المقدمات في شرح المقنع ونظمه (02)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد،

في الدرس الماضي ذكرنا مقدمات مشوشة وغير مرتبة، لعل فيها شيئًا ينفع الطالب المعتني بالمُقنِع أو نظمه، وذكرنا من الشروح (الشرح الكبير)، وقلنا: إنه مستمدٌ في غالبه من (المغني) بحيث تقرأ الصفحة والصفحتين من هذا ومن ذاك لا تجد فرقًا، مع أن صاحب الشرح الكبير لا يُقال: إنه لا جهد له، بل جهده ظاهر وواضح مع هذا الاشتراك في قدرٍ كبير مما في الكتابين.

ولكن حذف منه أشياء، وزاد فيه أشياء تمُس إليها الحاجة؛ للتفاوت بين الكتابين المشروحين، فالمغني يشرح مختصر الخرقي، والشرح الكبير شرحٌ للمقنع، وبينهما تفاوت، فالمقنع فيه زيادات كثيرة على الخرقي، فشرحها الشارح –رحمه الله-، وخرَّج بعض الأحاديث زيادةً على ما في المغني، وكذلك الآثار، فمجرد صياغته مناسبة للمقنع مع التفاوت الذي بينه وبين الخرقي هذا جهد ليس بالسهل، ترتيب المسائل يختلف مع أن كتب الفقه في الجملة قريبة من بعض، لكن تصنيف الخرقي على طريقة المتقدمين، وذكرنا في ثنايا شرحه الذي دام ثلاثة عشر عامًا أن فيه إعوازًا كبيرًا، وفيه خلل في التنصيف على طريقة المتأخرين التي ضُبِطت وأُتقِنت.

 فالتصنيف على طريقة البدايات كما هو معلوم لا تأتي مُتقنة مضبوطة كما هو شأن من يأتي بعد من يبتدئ الشيء، الذي يبدأ الشيء يكون له قصب السبق، وفضل السبق، وأجر السبق، لكن يأتي من يأتي بعده فيزيد عليه، ويأتي من يُحرر المسائل بعده إلى غير ذلك مما قام به الشارح، وإن كان الناظر المُقارن بينهما قد يجد اشتباهًا أو تشابهًا كبيرًا بحيث يقول القائل: سمعناه؛ لأن الشرح منقولٌ من المغني، وفي غالبه من المغني.

وصار الشرح عمدة لمن جاء بعده من الشراح لهذا الكتاب الذي هو المقنع، ولمختصره زاد المستقنع الذي طبَّقت شهرته على الأصل، وزادت عليه، وتعرفون الزاد هو عمدة عند المتأخرين، اعتنوا به عناية فائقة، فزادت على الأصل مع أن الأصل عمدة في المذهب، ويقولون: إن الزاد في بلاد نجد عند الحنابلة في نجد مقدمٌ على غيره، والدليل عند حنابلة الشام دليل الطالب مُقدَّم على غيره، وهما كتابان في غاية الأهمية والوضوح في الدليل، وكثرة المسائل في الزاد، وكلاهما متداول ومشروح ومعروف عند طلاب العلم.

من الشروح المهمة في الباب (الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف في روايات المذهب) هو يعرض للخلاف العالي بين الأئمة، لكن في إطار المذهب، فيستوعب جميع الروايات، ويستوعب أسماء الأصحاب، وأسماء الكتب كُتب الأصحاب في المذهب.

بعض العلماء من شيوخنا يُقلل ويُزهِّد في الإنصاف؛ لأنه كتابٌ مذهبي بحت، وعارٍ عن الدليل؛ حتى قال بعضهم: إنه لم يقف على الصلاة على النبي –عليه الصلاة والسلام- في الكتاب إلا أربع مرات، مع أنه يقع في اثني عشر مجلدًا، وهذه مبالغة، أنا وقفت على أكثر من ذلك، ومع ذلك يُحتاج إليه، ويسد ثغرةً لاسيما بالنسبة للمعتنين في مذهب أحمد، والكتاب مطبوع طبعة في مطبعة أنصار السُّنَّة المحمدية قبل ما يقرب من ستين سنة في اثني عشر مجلدًا.

ومن الغرائب أن الطابع وهو الشيخ محمد حامد الفقي ذكر النُّسخ التي اعتمد عليها، فذكر النُّسخة الأولى، وقال: إنها بخط الشيخ عبد الله بن عبد العزيز العنجري، يصير يا شيخ محمد؟

طالب: كفيف.

الشيخ أعمى! والنسخة بأمرٍ من الشيخ العنجري لأحد طلابه –نسيت اسمه وإلا فالنسخة عندي، الأصل عندي- بأمرٍ من الشيخ، وإذا أشكل عليه شيء راجع الشيخ، وصحح له، ويُعلِّق الشيخ على بعض المواضع.

