التعليق على تفسير القرطبي - سورة النجم (03)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه.قال الإمام القرطبي –رحمه الله تعالى-:
قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى (27) وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا (28) فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (29) ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى} [سورة النجم: 27-29]
قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ} [سورة النجم: 27] هُمُ الْكُفَّارُ الَّذِينَ قَالُوا : الْمَلَائِكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ وَالْأَصْنَامُ بَنَاتُ اللَّهِ . {لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى} [سورة النجم: 27] أَيْ كَتَسْمِيَةِ الْأُنْثَى، أَيْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ إِنَاثٌ وَأَنَّهُمْ بَنَاتُ اللَّهِ. {وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ } [سورة النجم: 28] أَيْ إِنَّهُمْ لَمْ يُشَاهِدُوا خَلْقَهُ الْمَلَائِكَةَ ، وَلَمْ يَسْمَعُوا مَا قَالُوهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَرَوْهُ فِي كِتَابٍ {إِنْ يَتَّبِعُونَ} [سورة النجم: 28] أَيْ مَا يَتَّبِعُونَ {إِلَّا الظَّنَّ} [سورة النجم: 28] فِي أَنَّ الْمَلَائِكَةَ إِنَاثٌ {وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [سورة النجم: 28]".
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد: فيقول المؤلف –رحمه الله تعالى- {إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ} [سورة النجم: 27]، هذا من العموم الذي يراد به الخصوص، وليس كل من لا يؤمن بالآخرة يسمي الملائكة بتسمية الأنثى، وإنما هم نوع وقسم من الكفار قالوا إن الملائكة بنات الله، ولذا قال: هم الكفار الذين قالوا، والأصل {إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ} [سورة النجم: 27]، جميع الكفار لا يؤمنون بالآخرة لكن المراد منهم من قال إن الملائكة بنات الله والأصنام بنات الله {لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى} [سورة النجم: 27]، يعني بتسمية الأنثى، أو كتسمية الأنثى، فهو منصوب على نزع الخافض، أي يعتقدون أن الملائكة إناث وأنهم بنات الله. من أين جاءتهم هذه الشبهة؟ هل استندوا في ذلك إلى نقل أو إلى عقل، أو إلى لغتهم أسعفتهم في ذلك؟ لا نقل يدل على ذلك، ولا عقل يرشد إلى ذلك. قد يقول قائل: إن لغتهم تقول الملائكة هذه التاء تاء تأنيث، تاء تأنيث، فهل يصوغ لهم أن يعتمدوا على مثل هذا في تسمية شيء لم يرد به نص؟ مسألة غيبية، هل رأوهم؟ هل حضروا خلقهم؟ هل سمعوا من يحتج بقوله ويعتمد عليه ويعول عليه يقول ذلك أبدًا ولا شيء من ذلك. أما كون التاء لحقت جمع ملك فهي تلحق غيره، فهي تلحق كثير من الجموع. هناك ما يسمى عندهم في استعمالهم التاء التي تلحق صيغة المبالغة، مثل نسابة فلان نسابة، وفلان راوية. هل يقال إن النسابة أو الرواية مؤنث؟ لا، ليس في لغتهم ما يدل على أن كل ما اتصلت به التاء يكون مؤنثًا، بل إن العرب سموا رجالا ذكورا بما تلحقه التاء، كطلحة، وواثلة، ومعاوية، كثير هذا، كثير عندهم، هذه التاء لا تتمحض بالتأنيث، فلا مستمسك لهم في ذلك {وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ} [النجم: 28]، أي أنهم لم يشاهدوا خلق الملائكة، لم يشاهدوا خلق الملائكة، والذي لا يشاهد الدلائل القطعية على التمييز بين الجنسين ليس له أن يحكم. وسبق في تفسير سورة النمل وإن كان مما يضاف إلى بني إسرائيل ويروى عنهم، أن بلقيس أرسلت جواري وغلمان، جواري وغلمان، وألبست الجميع لباسًا واحدًا، وقالت: إن كان سليمان نبيا فسوف يفرق بين الجواري والغلمان مع أن التفرقة في الظاهر ظاهرة، للرجل علامات ظاهرة، وللمرأة علامات ظاهرة. قد يسلك مسالك، ويدخل تعديلات على أحد الجنسين ليكون قريبًا من الآخر لاسيما في عصرنا الذي ضاعت فيه الأهداف والمبادئ، تجد الرجل يشبه المرأة بفعله بيده، والمرأة تسعى جاهدة لأن تكون كالرجل. وجد هذا بعصرنا لكن لا يوجد في السابقين، المروءة ومكارم الأخلاق تمنعهم من ذلك ولو كانوا غير مسلمين لكن عندنا مع الأسف أنه قد وجد من ينتسب للنساء، ولا عجب أن الرجال ترجلت، ولكن تأنيث الرجال عجيب، أن يكون الإنسان يتطلع إلى الأعلى امرأة تود أن تكون رجل لأنه يفضل جنس على جنس، هذا وإن كان محرما في شريعتنا، بل ملعونة المرأة التي تشبه بالرجال، والرجلة من النساء، لكن الإشكال والغريب في كون الإنسان ينزل. لما أرسلت الغلمان والجواري على هيئة واحدة ذكروا أشياء للتفريق بين الرجل والمرأة، لكن مما يذكر، يعني مما نذكره أشياء حقيقةً ليس فيها دليل، مما يدل على أن الخبر لا أصل له، قالت: قال سليمان انظروا، أعطوهم ماء يتوضؤون، فانظروا كيف يغسلون أيديهم، فمن بدأ بالكف للمرفق فهو ذكر، ومن عكس فهو أنثى، كثير من الناس أول ما يبدأ من المرفق هم رجال، ليس في هذا دليل على التفريق. المقصود أن هناك علامات يستدل بها وهي ظاهرة، والقرطبي في سورة {يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ} [الشورى:49] الشورى ، تقدم ذكر قصة أن معهم زميل يحضر معهم الدروس، وهو أطلس لا لحية له، وله صدر، ثم تبين أنه خنثى، فالتفريق يعني كون الإنسان يفرق بعلامات ظاهرة هذا لا إشكال فيه، لكن هؤلاء الذين رموا الملائكة بأنهم بنات الله، هل عندهم دليل؟ لا دليل لهم، {أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ} [الزخرف: 19] {وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ} [النجم: 28] أي أنهم لم يشاهدوا خلق الملائكة ولا يسمعوا ما قالوه من رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، لأن الغيبيات لابد فيها من توقيف، وتسمى سمعيات لابد أن يسمع فيها خبر ملزم، ولم يروه في كتاب، يعني ما نقوله عن كتاب ولا سمعوه من رسول، ولا شهدوا خلقه، إذن ما عمدتهم وما معولهم؟ {إِنْ يَتَّبِعُونَ} [النجم: 28] يعني ما يتبعون، {إِلَّا الظَّنَّ} [النجم: 28] الظن في أن الملائكة يتوقعوا هذا، وهذا من باب التنقص لهم، التنقص لهم، فيلحقون بأنقص الجنسين، الذين هم الإناث، وهذا من باب التنقص والازدراء {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [النجم:28 ]، الظن لا يغني من الحق شيئا. الظن له مراتب يبدأ من أكذب الحديث إلى كونه {لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [النجم:28 ]، إلى ما يراد في الشك، إلى ما يكون غالبًا يعني هو الاحتمال الراجح وهذا هو الاصطلاح، الذي استقر عليه الاصطلاح هذا، إلى أن يصل إلى حد القطع، {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ} [البقرة: 46] فالذي يرد على من يقول مثلاً إن خبر الواحد لا يفيد إلا الظن، يقول إن الظن لا يغني من الحق شيئا، والظن أكذب الحديث، ولكن ماذا عن معاني الظن الأخرى، وأنه الاحتمال الراجح، وهذا هو الذي استقر عليه الاصطلاح وهو المراد، من قوله الخبر الواحد يفيد الظن، يعني احتمال راجح، لأن في احتمال آخر مرجوح، أن هذا الراوي وهم، أو أن هذا الطريق إليه فيه خلل.
طالب: ...........
هو ليس فيه دليل لا على هذا ولا هذا.
طالب: .........
ما فيه دليل مثل ما ذكرنا أو أوردنا في درسٍ سبق، أنهم هل يوصفون بالعقل أو لا يوصفون؟ هل تألف من ألف أن الملائكة غير عقلاء، ورد عليه وأوردنا الرد، وفي كلام أنا أقول على الإنسان أن ينتهي إلى ما سمع، ولا أنت مسئول عن هذا، نعم كونهم يأتمرون ولا يخالفون ولا يعصون الله ما أمرهم، وكونهم يدبرون بأمر الله -جل وعلا-، هذا هو العقل، وإلا لا معنى للعقل إن لم يكن هذا، وكونهم أليق على الصفات، ينفي أن يكونوا إناث، وعلى الإنسان أن يحفظ نفسه أن يقول على الله بغير علم، مثل هذه الأمور غيبية لا يجوز الإنسان يتحدث فيها إلا بدليل.
