شرح الموطأ - كتاب الصلاة (5)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
سم.
باب: من قام بعد الإتمام أو في الركعتين:
أحسن الله إليك:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم وفق شيخنا لما تحب وترضى.
باب: من قام بعد الإتمام أو في الركعتين:
عن مالك عن ابن شهاب عن الأعرج عن عبد الله بن بحينة -رضي الله تعالى عنه- أنه قال: "صلى لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ركعتين، ثم قام فلم يجلس، فقام الناس معه، فلما قضى صلاته ونظرنا تسليمه، كبّر ثم سجد سجدتين، وهو جالس قبل التسليم، ثم سلم".
عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عبد الرحمن بن هرمز عن عبد الله بن بحينة -رضي الله تعالى عنه- أنه قال: "صلى لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الظهر فقام في اثنتين ولم يجلس فيهما، فلما قضى صلاته سجد سجدتين، ثم سلم بعد ذلك".
قال مالك -رحمه الله- فيمن سها في صلاته فقام بعد إتمامه الأربع فقرأ ثم ركع فلما رفع رأسه من ركوعه ذكر أنه قد كان أتم: إنه يرجع فيجلس ولا يسجد ولو سجد إحدى السجدتين لم أرَ أن يسجد الأخرى، ثم إذا قضى صلاته فليسجد سجدتين، وهو جالس بعد التسليم.
يقول -رحمه الله تعالى-: "باب: من قام بعد الإتمام أو في الركعتين" أي بعد الركعتين قبل أن يتشهد.
"حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن الأعرج عن عبد الله بن بحينة" وبحينة أمه، وهو عبد الله بن مالك بن القشب، وأما بحينة فهي أمه "أنه قال: "صلى لنا" في رواية عند البخاري: "صلى بنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الظهر" كما في بعض الروايات: "ركعتين ثم قام فلم يجلس -في التشهد الأول- فقام الناس معه" قال الباجي: يحتمل أن يكونوا علموا حكم هذه الحادثة، وأنه إذا استوى قائمًا لا يرجع إلى الجلسة، يعني يحتمل أن الصحابة خلفه -عليه الصلاة والسلام- عرفوا الحكم، وأنه إذا استتم قائمًا لا يعود، وقد استتم، ويحتمل أيضًا أنهم جهلوا الحكم وظنوه تشريعًا، ظنوه تشريعًا؛ لأنهم لم يسبحوا، "فقام الناس معه فلما قضى صلاته -فرغ منها- ونظرنا تسليمه -يعني انتظرنا- كبّر ثم سجد سجدتين وهو جالس قبل التسليم ثم سلم".
والحديث في الصحيحين، وفيه مشروعية سجود السهو، وأنه سجدتان، وأنه يكبر لهما كما يكبر لغيرهما من السجود، وأن السجود في مثل هذه الصورة يكون قبل السلام، وأن من سها عن أكثر من شيء يكفيه سجدتان؛ لأنه ترك التشهد والجلوس له، واكتفى بسجدتين، وهذا عمدة من يقول: إن السجود للنقص يكون قبل السلام.
يقول: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عبد الرحمن بن هرمز -الأعرج- عن عبد الله ابن بحينة أنه قال: "صلى لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الظهر" وهنا صرح بالصلاة، هناك صلى لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ركعتين، وهنا صرح بأنها صلاة الظهر "فقام في اثنتين ولم يجلس فيهما" أي بينهما، "ولم يجلس فيهما" يعني في نهايتهما "فلما قضى صلاته سجد سجدتين للسهو، ثم سلم بعد ذلك" من غير تشهد بعدهما.
"قال مالك: فيمن سها في صلاته فقام بعد إتمامه الأربع" من سها في صلاته فقام بعد إتمامه الأربع في الرباعية، والثلاث في الثلاثية، أو الاثنتين في الصبح "فقرأ ثم ركع فلما رفع رأسه من ركوعه ذكر أنه قد كان أتم -الصلاة- إنه يرجع فيجلس ولا يسجد" فيمن سها في صلاته فقام بعد إتمامه الأربع، يعني قام إلى خامسة أو في الثلاثية بعد إتمام الثالثة فقام إلى رابعة، أو في الثنائية فقام إلى ثالثة، مثل هذا لما قام وقرأ الفاتحة وركع ذكر أنها زائدة ماذا يصنع؟ يجلس فورًا لا يتم بقية الركعة.
