كتاب القضاء من سبل السلام (4)

نعم.

بسم الله الرحمن الرحيم.

 الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

قال- رحمه الله تعالى- في البلوغ وشرحه كتاب القضاء:

"وَعَنْ جَابِرٍ بن عبد الله قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «كَيْفَ تُقَدَّسُ أُمَّةٌ» أَيْ تُطَهَّرُ «لَا يُؤْخَذُ مِنْ شَدِيدِهِمْ لِضَعِيفِهِمْ؟». رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ.

 وَأَخْرَجَ حَدِيثَ جَابِرٍ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ مَاجَهْ، وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ، عِنْدَ الْبَزَّارِ، وَفِي الْبَابِ عَنْ قَابُوسِ بْنِ الْمُخَارِقِ عَنْ أَبِيهِ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ قَانِعٍ، وَفِيهِ عَنْ خَوْلَةَ غَيْر مَنْسُوبَةٍ، قِيلَ: إنَّهَا امْرَأَةُ حَمْزَةَ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَشَوَاهِدُه كَثِيرَةٌ، مِنْهَا مَا ذُكِرَ، وَمِنْهَا قوله: (وَآخَرُ) أَيْ وَلَهُ شَاهِدٌ آخر مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ.

 وَالْمُرَادُ لَا تُطَهَّرُ أُمَّةٌ مِنْ الذُّنُوبِ لَا يُنصف لِضَعِيفِهَا مِنْ قَوِيِّهَا فِيمَا يَلْزَمُ مِنْ الْحَقِّ لَهُ، فَإِنَّهُ يَجِبُ نَصْرُ الضَّعِيفِ حَتَّى يَأْخُذَ حَقَّهُ مِنْ الْقَوِيِّ، كَمَا يُؤَيِّدُهُ «اُنْصُرْ أَخَاك ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا».

وَعَنْ عَائِشَةَ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «يُدْعَى بِالْقَاضِي الْعَادِلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَلْقَى مِنْ شِدَّةِ الْحِسَابِ مَا يَتَمَنَّى أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ بَيْنَ اثْنَيْنِ فِي عُمْرِهِ». رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَلَفْظُهُ: «فِي تَمْرَةٍ»".

الأحاديث أو الحديث السابق بشواهده يدل على وجوب الإنصاف، وأنَّه لا بد أن يؤخذ من القوي حق الضعيف، فلا بد من الوقوف مع الضعيف حتى ينتصر له وينصر، هذا هو الإنصاف، وفي خطبة أبي بكر الأولى وفيها: الضعيف منكم عندي قوي حتى آخذ له الحق، والقوي منكم عندي ضعيف حتى آخذ منه الحق، هذا هو الإنصاف.

 «وانصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا» إن كان ظالمًا تكفه عن الظلم، هذا نصر له، وإن كان مظلومًا فالأمر واضح.

الحديث الذي يلي حديث عائشة هذا من الأحاديث التي فيها الترهيب من القضاء، وتقدم شيء منها، ولا شك أنَّ القضاء مذلة قدم، وبعض الناس لا يرضى بالقضاء، ويُطالب أن يكون من كُتاب العدل هذا أيضًا مذلة قدم، وكم من إنسان افتتن، نسأل الله العافية، فهذه الأمور التي فيها هذه الإغراءات لا شك أنَّ طالب العلم عليه أن يفر منها، لكنه لا بد من القيام بها، لا يتمناها الإنسان لنفسه ولا يسعى إليها، وإذا استنصح فعليه أن ينصح، والمصلحة العامة مقدمة على الخاصة.

"فِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى شِدَّةِ حِسَابِ الْقُضَاةِ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَذَلِكَ لِمَا يَتَعَاطَوْنَهُ مِنْ الْخَطَرِ، فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَحَرَّى الْحَقَّ، وَيَبْلُغَ فِيهِ جَهْدَهُ، وَيُحَذَّرُ مِنْ خُلَطَاءِ السُّوءِ مِنْ الْوُكَلَاءِ وَالْأَعْوَانِ، فَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ مَرْفُوعًا «مَا اسْتَخْلَفَ اللَّهُ مِنْ خَلِيفَةٍ إلَّا لَهُ بِطَانَتَانِ، بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالْخَيْرِ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وَبِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالشَّرِّ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ وَالْمَعْصُومُ مِنْ عَصَمَهُ اللَّهُ»، وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ: «مَا مِنْ وَالٍ..»، الْحَدِيثَ، وَيُحَذِّرُ الْغُرَمَاءُ وَالْوُكَلَاءُ.."

