التعليق على تفسير القرطبي - سورة القلم (02)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، قال القرطبي -رحمه الله تعالى-:

“قوله تعالى: القلم: ٨  نهاه عن ممايلة المشركين، وكانوا يدعونه إلى أن يكف عنهم ليكفوا عنه، فبيّن الله تعالى أن ممايلتهم كفر، وقال تعالى: الإسراء: ٧٤  وقيل: أي فلا تطع المكذبين فيما دعوك إليه من دينهم الخبيث، نزلت في مشركي قريش حين دعوه إلى دين آبائه. قوله تعالى.. “

هذه الآية فلا تطع المكذبين تبينها الآية التي تليها القلم: ٩ ودوا أن تطيعهم فيما يدعوك إليه فيطيعوك، ودوا أن تتنازل عن شيء مما تدعوهم إليه، فيتنازلوا عن شيء مما عصوك به، هذه المداهنة، وهي محرمة فلا تجوز، وأما بالنسبة للمداراة من غير مداهنة، ومن غير تنازل سلوك الأسلوب الأمثل والأسهل هذا أمر مطلوب، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- قال عن شخص: بئس أخو العشيرة، فلما دخل انبسط معه في الكلام، هذه مداراة شرعية، والتأليف مطلوب، لكن التنازل عن الحق مرفوض مهما كان الداعي إليه، وهذا هو المداهنة.

قوله تعالى: القلم: ٩ قال ابن عباس وعطية والضحاك والسدي: ودوا لو تكفر فيتمادون على كفرهم. وعن ابن عباس أيضًا: ودوا لو ترخص لهم فيرخصون لك، وقال الفراء والكلبي: لو تلين فيلينون لك. والإدهان التليين لمن لا ينبغي له التليين، قاله الفراء، وقال مجاهد: المعنى ودوا لو ركنت إليه، وتركت الحق فيمالئونك. وقال الربيع بن أنس: ودوا لو تكذب فيكذبون. وقال قتادة: ودوا لو تذهب عن هذا الأمر فيذهبون معك. قال الحسن: ودوا لو تصانعهم في دينك فيصانعونك في دينهم.”

نعم هذا المعنى قريب جدًّا، لو تصانعهم في دينك يعني تتنازل عن شيء من دينك من أجلهم، فيتنازلون عن شيء من معاندتهم لك وإصرارهم على الكفر بك، وهذا أسلوب قد يصل إليه بعض من ينتسب إلى الدعوة، فيرتكب شيئًا من المحرم من باب التأليف، ويسمونه من أساليب الدعوة، وهذا يخدم الدعوة على حد زعمه.. هذا لا يخدم الدعوة، هناك أمور يمكن التنازل عنها، وهناك أشياء مجزوم بتحريمها لا يمكن التنازل عنها، أو مجزوم بالأمر بها، يعني وصل الحد ببعض من يدعو إلى التقارب إلى أنه صلى صلاة أرضت الأديان الثلاثة، ممكن؟! كيف تجتمع الأديان الثلاثة؟! على حد زعمه، كيف تجتمع صلاتنا مع صلاة اليهود والنصارى؟ ما فيه قاسم مشترك نجتمع فيه، إضافة إلى أنهم لو وافقوا على جميع الصلاة إلا السلام منها، الانصراف منها ما وافقناهم؛ لأنه ركن من أركان الصلاة، فكيف يقال من مصلحة الدعوة أن نفعل كذا أو أن نفعل كذا في ارتكاب محرمات أو ترك واجبات؟ هذه هي المداهنة، أما أن تغير من أسلوبك وطريقتك في الدعوة، وتتألف الناس بكلامك الطيب، وببذل شيء من المال من أجل ذلك فهذا شيء مقرر في الشرع من مصارف الزكاة تأليف القلوب، حتى تعط ولو لكافر إذا رجي إسلامه.

وعنه أيضًا: ودوا لو ترفض بعض أمرك فيرفضون بعض أمرهم. قال زيد بن أسلم: لو تنافق وترائي فينافقون ويراؤون. وقيل: ودوا لو تضعف فيضعفون، قاله أبو جعفر، وقيل: ودوا لو تداهن في دينك فيداهنون في أديانهم، قاله القتبي، وعنه: طلبوا منه أن يعبد آلهتهم مدة ويعبدوا إلهه مدة، فهذه اثنا عشر قولاً، قال ابن العربي: ذكر المفسرون فيها نحو عشرة أقوال كلها دعاوى على اللغة والمعنى.”

يعني ليس عليها دليل من حيث اللغة ولا من الشرع.

أمثلها قولهم: ودوا لو تكذب فيكذبون، ودوا لو تكفر فيكفرون. قلت: كلها إن شاء الله تعالى صحيحة على مقتضى اللغة والمعنى، فإن الادهان اللين والمصانعة، وقيل: مجاملة العدو ممايلته، وقيل: المقاربة في الكلام والتليين في القول، قال الشاعر:

لبعض الغشم أحزم في أمور

 

تنوبك من مداهنة العدا

قال المفضل..”

وقيل: المقاربة في الكلام والتليين في القول إن كان المراد حينما يتطلب الأمر الإغلاظ عليهم ﭗﭘ التوبة: ٧٣ صحيح؛ لأنه خلاف ما أمر به، وإن كان في سائر الأحوال جادلهم بالتي هي أحسن.

