شرح الموطأ - كتاب الزكاة (03)

سم.

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى وآله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لشيخنا واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا ذا الجلال والإكرام.

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب زكاة الركاز:

حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((في الركاز الخمس)).

قال مالك -رحمه الله-: الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا، والذي سمعت أهل العلم يقولونه: إن الركاز إنما هو دفن يوجد من دفن الجاهلية، ما لم يطلب بمال، ولم يتكلف فيه نفقة، ولا كبير عمل ولا مئونة، فأما ما طلب بمال وتكلف فيه كبير عمل فأصيب مرة، وأخطئ مرة فليس بركاز.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب زكاة الركاز:

والركاز من الركز وهو الدفن، فالركاز المدفون، وهو المركوز.

قال مالك، في صحيح البخاري يقول: قال مالك وابن إدريس: الركاز دفن الجاهلية، هذا في الصحيح.

حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن يعني ابن عوف، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((في الركاز الخمس)).

((وفي الركاز الخمس)) الركاز: هو ما يعثر عليه مدفونًا من ذهب أو فضة، على قول، وما يختص بهما، أو هو أعم من ذلك مما يتمول وعند أهل العراق أن الركاز يشمل كل ما تحتويه الأرض من ثابت فيها، وطارئ عليها، فيدخل في ذلك المعادن التي سبق الحديث عنها؛ ولذا جعل أبو حنيفة والثوري المعادن حكمها حكم الركاز، فيؤخذ الخمس من المعادن ومن الركاز؛ لأنها يشملها المعنى العام، وهي وجودها في جوف الأرض، لكن الفرق بين المعادن والركاز ظاهر، والتفريق بينهما هو قول الجمهور؛ لأن الركاز شيء مدفون طارئ يدفن جملة ويؤخذ جملة، مال يوضع في وعاء أو إناء ويدفن، الناس ما كان عندهم أماكن مأمونة يضعون فيها أموالهم، بل كل يضع ماله في بيته، إما في الأرض يحفر له ويدفنه، وهذا موجود إلى وقت قريب، وأحيانًا يودعون الأموال في الجدران، إذا بنوا الجدار يضعون ما عندهم من مال، ويوضع عليه من الطين ما هو بمنزلة التلييس، الظاهر أنكم ما تدرون عن هذا، نعم.

المقصود أنه في حال الهدم، هدم البيوت القديمة يوجد من هذا الشيء الكثير، يوجد من هذا الشيء الكثير، والنقود لا تتأثر؛ لأنها من الذهب والفضة والنحاس وسائر المعادن، لا تتأثر، فتوضع إما بين اللبن، أو بين اللبن واللياسة التي يسمونها لياكة، فالركاز غالبًا ما يكون طارئًا، لكنه إن كان من دفن المسلمين له حكم، وإن كان من دفن الكفار فله حكمه.

عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((وفي الركاز الخمس)) ولا شك أن الفرق بين الركاز والمعادن ظاهر، ويدل له العطف في الحديث: ((والمعدن جبار، وفي الركاز الخمس)) فدل على أن الركاز غير المعدن كما هو مقتضى قول الجمهور، وما يفيده هذا الحديث.

في الركاز الخمس سواءً كان في دار الإسلام أو في دار الحرب عند الجمهور، خلافًا للحسن البصري، قال: في دار الحرب ركاز، وفي دار الإسلام لقطة، وإذا كان في دار الإسلام وعليه علامات إسلامية فهو لقطة، وإن كان في دار حرب فهو ركاز، أو كانت عليه آثار مشركين، فهو ركاز.

إذا اشترى أرضًا فأراد أن يحرثها للزراعة أو يحفر للقواعد ليشيد عليها بناء، فوجد فيها شيئًا من ذلك، وجد أموالاً في وعاء مدفونة فهل هي لمن وجدها أو لصاحب الأرض الذي باعها؟ إن كانت عليها آثار تدل على أنها حديثة لها حكم، وإن كان عليها آثار تدل على قدمها فلها حكم.

يذكر فيما يذكر من الورع وصوره أن شخصًا اشترى أرضًا فحرثها فوجد فيها أموال طائلة، مدفونة، فذهب إلى صاحب الأرض، وقال: أنا وجدت هذه الأموال، وأنا ما اشتريت أموالاً، أنا اشتريت أرضًا، فقال البائع: أنا قد بعت الأرض بما فيها، المال ليس لي، مثل هذا الخلاف وهذا النزاع يحتاج إلى خصومة عند قاض، نعم؟ كل واحد يقول: المال لك، هذا يقول: أنا ما اشتريت إلا الأرض، وهذا يقول: أنا بعت الأرض بما فيها، احتكما إلى قاض من القضاة فأراد الصلح بينهما، أراد أن يقسمه بينهما، أراد، ما فيه فائدة، فسأل البائع: هل لك من ولد؟ فقال: نعم، وسأل المشتري: هل لك من بنت؟ قال: نعم، قال: أصدقاهما هذا المال ويتزوجون من هذا المال.

عموم الناس اليوم يظنون مثل هذا ضرب من الخيال أو المبالغة، والناس إلى عهد قريب على مثل هذه الحال، قبل أن تفتح الدنيا ويتنافسها الناس، إلى عهد قريب على مثل هذا، يعني في الجيل الذي قبلنا، يعني يذكر مثل هذه الأمور من صنوف الورع مع شدة الحاجة، لكن فتحت الدنيا، وتنافسها الناس، وصاروا يحرصون على القطمير قبل القنطار، الهللة قبل الريال.

فيه الخُمس، يعني خُمس الكمية، والقاعدة الشرعية في الأموال وإخراج زكاتها أن النسبة المخرجة تكون بقدر التعب وعدمه، فإذا زادت المئونة وكثرت المشقة خفف في الزكاة، وإذا سهل الحصول على المال زادت الزكاة، هذا الأصل؛ ولذا زكاة الزروع والثمار الذي يسقى بلا مئونة ولا كلفة، يشرب من ماء السماء، أو كان عثريًّا يشرب جذوره وعروقه هذا فيه العشر، والذي يسقى بالمئونة والكلفة بجلب الماء، أو بالمكائن، أو بالسواني، هذا نصف العشر، وما سقي بهما ثلاثة أرباع العشر، المال الذي يحصل مع الكلفة والمشقة، الأصل فيه أن زكاته خفيفة، والعكس بالعكس.

قد يقول قائل: لماذا لا نطرد مثل هذا، ونرى هؤلاء التجار الذين يكسبون الأموال الطائلة بمكالمة، مكالمة، يفتح مساهمة بالتليفون وبإعلان في صحيفة، ويكسب من ورائها الملايين، لماذا لا نكلفه أكثر من العشر؛ لأن الركاز يحتاج إلى حفر أشد من الإعلان وما في حكمه، والزكاة ها النصف هذا، يمكن أن نقول هذا؟ لا يمكن؛ لأن مثل هذه الأمور لا تنضبط، أما ما يمكن ضبطه فقد جاء به الشرع، أما ما لا ينضبط ما يمكن أن يعول عليه في حكم مخالف.

قال مالك: الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا، والذي سمعت أهل العلم يقولونه: إن الركاز إنما هو دفن، دفن يعني مدفون، كذبح معنى مذبوح، دفن يوجد من دفن الجاهلية، ما لم يطلب بمال، ينفق على إخراجه، ينفق على إخراجه، يعني لو قيل له، أو توقع أن في هذه الأرض أو في هذه الغرفة مثلًا كنزًا، أو جاء بالعمال وقال: احفروا لي إن لقينا شيئًا وإلا أعطيتكم الأجرة، وصاروا يحفرون وتعبوا على هذا تعبًا شديدًا، ثم وجدوه.