فالوهم هذا ما يمكن أن يمشي على أحد، يقول: بخط الشيخ عبد الله بن عبد العزيز العنجري، وهو معروف أن الشيخ أعمى، والشيخ حامد –رحمه الله- له أوهام، وفي طبعاته في بعضها ما لا يُوثق به، فمثلًا (شرح الكوكب المنير) سقط منه في موضعٍ واحد أكثر من مائتي صفحة، والخطأ والصواب في أكثر من خمسين صفحة لما صُحِّح الكتاب.

هذان الكتابان من أهم شروح المقنع، فإذا أُضيف إليهما (المُبدِع) وهو بالفعل إبداع في الشرح لابن مُفلح.

والمستعجل الذي لا يصبر على هذه الكُتب الطويلة يستفيد من حاشية الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، وهي مطبوعة في ثلاث مجلدات.

الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب اختصر الشرح الكبير والإنصاف، وجمع بينهما في مجلدٍ واحد وسمَّاه (مختصر الإنصاف والشرح الكبير) مطبوع ومتداول ومعروف، صاحب الحاجة العاجلة يقرأ فيه ويستفيد منه، وإلا فالأصل (الشرح الكبير، والإنصاف، والمبدع) لكن كُتب تنقطع دونها الأعناق، كُتب كبيرة جدًّا.

وطالب العلم ما هو محصور على هذا الكتاب أو على شروحه، لو التفت إلى التفاسير ماذا يختار من التفاسير؟

التفاسير التي فيها عشرون مجلدًا، ثلاثون مجلدًا، عشرة أكثر فأقل، العُمر لا يستوعب هذه الأمور، لكن طلاب العلم من القِدم كلٌّ منهم ينحى المنحى أو الطريق الذي يرتاح إليه، فمن طُلاب العلم الذين صاروا علماء من اتجه إلى التفسير تجد عنايته في التفاسير، وإن كانت عنايته في الكتب الأخرى أقل، وهو يُشارك في جميع العلوم، ومنهم من اتجه إلى الحديث، ومنهم من اتجه إلى الفقه وغيره، وكلٌّ مُيسَّر لِما خُلق له.

صاحب الإنصاف له كتاب اسمه (التنقيح المُشبِع) انتقاه من كتابه الكبير (الإنصاف)، ونقَّح الروايات وحررها في جزء أخذه من اثني عشر جزءًا، هذا الكتاب (التنقيح) مع أصله المقنع جمع بينهما ابن النجار في كتابٍ أسماه (منتهى الإيرادات في الجمع بين المقنع والتنقيح والزيادات)، والشويكي في كتابٍ اسمه (التوضيح في الجمع بين المقنع والتنقيح).

(المنتهى) عند المتأخرين هو أقعد بالمذهب وأمتن وأجود عبارة من غيره؛ حتى قالوا: إن المذهب عند المتأخرين ما اتفق عليه صاحب الإقناع وصاحب المنتهى، ما اتُفِق عليه في الإقناع والمنتهى، فإن اختلفا فالمنتهى أقعد، ونُقِل نقلًا عن الشيخ عبد الرحمن بن سعدي: أن التوضيح للشويكي أفضل من المنتهى، أنا ما قارنت بين الكتابين، لكن هذه نُقُول يُستفاد منها.

نأتي للنظم، النظم تسعمائة وعشر صفحات، كل صفحة فيها سبعة عشر بيتًا، كم يكون الناتج سبعة عشر في تسعمائة وعشر؟ 

طالب: ...........

إذا حذفنا العناوين.

أنا قلت في الدرس الماضي: أنا متردد؛ لأني ما حسبته بدقة بين أن يكون أقل شيء اثني عشر وأكثر شيء أربعة عشر، إذا حذفنا التراجم تراجم الأبواب يصفو منه أربعة عشر، بعد الدرس قال لي طالب من الطلاب: أنا عادّ الكتاب ستة آلاف، النونية ستة آلاف، ما تجيء رُبعه -نونية ابن القيم-، فبعض الطلاب يستعجل، وما أدري هل طبعه الاستدراك؟ عليه أن يتثبت أو يمكن ما عد إلا مُجلدًا.

طالب: ...........              

قلت له ما عددت إلا مجلدًا؟ قال: لا، لكن من باب إحسان الظن.