ويوفق من الولاة والقضاة أن يدني الأخيار، ويُبعد الأشرار يكون من يصحبه في سفره وإقامته خيار الناس؛ لأنَّهم يعينونه على الخير، ويكفونه عن الشر وإذا نسي ذكروه، بخلاف بطانة السوء فإنه على عكس من ذلك.

طالب: ..........

لا، بالشواهد لعله.

طالب: ..........

أيهم؟

طالب: ..........

على كل حال من أحاديث الترهيب، وسيأتي إن شاء الله.

"وَيُحَذِّرُ الْغُرَمَاءُ وَالْوُكَلَاءُ وَيُرْوَى لَهُمْ حَدِيثُ «مَنْ خَاصَمَ فِي بَاطِلٍ وَهُوَ يَعْلَمُهُ لَمْ يَزَلْ فِي سَخَطِ اللَّهِ حَتَّى يَنْزِعَ»، وَفِي لَفْظٍ «مَنْ أَعَانَ عَلَى خُصُومَةٍ بِظُلْمٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنْ اللَّهِ»، رَوَاهُمَا أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ. وَلِمَا عَرَفْته تَجَنَّبَ أَكَابِرُ الْعُلَمَاءِ وِلَايَةَ الْقَضَاءِ كَمَا قَدَّمْنَا. وَإِذَا كَانَ هَذَا فِي الْقَاضِي الْعَدْلِ، فَكَيْفَ بِقُضَاةِ الْجَوْرِ وَالْجَهَالَةِ. وفِي تَرْجَمَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ فِي الْغِرْبَالِ أَنَّهُ كَتَبَ له الْخَلِيفَةُ.."

ما الغربال؟ ما علق عليه؟

القارئ: لا يا شيخ.

صبحي ماذا قال؟

طالب: .....

ماذا؟

طالب: .....

طيب.

 أنَّه كتب إليه.

"وَإِذَا كَانَ هَذَا فِي القضاء فَكَيْفَ بِقُضَاةِ الْجَوْرِ وَالْجَهَالَةِ! وفِي تَرْجَمَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ فِي الْغِرْبَالِ أَنَّهُ كَتَبَ له الْخَلِيفَةُ بِقَضَاءِ مِصْرَ، فَاخْتَفَى فِي بَيْتِهِ، فَاطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ يَوْمًا فَقَالَ: يَا ابْنَ وَهْبٍ، أَلَا تَخْرُجُ فَتَحْكُمُ بَيْنَ النَّاسِ بِكِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ فَقَالَ: أَمَا عَلِمْت أَنَّ الْعُلَمَاءَ يُحْشَرُونَ مَعَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْقُضَاةَ مَعَ السَّلَاطِينِ.

وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنْ النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لَنْ يُفْلِحْ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ تَوْلِيَةِ الْمَرْأَةِ شَيْئًا مِنْ الْأَحْكَامِ الْعَامَّةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ كَانَ الشَّارِعُ قَدْ أَثْبَتَ لَهَا أَنَّهَا رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا".

المقصود الولايات العامة التي يكون تحتها الرجال والنساء.

"وقَدْ أَثْبَتَ لَهَا أَنَّهَا رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا، وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إلَى جَوَازِ تَوْلِيَتِهَا الْأَحْكَامَ إلَّا الْحُدُودَ. وَذَهَبَ ابْنُ جَرِيرٍ إلَى جَوَازِ تَوْلِيَتِهَا مُطْلَقًا. وَالْحَدِيثُ إخْبَارٌ عَنْ عَدَمِ فَلَاحِ مَنْ وَلِيَ أَمْرَهُمْ امْرَأَةٌ، وَهُمْ مَنْهِيُّونَ عَنْ جَلْبِ عَدَمِ الْفَلَاحِ لِأَنْفُسِهِمْ، بل مَأْمُورُونَ بِاكْتِسَابِ مَا يَكُونُ سَبَبًا لفلاحهم.

وَعَنْ أَبِي مَرْيَمَ الْأَزْدِيِّ، وهُوَ صَحَابِيٌّ اسْمه عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ الْجُهَنِيُّ، رَوَى عَنْهُ ابْنُ عَمِّهِ أَبُو الشَّمَّاخِ وَأَبُو الْمُعَطَّلِ وَغَيْرُهُمْا، عَنْ النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ شَيْئًا مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ فَاحْتَجَبَ عَنْ حَاجَتِهِمْ وَفَقِيرِهِمْ احْتَجَبَ اللَّهُ دُونَ حَاجَتِهِ». أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ. وَلَفْظُهُ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ: «مَا مِنْ إمَامٍ يُغْلِقُ بَابَهُ دُونَ ذَوِي الْحَاجَةِ وَالْخَلَّةِ وَالْمَسْكَنَةِ إلَّا أَغْلَقَ اللَّهُ تعالى أَبْوَابَ السَّمَاءِ دُونَ خَلَّتِهِ وَحَاجَتِهِ وَمَسْكَنَتِهِ». وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ عَنْ ابن مُخَيْمِرَةَ.."

