شرح الموطأ - كتاب العقول (8)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم.

أحسن الله إليك

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا حي يا قيوم.

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في الغيلة والسحر

وحدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- قتل نفراً خمسة أو سبعة برجل واحد قتلوه قتل غيلة.

وقال عمر -رضي الله عنه-: لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعاً.

وحدثني يحيى عن مالك عن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة أنه بلغه أن حفصة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- ورضي الله تعالى عنها- قتلت جارية لها سحرتها، وقد كانت دبرتها، فأمرت بها فقتلت.

قال مالك -رحمه الله-: الساحر الذي يعمل السحر ولم يعمل ذلك له غيره هو مثل الذي قال الله -تبارك وتعالى- في كتابه: {وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ} [(102) سورة البقرة] فأرى أن يقتل ذلك إذا عمل ذلك هو نفسه.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في الغيلة والسحر

الغيلة: يعني قتل الغيلة، وهي الخديعة والسر، بأن يستدرجه إلى مكان بحيث يخفى أمره على غيره فيقتله، ومنهم من يقول: إن الغيلة الذي لا شبهة في كونه عمداً، على كل حال الغيلة ظاهرها أنها ما كان خفية، ومنه الغيلة التي تكون بسبب وطء الحامل المرضع...، بسبب وطء المرضع؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((أردت أن أنهى عن الغيلة فإذا فارس والروم يغيلون فلا يضرهم)) لأن الولد الرضيع يتضرر بالحمل لا سيما في بلاد العرب، وأما في بلاد فارس والروم فإنهم لا يتضررون، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- أراد أن ينهى عن هذه الغيلة ظناً أن الناس كلهم يتضررون، ولما كان الدين للعالمين للناس أجمعين فالحكم للغالب، فنسبة العرب بالنسبة لغيرهم أقل من غيرهم، فإذا كان الغالب لا يتضرر فإنه لا يحكم بالمنع من أجل تضرر البعض، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- أراد أن ينهى عن الغيلة، ظناً منه أن الناس كلهم يتضررون، فلما تبين له أن أكثر الناس لا يتضررون عدل عن هذا النهي، ويبقى أنه في حق من يتضرر ممنوع؛ لأن الضرر يجب رفعه، فلا ضرر ولا ضرار.

يقول: "وحدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب قتل نفراً خمسة أو سبعة برجل واحد قتلوه قتل غيلة، قال عمر: لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعاً" يعني قتل الجماعة بالواحد مذهب جمهور أهل العلم أنه لو اشترك مجموعة، وكل واحد منهم صار سبباً في موته، لا شك أنهم يقتلون به، وخبر عمر -رضي الله عنه- تلقاه العلماء بالقبول، وعملوا به، وأفتوا بموجبه "لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعاً" يعني لو أن بعضهم لا يستقل بقتله إلا بمساعدة فلان أو فلان أو فلان كلهم قتله، يقتلون به.

قالوا: "وحدثني يحيى عن مالك عن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة أنه بلغه أن حفصة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- قتلت جارية لها سحرتها" السحر -نسأل الله العافية- كفر، وعقد ورقى شيطانية وأدخنة وأبخرة يستعملها السحرة بعد أن يشركوا بالله -جل وعلا-، وأن يقربوا لشياطينهم ما يخرجون به من الدين، ثم بعد ذلك يحصل منهم ما يحصل من أثر هذا السحر، من التفريق بين المرء وزوجه، ومن الضرر الحسي والمعنوي للمسحور، وكل هذا بإذن الله -جل وعلا- وإرادته، لكن هذه أسباب محرمة إجماعاً، وكفر بالله -جل وعلا- كما دل عليه قوله -جل وعلا-: {وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ} [(102) سورة البقرة] {حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ} [(102) سورة البقرة] والأئمة كلهم على أن السحر كفر، منهم من يقول: إن مجرد تعلم السحر من غير فعل له، من غير أن يسحر به أنه لا يكفر، وإن كان مرتكباً كبيرة من كبائر الذنوب، وعظيمة من العظائم، وموبقة من الموبقات، لكنه إذا كفر بسحره، وقدم للشياطين ما يخرج به من الملة هذا حينئذٍ يكفر، هذا لا يحتاج إلى كلام، لو قدم إليهم بغير سحر كفر إجماعاً، فالذي يدعو غير الله -جل وعلا- أو يقرب يتقرب إلى غير الله -جل وعلا- بشيء من العبادات هذا يكفر، ما يحتاج إلى أن يكون بسحر أو غيره، لكن عامة أهل العلم على أن الساحر كافر، وأنه يقتل، وقد قتل الصحابة وعمر بن عبد العزيز السحرة، ومنهم حفصة في الخبر الذي معنا.

"قتلت جارية لها سحرتها، وكانت قد دبرتها" يعني أوصت بعتقها بعد موتها، عن دبر حياتها "فأمرت بها فقتلت" نعم؟

طالب:.......

تعلم السحر لا شك أنه من الموبقات، ولا يتم هذا إلا بالشرك، نعم؟

طالب:.......

يقرأ في الكتب، ويقرأ أيضاً ما يشرك به، لكن الآن ما يحتاج إلى أن يقرأ، هنا قنوات تبث السحر، وتعلم الناس السحر، يقول: أنا لا أتلفظ ولا أقرأ، جاهل، نقول: لا أنت تقرأ ما في الشاشة أنت، أنت تقرأ ما في الشاشة، فلا يجوز لك أن تتطلع على هذه الشاشات بحال، والأمر جد خطير؛ لأنه مناقض لرأس المال للتوحيد -نسأل الله السلامة والعافية-، نعم؟

طالب:.......

أما إذا صدق هذا ما فيه إشكال، فقد كفر بما أنزل على محمد، هذا ما فيه إشكال، لكن إذا كان مجرد إطلاع يقول: أنا أريد أن أطلع، نقول: هذا إطلاع على محرم من غير نية الإنكار، أما إذا كان يطلع عليه لينكر ويرد وينقض هذا مأجور -إن شاء الله-، إذا كان أهلاً لذلك.

طالب:.......

هذا إذا جاء إلى الكاهن ولو لم يصدقه لم تقبل له صلاة.

طالب: يقعد عندهم ويسمعهم ويشوف، ويقول: أنا ما أصدق، لكن يسمع، وقد يتأثر يوماً ما، ويحصل في نفسه...

لا المسألة مسألة عظيمة، موبقة من الموبقات، ولذلك النظر في هذه الأمور، والتساهل فيها أمره عظيم جداً، نعم؟

طالب:.......

لا إذا دعا غير الله -جل وعلا-، وتقرب إلى غير الله -جل وعلا- بذبح أو ما شابه يُكفر، الكفر ما هو على هوى على أشخاص، إذا أرتكب هذا المكفر متعمداً عارفاً بحكمه غير جاهل به لا بد أن يكفر، فالساحر كافر.