الشيخ عبد العزيز بن سلمان له كتاب في الفقه، ألَّفه على طريقة السؤال والجواب سمَّاه (الأسئلة والأجوبة الفقهية) ضمَّن الكتاب منظومة ابن عبد القوي، فكل بابٍ ينتهي منه من أبواب الفقه بأسئلته وأجوبته يُردفه بما جاء في النظم، وأنا اتصلت عليه –رحمه الله- قبل عشرين سنة أو أكثر، وقلت له: ما النسخة التي اعتمدت عليها؛ لأني بحاجة إلى نُسخة صحيحة؟ قال: أبدًا ولا يحتاج إلى نُسخ ولا شيء والنسخة صحيحة، واعتمدنا على المطبوعة ومُحققة، قلت: جزاك الله خيرًا، رحمه الله رحمةً واسعة.

الكتاب الذي هو عِقد الفرائد قالوا: إن فيه نُسخة في جامعة الإمام قديمة مُصوَّرة عن مكتبة شيستربيتي التي صورت جميع مخطوطات الجامعة، وقالوا: إن فيها مسحًا كثيرًا وأخطاءً.

الكتاب المطبوع عن نُسخة الشيخ قرناس بن؟ ابن أيش؟

طالب: .............

الشيخ/ قرناس التي طُبعت عنها نسخة المكتب الإسلامي، قرناس بن عبد الرحمن بن قرناس، وهي نُسخة متأخرة سنة ستة عشر ومائتين بعد الألف، هنا نُسخة محفوظة بالمكتبة السعودية التابعة للإفتاء، ومخطوطات المكتبة السعودية كلها أُودِعت في مكتبة الملك فهد الوطنية، ووضِع في المكتبة السعودية نسخة مصورة صورنا هذه النسخة، وهي نسخة الشيخ عبد الله بن عايض -من أهل عنيزة- كتبها الشيخ... فهذا شيء متعوب عليه ما نُضيع وقتًا.

طالب: فوائد.

الشيخ كتبها سنة ألف ومائتين واثنين وتسعين بعد نسخة قرناس بخطٍّ نسخيٍّ جميل ومرتب ومنظم، هذه النسخة آلت إلى الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن وعليها اسمه، ثم إلى ولده الشيخ محمد بن عبد اللطيف –رحم الله الجميع- وكُتب الشيخ محمد بن عبد اللطيف كلها في المكتبة السعودية أخذنا منها صورة.

ونسخة شيخنا الشيخ علي بن إبراهيم بن صالح بن محمود المشيقح هذه معي نسخها من نسخة الشيخ عبد الله بن عايض، ليلة الإثنين المبارك الموافق الثالث عشر من شهر ذي القعدة من شهور سنة ألف وثمانٍ وستين وثلاثمائة، هذه آخر نسخة.

المقصود أنها نُسخ متأخرة، وتحتاج إلى تعب في التصحيح ومراجعة المراجع التي رجع إليها المؤلف، وهو تعبٌ مخلوف إن شاء الله.

طالب: ...........

نعم نُراجع المخطوطات والمطبوع.

طالب: ...........

لعل النسخ المُحققة في خمس وأربعين رسالة علمية لعلهم قاموا بشيءٍ من ذلك كما هو المظنون بهم.

بقي الكتاب في المقاطع الوعظية التي ذكرنا منها في الدرس الماضي في كتاب الجنائز، لكن أنا أُشير إلى اختلافٍ في النظم، قال في كتاب الجنائز:       

ومن سار نحو الدار سبعين حجةً

 

 

فقد حان منه الملتقى وكأن قضي

 

وفي كتاب الوصايا قال: "ومن سار نحو الدار ستين" ما قال: سبعين، هناك قال في الجنائز: سبعين، وفي الوصايا قال:

ومن سار نحو الدار ستين حجةً

 

 

فقد حان منه الملتقى وكأن قضي

 

وفي الحديث الصحيح: «أعذر الله لامرئٍ بلَّغه السِّتين» في البخاري، فالستين مظنة... الله المستعان.

«أَعْمَارُ أُمَّتِي مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى السَّبْعِينَ» فأنا ما أدري لماذا قال: سبعين في أول الأمر؟ ولعله كان أنشط وأشب وأصح، وأمله أقوى وأبعد، ثم لما وصل هذا الموضع انتابه شيء من أعراض الدنيا وقال: ستين، قصُر أمله.

طالب: ...........

الجنائز خلاص انتهى مات، إن كنت تنظر إلى الباب فهو مات وانتهى، في الجنائز يعني أعطاه أبعد الأجلين «أَعْمَارُ أُمَّتِي مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى السَّبْعِينَ».

طالب: ...........

تسع وستين يعني ما كمَّل السبعين، والله المستعان -رحمة الله عليه-، وهو مولود سنة ستمائة وثلاثين، ومات سنة ستمائة وتسعة وتسعين، تسع وستين سنة ما كمَّل السبعين –رحمة الله عليه- والله المستعان.

نعم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه.

