تعليق على البلبل في أصول الفقه (15)

 نعم.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال المؤلف –رحمه الله -: "الحرام، ضد الواجب. وهو ما ذُم فاعله شرعًا، ولا حاجة هنا إلى مطلقًا؛ لعدم الحرام الموسَّع، وعلى الكفاية، بخلاف الواجب".

نعم عرفنا أن الحرام ضد الواجب من حيث الحد، يعني هو مقابل الواجب، ويُقابل الحرام بالحلال كثيرًا، ووجه المقابلة أن الحرام يُمنع تناوله، والحلال لا يُمنع تناوله من هذه الحيثية، وإلا فالأصل من حيث الحد أن الحرام ضد الواجب ويُقابل الواجب، وما ذُم فاعله شرعًا أو استحق العقاب فاعله، ولا يستحق الثواب إلا إذا نوى الامتثال.

"ولا حاجة هنا إلى مطلقًا" لأنه هناك قال: مطلقًا، وهنا لا يحتاج إلى أن يقول: مطلقًا في تعريف الواجب؛ لأن هناك واجب موسَّع وواجب مُضيَّق، وواجب على الكفاية وواجب على العيان، وهنا ليس فيه ما هو حرام موسع، وحرام مضيَّق، ولا حرام كفائي، ولا حرام عيني، فلا حاجة إلى هذا القيد.

تقدم الكلام في هذا، ثم أيضًا تقدم الكلام على قوله: "ثم الواحد بالجنس أو النوع يجوز أن يكون موردًا للأمر والنهي باعتبار أنواعه وأشخاصه" يعني مع انفكاك الجهة يُنهى عنه من جهة، ويُؤمر به من جهةٍ أخرى، ولا تلازم بين النهي وبطلان الثواب؛ لأن بطلان الثواب يترتب على الفساد، ولا تلازم بين النهي والفساد عند جمهور العلماء، إنما عند الظاهرية ممكن، وعرفنا أن النهي إذا عاد إلى ذات المنهي عنه أو إلى شرطه فإنه يبطل مع التحريم، أما إذا عاد إلى أمرٍ خارج فإن التحريم والإثم ثابت لكن لا يلزم منه البطلان، وتقدم هذا بشيءٍ من التفصيل مع الأمثلة.

"والنهي باعتبار أنواعه وأشخاصه، كالأمر بالزكاة، وصلاة الضحى مثلا، والنهي عن الصلاة في وقت النهي" ما ارتباط الكلام هذا بهذا؟

"يجوز أن يكون موردًا للأمر والنهي باعتبار أنواعه وأشخاصه" يعني مع انفكاك الجهة يُؤمر به من حيثية ولا يُؤمر به أو يُنهى عنه من جهة "كالأمر بالزكاة" يعني عنده مال فيه شبهة، عنده مال بعضه مورده حرام فاختلط يُؤمر بالزكاة أم لا؟ شخص عنده تجارة تسعون بالمائة منها مُباحة، وعشرة بالمائة مُحرمة تجب عليه الزكاة أم ما تجب؟ يعني لو فرضنا أن عنده ما نسبته خمسون بالمائة حلال، وخمسون بالمائة حرام تجب الزكاة أم ما تجب؟ تجب الزكاة لانفكاك الجهة.

"وصلاة الضحى مثلاً" ما معنى صلاة الضحى؟ ما وجه انفكاك الجهة في صلاة الضحى؟

تأتي بوقت نهي؟     

طالب:.......

تُسمى ضحى؟

طالب:.......

ما تُسمى ضحى؛ لأنها ليست في وقته، وقت الضحى من طلوع وقت النهي إلى قبيل الزوال، فما تُسمى ضحى.

صلاة الضحى لو انشغل بها عن واجب مثلاً لو أن موظفًا ترك المراجعين على مكتبه جالسين، وهو يُصلي الضحى، صلاته صحيح أم باطلة؟

طالب:.......

نعم لأنك حينما تسمع "كالأمر بالزكاة وصلاة الضحى" ماذا أدخل الكلام في هذا؟ واضح أم ليس بواضح؟

لو افترضنا أن هناك موظفًا أو طالبًا طلع من المحاضرة وقال: أصلي الضحى اثنتي عشرة ركعة، عشر ركعات إلى أن ينتهي الشيخ هذا الشيخ الثقيل.

طالب:.......

المهم.

حلال أم حرام؟ أجره ثابت، وإثمه عليه، نقول: الجهة منفكة صح أم لا؟

طالب:.......

ما يأثم.

طالب:.......

لا، ما استأذن ولا يؤذن له إلا لضرورة، وهذه ليست ضرورة الذي يترك محاضرة من أجل... افرض أنه الأستاذ نفسه.

طالب:.......

ما سمعت فتوى بعضهم من يعتمر في وقت الدراسة ما حكم عمرته؟

طالب:.......

فتوى بعض المشايخ من يعتمر وقت الدراسة سواءً كان مدرسًا أو طالبًا أو غيره.

طالب: يُعتبر....

افترض أنه مدرس يأخذ مقابلًا على المحاضرة.

طالب:.......

الطالب ما يأخذ مقابلًا؟

طالب: المكافأة ليست مقابل العمل.

المقصود أنه لا يسلم من إثم على كل حال.

طالب:.......

لكن يترك المكتبة ويقفل ويذهب ليُصلي....

طالب:.......

المسألة ما يخل بالعمل يتصور أنه يقرأ القرآن على المكتب، أما أن يعطي الناس قفاه ويُصلي ويقول: ما أخل بالعمل، هذه فيها ما فيها، نفرض أنه فاتح المصحف على الطاولة، ولا أخل بعمل هذا ما فيه شيء، لكن لا يسترسل بحيث يُخل بالعمل؛ لأن الإنسان ينسى مع القراءة.

"النهي عن الصلاة في وقت النهي" صحيحة أم ليست بصحيحة؟

طالب:.......

الصورة أنه بعد صلاة الصبح أو بعد صلاة العصر أو مع ضيق وقت النهي قال: أنا أصلي «أَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ»، وصار يُصلي من صلاة الفجر إلى إقامة الظهر، يسمع أن الأئمة يصلون مائة ركعة، مائتي ركعة، ثلاثمائة ركعة يقول: أصلي، مرت عليه أوقات النهي وهو يُصلي نفلًا مطلقًا، نقول: الجهة منفكة، صلاته صحيحة، وثوابه مرتب عليها، والنهي ثابت في حقه، أم أن الجهة واحدة، والوقت شرط لصحة الصلاة؟

طالب:.......

صلاته صحيحة أم لا؟ هو مع بزوغ الشمس قال: الله أكبر.

طالب:.......

افترض في شخصٍ غير معذور.

طالب:.......

شخص غير معذور، قال: الرسول يقول: «أَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ» وهذا منه، وهو يعرف أن هذا وقت نهي، وأنها تطلع بين قرني شيطان، وإذا طلعت الشمس فأمسك إلى آخره من النصوص.

طالب:.......

أين؟

طالب:.......

صلاته ليست صحيحة، صلاته باطلة كصوم يوم العيد.

طالب:.......

هو إذا تضيَّق، أما المسائل التي فيها خلاف ففيها شيء من المندوح، الأوقات الموسعة التي فيها خلاف فيه مندوح، لكن مع ذلك مع على ما يُرجِّح.

طالب:.......

لكن ليس من المترتب عليه.

طالب:.......

نعم معروف هذا.

طالب:.......

الوقت المحدد المنهي عنه، يقول: الحافظ عبد الغني يُصلي الضحى ثلاثمائة ركعة، ولا هو يستطيع أن يُصلي ثلاثمائة إلا إذا صلى من بعد الفجر إلى أن يُقيم الظهر، ما يمكن أن يقول هذا الكلام يكسب ساعة قبل ونصف ساعةٍ بعد ويواصل، يقول: «إذا طلعت الشمس أمسك» «حين يقوم قائم الظهيرة أمسك».

طالب:.......

قصيرة مثل الأوقات المضيقة كلها بمقدار عشر دقائق.

طالب:.......

متقاربة نعم.

طالب:.......

لا لا أكثر.

طالب:.......

لا لا، العدد الحقيقي أيش؟ ثلاثمائة أيش يصير؟ ثلاثمائة دقيقة يعني خمس ساعات، الركعة تأتي بدقيقة براحتها.

كثير من الناس يستغرب أن يوجد مثل هذا، نظرنا في بعض الدروس قال واحد من المشايخ: إن الإمام أحمد له ثلاثمائة ركعة في اليوم والليلة، فقال شخص من الأشخاص من الطلاب -وهو حليق مع الأسف- قال: هذا ما هو بمعقول، قال: صحيح ما هو معقول؛ لأن عنده صالون يتحلَّق فيه ثلاث ساعات باليوم.

ليس معقولًا أن يُصلي ثلاثمائة ركعة، أين؟

طالب:.......

لا لا، معقول معقول.

طالب: وعن الإمام أحمد أنه كان يفعلها أحيانًا ويتركها أحيانًا.

هذه إعانة من الله -يا أخي- إعانة من الله «تعرَّف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة».

طالب: الإمام أحمد بوقت الضحى يجلس يُدرِّس للطلاب.

ما هو أكيد، ما عنده إلا الضحى وقت غفلة الناس وانشغالهم بأمور دنياهم، ما نقول: كان الإمام أحمد يُصلي وقت الضحى، في اليوم والليلة ثلاثمائة، الحافظ عبد الغني نعم في الضحى ثلاثمائة ركعة، يقرأ القرآن في ركعة مثلاً عثمان وغيره، غير معقول يقف عشر ساعات! الوقوف للقلب ما هو للقدمين، كثير من الناس عند من يهوى ومن يُحب في كلامٍ لا قيمة له، كلام لغو يجلس الساعة والساعتين كأنها لحظة.

"أما الواحد بالشخص، فيمتنع كونه موردًا لهما من جهة" الواحد بالشخص، وقلنا في الدرس الماضي: ضربنا المثال بشخص طويل العمر قصير القامة يصح أن تقول: جاء الطويل القصير؛ لانفكاك الجهة، لكن قصير العمر قصير القامة ما يُمكن أن تقول له: جاء الطويل القصير، لماذا؟ الجهة واحدة إلا مع بُعد، يعني إذا كان قصير العمر قصير القامة مبروك الوقت، يعني عمره عن عمرين مثلاً أو ثلاثة، حينما تقول: النووي قصير عمره أربعون سنة، وما أربعون سنة في مقابل السبعين والثمانين والمائة؟ يقول واحد: لا لا عمره طويل، الجهة منفكة، عمره طويل يعني انظر مؤلفاته، وانظر أثره في الأمة، في كل محراب من محاريب المساجد تجد قال رحمه الله تعالى. 

"أما من جهتين، كالصلاة في الدار المغصوبة، فلا تصح في أشهر القولين لنا، خلافًا للأكثرين" الصلاة في الدار المغصوبة من جهة هي مأمور بها، ومن جهة منهيٌّ عنها، وجه كونها صحيحة ووجه كونها غير صحيحة؟

من صحح نظر إلى أنها صلاة تامة بشروطها وأركانها وواجباتها، والنهي ليس بعائدٍ إلى شرط، ولا إلى ذات، فما المانع من الصحة؟ وهو قول الأكثر.

من أبطلها نظر إلى أن البقعة من شروط الصلاة؛ ولذا تلزم طهارتها فمن هذه الحيثية الطهارة وإن وُجِدت الطهارة الحسية؛ إلا أن الطهارة المعنوية لم تُوجد، والكلام في الدار المغصوبة طويل وحتى في الكتاب.

"وقيل: يسقط الفرض عندها لا بها" ولنا كلام على قوله هذا، نعم.    

طالب:.......

على طريقتهم.