"قال مالك: الساحر"...

"أمرت بها فقتلت" يعني ما نفذت القتل بيدها، إنما قالت: اقتلوها، فقتلت، والآمر بالقتل هو القاتل.

طالب: لكن القصد -أحسن الله إليك- هل هو مرده إلى الشخص أم مرده إلى ولي الأمر؟

بالنسبة للعبيد والأرقاء مردهم إلى مالكهم، نعم ((إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحد، ولا يثرب عليها)) أما بالنسبة للأحرار فمردهم إلى ولي الأمر.

طالب:.......

والله الأصل أنه مثله كما يقرر أهل العلم أنه لا يعرف مدى صحة توبته ولذلك لا يستتاب؛ لأن الفائدة المرتبة على الاستتابة لا يمكن الإطلاع عليها، فأمره خفي خفاء في خفاء، فلا يمكن الإطلاع عليها، لكن لو تاب من نفسه قبل أن يستتاب، وحسنت توبته، وصلح أمره، وشهد له الناس بالخير، ولم يعد إلى ذلك ما فيه إشكال -إن شاء الله تعالى-، نعم؟

طالب: الساحر مرتد؟

نعم هو مرتد، هو كافر نعم.

"قال مالك: الساحر الذي يعمل السحر ولم يعمل ذلك له غيره هو مثل الذي قال الله -تبارك وتعالى- في كتابه: {وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ} [(102) سورة البقرة] فأرى أن يقتل ذلك" لأن عندك السحرة مراتب ودرجات وطبقات، قد لا يستطيع هذا الساحر أن يسحر فلاناً، فيذهب إلى من فوقه في المرتبة، وقد يوصي هذا الشخص الذي أراد السحر منه أن يذهب إلى فلان بالبلد الفلاني، فهل مراد الإمام مالك أن الساحر الذي يعمل السحر ولم يعمل ذلك غيره يعني أن الساحر الواسطة، هما سحرة كلهم، نفترض أنهم عشرة كل واحد فوق الثاني، وكل واحد شر من الثاني، فجاء إلى الساحر، وحصل قضايا يذهب إلى ساحر مثلاً في بلد، ثم يقول: اذهب إلى البلد الفلاني فهناك ساحر يعني شر منه، أمهر منه على حد زعمه، فهل نقول: إن هذا الوسيط لا يكفر مع أنه مرتكب للسحر، ويقرب، ويفعل مع غير هذا الشخص؟ كلهم كفار نسأل الله السلامة والعافية، وليس معنى هذا أن الساحر الذي يعمل السحر ولم يعمل ذلك له غيره، يعني مراد الإمام مالك أن الساحر الذي عمل السحر لا المسحور، وإن ذهب إلى..، أو لا الشخص الذي يذهب إلى الساحر ليسحر غيره؛ لأن عندنا ساحر ومسحور وواسطة بينهما، فمثلاً شخص تعجبه امرأة فيخطبها فترفض، فيذهب إلى ساحر فيقول: أنا أريد البنت الفلانية ورفضت، قال: أبداً، اعتبرها عندك، أمهلنا أسبوع وهذه حصلت، أمهله أسبوع فجاء إليه قال: عجزت، انتظر أسبوع ثاني، ثم لما جاء الأسبوع الثاني، قال: عجزت، انتظرني ثالث، ثم بعد ذلك عجز في النهاية، وذهبوا الشياطين الذين أرادهم لهذه البنت لأخت الواسطة، عجزوا عن هذه، والسبب أنها ملازمة للأذكار في وقتها، وهذه مسألة واقعية بلا إشكال، يعني سئلنا عنها، ومثل هذه الأمور تجعل تعلق الإنسان بربه -جل وعلا-، ولا يلتفت إلى غيره، ولن يضره أحد، لا يستطيع أحد أن يوصل إليه أي ضرر إلا من قبله هو، إذا حصل الخلل من قبله، فمراد الإمام مالك الساحر الذي عقد العقد لا الواسطة بينهما، هو الساحر الذي يجب أن يقتل، لكن ماذا عن الواسطة؟ هذا الذي طلب السحر ليحصل لفلان يقتل وإلا ما يقتل؟

طالب: مثل الغيلة إذا كان يقتل بالواحد مائة يقتل في السحر، أشر من القتل، هذا فساد دين ودنيا.

هو ما في شك الأمر عظيم، نعم؟

طالب:.......

أيهما المباشر وأيهما المتسبب؟ الذي عقد العقد وسحر بنفسه، الذي يقصده الإمام مالك، والمتسبب؟ نعم؟

طالب:.......

طيب الآن المباشرة تقضي على أثر التسبب أو نقول: إنه مثل الذي أمسك للقاتل؟

طالب:.......

إيه إذا أشرك انتهى، إذا أشرك بنفسه انتهى.

طالب:..... يقول: أنا.....

هو الذي ينقلها إيه.

طالب:.......

نعم؟

طالب:.......

تمالئوا على سحره، لكن الرجل ما مات، الساحر كفر بسحره فيقتل حداً، حد كفر ما فيه إشكال، ردة، والواسطة؟ نعم؟

طالب:.......

حكمه ومسألة التحريم, وكونه لا تقبل له صلاة، وكفر بما أنزل على محمد، وهل هو كفر دون كفر؟ أو كفر أكبر مخرج عن الملة؟ لا سيما إذا قدم شيء إلى هذا الساحر؛ لأنهم لا يخدمونه مجاناً، لا يخدمونه إلا أن يقدم لهم شيء، لكن قد يقدم لهم من مال، ما يقدم لهم شرك، أولاً: من لازم هذا الفعل التصديق؛ لأنه لو لم يصدقه ما ذهب إليه، ولا دفع إليه المال، فهو مصدق له بلا شك، فالكفر حاصل له، ولو لم يقرب؛ لأنه صدقه، هل يمكن أن يذهب ويدفع إليه الأموال وهو مكذب له؟ ما يمكن، إذا تضرر بسببه أحد لا بد أن يؤاخذ به؛ لأنه ما تمالئ عليه، الإمام مالك يرى أن القتل هو خاص بالساحر، ولو لم يحصل منه تعدي على غيره، يعني عُرف أن هذا ساحر، وأنه يتعامل مع الشياطين، ويقدم لهم، ويشرك معهم، هذا يقتل ولو لم يضر أحد؛ لأنه ساحر، أما إذا تضرر أحد بسحره فيعاقب هو ومن تسبب في هذا الضرر، فإذا كان الرائش ملعون كلعن المرتشي والراشي، فالمتسبب في هذا السحر لا شك أنه أمره عظيم، فما يلحق من الضرر بالنسبة للمسحور يتحمل تبعته، والساحر حده القتل على كل حال.

طالب:.......

إيه، لكنه صدقه، يبي يدفع قروش، وهو ما..، يبي يدفع المقابل وهو ما صدق؟!