يقول: ما لم يطلب بمال ينفق على إخراجه؛ لأنه يكون فيه كلفة وتعب، فيكون المطلوب منه أقل من الخمس على القاعدة.

ولم يتكلف فيه نفقة، ولا كبير عمل ولا مئونة، إذا انتفت هذه الأمور ففيه الخمس، كما في الحديث، فأما ما طلب بمال وتكلف فيه كبير عمل فأصيب مرة، مرة يجد ومرة لا يجد، وأخطئ مرة فليس بركاز.

يقول ابن دقيق العيد: من قال من الفقهاء بأن في الركاز الخمس إما مطلقًا أو في أكثر الصور فهو أقرب إلى الحديث، وخصه الشافعي بالذهب والفضة، وقال الجمهور: لا يختص، اختلفوا في مصرفه.

قال مالك وأبو حنيفة والجمهور: مصرفه مصرف خمس الفيء، يعني ليس بزكاة، كأنه من الفيء، والفيء، الفيء للغنيمة الذي يحصل عليه من مال العدو من غير إيجاف، من غير قتال، مصرفه مصرف خمس الفيء.

وقال الشافعي في أصح قوليه: مصرفه مصرف الزكاة، يعني هل قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((في الركاز الخمس)) يعني زكاة، وإلا أنه مثل الفيء يخمس، واعلموا أن ما غنتم من شيء فأن لله خمسه، نعم.

وعن أحمد روايتان يعني رواية تقول بأن مصرفه مصرف الزكاة، والرواية الأخرى مثل قول الجمهور.

وينبني على ذلك في كلام ابن دقيق العيد، وينبني على ذلك ما إذا وجده ذمي، فعند الجمهور يخرج منه الخمس، يخرج منه الخمس، وعند الشافعي لا يؤخذ منه شيء.

لماذا يؤخذ الخمس من الذمي على أساس أنه فيء ولا يؤخذ منه إذا كان زكاة، الكافر غير مطالب بالزكاة، هو مخاطب لكن ما يؤمر به حال كفره، وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا، فيؤخذ منه باعتباره فيئًا، هل يتصور أن يقاتل الذمي ويغنم، ويؤخذ منه الخمس؟ كيف يقول: ينبني على ذلك ما إذا وجده ذمي، فعند الجمهور يؤخذ منه الخمس، وعند الشافعي لا يؤخذ منه شيء.

المسألة ما هي بمسالة قتال، ذمي وجد ركازًا، فهل يترك يقال لك المال كله، أو يؤخذ منه الخمس؟ إذا قلنا زكاة، مصرفه مصرف الزكاة، نعم لا يؤخذ منه شيء، وإذا قلنا مصرفه مصرف الفيء يؤخذ منه الخمس؟ يؤخذ وإلا ما يؤخذ؟ يؤخذ على كلامه، لكن ما وجه التفريق؟ نعم؟

أنا ما أدري لماذا فرقوا بين ما إذا كان مصرفه إيه؟

طالب:......

والاستعانة بالمشرك في القتال، نعم، الفيء متعلق بالمال، لا بالذمة، والزكاة متعلقة بالذمة، فالذمة هنا غير صالحة حال الكفر.

طالب:......

لا ما هو بالحا+، إذا شارك ورضخ له، إذا شارك ورضخ له، ومثل هذه الأمور التي تختلف فيها المذاهب ينظر في رأي الإمام الشافعي -رحمه الله- ورأي الأئمة الآخرين في مشاركة الذمي في مثل هذه الصورة، في الفيء، الأظهر أنه زكاة، ومصرفه مصرف الزكاة.

اتفقوا على أنه لا يشترط عليه الحول، بل يجب إخراج الخمس بالحال، لماذا؟ لأنه مال اكتسب دفعة واحدة، كالحصاد بالنسبة للزرع {وآتوا حقه يوم حصاده} نعم، هذا مثله، مثل الزرع، نعم.

أحسن الله إليك.

باب ما لا زكاة فيه من الحلي والتبر والعنبر:

حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن عائشة -رضي الله عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت تلي بنات أخيها يتامى في حجرها لهن الحلي، فلا تخرج من حليهن الزكاة".

وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه-ما كان يحلي بناته وجواريه الذهب، ثم لا يخرج من حليهن الزكاة.

قال مالك -رحمه الله-: من كان عنده تبر أو حلي من ذهب أو فضة لا ينتفع به للبس، فإن عليه فيه الزكاة في كل عام، يوزن فيؤخذ ربع عشره إلا أن ينقص من وزن عشرين دينارًا عينًا، أو مائتي درهم، فإن نقص من ذلك فليس فيه زكاة، وإنما تكون فيه الزكاة إذا كان إنما يمسكه لغير اللبس، فأما التبر والحلي المكسور الذي يريد أهله إصلاحه ولبسه، فإنما هو بمنزلة المتاع الذي يكون عند أهله، فليس على أهله فيه زكاة.

قال مالك -رحمه الله-: ليس في اللؤلؤ ولا في المسك ولا العنبر زكاة.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب ما لا زكاة فيه من الحلي، يعني بالنسبة للنساء، ممن يجوز له استعماله، لكن لو تحلى الرجل وارتكب المحرم أو اتخذ الرجل، أو المرأة الأواني من الذهب والفضة ففيها الزكاة مع التحريم، لكن المقصود به الحلي المباح، والتبر والعنبر.

العنبر: يقول الشافعي: هو نبات يخلقه الله في جنبات البحر، وقيل: إنه يأكله حوت، يعني النبات يأكله الحوت، فيموت ثم يستخرج من بطنه.

المقصود أنه مما يستخرج من في البحر، وهذا قرر فيه الإمام مالك أنه لا زكاة فيه.

قال: ليس في اللؤلؤ ولا في المسك ولا العنبر زكاة، كسائر العروض، يعني ليس في أعيانها زكاة، وإنما الزكاة في أقيامها، الزكاة في أقيامها وليست في أعيانها.

المسألة الكبرى التي هي مسألة عملية يحتاجها الناس جلهم، هي مسالة زكاة الحلي، والإمام مالك -رحمه الله تعالى- جرى على أنه لا زكاة فيه، وقوله يوافقه عليه الشافعي وأحمد.

يقول -رحمه الله تعالى-: حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه القاسم بن محمد بن أبي بكر، القاسم أحد الفقهاء، أن عائشة عمته، زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت تلي بنات أخيها، محمد بن أبي بكر، تلي بنات أخيها، وسيأتي في الباب الذي يليه، عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه، قال: كانت عائشة تليني، وأخًا لي يتيمين في حجرها، فهنا قال: بنات أخيها، وهناك قال: تليني وأخًا لي يتيمين في حجرها، تلي البنات ولا تخرج زكاة حليهن، وتلي الأولاد الذكور وتخرج الزكاة من أموالهم، يقول: كانت تلي بنات أخيها محمد بن أبي بكر لما قتل في مصر في القصة المعروفة المشهورة تلي بنات أخيها يتامى في حجرها لهن الحَلْي، الحلي هذا واحد مفرد، واحد الحلي، جمعه حلي، فلا تخرج من حليهن الزكاة".

فدل على أنه لا زكاة في الحلي وهذا قول الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد، واحتجوا بأدلة يأتي بيانها في كلام صاحب أضواء البيان مفصلًا، مع أدلة القول الثاني.

