شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح (323)

 

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.

 

والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..

أيها الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلًا بكم إلى حلقة جديدة في برنامجكم "شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح" مع مطلع هذه الحلقة يسرنا أن نرحب بضيف البرنامج فضيلة الشيخ الدكتور/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير، فأهلًا ومرحبًا بكم فضيلة الشيخ.

حياكم الله، وبارك فيكم، وفي الإخوة المستمعين.

المقدم: ما زلنا في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- في باب الاستنثار في الوضوء لتذكير الإخوة الحديث مائة وتسع عشرين بحسب المختصر، مائة وواحد وستين بحسب الأصل، نستكمل ما تبقى من هذا الحديث.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد،

ففي الحلقة السابقة ذكرنا أقوال أهل العلم، وأتينا بالنقل عن كتاب "المغني" للإمام الموفق في حكم المضمضة والاستنشاق، وهنا نقول يقول الترمذي في جامعه، جامع الترمذي يقول: اختلف أهل العلم فيمن ترك المضمضة والاستنشاق، فقالت طائفة منهم: إذا تركهما في الوضوء أعاد الصلاة، ورأوا ذلك في الوضوء والجنابة سواءً، وبه يقول ابن أبي ليلى، وعبد الله بن المبارك، وأحمد، وإسحاق، وقال أحمد: الاستنشاق أوكد من المضمضة، يعني مما تقدم مرارًا من أن الذي جاء بالاستنشاق أكثر مما جاء وأصرح مما جاء بالمضمضة، قال أبو عيسى: وقالت طائفة من أهل العلم: يعيد في الجنابة، ولا يعيد في الوضوء، وهو قول سفيان الثوري، وبعض أهل الكوفة، وقالت طائفة: لا يعيد في الوضوء ولا في الجنابة؛ لأنهما سنة من النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – فلا تجب الإعادة على من تركهما في الوضوء ولا في الجنابة، وهو قول مالك والشافعي في آخرةٍ..   

المقدم: المذهب الأخير يعني.

في آخرةٍ، كذا ضبطها الشيخ أحمد شاكر في تحقيقه لجامع الترمذي، يعني الإمام الشافعي له القول القديم وله القول الجديد، فهذا قوله الجديد، قوله القديم قبل مجيئه إلى مصر وقوله الجديد بعده، والمفتى به عندهم على القول الجديد باعتباره ناسخًا للقول القديم، إلا في مسائل، مسائل ذكرها النووي في مقدمة المجموع، وذكرت في آخر الأشباه والنظائر للسيوطي، يعني من أرادها يرجع إليها.

ومن استجمر يقول الكرماني: الاستجمار هو مسح محل البول والغائط بالجمار، وهي الأحجار الصغيرة، قالوا: يقال: الاستطابة والاستجمار والاستنجاء لتطهير محل الغائط والبول، والاستجمار مختص بالمسح بالأحجار، والاستطابة والاستنجاء يكونان بالماء ويكونان بالأحجار، السين هذه في الألفاظ الثلاثة: الاستطابة والاستجمار والاستنجاء للطلب، كالاستشفاء طلب الشفاء، استسقاء طلب السقيا، هذه للطلب، فالاستجمار طلب الجمار التي هي الأحجار الصغيرة، والاستنجاء طلب الأصل إزالة النجو، وإذا قلنا: السين والتاء للطلب فمعناه طلب الإزالة، والاستطابة طلب الطيب الذي هو ضد هذا القذر الموجود، فهذه الألفاظ الثلاثة متقاربة، ويطلق بعضها على بعض، لكنهم أكثر ما يقولون في الاستجمار أنه بالأحجار؛ لأن الجمار هي الحجارة الصغار، وأما بالنسبة للاستطابة والاستنجاء فإطابة المكان بزوال ما عليه، وكذلك إزالة النجو، كلاهما يحصل بالماء كما يحصل بالأحجار، وإن كان هناك فرق بين استعمال الأحجار واستعمال الماء، الماء يزيل الأثر بالكلية، والاستنجاء بالحجارة إنما يزيل الغالب بحيث لا يبقى إلا أثر لا يزيله إلا الماء.