قال المفضَّل: النفاق هو ترك المناصحة، فهذا على هذا الوجه مذمومة، وعلى الوجه الأول غير مذمومة، فكل شيء منها لم يكن، قال المبرد..”

لكن لا بد أن نفرق بين المذموم كالمداهنة التنازل عن فعل واجب أو ترك محرم أو ارتكاب محرم، وبين المداراة، المداراة والتأليف مطلوب.

قال المبِّرد: يقال: ادهن في دينه وداهن في أمره أي خان فيه وأظهر خلاف ما يضمر، وقال قوم: داهنت بمعنى واريت وادهنت بمعنى غششت، قاله الجوهري، وقال: فيدهنون فساقه..”

واريت أم داريت؟ ما فيه طبعة ثانية؟

طالب: ....................

داهنت بمعنى واريت.

طالب: ....................

وادهنت، ادهنت من الدهن.

وقال: فيدهنون، فساقه على العطف، ولو جاء به جواب النهي لقال: فيدهنوا، وإنما أراد إن تمنوا لو فعلت فيفعلون مثل فعلك عطفًا لا جزاء عليه ولا مكافأة، وإنما هو تمثيل وتنظير. قوله تعالى..”

لو جاء به جواب النهي لقال: فيدهنوا، فيكون منصوبًا بأن المضمرة بعد الفاء في جواب النهي، لكنه في جواب التمني تحذف النون، لكن الوُد ودوا الود هذا هو بمعنى التمني؟ لكن لو كانت ليت.

طالب: ....................

لا، تمنٍّ لعل ترجي.

طالب: ....................

لا لا لا، من هذا النوع الرافضة الإمامية الذين يدعون مع الله إلهًا آخر يا علي يا حسين جئنا بيتك وقصدنا حرمك نرجو مغفرتك، هؤلاء ليسوا من الإسلام بشيء.

طالب: ....................

على كل حال، من لم تصل به البدعة إلى حد الكفر أو وجد مانع من إطلاق الكفر هذا شيء ثانٍ، لكن الإمامية ما فيه شك عندهم مكفرات، على كل حال عندهم المكفرات المخرجة من الملة، عندهم الطوام.

قوله تعالى: القلم: ١٠ - ١٣ يعني الأخنس بن شريق في قول الشعبي والسدي وابن إسحاق، وقيل: الأسود بن عبد يغوث أو عبد الرحمن بن الأسود، قاله مجاهد، وقيل: الوليد بن المغيرة عرض على النبي -صلى الله عليه وسلم- مالاً، وحلف أن يعطيه إن رجع عن دينه، قاله مقاتل، قال ابن عباس: هو أبو جهل بن هشام. والحلّاف: الكثير الحلف، والمهين الضعيف القلب، عن مجاهد قال ابن عباس: الكذاب مهين. وقيل: المكثار في الشر، قاله الحسن وقتادة، وقال الكلبي: المهين الفاجر العاجز. وقيل..

هو لا شك أن الكذاب فرد من أفراد المهين؛ لأنه إذا انكشف كذبه هان على غيره، وقيل: معناه الحقير عند الله، وقال ابن شجرة: إنه الذليل، قال الرمّاني: المهين الوضيع؛ لإكثاره من القبيح، وهو فعيل من المهانة بمعنى القِلَّة، وهي هنا القِلَّة في الرأي والتمييز أو هو فعيل بمعنى مُفعَل، والمعنى مُهان همّاز، قال ابن زيد: الهماز الذي يهمز الناس بيده ويضربهم، واللماز باللسان، وقال الحسن: هو الذي يهمز ناحية في المجلس كقوله تعالى همزة، وقيل: الهماز الذي يذكر الناس في وجوههم.

هو الذي يهمز ناحية في المجلس، يعني يبتعد عن الناس في زاوية عن المجلس؟ أو أنه يشير بيده أو بعينه إلى جهة من جهات المجلس؛ لأنه حصل فيها كذا أو من فلان حصل كذا أو كذا.

وقيل: الهماز الذي يذكر الناس في وجوههم، واللماز الذي يذكرهم في مغيبهم، قاله أبو العالية وعطاء بن أبي رباح والحسن أيضًا، وقال مقاتل: ضد هذا الكلام إن الهمزة الذي يغتاب بالغيبة واللمزةُ الذي يغتاب في الوجه، وقال مرة: هما سواء، وهو القتات الطعان للمرء إذا غاب، ونحوه عن ابن عباس وقتادة.”

والقتات النمام الذي ينقل الكلام على جهة الإفساد، وجاء فيه من الوعيد ما فيه، نسأل الله العافية.

قال الشاعر:

تدلي بود إذا لاقيتني كذبًا

 

وإن أغب فأنت الهامز اللمزة

القلم: ١١ أي يمشي بالنميمة بين الناس ليفسد بينهم، يقال: نم ينم نمًّا ونميمًا ونميمة أي يمشي ويسعى بالفساد، وفي صحيح مسلم عن حذيفة أنه بلغه أن رجلاً ينم الحديث فقال حذيفة: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «لا يدخل الجنة نمّام» وقال الشاعر:

ومولى كبيت النمل لا خير عنده

 

.............................

