحسان،"لا لقراءة ختمة ولا إيقاد شمع" كأنوا يوقدون الشموع عند قبره -عليه الصلاة والسلام- عند حجرته في المناسبات، في المولد، في مناسبة الإسراء، في غيرهما من المناسبات يفعلون شيئًا من هذا مما لم يكن على عهد السلف الصالح "ولا إيقاد شمع وإطعام وإسقاء ولا إنشاد قصائد" كل هذا يوجد في الموالد المبتدعة والاجتماعات التي يزعمون بها تعظيم النبي -عليه الصلاة والسلام- في المناسبات التي أحدثوها، يفعلون شيئًا من هذا، بل يفعلون ما هو أعظم من ذلك، يفعلون الغلو بالنبي -عليه الصلاة والسلام- مما نهى عنه -عليه الصلاة والسلام- لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، وحصل من غلاة هذه الأمة من هو نظير ما حصل من النصارى في ابن مريم.

فإن من جودك الدنيا وضرتها 

 

ومن علومك علم اللوح والقلم

يا أكريم الخلق ما لي من ألوذ به

 

سواك عند حلول الحادث العمم 

ومن قرأ و نظر فيما كتب في الموالد يجد من هذا الشيء الكثير من الغلو والإطراء وزعمهم أنه يحضر -عليه الصلاة والسلام- بجسده -نسأل الله السلامة والعافية- ولا نحيي ذلك "بل هذا من البدع بل كانوا يفعلون في مسجده السلف" كانوا يفعلون في مسجده "ما هو مشروع في سائر المساجد" تقدم أن الشيخ ذكر أن مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام- والمسجد الأقصى لا خصيصة لهما في شيء من الأفعال إلا مزيد الفضل، وأما ما يفعل في سائر المساجد يفعل فيه، وإنما الذي اختص بالطواف والتقبيل والمسح هو المسجد الحرام، يطاف بالكعبة ويقبل الحجر الأسود ويسمح اليماني وما عدا ذلك فلا.

طالب: ..................

ماذا فيه؟

طالب: ....................

الروضة قلنا أنها روضة من رياض الجنة، والعمل الصالح فيها له مزية وفضل، لكن يبقى أنه إذا كان هناك من يقوم مقامه ويسبب بذلك زحاما يؤذي الناس يكون غيره أفضل منه "بل كانوا يفعلون في مسجده ما هو مشروع في سائر المساجد من الصلاة والقراءة والذكر والدعاء والاعتكاف وتعليم القرآن والعلم"، وتعلم العلم "وتعليمه" يفعل في مسجده -عليه الصلاة والسلام- كما يفعل في سائر المساجد، يصلى فيه، ويقرأ فيه القرآن، وتنتظر فيه الصلاة، ويرابط فيه انتظار الصلاة بعد الصلاة، ويعتكفون فيه ويذكرون الله -جلَّ وعلا- ويدعونه كسائر المساجد، ويتعلمون القرآن ويعلمونه، ويتعلمون العلم ويعلمونه، وما زال الأمر على ذلك إلى يومنا هذا "ونحو ذلك"، لكن قد يوجد بعض ما يستنكر من البدع من بعض المبتدعة، يوجد في مسجده -عليه الصلاة والسلام- الآن من يزاول بعض البدع، ويوجد شيء من الإنكار والمقاومة، نسأل الله أن يوفق ولاة الأمر للقضاء على جميع مظاهر البدع،"وقد علموا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- له مثل أجر كل عمل صالح تعمله أمته فإنه -عليه الصلاة والسلام- قال «من دعا إلى هدى فله من الأجر مثل أجور من تبعه من غير أن ينقص من أجورهم شيئًا»وهو الذي دعا أمته إلى كل خير فكل خير يعمله أحد من الأمة" فله مثل أجره، فعلى هذا ما يفعله بعض الناس ينيب في الحج عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أو يضحي عن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا اصل له، انتشرت وصية قبل ثلاثين سنة، شخص أوصى لآدم بألف حجة ولحواء وللرسول -عليه الصلاة والسلام- ولأئمة المسلمين وغيرهم، النبي -عليه الصلاة والسلام- ليس بحاجة فالتضحية عنه بدعة ولو كانت خيرا لسبقونا إليه، لسبقنا إليه أفضل الناس بعده -عليه الصلاة والسلام-،"فلم يكن -صلى الله عليه وسلم- يحتاج إلى أن يهدى إليه ثواب صلاة أو صدقة أو قراءة من أحد فإن له مثل أجر ما يعملونه من غير أن ينقص من أجورهم شيئًا"، لكن غيره -عليه الصلاة والسلام- يهدى له ثوابه أو لا يهدى له؟ مسألة إهداء الثواب هو قول الجمهور مع أنه ورد حديث: "لا يصلي أحد عن أحد"، نعم يصوم أحد عن أحد في النذر، "من مات وعليه صوم صام عنه وليه" الحج يقبل النيابة، "حج عن أبيك واعتمر" لكن الصلاة لا تقبل النيابة، لا يصلي أحد عن أحد، لكن لو صلى ثم أهدى الثواب، قرأ القرآن فأهدى الثواب، ناب عن شخص طاف عنه يقبل النيابة، كما أن الأصل يقبل النيابة، وهكذا إهداء الثواب عند جمهور أهل العلم يصل ومنعه بعضهم إلا فيما دل عليه الدليل من الدعاء والصدقة ونحوهما، على كل حال المسألة خلافية بين أهل العلم وقول الجمهور وصول الثواب.