 يقول ابن حجر: استجمر: استعمل الجمار، وهي الحجارة الصغار في الاستنجاء، وحمله بعضهم على استعمال البخور، استجمر المِجمرة ومنه نعيم الـمُجمر أو المجمّر الذي يبخر المسجد، وحمله بعضهم على استعمال البخور، فإنه يقال: بخّر أو يقال: تجمر واستجمر، فإنه قال: تجمر واستجمر يعني استعمل المجمرة التي هي للطيب، حكاه ابن حبيب عن ابن عمر، ولا يصح عنه، وابن عبد البر عن مالك، وروى ابن خزيمة في الصحيح عنه خلافه، وقال عبد الرزاق عن معمر أيضًا بموافقة الجمهور.

 وقال العيني: ونحن نستحب الوتر في الوجهين جميعًا، يعني استعمل استجمر في المعنيين معًا، استجمر حمله بعضهم على الطيب، وبعضهم وهم الأكثر وهو الظاهر من إيراد الأئمة هذا الحديث في أبواب الطهارة، على أن المراد به إزالة الأثر الخارج، يقول العيني: ونحن نستحب الوتر في الوجهين جميعًا استعمالًا لهذا اللفظ في معنييه، ومعروف أقوال أهل العلم في استعمال اللفظ إما في حقيقته أو مجازه، أو في أكثر من معنى من معانيه المشتركة.

 قال العيني: ونحن نستحب الوتر في الوجهين جميعًا، فيأخذ ثلاث قطع من الطيب، أو يتطيب مرة واحدة، أو يتطيب ثلاثًا أو خمسًا، المقصود أنه لا يقطعه على شفع، يعني إذا أدير الطيب مرة ثم أدير ثانية لا تقف، لابد أن تتطيب ثالثة، وهذا كله على سبيل الاستحباب، قول العيني: ونحن نستحب الوتر في الوجهين جميعًا لا شك أنه استعمال للفظ في معنييه، واستعمال اللفظ في حقيقته ومجازه إذا قلنا: إن هذا من باب الحقيقة والمجاز عند من يقول به ممنوع عند جمهور أهل العلم إنما يستعمل إما في الحقيقة أو في المجاز، استعمال اللفظ المشترك في معانيه أيضًا جمع من أهل العلم يمنعه، يعني ما تقول: رأيت عينًا.   

المقدم: وأنت تريد بها أكثر من لفظ. 

أكثر من معنى، شيخ الإسلام يقول: لا يوجد ما يمنع استعمال اللفظ المشترك في جميع معانيه إلا إذا دل دليل على عدم إرادة بعضها، يعني هذا ذكره في مقدمة التفسير.

وعلى كل حال هذا كلام العيني، «من استجمر فليوتر» أي فليجعل الحجارة التي يستنجي بها وترًا.

«فليوتر» يعني فليوتر يدخل فيه الواحدة؟ استجمر فليوتر.

المقدم: أي واحدة.

تدخل

المقدم: بالنسبة لاستجمار الطيب نعم، أما الاستجمار ذلك فـ..

أقله ثلاث على ما تقدم، على الخلاف الحنفية يقولون يكفي واحدة، المقصود الإنقاء، «فليوتر»: أي فليجعل الحجارة التي يستنجي بها وترًا، يقول العيني: إما واحدة أو ثلاثًا أو خمسًا، هكذا يقول العيني، والكرماني لأن مذهب الحنفية يجيزون الاستنجاء بواحدة، إما واحدة أو ثلاثًا أو خمسًا. ويقول الكرماني: المراد بالإيتار أن يكون عدد المسحات ثلاثًا أو خمسًا أو فوق ذلك من الأوتار، يعني في حديث أم عطية في غسل ابنته -عليه الصلاة والسلام- في تغسيل الميت قال: «اغسلنها ثلاثًا أو خمسًا أو سبعًا أو أكثر من ذلك إن رأيتن» يعني إذا رأيتن أن الحاجة داعية إلى ذلك، وهنا يقول الكرماني: المراد بالإيتار أن يكون عدد المسحات ثلاثًا أو خمسًا أو فوق ذلك، ما الذي أخرج الواحدة من الوتر؟ يعني إذا صلى ركعة واحدة بليل فهل يقال أوتر أو ما أوتر؟

المقدم: أوتر.