طالب:.......
نعم؛ لأنه إن أتمها بطلت صلاته، الزيادة السابقة سهو معذور، لكن بقية الركعة زيادة عن عمد فتبطل الركعة، ذكر أنه كان قد أتم، أو قد كان أتم الصلاة أنه يرجع فيجلس ولا يسجد، فإن سجد بطلت صلاته؛ لأنه إذا ركع ثم ذكر يجلس ولا يسجد، ما يقول: خلاص راح الكثير ما بقي إلا القليل نكمل هذه الركعة؟ نقول: لا، أنت زدت زيادة عن عمد مبطلة للصلاة، "فيجلس ولا يسجد فإن سجد بطلت؛ لأنها زيادة في الصلاة عن علم وعمد، "ولو سجد إحدى السجدتين" قام وقرأ في الخامسة وركع ورفع وسجد، ثم ذكر بين السجدتين يسجد الثانية أم لا؟ لا يسجد الثانية "ولو سجد إحدى السجدتين لم أرَ أن يسجد الأخرى" بل إن سجدها بطلت صلاته؛ لأنه تعمد الزيادة.
قال ابن عبد البر: أجمعوا على أن من زاد في صلاته شيئًا وإن قل من غير الذكر المباح فسدت صلاته.
"ثم إذا قضى صلاته -فرغ منها بالتشهد والسلام- فليسجد سجدتين وهو جالس" يعني لأنه زاد في الصلاة، سجود للزيادة بعد السلام "فليسجد سجدتين وهو جالس بعد التسليم" للزيادة، والأصل في ذلك حديث ابن مسعود أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلى الظهر خمسًا فقيل له: أزيدت الصلاة؟ فقال: ((وما ذاك؟)) قالوا: صليت خمسًا، فسجد سجدتين بعدها، فسجد سجدتين بعدها، فمثل هذا يصلح دليل أن يكون السجود للزيادة بعد السلام، أو أنه ما عرف أنه زاد إلا بعد السلام؟ ما عرف أنه زاد إلا بعد السلام، فليس في هذا دليل على أن كل سجود للزيادة بعد السلام.
طالب:......
قطعًا ما عرف إلا بعد السلام واضح؛ لأنه لما سلم قيل له: أزيد في الصلاة؟ قال: ((وما ذاك؟)) لم يدرِ -عليه الصلاة والسلام-، قالوا: صليت خمسًا، فسجد سجدتين بعدما سلم.
طالب:.......
لا، فرق بين واجب وبين ركن، يعني لو ترك ركعة وطال الفصل يأتي بها أم يستقبل صلاته؟ يستقبل صلاته، لكن افترض أنه نسي التشهد الأول وما سجد له، وطال الفصل، والسجود واجب هل يلزمه إعادة الصلاة؟ لا، لا يلزمه إعادة الصلاة.
حال المأمومين من يعرف أنه زاد زيادة مبطلة يعيد الصلاة، أو لا يتابعه من الأصل، لا يجوز له متابعته من الأصل؛ لأنه إن تابعه لا بد من إعادة الصلاة، الركعة الخامسة يعني من عرف أنها زائدة وسبق بركعة عليه أن يجلس ويأتي بركعة؛ لأن هذه الركعة زائدة لا يدرك بها شيء، وجودها مثل عدمها، لكن مثل سبحوا به+، الإنسان الذي يعرف أنها زائدة يلزمه الجلوس، ينفصل بلا شك، نعم؟
طالب..........
الإمام إذا كانت بطلت ركعته يأتي ببدلها كالمنفرد، نعم لو قام إلى ثالثة في صلاة التراويح هذا تقصد؟ يقولون: فكثالثة في فجر، يعني يلزمه الرجوع، نعم.