طالب: ..............

الظاهر أنهم ليسوا بحاجة، فمقامهم أعظم من أن يهدي لهم شخص مذنب، لا يهدي لهم الثواب ولا يضحي عنهم .

طالب: ...............

هذا أمر لم يحصل، يعني ما فعله أئمة الإسلام وعلماؤهم، وإن كان ابن حزم وغيره مثل غيره يعني يهدى له الثواب على ما عندهم من مخالفات.

طالب: .............

لا ما يخص هذا عام، العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، قال "وكل من كان له أطوع وأتبع كان أولى الناس به في الدنيا والآخرة"كان أولى الناس به في الدنيا والآخرة كل من كان له أطوع وأتبع، ولذلك كان أولى الناس به أبو بكر وعمر،"قال –تعالى-((قل هذه سبيلي أدعو))" يعني طريقتي في الدعوة ومنهجي في الدعوة "أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني" كثير من الجماعات أو جميع الجماعات كل واحدة تدعي أنها هي التي على الحق، لكن الحاسم والفاصل قل هذه سبيلي، من كان متابعًا للنبي -عليه الصلاة والسلام- في طريقته وفي منهجه هذا هو الذي على الحق، قل هذه سبيلي طريقتي في الدعوة أدعو إلى الله على بصيرة لا على جهل لأنا نجد من يزاول الدعوة من الجهال، هؤلاء ليسوا على سبيل النبي -عليه الصلاة والسلام- إنما الذي على سبيله من يدعو إلى الله على بصيرة، لكن لا يلزم أن يكون عالم بكل شيء إذا عرف شيئًا دعا إليه، إذا عرف معروفًا أمر به، عرف منكرا نهى عنه، لكن لا يقحم نفسه في شيء لا يحسنه، وإن كان الاستدراج وارد في مثل هذا، يستدرج الإنسان يدعو أولا فيما يعرف ثم بعد ذلك يقحم نفسه فيما لا يعرف، لكن الذي يدعو إلى الله على بصيرة ولو في مسألة ولو في جزئية هذا سبيل النبي -عليه الصلاة والسلام- سلك سبيله -عليه الصلاة والسلام- أنا ومن اتبعني، فأتباعه -عليه الصلاة والسلام- يدعون إلى الله على بصيرة،"وقال -صلى الله عليه وسلم- إن آل أبي فلان ليسوا لي بأولياء" المبهم هنا لا يُذكر سترًا عليه كالعادة، يعني إذا كان فيه ما ينقصه أو يسبب التطاول عليه فإنه يُبهم ويتتابع الرواة على إبهامه فلا يسمونه نعم؛ لأنه ليس في تسميته مصلحة.

طالب: ................