طالب:.......

صدقه بأنه يضر هذا المسحور.

طالب:.......

المهم أنه صدقه، هذا تصديق، ولذلك هذا الموضوع في غاية من الخطورة، وحصلت بسببه كوارث، كوارث حصلت بسببه، نسأل الله السلامة والعافية، وأمر السحر والسحرة يزيد ويستشري بين المسلمين، والتساهل في مثل هذا الباب لا شك أنه زلة عظيمة وهفوة؛ لأن ضررها ليس بالأمر اليسير والهين، يعني امرأة مسكينة صينة دينة، تُجلب إلى بيت دعارة بسبب السحر، نسأل الله السلامة، صوامة قوامة بسبب هذا، أمر خطير جداً، قد تفتن في دينها، قد تكفر بسبب هذا.

طالب:.......

ومثله أيضاً، مثله نعم، يعني هذا تصديق للسحرة، إذا ذهبت لساحر ليحل عنك السحر فأنت مصدق له، أنت مصدق له، والله المستعان، نعم؟

طالب:.......

ما دام قصد هذه القناة، وفتح عليها قاصداً لها، ويعرف رقمها، هذا ذاهب إليها، لكن لو كان مثلاً شخص نسأل الله العافية مبتلى بقنوات كثيرة، ويبحث عن أخبار، ويبحث عن كذا، فوقع عليها عليه لزاماً أن ينصرف مباشرة كنظرة الفجأة، نعم؟

طالب:.......

على كل حال لو قال: إنه وقع عليها من غير قصد.

طالب:.......

لكن هل يستطيع أن يحذفها قبل أن يعلم بها؟

طالب:.......

هذا قلنا: إنه حكمه حكم نظر الفجأة، ينصرف عنه مباشرة، نسأل الله السلامة والعافية.

طالب:.......

وش هو؟

طالب:.......

المسحور إذا غلب على عقله بحيث لا يستطيع أن يتصرف تصرف العقلاء فإنه يرفع عنه التكليف، كثيراً ما يسأل أن امرأة مسحورة، وفيها جن مثلاً، وأن من الجن ممن فيها قد لا يمكنها من الصلاة مثلاً، أو من الصيام، يفطرها قهراً عنها، أو يهددها بفعل الفاحشة فيها مثلاً، إن صامت أو صلت، هذه أمور عظائم، يعني أمور لا يحتملها البشر، لكن نسأل الله السلامة والعافية، الأمر خطير جداً، فعلى من ولاه الله -جل وعلا- أمر المسلمين أن يهتم لهذا الأمر، وهذا من أعظم المنكرات التي من أجلها وجبت الولايات وفرضت، فرض الخليفة لأي شيء؟ فرضت الإمامة لأي شيء؟ لمثل هذه الأمور، للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والقيام بالدين، وهذا منه، بل من أعظم الأمور هذا، نعم؟

طالب:.......

على كل حال بالنسبة ما يعرض على القضاة لهم رأيهم ونظرهم من خلال القضايا التي تردهم، قد يكون فيه ما فيه، ما يمنع من الحكم بالقتل، وقد يكون، هذا لهم اجتهادهم ولهم تأويلهم، لكن على القضاة أن يتقوا الله -جل وعلا-، أن لا يتساهلوا في هذا الأمر؛ لأنه خطير جداً، يعني شوف رأينا الآثار، رأينا الآثار شخص من خيار الناس يقف في منتصف الطريق بين بلدتين متباعدتين ليقتل أولاده بالسكين؛ لأنه مسحور، نسأل العافية، يضجعه مثل ما يضجع الشاة، نعم؟

طالب:.......

وش هي؟

طالب:.......

نعم ((من تصبح)) يعني عندنا مطلق وعندنا مقيد، وحمل المطلق على المقيد معروف عند أهل العلم، لكن منهم من يقول: إنه ليس من باب الإطلاق والتقييد، أنه من باب العموم والخصوص، ومقتضى ذلك أن التنصيص على بعض أفراد العام لا يقتضي التخصيص، التنصيص على بعض أفراد العام بحكم موافق لا يقتضي التخصيص، على كل حال يحرص الإنسان على العجوة, ومن العالية، من المدينة، إن تيسرت وإلا فغيرها يرجى -إن شاء الله تعالى- أن يقوم مقامه.

{وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ} [(102) سورة البقرة] ما له نصيب في الآخرة، ليس له أدنى نصيب في الآخرة "فأرى أن يقتل ذلك إذا عمل ذلك هو نفسه" يعني هو الذي باشر السحر.

نعم.

أحسن الله إليك.

باب: ما يجب في العمد

وحدثني يحيى عن مالك عن عمر بن حسين مولى عائشة بنت قدامة أن عبد الملك بن مروان أقاد ولي رجل من رجل قتله بعصا، فقتله وليه بعصا.

قال مالك -رحمه الله-: والأمر المجتمع عليه الذي لا اختلاف فيه عندنا أن الرجل إذا ضرب الرجل بعصا أو رماه بحجر أو ضربه عمداً فمات من ذلك، فإن ذلك هو العمد، وفيه القصاص.

قال مالك: فقتل العمد عندنا أن يعمد الرجل إلى الرجل فيضربه حتى تفيض نفسه، ومن العمد أيضاً أن يضرب الرجل الرجل في النائرة تكون بينهما، ثم ينصرف عنه، وهو حي فينزى في ضربه فيموت، فتكون في ذلك القسامة.

قال مالك: الأمر عندنا أنه يقتل في العمد الرجال الأحرار بالرجل الحر الواحد، والنساء بالمرأة كذلك، والعبيد بالعبد كذلك.

يقول -رحمه الله تعالى-:

ما يجب في العمد

عرفنا سابقاً أن القتل ثلاثة أنواع، عمد وشبه عمد وخطأ، وأن الإمام مالك عنده العمد والخطأ، وشبه العمد يدخل في العمد، وهو في الحقيقة عمد؛ لأنه قاصد للضرر، لكنه قاصد للضرر بما لا يقتل غالباً، فبالنظر إلى الآلة الآلة لا تقتل، عصا صغيرة ضربه بها فمات، هذا شبه عمد عند الجمهور، لكنه قاصد للضرر عند مالك فدخل في العمد.