قال أبو حنيفة: تجب الزكاة في الحلي، احتج بعموم الأدلة، الذين يكنزون الذهب والفضة، وغيرها، ربع العشر، المقصود أن هذه عموم الأدلة يشمل الحلي وغيرها، وفي الطرفين أحاديث متعارضة، فكل من الطرفين احتج بالنص وأقوال الصحابة واللغة والقياس، كل من الطرفين احتج بهذه الأصول الأربعة، ويأتي بيانها في كلام الشيخ إن شاء الله تعالى.

يقول: وحدثني عن مالك، هذا سنده إلى عائشة، السند السابق إلى عائشة مثل الشمس، ما فيه إشكال أبدًا، والثاني إلى ابن عمر كذلك، مالك عن نافع عن ابن عمر، مباشرة، أصح الأسانيد عند الإمام البخاري، مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يحلي بناته وجواريه الذهب، ثم لا يخرج من حليهن الزكاة.

الأصل فيما يقتنى ويستعمل أنه ليس فيه زكاة، كيف؟

طالب:......

حتى الذي ورد فيه نعم، من أدلة القول الآخر ما يذكر أنه بلغ النصاب، وطفلة في يديها مسكتان من ذهب، هل يقال: إنها بلغت النصاب، تؤدين زكاته؟ نعم، ولو كانت غلت، تبلغ إحدى عشر جنيهًا؟

طالب:......

نعم؟ يقول: إن ابن عمر، عبد الله بن عمر كان يحلي بناته وجواريه الذهب، ثم لا يخرج من حليهن الزكاة.

قال مالك: من كان عنده تبر أو حلي من ذهب أو فضة لا ينتفع به للبس، فإن عليه فيه الزكاة في كل عام، يوزن فيؤخذ ربع عشره، هذا إذا كان لا يستعمل؛ لأنه صار كنزًا، إلا أن ينقص من وزن عشرين دينارًا عينًا، أو مائتي درهم، فإن نقص من ذلك فليس فيه زكاة، وإنما تكون فيه الزكاة إذا كان إنما يمسكه لغير اللبس، فأما التبر والحلي المكسور الذي يريد أهله إصلاحه ولبسه، فإنما هو بمنزلة المتاع الذي يكون عند أهله، فليس على أهله فيه زكاة.

قال مالك: ليس في اللؤلؤ ولا... إلى آخره.

الإمام الترمذي -رحمه الله تعالى- يقول: باب ما جاء في زكاة الحلي، وورد فيه حديث زينب امرأة عبد الله بن مسعود، عن النبي -عليه الصلاة والسلام- قوله: ((يا معشر النساء تصدقن ولو من حليكن)) ((النساء تصدقن ولو من حليكن)) هذا دليل على وجوب الزكاة في الحلي، أو حث على الصدقة؟ حث على الصدقة، ((اتقوا النار ولو بشق تمرة)) نعم، الذي ما عنده إلا تمرة واحدة وأراد أن يتصدق بنصفها هذا عليه زكاة وإلا ما عليه زكاة؟ المقصود أن هذا فيه حث على الصدقة.

وقال: وقد روي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه رأى في الحلي زكاة وفي إسناده مقال.

والسبب في ذلك أنه من طريق ابن لهيعة، وابن لهيعة ضعيف، وأورده من طريق أخرى وفيها مثنى بن الصباح وهو ضعيف أيضًا؛ ولذا قال الترمذي: لا يصح في الباب شيء، لا يصح في الباب شيء، يعني في باب وجوب زكاة الحلي، هذا كلام الترمذي وهذا ما أورده، لكن فيه أحاديث يعني في الوجوب أحاديث حديث عمرو بن شعيب الذي يحتجون به أن امرأة أتت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومعها ابنة لها وفي يديها مسكتان من ذهب أو فضة، فقال: ((أتعطين زكاة هذا؟)) قالت: لا، قال: ((أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟)) فخلعتهما وألقتهما إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، وفي الباب ثلاثة أحاديث، عند أبي داود والنسائي وغيرهما، لا تسلم، لكن بمجموعها تثبت، يدل على أن الأمر بإخراج زكاة الحلي له أصل، في الاختيارات لشيخ الإسلام يقول: حلي النساء لا زكاة فيها، ولكن عليها أن تعيرها لمن تثق به، أن تعيرها لمن تثق به ممن يطلبها إن لم يكن في ذلك ضرر عليها، أما إن كانت تكريها ففيها الزكاة، إن كانت تؤجرها ففيها الزكاة، هذا كلام الشيخ -رحمه الله-، ليس فيه زكاة إلا الإعارة، وإعارة الحلي هو زكاته، زكاة كل شيء بحسبه، زكاة الماعون؛ لأنه جاء ذم منع الماعون، زكاته إعارته لمن ينتفع به من غير ضرر على صاحبه، ومن هذا زكاة الحلي، يعني تعيرينه لمن يحتاجه، هذا جواب من يقول بعدم وجوب زكاة الحلي، وهم جمهور أهل العلم، عامة أهل العلم على هذا، لكن العبرة والمعول على ما ينسب إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-.

أولًا: عائشة صح الخبر عنها بأنها لا تخرج الزكاة من الحلي، هل يقول قائل: إن الزكاة؛ لأن صواحب الحلي غير مكلفات، نعم، لماذا؟

طالب:......

افترض أن هناك حلي لأيتام ما بلغوا الحنث، تخرج منه الزكاة أو لا تخرج؟ أنا أقول: عائشة الآن ما تخرج، هل نقول لأن عائشة لا ترى الزكاة في مال الصبي، نعم.

طالب:......

لا، أنا أقول، منهم من يقول: عائشة لا تخرج الزكاة من هذا الحلي؛ لأنه مال يتامى، والأيتام صبيان ما بلغوا الحنث، وإلا فقد ارتفع وصف اليتم.

طالب:......

نعم، الحديث الذي يليه، يعني في حديث الباب الثاني، الذي أشرنا إليه سابقًا، تليني وأخًا لي يتيمين في حجرها، فكانت تخرج من أموالنا الزكاة، كانت ترى وجوب الزكاة في مال الصبي، لكنها لا ترى وجوبه في الحلي.

أيضًا ابن عمر صح عنه أنه لا يخرج زكاة الحلي، وعائشة أقرب الناس إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وابن عمر من أحرص الناس على الاقتداء به -عليه الصلاة والسلام-.

المسألة لا شك أن الأدلة تكاد تكون متكافئة، الأدلة تكاد تكون متكافئة.

هنا يقول الشيخ الأمين الشنقيطي -رحمه الله تعالى-:

المسألة الثالثة: اختلف العلماء في زكاة الحلي المباح؛ فذهب جماعة من أهل العلم إلى أنه لا زكاة فيه؛ وممن قال به مالك، والشافعي وأحمد في أصح قوليهما، وبه قال عبد الله بن عمر بن الخطاب، وجابر بن عبد الله، وأنس بن مالك، وعائشة، وأسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهم، وسعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير، وقتادة، وعطاء بن أبي رباح، ومجاهد، والشعبي، ومحمد بن علي، والقاسم بن محمد، وابن سيرين، والزهري، وإسحاق، وأبو ثور، وأبو عبيد، وابن المنذر.

جمع يعني هو قول الجمهور على كل حال.