نعم من الراوي، الرسول قال "آل أبي فلان ليسوا بأولياء إنما وليي الله وصالح المؤمنين،وهو أولى -عليه الصلاة والسلام- بكل مؤمن من نفسه"، أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أولى بكل مؤمن من نفسه.

طالب: ..................

والآية نعم، النبي أولى بالمؤمنين،"وهو الواسطة بين الله وبين خلقه في تبليغ أمره ونهيه ووعده ووعيده"؛ لأنه واسطة فيما ينزل من الله، ولا واسطة فيما يرتفع إلى الله من عمل، يعني فرق إذا أثبتنا الواسطة بين الحق والخلق، فالمراد فيما ينزل من الحق إلى الخلق، أما ما يصعد من الخلق إلى الحق فلا واسطة، قال "وهو الواسطة بين الله وبين خلقه في تبليغ أمره ونهيه ووعده ووعيده فالحلال ما حلله والحرام ما حرمه" ولا أحد يحلل ويحرم سواه، ومن اعتمد أحدًا في التحليل والتحريم فقد ((اتخذه ربا من دون الله اتخذوا أحبارهم ورهبانهم اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ))، التوبة: ٣١ قال عدي بن حاتم ما عبدناهم قال أليس يحرمون الحلال ويحللون الحرام فتطيعوهم قال: نعم، قال: تلك عبادتهم -نسأل الله السلامة والعافية-"فالحلال ما حلله والحرام ما حرمه والدين ما شرعه"يعني مقتضى شهادة أن محمدًا رسول الله ألا يعبد الله إلا بما شرع، والله هو المعبود لا محمد ولا غير محمد -عليه الصلاة والسلام-، فالله هو المعبود المسؤول لا يسأل أحد غير الله -جلَّ وعلا- لا محمد ولا جبريل ولا غيرهما،"والله هو المعبود المسؤول المستعان به" إذا استعنت فاستعن بالله،الذي يخاف ويرجى ويتوكل عليه ((وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين))،" قال تعالى ((ومن يطع الله ورسوله ويخشى الله ويتقه فأولئك هم الفائزون))" يطع الله ورسوله، الطاعة لله والرسول، وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول، ويخشى الله: الخشية لله فقط، والتقوى إنما تكون لله -جلَّ وعلا- هو الذي يتقى، وهو الذي يخشى، وهو الذي يخاف، وهو الذي يرجى، أولئك هم الفائزون "فجعل الطاعة لله والرسول كما قال تعالى من يطع الرسول فقد أطاع الله"لأن طاعة الرسول تابعة لطاعة الله -جلَّ وعلا- وجعل الطاعة لله والرسول "وجعل الخشية والتقوى لله وحده لا شريك فقال تعالى ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله"، يكفينا الله فقط، هو الكافي لنا وهو "حسبنا سيؤتينا الله من فضله ورسوله" الإيتاء يكون من الله والرسول والحسب من الله فقط "سيؤتينا الله من فضله ورسوله إنا إلى الله راغبون" الرغبة إنما تكون إلى الله والرهبة تكون منه فقط،"فأضاف الإيتاء إلى الله والرسول، كما قال تعالى وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا،فليس لأحد أن يأخذ إلا ما أباحه الله والرسول"، فليس لأحد أن يأخذ إلا ما أباحه الله والرسول، يعني لا  يأخذ ما ما يصل إليه من طرق غير مباحة مهما كان السبب، ومهما كان المبرر، إلا إذا كان مضطرا لأكل ميتة ونحوها، أما في حال الاختيار فإنه لا يجوز لأحد أن يأخذ شيئًا إلا ما أباحه الله ورسوله -عليه الصلاة والسلام-،"وإن كان الله آتاه ذلك من جهة القدرة والملك فإنه يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء"، يستوي في ذلك الرئيس والمرؤوس، لا يجووز لأحد أن يأخذ مالاً إلا من حله مهما كان وضعه ولو كان وليا، ولو سلط على هذا المال ولو كان مسؤولا عن بيت المال لا يجوز له أن يأخذ إلا ما أباحه الله له ورسوله، فإنه يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء،"ولهذا كان -صلى الله عليه وسلم- يقول" الإيتاء من الله ورسوله ، فالله يعطي ويؤتي والرسول يؤتي ويعطي، الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال الله المعطي..،«إنما أنا قاسم والله المعطي»، وآتوهم من مال الله فالإضافة الحقيقية للإيتاء والإعطاء هي لله -جلَّ وعلا- فالله -جلَّ وعلا- هو المعطي، النبي -عليه الصلاة والسلام- قاسم، فالله هو المانع وهو المعطي لا غيره، لكن يطلق الإيتاء والإعطاء على الواسطة فالرسول يؤتي ويعطي والله -جلَّ وعلا- هو المعطي والرسول هو القاسم، والغني الذي بيده المال يعطي باعتبار أنه واسطة يؤتي من مال الله وهو في الحقيقة قاسم وليس بمعطي.

طالب: ....................

على كل حال إضافة الإباحة للرسول -عليه الصلاة والسلام- إضافة تبعية لإباحة الله -جلَّ وعلا- على الخلاف بين أهل العلم، هل هناك أحكام صدرت عنه -عليه الصلاة والسلام-

لا توجد في القرآن مع أنه -عليه الصلاة والسلام- لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى والخلاف في اجتهاده -عليه الصلاة والسلام-، هل له أن يجتهد أو لا يجتهد، مسألة معروفة في الأصول،"ولهذا كان -صلى الله عليه وسلم- يقول في الاعتدال من الركوع وبعد السلام، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد" الذي لا يعطيه الله -جلَّ وعلا- لا يحاول، والذي يعطيه لا يستطيع أحد أن يمنعه، واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على

طالب: ..............

أن ينفعوك بشيء لم ينفعك الله فإنهم لا يقدرون على ذلك بحال، وضده له أرادوا أن يمنعوا ما أعطيت أو يعطوك ما لم يكتب لك، وبعض الناس يبذل الأسباب وتكون الأسباب قوية جدًا فيجزم بحصول المراد ومع ذلك لا يحصل، والعكس، بعض الناس أمر سهل، يعني يجد الشيء ويعرف أن السبب ضعيف، والاحتمال ضعيف، ثم يترتب عليه المسبب؛ لأن الأمور كلها بيد الله -جلَّ وعلا- ولا ينفع ذا الجد: يعني لا ينفع صاحب الجد الحظ صاحب الحظ لا ينفعه حظه من الله -جلَّ وعلا- إذا لم يرد الله -جلَّ وعلا- له هذا النصيب، ولا ينفع ذا  الجد منك الجد،"أي أي من آتيته جدًا وهو البخت" البخت والحظ ماذا عندكم؟

طالب: ..............

البخت كلمة عربية أو فارسية؟ يظهر أنها فارسية، والمقصود بها الحظ "والمال والملك فإنه لا ينجيك..، لا ينجيه منك إلا الإيمان والتقوى، عندكم إلا؟ نعم إلا الإيمان إذًا ساقطة عندي،إلا الإيمان والتقوى وأما التوكل فعلى الله وحده والرغبة فإليه وحده كما قال تعالى وقالوا حسبنا الله ولم يقل ورسوله وقالوا إنا إلى الله راغبون ولم يقولوا ورسولِه كما قال في الإيتاء"سيؤتينا الله من فضله ورسوله، "بل هذا نظير قوله فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب"، يعني لا إلى غيره الرغبة تكون إلى الله -جلَّ وعلا-،"وقال تعالى الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم، الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانًا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل"، الذي قال لهم الناس هم النبي -عليه الصلاة والسلام- ومن معه، الناس المراد به نُعيم بن مسعود واحد، وهذا من العام الذي أريد به الخصوص، إن الناس قد جمعوا لكم يعني من الكفار فاخشوهم أي خافوهم فزادهم إيمانًا وثقة بالله -جلَّ وعلا- بخلاف واقع الناس اليوم إذا سمعوا أدنى خبر هلعوا وخافوا وفزعوا من البشر إلى البشر -نسأل الله السلامة والعافية- ونسوا أن الله -جلَّ وعلا- فوق كل شيء، فزادهم إيمانًا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل،"وفي صحيح البخاري عن ابن عباس أنه قال حسبنا الله ونعم الوكيل قالها إبراهيم حين ألقي في الناروقالها محمد -صلى الله عليه وسلم- حين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانًا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل،وقد قال تعالى يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين،أي الله وحده حسبك وحسب المؤمنين" يكفيك ويكفي المؤمنين، فالكافي هو الله وحده "وحسب المؤمنين الذين اتبعوك ومن قال إن المعنى الله والمؤمنون" حسبك يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين ومن العطف على ماذا ؟ على الكاف.

طالب: ...............

على الكاف أو على لفظ الجلالة الله؟

طالب: على الكاف.

على الكاف وكما قرره شيخ الإسلام هنا وأطال ابن القيم في تقريره في أوائل زاد المعاد،"ومن قال إن المعنى الله والمؤمنون حسبك فقد ضل بل قوله من جنس الكفر، فإن الله وحده هو حسب كل مؤمن والحسب الكافي"،يعني من الذي يعتمد على مخلوق إلا فيما يقدر عليه، أمَّا ما لا يقدر عليه فالاعتماد فيه والتوكل عليه هذا شرك،"والحسب الكافي كما قال تعالى أليس الله بكاف عبده، ولله تعالى حق لا يشركه فيه مخلوق كالعبادات" يعني جميع أنواع العبادة هذه لا يشركها فيها أحد، وهذا النوع هو الذي ضل به من ضل من جموع المسلمين، صرفوا للمخلوقين شيئًا من أنواع العبادة التي لا تليق إلا بالله -جلَّ وعلا-، وزعموا أنهم إذا حققوا توحيد الربوبية كفاهم، ولو كان تحقيق توحيد الربوبية كافيا لاكتفى به النبي -عليه الصلاة والسلام- من مشركي قريش، قاتلهم وهم يعترفون بأن الله هو الخالق وهو الرازق وهو المحيي وهو المميت وهو المدبر يعترفون بهذا كله، يعترفون بتوحيد الربوبية، لكن هذا لم ينفعهم ولم يخلصهم من القتال،"ولله تعالى حق لا يشركه فيه مخلوق كالعبادات والإخلاص والتوكل والخوف والرجاء والحج والصلاة والزكاة والصيام والصدقة"، هذه أنواع العبادات فصلها الإمام المجدد -رحمه الله تعالى- وذكر أدلتها في الأصول الثلاثة وغيرها والصدقة،"والرسول له حق" لا شك أن له حق على أمته فهو سبب هدايتهم وبه أخرجهم الله -جلَّ وعلا- من الظلمات إلى النور وأنقذهم من النار "والرسول له حق كالإيمان به وطاعته واتباع سنته وموالاة من يواليه ومعاداة من يعاديه وتقديمه في المحبة على الأهل والمال والنفس" لأنت أحب شيء إلي إلا من نفسي يقول عمر، قال: بل ومن نفسك قال ومن نفسي، قال: الآن يا عمر، يعني هذه الأمور القلبية تنقاد بسرعة بهذه السهولة، الإنسان متقرر في نفسه شيء يحبه حبًا عظيما فيأتي من تجب طاعته فيقول أحب هذا أكثر من هذا، ينقاد بسرعة تنقاد النفس إلى هذا بسرعة؟ تنقاد النفس المشربة بحب الله ورسوله كعمر -رضي الله عنه-، لكن الإنسان قد يوافق ظاهرًا لكن في باطنه الله أعلم؛ لأن التغيير من المألوف فيه صعوبة وهذه النفس؛ لأنه قد يقول قائل أنا أحب الرسول -عليه الصلاة والسلام- أحب إلي من كل شيء، لأني بسببه أنجو من النار وأدخل الجنة إذًا أنا أحببت الرسول من أجل نفسي، يعني لولا أن الله رتب الإنقاذ من النار إلى الجنة بسببه، هل يلزمني أن أحبه أكثر من نفسي، يعني لولا أن الله -جلَّ وعلا- جعله داعية هدى وأنقذت بسببه وأنقذ المسلمون بسببه، يعني لو كان لشخصه مثلاً هل يحب أكثر من النفس لا ما يلزم، المقصود أنه قد يقول قائل: الرسول -عليه الصلاة والسلام- أحب إلي من نفسي هذا ما دل عليه الخبر وهذا هو الواجب، لكن إذا تأملت في الموضوع ودققت في الأمر فإنني في الحقيقة أحببت الرسول من أجل نفسي، ومع ذلك عليك أن تحب الرسول أكثر من نفسك وتروض نفسك على هذا ويكون الأثر والفائدة العملية أنه لو تعارض محبوب الرسول مع محبوب نفسك قدمت ما يحبه الله