طالب: .....
الكذب في الغيبيات، هو إن كان كذب واضح قال رأى فلان موجود في المكان المكاني، الكذب له حكمه، فالكذب له حكمه، يبغي أنه محرم، لكن إن ادعى أن هذا غيب، وأنه يعلمه وقع فيها.
"قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا} [سورة النجم: 29] يَعْنِي الْقُرْآنَ وَالْإِيمَانَ. وَهَذَا مَنْسُوخٌ بِآيَةِ السَّيْفِ {وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} [النجم: 29]"
لأنه لما هاجر إلى المدينة أمر بقتال الكفار.
"{وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} [النجم: 29] نَزَلَتْ فِي النَّضْرِ وَقِيلَ: فِي الْوَلِيدِ، {ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ} [النجم: 30] أَيْ إِنَّمَا يُبْصِرُونَ أَمْرَ دُنْيَاهُمْ وَيَجْهَلُونَ أَمْرَ دِينِهِمْ .".
وبصرهم بأمر ديناهم أم بصر ظاهر؟ فالظاهر يبصرون، وفي الظاهر يعلمون، فهم يعلمون ظاهرا من حياة الدنيا، ولو علموا باطنا ما يزاولون، هم أقدرهم الله –جل وعلا- على الصناعات والاختراعات، شيء يبهر العقول، فهم يعلمون ظواهر هذه الأمور، ولو علموا بواطنها وخفاياها لقادتهم إلى الإيمان بالله –جل وعلا-، ولذلك أثبت لهم العلم ثم نفاه عنهم.
"قَالَ الْفَرَّاءُ: صَغَّرَهُمْ وَازْدَرَى بِهِمْ ؛ أَيْ ذَلِكَ قَدْرُ عُقُولِهِمْ وَنِهَايَةُ عِلْمِهِمْ أَنْ آثَرُوا الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ. وَقِيلَ : أَنْ جَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ وَالْأَصْنَامَ بَنَاتَ اللَّهِ، {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ} [النجم: 30] أَيْ حَادَ عَنْ دِينِهِ {وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى} [النجم: 30] فَيُجَازِي كُلًّا بِأَعْمَالِهِمْ. قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى} [النجم: 31] اللَّامُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمَعْنَى الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ } كَأَنَّهُ قَالَ: هُوَ مَالِكُ ذَلِكَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَيُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ لِيَجْزِيَ الْمُحْسِنَ بِإِحْسَانِهِ وَالْمُسِيءَ بِإِسَاءَتِهِ. وَقِيلَ: لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مُعْتَرِضٌ فِي الْكَلَامِ؛ وَالْمَعْنَى: {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى} [النجم: 30] لِيَجْزِيَ. وَقِيلَ: هِيَ لَامُ الْعَاقِبَةِ، أَيْ: وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ؛ أَيْ وَعَاقِبَةُ أَمْرِ الْخَلْقِ أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ مُسِيءٌ وَمُحْسِنٌ؛ فَلِلْمُسِيءِ السُّوأَى وَهِيَ جَهَنَّمُ، وَلِلْمُحْسِنِ الْحُسْنَى وَهِيَ الْجَنَّةُ ."
أي لام العاقبة ولام السيرورة، أن الله –جل وعلا- خلقهم، فهو خالقهم ومالكهم ومدبرهم، كما أنه خالق السموات والأرض وما فيهن، ومدبر الجميع، خلق هذه الأشياء لتكون العاقبة أن هؤلاء يجزون بالحسنى، وهؤلاء يجزون بالسوأَى.
"قَوْلُهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ} [النجم: 32] فِيهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ: الْأُولَى: قَوْلُهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ} [النجم: 32] هَذَا نَعْتٌ لِلْمُحْسِنِينَ؛ أَيْ هُمْ لَا يَرْتَكِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَهُوَ الشِّرْكُ؛ لِأَنَّهُ أَكْبَرُ الْآثَامِ. وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ وَيَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ : كَبِيرَ عَلَى التَّوْحِيدِ وَفَسَّرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ بِالشِّرْكِ. وَالْفَوَاحِشُ الزِّنَى . وَقَالَ مُقَاتِلٌ : كَبَائِرُ الْإِثْمِ كُلُّ ذَنْبٍ خُتِمَ بِالنَّارِ وَالْفَوَاحِشُ كُلُّ ذَنْبٍ فِيهِ الْحَدُّ .وَقَدْ مَضَى فِي النِّسَاءِ الْقَوْلُ فِي هَذَا ".
هذا التفريق بين الكبائر والصغائر والفواحش واللمم، لأهل العلم فيه مسالك، لكن الذي عليه الأكثر أن كل ذنبٍ فيه لعن، أو توعد له بالنار، أو بعدم دخول الجنة، أو بغضب من الله –جل وعلا-، أو رتب عليه حد في الدنيا، هذه كبائر نسأل الله العافية، وما لم يكن كذلك فهو من الصغائر، وهل اللمم من الصغائر أو أن اللمم دون الصغائر، لعل المؤلف يشير إلى هذا.
طالب: ............
من الكبائر، الفواحش من الكبائر نسأل الله العافية.
"ثُمَّ اسْتَثْنَى اسْتِثْنَاءً مُنْقَطِعًا وَهِيَ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فَقَال:َ {إِلَّا اللَّمَمَ} [النجم: 32] وَهِيَ الصَّغَائِرُ الَّتِي لَا يَسْلَمُ مِنَ الْوُقُوعِ فِيهَا إِلَّا مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ وَحَفِظَهُ".
الاستثناء المنقطع هنا أن المستثنى ليس من جنس المستثنى منه، المستثنى اللمم، والمستثنى منه الكبائر والفواحش، فاللمم ليست من الفواحش ولا من الكبائر، اللهم إلا إذا أتينا بمعنى يعم الجميع بحيث يدخل فيه الفواحش والكبائر واللمم، ويجتنبون المعاصي، {إِلَّا اللَّمَمَ} [النجم: 32].
"وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي مَعْنَاهَا؛ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَالشَّعْبِيُّ: اللَّمَمُ كُلُّ مَا دُونَ الزِّنَى. وَذَكَرَ مُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي رَجُلٍ كَانَ يُسَمَّى نَبْهَانَ التَّمَّارَ ؛كَانَ لَهُ حَانُوتٌ يَبِيعُ فِيهِ تَمْرًا، فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ تَشْتَرِي مِنْهُ تَمْرًا فَقَالَ لَهَا: إِنَّ دَاخِلَ الدُّكَّانِ مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ هَذَا، فَلَمَّا دَخَلَتْ رَاوَدَهَا فَأَبَتْ وَانْصَرَفَتْ فَنَدِمَ نَبْهَانُ؛ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا مِنْ شَيْءٍ يَصْنَعُهُ الرَّجُلُ إِلَّا وَقَدْ فَعَلْتُهُ إِلَّا الْجِمَاعَ؛ فَقَالَ: «لَعَلَّ زَوْجَهَا غَاز» فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، وَقَدْ مَضَى فِي آخِرِ هُودٍ."
أوضح وأفصل وأكثر تفصيلا من هذا السياق. ماذا قال؟ ما خرجه؟، لأنه سبق.
طالب: .......
نعم، معروف من قصة من باشر مع المرأة هذه المقدمات، أن النبي -عليه الصلاة والسلام- اكتفى بكونه صلى معهم، والصلوات الخمس كفارة لما بينهما، وليس في هذا ما يعين هؤلاء الفساق الذين يتحرشون بالنساء، ويزاولون معهم. هذه زلة وهفوة حصلت مرة واحدة، وجاء نادمًا تائبًا إلى الله –جل وعلا-، لا يعني هذا أن التحرش بالنساء، أو الالتصاق بهن في مواضع الزحام وما أشبه ذلك دون الجماع أمر سهل لمم، لا هذا مع سبق الإصرار والتكرار يلحقه بالكبائر، لكن لو حصل مرة زلة، أغواه الشيطان وضعفت نفسه، ثم ندم على ذلك والندم توبة، وجاء تائبا يطلب ما يطهره مما فعل، مثل هذا يقال له مثل هذا الكلام.
طالب: معنى المراودة؟
لا السياق ما هو واضح هنا، المروادة مجرد الطلب يعني، هذا السياق ما هو واضح، السياق الواضح بهوت.
طالب: .......
ما هو ببعيد هذا السبب، أو لعله غازٍ فأنت وقعت في أمرٍ عظيم، أمر عظيم لأن امرأة الغازي في سبيل الله يعني تجب صيانتها وحقها على الناس كلهم.
"وَكَذَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ وَحُذَيْفَةُ وَمَسْرُوقٌ : إِنَّ اللَّمَمَ مَا دُونَ الْوَطْءِ مِنَ الْقُبْلَةِ وَالْغَمْزَةِ وَالنَّظْرَةِ وَالْمُضَاجَعَةِ .وَرَوَى مَسْرُوقٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : زِنَى الْعَيْنَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَى الْيَدَيْنِ الْبَطْشُ، وَزِنَى الرِّجْلَيْنِ الْمَشْيُ، وَإِنَّمَا يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ الْفَرْجُ؛ فَإِنْ تَقَدَّمَ كَانَ زِنًى وَإِنْ تَأَخَّرَ كَانَ لَمَمًا. وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَشْبَهَ بِاللَّمَمِ مِمَّا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَى أَدْرَكَ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ، فَزِنَى الْعَيْنَيْنِ النَّظَرُ وَزِنَى اللِّسَانِ النُّطْقُ وَالنَّفْسُ تَتَمَنَّى وَتَشْتَهِي وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُه»، وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْفَاحِشَةَ الْعَظِيمَةَ وَالزِّنَى التَّامَّ الْمُوجِبَ لِلْحَدِّ فِي الدُّنْيَا وَالْعُقُوبَةِ فِي الْآخِرَةِ هُوَ فِي الْفَرْجِ وَغَيْرُهُ لَهُ حَظٌّ مِنَ الْإِثْمِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَفِي رِوَايَةِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كُتِبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَصِيبُهُ مِنَ الزِّنَى مُدْرِكٌ لَا مَحَالَةَ فَالْعَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرُ وَالْأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الِاسْتِمَاعُ وَاللِّسَانُ زِنَاهُ الْكَلَامُ وَالْيَدُ زِنَاهَا الْبَطْشُ وَالرِّجْلُ زِنَاهَا الْخُطَى وَالْقَلْبُ يَهْوَى وَيَتَمَنَّى وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الْفَرْجُ وَيُكَذِّبُهُ». خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ. "
لأنه قد يسمع هذا الكلام من في ديانته رقة، وليس ممن يحتاط لنفسه، فيعرضها لشيءٍ من الفتن، ثم لا يلبس أن يقع في الفواحش والكبائر، تجد في أول الأمر لا يتورع من إرسال نظره في النساء، سواء كن على طبيعتهن وخلقتهن، أو من خلال الوسائل، تجد يقول هذا لمم، النظر هذا دون الزنى، الفرج يصدق ذلك ويكذبه، لكن ما الذي يحفظك ويحميك إلا أن تقطع الطريق على الشيطان، وتسد الذرائع الموصلة إلى هذه الفاحشة، نسأل الله السلامة والعافية، ولذلك أمر الرجال أن يغضوا من أبصارهم، كما أمر النساء أن يغضضن من أبصارهن. كل هذا حياطة وصيانة لأعراض المسلمين، ومن عدم الوقوع في هذه الفاحشة التي قرر جمع من أهل العلم أنها هي أعظم الذنوب بعد الشرك، والترتيب يدل على أنها بعد القتل والشرك كما في سورة الفرقان، نسأل الله العافية.
طالب: .........
لا يقع، إذا ترتب عليه الكفارات بعضها لا إثم فيه البتة، بعضها لا إثم فيه، وبعضها يأثم فيه وتكفر الكفارة، وبعضها، يعني مثل الظهار منكر من القول وزور، والزور معروف أن وضعه أنه من الكبائر بلا إشكال، منها اليمين إذا حلف، ثم رأى أن غيرها خيرًا منها، ثم كفر هذا ليس على، ليس ما يقتضي ذلك.
" وَقَدْ ذَكَرَ الثَّعْلَبِيُّ حَدِيثَ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَذَكَرَ فِيهِ الْأُذُنَ وَالْيَدَ وَالرِّجْلَ، وَزَادَ فِيهِ بَعْدَ الْعَيْنَيْنِ وَاللِّسَانِ :وَزِنَى الشَّفَتَيْنِ الْقُبْلَةُ. فَهَذَا قَوْلٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا: هُوَ الرَّجُلُ يُلِمُّ بِذَنْبٍ ثُمَّ يَتُوبُ. قَالَ: أَلَمْ تَسْمَعِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ : «إِنْ يَغْفِرِ اللَّهُ يَغْفِرْ جَمًّا وَأَيُّ عَبْدٍ لَكَ لَا أَلَمَّا». رَوَاهُ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ النَّحَّاسُ: هَذَا أَصَحُّ مَا قِيلَ فِيهِ وَأَجَلُّهَا إِسْنَادًا. وَرَوَى شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {إِلَّا اللَّمَمَ} [النجم: 32] قَالَ : هُوَ أَنْ يُلِمَّ الْعَبْدُ بِالذَّنْبِ ثُمَّ لَا يُعَاوِدُهُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِنْ تَغْفِرِ اللَّهُمَّ تَغْفِرْ جَمًّا وَأَيُّ عَبْدٍ لَكَ لَا أَلَمَّا |
وَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ :هُوَ الَّذِي يَأْتِي الذَّنْبَ ثُمَّ لَا يُعَاوِدُهُ، وَنَحْوُهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ : اللَّمَمُ أَنْ يَزْنِيَ ثُمَّ يَتُوبَ فَلَا يَعُودُ، وَأَنْ يَسْرِقَ أَوْ يَشْرَبَ الْخَمْرَ ثُمَّ يَتُوبَ فَلَا يَعُودُ . وَدَلِيلُ هَذَا التَّأْوِيلِ قَوْلُهُ تَعَالَى:: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ} [آل عمران: 135] الْآيَةَ."
لكن اللمم المنصوص عليه في الآية ذكر في مقابل الفواحش، فكيف يكون هو فعل الفاحشة؟ يعني فعل الفاحشة التوبة بلاشك تهدمها وتجبها، لكن هل نقول إن هذه الفاحشة التي تاب منها لمم واللمم في مقابل الفواحش؟ لا، هذا القول ضعيف.
"ثُمَّ قَالَ : {أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ} [آل عمران: 136] فَضَمِنَ لَهُمُ الْمَغْفِرَةَ؛ كَمَا قَالَ عَقِيبَ اللَّمَمِ: {إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ} [النجم: 32] فَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ يَكُونُ {إِلَّا اللَّمَمَ} [النجم: 32] اسْتِثْنَاءً مُتَّصِلًا ."
لأنه من الفواحش.
"قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: اللَّمَمُ مَا دُونَ الشِّرْكِ. وَقِيلَ: اللَّمَمُ الذَّنْبُ بَيْنَ الْحَدَّيْنِ وَهُوَ مَا لَمْ يَأْتِ عَلَيْهِ حَدٌّ فِي الدُّنْيَا، وَلَا تُوُعِّدَ عَلَيْهِ بِعَذَابٍ فِي الْآخِرَةِ تُكَفِّرُهُ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ؛ قَالَهُ ابْنُ زَيْدٍ وَعِكْرِمَةُ وَالضَّحَّاكُ وَقَتَادَةُ. وَرَوَاهُ الْعَوْفِيُّ وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَال َالْكَلْبِيُّ :اللَّمَمُ عَلَى وَجْهَيْنِ: كُلُّ ذَنْبٍ لَمْ يَذْكُرِ اللَّهُ عَلَيْهِ حَدًّا فِي الدُّنْيَا وَلَا عَذَابًا فِي الْآخِرَةِ؛ فَذَلِكَ الَّذِي تُكَفِّرُهُ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ مَا لَمْ يَبْلُغِ الْكَبَائِرَ وَالْفَوَاحِشَ، وَالْوَجْهُ الْآخَرُ: هُوَ الذَّنْبُ الْعَظِيمُ يُلِمُّ بِهِ الْإِنْسَانُ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ فَيَتُوبُ مِنْهُ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: هُوَ مَا سَلَفَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَلَا يُؤَاخِذُهُمْ بِهِ. وَذَلِكَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ قَالُوا لِلْمُسْلِمِينَ: إِنَّمَا كُنْتُمْ بِالْأَمْسِ تَعْمَلُونَ مَعَنَا فَنَزَلَتْ، وَقَالَهُ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَابْنُهُ؛ وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: 23] وَقِيلَ: اللَّمَمُ هُوَ أَنْ يَأْتِيَ بِذَنْبٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ بِعَادَةٍ؛ قَالَهُ نِفْطَوَيْهِ. قَالَ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ مَا يَأْتِينَا إِلَّا لِمَامًا؛ أَيْ فِي الْحِينِ بَعْدَ الْحِينِ. قَالَ: وَلَا يَكُونُ أَنْ يُلِمَّ وَلَا يَفْعَلَ، لِأَنَّ الْعَرَبَ لَا تَقُولُ: أَلَمَّ بِنَا إِلَّا إِذَا فَعَلَ الْإِنْسَانُ لَا إِذَا هَمَّ وَلَمْ يَفْعَلْهُ. وَفِي الصِّحَاحِ: وَأَلَمَّ الرَّجُلُ مِنَ اللَّمَمِ وَهُوَ صَغَائِرُ الذُّنُوبِ، وَيُقَالُ: هُوَ مُقَارَبَةُ الْمَعْصِيَةِ مِنْ غَيْرِ مُوَاقَعَةٍ. وَأَنْشَدَ غَيْرُ الْجَوْهَرِيُّ:
بِزَيْنَبَ أَلْمِمْ قَبْلَ أَنْ يَرْحَلَ الرَّكْبُ وَقُلْ إِنْ تَمَلِّينَا فَمَا مَلَّكِ الْقَلْبُ |
أَيِ: اقْرَبْ.
وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ :اللَّمَمُ عَادَةُ النَّفْسِ الْحِينَ بَعْدَ الْحِينِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: هُوَ مَا أَلَمَّ عَلَى الْقَلْبِ؛ أَيْ خَطَرَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ: كُلُّ مَا هَمَمْتَ بِهِ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ فَهُوَ لَمَمٌ. وَدَلِيلُ هَذَا التَّأْوِيلِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام: ُ«إِنَّ لِلشَّيْطَانِ لَمَّةً وَلِلْمَلَكِ لَمَّةً» الْحَدِيثَ. وَقَدْ مَضَى فِي " الْبَقَرَةِ " عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ} [البقرة: 268] وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الزَّجَّاجُ: أَصْلُ اللَّمَمِ وَالْإِلْمَامِ مَا يَعْمَلُهُ الْإِنْسَانُ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ وَلَا يَتَعَمَّقُ فِيهِ وَلَا يُقِيمُ عَلَيْهِ؛ يُقَالُ: أَلْمَمْتُ بِهِ إِذَا زُرْتُهُ وَانْصَرَفْتُ عَنْهُ، وَيُقَالُ: مَا فَعَلْتُهُ إِلَّا لَمَمًا وَإِلْمَامًا؛ أَيِ: الْحِينَ بَعْدَ الْحِينِ. وَإِنَّمَا زِيَارَتُكَ إِلْمَامٌ، وَمِنْهُ إِلْمَامُ الْخَيَالِ؛ قَال َالْأَعْشَى:
أَلَمَّ خَيَالٌ مِنْ قُتَيْلَةَ بَعْدَمَا وَهَى حَبْلُهَا مِنْ حَبْلِنَا فَتَصَرَّمَا |
وَقِيلَ: إِلَّا بِمَعْنَى الْوَاوِ. وَأَنْكَرَ هَذَا الْفَرَّاءُ وَقَالَ: الْمَعْنَى إِلَّا الْمُتَقَارِبَ مِنْ صِغَارِ الذُّنُوبِ. وَقِيلَ: اللَّمَمُ النَّظْرَةُ الَّتِي تَكُونُ فَجْأَةً.
قُلْتُ: هَذَا فِيهِ بُعْدٌ إِذْ هُوَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ ابْتِدَاءً غَيْرُ مُؤَاخَذٍ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يَقَعُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ وَاخْتِيَارٍ، وَقَدْ مَضَى فِي "النُّورِ" بَيَانُهُ. وَاللَّمَمُ أَيْضًا طَرَفٌ مِنَ الْجُنُونِ، وَرَجُلٌ مَلْمُومٌ أَيْ بِهِ لَمَمٌ. وَيُقَالُ أَيْضًا : أَصَابَتْ فُلَانًا لَمَّةٌ مِنَ الْجِنِّ وَهِيَ الْمَسُّ وَالشَّيْءُ الْقَلِيلُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فَإِذَا وَذَلِكَ يَا كُبَيْشَةَ لَمْ يَكُنْ إِلَّا كَلَمَّةِ حَالِمٍ بِخَيَالِ."
هذه الأقوال التي ذكرت بعد القول الأول يعني تذكر للاستيعاب، وإلا فالمتعين والمتجه هو القول الأول منها، وأنها صغائر الذنوب التي لا يرتب عليها حد، ولا عقوبة، ولا توعد، وليس فيها لعن، ولا جاء التنصيص عليها بأنها من الكبائر، ولا من الفواحش، وإنما من الذنوب التي هي أشبه ما تكون بالمقدمات التي يلم بها من غير إصرار.
طالب: ......
لأنه مستخف. الذي يعرف أن هذا الأمر محرم ثم يكرره ويعاوده متى شاء، هذا مستخف بجناب الله –جل وعلا-، والاستخفاف من عظائم الأمور.
طالب: .....
تحول كبيرة عند أهل العلم.
طالب: .....
هذا موجود عند أهل العلم، ومن قواعدهم.
"الثَّالِثَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى : {إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ } [النجم: 32] لِمَنْ تَابَ مِنْ ذَنْبِهِ وَاسْتَغْفَرَ؛ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ . وَقَالَ أَبُو مَيْسَرَةَ عَمْرُو بْنُ شُرَحْبِيلَ وَكَانَ مِنْ أَفَاضِلِ أَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُودٍ : رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنِّي دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَإِذَا قِبَابٌ مَضْرُوبَةٌ، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذِهِ؟ فَقَالُوا : لِذِي الْكَلَاعِ وَحَوْشَبٍ، وَكَانَا مِمَّنْ قَتَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَقُلْتُ: وَكَيْفَ ذَلِكَ؟ فَقَالُوا: إِنَّهُمَا لَقِيَا اللَّهَ فَوَجَدَاهُ وَاسِعَ الْمَغْفِرَةِ . فَقَالَ أَبُو خَالِدٍ: بَلَغَنِي أَنَّ ذَا الْكَلَاعِ أَعْتَقَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ بِنْتٍ ."
وكان ممن قتل بعضهم بعضًا، يعني الواحد قتل الثاني ثم تاب فقاتل حتى قتل.
طالب: ......
مظالم العباد من الديوان الذي لا يغفر، لكن إذا كان للإنسان أعمال عظيمة وسيئات في مقابلها يسيرة، فقد يقال أن الله –جل وعلا- يرضي المظلوم.
"قَوْلُهُ تَعَالَى : {هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ} [النجم: 32] مِنْ أَنْفُسِكُمْ {إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} [النجم: 32] يَعْنِي أَبَاكُمْ آدَمَ مِنَ الطِّينِ وَخَرَجَ اللَّفْظُ عَلَى الْجَمْعِ . قَالَ التِّرْمِذِيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ..."
هو عبد الله الحكيم صاحب نوادر الأصول، غير أبي عيسى صاحب الجامع.
"وَلَيْسَ هُوَ كَذَلِكَ عِنْدَنَا، بَلْ وَقَعَ الْإِنْشَاءُ عَلَى التُّرْبَةِ الَّتِي رُفِعَتْ مِنَ الْأَرْضِ، وَكُنَّا جَمِيعًا فِي تِلْكَ التُّرْبَةِ وَفِي تِلْكَ الطِّينَةِ، ثُمَّ خَرَجَتْ مِنَ الطِّينَةِ الْمِيَاهُ إِلَى الْأَصْلَابِ مَعَ ذَرْوِ النُّفُوسِ عَلَى اخْتِلَافِ هَيْئَتِهَا، ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ صُلْبِهَا عَلَى اخْتِلَافِ الْهَيْئَاتِ؛ مِنْهُمْ كَالدُّرِّ يَتَلَأْلَأُ، وَبَعْضُهُمْ أَنْوَرُ مِنْ بَعْضٍ، وَبَعْضُهُمْ أَسْوَدُ كَالْحُمَمَةِ، وَبَعْضُهُمْ أَشَدُّ سَوَادًا مِنْ بَعْضٍ؛ فَكَانَ الْإِنْشَاءُ وَاقِعًا عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ."
يعني علينا وعلى آدم، لا يخص هذا آدم، لكن المعروف بالنصوص القطعية أن الذي خلق من تراب الأصل الذي هو آدم، وأما البقية فمن ماء مهين.
"حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ الْعَسْقَلَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عُرِضَ عَلَيَّ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ بَيْنَ يَدَيْ حُجْرَتِي هَذِهِ اللَّيْلَةَ فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَنْ مَضَى مِنَ الْخَلْقِ؟ قَالَ: نَعَمْ، عُرِضَ عَلَيَّ آدَمُ فَمَنْ دُونَهُ فَهَلْ كَانَ خُلِقَ أَحَدٌ قَالُوا: وَمَنْ فِي أَصْلَابِ الرِّجَالِ وَبُطُونِ الْأُمَّهَاتِ؟ قَالَ: نَعَمْ، مُثِّلُوا فِي الطِّينِ فَعَرَفْتُهُمْ كَمَا عُلِّمَ آدَمُ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا». "
مخرج؟
طالب: ......
ضعيف جدًا ، هذا مما يتفرد به الحكيم.
طالب: ....
جدًا، يعني له رأي في الولاء رأي سقيم جدًا.
"قُلْتُ: - وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ (الْأَنْعَامِ) - أَنَّ كُلَّ إِنْسَانٍ يُخْلَقُ مِنْ طِينِ الْبُقْعَةِ الَّتِي يُدْفَنُ فِيهَا. {وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ} [النجم: 32] جَمْعُ جَنِينٍ وَهُوَ الْوَلَدُ مَا دَامَ فِي الْبَطْنِ، سُمِّيَ جَنِينًا لِاجْتِنَانِهِ وَاسْتِتَارِهِ . قَالَ عَمْرُو بْنُ كُلْثُومٍ:
هِجَانِ اللَّوْنِ لَمْ تَقْرَأْ جَنِينَا
وَقَالَ مَكْحُولٌ: كُنَّا أَجِنَّةً فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِنَا فَسَقَطَ مِنَّا مَنْ سَقَطَ وَكُنَّا فِيمَنْ بَقِيَ، ثُمَّ صِرْنَا رُضَّعًا فَهَلَكَ مِنَّا مَنْ هَلَكَ وَكُنَّا فِيمَنْ بَقِيَ، ثُمَّ صِرْنَا يَفَعَةً فَهَلَكَ مِنَّا مَنْ هَلَكَ، وَكُنَّا فِيمَنْ بَقِيَ ثُمَّ صِرْنَا شَبَابًا فَهَلَكَ مِنَّا مَنْ هَلَكَ وَكُنَّا فِيمَنْ بَقِيَ، ثُمَّ صِرْنَا شُيُوخًا -لَا أَبَا لَكَ!- فَمَا بَعْدَ هَذَا نَنْتَظِرُ؟
وَرَوَى ابْنُ لَهِيعَةَ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ ثَابِتِ بْنِ الْحَارِثِ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ : كَانَتِ الْيَهُودُ تَقُولُ إِذَا هَلَكَ لَهُمْ صَبِيٌّ صَغِيرٌ : هُوَ صِدِّيقٌ؛ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «كَذَبَتْ يَهُودُ مَا مِنْ نَسَمَةٍ يَخْلُقُهَا اللَّهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ إِلَّا أَنَّهُ شَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ» فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عِنْدَ ذَلِكَ هَذِهِ الْآيَةَ: {هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} [النجم: 32] إِلَى آخِرِهَا. وَنَحْوُهُ عَنْ عَائِشَةَ: كَانَ الْيَهُودُ، بِمِثْلِهِ. {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} [النجم: 32] "."
أما بالنسبة لأطفال المسلمين فالنصوص تدل على أنهم في الجنة، وأما بالنسبة لأطفال غيرهم فالخلاف معروف، كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: «الله أعلم بما كانوا عاملين» منهم من يقول وأطفال المشركين أيضًا لأنهم لا ذنب لهم، ومنهم من يقول إنهم يختبرون ويمتحنون كأهل الفترة.
"{فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} [النجم: 32] أَيْ لَا تَمْدَحُوهَا وَلَا تُثْنُوا عَلَيْهَا، فَإِنَّهُ أَبْعَدُ مِنَ الرِّيَاءِ وَأَقْرَبُ إِلَى الْخُشُوعِ. {هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} [النجم: 32] أَيْ أَخْلَصَ الْعَمَلَ وَاتَّقَى عُقُوبَةَ اللَّهِ؛ عَنِ الْحَسَنِ وَغَيْرِهِ. قَالَ الْحَسَنُ: قَدْ عَلَّمَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا هِيَ عَامِلَةٌ، وَمَا هِيَ صَانِعَةٌ، وَإِلَى مَا هِيَ صَائِرَةٌ. وَقَدْ مَضَى فِي (النِّسَاءِ) الْكَلَامُ فِي مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ} [النساء: 49] فَتَأَمَّلْهُ هُنَاكَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاس:ٍ مَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ أُزَكِّيهِ غَيْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. "
لأن التزكية يعني مقتضاها أن يكون سالمًا من جميع العيوب، سالما من جميع العيوب هذا الأصل، لكن إذا نظر إلى أن مثل هذا مستحيل في حق عموم الناس حاشى من عصمه الله –جل وعلا-، فحينئذٍ تكون التزكية نسبية، نسبةً إلى أقرانه وأهل زمانه، وعصره يكون فيكون هو أمثل فيستحق التزكية أكثر من غيره، من دونه يستحق تزكية مناسبة وهكذا، وإلا لانسد الباب.
طالب: ......
أنت ما سألت عنه من قبل؟
طالب: .....
كثير من الإخوان سأل عن هذا، المقصود هذا الذي يخلو بمحارم الله ويستتر بها، هو يهجم عليها إذا خلا ويتظاهر بضدها إذا برز أمام الناس، يتظاهر بالتقى، والصلاح، لكنه إذا خلا بمحارم الله انتهكها، والأخر ذاك مجاهر، لكن لو قدر أن إنسان يعترف بالذنب والتقصير وحصل له هفو واستتر بها هذا يختلف حكمه، كما قلنا في حديث الأعمال بالنيات، أن من هاجر من أجل الدنيا لا يلام، من هاجر من أجل امرأة يتزوجها لا يلام، إلا إذا أظهر للناس أنه هاجر من أجل الله –جل وعلا- ومن أجل رسوله، وكان هدفه الأول والأخير الدنيا أو المرأة، يعني يختلف هذا عن هذا، يعني لو أن إنسانًا في مثل هذا اليوم ما صام، وجاء ومعه طعام تمر وقهوة وماء ، وجلس ينتظر أذان المغرب، الآن فعل حرام أو حلال، أكل في المسجد ما فيه إشكال، لكن كونه يوهم الناس أنه صائم يذم من هذه الحيثية، وإلا ما المانع يأكل في المسجد ماذا صار؟ ما صار شيء، بخلاف ما لو أكل بعد صلاة العصر، أو بعد صلاة الظهر، هذا ما فيه إشكال، ولا لوم عليه، لكن كونه يظهر للناس شيئاً وإن فعل مباحًا يذم من هذه الحيثية.
طالب: .......
لعلها التزكية المطلقة، التزكية المطلقة التي تتضمن البراءة من كل عيب. وفي مناسبة التزكية، التزكية شهادة، شهادة للإنسان بأنه يستحق هذه المرتبة، وأنه يستحق هذا العمل الذي من أجله طلب التزكية، فعلى الإنسان أن يتحرى فيها، عليه أن يفعل ما تبرأ به ذمته، لأنه قد يغش المسلمين بشخص يكون ضررًا عليهم، وقد يحرم بهذه التزكية من هو أولى من هذا المزكى، وبعض الناس يمزج ويذكر عبارات يجزم من قرأها أنها لا تليق بهذا الشخص، وكثيرًا ما نسمع يكتب عن بعض الناس لاسيما إذا ماتوا أشياء، يعني كل الناس يجزمون أنه على غير الصفة، يمدح مثلاً بالكرم وحسن الخلق وكذا، والناس كلها تشهد أنه على عكس من ذلك، نعم اذكروا محاسن موتاكم، لا نقول صفه بالبخل أو صفه بسوء الخلق، اتركه، لكن أما تذكر فيه ما ليس فيه، هذا هو الغش.
"قَوْلُهُ تَعَالَى :{أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى (33) وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى} {النجم: 33-34] الْآيَاتِ . لَمَّا بَيَّنَ جَهْلَ الْمُشْرِكِينَ فِي عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ ذَكَرَ وَاحِدًا مِنْهُمْ مُعَيَّنًا بِسُوءِ فِعْلِهِ . قَالَ مُجَاهِدٌ وَابْنُ زَيْدٍ وَمُقَاتِلٌ: نَزَلَتْ فِي الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَكَانَ قَدِ اتَّبَعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى دِينِهِ فَعَيَّرَهُ بَعْضُ الْمُشْرِكِينَ..."
وإن كانت نزلت بسبب شخص لأن العبرة بعموم الله، كل من شارك في هذه الصفة يدخل.
"فَعَيَّرَهُ بَعْضُ الْمُشْرِكِينَ، وَقَالَ : لِمَ تَرَكْتَ دِينَ الْأَشْيَاخِ وَضَلَّلْتَهُمْ وَزَعَمْتَ أَنَّهُمْ فِي النَّارِ؟ قَالَ: إِنِّي خَشِيتُ عَذَابَ اللَّهِ؛ فَضَمِنَ لَهُ إِنْ هُوَ أَعْطَاهُ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ وَرَجَعَ إِلَى شِرْكِهِ أَنْ يَتَحَمَّلَ عَنْهُ عَذَابَ اللَّهِ، فَأَعْطَى الَّذِي عَاتَبَهُ بَعْضَ مَا كَانَ ضَمِنَ لَهُ ثُمَّ بَخِلَ وَمَنَعَهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ."