وممن قال بأن الحلي المباح تجب فيه الزكاة: أبو حنيفة -رحمه الله-، وروي عن عمر بن الخطاب، قال: وروي عن عمر بن الخطاب؛ لأن فيه انقطاع، وابن عباس، وبه قال ابن مسعود، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وميمون بن مهران، وجابر بن زيد، والحسن بن صالح، وسفيان الثوري، وداود، وحكاه ابن المنذر أيضًا عن ابن المسيب، يعني قول آخر، وابن جبير، وعطاء، ومجاهد، وابن سيرين، وعبد الله بن شداد، والزهري.

يعني هؤلاء روي عنهم هذا، وهذا.

يقول: وسنذكر إن شاء الله تعالى حجج الفريقين، ومناقشة أدلتهما على الطرق المعروفة في الأصول، وعلم الحديث ليتبين للناظر الراجح من الخلاف.

يقول: اعلم أن من قال بأن الحلي المباح لا زكاة فيه: تنحصر حجته في أربعة أمور:

الأول: حديث جاء بذلك عن النَّبي -صلى الله عليه وسلم-.

الثاني: آثار صحيحة عن بعض الصحابة يعتضد بها الحديث المذكور.

الثالث: القياس.

الرابع: وضع اللغة.

يقول: أما الحديث: فهو ما رواه البيهقي في "معرفة السنن والآثار" من طريق عافية بن أيوب، عن الليث، عن أبي الزبير، عن جابر، عن النَّبي -صلى الله عليه وسلم-، أنه قال: ((لا زكاة في الحلي)).

قال البيهقي: وهذا الحديث لا أصل له، إنما روي عن جابر من قوله غير مرفوع، والذي يروى عن عافية بن أيوب، عن الليث، عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعًا لا أصل له، وعافية بن أيوب مجهول. فمن احتج به مرفوعًا، كان مغررًا بدينه، داخلًا فيما نعيب به المخالفين من الاحتجاج برواية الكذابين، والله يعصمنا من أمثال هذا.

قال مقيده عفا الله عنه، المؤلف -رحمه الله-: ما قاله الحافظ البيهقي -رحمه الله تعالى- من أن الحكم برواية عافية المذكور لهذا الحديث مرفوعًا من جنس الاحتجاج برواية الكذابين فيه نظر؛ لأن عافية المذكور لم يقل فيه أحد إنه كذاب، وغاية ما في الباب أن البيهقي ظن أنه مجهول؛ لأنه لم يطلع على كونه ثقة، وقد اطلع غيره على أنه ثقة فوثقه، فقد نقل ابن أبي حاتم توثيقه، عن أبي زرعة.

قال ابن حجر في "التلخيص": عافية بن أيوب قيل ضعيف، وقال ابن الجوزي: ما نعلم فيه جرحًا، وقال البيهقي: مجهول، ونقل ابن أبي حاتم توثيقه عن أبي زرعة.

يقول: ولا يخفى أن من قال إنه مجهول يقدم عليه قول من قال إنه ثقة، لماذا؟ لأنه اطلع على ما لم يطلع عليه مدعي أنه مجهول، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ، والتجريح لا يقبل مع الإجمال، فعافية هذا وثقه أبو زرعة، والتعديل والتجريح يكفي فيهما واحد على الصحيح في الرواية دون الشهادة.

هذه المسألة -مسألة الحكم بالجهالة على الراوي- مسألة تحتاج إلى مزيد عناية؛ لأنك مجرد ما تقف على راوي قيل فيه مجهول، تضعف الخبر بهذا، والجهالة مترددة بين كونه مجروحًا وبين عدم العلم بحاله، وبين عدم العلم بحاله، فعدم العلم بحال الراوي جهالة، ومنهم من يرى أن الجهالة ضرب من الجرح، فيضعف من أجله، جهالة العين، يعني من أطلق جهالة العين غاية ما هنالك أنه ما عرف فيه شيء، خفي عليه من روى عنه، ما عرف إنه إلا روى عنه واحد، لكن غيره أثبت غيره كما في كثير من الرواة، يقول: فلان مجهول العين لم يرو عنه إلا فلان، ثم يثبت كثير من الأئمة كثير من الرواة رووا عنه، ترتفع عنه جهالة العين، وجهالة الحال ما يعرف فيها جرح ولا تعديل، ويثبت غيره أنه عدل وإلا مجروح، فغاية ما في الجهالة أنها عدم علم بحال الراوي، البيهقي أثبت أن عافية مجهول، وقد وثقه أبو زرعة، هل يمكن أن يقال مجهول مع التوثيق؟ ما يمكن إطلاقًا، فالجهالة هذه عدم علم بحال الراوي، فلا اعتبار لها مع العلم بحاله من قبل غيره.

طالب:......

لا، هذا القول وجوده مثل عدمه، مادام أثبت أنه ثقة؛ لأن المثبت مقدم على النافي، يقول: مجهول، عدم العلم، حتى على القول بأن الجهالة جرح، حتى على القول بأن الجهالة جرح، الآن في كثير من الرواة يقول أبو حاتم: فلان ابن فلان مجهول، أي: لا أعرفه، تصريح بأن الجهالة عدم علم بحاله؛ ولذا يقول ابن حجر في النخبة وشرحها: ومن المهم معرفة أحوال الرواة جرحًا أو تعديلًا أو جهالة، فجعل الجهالة قسيمًا للجرح، وليست بقسم منه، مثل التعديل، لكن أيضًا أهل العلم لا سيما من رتّب ألفاظ الجرح والتعديل وجعلها مراتب يجعلون لفظ مجهول في ألفاظ الجرح، لكن إذا تأملنا حقيقة الحال وجدنا أن من يحكم على راو من الرواة بأنه مجهول أنه لم يبلغه فيه توثيق؛ ولذا يقول: مجهول فلان، ويقول غيره: ثقة، ويقول ثالث: ضعيف، ويقول آخر: لا بأس به، إلى آخره.

طالب:......

لا، الجهالة غاية ما فيها عدم العلم بحاله، نعم.

طالب:......

ابن حجر وضعها في مراتب الجرح.

طالب:......

لا، مقتضى الوضع في مراتب الجرح أنها جرح.

طالب:......

لا، إذا قلنا: جرح، قلنا: الحديث ضعيف؛ لأن فيه فلانًا وهو مجهول؛ لأنه وضع، وإذا قلنا: إن عدم علم بالحال توقفنا عن حكمه ما نحكم عليه حتى نعلم حال الراوي، النتيجة مختلفة، إذا قلنا: إن من صنف في مراتب الجرح والتعديل وضع هذه اللفظة في ألفاظ الجرح، نعم، تحكم على الخبر بأنه ضعيف؛ لأن فيه فلان وهو مجهول، والجهالة من ألفاظ الجرح، لكن الذي يقول أن الجهالة عدم علم بحال الراوي ما تحكم على الحديث، لا يجوز لك أن تحكم على الحديث.

يعني كونك لا تعلم عن حاله شيئًا لا يعني أنه ضعيف، فتتوقف في حكمك على الخبر حتى تعرف حاله، وذكرت أن أبا حاتم في مواضع كثيرة يمكن مئات من الرواة يقول: مجهول لا أعرفه، إذا كانت الجهالة عدم علم بحاله، لا يعول عليه، يبحث عن أقوال أخرى في الراوي.

طالب:......

يقول: ما يدري عنه، يتوقف، مجهول يعني لا يعرف عن حاله شيئًا.

طالب:......