أوتر، لكن أدنى الكمال ثلاث، وهنا أدنى الواجب ثلاث عندنا، أو فوق ذلك من الأوتار، ومذهبنا- يقول الكرماني وهو شافعي المذهب- أن استيفاء الثلاث واجب، وهو قول الجمهور، فإن حصل الإنقاء به فلا زيادة وإلا وجبت الزيادة ثم إن حصل بوتر فلا زيادة، لم يحصل الإنقاء بثلاث حصل بخمس يكفي، لكن حصل بأربع يزيد واحدة، فإن حصل الإنقاء به فلا زيادة، وإلا وجب الزيادة، ثم إن حصل بوتر فلا زيادة، وإن حصل بشفع استحب الإيتار، طيب عندنا تحتاج من المناديل لتنظيف شيء ما، استعملت منديلًا واحدًا ما كفى، استعملت الثاني فكفى، هل نقول: خذ ثالثًا للإيتار أو نقول: هذا من إضاعة المال؟ لإن هذا له علاقة بما معنا هل نقول: أنت الآن واحد ما كفاك أخذت ثانيًا كفى، هل نقول: خذ ثالثًا لتقطعه على وتر كما هنا أو نقول: إن الثالث من إضاعة المال؟

المقدم: الظاهر أنه من إضاعة المال.

لأنه يقول هنا: فإن حصل الإنقاء به فلا زيادة، وإلا وجب الزيادة، ثم إن حصل بوتر فلا زيادة، وإن حصل بشفع استحب الإيتار؛ لأنه قال: «من استجمر فليوتر»؛ لأنه قد يستجمر بمناديل على ما تقدم، فإذا أنقى بأربعة مناديل نقول: خذ خامسًا «من استجمر فليوتر»؟

المقدم: في الاستجمار نعم.

وفي غيره ما حكمه؟

المقدم: في غيره لا يعني أن واحدًا يزيل مثلًا شيئًا عالقًا في جسمه، في يده، في وجهه.

أو خارجًا من أنفه مثلًا،

المقدم: مثلًا ما جاء فيه نص للإيتار.

ما الفرق بين أن تنقطع النجاسة بشفع، ثم نطلب ما نوتر به خامسًا أو سابعًا، وبين أن ينقطع.. القذر باثنين ونطلب ثالثًا؟

المقدم: الفرق النص يا شيخ.

أين؟

المقدم: النص الوارد.

هذا نص خاص بالاستجمار، طيب من حمله على البخور؟

المقدم: لأن اللفظ يحتمل.

ولا إضاعة للمال في البخور، وزيادة من شيء مطلوب مرغوب شرعًا، وهنا نقول فيه شيء من إضاعة المال، أنت احتجت بعد أن توضأت أن تتمسح بمناديل ما كفاك اثنان ولا أربعة اكتفيت بستة مثلًا من المناديل لتمسيح وجهك ويديك وما أشبه ذلك، بعض الناس يتجوز في هذا الأمر، وبعضهم يقتصد اقتصادًا بالغًا، والأمر في هذا فيه سعة، لكن يبقى أن إضاعة المال منهي عنه، فيستعمل منها بقدر المطلوب، وهذه مسألة يحتاج إليها باستمرار، قال بعض أصحابنا -يعني من الشافعية؛ لأن الكلام ما زال للكرماني-: يجب الإيتار مطلقًا؛ لظاهر الحديث، وحجة الجمهور الحديث الصحيح، حجة الجمهور على عدم وجوب الإيتار، وحجة الجمهور الحديث الصحيح في السنن «من استجمر فليوتر» من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج، ويحملون هذا الحديث على الثلاث أو على الندب فيما زاد، قال الخطابي: فيه دليل على وجوب عدد الثلاث، فيه دليل على وجوب عدد الثلاث، والواحدة؟ ألا يحصل بها الوتر؟

المقدم: ..جاء نص آخر بألا..

لا، لا. يقول: فيه- يعني في هذا الحديث «من استجمر فليوتر»- فيه دليل على وجوب عدد الثلاث، وهذا كلام الخطابي، وهو أيضًا لابن الجوزي في كشف المُشكل، كيف نأخذ وجوب عدد الثلاث من حديث «من استجمر فليوتر» ؟ نسمع كلام الخطابي، يقول: فيه دليل على وجوب عدد الثلاث؛ إذ معلوم أنه لم يرد به الوتر الذي هو فرد؛ لأنه زيادة صفة على الاسم، يعني ما قال: من أحدث فليستجمر، نقول: إن الاستجمار يحصل بواحدة، من استجمر يعني أقل ما يحصل به الاستجمار، أقل ما يتحقق به لفظ من استجمر الواحدة، وفليوتر قدر زائد على مجرد حصول الاسم الذي هو الاستجمار.

