قوله تعالى: {لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الطلاق: 12] من الألفاظ التي بقيت على عمومها ولم تخصص إجماعًا، فالله -جل وعلا- على كل شيء قدير. وفي صحيحِ مسلمٍ من حديثِ ابنِ مسعودٍ –رضي الله عنه- في قصةِ آخرِ مَن يَدخُلُ الجنةَ: «فيقولُ له الربُّ: إني لا أَسْتهْزِئُ منك، ولكني على ما أشاءَ قادرٌ» [مسلم: 187]. فهذا منطوقُه موافقٌ للآيةِ، وظاهر مفهومِه معارَضٌ بمنطوقِ الآيةِ، وحينئذٍ يُلْغَى المفهومُ لمعارضتِه للمنطوقِ. قال الإمام الطبري –رحمه الله- في أول تفسير سورة الملك: (وهو على ما يشاء فعلُه ذو قدرة لا يمنعه من فعله مانع ولا يحول بينه وبينه عجز). والأولى عدم تقييد القدرة بالمشيئة خشية الإيهام؛ لأنه يفهم منه أن الذي لا يشاؤه لا يقدر عليه، وهذا ليس بصحيح. وعلى الإنسانِ إذا كان يَتحدَّثُ ابتداءً عن مشيئة الله وقدرته، أن يأتي بالآياتِ التي عمومُها محفوظٌ. أما عن مثلِ قولِه تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ} [الشورى: 29]. فيقال في معناها: إن (إذا) هنا بمعنى: متى، أو أن مفهوم (إذا يشاء) ملغى؛ حيث لو كانت شرطية كان مفهومها أنه إذا لم يشأ ذلك لا يقدر عليه، والله منزه عن ذلك، وله -سبحانه- القدرة الشاملة.