باب: النظر في الصلاة إلى ما يشغلك عنها:
باب: النظر في الصلاة إلى ما يشغلك عنها:
عن مالك عن علقمة بن أبي علقمة عن أمه أن عائشة -رضي الله تعالى عنهما- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت: "أهدى أبو جهم بن حذيفة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- خميصة شامية، لها علم، فشهد فيها الصلاة، فلما انصرف قال: ((ردي هذه الخميصة إلى أبي جهم، فإني نظرت إلى علمها في الصلاة فكاد يفتنني)).
قال: حدثني مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لبس خميصة لها علم ثم أعطاها أبا جهم، وأخذ من أبي جهم أنبجانية له، فقال: يا رسول الله، ولِمَ؟ فقال: ((إني نظرت إلى علمها في الصلاة)).
وحدثني مالك عن عبد الله بن أبي بكر أن أبا طلحة الأنصاري كان يصلي في حائطه فطار دبسي فطفق يتردد يلتمس مخرجًا فأعجبه ذلك فجعل يتبعه بصره ساعة، ثم رجع إلى صلاته، فإذا هو لا يدري كم صلى فقال: لقد أصابتني في مالي هذا فتنة، فجاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكر له الذي أصابه في حائطه من الفتنة، وقال: يا رسول الله هو صدقة لله فضعه حيث شئت".
وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر أن رجلًا من الأنصار كان يصلي في حائط له بالقف -وادٍ من أودية المدينة- في زمان الثمر، والنخل قد ذللت، فهي مطوقة بثمرها فنظر إليها فأعجبه ما رأى من ثمرها ثم رجع إلى صلاته، فإذا هو لا يدري كم صلى، فقال: لقد أصابتني في مالي هذا فتنة، فجاء عثمان بن عفان -وهو يومئذ خليفة- فذكر له ذلك، وقال: هو صدقة، فاجعله في سبل الخير، فباعه عثمان بن عفان بخمسين ألفًا، فسمي ذلك المال الخمسين".
يقول -رحمه الله تعالى-: "باب: النظر في الصلاة إلى ما يشغلك عنها" يَشغَلك بفتح الياء والغين من الثلاثي شَغَل يَشغَل، أو بضم أوله وكسر الغين من (أشغل) الرباعي يُشغل، شَغَلَه كمنعه شُغلًا، شَغلًا وشُغلًا، وأشغله الرباعي لغة جيدة في قول، أو قليلة، أو رديئة، أقوال.
"حدثني يحيى عن مالك عن علقمة بن أبي علقمة" يقول مصعب الزبيري عن أبيه: تعلمت النحو من كتاب علقمة بن أبي علقمة وكان نحويًّا، "عن أمه" مرجانة مولاة عائشة -رضي الله عنها-، وسقط ذكرها ليحيى فقط، يعني وجودها في النسخ التي بأيدينا خطأ، يقول ابن عبد البر: سقط ذكرها ليحيى فقط دون غيره من روايات الموطأ "أن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت: "أهدى أبو جهم" ويقال: أبو جهيم، اسمه: عامر، وقيل: عبيد بن حذيفة بن غانم القرشي العدوي من مسلمة الفتح، "أهدى لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- خميصة شامية لها علم" كساء رقيق مربع فيه أعلام وخطوط "فشهد فيها الصلاة" أي صلى وهو لابسها -عليه الصلاة والسلام- "فلما انصرف قال لعائشة: ((ردي هذه الخميصة إلى أبي جهم، فإني نظرت إلى علمها في الصلاة فكاد يفتنني))" والفتنة المراد بها هنا الشغل عن الصلاة، والفتنة كل ما يشغل عن الخير فتنة، كفتنة الرجل في أهله وماله وولده وجاره {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} [(15) سورة التغابن] فالذي يشغل عن الخير يفتن، والرسول -عليه الصلاة والسلام- وهو أعلم الناس بربه وأخشاهم وأتقاهم كادت هذه الخميصة أن تفتنه فردها، والواحد منا يصلي في الأماكن المزخرفة، وعلى الفرش المنقوشة، وبعض المساجد -مع الأسف الشديد- أشد من المتاحف في زخرفتها وأثاثها، وقد حدثني ثقة من الثقات أنه دخل مسجدًا فوجد فيه شيخ على كرسي وحوله طلاب فقال: أستفيد، إذ الشيخ جالس ما يتكلم ولا يتحدث والطلاب جالسون، لماذا؟
طالب:......