المقدم: مما يدل على الثلاث فما فوق.

نعم، يقول: فيه دليل على وجوب عدد الثلاث؛ إذ معلوم أنه لم يرد به الوتر الذي هو فرد؛ لأنه زيادة صفة على الاسم، والاسم لا يحصل بأقل من واحد، الاسم الاستجمار لا يحصل بأقل من واحد، إذًا ما موقع فليوتر؟ إلا أنه قدر زائد على ما يحصل به الاسم الذي هو الاستجمار، والاسم لا يحصل بأقل من واحد، فعلم أنه إنما قصد به ما زاد على الواحد وأدناه ثلاث، وتقدم الخلاف في العدد مستوفًى، فلا داعي لإعادته، وهذا الكلام للخطابي، ويوافقه عليه ابن الجوزي في كشف المُشكل.

هذا الحديث خرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- مرتين في موضعين، في هذا الموضع في كتاب الوضوء، باب الاستنثار في الوضوء، وفي الموضع الذي يليه مباشرة، في كتاب الوضوء باب الاستنثار في الوضوء ذكره عثمان وعبد الله بن زيد وابن عباس -رضي الله عنهم- عن النبي – صلى الله عليه وآله وسلم -، يعني ذكره هؤلاء الرواة الذي رووا وضوء النبي -عليه الصلاة والسلام-، قال -رحمه الله-: حدثنا عبدان قال: أخبرنا.. عبدان عبد الله بن عثمان، قال: أخبرنا عبد الله يعني ابن المبارك، قال: أخبرنا يونس بن يزيد الأيلي عن الزهري محمد بن مسلم من شهاب، وقال: أخبرني أبو إدريس، أنه سمع أبا هريرة عن النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – أنه قال: «من توضأ فليستنثر ومن استجمر فليوتر»، وهذا سبق ذكر الرابط بينه وبين الترجمة، وأنها مطابقة حرفية.

الموضع الثاني في الباب الذي يليه في كتاب الوضوء باب الاستجمار وترًا، وهو الذي يليه في الأصل، وفي المختصر لا فاصل بينهما في الأصل والمختصر، يقول -رحمه الله تعالى- في الباب الذي يليه: حدثنا عبد الله بن يوسف قال: أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – قال:...... اقرأ المتن.

المقدم: وعنه -رضي الله عنه- أن رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – قال: «إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماءً ثم لينثر، ومن استجمر فليوتر، وإذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها في وُضوئه، فإن أحدكم لا يدري».

في وَضُوئه الماء، يعني قبل أن يدخلها في الماء.

المقدم: عندنا بالضم، بالفتح يعني وَضوئه.

وَضوئه يعني في الماء،

المقدم: ضبطها بالضم، «قبل أن يدخلها في وَضوئه، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده».

يعني المختصِر لا يكرر.

المقدم: كيف كرر هنا.

كيف كرر؟! وأيهما الذي يغني عن الآخر؟

المقدم: الأصل الثاني.

الثاني يغني عن الأول؛ لأن الأول: «من توضأ فليستنثر»، «إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماءً ثم لينثر، ومن استجمر فليوتر، ومن استجمر فليوتر» حقيقة ذكره للحديث في موضعه الأول على خلاف شرطه وقاعدته وعادته، راوي الحديث هو أبو هريرة، راوي الحديث السابق، وسيأتي الخلاف بين ابن حجر وغيره في كون هذا الحديث هو نفس الحديث الأول، أو غيره، هل هو نفسه أو غيره؛ لأن الذين رقموا، ابتداءً من محمد فؤاد عبد الباقي، جعلوا الثاني طرفًا للأول.