لأنَّه مأتمن على هذا الأمر، ومولى من قِبَل من بيده الحل والعقد، ويتقاضى عليه أجرة، فإذا احتجب عنهم تعطلت حقوقهم، عمر بن عبد العزيز- رحمه الله- لمـَّا دفن سليمان بن عبد الملك أحس بشيء من التعب، فأراد أن ينصرف إلى بيته؛ ليرتاح بعد الجنازة وعنائها وتعبها، أراد أن ينصرف فقال له ابنه عبد الملك: إلى أين؟ هذا أمس ليس اليوم، تنصرف أمس أمَّا اليوم فلا، أمرك ليس بيدك، أنت الآن تسلمت مصالح المسلمي،ن وأنت مسؤول عن مصالحهم في شرق الأرض وغربها، والله المستعان.

طالب: ..........

هم لا يثبتون مثل هذا، يعني منهم من طعن فيه، وبالمناسبة الصحف وهؤلاء الكُتَّاب الذين ثاروا على الماضي على حد زعمهم، ويزعمون التجديد، والله المستعان، يقولون: إنَّ هذا الخبر لا يثبت، يعني كون واحد منهم بل من كبارهم يقول: إنَّه لا يثبت؛ لمخالفته الواقع فهذا لا شك أنَّه فساد في الرأي وضلال، وانظر إلى الأمثلة يقول: غاندي قادت الهنود أكثر شعب على وجه الأرض بنجاح، وجولدا مائير هزمت العرب كلهم، وتاتشر في بريطانيا انتصرت في حرب إيش؟ طالب: .....

معروف، نعم، المقصود أن الغير، فوكلاند صارت في حرب التسليح، رفضت أن تدخل في معاهدات، وقالت: إنَّ الذي لا يتسلح يصير لقمة سائغة لغيره، وهي امرأة، يرد الحديث بمثل هؤلاء النسوة- نسأل الله العافية والسلامة-، حديث في البخاري يرد لهذا؟

تكايس بعضهم وجاء بالرد من جهة أخرى، قال: ثبت أنَّ أبا بكر قذف المغيرة، وحُدَّ حد القذف، والله- جلَّ وعلا- يقول: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ* إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا..} [سورة النور:4-5]، ولا يدري المسكين أنَّ الرواية غير الشهادة، الشهادة في حقوق العباد، والرواية ديانة يتدين بها المسلم، يصعب عليه جدًّا أن يخترع في دينه، ويكذب على النبي- عليه الصلاة والسلام- ما لم يقله، فإذا ارتفع الفسق ثبتت العدالة، وإذا ثبتت العدالة قُبِلت الرواية. أمَّا الشهادة فشيء آخر على الخلاف في دخول قبول الشهادة في الاستثناء {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [سورة النور:5]، والله المستعان.

"وأخرجه الحاكم عن ابن مخيمرة عَنْ أَبِي مَرْيَمَ، وَلَهُ قِصَّةٌ مَعَ مُعَاوِيَةَ. وَهي أَنَّهُ قَالَ لِمُعَاوِيَةَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «مَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ».. الْحَدِيثَ، فَجَعَلَ مُعَاوِيَةُ رَجُلًا عَلَى حَوَائِجِ الْمُسْلِمِينَ. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذٍ بِلَفْظِ: «مَنْ وَلِيَ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا فَاحْتَجَبَ عَنْ أُولِي الضَّعْفِ وَالْحَاجَةِ احْتَجَبَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظِ: «أَيُّمَا أَمِيرٍ احْتَجَبَ عَنْ النَّاسِ فَأَهَمَّهُمْ احْتَجَبَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مُنْكَرٌ. وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ بِرِجَالٍ ثِقَاتٍ لا شَيْخَهُ، فَإِنَّهُ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: لَمْ يَقِفْ فِيهِ عَلَى جَرْحٍ وَلَا تَعْدِيلٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي جُحَيْفَةَ أَنَّهُ قَالَ لِمُعَاوِيَةَ: سَمِعْت مِنْ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدِيثًا أَحْبَبْت أَنْ أَضَعَهُ عِنْدَك؛ مَخَافَةَ أَنْ لَا تَلْقَانِي، سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ وَلِيَ مِنْكُمْ عَمَلًا فَحَجَبَ بَابَهُ عَنْ ذِي حَاجَةٍ لِلْمُسْلِمِينَ حَجَبَهُ اللَّهُ عن أَنْ يَلِجَ الْجَنَّةِ، وَمَنْ كَانَتْ هِمَّتُهُ الدُّنْيَا حرم الله عَلَيْهِ جِوَارِي، فَإِنِّي بُعِثْت بِخَرَابِ الدُّنْيَا، وَلَمْ أُبْعَثْ بِعِمَارَتِهَا»، وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى مَنْ وَلِيَ أَيَّ أَمْرٍ مِنْ أُمُورِ عِبَادِ اللَّهِ أَنْ لَا يَحْتَجِبَ عَنْهُمْ".

