الإنسان الذي يقصد مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام- دون الزيادات ليدخل في النص بيقين من غير أن يتأذى أو يؤذي هذا مقصد حسن وليس فيه إشكال. أو يقصد الروضة ليصلي فيها أو يدعو أو يقرأ القرآن فإن لها ميزة على غيرها: قال -صلى الله عليه وسلم-: «ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة» [البخاري: 1195]. والذي يقول: إنه مجرد إخبار ولا يشرع فيها شيء. فهذا القول تعطيل للنص، وما الفائدة من الخبر إذن؟!. والرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: «إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، قيل: يا رسول الله، وما رياض الجنة؟ قال: حلق الذكر» [المسند: 12523] وهذا فرد من أفراد الحديث، وذكر فرد من أفراد العام لا يقتضي التخصيص، إذًا ما بين البيت والمنبر روضة من رياض الجنة، وعلينا أن نرتع فيها كما أمر النبي -عليه الصلاة والسلام-. وقد يقول قائل: جاء في بعض الأنهار أنها من أنهار الجنة: «سِيحان وجِيحان والفرات والنيل كل من أنهار الجنة» [مسلم: 2839]، فهل لها مزية على غيرها؟ نقول: لم يقل الرسول -عليه الصلاة والسلام-: إذا مررتم بأنهار الجنة فاغتسلوا أو توضؤوا. ولو قال لتوضأنا واغتسلنا. بينما الروضة قال: «إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا». لكن ينبغي أن يلاحظ أمور وهي ألا يؤذي ولا يتأذى بنفسه؛ لأن الأذى ممنوع. ويكون أيضًا حضور قلبه مثل حضوره في غيره، لأن بعض الناس يقصد هذا المكان ولو لم يعقل من عبادته شيء. نقول: البعد حينئذ أفضل لك؛ لأن الأجر المرتب على العبادة نفسها أولى بالمراعاة من الأجر المرتب على مكانها. أيضًا كون بعض المبتدعة يزاولون بعض البدع، ويزداد تشبثهم ببدعهم والتبرك بهذه البقاع إذا رأوا شخصًا من أهل السنة يرتادها فيقتدون به، ويتمسحون ويتبركون، فإذا لم يحصل البيان لهؤلاء، وأن قصد الروضة لمجرد الصلاة والذكر والدعاء فلا شك أن سد الذريعة أولى.