وهنا يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن عمر بن حسين مولى عائشة بنت قدامة أن عبد الملك بن مروان أقاد ولي رجل من رجل قتله بعصا، فقتله وليه بعصا" يعني مماثلة، قتله بعصا، هل المراد به ضربه مرة واحدة بعصا فمات، والعصا مما لا يقتل فيكون مؤيداً لقول مالك؟ أو أنه قتله بعصا غليظة تقتل غالباً إذا ضربه من بعض المواضع؟ أو أنه كرر عليه الضرب بهذا العصا حتى مات؟ فيكون بالفعل عمد حتى عند الأكثر، حتى عند الجمهور إذا كرر عليه الضرب بآلة لا تقتل بمرة واحدة، فإنه يكون عمد، فقتله وليه بعصا، وعلى كل حال يمكن حمله على وجه يصح عند الجمهور، إذا كرر الضرب حتى مات، أو تكون العصا غليظة بحيث تقتل غالباً، وأما عند مالك فلا إشكال أنه لو ضربه بعصا لا تقتل غالباً فمات فإن هذا عمد، ويحصل أحياناً أن تكون المنية دنت والآلة لا تقتل، كما حصل لمعلم ضرب طالباً بالقلم مع أصابعه فمات، هل هذا نستطيع أن نقول: إنه عمد؟ هل تعمد قتله؟ ضربه، هو تعمد الضرر، لكن ما تعمد الموت، هذا شبه عمد عند الجمهور؛ لأن الآلة لا تقتل غالباً.

"قال مالك: الأمر المجتمع عليه الذي لا اختلاف فيه عندنا أن الرجل إذا ضرب الرجل بعصا أو رماه بحجر، أو ضربه عمداً فمات من ذلك فإن ذلك هو العمد، وفيه القصاص" افترض أن الحجر صغير لا يقتل غالباً، والرجل الذي رمي بالحجر مريض، تبعه فجرى المتبوع فرماه بحجر صغير لا يقتل غالباً فمات الرجل؛ لأن عنده مرض، قد يكون بالقلب مثلاً، ماذا نقول عن مثل هذا؟ نعم؟ يقتل به وإلا لا يقتل؟ يعني الاعتداء على مثل هذا الرجل المريض كالاعتداء على الصحيح أو لا؟ يعني ما دامت الروح في الجسد، يعني يختلف الحكم بين شخص مريض وبين شخص صحيح؟ الحكم واحد كله، ما دامت الروح في الجسد فالحكم واحد، لكن عند من يقول: إنه شبه عمد، والآلة لا تقتل غالباً يكون شبه عمد ما فيه قصاص، والذي يقول: إنه ما في شيء اسمه شبه عمد يكون قتله عمداً.

"قال مالك: فقتل العمد عندنا هو أن يعمد الرجل إلى الرجل فيضربه حتى تفيض نفسه" حتى تخرج روحه، يعني يكرر عليه الضرب حتى يموت "ومن العمد أيضاً أن يضرب الرجل الرجل في النائرة تكون بينهما" بينهم منافسة، بينهم عداوة، بينهم شحناء، بينهم ضغائن، بينهم أحقاد "ومن العمد أيضاً أن يضرب الرجل الرجل في النائرة تكون بينهما، ثم ينصرف عنه وهو حي فينزى في ضربه" يعني ينزف جرحه "فتكون في ذلك القسامة" القسامة من أجل إيش؟

طالب:.......

هاه؟

طالب:.......

إيه، لكن الآن هل في شك في الضارب والمضروب؟ نعم؟

طالب:.......

هذا إذا جهل الضارب واضح بالنسبة للقسامة مع اللوث، نعم، لكن إذا علم الضارب، نعم، القسامة ما فائدتها حينئذٍ؟

طالب:.......

نعم؟

طالب:.......

انصرف عنه وهو حي فنزف فمات.

طالب:.......

لا ما جهل، لكن ينظر في الموت، هل كان بسبب الجرح أو كان بسبب آخر؟ مثل ما قلنا في المسألة السابقة رجل ضرب فجرح جرح يسير، ثم بعد ذلك أصبح ميتاً، هل مات بسبب هذا الجرح أو مات بسبب آخر؟ وحينئذٍ تكون القسامة، فيحلف هذا أنه ما مات بسبب هذا الجرح، ويحلف أولياء المقتول أنه مات بسببه، لكن هل مثل هذا مرده إلى مثل هذه القسامة، أو مرده إلى التقارير وأهل المعرفة والخبرة؟ فالإمام -رحمه الله تعالى- يقول: "ومن العمد أيضاً أن يضرب الرجل الرجل في النائرة تكون بينهما، ثم ينصرف عنه وهو حي فينزى في ضربه فيموت، فتكون في ذلك القسامة" الحلف يحلف القاتل أنه ما مات بسبب هذا الجرح، ويحلف أولياء المقتول أنه مات بسبب هذا الجرح، يعني هل القسامة التي ستأتي قريباً -إن شاء الله تعالى- شرعت من أجل هذا، أو شرعت حينما يجهل القاتل، الأصل في شرعيتها حينما يجهل القاتل، على ما سيأتي، فإذا جهل القاتل وجد المقتول، وهناك لوث، في عداوة بين فلان وفلان، يستدعى هذا الرجل الذي دلت القرينة على أنه هو القاتل فتحصل القسامة، أما هنا فالمعتدي معروف.

طالب:.......

إيه.

طالب:.......

لكن مثل هذه الأمور حينما يعلم القاتل.

طالب: الآن لا نستطيع أن نجزم بأنه قاتل.

لا أقول: حينما يعلم الجاني، خله جاني أوسع شوي، حينما يعلم الجاني ما فائدة القسامة؟ الجاني مقر بأنه جرحه وهذا الجرح، لكن هل يموت بسبب هذا الجرح أو لا يموت؟ هذا يحتاج إلى خبرة، ولا يحتاج إلى قسامة، نعم؟

طالب: وش معنى ينزى؟

ينزى يعني ينزف، ينزف الجرح.

طالب:.......

لا، فينزى في ضربه.

طالب:.......

عداوة.

طالب:.......

لا النائرة، مأخوذة من النار التي تحرق القلوب.

طالب:.......

لا لا النائرة، مثل ما صرح الشراح أنها مأخوذة من النار التي تحرق القلوب، قلوب بعض الناس على بعض، عداوة، شحناء، بغضاء.

طالب: قد يكون.... وهم كلهم لهم شحناء، أو بينهم شحناء بين هذا وهذا.

إذا ما عرف، إذا ما عرف معروف، وسيأتي لها باب، بعد ورقتين بيجي باب، كتاب القسامة.

طالب: إذا عرف الجاني، أن هذا ضرب، لكن ترك في هذا المكان.....، وفي حي كلهم بينهم عداوة، يعني في الطب يثبت، ممكن أنه يثبت هذا الجرح، لكن إذا كان في ضربات كثيرة.

والله المسألة ما تسلم.

طالب: ينظر إلى.... لكن ما ينظر.....