هذا الحديث على كل حال ترجم عليه الإمام البخاري بقوله: باب الاستجمار وترًا، يقول الكرماني: فإن قلت ما وجه المناسبة في تخليل هذا الباب بين أبواب الوضوء؟ ولما كان الاستجمار مقدمًا في الوجوب على الاستنثار كان المناسب في الترتيب تقديمه عليه في وضع الأبواب، يعني الاستنثار في الوضوء بعد الاستنشاق هل هو بعد الاستجمار أو قبله؟ يعني الآن قدم الاستنثار في الوضوء، ثم أردفه بالاستجمار، الاستجمار الأصل أن يكون قبل الوضوء، وهل يفهم من هذا يعني ترتيب البخاري ترجيح قول من يقول: إنه يصح الاستنجاء والاستجمار بعد الوضوء؟ هذا قول معروف عند أهل العلم، وسبق أن بحثناه، هل يؤخذ منه أن البخاري يرى هذا الرأي؛ لأن إدخاله بين أبواب الوضوء عندك مثلًا انتهت أبواب الاستنجاء، باب الاستنجاء بالماء، حمل العنزة في الاستنجاء، الاستنجاء باليمين، الاستنجاء بالحجارة، لا يستنجي بروث ثم دخل في أبواب الوضوء، باب الوضوء مرة مرة، مرتين، ثلاثًا ثلاثًا، الاستنثار في الوضوء، الاستجمار وترًا، غسل الرجلين في النعلين، 

المقدم: التيمم.

كلها في الوضوء، بين أبواب الوضوء الاستجمار وترًا، يقول الكرماني: فإن قلت ما وجه المناسبة في تخليل هذا الباب بين أبواب الوضوء؟ لما كان الاستجمار مقدمًا في الوجود على الاستنثار كان المناسب في الترتيب تقديمه عليه في وضع الأبواب، يعني جواب الكرماني عن هذا الاستشكال قال: قلت: معظم نظر البخاري إلى نقل الحديث وإلى ما يتعلق بتصحيحه، غير مهتم بتحسين الوضع وترتيب الأبواب؛ لأن أمره سهل، يقول: إن البخاري -رحمه الله- يهتم بصحة الأحاديث، والاستنباط منها بالتراجم، لكن كونه يقدم ترجمة أو يؤخر فهذا لا يُعنى به، ولا يهتم به، ولكن هذا الكلام صحيح أو غير صحيح؟ تقدم تفنيده عند شرح حديث إن كنت تذكر مائة وستة عشر. 

المقدم: لكن لازم أن نلاحظ أنه في المختصر فيه أربعة أبواب مُسقطة، قد يكون اتضح المراد من الأصل،

أربعة أبواب.

المقدم: يعني باب الاستجمار وترًا، ثم باب غسل الرجلين في النعلين، بينها أربعة أبواب.

بين أين؟

المقدم: بين هذا الباب الاستجمار وترًا، وباب غسل الرجلين في النعلين أربعة أبواب مسقطة.

صحيح، سبع وعشرين، ثمان وعشرين، وتسع وعشرين مسقطة، لكن الكلام في أن ما ذكر.. الأبواب الأخيرة التي تليه.

المقدم: يعني هل هي...

الاستجمار وترًا، بعده باب غسل الرجلين ولا يمسح على القدمين.

المقدم: في الوضوء.

نعم، وبعده المضمضة في الوضوء، بعده غسل الأعقاب، بعده غسل الرجلين في النعلين، كلها في الوضوء، يعني تخليل هذا الباب بين أبواب الوضوء لا شك أنه منتقد، فإن رأيتم؛ لأن الكلام فيها والمناقشات طويلة بين ابن حجر، وسبق أن أشرنا إلى شيء منها.

المقدم: في مثل هذا الباب.

في باب تقدم، قلنا في شرح الحديث 116.

المقدم: يعني هل البخاري يرى الترابط أم ما يراه؟ وهل التبويب له هدف عنده؟

سيأتي في كلام ابن حجر وعمدة القاري، مع أن كلام ابن حجر الذي سقناه سابقًا عند حديث أنس: «اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث» كلام قوي جدًّا لابن حجر، وأوجد مناسبات بين هذه الأبواب وروابط، لكنه في هذا الموضع كأنه ضعف على ما سيأتي تقريره، إن شاء الله تعالى.

المقدم: جزاكم الله خيرًا وأحسن إليكم، بهذا نكتفي أيها الإخوة على أن يكون موضوع الحلقة القادمة بإذن الله هو الحديث حول مسألة هذا التبويب، شكرًا لطيب المتابعة، لنا بكم لقاء بإذن الله، وأنتم على خير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.