لا، يصورون مشهدًا؛ لأنه لا يوجد أجمل من هذا المسجد، يصورون فيه، وما أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- بتشييد المساجد، ومن علامات الساعة زخرفة المساجد، والجمهور على أنه لا تجوز زخرفة المساجد، والصلاة صحيحة، ويبطلها الظاهرية، الصلاة في المسجد المزخرف، وهناك قول لبعض أهل العلم يعرف عند الحنفية أن الناس إذا زخرفوا بيوتهم فبيت الله من باب أولى، تدخل بعض المساجد ما كأنك في مكان عبادة، أما بالنسبة للشخص الذي له نظر في الخط والرسم والزخرفة هذا لن يعقل من صلاته ولا واحد بالمائة، والإنسان يختبر نفسه، الذي ما له نظر في هذه الأمور قد يعقل بعض الشيء، ومع الأسف الشديد أن بعض طلاب العلم يتولى الإشراف على عمارة بعض المساجد، دعنا من عامة الناس....... فيهم خير يعمرون المساجد بأموالهم نعم، لكن بعض طلاب العلم يشرف على عمارة بعض المساجد ويزخرفها، إذا كانت الانبجانية كادت أن تفتن أشرف الخلق -نعم الخميصة- الذي يرجع من صلاته بجميع أجرها، فيكف بمن لا يرجع منها إلا بالعشر أو ما هو أقل من العشر؟! هؤلاء يحتاجون إلى من يعينهم، والله المستعان.
يعني كأنك تقول: المقطوع به أنها ستشغله، هذا مبني على حكم الخشوع في الصلاة، الخشوع في الصلاة جمهور أهل العلم على أنه سنة، فما يشغل عن الخشوع مكروه، ما نقول: لا يجوز، مكروه، وأوجب الخشوع جمع من أهل العلم منهم ابن رجب والغزالي وأطال في تقرير وجوبه، وألف فيه ابن رجب.
المقصود أن المسألة تبعًا لحكم الخشوع.
طالب:.......
نعم، لكن النظر في مثل هذه الأمور تحتاج إلى قلوب بيضاء نقية مقبلة بالكلية على الله -عز وجل-، أما شخص لم يدخل المسجد....... فنقول له: لا تلبس الثوب المخطط؟ نعم، الله يعفو، الله يعفو ويسامح، نعم.
طالب:.......
لا، هو إذا كان ما يلفت النظر، ما يلفت، يعني اعتاده الناس ولاكوه وصار لا شيء عندهم، مثل هذه الألوان الآن صارت........ ما تلفت.
يقول: "وحدثني مالك عن هشام بن عروة عن أبيه" مرسلًا، ووصله معن بن عيسى أحد رواة الموطأ فقال عن عائشة "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لبس خميصة لها علم ثم أعطاها أبا جهم"؛ لأنه كاد أن يتشاغل بها وقت الصلاة -عليه الصلاة والسلام-، "وأخذ من أبي جهم أنبجانية" كساء غليظ لا عَلم له، سادة، "فقال له: يا رسول الله ولِمَ؟" لأنه رد عليه هديته فصار في نفسه شيء؛ ولذا طلب البديل، الانبجانية، ولم؟ "فقال: ((إني نظرت إلى علمها في الصلاة)) ابن الجوزي أورد إشكال وهو أنه كيف أنبجانية تشغل النبي -عليه الصلاة والسلام- عن صلاته ووجد في الأمة من سقط السقف في المسجد ما التفت؟ وقع السقف إلى جانب مسلم بن يسار ولم يعلم به، منشغل في صلاته، مستغرق في صلاته، نقول: إن هذا تشريع، هذا بالنسبة له تشريع لأمته -عليه الصلاة والسلام-، وقل مثل هذا فيما يحصل له -عليه الصلاة والسلام- من قراءته لكتاب الله -عز وجل-، وهو أعلم الناس، وأخشى الناس، وأتقى الناس، وأورع الناس، وأسلمهم قلبًا، ووجد بعد عصره من إذا قرأ القرآن أصيب بالغشي، لا يأتينا من ينكر يقول: هذا لا يمكن أن يصير؟ نعم، يصير يا إخوان، فهل هذا حاله أكمل من حال الرسول -عليه الصلاة والسلام-؟ لكن أي حال مثل هذا الذي يصاب بالغشي أو مثل حالنا؟ لأن عندنا أمران: عندنا وارد ومورود، وارد قوي {إِنَّا سَنُلْقِي قَوْلًا ثَقِيلًا} [(5) سورة المزمل] يوحى إليه -عليه الصلاة والسلام- في الليالي الشاتية فيصاب بالرحضاء بالعرق من ثقله، الوارد ثقيل، وكلام الله -جل وعلا-، والمورود بالنسبة له -عليه الصلاة والسلام- قوي يحصل تعادل، إذا قرأ لا يحصل له شيء من الغشي، نعم يتأثر ويبكي -عليه الصلاة والسلام-، وأصحابه على سنته -عليه الصلاة والسلام-، من جاء بعدهم يستشعرون عظمة الوارد مع ضعف المورود فيحصل لهم ما يحصل، لكن من جاء بعدهم لما طال العهد لا يستحضرون قوة الوارد، لو استحضروا قوة الوارد وقلوبهم أضعف من قلوب التابعين بدليل ما يحصل لهم من الفزع والهلع والجزع حينما يصابون بشيء من أمور دنياهم، أضعف من قلوب التابعين، لكن ما في استشعار لعظمة الوارد أصلًا، يعني تقرأ من القرآن أو تقرأ جريدة ما فيه فرق، هذا الإشكال؛ لأنه يستشكل بعضهم كيف يوجد في التابعين من يصاب بالغشي والنبي -عليه الصلاة والسلام- ما يصاب؟ هل هم أكثر خشية من الرسول؟ لا، هذا سر المسألة، بعض الناس ينكر، وممن أنكر ابن سيرين أنكر، يقول: أبدا الذي يغشى ضعه على الجدار واقرأ القرآن، إن سقط فهو صحيح، نعم، لكن لا، ليس هذا بصحيح؛ لأن هذا ثابت عن كثير من السلف، ولا ينكر، وسببه قوة الوارد مع ضعف المورود، استشعار قوة الوارد، نحن ما نستشعر، ما كان شيء يقرأ، إن بكى الإمام عرفنا أننا نصلي، وإلا الله المستعان، لكن إذا لم يستشعر الإنسان القوة، قوة الوارد مع ضعف المورود هذا لا شك أن هذا لا شيء، هناك مضايق، مضايق إنذار، مضايق يعني كيف يتصور من شخص يحزن قلبه وتدمع عينه ومع ذلكم يرضى تمام الرضا عن القدر، كحاله -عليه الصلاة والسلام- من يفعل هذا من بعده لا بد أن يحصل عنده شيء من الاعتراض، ولذلكم الذي لم يستطع التوفيق ضحك، يقول: ما أقدر أبكي ولا أعترض، ليس هذا بصحيح، لا أستطيع، الله المستعان.