ورسوله على ما تحبه أنت،"كما قال -صلى الله عليه وسلم- والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين،بل يجب" يعني حتى من النفس كما في حديث عمر والناس أجمعين "بل يجب تقديم الجهاد الذي أمر به على هذا كله" يعني إذا نادى منادي الجهاد واستنفره الإمام أو حضره عدو أو ما أشبه ذلك يجب عليه أن يقدم الجهاد المتعين على كل محبوب، عقد على امرأة ووعد للدخول في ليلة معينة وقبل الدخول نودي للجهاد عليه أن يقدم الجهاد على هذا، بعض الناس عمر بيتا جديدا وفرشه وما بقى إلا أن يسكن ثم ينادي منادي الجهاد يقول نستمتع بهذا البيت الجديد شيئا يسيرا ونلحق لا، عليك أن تقدمه على المسكن كما نص على ذلك،"قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشونها كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين" فمحبة الله -جلَّ وعلا- فوق كل شيء، ثم محبة الرسول -عليه الصلاة والسلام- ثم محبة ما يحبه الله ورسوله مقدم على كل شيء،"وقال تعالى والله ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين"، والله ورسوله أحق أن يرضوه، إذا كان الوالد لا يرضيه إلا ما يسخط الله ورسوله، إذا كان الحاكم أو الوالي أو السلطان لا يرضيه إلا ما يسخط الله ورسوله فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، والله ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين بهذا القيد، إن لم يكونوا مؤمنين هذا أمر ثاني قال "وبسط ما في هذا المختصر وشرحه مذكور في غير هذا الموضع"، الشيخ -رحمه الله- له كثير في المناسك في مواضع متعددة من كتبه والمجلد السادس والعشرين من مجموع الفتاوى كله خاص بالمناسك، وطبع شرح العمدة قسم المناسك في مجلدين، قال وبسط ما في هذا المختصر وشرحه مذكور في غير هذا الموضع "والله -سبحانه وتعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين"، هذا المنسك طبع قديمًا ومعه منسك الصنعاني وهو منسك مختصر جدًا مجموع يضم منسك شيخ الإسلام ومنسك الصنعاني ثم ختم بقصيدة قيل عنها أنها في ذكرى الحج وبركاته للأمير الصنعاني وهذا المجموع طبع مرارًا، والقصيدة طبعت مفردة ومع المجموع مرارًا منسوبة للصنعاني ونبهنا أظن في الدورة الأولى أو الثانية أظنها الأولى على أن هذه القصيدة ليست للصنعاني، وإن اشتهرت وحفظها الناس وسجلت الآن بأشرطة منسوبة للصنعاني، وطبعت في كتب منسوبة للصنعاني وهي في الحقيقة ليست للصنعاني هذه القصيدة لأبي بكر محمد بن محمد بن مرشد البغدادي، كما جاء في شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام لتقي الدين الفاسي المتوفى سنة اثنتين وثلاثين وثمانمائة قبل الصنعاني بكم؟ الصنعاني ألف ومائة وثلاث وثمانين يعني بينهم قرنين ونصف، في الجزء الثاني من شفاء الغراء صفحة مائتين وخمسة وثمانين إلى ميتين وتسعين، وهذا التنبيه ينبغي أن يضاف القول إلى قائله يعني من بركة القول نسبة القول أو من بركة العلم نسبة القول إلى قائله، ولا شك أن نسبتها إلى الصنعاني خطأ، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

"