دعونا من مسألتنا الأولى، وهذه مسألة واقعية، شخص وجد شخصاً عند خبائه يتحرش بالنساء، في البر، فلما جاء ولي أمر هؤلاء النسوة هرب فتبعه هذا وصار يرميه بالحجارة، والرجل مريض بالقلب المتبوع، فسقط ميتاً، هل موته بسبب الحجارة؟ أولاً: هل جنايته توجب قتله أو تجيز قتله؟ لا، أرأيت الرجل يجد مع امرأته رجلاً أيقتله فتقتلونه؟ لا، هذا سد للباب، وإلا ترتب على ذلك شر مستطير، أمور ما تنتهي، هذا ما يوجب القتل، ولا يبيح القتل، تبعه فرجمه بحجر فخر ميتاً، وهناك تقارير تثبت أنه مريض بالقلب، فهل يلتفت إلى هذه التقارير أو يقال: بأنه هو السبب الظاهر الآن؟

طالب:.......

هذه حقوق ليست حدود.

طالب:.......

فيها قصاص، نعم.

طالب:.......

المقصود أن مثل هذه الأمور أمور ينتابها أيضاً أمور أخرى، نعم؟

طالب:.......

إيه.

طالب: القاتل الولد وليست السيارة، يعني توصل إلى العلم إلى......هل الموت بسبب نوبة قلبية..... باعتبار قرائن يستدل بها..... يؤخذ بها...؟

والله ما في شك أن هذه مردها إلى القضاء، والقاضي بوسائله وأعوانه لا شك أنه يصل إلى ما يصل إليه، إن اجتهد فله أجران، وإن أخطأ فله أجر واحد.

"قال مالك: الأمر عندنا أنه يقتل في العمد الرجال الأحرار بالرجل الحر" كما تقدم في الباب الماضي أن الجماعة يقتلون بالواحد، والنساء بالمرأة كذلك، والعبيد بالعبد كذلك، يعني كما مضى في الباب السابق.

سم.

أحسن الله إليك.

باب: القصاص في القتل

حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن مروان بن الحكم كتب إلى معاوية بن أبي سفيان -رضي الله تعالى عنهما- يذكر أنه أتي بسكران قد قتل رجلاً فكتب إليه معاوية -رضي الله تعالى عنه-: أن أقتله به.

قال يحيى: قال مالك: أحسن ما سمعت في تأويل هذه الآية قول الله -تبارك وتعالى-: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ} [(178) سورة البقرة] فهؤلاء الذكور والأنثى بالأنثى أن القصاص يكون بين الإناث كما يكون بين الذكور، والمرأة الحرة تقتل بالمرأة الحرة، كما يقتل الحر بالحر، والأمة تقتل بالأمة، كما يقتل العبد بالعبد، والقصاص يكون بين النساء كما يكون بين الرجال، والقصاص أيضاً يكون بين الرجال والنساء، وذلك أن الله -تبارك وتعالى- قال في كتابه: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [(45) سورة المائدة] فذكر الله -تبارك وتعالى- أن النفس بالنفس، فنفس المرأة الحرة بنفس الرجل الحر، وجرحها بجرحه.

قال مالك في الرجل يمسك الرجل للرجل فيضربه فيموت مكانه إنه إن أمسكه وهو يرى أنه يريد قتله قتلا به جميعاً، وإن أمسكه وهو أنه يرى إنما يريد الضرب مما يضرب به الناس لا يرى أنه عمد لقتله فإنه يقتل القاتل، ويعاقب الممسك أشد العقوبة، ويسجن سنة لأنه أمسكه، ولا يكون عليه القتل.

قال مالك -رحمه الله- في الرجل يقتل الرجل عمداً، أو يفقأ عينه عمداً، فيقتل القاتل أو تفقأ عين الفاقئ قبل أن يقتص منه: إنه ليس عليه دية ولا قصاص، وإنما كان حق الذي قتل أو فقئت عينه في الشيء بالذي ذهب، وإنما ذلك بمنزلة الرجل يقتل الرجل عمداً، ثم يموت القاتل فلا يكون لصاحب الدم إذا مات القاتل شيء، دية ولا غيرها، وذلك لقول الله -تبارك وتعالى-: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ} [(178) سورة البقرة].

قال مالك: فإنما يكون له القصاص على صاحبه الذي قتله، وإذا هلك قاتله الذي قتله فليس له قصاص ولا دية.

قال مالك: ليس بين الحر والعبد قود في شيء من الجراح، والعبد يقتل بالحر إذا قتله عمداً، ولا يقتل الحر بالعبد، وإن قتله عمداً، وهو أحسن ما سمعت.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: القصاص في القتل

"حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن مروان بن الحكم كتب إلى معاوية بن أبي سفيان يذكر أنه قد أتي بسكران قد قتل رجلاً فكتب إليه معاوية: أن أقتله به" هذا قاتل لكنه قتل في حالة لا يعقل فيها التصرف، فهل يدرأ عنه مثل هذا؟ أو نقول: إنه قد يفتح باباً يتذرع به، فيشرب الخمرة وقبل أن تغطي عليه عقله يقتل، ولا شك أنه هو المتسبب لرفع التكليف عنه، ولذا يختلفون في طلاقه عن السكران، منهم من يقول: ما دام هو المتسبب يؤاخذ به، وكذلك سائر تصرفاته، ومنهم من يقول: إنه ما دام ارتفع العقل ارتفع التكليف، ولكن لا شك أن سد الأبواب الموصلة إلى الفوضى والعبث بأموال ودماء وأعراض المسلمين لا بد من أن يحتاط لها، النبي -عليه الصلاة والسلام- لما جيء، أو لما جاء ماعز إليه -عليه الصلاة والسلام- معلناً التوبة، ومبيناً أنه زنى زنا صريح، النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((هل بك من جنون؟)) وسأل عنه، قالوا: لا، ما نعلم إلا أنه وفي العقل، من صالحينا، ثم قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((استنكهوه)) يعني شموه، هل شرب خمر وإلا ما شرب؟ فاستنكهوه، ويريد بذلك أن يدرأ عنه الحد، هل يفعل هذا بجميع الجناة؟ ويجعل هذا أصل لما جاء تائباً منيباً مسلماً نفسه ليطهر مما ارتكبه من حد؟ ويقاس عليه غيره من أهل السوابق والجرائم من المفسدين في الأرض؟ لا يمكن أن يقال بمثل هذا، فمن أراد أن يتشفى أو يقتل أو يفعل ما يريد بغيره يشرب شيئاً من الخمر، ويقال: إنه سكران، قتل وهو سكران، فمثل هذا لا بد أن يقتل به؛ لأنه إنما أتخذ ذلك ذريعة، إلى أن يصل إلى غرضه فيقتل مسلماً، لكن إذا حصل أن هذا صحيح، شرب الخمر، ولا نية له في قتل أحد، ودلت القرائن على ذلك، ثم قتله حال سكره، فتسمعون من القضايا يحصل القتل العمد، ثم يدرأ القصاص؛ بأن هذا عنده مرض نفسي، وعنده تقارير تدل على ذلك، يستفيد وإلا ما يستفيد؟ عنده تقارير تدل على أنه عنده مرض نفسي، يصل به هذا المرض إلى أن يتصرف بغير عقل، ولا شك أن هذا ليس من تسببه، بينما شرب الخمر من تسببه، ولذا قال: "كتب إليه معاوية: أن أقتله به" فهل شرب الخمر يدرأ الحد؟ زوال العقل يدرأ الحد بلا شك، لكن الزوال إن كان هو المتسبب بزواله عقله يختلف عما إذا زال عقله من غير تسبب، وإذا دلت القرائن على أنه إنما شرب ليرتكب هذا المنكر، هذا لا بد أن يؤاخذ به، بلا شك، وإن كان شرب هذه الخمرة التي هي أم الخبائث، ثم بعد ذلك طرأ له بعد زوال عقله ما يقتل به نفساً معصومة، مثل هذا هو محل الاجتهاد.

"قال يحيى: قال مالك: أحسن ما سمعت في تأويل هذه الآية قول الله -تبارك وتعالى-: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ} [(178) سورة البقرة] فهؤلاء الذكور {وَالأُنثَى بِالأُنثَى} [(178) سورة البقرة] أن القصاص يكون بين الإناث كما يكون بين الذكور" يعني مثل المرأة إذا قتلت قتل عمد فإنها تُقتل بمن قتلت، ولا يقال: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- نهى عن قتل النساء والذرية، إنما هذا في الحرب، نعم.

"والمرأة الحرة تقتل كما يقتل الحر بالحر، والأمة تقتل بالأمة" يعني التكافؤ لا إشكال، عند التكافؤ بين القاتل والمقتول لا إشكال "كما يقتل العبد بالعبد، والقصاص يكون بين النساء كما يكون بين الرجال" يعني في النفس والطرف "والقصاص أيضاً يكون بين الرجال والنساء" وفي الآية السابقة: {وَالأُنثَى بِالأُنثَى} {الْحُرُّ بِالْحُرِّ} [(178) سورة البقرة] يعني الرجل الحر بالرجل الحر {وَالأُنثَى بِالأُنثَى} فماذا عن الرجل بالأنثى والأنثى بالرجل؟ هل نقول: ما فيه تكافؤ فلا قصاص؟ أو نقول: فيه تكافؤ لما جاء عن الله -تبارك وتعالى- في كتابه؟ {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [(45) سورة المائدة] والمرأة نفس، والرجل نفس {وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [(45) سورة المائدة] ولم يميز في هذا بين الذكور والنساء؛ لأنها كلها نفس، نعم ميز بينهما في الدية، فهل يميز بينهما في القصاص؟ الجمهور على أن المرأة تقتل بالرجل، والرجل يقتل بالمرأة، فذكر الله -تبارك وتعالى- أن النفس بالنفس، فنفس المرأة الحرة بنفس الرجل الحر، وجرحها بجرحه.

"قال مالك في الرجل يمسك الرجل للرجل فيضربه فيموت مكانه" أنه لا يخلو إما أن يمسكه ليقتله، أو يمسكه ليؤدبه، وهناك صورة ثالثة أن يمسكه ليأخذ حقه، أحياناً يأتي الشخص يريد القتل والممسك يعرف أنه يريد القتل هذا يقتل، أحياناً يقول: هذا اعتدى علي ضربني فأريد أن أضربه فأعني عليه، فيمسكه يريد أن يضربه فقط دون قتل، هذا لا يقتل به، وأحياناً يريد أن يأخذ منه حقه في الظاهر؛ لأنه أحياناً في بعض الظروف لا سيما مع اختلاط الناس، يستغل بعض الظروف فيقول شخص يرفع صوته: الحرامي الحرامي، ثم يتبعونه فيمسكه واحد على أنه سارق، نعم فيقتله، هذا ماذا يسأل؟ الممسك وش عليه ذا؟ نعم؟

هذه صورة ثالثة تختلف عن الصورتين اللتين ذكرهما الإمام، ولذا مثل هذه الفوضى، ومثل هذه الغوغاء لا شك أن الإسلام يحسمها التي يتذرع بها من يريد الفساد، ولذلك المظاهرات والغوغائيات كلها لا قيمة لها في الإسلام، بل لا يقرها؛ لأنه يندس فيها من يريد الفساد، فإذا قيل: الحرامي الحرامي وتبعه الناس ومسكوه، ثم جاء أفرغ فيه رصاصة ومات، هذا يدخل في الصورتين اللتين ذكرهما الإمام؟ لا يدخل أبداً، هذه صورة ثالثة، ولا شيء على الممسك، اللهم إلا إذا وجد ما يدل على كذب هذا المدعي، أو وجد صور نظيرة لهذه الصورة قد تقدمتها، يعني أول مسألة يصدقها الناس، لكن إذا حصلت هذه ووجد هذه القضية ألا يتحفظ الناس من مثل هذا التصرف؟ لا شك أنهم يحتاطون، فإذا أمسك وقتله كالصورة السابقة لا شك أنه عليه شيء من المؤاخذة، يقول: "إنه إن أمسكه وهو يرى أنه يريد قتله قُتل به جميعاً، وإن أمسكه وهو يرى إنه إنما يريد الضرب مما يضرب به الناس لا يرى أنه عمد لقتله، فإنه يقتل القاتل، ويعاقب الممسك أشد العقوبة، ويسجن سنة؛ لأنه أمسكه، ولا يكون عليه القتل" لكن لو هو بالفعل سارق، هذا سارق، مر محل من المحلات، وأخذ شيئاً ثميناً وهرب به، فلحقه صاحب المحل، وأعانه شخص آخر أسرع منه، وأقوى فأمسكه، هذا ما اكتفى بأخذ ما أخذه وإنما قتله، هذا الممسك لا شيء عليه؛ لأنه إنما أمسكه ليؤخذ منه هذه الظلامة التي ارتكبها.

"قال مالك في الرجل يقتل الرجل عمداً، أو يفقأ عينه عمداً فيقتل القاتل أو تفقئ عين الفاقئ قبل أن يقتص منه: إنه ليس عليه دية ولا قصاص" "فالرجل يقتل الرجل عمداً، أو يفقأ عينه عمداً فيقتل القاتل" قتل زيد فتبعه عمرو فقتله، جاء أولياء المقتول قالوا: ما وصلنا لنا شيء، قتل صاحبنا، قتل أبانا، قتل أخانا، إحنا ما لنا دعوة كونه..، أو قتله فهرب فدهس، أو وقع في بئر، يقولون: ما وصلنا شيء إحنا، وما دام فاتت النفس نريد الدية، لهم شيء وإلا ما لهم شيء؟ يقول الإمام: ليس لهم شيء "فيقتل القاتل، أو تفقأ عين الفاقئ قبل أن يقتص منه: إنه ليس عليه دية ولا قصاص، وإنما كان حق الذي قتل أو فقئت عينه في الشيء بالذي ذهب" طيب، شخص سافر بآخر فحصل حادث بالسيارة مات الراكب، وبعد يوم مات السائق، هل يقال: إن دية الراكب تلزم في مال السائق؟ أو نقول: مات ولا يلزم شيء؟ افترض أن هذا مات فوراً، والسائق ذهب به إلى المستشفى فمات "فيقتل القاتل، أو تفقأ عين الفاقئ قبل أن يقتص: إنه ليس عليه دية ولا قصاص" هذا يختص بالعمد أو يشمل جميع أنواع القتل؟ الإمام نص على العمد، وإنما كان حق الذي قتل أو فقئت عينه في الشيء بالذي ذهب إنما ذلك بمنزلة الرجل يقتل الرجل عمداً ثم يموت القاتل، إذا مات ما فيه إشكال، فلا يكون لصاحب الدم إذا مات القاتل شيء دية ولا غيرها، وذلك لقول الله -تبارك وتعالى-: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ} [(178) سورة البقرة] "فإنما يكون له القصاص على صاحبه الذي قتله، وإذا هلك قاتله الذي قتله فليس له قصاص ولا دية" لأن الحق تعلق بالنفس، ما تعلق بالمال، الحق إنما تعلق بالنفس وذهبت النفس، ما تعلق بالمال، وفي قتل شبه العمد وفي الخطأ تعلقه بالمال، والدية على العاقلة، فتؤخذ ديته من عاقلة القاتل.

"قال مالك: ليس بين الحر والعبد قود في شيء من الجراح" إنما فيه القيمة إذا قتل، أو الأرش إذا جرح، "والعبد يقتل بالحر" لأنه كفاءة وزيادة "إذا قتله عمداً، ولا يقتل الحر بالعبد وإن قتله عمداً"، "وهو أحسن ما سمعت" لعدم التكافؤ.

نعم.

أحسن الله إليك.

باب: العفو في قتل العمد

حدثني يحيى عن مالك أنه أدرك من يرضى من أهل العلم يقولون في الرجل إذا أوصى أن يُعفى عن قاتله إذا قتل عمداً: إن ذلك جائز له، وأنه أولى بدمه من غيره من أوليائه من بعده.

قال مالك في الرجل يعفو عن قتل العمد بعد أن يستحقه ويجب له: إنه ليس على القاتل عقل يلزمه إلا أن يكون الذي عفا عنه اشترط ذلك عند العفو عنه.

قال مالك في القاتل عمداً إذا عفي عنه أنه يجلد مائة جلدة، ويسجن سنة.

قال مالك: وإذا قتل الرجل عمداً فقامت على ذلك البينة، وللمقتول بنون وبنات، فعفا البنون، وأبى البنات أن يعفون، فعفو البنين جائز على البنات، ولا أمر للبنات مع البنين في القيام بالدم والعفو عنه.

يقول -رحمه الله تعالى-:

باب: العفو في قتل العمد

نعرف أن قتل العمد فيه القصاص، فإذا عدل أولياء المقتول عن القصاص إلى الدية فرفض القاتل، يقول: أنا ما عندي دية، تقتلون أقتلوا، لهم أن يلزموه بدفع الدية أو ليس لهم؟

يقول -رحمه الله تعالى-: "حدثني يحيى عن مالك أنه أدرك من يرضى من أهل العلم يقولون في الرجل إذا أوصى أن يعفى عن قاتله إذا قتل عمداً: إن ذلك جائز له" لأن هذا يملك نفسه، وإذا كان لأوليائه أن يعفو عن القاتل فهو أولى بالعفو عنه، لكن هل هذا في حال الصحة أو بعد القتل؟ يعني بعد مباشرة القتل وقبل خروج الروح، يعني لو قال قائل مثلاً: أنا عفوت عمن يقتلني عمداً في حال الصحة، له ذلك أو ليس له ذلك؟ نعم؟

طالب:......

هذا يجرئ على قتله، ويفتح باب.

طالب: لكن لو علم والله بينهم مثلاً شيء أو يحصل بينهم؟

لا في حال الصحة ليس له ذلك؛ لأنه لا يملك نفسه، فليس له ذلك في حال الصحة، لكن لو ضربه ضرباً مبرحاً، أو طعنه مثلاً، وقال: هو في حل مني، ولا أريد قصاص، هو أولى بالعفو من أوليائه "إن ذلك جائز" أنه أولى بدمه من غيره من أوليائه من بعده.

"قال مالك في الرجل يعفو عن قتل العمد بعد أن يستحقه، ويجب له أنه ليس على القاتل عقل يلزمه" إذا قالوا: عفونا عن القصاص، ثم جاءوا من الغد قالوا: نريد الدية، لا أنتم ما اشترطتم دية في العفو، ليس لكم ذلك، لكن إن قالوا: عفونا عنه، وعدلنا عن القصاص إلى الدية لهم ذلك.

"قال مالك: إلا أن يكون الذي عفا عنه اشترط ذلك عند العفو عنه".

"قال مالك في القاتل عمداً إذا عفي عنه: إنه يجلد مائة جلدة، ويسجن سنة" هذا تعزير؛ لئلا يتمادى في جريمته؛ لأن بعض العفو بالنسبة لبعض الناس يجعله يتمادى، فلا بد أن يردع، ولكم في القصاص حياة، فإذا عفي عنه إلى غير بدل لا شك أن هذا يجرئه إلى قتل آخر، لكن هل من دليل على أنه يجلد مائة، ويسجن سنة؟ أو أن هذا اجتهاد من الإمام يرى أنه مناسب لمثل هذه الجناية؟

"قال مالك: وإذا قتل الرجل عمداً، وقامت على ذلك البينة، وللمقتول بنون وبنات فعفا البنون، وأبى البنات أن يعفون، فعفو البنين جائز على البنات" لأنه حق للعصبة، والبنون هم العصبة، وهم الذين يعقلون، بخلاف البنات "ولا أمر للبنات مع البنين في القيام بالدم والعفو عنه".

سم.

أحسن الله إليك.

باب: القصاص في الجراح

قال يحيى: قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا أن من كسر يداً أو رجلاً عمداً: إنه يقاد منه، ولا يعقل.

قال مالك: ولا يقاد من أحد حتى تبرأ جراح صاحبه فيقاد منه، فإن جاء جرح المستقاد منه مثل جرح الأول حين يصح فهو القود، وإن زاد جرح المستقاد منه أو مات فليس على المجروح الأول المستقيد شيء، وإن برئ جرح المستقاد منه، وشل المجروح الأول، أو برئت جراحها وبها عيب أو نقص أو عثل، فإن المستقاد منه لا يكسر الثانية، ولا يقاد بجرحه، قال: ولكنه يعقل له بقدر ما نقص من يد الأول، أو فسد منها، والجراح في الجسد على مثل ذلك.