"وحدثني مالك عن عبد الله بن أبي بكر -بن محمد بن عمرو بن حزم- أن أبا طلحة الأنصاري -زيد بن سهل- كان يصلي في حائطه -بستانه- فطار دبسي -شبيه باليمامة أو هو عينها- فطفق يتردد يلتمس مخرجًا" ما قدر، لكثرة النخيل، والتصاق الجريد، الحائط مليء بالنخيل كأنه مسقوف، هذا الدبسي طفق يتردد يلتمس مخرجًا "فأعجبه ذلك" أبو طلحة وهو يصلي، يناظر هذا الدبسي، "فأعجبه ذلك" سرورًا بصلاح ماله وكثرته، "فجعل يتبعه بصره ساعة، ثم رجع إلى صلاته" في الإقبال عليها، تذكر أنه في صلاة، ثم رجع إلى صلاته في الإقبال عليها "فإذا هو لا يدري كم صلى؟ فقال: لقد أصابتني في مالي، هذا فتنة" اختبار وابتلاء وامتحان "فجاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكر له الذي أصابه من الفتنة في حائطه، فقال: يا رسول الله هو صدقة لله فضعه حيث شئت" هذه الكفارة، سليمان -عليه السلام- لما شغله حب الخير، الخيل عن ذكر ربه طفق مسحًا بالسوق والأعناق، وهنا تصدق بالحائط، قال الباجي: أراد إخراج ما فتن به من ماله؛ تكفير اشتغاله عن صلاته، وهذا لا شك أنه أمر عظيم، الإنسان لا يفرط بشيء يسير فضلًا عن مثل هذا، ونظيره قوله: "حدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر -الأنصاري المدني قاضيها- أن رجلًا من الأنصار كان يصلي في حائط له بالقف -وادٍ من أودية المدينة في زمان الثمر والنخل قد ذللت" ذللت يعني مالت لثقل ما تحمله من الثمر، "فهي مطوقة" مستديرة "بثمرها" أو ثُمرها، جاء الإفراد والجمع، "فنظر إليها فأعجبه ما رأى من ثمرها، ثم رجع إلى صلاته فإذا هو لا يدري كم صلى؟ فقال: لقد أصابتني في مالي هذا فتنة" اختبار "فجاء -هذا الرجل- عثمانَ بن عفان وهو يومئذ خليفة، فذكر له ذلك الذي أصابه بسبب الحائط، وقال: هو صدقة فاجعله في سبل الخير، فباعه عثمان بخمسين ألفًا" عرف عثمان -رضي الله عنه- أنه لم يوقفه، لم يوقف عينه -أصله- وإنما أراد أن قيمته تصرف في سبل الخير، قال أبو عمر: لأنه فهم مراد الأنصاري أنه لا يريد الوقف فباعه وتصدق بثمنه، ولم يجعله وقفًا، "فسمي ذلك المال الخمسين" لبلوغ ثمنه خمسين ألفًا.
طالب:.......
يجوز له أن يترخص، وعلى كل حال العاصي لا ينبغي أن يعان على معصيته، كما هو مقتضى قول عامة أهل العلم.
دعاء الصفة نص شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- على أنه أمر عظيم، ونقل عليه الإجماع، الله المستعان.
الأصل عند أهل العلم أن الأمر للوجوب والنهي للتحريم ما لم يوجد صارف، والجمهور على أن ما جاء في باب الآداب للاستحباب، ما جاء في باب الآداب للاستحباب، لكن هي أوامر شرعية، والأوامر مستوية، فلا بد حينئذٍ من صارف حتى في الآداب ((كل بيمينك)).
على كل حال إذا تحققت المسافة التي حددها أهل العلم أو المدة فإنه يترخص، يقول: بعض الفقهاء ممن لم يدرك هذه الآلات التي تقطع المسافات بسرعة، يقول: ولو قطعها في ساعة.
هو ممنوع من القراءة خلف الإمام، ((وإذا قرأ فأنصتوا)) لقوله: ((لا تفعلوا)) ((ما لي أنازع القرآن؟)) في قوله: ((لا تفعلوا إلا بأم القرآن)) هذا استثناء، هذا استثناء، وهو عمدة من قال بأن كل مصلٍّ تلزمه الفاتحة غير المسبوق.
هذا حديث مضعف عند أهل العلم.
إذا أدركت الإمام في الركوع وتمكنت من الركوع قبل رفعه أدركت الركعة، لكنك أسأت بتأخرك عنه.
ولو أنه قام من ركوعه وأنا ما زلت اقرأ أو ركعت وهو يقول: سمع الله لمن حمد؟
لم تدرك الركعة، ((إذا ركع فاركعوا)) يعني ولو لم تكمل قراءة الفاتحة، وحكمك حينئذٍ إن لم تفرط حكم المسبوق، إذا كان مرد ذلك عجلة الإمام.
إن تيسر قراءة الفاتحة في سكتات الإمام، وإلا فتتمها ولو كان يقرأ.
ممكن، لكنه قليل جدًّا.
يقول: وهل في بلاغاته ومراسيله فيه شيء من الضعف؟
نعم، الأصل في البلاغات والمراسيل الضعف إلا ما وصل، وعرفنا أن ابن عبد البر -رحمه الله- وصل جميع هذه البلاغات، وجميع هذه المراسيل في التمهيد سوى أربعة، يأتي أول هذه الأربعة معنا في درس اليوم، وتولى ابن الصلاح وصل هذه الأربعة أيضًا.