نفس الشيء ما يعرف عن حاله شيئًا، نفس الشيء، لا يعرف، ذكرت لك الآن أنه إذا قال مثلًا: سئل شخص وقال: مجهول، نعم، أو قال أبو حاتم: مجهول لا أعرفه، من أكثر من شهّر الجهالة أبو حاتم، في الجرح والتعديل ما يزيد على ألف وخمسمائة راوي قال أبو حاتم: مجهول، مع أنه يطلق المجهول بإزاء بعض الصحابة، وقال في بعضهم: من السابقين الأولين، مجهول، فالجهالة ليس على إطلاقها أنها حط من قدر الراوي، أبدًا، إنما قد يطلقونها بإزاء قلة الرواية، وندرتها، وقد تطلق بإزاء قلة من يروي عن هذا الراوي، وعدم اشتهاره بالعلم؛ فلذا قل الآخذون عنه، وإن كان ثقة.

يقول الشيخ: وهذا، فلا شك أن قول البيهقي في عافية: إنه مجهول أولى منه بالتقديم قول أبي زرعة: إنه ثقة؛ لأن من حفظ حجة على من لم يحفظ، وإذا ثبت الاستدلال بالحديث المذكور، فهو نص في محل النزاع.

يقول: لا زكاة في الحلي.

طالب:......

المقصود أن مثل هذه الألفات التي تأتي منسوبة إلى الشارع في محل خلاف طويل بين أهل العلم، ونص على أحد القولين يعني كأنها تركيب، نعم، كأنها تأتي تركيب، فتكون بألفاظ الفقهاء أشبه منها بألفاظ النبوة، نعم، المقصود أننا ننظر ماذا يقول الشيخ والنتيجة فيما بعد.

يقول: ويؤيد ما ذكر من توثيق عافية المذكور أن ابن الجوزي مع سعة اطلاعه، وشدة بحثه عن الرجال؛ قال: إنه لا يعلم فيه جرحًا.

وأما الآثار الدالة على ذلك: فمنها ما رواه الإمام مالك في الموطأ، المرفوع يعني ما فيه إلا هذا الحديث.

عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه: "أن عائشة زوج النَّبي -صلى الله عليه وسلم- كانت تلي بنات أخيها يتامى في حجرها لهن الحلي، فلا تخرج من حليهن الزكاة"، وهذا الإسناد عن عائشة في غاية الصحة، كما ترى.

ومنها ما رواه مالك في الموطأ أيضًا، عن نافع، عن عبد الله بن عمر، أنه كان يحلي بناته وجواريه الذَّهب، ثم لا يخرج من حليهن الزكاة، وهذا الإسناد عن ابن عمر -رضي الله عنهما- في غاية الصحة أيضًا كما ترى.

وما قاله بعض أهل العلم من أن المانع من الزكاة في الأول أنه مال يتيمة، وأنه لا تجب الزكاة على الصبي، كما لا تجب عليه الصلاة؛ مردود بأن عائشة ترى وجوب الزكاة في أموال اليتامى، يعني كما في الخبر الذي سيأتي، فالمانع من إخراجها الزكاة، كونه حليًّا مباحًا على التحقيق؛ لا كونه مال يتيمة، وكذلك دعوى أن المانع لابن عمر من زكاة الحلي أنه لجوار مملوكات؛ وأن المملوك لا زكاة عليه مردود أيضًا بأنه كان لا يزكي حلي بناته مع أنه كان يزوج البنت له على ألف دينار يحليها منها بأربعمائة، يعني عشرين نصاب، يحليها منها بأربعمائة، ولا يزكي ذلك الحلي، وتركه لزكاته لكونه حليًّا مباحًا على التحقيق.

ومن الآثار الواردة في ذلك ما رواه الشافعي، قال: أخبرنا سفيان، عن عمرو بن دينار سمعت رجلًا يسأل جابر بن عبد الله عن الحلي، فقال: "زكاته عاريته" "زكاته عاريته"، يعني ما دام جابر يقول: بأنه لا زكاة فيه، والحديث الذي يرفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- لا زكاة في الحلي، يعني يشم منه رائحة الوقف، وأنه من قوله واجتهاده.

ذكره البيهقي في "السنن الكبرى"، وابن حجر في "التلخيص"، وزاد البيهقي فقال: وإن كان يبلغ ألف دينار، فقال جابر: كثير.

ومنها ما رواه البيهقي عن علي بن سليم قال: سألت أنس بن مالك عن الحلي، فقال: ليس فيه زكاة.

ومنها ما رواه البيهقي أيضًا، عن أسماء بنت أبي بكر أنها كانت تحلي بناتها الذهب ولا تزكيه، نحوًا من خمسين ألفًا.

وأما القياس فمن وجهين:

الأول: أن الحلي لما كان لمجرد الاستعمال لا للتجارة والتنمية؛ ألحق بغيره من الأحجار النفيسة كاللؤلؤ والمرجان، بجامع أن كلا منها معد للاستعمال لا للتنمية.

معد للاستعمال مثل أثاث البيت، مثل الدابة، مثل العبد الذي يحتاجه الإنسان، ليس على المسلم في فرسه ولا عبده صدقة؛ لأنه للقنية.

وقد أشار إلى هذا الإلحاق مالك -رحمه الله- في الموطأ بقوله: فأما التبر والحليّ المكسور الذي يريد أهله إصلاحه ولبسه، فإنما هو بمنزلة المتاع الذي يكون عند أهله، فليس على أهله فيه زكاة، قال مالك: ليس في اللؤلؤ، ولا في المسك والعنبر زكاة.

الثاني من وجهي القياس: هو النوع المعروف بقياس العكس، ثم أطال على هذا القياس، ومثّل له، لكن من أوضح أمثلته:

النبي -عليه الصلاة والسلام- قال، لما قيل له: "أيأتي أحدنا شهوته يكون وله فيها أجر؟! قال: ((أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟)) الحديث، فإن النَّبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث، أثبت في الجماع المباح أجرًا، وهو حكم عكس حكم الجماع الحرام؛ لأن فيه الوزر؛ لتعاكسهما في العلة.

يقول: ووجه هذا النوع من القياس في هذه المسألة التي نحن بصددها هو أن العروض لا تجب في عينها الزكاة، فإذا كانت للتجارة والنماء؛ وجبت فيها الزكاة، عكس العين، فإن الزكاة واجبة في عينها، فإذا صيغت حليًّا مباحًا للاستعمال، وانقطع عنها قصد التنمية بالتجارة، صارت لا زكاة فيها، فتعاكست أحكامهما لتعاكسهما في العلة، ومنع هذا النوع من القياس بعض الشافعية... إلى آخره.

ولا يخفى أن القياس يعتضد به ما سبق من الحديث المرفوع، والآثار الثابتة عن بعض الصحابة، لما تقرر في الأصول، من أن موافقة النص للقياس من المرجحات.

وأما وضع اللغة، فإن بعض العلماء يقول: الألفاظ الواردة في الصحيح، في زكاة العين لا تشمل الحلي في لسان العرب.

قال أبو عبيد: الرقة عند العرب: الورق المنقوشة ذات السكة السائرة بين الناس، ولا تطلقها العرب على المصوغ، وكذلك قيل في الأوقية.

قال مقيده عفا الله عنه: ما قاله أبو عبيد هو المعروف في كلام العرب، قال الجوهري في "صحاحه": الورق الدراهم المضروبة، وكذلك الرقة، والهاء، عوض عن الواو، مثل العدة، والزنة، وفي "القاموس": الورق، مثلثة، وككتف: الدراهم المضروبة، وجمعه أوراق.

هذا هو حاصل حجة من قال: لا زكاة في الحليّ.

وما ادعاه بعض أهل العلم من الاحتجاج لذلك بعمل أهل المدينة، فيه أن بعض أهل المدينة مخالف في ذلك، والحجة بعمل أهل المدينة عند من يقول بذلك، كمالك، إنما هي في إجماعهم على أمر لا مجال للرأي فيه، لا إن اختلفوا، أو كان من مسائل الاجتهاد.