قال –رحمه الله تعالى-: "بسم الله الرحمن الرحيم، ربي يسِّر وأعِن، قال الشيخ الإمام العالم العلامة الأوحد شرف الإسلام قدوة الأنام".

الأصل؟

طالب: ..........

المقنع.

طالب: مقدمة المقنع، نقرأ في مقدمة المقنع.

هذا لا يوجد في نسختي.

طالب: ..........

هذا ما عندنا فيه شيء.

طالب: هذه المقدمة.

طالب: ...........

في نُسخة من النُّسخ؟

طالب: نعم.

هي مصورة؟

طالب: ...........

النسخة المصورة فيها شيء؟

طالب: ...........

أعطني إياه.

نعم.

"قال الشيخ الإمام العالم العلامة الأوحد، شرف الإسلام قدوة الأنام، مفتي الفِرق أوحد الزمان موفَّق الدين أبو محمدٍ عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي –رحمه الله-: الحمد لله".

أيضًا في اختلاف في النسخة هذه التي هي النسخة (ش) ما فيه كل ما ذكرت، يقول: "قال الشيخ الإمام العالم الأوحد الصدر الكبير، شيخ الإسلام موفَّق الدين أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي، قدَّس الله روحه، ونوَّر ضريح".

يعني هذه من المقدمات التي يذكرها النُّساخ ليست من كلام المؤلف، المقصود أن مثل هذه الأشياء التي فيها ذِكر للمؤلف وأوصاف وألقاب وثناء ودعاء هذه ليست من كلام المؤلف، ولا يُمكن أن يقول ابن قدامة مثل هذا الكلام ولا غيره من الأئمة العلماء المعروفين بالعلم والعمل، فمثل هذا يفتتح به الناسخ الذي ينسخ الكتاب يذكر هذه الأشياء، والذي يهمنا ما بعده.

نعم.

"الْحَمْدُ لِلَّهِ الْمَحْمُودِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، الدَّائِمِ الْبَاقِي بِلَا زَوَالٍ، الْمُوجِدِ خَلْقَهُ عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ، الْعَالِمِ بِعَدَدِ الْقَطْرِ، وَأَمْوَاجِ الْبِحَارِ، وَذَرَّاتِ الرِّمَالِ، لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ، وَلَا تَحْتَ أَطْبَاقِ الْجِبَالِ {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ} [الرعد:9]، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَى وَآلِهِ خَيْرِ آلٍ صَلَاةً دَائِمَةً بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ، أَمَّا بَعْدُ،

فَهَذَا كِتَابٌ فِي الْفِقْهِ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ- رضي الله عنه-".

الشيباني ما عندك؟

طالب: لا ما عندي الشيباني.

"اجْتَهَدْتُ فِي جَمْعِهِ وَتَرْتِيبِهِ، وَإِيجَازِهِ، وَتَقْرِيبِهِ وَسَطًا بَيْنَ الْقَصِيرِ وَالطَّوِيلِ، وَجَامِعًا لِأَكْثَرِ الْأَحْكَامِ عُرْيَةً عَنِ الدَّلِيلِ، وَالتَّعْلِيلِ؛ لِيَكْثُرَ عِلْمُهُ وَيَقِلَّ حَجْمُهُ، وَيَسْهُلَ حِفْظُهُ وَفَهْمُهُ، وَيَكُونَ مُقْنِعًا لِحَافِظِيهِ نَافِعًا لِلنَّاظِرِ فِيهِ، وَاللَّهُ سبحانه الْمَسْئُولُ أَنْ يُبَلِّغَنَا أَمَلَنَا، وَيُصْلِحَ قَوْلَنَا وَعَمَلَنَا، وَيَجْعَلَ سَعْيَنَا مُقَرِّبًا إِلَيْهِ وَنَافِعًا لَدَيْه.

 كِتَابُ الطَّهَارَةِ".

ونافعًا برحمته لديه؟

طالب: ما فيه يا شيخ.

هو موجود؟ ما الذي معك؟

طالب: .............

هو الذي معه ما استفدنا شيئًا.

طالب: .............

ماذا عندك؟

طالب: .............

ونافعًا برحمته لديه؟

طالب: عندنا ونافعًا لديه فقط.

عندك؟

طالب: .............

برحمته.

طالب: كلمة بمنِّه وكرمه ليست موجودة في النسخة هذه، لعلي الأسبوع القادم أحضر نسخة الشيخ سليمان.

نعم، النسخة التي عندي التي أحضرتها الأسبوع الماضي أقدم من نُسخة الشيخ، وفيها عنايات تعليقات وأشياء كثيرة جدًّا، لكن مع الأسف أن الورقتين الأولى والثانية ساقطة من الكتاب، وما نسخه من المقنع إنما نسخها من الإقناع.

