جرت العادة عند المسلمين أن قيام الليل في العشر الأواخر يُقسم إلى قسمين: قسم في أول الليل، وقسم في آخر الليل، ويتميَّز ما في أول الليل بشيء من الخفة، لا أقول: خفة تُخل بالصلاة، لكنها خفيفة بالنسبة لما في آخر الليل، والسبب في ذلك من التفريق بين صلاة أول الليل وآخره من تطويل صلاة آخر الليل: أن صلاة آخر الليل تقع في آخر الليل في وقت النزول الإلهي، وفي وقت التعرُّض لنفحات الله، فيحصل فيها التطويل في القراءة والترتيل، ويحصل فيها طول السجود من أجل الزيادة في الأدعية؛ لأنه أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد. لكن بعض الأئمة -وهذا موجود أيضًا في بلادنا في وقتنا الحاضر وقبله- مَن يضيف تسليمة أو تسليمتين من صلاة التهجد -وصفتهما الطول- إلى صلاة أول الليل، وهذا لا أعرف له مبرِّرًا؛ لأن الوقت الذي من أجله تُطوَّل الصلاة في آخر الليل، والتعرُّض لنفحات الله في وقت النزول الإلهي غير موجود في أول الليل، والسبب في التفريق بين صلاة أول الليل وآخره معدوم.
وعلى كل حال هذا التفريق لا أعرف له أصلًا، ومَن فعله لا شيء عليه؛ لأن المسألة سنة، لكن لا أعرف وجهًا لتطويل التسليمة الأخيرة، فيصلي مثلًا خمس تسليمات خفيفة جدًّا، ثم يصلي تسليمة طويلة جدًّا -أو تسليمتين- مع الخمس، فلا أجد للتفريق بينها مبرِّرًا، والله أعلم.