قال مالك: وإذا عمد الرجل إلى امرأته ففقأ عينها، أو كسر يدها، أو قطع إصبعها، أو شبه ذلك متعمداً لذلك فإنها تقاد منه، وأما الرجل يضرب امرأته بالحبل أو بالسوط فيصيبها من ضربه ما لم يرد ولم يتعمد، فإنه يعقل ما أصاب منها على هذا الوجه، ولا يقاد منه.

وحدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أقاد من كسر الفخذ.

يقول -رحمه الله تعالى-:

باب: القصاص في الجراح

يعني فيما دون النفس.

يقول: "قال يحيى: قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا أن من كسر يداً أو رجلاً عمداً أنه يقاد منه، ولا يعقل" يعني ما يدفع دية إلا إذا حصل الصلح بذلك؛ لأن هذا عمد فيه القصاص، فإذا تنازلوا عن القصاص إلى الدية فكما يحصل ذلك في النفس الكاملة يحصل في الطرف.

"قال مالك: ولا يقاد من أحد حتى تبرأ جراح صاحبه" لأنه لا يعلم أين ينتهي الحد في هذه الجراح؟ لأنها قد تزيد، فيحتاج إلى قصاص ثاني للسراية، فينتظر حتى يبرأ الجرح فيقاد منه "فإن جاء جرح المستقاد منه مثل جرح الأول حين يصح فهو القود، وإن زاد جرح المستقاد منه أو مات فليس على المجروح الأول للمستقيد منه شيء" يعني جرح جرحاً فاستقيد منه مثله، شفي المجروح الأول فاستقيد من الجارح عمداً مثله، ثم مات منه، ليس على المستقاد له الأول شيء؛ لأن هذا هو المعتدي، وهو الجاني الأول "فليس على المجروح الأول المستقيد شيء، وأن برأ جرح المستقاد منه، وشل المجروح الأول، أو وبرئ وجراحها بها عيب أو نقص أو عثل" يعني أثر وشين "فإن المستقاد منه لا يكسر الثانية، ولا يقاد بجرحه، قال: ولكنه يعقل عنه بقدر ما نقص من يد الأول" يعني يؤخذ من المال بقدر هذا الشلل، وبقدر هذا العثل، أو العيب والنقص "من يد الأول أو فسد منها، والجراح في الجسد على مثل ذلك".

"قال مالك: وإذا عمد الرجل إلى امرأته ففقأ عينها" نعم القصاص يكون بين الزوجين، كما يكون بين الرجل والأجنبية، والأجنبي منه "أو كسر يدها، أو قطع أصبعها، أو شبه ذلك" يعني "متعمداً لذلك، فإنها تقاد منه" تفقأ عينه، وتكسر يده، ويقطع أصبعه وهكذا "فإنها تقاد منه، وأما الرجل يضرب امرأته بالحبل أو بالسوط" من أجل تأديبها "فيصيبها من ضربه ما لم يرد ولم يتعمد" أراد ضربها ففقأ عينها، أراد ضربها مع ظهرها فتحرفت عنه لتقي نفسها من الضرب ففقأ عينها، هذا ما عليه منه، هي التي تسببت في هذا "وأما الرجل يضرب امرأته بالحبل أو بالسوط فيصيبها من ضربه ما لم يرد ولم يتعمد فإنه يعقل ما أصاب منها على هذا الوجه، ولا يقاد منه؛ لأنه خطأ وليس بعمد" إنما هو خطأ، وليس بعمد.

"وحدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أقاد من كسر الفخذ" لأنه يمكن القود منه بدقة.

نعم.

أحسن الله إليك.

باب: ما جاء في دية السائبة وجنايته

حدثني يحيى عن مالك عن أبي الزناد عن سليمان بن يسار أن سائبة أعتقه بعض الحجاج فقتل ابن رجل من بني عائذ، فجاء العائذي أبو المقتول إلى عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- يطلب دية ابنه، فقال عمر: لا دية له، فقال العائذي: أرأيت لو قتله ابني، فقال عمر: إذاً تخرجون ديته، فقال: هو إذاً كالأرقم إن يترك يلقم، وإن يقتل ينقم.

يقول -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في السائبة وجنايته

السائبة هو العبد يتركه سيده، ويعتقه ويتركه يسيب، ويذهب حيثما شاء، ولا يكون ولاؤه له.

قال: "حدثني يحيى عن مالك عن أبي الزناد عن سليمان بن يسار أن سائبة أعتقه بعض الحجاج، فقتل ابن رجل من بني عائذ، فجاء العائذي أبو المتقول إلى عمر بن الخطاب يطلب دية ابنه" يطلبها من من؟

طالب: من أمير المؤمنين، من الوالي.

يطلب دية ابنه.

طالب: لأن هذا ليس له ولاء ولا شيء، فرجع إلى ولي الأمر.

يعني في مثل هذه الحالة إذا كان هذا القاتل..، أولاً: يختلف هذا القتل بالنسبة للعمد والخطأ، إذا كان عمداً فإنه يقاد به، وإذا كان خطأ فالدية، والدية على العاقلة، وهذا لا عاقلة له؛ لأنه سائبة "جاء العائذي أبو المقتول إلى عمر بن الخطاب يطلب دية ابنه، فقال عمر: لا دية له" من أين نأتي لك بالدية وهذا لا عاقلة له؟ "فقال العائذي: أرأيت لو قتله ابني؟ فقال عمر: إذاً تخرجون ديته" يخاطب من؟

طالب:.......

نعم؟

إذاً تخرجون ديته، دية من؟ دية السائل، إيش السائل؟ لو أن العائذي قتل غيره؟

طالب:.......

لا، الآن السائبة، قال: لا دية له؛ لأنها افترضنا المسألة في قتل الخطأ، فقال: "أرأيت لو قتله ابني؟ فقال عمر: إذاً تخرجون ديته" دية المقتول الذي قتله ابنك.

طالب:.......

لو قتله تخرجون؛ لأن له عاقلة ولدك.

طالب:.......

نعم "فقال: هو إذاً كالأرقم إن يترك يلقم" يعني كالأفعى كالحية "إن يترك يلقم، وإن يقتل ينقم" كيف يلقم وينقم؟ "فقال" من القائل؟ العائذي "إذاً هو كالأرقم إن يترك يلقم" يعني إن يترك يقتل مثل الحية "وإن يقتل ينقم" كيف ينقم؟

نعم ينتقم، فما صار فيه تكافؤ، يعني مثل هذا السائبة إذا قتل لا دية للمقتول، وإذا قُتل فيه الدية، لماذا؟ لأن السائبة لا عاقلة له، والقاتل الثاني العائذي له عاقلة، لكن مثل هذا ألا يمكن أن يودى من بيت المال؟ كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- في مسألة القسامة على ما سيأتي، دفع ديته، ودية المسلم لا تهدر ولا تضيع، فقوله: "لا دية له" يعني من أقاربه، ولا يمنع أن يودى من بيت المال، والله أعلم.

 

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.