هذه من أحاديث الوعيد التي تمر كما جاءت، وإلا فما دام في دائرة الإسلام فمآله إلى الجنة وإن عُذِّب، وإن كان عذابه معجلًا في القبر، أحد الرجلين صاحبي القبرين كان أحدهما يمشي بالنميمة، يعني ينقل الكلام من أجل الإفساد.

وقال الشاعر:

ومولى كبيت النمل لا خير عنده

 

لمولاه إلا سعيه بنميم

قال الفراء: هما لغتان، وقيل: النميم جمع نميمة القلم: ١٢ أي للمال أن ينفق في وجوهه، وقال ابن عباس: يمنع عن الإسلام ولده وعشيرته. وقال الحسن: يقول لهم من دخل منكم في دين محمد لا أنفعه بشيء أبدًا، معتدٍ أي على الناس في الظلم متجاوز للحد صاحب باطل. أثيم أي ذي إثم، ومعناه أثوم، فهو فعيل.”

أَثْوُم أصله يعني الأثيم..

أي ذي إثم، ومعناه أَثْوُم، فهو فعيل بمعنى فعول. القلم: ١٣ العتل: الجافي الشديد في كفره، وقال الكلبي والفراء: هو الشديد الخصومة بالباطل، وقيل: إنه الذي يعتل الناس فيجره إلى حبس أو عذاب مأخوذ.”

الدخان: ٤٧ يعني جروه.

مأخوذ من العَتْل، وهو الجر، ومنه قوله تعالى: الدخان: ٤٧ وفي الصحاح: وعتلت الرجل أعتله وأعتُله إذا جذبته جذبًا عنيفًا، ورجل معتل بالكسر، وقال يصف فرسًا:

..........................

 

نفرعه فرعًا ولسنا نعتله

قال ابن السكيت: عتله وعتنه باللام والنون جميعًا، والعتل الغليظ الجافي.”

عتله يعني جره، وعتنه بالنون قال: عتله وعتنه والمعنى واحد، لكن الاستعمال يفرق بينهما، ما الفرق بينهما يا أبا عبد الله؟

طالب: في الاستعمال؟

نعم في الاستعمال، الضرب بالجُمْع، هذا استعمالها، ولعله لينساق يعني إذا جره فصعب عليه وحرن عتنه.

طالب: ....................

على كل حال أنت ما شاء الله عليك قاموس.

والعتل أيضًا الرمح الغليظ، ورجل عِتْل.”

عَتِل.

ورجل عَتِلٌ بالكسر بيِّن العَتَل أي سريع إلى الشر، ويقال: لا أعنتل معك أي لا أبرح مكاني وقال عبيد بن عمير: العتل الأكول الشروب القوي الشديد يوضع في الميزان فلا يزن شعيرة يدفع الملك من أولئك.

الملَك.

الملَك من أولئك في جهنم بالدفعة الواحدة سبعين ألفًا، قال علي بن أبي طالب والحسن: العتل الفاحش السيئ الخلق. وقال معمر: هو الفاحش اللئيم، قال الشاعر:

بعتل من الرجال زنيم

 

غير ذي نجدة وغير كريم

في صحيح مسلم عن حارثة بن وهب سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «ألا أخبركم بأهل الجنة؟» قالوا: بلى. قال: كل ضعيف متضعِّف لو أقسم على الله لأبره، ألا أخبركم بأهل النار؟» قالوا: بلى، قال: «كل عتل جواظ مستكبر»، في رواية عنه: «كل جوَّاظ زنيم متكبر»، الجواظ قيل: هو الجموع المنوع، وقيل: الكثير اللحم المختال في مشيته، وذكر الماوردي عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم رواه ابن مسعود أن النبي -صلى الله عليه وسلم-..”

غُنم أم غنم أم غَنم يا أبا عبد الله، شف لنا التقريب.

طالب: ....................

بالضم مضمومة عندك؟

طالب: ....................

الأول الأول.

طالب: ....................

مضبوطة بالضم؟ إذًا لا تقل لا تجزم.

طالب: ....................

ما هو بصحيح.

طالب: ....................

ما هي بغَنَم تصير غَنْم.

آخر الأول.. الأشعري..

طالب: ....................

انتهينا؟.. أشعري هو؟

طالب: ....................

نعم. بعض الناس يهجم على الأسماء ويضبط كيفما اتفق له أو ما راق له، لا، الأسماء ما تحتاج، تحتاج إلى المراجعة وكتب الرجال وكتب المشتبه، ويُنظر القاعدة في المسألة وما يشذ عنها؛ لأن هناك ضبطًا شاملًا لأكثر الأسماء يخرج عن هذا الضبط بعض الأسماء فتحفظ هذه الأسماء التي خرجت، ثم ينقل ما عداها على الأصل، ثم بعد ذلك الإنسان إذا راجع الاسم وضبطه في المصادر والمظان يودعه في سويداء قلبه؛ حتى ما ينساه مرة ثانية ثم يجتهد اجتهادًا آخر؛ لأن الأسماء ما هي مثل الكلام المتصل المترابط الذي يُستدل به على ما قبله وما بعده لا، هذا اسم سماه أهله بهذا الاسم، فليس لك أن تعدّل فيه.