طالب: نقرأ يا شيخ؟

أتكلم عن المقدمة بشيءٍ يسير.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد،

فيقول المؤلف –رحمه الله تعالى-: "بسم الله الرحمن الرحيم، الْحَمْدُ لِلَّهِ الْمَحْمُودِ عَلَى كُلِّ حَالٍ" "الْحَمْدُ لِلَّهِ" الحمد عرَّفه الأكثر بأنه الثناء على المحمود بالجميل الاختياري، وتفسير الحمد بالثناء رده ابن القيم بحديث «إِذَا قَالَ الْعَبْدُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة:2] قَالَ: حَمِدَنِي عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة:3] قَالَ: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي» فجعل الثناء غير الحمد.

"لله" الله هذا علم على الذات الإلهية، وهو الاسم الأعظم عند بعض أهل العلم، ويختلفون هل هو مُشتق أو أصل؟ فكثيرٌ من اللغويون يقولون: هو مشتق من المصدر الذي هو الألوهة أو الإله من أله يأله إلهةً فهو إله، فالأصل إله وأُدخِلت عليه (أل) فصار الإله، ثم سُهِّل بحذف الهمزة، فصار كما يقولون -والعهدة عليهم-: لله بالترقيق؛ ففُخِّم تعظيمًا لشأنه.

والخلاف في كونه مشتقًّا أو أصلًا يعترض عليه على من يقول: إنه مُشتق أنه لا بُد من أصلٍ يرجع إليه وهو المصدر، المصدر أصل المشتقات، والله -جلَّ وعلا- يتعالى عن ذلك، ويتقدَّس أن يكون له أصل.

والذين يقولون: مشتق، يقولون: المراد بذلك الوزن زِنة هذه الكلمة بغض النظر عن أن لها أصلًا أو لا أصل لها، لكن زنتها زِنة المشتقات، كما قالوا في {الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ} [الأنعام:1] قال بعضهم: إنه مفعول مُطلق وليس بمفعول به؛ لأن السماوات والأرض لم يقع عليها فعل الفاعل، بل هو مفعول مطلق؛ لأن الخلق وقع بها لا عليها، والذين يقولون: مفعول به يقولون: إن الزِّنة زِنة المفعول به، والسياق سياق مفعول به، فهي مخلوقة ومصنوعة، فهذا حقها أن تكون مفعولًا به ولو لم يقع عليها الفعل؛ لأنهم يُعرِّفون المفعول به أنه من وقع عليه فعل الفاعل، وهذه لم يقع عليها.

ومن ينحو إلى أنها مفعول مطلق كأن الداعي له إلى قول ذلك أنه يرى أن الخلق هو المخلوق، مثل قول المبتدعة: الفعل هو المفعول.

"الْحَمْدُ لِلَّهِ الْمَحْمُودِ" الذي تحمده الخلائق كلها.

"عَلَى كُلِّ حَالٍ" في السراء والضراء، وإلا فالأصل أن الحمد يكون في مُقابل ما يُحمد عليه، والله– جلَّ وعلا- في جميع أفعاله محمود سواءً كانت مما ينفع أو مما يتضرر به البعض، وكان النبي– عليه الصلاة والسلام- فيما يسُر يقول: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ»، وفي غيره يقول: «الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ»، عليه الصلاة والسلام.  

فالحمد المطلق الذي لا يختص بالنِّعم بل يعم المفعولات كلها مما هي من النِّعم أو من النِّقم، إذا فرغت قيل: الحمد لله على كل حال، وهنا قال المؤلف: "عَلَى كُلِّ حَالٍ".

وموقع قوله: الذي تتم به الصالحات في نهاية الكتاب وليس هنا.

"الدَّائِمِ الْبَاقِي" هو الأول الذي ليس قبله شيء، والآخر الذي ليس بعده شيء.

"بِلَا زَوَالٍ" يعني لا يزول ولا يحول، بل هو الدائم أبدًا سرمدًا أبد الآبدين، ولا أمد ولا نهاية له- جلَّ وعلا-.

طالب: ...........

"الدَّائِمِ الْبَاقِي" إما أن تكون أسماءه أو أوصافه، إذا لم تكن من الأسماء الحسنى فهي أوصاف صحيحة.

"الْمُوجِدِ خَلْقَهُ" كلها صفات لله المجرور لفظه باللام، "خلقه" مفعول لاسم الفاعل، اسم الفاعل يعمل عمل فعله.

"الْمُوجِدِ خَلْقَهُ" لو قال: مُوجِد خلقِه، تصير بالإضافة، الآن هل تجوز الإضافة أو لا تجوز مع أل؟

طالب: ...........