نعم هي مكان الحيعلتين.
أنت لا تعلم هل وافقت أم لم توافق، لكن احرص على تطبيق السنن، وسوف توفق -إن شاء الله تعالى-.
هو قراءته إذا سكت الإمام بعد قراءة الفاتحة ليرد النفس، يشرع المأموم في القراءة، وإذا عرف أن الإمام ليس من عادته أن يسكت، فإذا فرغ من الاستفتاح وتعوذ وبسمل فإنه يشرع في قراءة الفاتحة، هذا على القول بوجوبها على كل مصلٍّ إلا المسبوق، وعرفنا أن هذا هو الذي يعضده الدليل -إن شاء الله تعالى-، وأما على قول من يقول: المأموم يقرأ في السرية دون الجهرية فيلزمه السكوت...
كيف يعيد التشهد؟ ما معنى يعيد التشهد؟
طالب:.......
يعيد التشهد بعد سجود السهو؟ وهذا مقتضى قول مالك؟ لا، ليس هذا مقتضى قول مالك -رحمه الله-، وعلى كل حال إعادة التشهد بعد السجود قول عند بعض أهل العلم، لكن الجماهير على أنه لا يعاد، لا يعاد التشهد بعد سجود السهو إن كان هذا هو المراد من السؤال.
كل ما يشغل المصلين ممنوع، إذا كان يتسبب في إشغال المأمومين وإلهاهم عن صلاتهم لا شك أنه يسيء.
المقصود أن رد السلام من قبل المصلي يكون بالإشارة، يكون بالإشارة كما كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يفعل.
إن سمى في نفسه فلا بأس، وإن لم يسم أيضًا فلا بأس، الأمر فيه سعة -إن شاء الله-، التسمية لا يصح فيها شيء يعني ملزم.
كبر تكبيرة واحدة إن شئت، تكبيرة للإحرام ويدخل فيها تكبيرة الركوع؛ لأنهما من جنس واحد، وبلفظ واحد تتداخلان، لكن إن كبرت بنية الركوع لم تنعقد صلاتك.
يقول: أم يلزم تكبيرتين واحدة للإحرام والثانية للركوع؟
لو كبر تكبيرتين كان أكمل، لكن لو كبر تكبيرة واحدة ناويًا بها الإحرام أجزأت.
يقول: وهل الأمر هو نفسه بالنسبة إذا دخلت معه وهو ساجد؟
كذلك، الأمر كذلك.
طالب: في الفرض؟
في الفرض والنفل، الإشارة باليد ما تؤثر، هذا ما يؤثر، هذا ما يضر.
المعروف عند الحنابلة أنه في مثل هذه الصورة يعيد، فإن نسيها أو جهلها أعاد، عندهم، لكن إذا ذكر ثم نسي من بداية الصلاة إلى نهايتها لا يعيد {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [(286) سورة البقرة].
نعم يلزمه؛ لأنها ركن من أركان الصلاة لا تصح إلا بها، في كل ركعة، فإذا نسي من ركعة بطلت هذه الركعة، وقامت الركعة التي تليها مقامها، ثم يأتي بركعة مكانها.
هذه ليست بعقد، وإنما أشبه ما تكون بالأمانة والإيداع لحفظ الأموال، فلا أرى ما يمنع منها -إن شاء الله تعالى-.
على كل حال المبطل الذي لا يعلم به المأموم لا يكلف به، يعني كما لو صلى الإمام من غير طهارة، وانتهى من الصلاة ثم ذكر أنه على غير طهارة، المأموم صلاته صحيحة، إذا نسى الإمام قراءة الفاتحة والمأموم لا يعلم بذلك صلاته صحيحة، إن أحسن فله ولكم، وإن أساء فعليه، لكن إذا علم المأموم ببطلان صلاته ثم تابعه عليها بطلت صلاته.
يعيد ما صلى؛ لأنه تجاوز ما أذن له به.
الجنب لا يدخل المسجد، وأما من عداه إذا كان الحدث أصغر يجوز له ذلك.