فرواه ابن مسعود بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يدخل الجنة جوّاظ ولا جعظري ولا العتل الزنيم»، فقال رجل: ما الجواظ؟ وما الجعظري؟ وما العتل الزنيم؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «الجواظ الذي جمع ومنع، والجعظري الغليظ، والعتل الزنيم الشديد الخلق الرحيب الجوف المصحح الأكول الشروب الواجد للطعام الظلوم للناس»، وذكره الثعلبي...”

لا شك إن لم يرد ما يشهد له ويتابعه فهو ضعيف، مُخرَّج؟

طالب: ....................

ما حكم عليه؟ المقصود أن له طرقًا، وفي بعض ألفاظه له ما يشهد له.

وذكره الثعلبي عن شداد بن أوس: «لا يدخل الجنة جواظ ولا جعظري ولا عتل زنيم» سمعتهن من النبي -صلى الله عليه وسلم- قلت: وما الجواظ؟ قال: «الجمَّاع المناع»، قلت: وما الجعظري؟ قال: «الفض الغليظ»، قلت: وما العتل الزنيم؟ قال: «الرحيب الجوف الوثير الخلق الأكول الشروب الغشوم الظلوم»، قلت: فهذا التفسير من النبي -صلى الله عليه وسلم- في العتل قد أربا على أقوال المفسرين، ووقع في كتاب أبي داود في تفسير..”

وهذا مخرج؟

طالب: ....................

ما النعمان؟ شداد، حديث شداد بن أوس.

طالب: ....................

تخريج ثانٍ فيه؟

طالب: ....................

بدون حكم ولا شيء.

طالب: ....................

نعم.

قلت: فهذا التفسير من النبي -صلى الله عليه وسلم- في العتل قد أربا على أقوال المفسرين، ووقع في كتاب أبي داود في تفسير الجوّاظ أنه الفظ الغليظ، ذكره من حديث حارثة بن وهب الخُزاعي قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يدخل الجنة الجواظ ولا الجعظري قال: والجوّاظ الفظ الغليظ»، ففيه تفسيران مرفوعان حسب ما ذكرناه أولاً، وقد قيل: إنه الجافي القلب، وعن زيد بن أسلم في قوله تعالى: القلم: ١٣ قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «تبكي السماء من رجل أصح الله جسمه، ورحب جوفه، وأعطاه من الدنيا بعضًا، فكان للناس ظلومًا، فذلك العتل الزنيم، وتبكي السماء من الشيخ الزاني ما تكاد الأرض تقله»، والزنيم..”

والتخريج التخريج.

طالب: ....................

والذي قبله حديث أبي داود.

طالب: ....................

فقط؟ هذه الطرق التي أوردها المؤلف -رحمه الله- كلها علامات الضعف عليها ظاهرة، ولا يعتني بتخريج الأحاديث ولا الحكم عليها وبضاعته في الحديث ليست مناسبة لعلمه، بل هي مزجاة فتجده ينزل يخرج الحديث من الثعلبي وإن كان في أحد الصحيحين فينزل لابن ماجه وهو في البخاري وهكذا، هذه طريقته -رحمه الله- يعني عمله في الأحاديث وذكره لها ليس بمرضي، وفي الكتاب ما يزيد على اثني عشر ألف حديث، وهو بحاجة إلى تخريج كامل شامل وافٍ شافٍ، لكنه يحتاج إلى عمر، اثنا عشر ألف حديث ليست بالسهلة، جمعتها وتكلمت على بعضها، لكن عجزت عن التكميل، فالكتاب يحتاج إلى فريق يعمل عليه، لاسيما وأن المؤلف يعني أبدع في الكتاب، وجمع وتكلم على كثير من المسائل بكلام لا يوجد عند غيره، لكن معوّله على أحاديث ضعيفة، مجموع هذه الأحاديث في مثل هذا الباب الذي هو التفسير يتساهل فيه الجمهور، فهم يتساهلون في أحاديث التفسير، لكن التفسير بيان لكلام الله -جل وعلا-، وإذا كان القائل بالتفسير برأيه متوعّدًا «فليتبوأ مقعده من النار» كالكذاب على النبي -عليه الصلاة والسلام- فلا بد من أن يُحتاط لتفسير كلام الله -جل وعلا-، نعم لو جاءت بلعله أو كذا تمشي، لكن الجزم بأن هذا مراد الله، ولو اعتمد على حديث ليس بصحيح، ولو اعتمد على حديث ليس بصحيح، ما ينفع لا بد أن يُعتنى بكلام الله.

والزنيم الملصق بالقوم الدعي عن ابن عباس وغيره، قال الشاعر:

زنيم تداعاه الرجال زيادة

 

كما زيد في عِرض الأديم....

عَرض عَرض.

.............................

 

كما زيد في عَرض الأديم الأكارع

وعن ابن عباس أيضًا.

الزنيم الملصَق بالقوم مثل ما قال:

زنيم تداعاه الرجال زيادة

 

..............................

يعني ليس منهم، لكن يريدون أن يتزيدوا به ويتكثروا به، فكل قوم يدّعونه؛ لأنه هجر قومه وتركهم إلى أناس آخرين، فكل يدعيه لاسيما إذا كان متميزًا بشيء إما بكرم أو شجاعة أو ذكاء أو ما أشبه ذلك، كل يريده لكن بعكس ذلك ما يبغى من أجل الخدمة، أما كونهم يتداعونه وكل يقول هذا منا وهذا منا هذا إذا كان متميزًا.

زنيم تداعاه الرجال زيادة

 

كما زيد في عَرض الأديم الأكارع

...........................

 

كما زيد في عرض الأديم الأكارع

الأكارع قدر زائد على الجلد، الكوارع والأكارع قدر زائد على الجلد.

وعن ابن عباس أيضًا أنه رجل من قريش كانت له زنمة كزنمة الشاة، وروي..”

ما الفرق بين الزنمة والزلمة؟

طالب: ....................

هذا الملصق الزنمة الزنيم والزنمة الملصق، لكن الزلمة هذه يقولها أظن الأشوام بكثرة.

طالب: ....................

مثل الزول عند السودانيين.. ماذا تقولون أنتم؟ تستعملونها؟

طالب: ....................

نعم، الإنسان أول ما يسمعها ما يرتاح لها؛ لأنها قريبة من الزنم والزنمة.

طالب: ....................

نعم أقول لقربها في اللفظ والحروف من الزنمة الذي هو الملصق والدعي، يعني ما يُرتاح إليها إلا إذا عُرف أصلها.

وروى عنه ابن جبير أنه الذي يُعرف بالشر كما تُعرف الشاة بزنمتها. وقال عكرمة: هو اللئيم الذي يُعرف بلؤمه كما تُعرف الشاة..”

بالأُبنة، الأُبنة ما هي؟

طالب: ....................

انتهينا من الذي قبله.

طالب: قول عكرمة.

هو اللئيم الذي يعرف.. وقيل: هو الذي يعرف..

طالب: بالأبنة.

نعم خلاص ما هي الذي قبلها..

وقيل: إنه الذي يعرف بالأُبنة، وهو مروي عن ابن عباس أيضًا، وعنه أنه الظلوم.

الأُبنة معروفة؟

طالب: ....................

الأُبنة يعرف بشذوذ، برغبته في أن يعاشَر مثل ما تعاشر النساء، نسأل الله العافية.

وهو مروي عن ابن عباس أيضًا، وعنه أنه الظلوم، فهذه ستة أقوال، وقال مجاهد: زنيم كانت له ستة أصابع في يده في كل إبهام له إصبع زائدة. وعنه أيضًا وسعيد بن المسيِّب وعكرمة: هو ولد الزنا الملحَق في النسب بالقوم، وكان الوليد دعيًّا في قريش ليس من سِنخهم، ادعاه أبوه بعد ثماني عشرة سنة من مولده، قال الشاعر:

زنيم ليس يُعرف من أبوه

 

بغي الأم ذو حسب لئيم

وقال حسان:

وأنت زنيم نيط في آل هاشم

 

كما نيط خلف الراكب القدح الفرد

القدَح.

أحسن الله إليك.

..............................

 

كما نيط خلف الراكب القدَح الفرد

يعلقون القدَح الذي هو الإناء أُنيط علق على الراحلة ومع مع ما يحتاجونه من طعام وأوانٍ وفرش يعلقون القدح بحبل، ويناط خلف الراكب، يعلق خلف الراكب.

قلت: وهذا هو القول الأول بعينه، وعن علي -رضي الله عنه- أنه الذي لا أصل له، والمعنى واحد، ورُوي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يدخل الجنة ولد زنا ولا ولده ولا ولد ولده»، قال عبد الله بن عمر: إن النبي -صلى الله عليه وسلم-...”

وسئل النبي -عليه الصلاة والسلام- عن ولد الزنا فقال: «هو شر الثلاثة» كما جاء في بعض الأخبار، لكن ما ذنبه؟! الذنب ذنب والديه، وأما هو فلا ذنب له. ماذا يقول؟

طالب: ....................

ما هو؟

طالب: ....................

عندك مخرج هذا الذي عندك؟

طالب: ....................

ماذا يقول؟

طالب: ....................

لا يلزم من كونه شر الثلاثة إن صح الخبر مع أن فيه كلامًا لأهل العلم أن يكون شرهم في دينه، وإنما هو في دنياه، أولئك الزاني والزانية قد يستترون ويستر الله عليهم، وتمشي أمورهم، لكن هذا لا يعرف أبوه، ولا يعرف من ينتسب إليه، فيبقى هذا شرًّا عليه في الدنيا، أما في الآخرة فلا ذنب له.

طالب: ....................

وعليكم السلام ورحمة الله..

طالب: ....................

يعني يمكن ما يسمون التخريج الذي..

طالب: ....................

صحيح.

طالب: ....................

ما فيه شك أنهم ما يسمعون وحتى الأسئلة التي تدور والمناقشات التي بيننا وبين الطلاب يشكون منها كثيرًا.

طالب: ....................

على كل حال الحديث الذي ذُكر «لا يدخل الجنة ولد زنا» هذا لا أصل له.

طالب: ....................

يعني إن عمل بعملهم فهو مثلهم، ما يلزم أن يكون شرهم على كل حال هو في الدنيا هو أسوؤهم حالاً في الدنيا، يعني هم قد يستترون يستر الله عليهم وتنسى، أو قد يكشفون وتنسى، لكن هو ما ينسى.

طالب: ....................

يعني الذي يأتي في المستقبل..

طالب: ....................

يعني قضية عين لا تعمم، على كل حال هو ما له ذنب، والفقهاء يقولون وتصح إمامة الجندي وولد الزنا إذا سلم دينهما، لعله في الغالب أنه إلى الشر أقرب؛ لأنه ليس له من يؤدبه ويرعى مصالحه ويلاحظه ويكفه عن شره، يعني قد يوجد مثل هذا.

وقال عبد الله بن عمر: إن النبي -صلى الله عليه وسلم-.”

وأما ما قالوه عن الجندي وأنه تصح إمامته إذا سلم دينه هذا في مجتمعات الجند من القديم، وأنهم الغالب مجتمعاتهم أنهم يتساهلون في كثير من الأمور، وإلا فيوجد الأخيار، ويوجد فيهم من دون ذلك، ويوجد الأشرار كغيرهم، لكن باعتبارهم أكثر أوقاتهم مجتمعين ما هم مثل غيرهم من المدنيين، كل يذهب إلى أهله ويمكث عندهم الوقت الطويل، الجند في الغالب مجتمعون حول بعض، ويتعاونون على ما هم بصدده، وقد يكون اجتماعهم هذا يجرهم إلى أشياء، وإلا فالأصل هم كغيرهم.

وقال عبد الله بن عمر: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن أولاد الزنا يحشرون يوم القيامة في صورة القردة والخنازير».”

أظن هذا كسابقه..

طالب: ....................

كسابقه موضوع لا أصل له.

قالت ميمونة: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: «لا تزال أمتي بخير ما لم يفش فيهم ولد الزنا، فإذا فشا فيهم ولد الزنا أوشك أن يعمهم الله بعقاب» وقال عكرمة: إذا كثر ولد الزنا قحط المطر..”

لأنه دلالة على كثرة الزنا، وإذا فشت الفاحشة في قوم مُنِعوا القطر من السماء، وحلت بهم المصائب والكوارث، نعوذ بالله.

قلت: أما الحديث الأول والثاني، فما أظن لهما سندًا يصح، وأما حديث ميمونة وما قاله عكرمة ففي صحيح مسلم عن زينب بنت جحش زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت: خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- يومًا فزعًا محمرًا وجهه يقول: «لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، فُتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه» وحلّق بإصبعيه الإبهام والتي تليها قالت: فقلت: يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: «نعم إذا كثر الخبث» خرجه البخاري، وكثرة الخبث ظهور الزنا وأولاد الزنا كذا فسره العلماء، وقول عكرمة: قحط المطر تبيين لما يكون به الهلاك، وهذا يحتاج إلى توقيف، وهو أعلم من أين قاله، ومعظم المفسرين على أن هذا نزل في الوليد بن المغيرة، وكان يطعم أهل منى حيسًا ثلاثة أيام، وينادي: ألا لا يوقدن أحد تحت برمة ألا..”

يدخننّ.

ألا لا يدخننّ أحد بكراع، ألا ومن أراد الحيس فليأتِ الوليد بن المغيرة، وكان ينفق في الحجة الواحدة عشرين ألفًا وأكثر، ولا يعطي المسكين درهمًا واحدًا، فقيل: مناع للخير وفيه نزل: {وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة} وقال محمد بن إسحاق: نزلت في الأخنس بن شريق؛ لأنه حليف ملحق في بني زهرة، فلذلك سُمي زنيمًا، وقال ابن عباس: في هذه الآية نُعت فلم يعرف حتى قتل فعرف، وكان له زنمة في عنقه معلقة يعرف بها. وقال مرة الهمْداني: إنما ادعاه أبوه بعد ثماني عشرة سنة. قوله تعالى: القلم: ١٤ قرأ أبو جعفر وابن عامر وأبو حيوة والمغيرة والأعرج: آن كان بهمزة واحدة ممدودة على الاستفهام، وقرأ المفضل وأبو بكر وحمزة: أأن كان بهمزتين محققتين، وقرأ الباقون بهمزة واحدة على الخبر، فمن قرأ بهمزة مطولة أو بهمزتين محققتين، فهو استفهام، والمراد به التوبيخ، ويحسن له أن يقف على زنيم، ويبتدئ: أن كان على معنى، ألا إن كان ذا مال وبنين تطيعه، ويجوز أن يكون التقدير: ألئن كان ذا مال وبنين يقول: إذا تتلى عليه آياتنا أساطير الأولين، ويجوز أن يكون التقدير ألئن كان ذا مال وبنين..”

يعني هذا الجزاء، وهذه المجازاة الحسنى بالسيئة الله -جل وعلا- أعطاه المال والبنين ثم يفعل كذا؟! كما جاء في حديث منع الزكاة، منع فلان، ومنع فلان، أما... معروفون الثلاثة؟ منع ابن جميل.. أن كان ما منع ابن جميل إلا أن كان فقيرًا فأغناه الله أن كان فقيرًا فأغناه الله، يعني هذا المقابل، وهذا الرد وهذا شكر هذه النعمة، يغنيه الله فيمنع؟! مثل هذا أن كان ذا مال وبنين، النتيجة أنه يمنع زكاة ماله؟!

ويجوز أن يكون التقدير: ألئن كان ذا مال وبنين يكفر ويستكبر، ودل عليه ما تقدم من الكلام فصار كالمذكور بعد الاستفهام، ومن قرأ: أن كان بغير استفهام فهو مفعول من أجله، والعامل فيه فعل مضمر، والتقدير يكفر لأن كان ذا مال وبنين، ودل على هذا الفعل إذا تتلى عليه..”

نعم في الغالب أنه إذا كان ذا مال وبنين يطغى العلق: ٦ - ٧ في الغالب إلا من وفقه الله -جل وعلا- وصرف هذه النعم فيما يرضي الله.

ولا يعمل في أن تتلى، ولا قال لأن ما بعد إذا لا يعمل فيما قبلها؛ لأن (إذا) تضاف إلى الجمل التي بعدها، ولا يعمل المضاف إليه فيما قبل المضاف، وقال جواب الجزاء، ولا يعمل فيما قبل الجزاء؛ إذ حكم العامل أن يكون قبل المعمول فيه، وحكم الجواب أن يكون بعد الشرط فيصير مقدمًا مؤخرًا في حال، ويجوز أن يكون المعنى: لا تطعه لأن كان ذا يسار وعدد قال ابن الأنباري: ومن قرأ بلا استفهام لم يحسن أن يقف على زنيم؛ لأن المعنى: لأن كان وبأن كان..”

لأنه يكون علة لما قبله أن من قرأه بغير استفهام سواء كان بهمزتين محققتين أو بهمزة ممدودة يكون علة لما قبله، فلا يحسن الوقوف على زنيم.

وبأن كان فأن متعلقة بما قبلها، قال غيره: أن يتعلق بقوله مشّاء بنميم، والتقدير يمشي بنميم لأن كان ذا مال وبنين، وأجاز أبو علي أن يتعلق بعُتل وأساطير الأولين أباطيلهم وترهاتهم وخرافاتهم، وقد تقدم. قوله تعالى: القلم: ١٦ فيه مسألتان الأولى: قوله تعالى: سنسمه قال ابن عباس: معنى سنسمه سنخطمه بالسيف، قال: وقد خُطم الذي نزلت فيه يوم بدر بالسيف، فلم يزل مخطومًا إلى أن مات وقال قتادة..”

صار فيه وسم وعلامة بسبب هذه الضربة، والوسم معروف، كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يسم إبل الصدقة بالكي بالنار؛ لتعرف، وقريب منه في وجود العلامة الوشم بالشين، وهو خرق الجلد وذر بعض الألوان في الجرح، فيبني عليه الجرح فيستمر، فيكون موشومًا، وذاك موسوم، هذا كي بالنار، وهذا بلون بعد الجرح.

وقال قتادة: سنسمه يوم القيامة على أنفسه سمة يُعرف بها يقال: وسمته وسْمًا وسِمَة إذا أثَّرت فيه بسمة وكي، وقد قال تعالى: ﯛﯜ آل عمران: ١٠٦ فهذه علامة ظاهرة، قال تعالى: طه: ١٠٢ وهذه علامة أخرى ظاهرة، فأفادت هذه الآية علامة ثالثة وهي الوسم على الأنف بالنار، وهذا كقوله تعالى: الرحمن: ٤١ قاله الكلبي وغيره، وقال أبو العالية ومجاهد: القلم: ١٦ أي على أنفه ونسود وجهه في الآخرة، فيعرف بسواد الوجه، والخرطوم الأنف من الإنسان ومن السباع، وفي الإنسان موضع الشفة، وخراطيم القوم ساداتهم، قال الفراء..”

لأنها تتقدمهم بمنزلة السيد يتقدم غيره، والخرطوم الأنف يتقدم صاحبه، وكان قبيلة أو عشيرة يُعيَّرون بأنهم بنو أنف الناقة، هذا لقبهم، فيُعيَّرون بذلك، ولا يُزوَّج أولاده،م ولا تُزوَّج بناتهم وتضايقوا، ثم دعوا شاعرًا لعله الحُطَيئَة المعروف بالهجاء، فأكرموه وقالوا: ودنا تشوف حل لهذا اللقب الذي تضررنا بسببه، لما أكرموه قال:

قوم هم الأنف والأذناب غيرهم

 

ومن يسوي بأنف الناقة الذنبا

تتابع الناس عليهم، وحطموهم بالخِطبة، وشرفوا بهذا البيت، وتقدموا على الناس بهذا البيت، ولذا الشاعر عليه أن يتقي الله -جل وعلا-؛ لأنه مؤثِّر، فيستعمل شعره في نصر الدين، ويترك عنه سفاسف الأمور والتكسب والأكل بالشعر، هذه حال كثير من الشعراء، ومنهم من سخَّر نفسه وجاهد بلسانه ونفع الله به.

طالب: ....................

زرق العيون قبح هذا، والمقصود زرق الوجوه والعيون أعم.

وللبخيل على أمواله علل

 

زرق العيون لها أوجه سود

فإن كان المراد سواد الوجه مع زرقة العيون يجتمع الأمران أشد.

قال الفراء: وإن كان الخرطوم قد خص بالسمة فإنه في معنى الوجه؛ لأن بعض الشيء يُعبَّر به عن الكل. وقال الطبري: يبين أمره تبيينًا واضحًا حتى يعرفوه فلا يخفى عليهم، كما لا تخفى السمة على الخراطيم. وقيل: المعنى سنلحق به عارًا وسبة حتى يكون كمن وُسم على أنفه. قال القُتبي: تقول العرب للرجل يُسب سبة سوء قبيحة باقية: قد وُسم ميسم سوء أي ألصق به عار لا يفارقه، كما أن السمة لا يُمحى أثرها.”