نعم، ولا المضاف إليه الثاني، قال:

وَوَصْـلُ أَلْ بِذَا الْمُضَافِ مُغْتَفَـرْ

 

 

 

إِنْ وُصِلَتْ بِالثَّانِ كَـ الْجُعْدِ الشَّعَرْ

 

 

وهل الإضافة لفظية أو محضةٌ معنوية هنا؟

طالب: ...........

إذًا لا يجوز بحال.

"عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ" ما فيه مثال سبق وأوجِد الخلق على مثله ابتداءً، لا مثال له سابق، فالله المبتدئ، وهو المبدئ، وهو المعيد.

"الْعَالِمِ بِعَدَدِ الْقَطْرِ" من الأمطار.

"وَأَمْوَاجِ الْبِحَارِ، وَذَرَّاتِ الرِّمَالِ" عدد القطر هل يمكن إحصاؤها؟ جاء في بعض الآثار أن الملك ميكائيل يكيل هذا القطر قبل أن ينزل من السماء، وهذا على القول: بأن المطر ينزل من السماء حقيقةً.

وعلى القول الثاني: وهو أنه يتبخر من البحار ويرتفع إلى السماء إلى جهة العلو، ثم بعد ذلك ينزل، أيهما أرجح؟

طالب: ...........

من السماء حقيقةً، والآثار التي تدل على أن ميكائيل يكيله، ثم ينزل هذا يقول به جمعٌ غفير من السلف والخلف.

طالب: ...........

«قريب عَهْدٍ بِرَبِّهِ».

طالب: ...........

ابن القيم يُرجِّح أنه يتبخر من البحار، والشاعر يقول:

شَرِبْنَ بِمَاءِ البَحْرِ ثُمَّ ترفَّعَتْ

 

 

مَتى لُجَج ٍ لَهُنَّ نَئِيجُ

 

يشربن من ماء البحر، ثم يرتفع إلى الجو.

طالب: مَتى لُجَج خُضْرٍ لَهُنَّ نَئِيجُ.

"لَهُنَّ نَئِيجُ" يعني: لهن أصوات.

وعلى كل حال ليس فيها نص ملزم.

طالب: ...........

هذا توسط يرجع إلى أصل أم تمخيخ؟

طالب: ...........

سمعت؟

 يقول: ابن رجب يقول نفس كلامك.

طالب: ...........

الله يعفو ويسامح.

"الْعَالِمِ بِعَدَدِ الْقَطْرِ، وَأَمْوَاجِ الْبِحَارِ، وَذَرَّاتِ الرِّمَالِ".

قال –رحمه الله-: "وَلَا يَعْزُبُ عَنْهُ" يعني: يغيب عن نظره ولا علمه "مِثْقَالُ ذَرَّةٍ" أصغر المخلوقات صغار الذر أو الصغار من النمل.

"فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ، وَلَا تَحْتَ أَطْبَاقِ الْجِبَالِ" إذا كان من أراد أن يُخفي شيئًا كما يفعل بعض السحرة –قاتلهم الله- يجعلون سحرهم تحت قواعد البنايات الكبيرة؛ ليخفوها عن أنظار الخلق، ويجعلوا العثور عليها مستحيلًا، فكيف بما تحت أطباق الجبال؟! يعلمها الله –جلَّ وعلا- ألا يعلم هذه التي أخفاها هذا الخبيث؟

{عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ} [الرعد:9] يعني هذه تُقرأ الآية على ما في السياق أو على ما في القرآن؟

طالب: ...........

تُقرأ على أيش؟

طالب: ...........

هذا تضمين بلا شك، تضمين للكلام بما هو قرآن في الأصل.

"وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَى وَآلِهِ خَيْرِ آلٍ".

"وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَى" المختار من بين سائر الخلق "وَآلِهِ" أتباعه على دينه، والخلاف في الآل معروفٌ عند أهل العلم على أقوال، ولكن أتباعه على دينه هو الأصح؛ لدخول الأزواج والذرية، اللهم صلِّ محمد وعلى آل محمد، وفي روايةٍ أخرى وأزواجه وذريته، فيكون المراد الأتباع، فيكون أعم من الآل الذين هم في الأصل أهل من جهة النَّسب، ويدخل آله من جهة النَّسب إذا كانوا من أتباعه دخولًا أوليًّا.

طالب: ...........

ماذا قال؟

طالب: ...........

ماذا يقول؟

طالب: ...........

هنا؟

طالب: ...........

لُمعة؟

طالب: ...........

الله أعلم تُراجع، هو انتُقد في هذا، لكن يُمكن توجيهه.

"وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَى وَآلِهِ خَيْرِ آلٍ" واقتصر على الصلاة دون السلام، والامتثال إنما يتم بالجمع بين الصلاة والسلام، الله –جلَّ وعلا- يقول: {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب:56].

وانتقد النووي في شرح مسلم الإمام مسلم حينما اقتصر على الصلاة دون السلام، وأطلق الكراهة، قال: يُكره إفراد الصلاة عن السلام أو العكس، وخص ابن حجر الكراهة بمن كان ذلك ديدنه يعني عادته المستمرة أنه يُصلي ولا يُسلِّم أو يُسلِّم ولا يُصلِّي، والنووي نفسه في بعض كُتبه اقتصر على الصلاة، والإمام الشافعي في بعض كتبه اقتصر على الصلاة دون السلام، وأبو إسحاق الشيرازي في بعض مؤلفاته، وكثيرٌ من أهل العلم.

وبعضهم يحصل ذلك منه غفلة لاسيما إذا طال الكلام، أما إذا قال: صلى الله عليه وسلم ما رأينا أحدًا يقتصر على الصلاة دون السلام، ما يقول: صلى الله عليه، لكن إذا طال الكلام نسي السلام.

وهنا اقتصر على الآل دون الصحابة، والأولى أن يذكر الصحب؛ لأنه إذا كان الأهل وصية النبي –عليه الصلاة والسلام- فكذلك الصحابة هم الذين نقلوا لنا الدين، فلهم حقٌّ علينا، ونصروا الرسول، ونشروا الإسلام، لهم حقٌّ علينا أن نُصلي عليهم كما نُصلي على الآل.

"صَلَاةً دَائِمَةً".

طالب: ..........

أين؟

طالب: ..........

لكن إفراد الآل المذكورين على العُرف السائد لاسيما في اصطلاح بعض الناس، وصار شعارًا لأهل البدع، فننُص على الصحابة؛ لأنهم يُنابذونهم العِداء من هذا الباب.

"صَلَاةً دَائِمَةً بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ" يعني: في أوائل النهار وآخر النهار.

أَمَّا بَعْدُ" أما حرف شرط، و"بَعْدُ" قائم مقام الشرط وهو مبني على الضم؛ لأنه مقطوع عن الإضافة مع نية المضاف إليه، كما في قوله: {لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} [الروم:4] فإذا قُطِع عن الإضافة مع نية المضاف إليه يُبنى على الضم، وإذا أُضيف يُعرب {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ} [آل عمران:137] وإذا قُطِع عن الإضافة مع عدم نية المضاف إليه فإنه يُعرب مع التنوين.

 

 

فَسَاغَ لِيَ الشَّرابَ وكُنتُ قَبْلاً

يختلفون في أول من قال: أما بعد، على ثمانية أقوال مجموعة في قول الشاعر:

جَرَى الْخُلْفُ أَمَّا بَعْدُ مَنْ كَانَ بَادِئًا

 

 

بِهَا عَدَّ أَقْوَالًا وَدَاوُدُ أَقْرَبُ

 

حتى قال بعضهم: إنها فصل الخطاب.

وَيَعْقُوبُ أَيُّوبُ الصَّبُورُ وَآدَمُ 

 

 

وَقُسٌّ وَسَحْبَانُ وَكَعْبٌ وَيَعْرِبُ

 

ثمانية أقوال.

"فَهَذَا" الفاء واقعة في جواب الشرط "هذا" جواب الشرط لما بعده، والإشارة "فَهَذَا كِتَابٌ".

إن كانت المقدمة كُتِبت في وقتها يعني قبل البداية بالكتاب، فهي إشارة لحاضرٍ في الذهن، وإن كانت بعد الفراغ من الكتاب فهي إشارةٌ إلى حاضرٍ في الأعيان. 

طالب: ..........

هم عرب أم أعاجم؟

طالب: ..........

غير عرب؟

طالب: ..........

أسماؤهم أعجمية بلا شك؛ ولذلك تُمنع من الصرف، ولا يمنع أن يتفق الأعاجم مع العرب في بعض الكلمات تكون هذه الكلمات مما تواطأ عليه أهل اللغات أو بعض اللغات.

"فِي الْفِقْهِ" كتاب مصدر كتب يكتب كتابًا وكتابةً كررناه حتى مُل الكلام فيه.

"فَهَذَا كِتَابٌ فِي الْفِقْهِ" قالوا: كتاب مصدر كتب يكتب كتابًا وكتابةً وكَتبًا، قالوا: والمصادر السيالة التي تحصل شيئًا فشيئًا، وأصل المادة الجمع تكتَّب بنو فلان إذا اجتمعوا إلى آخر ما قيل في ذلك، والمراد: المكتوب.

"فِي الْفِقْهِ" الفقه قالوا في اللغة: الفهم {يَفْقَهُوا قَوْلِي} [طه:28] يفهموا قولي.

والفقه: معرفة الأحكام الشرعية الفرعية من أدلتها التفصيلية.

"عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ الشَّيْبَانِيِّ" المولود سنة أربعٍ وستين ومائة، والمتوفى سنة إحدى وأربعين ومائتين- رضي الله عنه-.

"اجْتَهَدْتُ فِي جَمْعِهِ" يقول ابن قدامة –رحمه الله- المؤلف: "اجْتَهَدْتُ فِي جَمْعِهِ وَتَرْتِيبِهِ" يعني جمعه من الأقوال والروايات -في إطار المذهب- المروية عن الإمام والمُخرَّجة على أقواله، وإلى غير ذلك من مصادره، والكتب التي جمعت المسائل على مذهب الإمام أحمد ممن سبقه جمعه منها ورتبه على هذا الترتيب الموجود في الكتاب.

"وَإِيجَازِهِ" اختصاره، إيجازه الإيجاز: الاختصار، والمساواة يعني: يكون الإيجاز بحروفٍ أقل من المعاني، والمساواة بحروفٍ مساوية للمعاني، والإطناب العكس تكون الكلمات والحروف أكثر من المعاني.

"وَتَقْرِيبِهِ" تقريبه بين يدي طلاب العلم، يعني هل سهولة وقُرب الكتاب هذا مثل سهولة وقُرب العمدة؟ لا العمدة أسهل، لكن لو أتينا بالمغني ووضعناه بجوار هذا كم يتطاول عليه من طلاب العلم؟ المبتدئون ما دري به أحد، لكن هذا مُقرَّب بين يدي طلاب العلم، ومُسهَّل ومُيسَّر لهم.    

"وَسَطًا بَيْنَ الْقَصِيرِ وَالطَّوِيلِ" القصير مثل: العمدة، والطويل مثل: الكافي والمغني.

"وَجَامِعًا لِأَكْثَرِ الْأَحْكَامِ" مما يُحتاج إليه في الطلب، وما يحتاج إليه المسلم؛ ليتعلم ويتفقه في دينه.

"عَرْيَةً عَنِ الدَّلِيلِ وَالتَّعْلِيلِ" مع أن المختصِر الحجاوي زاد من المسائل على ما مثله يُعتمد على ما في المقنع.

"عَرْيَةً عَنِ الدَّلِيلِ" هذه المسائل والأحكام "عَرْيَةً" يعني: خالية عن الدليل من الكتاب والسُّنَّة "وَالتَّعْلِيلِ" من ذِكر العلة والحِكمة.

"لِيَكْثُرَ عِلْمُهُ وَيَقِلَّ حَجْمُهُ" هو حجمه صغير والمسائل فيه كثيرة جدًّا، وفيه علمٌ غزير.

"وَيَسْهُلَ حِفْظُهُ وَفَهْمُهُ" يسهل حفظ الألفاظ وفهم المعاني على طالب العلم. 

"وَيَكُونَ مُقْنِعًا لِحَافِظِيهِ" ومن هنا أُخِذ اسمه؛ ليكون مغنيًّا؛ ليكون عمدةً، والثالث: أن يكون كافيًّا، فأُخِذت الأسماء من هذا.

"وَيَكُونَ مُقْنِعًا لِحَافِظِيهِ نَافِعًا لِلنَّاظِرِ فِيهِ" في الحقيقة نافع؛ لأن عبارته أسهل من عبارة الزاد؛ لأن ذاك اختُصر بل اعتُصر؛ ليقل الحجم أكثر، وفيه مسائل زائدة من لازم ذلك أن يكون حجمه أكثر، لكن الاعتصار واختصار الكلمات، والاقتصار على الألفاظ التي تجمع أكبر قدر من المعنى يحصل قِلة الحجم.

"وَاللَّهُ الْمَسْئُولُ أَنْ يُبَلِّغَنَا أَمَلَنَا" يعني: الآمال عند المسلم في الخير والزيادة منه ينبغي أن تكون ديدنه، ولا يكتفي بالأمل، بل لا بُد أن يصحب الأمل العمل.

"أَنْ يُبَلِّغَنَا أَمَلَنَا، وَيُصْلِحَ قَوْلَنَا وَعَمَلَنَا" أمله في بداية هذ الكتاب أن يكمل الكتاب، وأملنا في بداية شرحه أن يكمل الشرح.

"وَيُصْلِحَ قَوْلَنَا وَعَمَلَنَا، وَيَجْعَلَ سَعْيَنَا مُقَرِّبًا إِلَيْهِ" ويجعل سعينا وأعمالنا خالصةً لوجهه مُقرِّبةً إليه وإلى جنته.

"وَنَافِعًا برحمته لَدَيْهِ".

والله أعلم، وصلى الله على محمد.