وأما حجة القائلين بأن الحلي تجب فيه الزكاة: فهي منحصرة في أربعة أمور أيضًا:

الأول: أحاديث عن النَّبي -صلى الله عليه وسلم- أنه أوجب الزكاة في الحلي.

الثاني: آثار وردت بذلك عن الصحابة.

الثالث: وضع اللغة.

الرابع: القياس.

ثم ذكر الأحاديث: منها ما رواه أبو داود في سننه، حدثنا أبو كامل، وحميد بن مسعدة حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: "أن امرأة أتت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" وقد ذكرناه، وهذا الذي ضعفه الترمذي، لكنه من طريق حسين المعلم؛ لأن الترمذي ذكره من حديث ابن لهيعة، ومن حديث المثنى بن الصباح، وضعفهما, وضعف الحديث بهما، لكن خفي عليه حديث حسين.

وقال النسائي في سننه: أخبرنا إسماعيل بن مسعود، قال حدثنا خالد، عن حسين، عن عمرو بن شعيب... إلى آخره.

ثم قال: أخبرنا محمد بن عبد الأعلى...

يقول: وهذا الحديث الذي أخرجه أبو داود والنسائي من طريق حسين المعلم، عن عمرو بن شعيب: أقل درجاته الحسن، وبه تعلم أن قول الترمذي -رحمه الله-: لا يصح في الباب شيء، غير صحيح؛ لأنه لم يعلم برواية حسين المعلم له عن عمرو بن شعيب، بل جزم بأنه لم يرو عن عمرو بن شعيب إلا من طريق ابن لهيعة، والمثنى بن الصباح، وقد تابعهما حجاج بن أرطاة والجميع ضعاف.

لكن مع ضعف الجميع الثلاثة، يعني الضعف في الثلاثة غير شديد، ضعف في الثلاثة، صح المرجح الضعف، لكن الضعف في الثلاثة يقبل الانجبار، وليس بشديد.

ومنها ما رواه أبو داود أيضًا، حدثنا محمد بن عيسى، قال: حدثنا عتاب يعني ابن بشير، عن ثابت بن عجلان، عن عطاء، عن أم سلمة قالت: كنت ألبس أوضاحًا من ذهب فقلت: يا رسول الله أكنز هو؟ فقال: ((ما بلغ أن تؤدي زكاته)) يعني بلغ النصاب، ((فزكي فليس بكنز))، وأخرج نحوه الحاكم، والدارقطني، والبيهقي.

ومنها ما رواه أبو داود أيضًا، قال: حدثنا محمد بن إدريس الرازي، قال: حدثنا عمرو بن الربيع بن طارق، قال: حدثنا يحيى بن أيوب، عن عبيد الله بن أبي جعفر: أن محمد بن عمرو بن عطاء أخبره، أن عبد الله بن شداد بن الهاد أنه قال: دخلنا على عائشة زوج النَّبي -صلى الله عليه وسلم-، فقالت: "دخل عليَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرأى في يديَّ فتخات من ورق، فقال: ((ما هذا يا عائشة؟!)) فقلت: صنعتهن أتزين لك يا رسول الله، قال: ((أتؤدِّين زكاتهن؟)) قلت: لا، أو ما شاء الله، قال: ((هو حسبك من النار)).

قال: حدثنا صفوان بن صالح، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، قال: حدثنا سفيان عن عمر بن يعلى، فذكر الحديث نحو حديث الخاتم، قيل لسفيان: كيف تزكيه؟ قال: تضمه إلى غيره.

وحديث عائشة هذا أخرج نحوه أيضًا الحاكم، والدارقطني، والبيهقي.

وأخرج الدارقطني، قال: لا بأس بلبس الحلي إذا روى عن عروة عنها، قالت: لا بأس بلبس الحلي إذا أعطي زكاته.

قال البيهقي: وقد انضم إلى حديث عمرو بن شعيب حديث أم سلمة، وحديث عائشة، وساقهما.

ومنها ما رواه الإمام أحمد، عن أسماء بنت يزيد بلفظ، قالت: "دخلت أنا وخالتي على النَّبي -صلى الله عليه وسلم-، وعلينا أساور من ذهب، فقال لنا: ((أتعطيان زكاته؟))

أقول: هذه المسألة من عضل المسائل، وأنتم تسمعون فتاوى أهل العلم المضطربة في هذه المسألة، تسمعون الفتاوى المضطربة، يمكن تسمعونها كل يوم؛ ولذا لا بد من العناية بها.

طالب:......

يعني تطلب الزكاة قبل أن تفرض؟

طالب:......

لا،  قالوا غير هذا، وسيأتي، قبل أن يباح الحلي؟

طالب:......

نعم.

قال البيهقي: وقد انضم إلى حديث عمرو بن شعيب حديث أم سلمة، وحديث عائشة، وساقهما.

ومنها ما رواه الإمام أحمد، عن أسماء بنت يزيد بلفظ، قالت: "دخلت أنا وخالتي على النَّبي -صلى الله عليه وسلم-، وعلينا أساور من ذهب، فقال لنا: ((أتعطيان زكاته؟)) فقلنا: لا، قال: ((أما تخافان أن يسوركما الله بسوار من نار؟! أدِّيَا زكاته)).

وروى الدارقطني نحوه من حديث فاطمة بنت قيس، وفي سنده أبو بكر الهذلي، وهو متروك. قاله ابن حجر في "التلخيص".

وأما الآثار

الآن عندنا من الأحاديث ثلاثة، وكلها صالحة للاحتجاج، الضعيف منها قابل للانجبار.

وأما الآثار: فمنها ما رواه ابن أبي شيبة، والبيهقي من طريق شعيب بن يسار قال: كتب عمر إلى أبي موسى: أن مُرْ مَنْ قِبَلَكَ من نساء المسلمين أن يصدقن من حليهنَّ.

أن يصدقن من حليهنَّ يعني هذا موافق لقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((تصدقن ولو من حليكن)).

قال البيهقي -يعني امتثالاً لأمره -عليه الصلاة والسلام- قال البيهقي: هذا مرسل شعيب بن يسار لم يدرك عمر.

وقال ابن حجر في "التلخيص": وهو مرسل. قاله البخاري، وقد أنكر الحسن ذلك فيما رواه ابن أبي شيبة قال: لا نعلم أحدًا من الخلفاء قال: "في الحليّ زكاة".

أنكر ذلك الحسن البصري فيما رواه ابن أبي شيبة قال: لا نعلم أحدًا من الخلفاء قال: "في الحليّ زكاة".

ومنها ما رواه الطبراني، والبيهقي، عن ابن مسعود: أن امرأته سألته، عن حلي لها، فقال: إذا بلغ مائتي درهم ففيه الزكاة، قالت: أضعها في بني أخ لي في حجري؟ قال: نعم.

قال البيهقي: وقد روي هذا مرفوعًا إلى النَّبي -عليه الصلاة والسلام-، وليس بشيء، قال البخاري: مرسل، ورواه الدارقطني من حديث ابن مسعود مرفوعًا، وقال: هذا وهم، والصواب موقوف.

ومنها ما رواه البيهقي، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أنه كان يكتب إلى خازنه سالم، جد عبد الله بن عمر، إلى خازنه، أن يخرج زكاة حلي بناته كل سنة، وما روي من ذلك عن ابن عباس، قال الشافعي: لا أدري أيثبت عنه أم لا؟ وحكاه ابن المنذر، والبيهقي، عن ابن عباس، وابن عمر. وغيرهما. قاله في "التلخيص" أيضًا.