لا يمكن أن تمحى، إذ الوسم لا يمكن محيه لا يمكن محوه؛ لأنه بالنار، كي بالنار، تشوفون الإبل كيف توسم من أجل ألا تختلط بغيرها، وقد وسم النبي -عليه الصلاة والسلام- إبل الصدقة، لكن ماذا يصنعون إذا أرادوا تغطية الوسم وإخفاءه، وهذا استعمله بعضهم فيما إذا حصل حادث بسبب دابته؛ لأن على أهل المواشي أن يحفظوها بالليل، فإذا أُرسلت بالليل وصار بسببها حادث ومات أناس، بادر بعضهم بقطع الوسم يسلخون الموضع الذي فيه الوسم ثم ما تعرف.

طالب: ....................

المقصود.. لا اللوحة سهلة تُرفع بسرعة، لكن هذي الذي يا الله بسكين، وفي هذا التغيير إضاعة للحق، فهو مثل تغيير منار الأرض، نسأل الله العافية.

قال جرير:

لما وضعت على الفرزدق مِيسَمي

 

وعلى البعيث جدعت أنفَ الأخطل

أراد به الهجاء، قال: وهذا كله نزل في الوليد بن المغيرة، فلا نعلم أن الله تعالى بلغ من ذكر عيوب أحد ما بلغه منه، فألحق به عارًا لا يفارقه في الدنيا والآخرة كالوسم على الخرطوم، وقيل..”

لشدة عدائه للنبي -عليه الصلاة والسلام- وإيذائه له فصلت: ٤٦.

وقيل: هو ما ابتلاه الله به في الدنيا في نفسه وماله وأهله من سوء وذل وصغار، قاله ابن بحر، واستشهد بقول الأعشى:

فدعها وما يغنيك واعمد لغيرها

 

بشعرك واعلب أنف من أنت واسم

وقال النضر بن شميل: المعنى..”

يعني أثّر زد في الوسم حتى يكون أبلغ.

وقال النضر بن شميل: المعنى سنحدّه على شرب الخمر، والخرطوم: الخمر، وجمعه خراطيم.”

سنَحُدّه، فرق بين حَدّ وأحدّ سنحده يعني نقيم عليه الحد على شرب الخمر، وسنُحِدّه معناه قريب من نضطره إلى شرب الخمر.

والخرطوم الخمر، وجمعه خراطيم، وقال الشاعر:

تظل يومك في لهوٍ وفي طربِ

 

وأنت بالليل شراب الخراطيم

قال الراجز:

...........................

 

صهباء خرطومًا عقارًا قرقفًا

وقال آخر:

أبا حاضن من يزن يعرف زناؤه

 

ومن يشرب الخرطوم يصبح مسكرًا

الثانية: قال ابن العربي: كان الوسم في الوجه لذي المعصية قديمًا عند الناس حتى إنه روي كما تقدم أن اليهود لما أهملوا رجم الزاني اعتاضوا منه بالضرب وتحميم الوجه، وهذا وضع باطل، ومن الوسم الصحيح في الوجه ما رأى العلماء من تسويد وجه شاهد الزور علامة على قبح المعصية وتشديدًا لمن يتعاطاها لغيره.”

لكن فرق بين الوسم الذي هو الكي بالنار وبين تسويد الوجه الذي هو بلون فقط، يزول مع الإزالة، ما رأى العلماء من تسويد وجه شاهد الزور هذا اجتهاد إذا رأى الوالي المصلحة في ذلك فقد يسوغ له ذلك.

علامة على قبح المعصية وتشديدًا لمن يتعاطاها لغيره ممن يرجى تجنبه بما يرجى من عقوبة شاهد الزور وشهرته، فقد كان عزيزًا بقول الحق، وقد صار مهينًا بالمعصية، وأعظم الإهانة إهانة الوجه، وكذلك كانت الاستهانة به في طاعة الله سببًا لحياة الأبد والتحريم..”

سببًا.. ماذا عندك؟

طالب: ....................

ما أدري والله..

طالب: يمكن في الهامش يقول......

لحياة الأبد يقول: وقد كان عزيزًا بقول الحق، وصار مهينًا بالمعصية، وأعظم الإهانة إهانة الوجه، وكذلك كانت الاستهانة به في طاعة الله سببًا..

طالب: ....................

استهان في طاعة الله!!

طالب: ....................

من الحَيْرَة يمكن والتحريم له على النار، وكذلك كانت الاستهانة به في طاعة الله سببًا.. الاستهانة في طاعة الله.

طالب: ....................

وكذلك كانت الاستهانة به يعني إهانة الوجه في طاعة الله.

طالب: ....................

ما ضيّع هذا استهان بوجهه وعفره بالتراب من أجل الله -جل وعلا-.

طالب: ....................

نعم لخيرة الأبد.

وكذلك كانت الاستهانة به في طاعة الله سببًا لخيرة الأبد، والتحريم له على النار، فإن الله تعالى قد حرّم على النار أن تأكل من ابن آدم أثر السجود حسب ما ثبت في الصحيح.”

الكلام على الجنة أو أصحاب الجنة متواصل وطويل، ما أدري نبدأ به أم نؤجله؟ نؤجله حتى يصير مترابطًا.

اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه...

"