فيه هذا الراوي المجهول شيخه هو مجهول، كما قال المنذري: لم يقف فيه على جرح ولا تعديل، وهو حينئذٍ مجهول.

أحسن الله إليك.

"وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى مَنْ وَلِيَ أَيَّ أَمْرٍ مِنْ أُمُورِ عِبَادِ اللَّهِ أَنْ لَا يَحْتَجِبَ عَنْهُمْ، وَأَنْ يُسَهِّلَ الْحِجَابَ؛ لِيَصِلَ إلَيْهِ ذُو الْحَاجَةِ مِنْ فَقِيرٍ وَغَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ: «احْتَجَبَ اللَّهُ عَنْهُ» كِنَايَةً عَنْ مَنْعِهِ لَهُ مِنْ فَضْلِهِ وَعَطَائِهِ وَرَحْمَتِهِ".

على كل حال الأمر شديد، والتبعة واسعة وكبيرة تكون بقدر الأمانة التي حملها الإنسان، فكلما كثر الأتباع والرعية زادت المسؤولية؛ لأنَّ كل واحد من هؤلاء الأتباع مظنة لأن تكون له حاجة، وتلبية حوائج الجميع هذه فيها مشقة عظيمة، فعلى الإنسان أن يُبعد، «يا عبد الرحمن بن سمرة لا تسأل الإمارة»، فجاء في بعض الأخبار: «إنَّها نعمت المرضعة، وبئست الفاطمة»، والتخلص من جميع تبعاتها إلا برحمة أرحم الراحمين أظنه شبه مستحيل.

عبد الله بن عامر مَرِض فزاره ابن عمر- رضي الله عنهما- فقال له: عظني، فقال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «لا يقبل الله صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول»، وكنت على البصرة، يعني واليًا، يعني ما فوقك أحد، وبيدك بيت المال تأخذ وتدع، تأخذ ما شئت، وتدع ما شئت، فهذه مظنة لعدم قبول الدعوة، عليك التوبة والتخلص من المظالم قبل أن تطلب الوعظ والتوجيه- والله المستعان-.

اللهم صلِّ على محمد.

طالب: ..........

ماذا؟

طالب: ..........

ماذا؟

طالب: .........

يُحرم نعم، الجزاء من جنس العمل.

طالب: ..........

على حسب الحاجة إلى الشخص، الولايات فرض كفاية، بعض الناس يتعين عليه إذا لم يوجد غيره، وبعض الناس لا يجوز له أن يدخل ولو كان من أصلح الناس وأعبدهم، «يا أبا ذر، إني أراك رجل ضعيفًا، فلا تأمرن على اثنين، ولا تولين مال يتيم». الناس يتفاوتون، ناس من أهل الأمانة والحزم فمثل هؤلاء قد يتعين عليهم شيء من هذا الأمر، والذي لا يستطيع فالسلامة لا يعدلها شيء، والذي يشك أيضًا هل يتخلص أو لا يتخلص كذلك.

طالب: ..........

هو احتجب، إذا احتجب عنهم أي يدخل.

طالب: .........

فعلوه، فعلوه؛ لأنَّ الأمر عام، أمر ولي الأمر عام، وما يتوجه إليك بخصوص غيرك أخص منه، والإنسان إذا نظر إلى الأمر العام والخاص فألزم ما عليه خلص نفسه.

طالب: .........

لا، ليست مسألة مخالفة، هي مخالفة في موازنة، أنت في مخالفة في مقابل مخالفة أيهما أشد عليك، وأيهما أعظم تبعة، أنت مخالف مخالف، سواء أقدمت أو أحجمت، لا سيما الذي لا يضمن لنفسه الخلاص.

اللهم صلِّ على محمد.