لكن الثابت عن ابن عمر ما سمعناه في الموطأ.

وأما القياس: فإنهم قاسوا الحلي على المسكوك والمسبوك، بجامع أن الجميع نقد.

لأن الصياغة للذهب والفضة هل تخرجهما عن كونهما ذهب وفضة؟ بدليل أن الربا يجري فيهما ولو بعد الصياغة.

أما القياس: فإنهم قاسوا الحلي على المسكوك والمسبوك، بجامع أن الجميع نقد.

وأما وضع اللغة: فزعموا أن لفظ الرقة، ولفظ الأوقية الثابت في الصحيح يشمل المصوغ كما يشمل المسكوك، وقد قدمنا أن التحقيق خلافه.

فإذا علمت حجج الفريقين، فسنذكر لك ما يمكن أن يرجح به كل واحد منهما.

أما القول بوجوب زكاة الحلي؛ فله مرجحات:

منها: أن من رواه من الصحابة عن النَّبي -صلى الله عليه وسلم- أكثر، كما قدمنا روايته عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وعائشة، وأم سلمة، وأسماء بنت يزيد، رضي الله عنهم.

أما القول بعدم وجوب الزكاة فيه، فلم يرو مرفوعًا إلا من حديث جابر، كما تقدم.

وكثرة الرواة، من المرجحات على التحقيق.

ومنها: أن أحاديثه كحديث عمرو بن شعيب، ومن ذكر معه، أقوى سندًا من حديث سقوط الزكاة الذي رواه عافية بن أيوب.

حتى على القول بأنه ثقة.

ومنها: أن ما دل على الوجوب مقدم على ما دل على الإباحة؛ لأن الإباحة جارية على الأصل، نعم، والقول بالوجوب ناقل عن الأصل، ولا شك أن الناقل مقدم، والمؤسس مقدم على المؤكد؛ لأن الذي لا ينقل على الأصل، وباقي على أصل الإباحة، هذا لو جاء فيه نص فهو مؤكد لما قبله وأما بالنسبة لما يأتي بحكم جديد ينقل عن البراءة الأصلية يكون مؤسسًا، والتأسيس عند أهل العلم مقدم على التأكيد.

ومنها: أن ما دل على الوجوب مقدم على ما دل على الإباحة؛ للاحتياط في الخروج من عهدة الطلب كما تقرر في الأصول.

ومنها: دلالة النصوص الصريحة على وجوب الزكاة في أصل الفضة، والذهب، وهي دليل على أن الحلي من نوع ما وجبت الزكاة في عينه، هذا حاصل ما يمكن أن يرجح به هذا القول.

وأما القول بعدم وجوب الزكاة في الحليّ المباح، فيرجح بأن الأحاديث الواردة في التحريم إنما كانت في الزمن الذي كان فيه التحلي بالذهب محرمًا على النساء، والحلي المحرم تجب فيه الزكاة اتفاقًا.

يعني لو لبس الرجل حليًّا وجبت فيه الزكاة، لو اتخذت المرأة آنية من الذهب والفضة نعم وجبت فيها الزكاة.

وأما أدلة عدم الزكاة فيه، فبعد أن صار التحلي بالذهب مباحًا، يقول الشيخ: والتحقيق أن التحلي بالذهب كان في أول الأمر محرمًا على النساء ثم أبيح، كما يدل له ما ساقه البيهقي من أدلة تحريمه أولًا، وتحليله ثانيًا، وبهذا يحصل الجمع بين الأدلة، والجمع واجب إن أمكن كما تقرر في الأصول وعلوم الحديث،... إلى آخره.

ووجهه ظاهر؛ لأن إعمال الدليلين أولى من إلغاء أحدهما، ومعلوم أن الجمع إذا أمكن أولى من جميع الترجيحات.

فإن قيل: هذا الجمع يقدح فيه حديث عائشة المتقدم، فإن فيه "فرأى في يدي فتخات من ورق" إلى آخره.

والورق: الفضة، والفضة لم يسبق لها تحريم، فالتحلي بها لم يمتنع يومًا ما.

فالجواب ما قاله الحافظ البيهقي -رحمه الله تعالى- قال: من قال: لا زكاة في الحلي، زعم أن الأحاديث والآثار الواردة في وجوب زكاته كانت حين كان التحلي بالذهب حرامًا على النساء، فلما أبيح لهن سقطت الزكاة.

قال: وكيف يصح هذا القول مع حديث عائشة، إن كان ذكر الورق فيه محفوظًا، غير أن رواية القاسم، وابن أبي مليكة، عن عائشة في تركها إخراج زكاة الحلي، مع ما ثبت من مذهبها من إخراج زكاة أموال اليتامى يوقع ريبة في هذه الرواية المرفوعة، فهي لا تخالف النَّبي -صلى الله عليه وسلم- فيما روته عنه، إلا فيما علمته منسوخًا.

يقول: وبالجملة فلا يخفى أنه يبعد أن تعلم عائشة أن عدم زكاة الحلي فيه الوعيد من النَّبي -صلى الله عليه وسلم- لها بأن حسبها النار، أو بأنه حسبها من النار ثم تترك إخراجها بعد ذلك عمن في حجرها، مع أنها معروف عنها القول: بوجوب الزكاة في أموال اليتامى.

ومن أجوبة أهل هذا القول: أن المراد بزكاة الحلي عاريته، ورواه البيهقي، عن ابن عمر، وسعيد بن المسيب، والشعبي، في إحدى الروايتين عنه.

وهذا حاصل الكلام في هذه المسألة.

وأقوى الوجوه بحسب المقرر في الأصول وعلم الحديث، الجمع إذا أمكن، وقد أمكن هنا.

قال مقيده عفا الله عنه: وإخراج زكاة الحلي أحوط؛ لأن ((من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه)((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك))، والعلم عند الله تعالى.

الآن ماذا فهمنا من كلام الشيخ؟ وماذا رجح؟

طالب:......

عدم الوجوب، بعد أن استقصى أدلة الفريقين من الأصول الأربعة، من الأحاديث المرفوعة والآثار والقياس، واللغة، رجح الشيخ عدم الوجوب، وإما أن تحمل الزكاة الواردة فيه على الإعارة كما قال شيخ الإسلام، أو يقال: وجوب الزكاة إنما كان قبل إباحة الحلي للنساء.

على كل حال يبقى أن القول الثاني له وجه فيه قوة، وقال به أئمة، يعني لو نظرنا على الأئمة قال به الإمام أبو حنيفة، وقال به من أئمة الأثر من المتقدمين والمتأخرين.

نعم القول الثاني وعدم وجوب الزكاة فيه هو قول الجماهير، هو قول جماهير أهل العلم، وعرفنا ما في المسألة، فمن زكى فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن ترك فله سلف نعم.

طالب:......

إن المحرم تجب فيه الزكاة، وإن كان.... أين؟

طالب:......

