تقريب الأسانيد وترتيب المسانيد

أبو الفضل زين الدين عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن إبراهيم العراقي (المتوفى: 806هـ)

عبد الرَّحِيم بن الْحُسَيْن بن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر بن إِبْرَاهِيم الزين المعروف بالعراقي، تحول به وَالِده لمصر وَهُوَ صَغِير مَعَ بعض أقربائه فاختص بالشيخ الشريف تَقِيّ الدّين مُحَمَّد بن جَعْفَر بن مُحَمَّد القناوي الشَّافِعِي شيخ خانقاه رسْلَان بمنشية المهراني على شاطىء النّيل بَين مصر والقاهرة ولازم خدمته، حفظ الْقُرْآن وَهُوَ ابْن ثَمَان والتنبيه وَأكْثر الْحَاوِي وَكَانَ رام حفظ جَمِيعه فِي شهر فمل بعد إثني عشر يَوْمًا وعد ذَلِك فِي كرامات الْبُرْهَان الرَّشِيدِيّ فَإِنَّهُ لما استشاره فِيهِ قَالَ انه غير مُمكن فَقَالَ لَا بُد لي مِنْهُ فَقَالَ افْعَل مَا بدا لَك وَلَكِنَّك لَا تتمه، وَكَذَا حفظ الالمام لِابْنِ دَقِيق الْعِيد، لازم الشُّيُوخ فِي الدِّرَايَة فَكَانَ أول شَيْء اشْتغل بِهِ الْقرَاءَات، وقد أكملها على التقي الوَاسِطِيّ فِي إِحْدَى مجاوراته بِمَكَّة، وَنظر فِي الْفِقْه وأصوله فَحَضَرَ فِي الْفِقْه دروس ابْن عَدْلَانِ ولازم الْعِمَاد مُحَمَّد بن إِسْحَق البلبيسي وَالْجمال الاسنوي وَعنهُ وَعَن الشَّمْس بن اللبان أَخذ الاصول وَتقدم فيهمَا بِحَيْثُ كَانَ الاسنوي يثني على فهمه ويستحسن كَلَامه فِي الاصول ويصغي لمباحثه فِيهِ وَيَقُول إِن ذهنه صَحِيح لَا يقبل الْخَطَأ، وَفِي أثْنَاء ذَلِك أقبل على علم الحَدِيث بِإِشَارَة الْعِزّ بن جمَاعَة فَإِنَّهُ قَالَ لَهُ وَقد رَآهُ متوغلا فِي الْقرَاءَات: إِنَّه علم كثير التَّعَب قَلِيل الجدوى وَأَنت متوقد الذِّهْن فاصرف همتك إِلَى الحَدِيث، فَأَخذه بِالْقَاهِرَةِ عَن الْعَلَاء التركماني، وبمكة عَن الصّلاح العلائي وبالشام عَن التقي السُّبْكِيّ وَزَاد تفننا باجتماعه بهما وَأكْثر فِيهَا وَفِي غَيرهَا من الْبِلَاد، تصدى للتخريج والتصنيف والتدريس والافادة، وَمن تصانيفه: الألفية فِي عُلُوم الحَدِيث، وَفِي السِّيرَة النَّبَوِيَّة، وَفِي غَرِيب الْقُرْآن، وَشرح الأولى وَكتب على أَصْلهَا ابْن الصّلاح نكتا، وَكَذَا نظم الاقتراح لِابْنِ دَقِيق الْعِيد، وَعمل فِي الْمَرَاسِيل كتابا وَهُوَ من أَوَاخِر مَا جمعه، وتقريب الاسانيد وترتيب المسانيد فِي الْأَحْكَام وَاخْتَصَرَهُ وَشرح مِنْهُ قِطْعَة نَحْو مجلد لطيف، وَكَذَا أكمل شرح التِّرْمِذِيّ لِابْنِ سيد النَّاس فَكتب مِنْهُ تسع مجلدات وَلم يكمل أَيْضا، وَفِي الْفِقْه: الِاسْتِعَاذَة بِالْوَاحِدِ من إِقَامَة جمعتين فِي مَكَان وَاحِد، وتاريخ تَحْرِيم الرِّبَا، وتكملة شرح الْمُهَذّب للنووي، بنى على كِتَابَة شَيْخه السُّبْكِيّ فَكتب أَمَاكِن واستدراك على الْمُهِمَّات للاسنوي وَسَماهُ: تتمات الْمُهِمَّات، وَفِي الاصول: نظم منهاج الْبَيْضَاوِيّ إِلَى غير ذَلِك.
توفي- رحمه الله- فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء من شعْبَان سنة سِتّ وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ، وَكَانَت جنَازَته مَشْهُورَة وَقدم للصَّلَاة عَلَيْهِ الشَّيْخ شهَاب الدّين الذَّهَبِيّ، وَمَات وَله احدى وَثَمَانُونَ سنة.
----------------------
الضوء اللامع لأهل القرن التاسع للسخاوي، (4/ 171) فما بعدها.