وهكذا شأن جميع الوعود التي ترتب على فعل محرم، تجده يعد من يريده إلى شيء محرم، ويجعل له الشمس بيمينه والقمر بشماله، ثم إذا فرغ من مطلوبه، وأدرك ما يريد استنكر عليه، وأنكره لأنه لا يرجو بذلك ثوابا من الله –جل وعلا-، ولا شكرا من الناس، لماذا يعطيه؟ هو يريد أن يتوصل إلى هذه الرذيلة، أو إلى هذا العمل كما هنا، يعود إلى شركه، وإذا عاد إلى الشرك، المال لا يتقرب به إلى الله –جل وعلا-، ولا يمدح به عند الناس، لماذا يفي بما وعد، وعمله أعظم من مسألة عدم الوفاء بما وعد، وأيضًا الوفاء بما وعد، لو قدر أنه تاب حرم عليه أن يفي بما وعد، مثل حلوان الكاهن، مثل مهر البغي، مثل، لا يجوز الوفاء به، لأنه في مقابل محرم، حتى لو قدر أنه ضرب لها مبلغا من المال، وعدها به، ثم بعد ذلك حصل له ما حصل، حتمًا لن يفي بمال، إلا إذا كان له مآرب أخرى، يرجو بها أن تعود مرة ثانية وغير ذلك، وعلى كل لو لو أن شخصًا استدرج امرأة مضطرة لمال، ووعدها بمبلغ أغراها به، وكانت عفيفة لكن لما سمعت المبلغ المغري استجابت، ضعفت نفسها ويقول من ضغوط الحاجة والحياة، اضطرت أن تفعل هذه الرذيلة، هل يلزم بدفع المال لها أو لا يلزم؟ هي لا تستحقه، هذا مهر البغي، لا تستحقه، لكن أيضًا بالنسبة له أخرجه بطوعه واختياره، يعني وعد به بطوعه واختياره فيؤخذ منه ولا يعطى إياها، يصرف في مصارف أخرى، وإلا لو ترك الأمر كذلك لشاعت الفاحشة بهذه الطريقة.
"وَقَالَ مُقَاتِلٌ: كَانَ الْوَلِيدُ مَدَحَ الْقُرْآنَ ثُمَّ أَمْسَكَ عَنْهُ فَنَزَلَ : {وَأَعْطَى قَلِيلًا} [النجم: 34] أَيْ مِنَ الْخَيْرِ بِلِسَانِهِ {وَأَكْدَى} [النجم: 34] أَيْ قَطَعَ ذَلِكَ وَأَمْسَكَ عَنْهُ. وَعَنْهُ أَنَّهُ أَعْطَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقْدَ الْإِيمَانِ."
{أَكْدَى}؛ أمسك لأنه، لأن الأصل في الكدية الصخرة، فإذا حُفرت الأرض من أجل استنباط الماء، أو لغيره من المقاصد أو خندق مثلاً، فهو في مقام كدية ينقطعون، صخرة ينقطعون لأن التراب ممكن إزالته، لكن الصخرة كيف يزال وكيف يكسر، يعني بوسائلهم القديمة، وإن كان النبي عليه الصلاة والسلام من باب المعجزة والكرامة، لما ضرب الصخرة تفتت، لكن غيره صخرة كبيرة تحتاج إلى معدات قوية، هؤلاء في الغالب ينقطعون، {وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى} [النجم: 33-34] يعني انقطع، كأنه واجه كدية فانقطع، والمكدي هو الذي يعمل العمل اليسير ثم يقطعه. يذكر عن شيخ الإسلام أنه كان يقول: أنا المكدي وابن المكدي، وكذا كان أبي وجدي، يعني عندنا أعمال يسيرة غير مستمرة، هذا يقول من باب التواضع، رحمه الله.
"وَعَنْهُ أَنَّهُ أَعْطَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقْدَ الْإِيمَانِ ثُمَّ تَوَلَّى فَنَزَلَتْ: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى} [النجم: 33] الْآيَةَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالسُّدِّيُّ وَالْكَلْبِيُّ وَالْمُسَيِّبُ بْنُ شَرِيكٍ : نَزَلَتْ فِي عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَتَصَدَّقُ وَيُنْفِقُ فِي الْخَيْرِ، فَقَالَ لَهُ أَخُوهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي سَرْحٍ : مَا هَذَا الَّذِي تَصْنَعُ؟ يُوشِكُ أَلَّا يَبْقَى لَكَ شَيْءٌ. فَقَالَ عُثْمَانُ : إِنَّ لِي ذُنُوبًا وَخَطَايَا، وَإِنِّي أَطْلُبُ بِمَا أَصْنَعُ رِضَا اللَّهِ تَعَالَى وَأَرْجُو عَفْوَهُ! فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ : أَعْطِنِي نَاقَتَكَ بِرَحْلِهَا وَأَنَا أَتَحَمَّلُ عَنْكَ ذُنُوبَكَ كُلَّهَا. فَأَعْطَاهُ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ، وَأَمْسَكَ عَنْ بَعْضِ مَا كَانَ يَصْنَعُ مِنَ الصَّدَقَةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى (33) وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى} [النجم: 33-34] فَعَادَ عُثْمَانُ إِلَى أَحْسَنِ ذَلِكَ وَأَجْمَلِه؛ ذَكَرَ ذَلِكَ الْوَاحِدِيُّ وَالثَّعْلَبِيُّ . "
لكن علامة الوضع عليها ظاهرة.
"وَقَالَ السُّدِّيُّ أَيْضًا : نَزَلَتْ فِي الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ السَّهْمِيِّ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ رُبَّمَا يُوَافِقُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ: نَزَلَتْ فِي أَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ، قَالَ : وَاللَّهِ مَا يَأْمُرُ مُحَمَّدٌ إِلَّا بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ؛ فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى} [النجم: 34]. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: هُوَ النَّضْرُ. "
يعني بدل من الكلام شيء مما يستحقه النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهو شيء يسير مما يتصف به عليه الصلاة والسلام.
"وَقَالَ الضَّحَّاكُ: هُوَ النَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ أَعْطَى خَمْسَ قَلَائِصَ لِفَقِيرٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ حِينَ ارْتَدَّ عَنْ دِينِهِ، وَضَمِنَ لَهُ أَنْ يَتَحَمَّلَ عَنْهُ مَأْثَمَ رُجُوعِهِ. وَأَصْلُ "أَكْدَى" مِنَ الْكُدْيَةِ، يُقَالُ لِمَنْ حَفَرَ بِئْرًا ثُمَّ بَلَغَ إِلَى حَجَرٍ لَا يَتَهَيَّأُ لَهُ فِيهِ حَفْرٌ: قَدْ أَكْدَى، ثُمَّ اسْتَعْمَلَتْهُ الْعَرَبُ لِمَنْ أَعْطَى وَلَمْ يُتَمِّمْ، وَلِمَنْ طَلَبَ شَيْئًا وَلَمْ يَبْلُغْ آخِرَهُ. وَقَال َالْحُطَيْئَةُ:
فَأَعْطَى قَلِيلًا ثُمَّ أَكْدَى عَطَاءَهُ وَمَنْ يَبْذُلِ الْمَعْرُوفَ فِي النَّاسِ يُحْمَدُ
قَالَ الْكِسَائِيُّ وَغَيْرُهُ: أَكْدَى الْحَافِرُ وَأَجْبَلَ إِذَا بَلَغَ فِي حَفْرِهِ كُدْيَةً أَوْ جَبَلًا فَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَحْفِرَ. وَحَفَرَ فَأَكْدَى إِذَا بَلَغَ إِلَى الصُّلْبِ. وَيُقَالُ: كَدِيَتْ أَصَابِعُهُ إِذَا كَلَّتْ مِنَ الْحَفْرِ . وَكَدِيَتْ يَدُهُ إِذَا كَلَّتْ فَلَمْ تَعْمَلْ شَيْئًا. وَأَكْدَى النَّبْتُ إِذَا قَلَّ رِيعُهُ، وَكَدَتِ الْأَرْضُ تَكْدُو كَدْوًا وَكُدُوًّا فَهِيَ كَادِيَةٌ إِذَا أَبْطَأَ نَبَاتُهَا، عَنْ أَبَى زَيْدٍ. وَأَكْدَيْتُ الرَّجُلَ عَنِ الشَّيْءِ رَدَدْتُهُ عَنْهُ. وَأَكْدَى الرَّجُلُ إِذَا قَلَّ خَيْرُهُ. وَقَوْلُهُ: {وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى} [النجم: 34] أَيْ قَطَعَ الْقَلِيلَ. قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى} [النجم: 35] أَيْ أَعِنْدَ هَذَا الْمُكْدِي عِلْمُ مَا غَابَ عَنْهُ مِنْ أَمْرِ الْعَذَابِ؟ فَهُوَ يَرَى أَيْ يَعْلَمُ مَا غَابَ عَنْهُ مِنْ أَمْرِ الْآخِرَةِ، وَمَا يَكُونُ مِنْ أَمْرِهِ حَتَّى يَضْمَنَ حَمْلَ الْعَذَابِ عَنْ غَيْرِهِ، وَكَفَى بِهَذَا جَهْلًا وَحُمْقًا . وَهَذِهِ الرُّؤْيَةُ هِيَ الْمُتَعَدِّيَةُ إِلَى مَفْعُولَيْنِ وَالْمَفْعُولَانِ مَحْذُوفَانِ؛ كَأَنَّهُ قَالَ : فَهُوَ يَرَى الْغَيْبَ مِثْلَ الشَّهَادَةِ. قَوْلُهُ تَعَالَى:{أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (36) وَإِبْرَاهِيمَ} [النجم: 36-37] أَيْ صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى كَمَا فِي سُورَةِ ( الْأَعْلَى) {صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى} [الأعلى: 19] أَيْ لَا تُؤْخَذُ نَفْسٌ بَدَلًا عَنْ أُخْرَى، كَمَا قَالَ {أَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [النجم: 38] وَخَصَّ صُحُفَ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَا بَيْنَ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ يُؤْخَذُ الرَّجُلُ بِجَرِيرَةِ أَخِيهِ وَابْنِهِ وَأَبِيهِ؛ قَالَهُ الْهُذَيْلُ بْنُ شُرَحْبِيلَ. "
لكن هذا يحتاج إلى نصٌ صحيح، وإلا أخذ الإنسان بجريرة أخيه وبنيه وعمه وأبيه هذا ظلم، لاسيما وأنه نسبه إلى الشرائع ما بين نوح وإبراهيم عليهما السلام.
"وَأَنْ هَذِهِ الْمُخَفَّفَةُ مِنَ الثَّقِيلَةِ وَمَوْضِعُهَا جَرٌّ بَدَلًا مِنْ (مَا) أَوْ يَكُونُ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلَى إِضْمَارِ "هُوَ". وَقَرَأ َسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَقَتَادَةُ" وَفَى" خَفِيفَةً"
واسمها ضمير يسمونه ضمير الشأن.
"وَمَعْنَاهَا صَدَقَ فِي قَوْلِهِ وَعَمَلِهِ، وَهِيَ رَاجِعَةٌ إِلَى مَعْنَى قِرَاءَةِ الْجَمَاعَةِ " وَفَّى " بِالتَّشْدِيدِ أَيْ قَامَ بِجَمِيعِ مَا فُرِضَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَخْرِمْ مِنْهُ شَيْئًا. وَقَدْ مَضَى فِي (الْبَقَرَةِ) عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ} [البقرة: 124] وَالتَّوْفِيَةُ الْإِتْمَامُ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْوَرَّاقُ : قَامَ بِشَرْطِ مَا ادَّعَى؛ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لَهُ: {أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [البقرة: 131] فَطَالَبَهُ اللَّهُ بِصِحَّةِ دَعْوَاهُ، فَابْتَلَاهُ فِي مَالِهِ وَوَلَدِهِ وَنَفْسِهِ فَوَجَدَهُ وَافِيًا بِذَلِكَ؛ فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى} [النجم: 37] أَيِ: ادَّعَى الْإِسْلَامَ ثُمَّ صَحَّحَ دَعْوَاهُ. وَقِيلَ: وَفَّى عَمَلَهُ كُلَّ يَوْمٍ بِأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ فِي صَدْرِ النَّهَار؛ رَوَاهُ الْهَيْثَمُ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَرَوَى سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ عَنْ أَبِيهِ... "
حديث أبي أمامة مخرج؟
طالب:
أربع ركعات في أول النهار، لكن ما عزاه إلى الهيثم، ما عزاه عندك.
طالب: ........
الهيثم بن كليب
طالب: ......
معروف بعضهم يرى أنه حسن، يرى أنه حسن، لكن هذا كونه ما عزاه إلى الهيثم بن كليب سببه اعتماد أسماء غير معتمدة عند أهل العلم، يعني مسند الهيثم بن كليب كلهم يقولون مسند الشاشي، مسند الشاشي، وخرجه الشاشي قال الشاشي، ويكتبون على كعب الجلد مسند الشاشي، وهم ما يعرف عندهم متقدمين بهذا، يعني شخص يدخل إلى معرض دولي يبحث عن تفسير بن كثير ما يجد، وفيه ألوف نسخ يبحث عن تفسير القرشي، هو ابن كثير، تقوله عندك تفسير القرشي؟ يقول والله ما عندي تفسير القرشي، يدخل المعرض وينتهي ما وجد تفسير القرشي، هو تفسير بن كثير. كون الناس يعتمدون غير ما اعتمده أهل العلم هذا يوقعهم في مثل هذا، وإلا فالحديث مخرج من مسند الهيثم بن كليب، وهم معروف عند أهلهم بهذا، كون أنه اعتمد غير ما اعتمده أهل العلم، ذكره الرازي في الجرح والتعديل، من الرازاي هذا؟ من أبي حاتم وأبوه، فاعتماد غير ما اعتمده أهل العلم، يعني لو قال ذكره الجعفي في التاريخ من هذا في تاريخ البخاري، ولا ذكره صحيح القشيري، هو صحيح مسلم، فالإغراب يعد اعتماد ما لم يعتمده أهل العلم يوقع في مثل هذه الإشكالات، فعلى الإنسان أن يعني بهذا بدقة، ويعرف اصطلاحات العلماء، واستعمالات العلماء، ومواقع استعمالهم لكي ما يقع في مثل هذه الأمور.
"وَرَوَى سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ عَنْ أَبِيهِ «ألَا أُخْبِرُكُمْ لِمَ سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى خَلِيلَهُ إِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ كُلَّمَا أَصْبَحَ وَأَمْسَى»."
يعني من يظن أن التسمية من تسمية البزار، البحر الزخار، يعني هل جرت عادة المتقدمين يسمون بهذه التسمية، خرجه في البحر الزخار؟، ليست هذا من عادة المتقدمين، مسند البزار أخرجه البزار من مسنده وهكذا، ويطبع باسم البحر الزخار.
"«لِأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ كُلَّمَا أَصْبَحَ وَأَمْسَى» {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} [الروم: 17] الْآيَةَ". وَرَوَاهُ سَهْلُ بْنُ مُعَاذٍ عَنْ أَنَسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. "
خرجه؟
طالب:...........
هو يقول إنه معروف من حديث السهل بن معاذ.
طالب: .......
يعني عن سهل بن معاذ عن أنس عن أبيه، لماذا أدخل أنس هنا؟
طالب:
قال: ورواه سهل بن معاذ عن أنس عن أبيه.
طالب: .........
عندنا عن أنس... المقصود أنه نفى أن يكون الحديث سهل بن سعد، هو ما عزي إليه.
طالب:
طالب: ..........
لا. عندنا: ورواه سهل بن معاذ عن أنس عن أبيه.
الذي قبله، أي سهل بن سعد، نعم وروى سهل بن سعد الساعدي عن أبيه، راويه هو الراوي الذي بعده، سهل بن معاذ.
"وَقِيلَ : وَفَّى أَيْ وَفَّى مَا أُرْسِلَ بِهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: {أَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [النجم: 38] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانُوا قَبْلَ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَأْخُذُونَ الرَّجُلَ بِذَنْبِ غَيْرِهِ، وَيَأْخُذُونَ الْوَلِيَّ بِالْوَلِيِّ فِي الْقَتْلِ وَالْجِرَاحَةِ."
يعني هل من هذا الأخذ بجريرة الغير كونه يؤخذ الأب أو الأخ أو الابن، من أجل أن يحذر، لأن هذا يفعل، يفعل من أجل أن يحذر المفقود هذا المطلوب، يعني الأسرة تجتمع وتبحث جادة لتخلص الثاني، كالرهن، يعني هذا من الأخذ بجريرة الغير؟ المسألة سؤال وجواب وتحقيق وأين راح وأين جاء، ثم لا يتعرض له بشيء، هذا ما فيه إشكال، لكن يبقى أنه كونه يؤذى، أو يسجن، ويضيق عليه، المسألة تحتاج إلى إعادة نظر.
طالب: ...........
هذا يحتاج إلى إعادة نظر.
طالب: ........
هذا هو الأخذ بجريرة الغير لا ليس بشرعي
طالب: .........
هذا من باب التعاون والتكافل، هذا من باب التكافل، ولذلك المعسر منهم ما بطالب بشيء.
طالب: .........
لا، هذا إن في المال لحقا سوى الزكاة، من هذا الباب.
"فَيُقْتَلُ الرَّجُلُ بِأَبِيهِ وَابْنِهِ وَأَخِيهِ وَعَمِّهِ وَخَالِهِ وَابْنِ عَمِّهِ وَقَرِيبِهِ وَزَوْجَتِهِ وَزَوْجِهَا وَعَبْدِهِ، فَبَلَّغَهُمْ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى: {أَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [النجم: 38] وَقَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَفَّى} [النجم: 37] عَمِلَ بِمَا أُمِرَ بِهِ وَبَلَّغَ رِسَالَاتِ رَبِّهِ وَهَذَا أَحْسَنُ؛ لِأَنَّهُ عَامٌّ. وَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ: وَفَّى بِمَا فُرِضَ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو مَالِكٍ الْغِفَارِيُّ :قَوْلُهُ تَعَالَي: {أَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [النجم: 38] إِلَى قَوْلِهِ: {فَبِأَيِ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى} [النجم: 55] فِي صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى. وَقَدْ مَضَى فِي آخِرِ (الْأَنْعَامِ) الْقَوْلُ فِي {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [النجم: 38] مُسْتَوْفًى. قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم: 39] رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ. "
عائشة –رضي الله عنها- استدلت بالآية على ضعف خبر إن الميت ليعذب ببكاء: يقول هذه مؤاخذة، بوزر غيره لكن الحديث محمول عند أهل العلم على محامل منها ما إذا عرف من عادتهم أنهم ينوحون، ويبكون ولم ينههم عن ذلك، فضلاً عن كونه يأمرهم بذلك، كما هي عادة الجاهلية، فهذا من فعله.
"قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم: 39] رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الطور: 21] فَيَحْصُلُ الْوَلَدُ الطِّفْلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي مِيزَانِ أَبِيهِ، وَيُشَفِّعُ اللَّهُ تَعَالَى الْآبَاءَ فِي الْأَبْنَاءِ وَالْأَبْنَاءَ فِي الْآبَاءِ ؛ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا} [النساء: 11]. وَقَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ التَّأْوِيلِ: هِيَ مُحْكَمَةٌ وَلَا يَنْفَعُ أَحَدًا عَمَلُ أَحَدٍ، وَأَجْمَعُوا أَنْه لَا يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ . وَلَمْ يُجِزْ مَالِكٌ الصِّيَامَ وَالْحَجَّ وَالصَّدَقَةَ عَنِ الْمَيِّت، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: إِنْ أَوْصَى بِالْحَجِّ وَمَاتَ جَازَ أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ. وَأَجَازَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ الْحَجَّ التَّطَوُّعَ. "
أما بالنسبة للصيام فقد جاء فيه: «من مات وعليه صوم، صام عنه وليه»، والحج: «حج عن أبيك واعتمر»، والصدقة جاءت بها النصوص صحيح صريحة.
"وَأَجَازَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ الْحَجَّ التَّطَوُّعَ عَنِ الْمَيِّتِ. وَرُوِيَ عَن ْعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا اعْتَكَفَتْ عَنْ أَخِيهَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَعْتَقَتْ عَنْهُ. وَرُوِيَ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أُمِّي تُوُفِّيَتْ أَفَأَتَصَدَّقُ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَأَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: سَقْيُ الْمَاءِ». "
"وَقَدْ مَضَى جَمِيعُ هَذَا مُسْتَوْفًى فِي (الْبَقَرَةِ) وَ (آلِ عِمْرَانَ) وَ (الْأَعْرَافِ). وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّمَا قَالَ: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم: 39] وَلَامُ الْخَفْضِ مَعْنَاهَا فِي الْعَرَبِيَّةِ الْمِلْكُ وَالْإِيجَابُ فَلَمْ يَجِبْ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى، فَإِذَا تَصَدَّقَ عَنْهُ غَيْرُهُ فَلَيْسَ يَجِبُ لَهُ شَيْءٌ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ... "
اللام تأتي للملك، المال لزيد، ولشبه الملك، القفل للباب أو للدار، الباب للدار والجل للفرس، وتأتي أيضًا للإيجاب، لله عليّ أن أفعل كذا، هذا نذر.
"إِلَّا أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَتَفَضَّلُ عَلَيْهِ بِمَا لَا يَجِبُ لَهُ، كَمَا يَتَفَضَّلُ عَلَى الْأَطْفَالِ بِإِدْخَالِهِمُ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ عَمَلٍ . وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم: 39] يَعْنِي الْكَافِرَ وَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَلَهُ مَا سَعَى وَمَا سَعَى لَهُ غَيْرُهُ. قُلْتُ: وَكَثِيرٌ مِنَ الْأَحَادِيثِ يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، وَأَنَّ الْمُؤْمِنَ يَصِلُ إِلَى ثَوَابِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ مِنْ غَيْرِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ كَثِيرٌ مِنْهَا لِمَنْ تَأَمَّلَهَا، وَلَيْسَ فِي الصَّدَقَةِ اخْتِلَافٌ، كَمَا فِي صَدْرِ كِتَابِ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ. وَفِي الصَّحِيحِ: «إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ» وَفِيهِ: «أَوْ وَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ» وَهَذَا كُلُّهُ تَفَضُّلٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، كَمَا أَنَّ زِيَادَةَ الْأَضْعَافِ فَضْلٌ مِنْهُ، كَتَبَ لَهُمْ بِالْحَسَنَةِ الْوَاحِدَةِ عَشْرًا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَلْفِ أَلْفِ حَسَنَةٍ؛ كَمَا قِيلَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ: أَسَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ لَيَجْزِي عَلَى الْحَسَنَةِ الْوَاحِدَةِ أَلْفَ أَلْفَ حَسَنَةٍ» فَقَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ لَيَجْزِي عَلَى الْحَسَنَةِ الْوَاحِدَةِ أَلْفَيْ أَلْفِ حَسَنَةٍ» فَهَذَا تَفَضُّلٌ. "
لكن هذا الحديث مضعف عند أهل العلم، ماذا قال؟
طالب:
ضعيف.
"فَهَذَا تَفَضُّلٌ وَطَرِيقُ الْعَدْلِ أَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى. قُلْتُ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم: 39] خَاصٌّ فِي السَّيِّئَةِ؛ بِدَلِيلِ مَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا هَمَّ عَبْدِي بِحَسَنَةٍ وَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبْتُهَا لَهُ حَسَنَةً فَإِنْ عَمِلَهَا كَتَبْتُهَا لَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ وَإِذَا هَمَّ بِسَيِّئَةٍ وَلَمْ يَعْمَلْهَا لَمْ أَكْتُبْهَا عَلَيْهِ فَإِنْ عَمِلَهَا كَتَبْتُهَا سَيِّئَةً وَاحِدَةً»."
ومع ذلك وهذه من علامات الخذلان والحرمان، أن تزيد السيئات على الحسنات، بالنسبة لبعض الناس، ولذا يقول بعض أهل العلم: قد خاب من فاقت آحاده عشراته، نسأل الله العافية.
طالب: .....
ومع ذلك لا تكتب إلا إذا عمله
طالب: .............
للإنسان، {لَهَا مَا كَسَبَتْ} [البقرة: 286]
يعني لها ما كسبت من حسنات، وعليها لكن قد تأتي اللام هنا بمعنى على.
"وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْوَرَّاقُ: {إِلَّا مَا سَعَى } [النجم: 39] إِلَّا مَا نَوَى؛ بَيَانُهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :«يُبْعَثُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى نِيَّاتِهِمْ». قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى} [النجم: 40] أَيْ يُرِيَهُ اللَّهُ تَعَالَى جَزَاءَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ {ثُمَّ يُجْزَاه} [النجم: 41] أَيْ يُجْزَى بِهِ {الْجَزَاءَ الْأَوْفَى} [النجم: 41] قَالَ الْأَخْفَشُ: يُقَالُ جَزَيْتُهُ الْجَزَاءَ، وَجَزَيْتُهُ بِالْجَزَاءِ سَوَاءٌ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا قَالَ الشَّاعِرُ
إِنْ أَجْزِ عَلْقَمَةَ بْنَ سَعْدٍ سَعْيَهُ لَمْ أَجْزِهِ بِبَلَاءِ يَوْمٍ وَاحِدٍ
فَجَمَعَ بَيْنَ اللُّغَتَيْنِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى} [النجم: 42] أَيِ: الْمَرْجِعُ وَالْمُرَادُ وَالْمَصِيرُ، فَيُعَاقِبُ وَيُثِيبُ. وَقِيلَ: مِنْهُ ابْتِدَاءُ الْمِنَّةِ وَإِلَيْهِ انْتِهَاءُ الْأَمَانِ. وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْب ٍقَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ: {وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى} [النجم: 42] قَالَ: «لَا فِكْرَةَ فِي الرَّبِّ»."
يعني تنتهي الأفكار دونه، لا تبلغه الأوهام، ولا تدركه الأفهام.
"وَعَنْ أَنَسٍ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذْ ذُكِرَ اللَّهُ تَعَالَى فَانْتَهِ»."
يعني لا تسترسل حتى ترسل إلى حد المحظور.
"قُلْتُ: وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ كَذَا وَكَذَا حَتَّى يَقُولَ لَهُ مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ فَإِذَا بَلَغَ ذَلِكَ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَلْيَنْتَهِ» وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي آخِرِ (الْأَعْرَافِ). وَلَقَدْ أَحْسَنَ مَنْ قَالَ :
وَلَا تُفَكِّرْنَ فِي ذِي الْعُلَا عَزَّ وَجْهُهُ فَإِنَّكَ تُرْدَى إِنْ فَعَلْتَ وَتُخْذَلُ |
وَدُونَكَ مَصْنُوعَاتُهُ فَاعْتَبِرْ بِهَا وَقُلْ مِثْلَ مَا قَالَ الْخَلِيلُ الْمُبَجَّلُ |
اللهم صلِّ على محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
طالب: ........
ينفعه سعي غيره، الأدلة دلت على ذلك
طالب: .......
لكن قد يقول قائل إن هذا الذي سعى لك بفضل سعيك، بفضل سعيك.
"