جرت عليها قواعد، خلاص، مثل غيره من المباحات، لما أبيح جرت عليه القواعد الشرعية أن ما يقتنى للاستعمال ما فيه زكاة، كل ما يقتنى للاستعمال ما فيه زكاة، هذا عموم الأدلة الشرعية، كثير من المسائل تأتي على هذا المنحى، وإلا كان الناس كلهم علماء، وكلهم فقهاء، لولا وجود مثل هذه الإشكالات، صار الناس كلهم علماء، صارت هذه المنازل التي يرفع الله بها العلماء في الدنيا والآخرة متاحة لجميع الناس، لعظم هذا العلم صار مسلكًا وعرًا ما يدركه كل أحد، وجود هذه الإشكالات في كثير من المسائل، في كثير من القضايا وهذا مقصود للشرع، المسألة مسألة جهاد، لكن الواحد على أريكته يسمع خبر ما له معارض كل الناس يحفظوه، لو وجد خبرًا ما له معارض، هذا من الناحية العملية، ومن الناحية العلمية التي هي تتعلق بالإيمان والرضا بالله -جل وعلا- ربًّا، يعني بعض الناس إذا سمع مثل هذه الإشكالات يعني قد يقع في قلبه شيء من الزيغ، وينسب هذا الاختلاف إلى أصل الدين، وأنه دين متعارض ومتناقض؛ لذا جاء في القرآن ما هو متشابه، يمكن ما يعرفه أحد، قد يقول قائل: ما الفائدة من الإتيان به هذا المتشابه؟ ليتميز الناس، وأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه، وأما الراسخون في العلم يقولون آمنا به.

نقول مثل هذا في كثير من المسائل التي هي مسائل معضلة، يرد فيها من النصوص ما يقتضي السلب والإيجاب، ولكن من رسخ في العلم، وتعب في تحصيله، وحرص على تحرير المسائل مخلصًا لله -جل وعلا- في ذلك، يوفق مثل هذا، يوفق ويسدد، نعم.

طالب:......

إذا ما زكوا ما عليهم شيء، لا سيما وهم أئمة، تبغي تجد أورع من مالك والشافعي وأحمد، وعامة أهل العلم في هذا، في مقابل أبي حنيفة، يعني لو المسألة ثانية، يعني ما رجحت من قبل من هو ثقة، وله ثقل عند عامة الناس اليوم، وتجد الإمام أبو حنيفة في كفة، وغيره في كفة، يمكن ما ينظر إلى الإمام مع عظمته، الألسنة كلها متفقة على أنه الإمام الأعظم، أبو حنيفة، يعني ما هو الإنسان يتطاول على مثل هؤلاء الجبال، لكن مادام يفتي به من عرف بالتحري واتباع الدليل وكذا، صار له وزن، وإلا لو تأتي بمسألة ثانية، الأئمة الثلاثة في كفة، وأبو حنيفة في كفة، ثم بعد ذلك ما تجد من يرى قول أبي حنيفة من المعروفين عند الناس ممن جعل الله لهم القبول، ما التفت الناس إلى قوله، إلا عند من يقلده، وعلى كل حال القولان مثل ما ذكرنا في بعض القضايا التي فيها الأدلة تكاد تكون متكافئة، والله اعلم الاحتياط هو ظاهر، وقديم، وأنا أقول بالاحتياط.

جمع العملات والتحف، فيه زكاة وإلا ما فيه؟

طالب:......

العملات، تقصد العملات الملغاة التي لا يتم التداول بها، وقيمتها أضعاف قيمتها وقت التداول، هذه عروض، عروض تجارة هذه.

يعني الريال مثلًا ريال الذي يسمونه الفرنسي، كان متداولاً عنه في هذه البلاد قبل ضرب الريال السعودي، نعم؟

طالب:......

نعم، إيه الآن لو يوجد يستحق مبلغًا كبيرًا، وهناك عملات قبله أكثر قيمة منه، المقصود أن هذه العملات قيمتها أكثر من قيمتها وقت التداول، هذه عروض تجارة، والتشاغل بها وبذل الأموال فيها لا شك أنه من باب الإسراف؛ لأنها لا قيمة لها حقيقة، إنما هي من باب الإسراف.

بعض السفهاء الذين يتندرون بفتاوى أهل العلم ويلتقطون مثل هذه المسائل، يقول: أنت لو تستمع إلى فتاوى المشايخ وجدت أن الذهب يوم السبت فيه زكاة، ويوم الأحد ما فيه زكاة، ويوم الاثنين الأحوط، ويوم الثلاثاء كذا، يعني مثل هؤلاء يخفى عليهم خلاف أهل العلم القديم والحديث، وأن الخلاف موجود من عصر الصحابة، لا شك أن مثل هذا لتعظم الأجور، يعني من تعب على تحرير مسألة وجمع ما فيها، هذا التعب عبث؟ هذا أفضل من جميع نوافل العبادة، ما فيه شك، الذي يحتاج إلى ضبط، يحتاج إلى خطام وزمام إذا تولى الأمر من ليس بكفء، مثل هذا لا بد من كَفّه، أما الأكفاء فالخلاف موجود من عهد الصحابة.

يقول -رحمه الله-: قال مالك: من كان عنده تبر أو حلي من ذهب أو فضة عرفنا حَلي، هذه المفرد، وجمعه حلي، لا ينتفع فيه للبس فإن عليه فيه الزكاة في كل عام؛ لأنه حينئذ يكون حكمه حكم الكنز، وليس حكمه حكم ما يقتنى للاستعمال، يوزن فيؤخذ ربع عشره، إلا أن ينقص من وزن عشرين دينارًا عينًا أو مائتي درهم، فإن نقص من ذلك فليس فيه زكاة، وإنما تكون فيه الزكاة إذا كان إنما يمسكه لغير اللبس.

يعني إذا كان يمسكه للبس كان كسائر ما يستعمله، طيب كتب طالب العلم فيها زكاة وإلا ما فيها زكاة؟ ولو كثرت، يعني قد تقوم حاجته بألف مجلد، يقول: لا، يمكن أحتاج في يوم من الأيام هذا الكتاب، وهذا الكتاب، إلى أن تبلغ عشرة آلاف مجلد، نعم، هي مستعملة، كلها مستعملة، حقيقة أو حكمًا.

يقول: وإنما تكون الزكاة إذا كان إنما يمسكه لغير اللبس، فأما التبر والحلي المكسور الذي يريد أهله إصلاحه ولبسه فإنما هو بمنزلة المتاع الذي يكون عند أهله، فليس على أهله فيه زكاة.

قال مالك: ليس في اللؤلؤ ولا في المسك، الطيب المعروف، ولا العنبر زكاة، كسائر العروض، لا زكاة في أعيانها، يعني لا يطلب الزكاة من أعيانها، ليست هي من الزكوات، وإنما تطلب الزكاة في أقيامها، فهي تزكى باعتبار أنها عروض تجارة، وسيأتي ما في العروض من وجوب الزكاة في قول عامة أهل العلم ومخالفة أهل الظاهر في هذا في باب مستقل إن شاء الله.

في دراهم مسكوكة في وقت الحرب العالمية الأولى، وهي آتية من طريقها في محل الصناعة والصياغة لتكون دراهم، غرقت السفينة، ضربت في وقت الحرب العالمية فغرقت السفينة والأموال غاصت في البحر، ثم قبل سنوات يسيرة ما أدري سنتين أو ثلاث بحث عن هذه الأموال وأخرج قدر كبير منها، بعد كم ستين سبعين سنة، أخرج منها وبيعت في المزادات، المقصود أن مثل هذه إذا عثر عليها هل حكمها حكم الكنز أو لقطة؟ نعم.

طالب:......

وعليها ضرب إسلامي، واسم مسلمين، ودولة مسلمة.

طالب:......

نعم، لكن هل هي تكون ركازًا يملكها واجدها، أو هي لقطة وجدها فيعيدها إلى صاحبها، صاحبها معروف، أربابه معروفون .

طالب:.......

وليس عليها أي دليل على صاحبها

طالب:.......

الذي يظهر أنها أقرب ما تكون للركاز .

 

اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .