قرة عيون الموحدين - 19
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
قال الإمام المجدد رحمه الله تعالى:
باب ما جاء أن سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصالحين وقول الله عز وجل {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ} [سورة النساء:171].
قال الشارح رحمه الله تعالى:
قوله "باب ما جاء أن سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصالحين" قد أنذر -صلى الله عليه وسلم- أمته من الغلو وأبلغ في الإنذار تحذيرًا عما وقع من جهلة هذه الأمة كما سيأتي ذكره.."
نقل المؤلف رحمه الله تعالى لهذا الموضوع ثلاث تراجم هذه الترجمة، والترجمتين اللتين تليانها لأهميته؛ لأنه مزلة قدم، مزلة هفا ووقع بسببه كثير من الناس الغلو في الصالحين والإعجاب بهم وإنزال الناس فوق منازلهم قد أُمرنا أن ننزل الناس منازلهم، لكن إذا أنزلناهم فوق منازلهم وغلونا بهم حتى الأنبياء والملائكة وغيرهم لا يجوز أن يصرف لهم شيء من حقوق الله- جل وعلا- فضلا عن غيرهم.
أحسن الله إليك.
"قوله {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ} [سورة النساء:171] الآية الغلو هو الإفراط في التعظيم بالقول والاعتقاد.."
ويقابله الجفاء وهو التفريط.
أحسن الله إليك.
"أي لا ترفعوا المخلوق عن منزلته التي أنزله الله والخطاب وإن كان لأهل الكتاب فهو تحذير لهذه الأمة أن يفعلوا مع نبيهم -صلى الله عليه وسلم- كما فعلت النصارى مع المسيح وأمه واليهود مع العزير وقد وقع ذلك الشرك في العبادة لهذه الأمة نظما ونثرا كما في كلام البوصيري والبرعي وغيرهما."
في بردته وهمزيته وقع في كلامه الشرك الأكبر، صرف للنبي -عليه الصلاة والسلام- كل شيء ولم يبقِ لله شيئا.
فإن من جودك الدنيا وضرتها
|
|
ومن علومك علم اللوح والقلم
|
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به
|
|
سواك عند حلول الحادث العمم
|
يلوذ بالله جل وعلا، وحصل شيء من الغلو في مراثي بعض العلماء من لليتامى من للأرامل والمساكين؟! لهم الذي خلقهم! مثل هذه الأساليب ينبغي أن يترفع عنها المسلم.
أحسن الله إليك.
"وفيما فعلوه من الغلو والشرك محادة لله ولكتابه ولرسوله -صلى الله عليه وسلم- فأينما وقع فيه هؤلاء الجهلة من قول من قال للنبي -صلى الله عليه وسلم- أنت سيدنا وابن سيدنا وخيرنا وابن خيرنا فكره ذلك -عليه الصلاة والسلام- أشد الكراهة كما سيأتي."
لأن هذا يجر إلى ما وراءه وإن كان هذا اللفظ مقبول في الجملة ما عليه يعني شيء مدخِل في الشرك وإنما له ما وراءه لو قبل مثل هذا الأسلوب لتعدى القائل إلى ما وراءه، لكن سد الباب وسد الذريعة الموصلة إلى الغلو وإلى الشرك هذا هو المطلوب.
أحسن الله إليك.
"كما سيأتي في الكلام على هذا الحديث إن شاء الله تعالى."
والإشكال أن الناس كانوا في حصن حصين من هذه الأمور؛ لأنهم لا يقبلون أدنى كلمة مدح أو ثناء ثم اختلطوا بغيرهم فصاروا يسمعون، ثم صاروا يقبلون، ثم صاروا يبادرون، مع الأسف الشديد ثم صاروا يتأثرون إذا لم يُمدَح، حصل قضايا حقيقة لا تليق بعامِّي فضلا عن طالب علم، يعني وُجِد مثلا مَن يستدرك إذا مُدِح بأسلوب أقل مما يستحقه، وقد ألف في كذا مثلا أربعين كتابا قال لا يا شيخ سبعين وُجد هذا، ووُجد من يحط أقدار الرجال من أجل أن يرتفع على حسابه ظنا منه أنه لا ترتفعه أسهمه حتى ينخفض الآخرون، وهذا لا شك أنه من تسويل الشيطان ومن رؤية النفس والإعجاب بها، ووجد من يكتب ترجمته ويبعث هذه الترجمة لمن يقدِّم له ثم في النهاية يلومه لماذا يا أخي أنت فضحتني أنت فعلت كذا وأنت كذا وهو الذي أعطاه الترجمة، يعني شيء ما يخطر ما كنا نسمع هذا في طبقة شيوخنا أبدًا، لكن اختلطوا بغيرهم وصاروا يتمادحون، وفي الرسائل العلمية يندر أن يوجَد شيء يخلو من هذا، الطالب يمدح المشرف، والمشرف يمدح الطالب، والمناقشون وهكذا وتصير المسألة كلها يعني وإذا استمرأ الناس هذا فقل عليهم السلام؛ لأن ابن القيم- رحمه الله- يقول: إذا حدثتك نفسك بالإخلاص فعليك بحب المدح والثناء فاذبحه بسكين علمك أنه لا أحد ينفع مدحه ولا يضر ذمه إلا الله جل وعلا؛ ولذلك لو أن أحدًا منَّا- نسأل الله العفو والمسامحة- قيل له إن الأمير فلانا أو الوزير فلانا فضلا عن الملك فلان مدحك البارحة يمكن ما ينام من الفرح مع غفلته التامة عن قوله -عليه الصلاة والسلام- «يقول الله عز وجل: من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي» أين ذكر الله جل وعلا من ذكر هؤلاء المخلوقين الذين لا ينفعون ولا يضرون؟! والله المستعان.
طالب: ............
إيه لا، موجود هذا بكثرة-نسأل الله العافية-استمرؤوه وسكتوا عنه وعوقبوا عوقبوا العقوبات ظاهرة يعني لا تجد شخصا يرضى بمثل هذه المدائح ويسكت عليها إلى يوجد من يذمه بغير حق جزاء وفاقا، يعني يرضى أن يمدح بما ليس فيه سوف يسمع من الذم ما ليس فيه
والله المستعان.
أحسن الله إليك.
"كما سيأتي في الكلام على هذا الحديث إن شاء الله تعالى، وقول القائل ما شاء الله وشئت فقال «أجعلتني لله نِدًّا بل ما شاء الله وحده» قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: "ومن تشبه من هذه الأمة باليهود والنصارى وغلا في الدين بإفراط فيه أو تفريط فقد شابههم قال وعلي رضي الله عنه حرق الغالية من الرافضة فأمر بأخاديد خدت له عند باب كِندة فقذفهم فيها.."
نعم الذين ادعوا فيهم الألوهية، مثل هؤلاء مشركون، وعقوبتهم حدهم حد الردة، والصحابة اتفقوا على هذا إلا أنهم اختلفوا في الكيفية فعلي رأى التحريق- رضي الله تعالى عنه وأرضاه- وخالفه ابن عباس وغيره مع اتفاقهم على القتل.
أحسن الله إليك.
"واتفق الصحابة على قتلهم لكن ابن عباس رضي الله عنه.."
يعني إذا سمع من يطوف بالبيت ويقول يا فلان جئنا بيتك وقصدنا حرمك نرجو مغفرتك- نسأل الله السلامة والعافية- يعني إذا لم إذا لم يكن هذا من الشرك فلا يوجد على ظهر الأرض شرك نرجو مغفرتك نسأل الله العافية.
أحسن الله إليك.
"واتفق الصحابة على قتلهم لكن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما مذهبه أن يقتلوا بالسيف من غير تحريق وهو قول أكثر العلماء قوله في الصحيح.."
ورود النهي عن ذلك «لا يحرق بالنار إلا الله جل وعلا«.
أحسن الله إليك.
"قوله في الصحيح عن ابن عباس في قوله تعالى {وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً} [سورة نوح:23] قال هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلك هؤلاء أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابًا وسموها بأسمائهم ففعلوا ولم تُعبَد حتى إذا هلك أولئك ونسي العلم عبدت، قوله: في الصحيح أي صحيح البخاري وهذا الأثر اختصره المصنف رحمه الله والذي في البخاري عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما صارت الأوثان التي في قوم نوح في العرب، أما ود فكانت لكلب بدومة الجندل وأما سواع فكانت لهذيل وأما يغوث فكانت لمراد ثم لبني غطيف بالجرف عند سبأ وأما يعوق فكانت لهمدان وأما نسر فكانت لحمير لآل ذي الكلاع أسماء رجال صالحين في قوم نوح إلى آخره، قوله: أن انصبوا بكسر المهملة قوله أنصابا جمع نصَب وهي الأصنام التي صوروها على صور الصالحين، قوله ففعلوا ولم تُعبَد حتى إذا هلك أولئك ونسي العلم عُبِدَت الذي في البخاري ونُسِخ العلم فلعل الذي هنا رواية هذه.."
وبداية الشرك كما في الحديث من النصب التي تُنصَب للعظماء والعلماء والكبراء والملأ من القوم سواء كانت مجسَّمة أو غير مجسَّمة والله المستعان.
أحسن الله إليك.
"فلعل الذي هنا رواية فصارت هذه الأصنام بهذه التصوير على صور الصالحين سِلْمًا.."
سُلَّمًا..
أحسن الله إليك.
"سُلَّمًا إلى عبادتها.."
نعم لأن الناس ينسون الهدف والقصد الأصلي من الفعل، هؤلاء صوروهم ليتذكرون فيعبدوا الله جل وعلا، وهذا نظير ما وُجِد قبل بضع سنين من الطواف جري هو في الأصل جري وتخفيف على المقبرة وُجد أناس عدد كبير يجرون حول المقبرة، رياضة نعم ولياقة وتخفيف يسمونه تخسيس، المقصود أن هذا وُجِد قبل سبع أو ثمان سنوات بكثرة ثم في الدرس في التوحيد رأينا أن مثل هذا قد يُنسى السبب الأول ثم يأتي جيل يكون العلم فيه قد دَرَس مثل ما حصل لأولئك الأقوام فيقال كان الناس يطوفون على المقبرة في وقت ابن باز وفي وقت ابن عثيمين وفي وقت ابن فوزان وفي وقت ابن جبرين ولا أحد ينكر عليهم نفس الصورة فاستظهرنا ذلك الوقت منعهم، وكان يوجد بعد في الدرس بعض الإخوان من أهل الحسبة وتصدوا لهم ومنعوهم، لكن أشوف الآن لكن قليل تجد واحدا أو اثنين وما تجد الكثير يعني عدد قليل، لكن كثر في ذلك الوقت وخُصِّص لهم شوارع يمشون بها ويحصل فيها من الأمور ما يحصل من تبرج ومخالفات ومعاكسات لكن الله المستعان، لكن على ما في ذلك أسهل من المقبرة.
أحسن الله إليك.
"وكل ما عبد من دون الله من قبر أو مشهد أو صنم أو طاغوت فالأصل في عبادته هو الغلو كما لا يخفى على ذوي البصائر كما جرى لأهل مصر وغيرهم فإن أعظم آلهتهم أحمد البدوي وهو لا يعرف له أصل ولا فضل ولا علم ولا عبادة، ومع هذا فصار أعظم آلهتهم مع أنه لا يُعرف."
شخص على ما يقال جاء من المغرب دخل المسجد ومكث فيه أربعين يوما على ما ذكروا في ترجمته رافعا بصره إلى السماء لا يَتَكَلَّم ولا يُكَلِّم، إضافة إلى ما ذكر عنه أنه بال في المسجد أو شيء من هذا فظنوها كرامة، وعموم الناس وأوباشهم وراء كل ناعق، ويُذكَر في مثل هذه الأخبار من أن شخصًا ذهب إلى بلد ما فتعسَّرت عليه أسباب الرزق ورأى الناس في المشاهد تُصرَف لهم الأموال والسدانة وتدفع عليهم الأرزاق والنذور، فحفر قبرًا ودفن فيه كلبًا وجلس يبكي حوله ووضع عنده كرسي يبكي حوله وكل من جاء قال هذا الولي فلان وصار يتكسب بسببه - نسأل السلامة والعافية- وكثير من القبور التي يُصنَع معها ما يصنع وتُعبَد من دون الله قد يكون هذا شأنها، ومن أغرب الأخبار أن يوجد ضريح وهو من أكبر الأضرحة في العالم اسمه ضريح الشعرة مدفون فيه شعرة وممن؟ من عبد القادر الجيلاني، ضريح كبير حوله سدنة والمياه تمشي من تحته والغبار يباع بالجرام والله المستعان، وما هذا إلا لأن البدع والشرك البدع التي تجر إلى الشرك ثم الشرك الأكبر سريانه في القلوب وفي نفوس الناس سريع جدا أسرع من السيل في منحدره.
أحسن الله عملك.
"مع أنه لا يعرف إلا أنه دخل في المسجد يوم الجمعة فبال فيه ثم خرج ولم يصل ذكره السخاوي عن أبي حيان، فزين لهم الشيطان عبادته فاعتقدوا أنه يتصرف في الكون ويطفئ الحريق وينجي الغريق وصرفوا له الإلهية والربوبية وعلم الغيب وكانوا.."
ذكر في تركيا أنها أخذت أمدا طويلا مدة طويلة أنها لا يوجد عندها جيش، إذا سمعت بعدو قادم أخرجوا كتاب الفتوحات لابن عربي صاحب وحدة الوجود ثم ينصرف العدو هذا إن ثبت فهو ابتلاء وامتحان واستدراج نسأل الله العافية.
أحسن الله إليك.
"وكانوا يعتقدون أنه يسمعهم ويستجيب لهم من الديار البعيدة وفيهم من يسجد على عتبة حضرته وكان أهل العراق ومن حولهم كأهل عمان يعتقدون يعتقدون في عبد القادر الجيلاني كما يعتقد أهل مصر في البدوي، وعبد القادر من متأخري الحنابلة وله كتاب الغنية وغيره ممن قبله وبعده من الحنابلة من أهل.."
هو صاحب علم وعبادة وزهد لكن يوجَد من هو أفضل منه، حتى لو كان أفضل الناس أشرف الخلق محمد -عليه الصلاة والسلام- ليس هذا مبرِّر في أن يصرف له شيء من حقوق الرب جل وعلا.
أحسن الله إليك.
"وبعده من الحنابلة من هو أفضل منه في العلم والزهد، لكن فيه زهد وعبادة وفتنوا به وفتنوا به أعظم فتنة كما جرى من الرافضة مع أهل البيت، وسبب ذلك الغلو وسبب ذلك الغو دعوى أن له كرامات، وقد جرت الكرامات لمن هو خير منه وأفضل كبعض الصحابة والتابعين وهكذا حال أهل الشرك مع من فتنوا به وأعظم من هذا عبادة أهل الشام لابن عربي وهو إمام أهل الوحدة الذين هم أكفر أهل الأرض وأكثر من يعتقد فيه هؤلاء لا فضل له ولا دين كأناس بمصر وغيرها وجرى في نجد."
يقولون إذا دخلت السين في الشين أبرز قبر محيي الدين إذا دخل سليم الشام أبرز قبر محيي الدين الذي هو ابن عربي.
طالب: مَن سليم؟
سليم من الخلفاء العثمانيين، سليم الثاني
طالب: إذا دخلت السين في الشين..
أبرز قبر محيي الدين يعني عبد من دون الله.
أحسن الله إليك.
"وجرى في نجد قبل هذه الدعوة مثل هذا وفي الحجاز واليمن."
مثل هذا وأشد.
أحسن الله إليك.
"وغيرهما من عبادة الطواغيت والأشجار والأحجار والقبور ما عمت به البلوى كعبادتهم للجن وطلبهم الشفاعة منهم، والأصل في ذلك الغلو تزيين الشيطان وذكر أهل السيَر أن التلبية.."
وخشي أن تعود مثل هذه الأمور خشي أن تعود مثل هذه الأمور بعد هذه الهجمة الشرسة على هذه الدعوة المباركة من الأعداء، وأيضًا إحياء بعض الآثار بسبب ما يسمى بسياحة أو غيرها يخشى بعد اندراس العلم وتجفيف مثل هذه الكتب التي فيها التوحيد الخالص، مثل هذا إذا تظافرت مثل هذه الأمور يخشى أن تعود هذه الشركيات.
أحسن الله إليك.
"وذكر أهل السير أن التلبية من عهد إبراهيم عليه السلام: لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك حتى كان عمرو بن لُحَيٍّ الخزاعي فبينما هو يلبي تمثَّل له الشيطان في صورة.."
في أول الأمر كان يلبي تلبية إبراهيم ثم تمثل له الشيطان فجاء بالاستثناء إلا شريكا هو لك.. فاستنكر اللفظ فلما قال تملكه وما ملك خف عليه الأمر فقاله نسأل الله العافية.
أحسن الله إليك.
"قال فبينما هو يلبي تمثل له الشيطان في صورة شيخ يلبي معه قال لبيك لا شريك لك فقال الشيخ إلا شريكا هو لك، فأنكر ذلك عمرو فقال ما هذا؟ فقال الشيخ تملكه ولا ملك فإنه لا بأس بهذا فقالها عمرو فدانت بها العرب، قوله وعن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال «لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله» أخرجاه، قوله عن عمر هو ابن الخطاب بن نفيل بنون وفاء مصغَّر العدوي أمير المؤمنين وأفضل الصحابة بعد الصديق رضي الله عنهم جميعًا ولي الخلافة ولي الخلافة عشر سنين ونصفا فامتلأت الدنيا عدلا وفتحت في أيامه ممالك كسرى وقيصر واستشهد في ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين من الهجرة. قوله: لا تطروني الإطراء والغلو كما أطرت النصارى ابن مريم كما قال تعالى {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ} [سورة النساء:171] قوله «إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله» أمرهم -عليه الصلاة والسلام- ألا يتجاوزوا هذا القول وقد أمر الله عباده بالصلاة والسلام عليه؛ لأن أشرف مقامات الأنبياء العبودية الخاصة والرسالة، قوله قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «إياكم والغلو فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو» هذا الحديث ذكره المصنِّف."
يعني من الأمثلة الحسية للغلو والتجاوز النبي -عليه الصلاة والسلام- لما أراد أن يرمي الجمرة أخذ سبع حصيات مثل حصا الخذف مثل حبة الباقلاء قال «بمثلها فارموا إياكم والغلو فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو» تجد الناس يرمون بأحجار كبيرة وهؤلاء غلاة متجاوزون للحد، ومنهم من يرمي بحصيات أصغر هؤلاء أهل تفريط ودين الله بينهما.
أحسن الله إليك.
"هذا الحديث ذكره المصنف رحمه الله تعالى بدون ذكر راويه وقد رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما وهذا لفظ رواية أحمد عن ابن عباس قال شيخ الإسلام: هذا عام في جميع أنواع الغلو في الاعتقادات والأعمال قوله ولمسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال «هلك المتنطعون» قالها ثلاثا، قال الخطابي: المتنطع المتعمق في الشيء المتكلف في البحث عنه على مذهب أهل الكلام الداخلين فيما لا يعنيهم الخائضين فيما لا تبلغه عقولهم، وقال أبو السعادات: هم المتعمقون الغالون.."
أبو السعادات ابن الأثير.
أحسن الله إليك.
"هم المتعمقون الغالون في الكلام المتكلمون بأقصى حلوقهم. وقال النووي: فيه كراهة التقعُّر في الكلام بالتشدق وتكلف الفصاحة واستعمال وحشي اللغة ودقائق الإعراب في مخاطبة العوام وغيرهم قوله قالها ثلاثا أي قال هذه الكلمة ثلاث مرات مبالغة في التعليم والإبلاغ فقد بلغ البلاغ المبين صلوات الله وسلام عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، ووجه مناسبة هذا الحديث للترجمة أن الغلو من التنطع والزيادة لما فيه من الخروج إلى ما يوصل إلى الشرك بالله.
والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد."